***
كان هناك الكثير من الناسِ حولهم ، هنا لرؤيةِ نفسِ الشيء الذي هم هنا لرؤيتهِ - و من ضمنهِ التماثيل المخيفة التي كانت في المدخلِ ، شعرت آمبر بالغرابة أن أحد من الصفِ لم يهرب أو يخشي عليه من كثرةِ الخوفِ عندما مروا بجانبِهم فعادة هم في نفسِ مستوي غباء و خوفِ فِجلة صديق ويني الدبدوب.
أكملوا مشيهم و شعرت آمبر أنهم لن يقِفوا ابدا - كان فعلا يشبه فيلم الرعبِ ، المكان مظلِم ، الإضاءة الوحيدة منبعِثة من المشاعِل و بعض الانوار الطفيفة من الأرضِ ، الجدران كلها بلا استثناء تحتوي علي نقوشِ ، رسومات ، الكثير منهم.
"لا تلمِسوا الجدران." سمعت آمبر صوت جوي الذي كان عالٍ بالنسبةِ لها لأنها كانت تمشي بقربِه ، نظرت خلفها لتري أحدهم يبتعد عن الحائط و الغريب في الموضوع هو أن جوي كان يراه دون حتي أن يلتفت.
ياله من ساحِر.
"ابتعدوا عن الجدرانِ،" سمعت جوي يكرر و هذهِ للمرةِ التفت لهم لكن دون أن يتوقف عن المشي. "و الا ستصيبكم لعنة المومياءِ."
قال و ابتسم ابتسامة خبيثة بينما بعضهم صدقوه و توسعت عيناهم وحاولوا أن يبتعدوا عن الحيطان بقدرِ الامكانِ ، قهقت آمبر بصوت خافت عليهم.
"كما ترون.." بدأ جوي و هو يلوح بذراعيهِ علي الجدران. "هذه النقوش و الرسومات ، هي ليست للمرحِ بل هي في الحقيقةِ لها معني بل إنها لغة - اللغة التي كان يتواصل بها المصريون القدماء في زمنِهم و ما تروه أمامكم الان هو تاريخهم و حياتهم كلها منقوشة علي جدرانِ معبد."
ابتسمت آمبر و هي تفكِر في كم كانوا مبدعينَ ، هذهِ الرسومات أو 'اللغة' تبدو كالفنِ المحترف ، تبدو ايضا مثل الشفرةِ التي صعب فكها لكِن عندما تنجح في ذلِك سيصيبك العجب بما ستعرفه.
نظرت ليمينِها و كما توقعت ، المزيد من النقوشِ لكن اكبر ، وجدت آمبر قدميها لا تلقائيا تأخذانِها بناحيةِ الرسمة الضخمة لتلقي نظرة افضل ، الضوء الخافت و المشعل لم ينيرا المكان بقوة لكِنهما اعطيا جو و نظرة جميلة.
اقتربت آمبر لما فيه الكفاية لتلقي نظرة عن قرب لكن دون لمسِ الجدران - كما قال جوي - ما استطاعت تمييزه هو ما يبدو أنه إنسان ، يرتدي ملابس غير تقليدية و ما تبدو أنها إمرأة بجانبهِ.
لم تأخذ في بالِها ما كان يبدو في الرسمةِ لكنها جلست تحدق في شكلهم الغريب - اكانوا كلهم يبدون هكذا؟ و لماذا لا يبدو الإنسان الآن مثلهم؟ ربما نحن كائنات فضائية.
لاحظت آمبر أخيرا أنها كانت تحدق لفترة طويلة حتي لم تشعر بالصفِ يتحرك دونها ، عادت لرشدِها و نظرت حولها لكن لمفاجئتِها لم تري اي حد.
كانت مازالت تسمع صوت جوي - او بمعني اصح ، صدي صوتِه - حاولت ان تتبعِ الصوت لربما تجدهم لكنها وجدت نفسها تتدخل في جدران اكثر كلها مشابهة لبعضِها و غرف و ممرات كلها المِثل و رغم أنها تسمع صوت ناس ، منهم جوي ، لكِنها لا تجدهم.
استمرت الاصوات في الاختلاطِ ببعضِها حتي ابتعدت تدريجيا و اصبحت في مخيلتها و اصبحت لا تسمع شيء الآن ،ولا حتي صوت افكارِها المتتابعة التي استنتجت منها شيء واحِد.
لقد ضاعت في المعبدِ.
***
لم تحاول آمبر أن تبحث عنهم بعد الآن بل و كانت جالِسة في الارضِ بجانبِ الحائط - لكن بعيد عنه ببضعِ الإنشاتِ - لم تحاول حتي أن تخرج من هنا ، بقيت جالِسة مكانها تتآمل الجدران.
كانت تجلِس في وسط ممر ، منتظرة أن يلاحظ احد غيابها و يأتوا جميعا للبحثِ عنها ، إذا تحركت ستضيع اكتر علي اي حال.
كل شيء في هذا المكان كان يشبه بعضه ، نفس الجدران ، الممرات ، الغرف ، النقوش - للحظة عابرة فكرت في ان تعيش هنا للابد ، افضل من الحياة في الخارج.
لكنها تذكرت انها تحتاج طعام ، شراب و ملابس و اشياء كثيرة اخري فللآسفِ ، لا تقدر فعل ذلك.
ارتجف جسدها عندما مرت الرياح ، بدأ المكان يصبح بارِد و حتي المشاعل كادت أن تنطفئ لكنها لم- انسوا ذلك ، لقد انطفأت.
انتفضت آمبر عندما رأت الرؤية قلت و الظلام اشتد و كذلك البرد ، لولا النور الذي كان في الارضِ ، لفقدت صوابها ، هي خائفة بما فيه الكِفاية.
قررت أنه يكفي جلوس في الارضِ بلا فائدة ، عليها علي الاقل أن تحاول الخروج ، لن يلحظ احد غيابها - في الحقيقة ، قد يرحلوا بدونِها.
وقفت علي قدميها و نظفت ملابِسها ثم بدأت في المشي ببطء ، رؤيتها كانت مشوشة من الظلامِ - لوكان معها هاتِفها الآن لكانت شغلت الضوء لكن اللعنة عليهم جميعا و علي الفندق الجميل الذي يبقون فيه.
"حمقي ، اغبياء! لربما كنت وجدتكم لو كان معي هاتف الآن أو اتصلت بأحد ينقذني!" تمتمت لنفسِها و هي تمشي باحثة عن الضوءِ.
لمحت ضوء مِشعل من بعيد فأسرعت في خطواتها حتي وصلت إليه ، كان ممر آخر مشابه للذي قبله و الذي قبله حتي فقدت الامل في أن تخرج من هنا ، منذ قليل كانت تفكر في كم هي تكره كل الناس و تتمني العيش هنا لكنها الآن تسحب كلامها ، هي صحيح مازالت تكرههم لكنها مستعدة لكي تسامحهم جميعا - ستسامح ميلا و كاميرون ، ستعتذر لجيسي ، ستعتذر لنايل الذي لم يأتي معهم الرحلة لان أنفه التي كسرتها أصبحت تخرِج الكثير من الدماءِ مجددا ، ستُقبل زين لانها أرادت فعل هذا منذ رآته ، ستعتذر لآباها - هذا إن رأته مجددا - و ستحتضن امها للمرةِ الأخيرة و لن تقبل أن تترك روحها جسدها الصغير الضعيف حتي تجعل كل شخص تعرفه او لا تعرفه سعيدا.
كأن عيناها لم تصبح لها و دموعها ليست ملكها لتتحكم بِها ، اصبحت تنزل بحرِية كالشلالِ حتي اصبحَت تجِد صعوبة في التنفسِ و أرادت بِشدة أن تضرب رأسها بحائط المعبد.
ظنت أنها جُنت عندما بدأت تسمع اصوات قادمة من جميع الاتجاهات ، شهقت في رعب و مفاجأة ثم بدأت تجري ، مازالت تبكي و يداها تغطي نِصف وجههِا و كأن امنيتها تحققت ف فجأة وجدت نفسها اصتدمت بالحائط بقوة شديدة حتي وقعت علي الأرضِ.
تأوهت في الم و وقفت علي قدميها مرة اخري ثم جلست تلعن الحائط لبضعِ دقائق: "حائط غبي! اتجدني اقِف في وجهك وانت تبكي؟ لا!"
زفرت الهواءَ من فمِها في غضب و طبقت ذراعيها ثم تنهدت بعد لحظات من الصمت و التحديق بالحائط الذي صدمها ، عادت تلك الأصوات التي سمعتها مجددا و جائتها فكرة بأن تحاول أن تتبعها لربما ستجد ناس أو تجد مخرج من هنا.
اخذت خطوات سريعة تباطأت مع الوقتِ و طرق كلها مشابهة لبعضِها مجددا كأنها تلف في دوائر أو كأنها في متاهة - رغم أنها حاولت أن تتبع الاصوات لكنها كانت تأتي من كلِ مكان.
امسكت برأسِها لأنها شعرت أنها قد تنفجر من كثرة التفكير و كثرة الاصواتِ حولها ، ابعدت يداها و قررت أن تصب تركيزها علي سماع صوت واحد فقط او اتباعه و بالفعلِ نجحت.
بدأت تمشي ببطء ناحية ذلِك الصوت حتي مرت بممرات كثيرة و ظنت نفسها ضاعت مجددا لكنها توقفت عندما رأت نور يبدو كنور الشمسِ ، توسعت عيناها و شعرت بالفرحة تتسلل إلى نفسِها.
الأصوات توقفت لكنها وجدت النور لتتبعه ، و هي تمشي شعرت بحذائِها يدوس شيء لا يبدو كأنه الأرضِ ، أزالت قدمها و ابتعدت عن هذهِ المنطقة لتنظر ما الذي داسته و لِمفاجأتها بدت كورقة.
التقطت هذا الشيء من الأرض و كانت محقة ، لقد كانت فعلا ورقة مطوية عدة طويات حتي أصبحت مربعٌ متوسط الحجمِ.
امسكت بالورقةِ بين أصابعها و بدأت أصابعها بفتحها حتي عادت إلي شكلها الطبيعي المستطيل و بدت كورقة عادية مكتوب بها ، حاولت آمبر أن تقرأ ما بها لكن الإضاءة لم تكن تكفي فأقتربت من مصدر اشعةِ الشمسِ ربما الضوء يصبح اقوي.
اقتربت أكثر حتي وجدت نفسها في وجهِ الشمسِ ، رفعت يداها لا تلقائيا لكي تحمي عيناها من الشمسِ و هذا كان لأنها أمام المخرج و الذي هو أيضا مدخل المعبد - لم تلحظ ذلك بعد لأنها انشغلت بأن تحاول قراءة الورقة مجددا.
نظرت لها دون أن تقرأ كلمة محددة و دققت فيها حتي وجدت نفسها تميز هذا الخط المكتوب لكن ذاكرتها لم تسعفها في تذكر لمن يعود هذا الخط.
نظرت مجددا إلي طريقة كتابةِ الحروف ، كيف تميل و تقف علي سطرا واحد رغم أن الورقة لك تحتوي علي سطور و من ثم تذكرت ، فتحت فمها في صدمة ، كيف و لماذا هذهِ الورقة جائت هنا؟
لقد كانت الورقة المقطوعة من مذكِرة زين.
اخرجها من افكارِها سماعُ اسمها ينادي و يليه شعور ذراعين نحيفتين تلتفانِ حولها ثم جسد صغير يلائمهما يصطدمانِ بجسدِها في عناق من الخلفِ.
"آمبر ، لقد وجدناكِ!"
ميزت آمبر الصوت أنه ينتمي لكاميرون فأسرعت بضغطِ الورقة في يدها حتي لا يراها احد و أحكمت إغلاق يدها عليها حتي أصبحت كرة صغيرة داخل قبضتها.
التفت لتتركها كاميرون و تري بقية المجموعة تأتي و في مقدمتهم كاميلا ، جيسي و جوي الذين جروا ناحيتها لحظة ما رأوها و عصروها جميعا في عناق جماعي كادت تتوقف عن التنفس بسببه أو تتكسر عظامها.
نظرت خلفها ، عيناها تبحث عن الشخص الوحيد الذي أرادت رؤيته في هذا الحشد لكِنها لم تراه فشعرت ببعض من الاحباطِ حتي أنها لم تسمع جيسي و هو يقول بصوت مكتوم قليلا داخل هذا العناق.
"عليك أن تتوقفي عن الاختفاءِ فجأة و جعلنا نظن انكِ مُتِ و من ثم ينقذِك زين طوال الوقت."
-
هل يحق لي ان آتي إليكم فجأة و بدون سابق انذار و اترجاكم أن تسامحوني بعد طول غياب؟
دفاعا عن نفسي ، كان عندي ظروف شخصية في البداية و من ثم جائت المدرسة و هذه مشكلة اخري بذاتها حيث أنها مرحلة جديدة و صعبة و انا اجد صعوبة في التأقلم + أن عندي امتحانات شهرية بدء من الغدِ :(
لن اعدكم اني لن اتأخر مجددا لاني قد لا استطيع الوفاء بوعدي لكن سأعدكم بأني لن اترك هذه القصة قبل أن اكملها.
و
اشعر احيانا اني لا اشكركم كفاية لكل من يصوت ، يعلق او حتي يقرأ بصمت و يهتم بأمرِ هذهِ قصة فشكرا لكم :)
.