حب .. وخط أحمر! " جاكلين بير...

By amira_iq

40.1K 864 126

- أريدكِ ان تكوني زوجتي. قال هذا ببساطة كما لو انه يسألها عن الوقت . ونظرت إليه ذاهلة :" انت تمزح او ربما جن... More

1- ظل من الماضي
2-عندما يطبق الفخ
3-ملاك ، ونظرات شيطانية
5-عرفتكِ ، منذ البداية
6- سجن من ذهب
7-سيد العالم
8- وهل أملك الخيار ؟
9- حب .. وخط أحمر
10-ليلة فوق الغمام
11-أريدكِ ، فهل تصفحين؟

4-النصف الآخر

2.9K 74 19
By amira_iq

وقفت مايلين وسط الغرفة الواسعة وهي تتسائل عما تفعله هنا. كانت الأرض من الخشب المصقول أما النافذة فقد امتدت على طول الجدار ، وقد بدا من خلفها مشهد ليلي مذهل لبرشلونة . نظرت حولها فرأت حولها أن الغرفة لا تحتوي إلا على قطع قليلة من الأثاث ، أريكتان ناصعتا البياض ومنضدة سوداء بالأضافة الى مدفاة رخامية انيقة ، وضعت على الرف الذي يعلوها صورة داخل اطار فضي . اقتربت منها ونظرت إلى الصورة . بدا خافيار فيها مشبكا بذراع رجل آخر وقد وقفت بينهما فتاة جميلة سوداء الشعر . كانو جميعاً يضحكون ، أما الفتاة فكانت تضع خاتما كبيرا في إصبعها .
قالت وقد وجدت موضوعا للحديث :" هل هما من اصدقائك؟"
فأجاب خافيار باسماً :" نعم، صديقان طيبان".
-بيتك جميل.
وزادتها ابتسامته توتراً.
-أتظنين ذلك؟
نظر في انحاء الغرفة من دون حماسة ، ثم عادت نظراته لتستقر على قوامها المتوتر. رأى نظراتها الحذرة فقال :" لا تخافي فأنا لا أنوي إيذائكِ".
ثم امسكها بذراعها وأدارها إليه :" أنا دعوتك إلى العشاء وهذا كل شيء ".
-هل يمكنك ان تطبخ؟
سألته بارتياب ، مستعيدة مظهر الحنكة الزائف الذي تعلمته من خلال عملها في عرض الأزياء ، وهي تحاول في الوقت نفسه ان تتجاهل قربه البالغ منها ، وتسارع دقات قلبها .
-طبعا ، فأنا رجل متعدد المواهب .
هز كتفيه وبسط يديه ما جعل تأثيره عليها يتضاعف.
-أنا اصدقك .
ونظرت الى قامته الطويلة وثارت مخيلتها وهي تتصور مواهبه الأخرى.
سألها وابتسامة راضية تلوي فمه الواسع :" ما رأيك في عجة إسبانية حقيقية مع السلطة".
-جميل جدا. شكراً .
فانفجر ضاحكاً :"انتِ لا تقدرين بثمن ، يا مايلين ".
ونظرت عيناه الباسمتان في عينيها ، ثم أمسك بذراعها وقادها الى المطبخ :" هيا بنا ، يمكنك ان تعدي السلطة".
أثناء ربع الساعة التالية ، أخذا يعملان معاً سعيدين . وحبست مايلين انفاسها فيما هما يتحركان معا في تلك المساحة الضيقة ، إلا انها لم تظهر ردة فعلها. ولكن فيما بعد ، فاجأها شعور الخزي وهي تجلس أمامه حول المائدة الصغيرة وطبق الطعام امامها ... لم يسبق لها قط أن كانت وحدها مع رجل في شقته، وصدمتها هذه الفكرة تماماً . انها مع رجل غريب في بلاد غريبة . لم تتصرف بهذا الطيش قط من قبل.

راحت عيناه السوداوان تتفحصان بكسل ثوب الحرير الناعم الذي يغطي جسمها . فشبكت ذراعيها على صدرها بخجل ، وقد شعرت بالصدمة لأن نظرة واحدة منه جعلتها تتأثر بهذا الشكل . مد خافيار يده عبر المائدة وامسك بيدها.
-لا يا مايلين ، لا تخجلي.
واحمر وجهها كعذراء من العهد الڤيكتوري. بينما ألقى خافيار رأسه الى الخلف وانفجر مقهقهاً :" يا للبرائة! أنا لا أصدق هذا . لكنك انت على صواب بالنسبة لهذا الثوب ، مايلين إنه لا يناسبك على الاطلاق. والآن انهي طعامك قبل ان يبرد ".
اكلت لقمتين ثم دفعت بقية الطعام بشوكتها بعيداً. لم تجرؤ على النظر إليه ، لأنها خشيت ان تحبس انفاسها اذا فعلت ذلك.
سألها باهتمام :" ماذا حدث يا مايلين؟ ألم تعجيك العجة؟"
رفعت رأسها بسرعة وحاولت ان تبتسم :" بل هي لذيذة ، ولكن يبدو أنني فقدت شهيتي"
-انتِ عارضة ازياء وأعرف أنك تودين الحفاظ على قوامك . لكنك أيضاً فتاة رائعة الجمال ومن الأجرام إفساد الجمال الكامل بالرغبة الحمقاء في تنحيف الجسم . والآن كلي!
قال هذا بحزم ، فعادت لمتابعة الطعام .
اراح افكارها عندما انطلق في الحديث عن حبه للسيارات ، وعرفت أنه يعمل في حلبة السباق . وسرعان ما راحا يثرثران كصديقين قديمين .
ونسيت ان اليوم عيد ميلادها . نسيت كل شيء ما عدا جاذبية هذا الرجل الساحقة ولكنها شعرت ان ما بينهما هو اكثر من مجرد جاذبية . تحدثا عن كل شيء ولا شيء ، واخبرها انه لم يجلس قط من قبل لمدة ساعتين على كرسي المطبخ الصلبة كما جلس الآن ، مقترحاً عليها ان ينتقلا الى غرفة الجلوس.
استرخت مايلين بجانبه على الأريكة المخملية في غرفة الجلوس ، وأخذا يشربان القهوة التي صنعها بيده. ألقت نظرة جانبية طويلة على جانب وجهه الوسيم ، وفجأة ظهر عليها الارتباك وتصاعد الاحمرار الى وجنتيها . لقد انتهى العشاء وكذلك القهوة تقريبا، وقد حان الوقت لتخرج ، أما خافيار فقد تصرف كرجل مهذب طيلة الوقت تماماً . بينما هي تعاني من اضطراب مشاعرها نحوه.
لم تعرف ما الذي جرى لها . لقد تعرفت الى عشرات الرجال الوسيمين اثناء حياتها العملية ، ولكن لم يتمكن اي منهم من التأثير فيها كما أثر فيها خافيار.

كان يجلس بأسترخاء بجانبها على الأريكة ، وساقاه الطويلتان ممدودتان أمامه بعدم اكتراث . فبدا مرتاحاً بالغ الجاذبية .
ورفعت بصرها بسرعة . لكن ذلك لم يكن أفضل كثيراً فقد استقرت نظراتها على أعلى صدره ، وكانت أزرار قميصه العليا مفتوحة ، فقفزت واقفة، ثم قالت بصوت أجش وهي تحاول ان تسوي من حاشية ثوبها:" الأفضل ان اخرج الآن ، فقد تأخر الوقت وعليّ ان اعمل غداً".
وغامرت بألقاء نظرة عليه فذهلت لرؤية النار الذهبية المتقدة في عينيه. مد خافيار يده وأمسك بيدها ، وقبل ان تدرك ما يحدث، كان قد جذبها نحوه.
-ألن تمنحيني عناقاً قبل الوداع؟
-أرجوك، انت ستتلف الثوب.
قالت اول فكرة خطرت ببالها :"عليّ ان أعيد الثوب سليماً".
أدركت انها تتحدث بحماقة ، لكنه قال وذراعه تلتف حول خصرها بحزم. بينما تمسك يده الأخرى بكتفيها ما جعلها تشعر أنها أشبه بقطيطة عاجزة .
-أعتبريه هدية لكِ.
وأقترب منها أكثر ، فاكتسحت جسدها احاسيس غريبة جعلتها تشعر بما يشبه الخدر .
-لا استطيع ان اقبل .
ولم تعرف مايلين هل قصدت بحديثها الثوب ام العناق. فقال لها وعيناه اللامعتان تتفحصان وجهها ببطئ :" إعتبريه هدية عيد ميلادك يا حلوتي مايلين".
منحته ابتسامة متألقة ، ومالت قليلاً مبتعدة عنه:" وكيف عرفت ان اليوم هو عيد ميلادي؟"
سألته ذلك وهي تحاول ان تخفي ارتباكها . ضحك لقولها :"لم أكن اعرف ، لكننا متناغمان مع بعضنا البعض الى حد يبدو ان بيننا حاسة سادسة ".
ثم احتضنها بذراعيه بشدة :"عيد ميلاد سعيد يا جميلتي . ولكن لماذا لم تخبريني؟ العجة ليست احتفالاً لائقاً لهذه المناسبة . لو كنت اعلم لأصطحبتك الى مطعم لتناول العشاء . ولكن ماذا بالنسبة الى والديك واصدقائك؟ ألا يرغبون في مشاركتك عيدك؟".
امتلأت عينا مايلين بالدموع . إنه حقاً رجل طيب يهتم بالآخرين :"مات والداي منذ سنة ونصف تقريباً"
-آه ، يا للمسكينة .
وهذه المرة عانقها عناقاً عذباً طويلا... حمل لها العطف والمؤاساة .
لم تعرف مايلين ماذا جرى لها. في لحظة شعرت بالأمان والسلوان بين ذراعيه ، وفي اللحظة التالية وجدت نفسها في دوامة من الأحاسيس لم تفهمها تماماً.
شعرت وكأن احداً لم يعانقها قط من قبل. فقد استجابت غريزياً وكأنها انتظرت هذه اللحظة طوال حياتها ، وارتجفت لقوة مشاعرها.
وبرقة ، انزلقت يده الى كتفها ومال برأسه الى الخلف يحدق أليها :" أنتِ رائعة مايلين ، ليتك تبقين فنحن متناسبان تماماً "
ارتجفت وهي تنظر إلى وجهه القوي الملامح بما يشبه الافتتان وقد اشتبكت يداها الصغيرتان بشعره.
-لا يمكنني البقاء ، فلدي عمل أقوم به.
-أصبح الوقت متأخرأ ، ما رأيك لو تبقين هنا ،وسوف أوصلك الى فندقك صباحاً ساعة تشائين؟ أظنك تشعرين بالتعب.
لم يكن التعب فقط ما جعلها تقبل اقتراحه ، وإنما رغبتها بالبقاء بقرب هذا الرجل الجذاب.
ومضت لحظة تملكها فيها ما يشبه التعقل فقالت بصوت مرتجف :" لا، من الأفضل ان اذهب" .
وكأنما شعر خافيار بمخاوفها فقال يطمئنها :" أعدك بأن أتصرف كرجل شهم. سأنام في غرفة الضيوف ".
نظرت إليه وقد تبدد كل شعور بالحذر لديها. فقد كانت رغبتها في البقاء معه تفوق كل تصور.
-حسناً ، سأبقى إذا كنت تحترم وعدك حقاً.
-يا إلهي! لا يمكنني ام اسيء إليك مايلين . أنا لم اتأثر بأمرأة في حياتي كما تأثرت بكِ. أريدك في حياتي الى الابد.
-حقاً؟
تنهد خافيار وازاح خصلات من شعرها عن حاجبها وعيناه تتفحصان وجهه الجميل :"غداً ، بعد أن تنهي عملك. سنخرج معاً للاحتفال بعيد ميلادك. لماذا لم تخبريني بذلك مايلين؟".
-لم اظن أنك ستهتم للأمر.
ضمها إلى صدره بقوة :" من الآن فصاعداً ، سأهتم بكل ما يتعلق بك".
لم تكن لديها فكرة عن كيفية التصرف في مثل هذا الوضع. هل التقت حقاً بحب حياتها؟ وصعدت الى حلقها ضحكة هستيرية.
-هذا ليس مضحكاً يا مايلين. أنا اتكلم بجدية، لست امزح في هذا الأمر.
فقالت بفتور :"آسفة، فأنا لست معتادة على مثل هذه الأمور ".
تأوه ، ثم رفع يده وأخذ يسرح شعرها الى الخلف بحنان :" أشعر أننا خلقنا لبعضنا ، مايلين . لقد تأخر الوقت الآن، ومن الأفضل ان تنامي وسنتحدث بالأمر غدا، اتفقنا؟".
ورفع ذقنها لينظر في عينيها الخضراوين الكبيرتين :" أحبك مايلين . لا أدري كيف حصل لي ذلك. أشعر انك لي، لي وحدي والى الابد".
وانفرجت شفتاه بابتسامة وعيناه الداكنتان تتراقصان ببهجة جعلت قلبها في صدرها يمتلئ بالحب. لكنها خشيت الاستسلام لمشاعرها فابتعدت عنه قليلا :" حسناً، سأفكر بالأمر فيما بعد ، أما الآن فأنا بحاجة إلى الذهاب الحمام قبل الخلود إلى النوم".
عندما عادت الى الغرفة ، بعد ان غسلت كل الزينة عن وجهها وحاولت ان تمشط شعرها وقفت عند الباب بالضبط . كان خافيار مستلقياً على ظهره فوق الاريكة ، مغمض العينين وصدره يعلو ويهبط بانتظام. وتملكها شعور قاهر بالحب. ولم تعد تستطيع التنفس.
ومن دون أن يفتح عينيه قال بنعومة :" تعالي إجلسي بقربي مايلين. يمكنني أن أشعر بك واقفة هناك ".
فقالت وهي تسير نحوه ببطء :" وكيف انني واقفة هناك؟".
-أنتِ نصفي الآخر.
فتح عينيه ونظر في عينيها ، وأدار رأسها الدفئ الذهبي في عينيه . أخذت عيناه تجولان فوق جسدها ، ثم عادتا الى وجهها الخالي من الزينة :" أنت رائعة الجمال ومن دون تبرج عارضة الأزياء، انت أكثر جمالاً. تعالي".
ومدّ يده إليها ، فوضعت يدها في يده بثقة وإذا به يجذبها إلى ما بين ذراعيه ليغرقها في عناق طويل، حمل إليها أحاسيس لم تعرف بوجودها من قبل .
وأدركت مايلين ان هذا الرجل هو من كانت تنتظره طوال حياتها.

                 *****************

رنين هاتف بعيد أيقظ مايلين من نوم عميق . فتحت عينيها فوجدت أنها ليست في غرفتها في الفندق . تشتت ذهنها للحظة ثم عادت وتذكرت أنها في غرفة خافيار. حملت الهاتف النقال ونزلت من السرير ثم توجهت إلى الغرفة الاخرى تحمل إليه الهاتف . فتحت الباب بحذر راجية أن ترى في عينيه هذا الصباح لمحة الحب التي رأتها فيهما ليلة أمس. دخلت إلى الغرفة وانفاسها تحتبس في حلقها من التوتر . ما ان شعر خافيار بوجودها حتى تململ في السرير: "مايلين" .
ذكر اسمها برقة وبصوت اجش عميق من تأثير النعاس. وبسرعة فتح عينيه جيداً ثم أنارت وجهه ابتسامة عريضة عندما رآها تنظر إليه :" إذن ذلك لم يكن حلماً".
تبددت مخاوفها كما يتبدد الثلج فوق النار :" لا، ولا رنين الهاتف أيضاً".
أجابته بابتسامة وهي تناوله الهاتف . أخذه من يدها بعد ان استوى في جلسته على السرير .
وقفت مايلين تتفحصه من خلال عينين ناعستين . وارادت ان تقرص نفسها لتتأكد ان ما يحصل معها حقيقة لا وهم، خافيار أحبها ، وهو يريدها ان تبقى معه. لقد طلب منها ان تتوقف عن عرض الأزياء فوافقته على ذلك بسرور لأنها كانت ستفعل ذلك على كل حال ، ولكن قبل ان تتمكن من الشرح عاد يحظنها بشوق لم يعد للكلام معه اي معنى. هذا لا يهم! لا شيء يهم هذا الصباح سوى مشاعرهما نحو بعضهما البعض . رأت وجهه يظلم وهو يقطب جبينه بشراسة ثم يبدو فجأة اكثر خشونة وأكبر سناً واذا بأحساس غامض بالخوف يسري في كيانها.
وضع سماعة الهاتف بعنف ثم هم بالنزول من السرير.
-ماذا جرى؟
سألته وقد شعرت بالقلق لرؤيته متجهماً . فالتفت إليها وكأنه أدرك للتو انها موجودة .
قال بابتسامة جافة وهو يقف بالقرب منها :" آسف يا حبيبتي ، ولكن عليّ ان اذهب الى ميدان السباق ، ولا ادري كم سأتأخر ".
وتأمل طويلا وجهها الفتي الغارق في النعاس ، ثم ازاح شعرها عن حاجبيها الى الخلف وأضاف :
-يا لفتاتي وعيد مولدها! الساعة ما زالت السادسة والنصف ، عودي الى النوم وسأترك لك مفتاح الشقة على مائدة المطبخ وبطاقة مع العنوان .
وأحنى رأسه وعانقها عناقاً سريعاً ، فاحتك شعر لحيته النابت حديثاً ببشرتها الناعمة :" إذل انهيت عملي سأتوقف عند صالة عرض الأزياء . آخر عرض لك ".
قال جملته الأخيرة بشيء من الرضا :" أو اتصل بك الى فندقك واذهب لإحضارك ".
وأضاف وهو يتجه الى الحمام :" ولكن إذا لم اتصل بك قبل الساعة الخامسة ، احزمي امتعتك من الفندق وتعالي الى هنا . اتفقنا؟".
ثم دخل الحمام.
عادت مايلين الى السرير ، ثم تنهدت حالمة . وبعد دقائق كانت قد استغرقت في النوم مرة أخرى ، لم ترَ قط خافيار عندما دخل غرفتها ليبتسم لها بحنان ، لكنها تحركت قليلا في نومها عندما شعرت بقبلة ضعيفة ناعمة تحتك بجبينها بنعومة ، وتصورت في احلامها أنها سمعت صوته يقول :" احبكِ".
تأملت صورتها في مرآة الحمام في شقة خافيار وضحكت . بدت مختلفة فقد كست ملامحها البهجة والسعادة .
إنها عاشقة . ارادت ان تصرخ باسم خافيار من فوق السطح. إنه امير احلامها نفسه . لكنها ، بدلاً من ذلك اخذت تهمهم بسعادة ثم توجهت الى المطبخ . سوف تتناول القهوة قبل ان تستدعي سيارة أجرة لتأخذها الى الفندق.
ملأت فنجاناً من القهوة ثم احاطته بيديها . تشممت رائحة القهوة العابقة وتنهدت بسعادة بالغة . لم تنتبه قط من قبل الى مشاعرها هذه ، كل شيء في عالمها اتخذ صورة أوضح واكثر حدة .
نظرت الى المفتاح الصغير الملقى على مائدة المطبخ مع البطاقة التي تحمل عنوانه . كان المفتاح يتوهج كالذهب في اشعة شمس الصباح ، انه مفتاح بقية حياتها .... تراءى امامها مستقبل ذهبي رائع مع خافيار ، حبيبها. فمع أنها لم تعرفه الا منذ يومين ، ولكن لم تتملكها اي شكوك ، إنه توأم روحها . اخذت البطاقة ودستها في حقيبة يدها ثم اطبقت يدها على المفتاح .
وبعد لحظات سمعت صوت الباب ينفتح فقفزت عن الكرسي . لقد عاد خافيار.
أسرعت الى غرفة الجلوس وقد تألقت عيناها بالتوقع وانصبت نظراتها على الرجل الذي دخل من الباب . فتحت فمها لتتكلم وإذا بها تسكت مشدوهة ، فقد كان هذا الرجل غريباً تماماً .... بدت متوسط الطول ، متين البنية ، وجذاباً بشعره الاسود الجعد . كان يرتدي بنطلون جينز ويحمل بيده حقيبة من القماش اسقطها عند قدميه. ثم قال شيئاً بالإسبانية بدا لها اشبه بشتيمة .
سألته مجددا مدركة خطر وضعها :" ماذا تفعل هنا؟"
-لغتي الإنكليزية ليست جيدة جداً ، لكنني سبستيان .
-لكن هذا غير ممكن! هذا بيت خافيار .
-آه، خافيار.
هز رأسه وسار ليجلس على أريكة حيث أراح رأسه الى الخلف واغمض عينيه :" خافيار يشاركني شقتي خلال اسبوع السباق . وهذا ليس بيته مهما كان ما قاله لك " .
وفتح عينيه لينظر إليها ساخراً :"أين هو؟ أهو في سريره ويجعلك تعدين القهوة؟"
-لا ، لقد ذهب الى العمل.
وتمنت لو انها ابقت فمها مغلقاً ، اذ ان اخباره بأنها وحدها في الشقة ليست فكرة حسنة .
-العمل!
ثم ضحك :" يا له من عذر! إسمعي يا سيدتي الصغيرة ، انا متعب جدا، فأنا قادم من رحلة استغرقت ساعات . اريد قهوة ونوماً ".
ونظر إليها بوقاحة ، ثم اضاف بغير تهذيب :" أنا وخافيار نشترك في كل شيء. كل شيء أفهمتِ؟ لكنني متعب جداً الآن كما انه يبدو عليك الإرهاق مثلي. وهو لن يعود ، فلماذا لا ترحلين؟" .
شحب وجهها لما يتضمنه كلامه من تلميحات :"قولك هذا مثير للأشمئزاز وأنا لا أصدق كلمة واحدة مما تقول. خافيار يحبني ، وهو ... هو يريدني ان ابقى معه".
نظر إليها بازدراء . ثم وكأنه أدرك أنها جادة ، انتصب في جلسته :" وهل قال لك ذلك؟".
-نعم. انه سيقابلني عندما ينتهي عمله في ميدان السباق .
لقد وعدها خافيار بذلك ، ورفضت ان تصدق أنه كذب عليها . لم تشأ ان تصدق ذلك ... لكن صوتاً هامساً ساخراً همس في رأسها : (ما الذي تعرفينه حقاً عن خافيار ، غير كلامه المعسول ووعوده؟) وفجاة عرفت الرجل :" أنت الرجل الذي في الصورة على رف المدفأة؟".
-نعم، وخافيار ڤالدزبينو لا يعمل . ليس العمل الذي نعرفه انا وانتِ.
ورفع حاجبيه ساخراً :" أمواله تساند فريق السباق ، وهذه هواية معظم الرجال الأغنياء . وهو يملك بنكاً تجارياً ولديه بيوت في سيفيل ، ومدريد وبونيس وايريس ، كما أنه يملك أراضٍ واسعة ".
شعرت وكأن شيئاً وخزها في معدتها . تحسست المفتاح في يدها ثم أرته إياه وكأنه طلسم :" لكنه أعطاني مفتاح الشقة ".
تأمل سبستيان المفتاح طويلاً مقطباً جبينه، ثم قال ساخراً وهو ينظر الى وجهها الشاحب :"لقد أعطاك مفتاحاً إذن ، ولكن هل جربته في القفل يا صغيرة؟".
انكمشت مايلين في مكانها متمنية لو تموت في تلك اللحظة . لقد تحقفت أسوأ كوابيسها . نظرت الى المفتاح في يدها بغباء وادركت أنه لم يخطر ببالها قط ان تجربه في القفل ان تغادر المنزل .
-خافيار يحتفظ بمجموعة من المفاتيح، وهي خطة يفضلها كلما أراد التخلص من أمرأة ، وهكذا يتركها بهدوء. أنا اعرفه جيداً فهو صديقي الحميم وخطيب اختي. اذا كنت لا تصدقيني فاذهبي وجربيه في القفل .
-خطيب اختك!
تساءلت برعب ، وقد ادركت ان الصورة التي رأتها على رف المدفأة والتي سألت عنها خافيار الليلة الماضية هي له ولخطيبته . وشعرت بالغثيان . ترنحت قليلا ، وصرخ ذهنها ان هذا لا يمكن ان يكون صحيحاً.
وفجأة امسك الرجل بذراعها :" هل انتِ بخير؟ .... تبدين شاحبة؟" 
ونظر الى ثوبها الخفيف ثم عاد ينظر الى وجهها الشاحب الخالي من الزينة :" تعالي وإجلسي. هل شعرت بالصدمة؟"
تركته مايلين يقودها الى الاريكة بخنوع.
-اسمحي لي بأن اعتذر عن رجل من بلادي . آسف فأنا لم ادرك انك اصغر سناً من النساء اللاتي اعتاد ان يخدعهن بوعوده.
كان سبستيان رقيقاً ، أحاط كتفيها بذراعه وحاول ان يجلسها برفق :" أنت رأيت الصورة على رف المدفأة أخذت هذه الصورة منذ ثلاثة اشهر . هل انا بحاجة الى قول المزيد؟"
-لكن اختك ... حسناً، هل تعلم ان خافيار غير مخلص لها؟
قاطع سؤالها المتلعثم بضحكة عالية :" أسرة خافيار هي من اقدم الأسر في سيفيل وأجداده هم مزيج من العرب والاسبان ، وهو ما زال تقليدياً في تفكيره ... يريد ان تكون عروسه عذراء ليلة الزفاف . الى ان يحين ذلك فهو يمضي اوقاته باللهو مع النساء . وهذا لا يعني أنه غير مخلص ، فالأمر لا يعني شيئاً بالنسبة إليه ، وكاتيا خطيبة متفهمة لذلك، رغم أنني ، أحياناً اشعر بالخزي من تصرفاته ، كما يحصل الآن. أراك لست من نوع النساء العابثات ، وهكذا مرة أخرى انا آسف".
لم تستطع مايلين قول المزيد بسبب ما شعرت به من خدر نتيجة الفزع والصدمة . وهكذا طلب سبستيان لها سيارة اوصلتها الى فندقها.

                *******************

بدا سيرجيو مسرورا من عرضها ظهر ذلك اليوم.
-رائعة يا مايلين. هذا بالضبط ما كنت اتمناه.
اغرورقت عيناها الخضراوان بالدموع فغالبتها بغضب :" أنا مسرورة لأن هناك من يرضى عني".
قال هذا بصوت مرتجف ، فأحاط كتفيها بذراعه وبدا العطف على وجهه وهو ينظر الى وجهها الشاحب :" آه ، يا إلهي! انت وقعت في غرام ڤالدزبينو. كان علي ان احذرك ، فالاشاعات تقول انه مخطوب الى فتاة صغيرة تناسبه ، بالرغم مما يقال عنه بأنه زير نساء ، ولكن الخق يقال هو كريم جدا مع النساء اللاتي يدخلن حياته . انظري الى الناحية الجيدة ، اتصل بي احد مستخدميه هذا الصباح ورتب الأمر لدفع ثمن الثوب . وهكذا يمكنك الآن ان تفخري بأنك صاحبة الثوب الأسطوري الذي ابتكره سيرجيو".
فيما هي تصغي الى سيرجيو ، تلاشى كل أمل لديها في ان يكون الأمر مجرد غلطة وان خافيار سيصل الى العرض ليراها ، أو ربما يتصل بها الى الفندق ، لقد تلاشت كل احلامها . واذا كان الثوب لم يعجبها من قبل ، فقد كرهته الآن .
عادت الى غرفتها في الفندق ، وعلى الفور اتصلت بالمطار . ولحسن حظها تمكنت من الحصول على مقعد في طائرة خاصة بالإجازات ستغادر في الرابعة والنصف من بعد الظهر . وبسرعة ، القت بثيابها في الحقيبة والدموع تغسل وجهها ، ثم مزقت الثوب ورمته في القمامة . ولم تجرؤ على التفكير :" أهي تذرف الدموع لتحطم قلبها ام غضبا من غبائها لأنها صدقت ان المرء قد يقع في الحب من النظرة الاولى؟
لقد تصرفت كطفلة حمقاء ساذجة اذ صدقت اكاذيب خافيار . واقسمت وهي تستدعي سيارة اجرة على ألا يحدث لها هذا مرة اخرى .
وضعت السماعة، ثم اخذت حقيية يدها . وعندما اخذت تطمئن الى وجود جواز سفرها نظرت طويلا الى البطاقة التي طبع عليها ... اسم سبستيان غاردا وعنوان ورقم هاتفه. وبدا لها ذلك اكبر برهان على ان خافيار كذب عليها .... حتى انه لم يعطها رقم هاتفه الخاص . رن جرس الهاتف فرفعت السماعة . وجاءها صوت خافيار الغاضب :" مايلين ، ما هي لعبتك؟ لماذا تركت المفتاح؟" .
-انا لست بحاجة الى المفتاح ولا إليك . الوداع.
واقفلت السماعة مرة أخرى عندما كانت تتناول حقيبة ملابسها وتغادر الغرفة.



بارت جديد 😆😆😆 صوتوا بطريقكم الله عليكم ... والله جاي اتعب من اكتبه 😔🌚

Continue Reading

You'll Also Like

2.1M 35.2K 36
[ S E X U A L C O N T E NT ] لم أتوقع بأنّني سأنْجذب لـِزوْج عمّتـي الأربعيـني بمُجرد تصادم سُبُلِ طُرقاتـنا في تلك الليلة و هِي ليلة مُقدّسة بالخطـ...
326K 4.2K 25
وصمت بالعار دون ادني ذنب ليتزوجها غصبا منعا للتار ليسبها الف مره لتقف له وتخلع قلبه ليكتشف برائتها ليهوي صريعا لها ولكن هل ستتقبل ذلك العشق الذي انغر...
1.3M 66K 22
كون هاي الدنيا تصغر حيل تصغر وتلتقي الوادم باهلها اي باهلها يعني انا وانتَ هيجي نلزم الدنيا ونذلها......
5.6M 217K 51
قد يؤخر الله الجميل لجعله أجمل بنت يتيمه الأم من هيه طفله تعيش معا مرت ابوهه وتنحرم من كلشي وذوق العذاب بس القدر يلعب لعبته ويجي منقذه يتبع..