~ وعد بالانتقام ~

By nona_masri

242K 5.4K 621

وَحدكِْ أنتِْ من تُجيد ربط لِسآني و تقييدْ كلمآتي ! وَحدكِْ أنتِْ تستطيعين إقنآعي بأمورٍ أرفضهآ تمآمآ ! وَحدك... More

~ تقرير الرواية ~
~ البارت الأول ~
~ البارت الثاني ~
~ البارت الرابع ~
~ البارت الخامس ~
~ البارت السادس ~
~ البارت السابع ~
~ البارت الثامن ~
~ البارت التاسع ~
~ البارت العاشر ~
~ البارت الحادي عشر ~
~ البارت الثاني عشر ~
~ البارت الثالث عشر ~
~ البارت الرابع عشر ~
~ البارت الخامس عشر والأخير ~

~ البارت الثالث ~

12.3K 325 34
By nona_masri

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

قراء ممتعة للجميع ♡

- نزع نزار نظارته الشمسية ببطء ونظر إلى صفاء بنظرة ثاقبة تحمل الكثير والكثير من المعاني مما جعل عينيها تتسع من هول المفاجأة وحاولت أن تقول شيئاً ولكنه رسم شبح ابتسامة ساخرة على وجهه وتقدم نحوها بخطوات واثقة ثم تجاهل وجودها وقال محدثاً لميس : احضري فنجان قهوة الى مكتبي يا لميس وايضاً ... اخبري المساعدة الجديدة ان تتبعني الى الداخل لكي اشرح لها طبيعة عملها .

قال ذلك ثم دخل إلى مكتبه وكأن شيئاً لم يكن تاركاً خلفه صفاء في حيرة من امرها ، فاخذت الافكار تساورها والصدمة تعتريها وشعرت بألم فظيع يشتعل في صدرها فضاق تنفسها واخذت حبات العرق تكسو وجهها ؛ نظرت إلى لميس وسألتها بصوت يكاد يختفي : هل... هذا الشاب هو رئيس الشركة !

فنظرت لميس اليها بتعجب وقالت : اجل... انه الاستاذ نزار ابراهيم اشهر مهندس ديكور في المنطقة كلها ، ولكن ما بكِ .. لما اصبح وجهكِ هكذا ؟؟

قالت ذلك ثم امعنت النظر بصفاء بتركيز وسرعان ما ضحكت قائلة : الان فهمت ، انه وسيم جداً وقد اعجبكِ اليس كذلك ؟

فأبتلعت صفاء ريقها ولم تتمكن من الرد لذا اضافت لميس بعفوية : معكِ حق فجميع النساء يعشقن هذا المخلوق خصوصاً عندما يبتسم تلك الابتسامة الساحرة ولكن ان اردتِ نصيحتي ابتعدي عنه حتى لا تتورطي مع تالا فهي فتاة مدللة وسيئة الطباع ودائماً تحوم حول الاستاذ نزار كما لو انها كلب حراسة وتمنع الفتيات من الاقتراب منه.

شردت صفاء بفكرها وكأنها سافرت إلى عالم آخر بينما كانت لميس تحدثها عن تالا وقد نسيت ما طلبه نزار منها فسمعت الهاتف يرن في مكتبها لذا انتفضت من مكانها واجابت عليه تحت مراقبة صفاء لها فقالت بتوتر : انا اسفه يا استاذ... ساخبرها حالاً .

قالت ذلك ثم اغلقت سماعة الهاتف ونظرت إلى صفاء التي كانت تنظر اليها بنظرة تشبه نظرة الشاة عندما يتم جرها الى المسلخ فابتلعت ريقها بينما قالت لها لميس : تفضلي بالدخول رجاءً... ان الاستاذ نزار بانتظاركِ .

قالت ذلك ثم توجهت نحو ألة صنع القهوة التي في مكتبها لتصنع فنجان قهوة الصباح الخاص بنزار فهو معتاد على ان يتناول القهوة السوداء كل يوم ويستمتع عندما تصنعها له لميس ؛ اما صفاء فكانت ما تزال واقفة مكانها وكأنّها شُلت عن الحركة تماماً بينما كان قلبها يخفق بشدة وتضغط بيدها على حزام حقيبتها السوداء قائلة في سرها : انه هو... نزار !!

في تلك اللحظة سمعت باب مكتبه يُفتح فرفعت رأسها واذ به واقفاً امامها بطوله الفارع يحدق بها بنظرات خالية من التعبير وقد وضع يداً على خاصرته والاخرى ممسكاً بها مقبض الباب وقال بكل برود : ارجو المعذرة يا انسة ولكن الم اطلب منكِ الدخول حتى اشرح لكِ طبيعة عملكِ معي ؟!

التفتت لميس عندما سمعت صوت نزار وبدون ان تنتبه كادت ان تحرق يدها بالقهوة فتأوهت بصوت خافت ثم قالت لصفاء : يا الهي... الم تدخلي بعد !

في تلك اللحظة فتحت صفاء فمها لتتحدث وكم وجدت صعوبة في نطق الكلمات ولكنها تمكنت من فعل ذلك اخيراً وبعد عناء قالت بصوت اشبه ب الهمس : انا اسفة ، لقد....

وقبل ان تتمكن من اكمال جملتها تجاهلها نزار حين التفت عائداً إلى مكتبه وقال لها بدون ان ينظر إليها : تعالي إلى مكتبي.

ثم اغلق الباب خلفه اما هي فنظرت إلى لميس بينما قالت لها الاخيرة : ما الذي تنتظريه ؛ هيا ادخلي قبل أن تجعلي الاستاذ نزار يغضب منكِ فهو لا يحب التقاعس عن العمل.

فابتلعت صفاء ريقها مجدداً وضغطت على حزام حقيبتها بقوة ثم اخذت نفساً عميقاً وكأنها تصارع من اجل الدخول إلى مكتبه واقتربت من الباب فطرقته بخفة وسرعان ما سمعته يأذن لها بالدخول ؛ دخلت على مضض وعندما رأته جالساً خلف طاولة مكتبه الفاخرة والرفاهية تحيط به من كل جانب شعرت بالدوار وكادت ان تقع على الأرض من هول المفاجأة ولكن بالرغم من ذلك لم تضعف بل وقفت تنتظر حتى يرفع رأسه وينظر إليها فيسمح لها بالاقتراب ثم الجلوس ولكنه تعمد ان يتجاهلها حيث اشغل نفسه بالتوقيع على كومة الاوراق التي أمامه وكم بدا عليه الهدوء والبرود ولكن بداخله كان الف بركان يستعر غضباً منها وشوقاً لها وبالكاد تمالك نفسه كي لا ينفجر في وجهها.

وبسبب بروده ذاك شعرت هي بضيق التنفس و الوهن في قدميها وبحركة لا ارادية وضعت يدها اليسرى على السوار الفضي الذي كان حول معصمها الايمن والذي كان هدية منه فحرك عينيه ببطء وبدون ان تراه نظر الى يديها مما زاد غضبه منها لانها بالرغم من كل ما حدث ما زالت تحتفظ بالهدية التي اعطاها لها قبل تسع سنوات ؛ لذا وضع قلم الحبر من يده ورفع رأسه فجأة لينظر اليها بنظرات قاسية مليئة بالاتهامات مما سبب لها الذعر ولكنه لم يقل شيئاً قاسياً بل قال بكل برود : اجلسي رجاءً.

رمشت صفاء عدة مرات تحاول استيعاب ما قاله فسمعته يسألها بنبرة حادة بعض الشيء : الم تسمعي ؟

ابتلعت ريقها ثم اقتربت بخطوات بطيئة وسرعان ما جلست مقابلاً له على المقعد الجلدي وقالت بصوت يكاد أن يكون مسموعاً : ش... شكراً لك.

اما هو فكان يصارع نفسه من اجل ان يبقى هادئاً لان الغضب سيخرب خطته التي رسمها للإنتقام منها لذا اسند ظهره الى المقعد وكتف يديه قائلاً : قبل أن نبدأ بالحديث حول العمل اخبريني اولاً هل تقابلنا من قبل ؟

في تلك اللحظة شعرت صفاء وكأن سهماً مشتعلاً قد اخترق قلبها فنظرت إلى عينيه مباشرةً والصدمة واضحة على وجهها لتجد البرود والقسوة في عمق نظراته ... الهذه الدرجة وصل بهم المطاف ... هل نسيها حقاً ام انه يتظاهر بفعل ذلك لكي يجعلها تدرك انها لا شيء بالنسبة له ؟؟

وعندما رمقها بتلك النظرات الباردة والتي تدب الرعب في النفوس توصلت إلى استنتاج انه ربما يكون قد نسيها حقاً او انه لا يريد أن يتذكرها فتنهدت بخيبة أمل وقالت بصوت مخنوق : لا اعتقد ذلك.

اما هو فازداد غضبه منها... نعم تعمد ان يجعلها تشعر بالإهانة عندما ادعى عدم تذكرها ولكن لم يتوقع انها سوف تحذو حذوه وتدعي عدم معرفته ايضاً فضغط على قبضته تحت الطاولة محاولاً السيطرة على اعصابه وابتسم شبح ابتسامة ساخرة ثم قال : جيد... لندخل في صلب الموضوع اذاً ، في البداية دعينا نتعرف بما اننا لا نعرف بعضنا البعض ولم نلتقي من قبل.

قال ذلك ثم مد يده لها لكي يصافحها قائلاً بنبرة ذات مغزى : انا نزار ابراهيم... رئيس هذه الشركة والمهندس الرئيسي هنا ، وانتِ ؟

فنظرت صفاء الى يده الممدودة وكم شعرت برغبة طاغية في البكاء ولكنها لم تفعل ذلك بل استجمعت شجاعتها كلها وحركت يدها ببطء ثم صافحته وما ان لمست يدها يده حتى شعرت بقلبها يكاد يفر هارباً من بين ضلوعها فقالت بصوت شبه مسموع : صفاء هاشم... مهندسة ديكور داخلي.

اما هو فحاله لم تكن تختلف عن حالها كثيراً اذ انه شعر بالضعف والشوق عندما لمس يدها ولكن ارادته كانت اقوى من مشاعره لذا تعمد ان يضغط على يدها قليلاً وهو يقول : سعيد بمقابلتكِ.

ثم سحب يده فوراً وتابع قائلاً : والان وبعد ان تعرفنا حان وقت التحدث عن العمل يا انسة صفاء... ام تفضلين ان ادعوكِ بالسيدة صفاء بما انكِ متزوجة على ما اعتقد.

قال ذلك ونظر إليها بنظرة أتهام واضحة وكأنه تعمد ان يجعلها تتذكر كيف تخلت عنه بطريقة قاسية لكي تتزوج من رجل ثري و جعلها تعتقد انه لا يعرف انها ارملة كما ادعت في سيرتها الذاتية فضغطت على حزام حقيبتها التي في حضنها وقالت بنبرة متألمة : لقد كنتُ متزوجة ولكن زوجي توفي قبل ست سنوات لهذا يمكنكَ أن تناديني بأسمي المجرد فقط وبدون أي لقب.

في تلك اللحظة سمعا صوت قرع الباب وسرعان ما دخلت لميس وهي تحمل صينية عليها فنجان من القهوة السوداء وبجانبه كوب ماء واخر يحتوي على عصير برتقال فوضعت القهوة والماء امام نزار والتفتت الى صفاء لتضيفها العصير ولكن الاخيرة ترددت في اخذه لكنها وجدت انه من غير اللائق رفض حسن الضيافة فاخذته وقالت بصوت خافت : شكراً لكِ .

فابتسمت لميس قائلة : لا شكر على واجب ، عن اذنكما.

ثم خرجت من المكتب وهي تطرق الارض بكعب حذائها العالي وتركت صفاء تمسك كوب العصير بيدها دون ان تتذوق طعمه حتى بينما ابتسم نزار ابتسامة ساخرة ثم ارتشف القليل من فنجان قهوته وقال بكل تفاخر : حسناً يا صفاء... بصراحة أنا لم اقرأ سيرتكِ الذاتية لان هذا عمل سكرتيرتي الخاصة وقد اخبرتني لميس انكِ تخرجتي من كلية الهندسة بكل جدارة كما ان لديكِ خبرة اربع سنوات في العمل بهذا المجال وكما ترين أن مؤسستي كبيرة جداً وانا لا اوظف بها الا الاشخاص ذوي الخبرة والكفاءة العالية وبما ان لميس تعتقد أنكِ مناسبة لتكوني مساعدتي الخاصة فسوف اعتمد على رأيها واعطيكِ الفرصة حتى تثبتي جدارتكِ لذا ان اردتِ العمل هنا يجب عليكِ أن تفعلي كل شيء اطلبه منكِ فهل انتِ موافقة ؟

فقالت وهي تحني رأسها لكي تتجنب النظر إليه : بالطبع سأفعل كل ما يمليه عليّ رب عملي بما يخص العمل لذا لا تقلق حيال توظيفي في مؤسستك الكبيرة.

رفع نزار حاجبه وقال : جيد... احب هذا النوع من الطاعة في العمل لذا اعتقد اننا اتفقنا.

قال ذلك ثم نهض عن مقعده وامسك علبة السجائر الفاخرة واخرج منها سيجار طويلة ثم اشعلها وتوجه ليقف أمام النافذة يراقب المارة بالشوارع من علو مرتفع واخذ يتسائل بينه وبين نفسه لما اصبحت صفاء فتاة خجولة ومنطوية على نفسها بعد أن كانت مرحة و مفعمة بالحيوية طوال الوقت وكم ازعجه تغيرها بينما كانت هي ما تزال جالسة مكانها تحني رأسها وتحدق بالكوب الذي بين يديها والدموع تختبئ خلف رموشها السوداء الكثيفة فالتفت اليها فجأة واردف بنبرة باردة : هناك امر آخر يجب ان تعرفيه قبل القيام بأي شيء .

فرفعت راسها ثم وضعت كوب العصير من يدها على الطاولة ونظرت إليه جاهدة لمنع دموعها عن الانهمار ولم تقل شيئاً بينما عاد هو ليجلس في مقعده واضاف قائلاً بنبرة حادة بعض الشيء : لا يجب أن تخرجي من الشركة خلال ساعات الدوام كما انني لا احب ان يأتي الاصدقاء والعائلة لزيارة احد الموظفين في هذا المكان حتى لا يتعطل سير العمل لذا ضعي هذا الأمر في عين الاعتبار.

قال ذلك ثم صمت قليلاً وبعدها تابع بنبرة تهديد واضحه : ويجب عليكِ المحافظة على اسرار الشركة وعدم الكذب والخداع لأنني اكثر ما اكرهه في هذه الحياة هم الاشخاص المخادعين ولا ارحم اي شخص يحاول خداعي بأي شكل من الأشكال.

فنظرت إليه وكأنها فهمت ما الذي يقصده وانها هي المعنية بكلامه ولكن لانه ادعى عدم معرفتها شعرت بالحيرة واخذت الافكار تتخبط في رأسها ولا تعلم ان كان قد نسيها حقاً ام انه يكذب لينتقم منها ، كما انها ارادت ان تعتذر منه بكل صدق عما بدر منها ولكنه خيب أملها عندما تجاهل العلاقة التي كانت بينهما لذا قالت : لقد فهمت جيداً فكنُ مطمئناً يا استاذ لأنني ساحاول ان اكون عند حسن ظنك بكل تأكيد.

في تلك اللحظة ضحك نزار لسخافة ما قالته وكم شعر بالإهانة فنهض فجأة مما جعلها تنهض هي ايضاً وقال بنبرة خالية من المشاعر : ارجو ذلك حقاً ، والان يمكنكِ الذهاب لكي تباشري عملكِ.

فتنهدت بخفوت وقالت : عن اذنك.

ثم التفتت نحو باب المكتب وتحركت بخطوات ثقيلة وسرعان ما نزلت دموعها بينما كان هو ما يزال واقفاً يراقبها وهي تبتعد عنه ولم يستطيع أن يمنع دمعته المتمردة من السقوط ؛ مرر أصابعه بين خصلات شعره بعنف وكأنه يحاول ان يصب جام غضبه عليه ثم مسح الدمعة وامسك بسماعة الهاتف ، اما هي فمسحت دموعها فور خروجها من المكتب ونظرت إلى لميس التي كانت تتحدث في الهاتف وقد تنهدت هذه الأخيرة ثم اغلقت السماعة ونظرت اليها فابتسمت وسألتها : كيف سار الأمر ؟

نظفت صفاء حلقها واجابت : على احسن حال .

لميس : يُسعدني سماع هذا ، لقد اخبرني الاستاذ نزار انكما اتفقتما في ما يخص العمل وطلب مني ان اجعلكِ توقعين على العقد لذا هل انتِ مستعدة ؟

صفاء : بالطبع.

لميس : حسناً اذاً .

قالت ذلك ثم اخرجت ملف مكون من ورقتين ووضعته امامها قائلة : يمكنكِ قراءة كل البنود بتأني وبعدها ضعي توقيعكِ في الاسفل هنا.

هزت صفاء رأسها بالنفي وقالت : لا داعي لقراءة البنود لان الاستاذ نزار قد شرحها لي كلها لذا سأوقع على العقد فوراً .

فتنهدت لميس واردفت : حسناً .

- ثم وقعت صفاء على عقد العمل دون أن تقرأ اي بند وعندما انتهت نظرت إلى لميس وقالت : ارجو المعذرة ولكن هل تستطيعين ارشادي الى دورة المياه الخاصة بالسيدات قبل أن ابدأ العمل ؟

لميس : بالطبع... اذهبي بهذا الأتجاه ثم توجهي نحو اليمين و ستجدينها في نهاية الرواق.

صفاء : شكراً لكِ .

قالت ذلك وذهبت إلى الحمام بينما وقفت لميس تحدق بها وهي تغادر ثم قالت بتساؤل : لما طلب مني الاستاذ نزار ان اضع بند في عقد العمل الخاص بهذا الفتاة ينص على دفع شرط جزائي ان ارادت الاستقالة ؛ ان هذا الامر ليس شائعاً في الشركة كما ان امر هذه الفتاة غريب حقاً فهي لم تقرأ العقد فما الحكاية يا ترى ؟

اما صفاء فما ان دخلت دورة المياه الخاصة بالسيدات حتى اغلقت الباب على نفسها وانفجرت بالبكاء وسرعان ما وضعت يدها على فمها لتمنع صوت شهقاتها من الخروج وكم شعرت بألم شديد يجتاح قلبها خصوصاً لأن نزار لم يصرخ في وجهها ولم يغضب عندما رآها بسبب ما فعلته به ؛ بل انتقم منها شر انتقام حيث انها لم تكن تتوقع ان يكون لقائهما الاول بعد مرور سنوات طويلة بارداً بهذا الشكل... حتى انه أدعى عدم معرفتها وجعلها تدرك انها لا شيء بالنسبة له وانه نجح واصبح ثري ربما أكثر من طليقها عاصم الذي كان السبب في فراقهما ، فبكت وبكت علها تريح قلبها ولكن دون جدوى فكيف يمكنها الشعور بالراحة وحبيبها الوحيد لا يتذكرها حتى !!

- غسلت وجهها مما جعل زينتها تنتزع بسبب الماء ونظرت إلى اثار الكحل الأسود الذي رسم خطين متوازيين على وجنتيها فتنهدت ثم اخرجت من حقيبتها علبة مكياج صغيرة واخذت تعدل زينتها ، وبعد ان أصبحت مستعدة للخروج اخذت نفساً عميقاً وعادت إلى مكتب السكرتيرة لميس فوجدتها منهمكة في طباعة بعض الاوراق ؛ لذا استغلت فرصة انشغالها و توجهت فوراً الى مكتبها الخاص لئلا ترى لميس الانتفاخ الظاهر تحت عينيها بسبب البكاء .

وما ان دخلت الى المكتب حتى تسمرت في مكانها كالتمثال الحجري بسبب المفاجأة الكبرى حيث وجدت ان المكتب ملتصق بمكتب نزار جنباً إلى جنب ولا يفصل بينهما سوى جدار كبير مصنوع من الزجاج الشفاف وكانت الستائر الرمادية الفاخرة مفتوحة بالكامل ؛ رأته واقفاً امام النافذة الكبيرة المطلة على الشارع واضعاً يديه خلف ظهره بعد ان خلع سترته وعلقها جانباً ورفع اكمام قميصه الاسود ومن الواضح أنه كان شارد الذهن ؛ شعرت بالعبء فوراً لان مكتبها مكشوف بالنسبة له ويستطيع مراقبتها ومراقبة كل تحركاتها بكل سهولة وفي اي وقت وما زاد الطين بلة انها لا تستطيع فعل اي شيء لان الستائر كانت في مكتبه هو اي انه حر التصرف ان كان يريد اغلاقها ام تركها مفتوحة .

وفي الوقت ذاته جاءت تالا الى مكتب نزار ومن طريقة سيرها السريعة وتجهم وجهها يمكن القول انها كانت منزعجة من أمر ما فتجاهلت اعتراض لميس لها ودخلت إلى المكتب كالزوبعة وسرعان ما سألت بصوت غاضب : هل تسخر مني يا نزار ام ماذا ؟

التفت نزار اليها وسرعان ما قالت لميس : اعتذر يا استاذ ولكن لم استطيع منعها من الدخول.

فنظر هو فوراً باتجاه مكتب صفاء حيث كانت واقفة تحدق بهم ولكن سرعان ما أشاحت نظرها فوراً عندما التقت أعينهم و جلست خلف طاولة مكتبها ثم اخرجت حاسوبها المحمول من حقيبتها لتشغل نفسها بينما قال نزار لسكرتيرته بكل هدوء : حسناً يا لميس.. يمكنكِ أن تعودي إلى عملكِ الان.

قال ذلك وتوجه ليجلس على مقعده بينما قالت لميس : حاضر..

- مرت من جانب تالا ثم رمقتها بنظرة غاضبة وبعدها خرجت واغلقت الباب خلفها ، اما تالا فنظرت بأتجاه مكتب صفاء وسرعان ما ضيقت عينيها وسألته بانزعاج : من هذه الفتاة ؟

تجاهل نزار سؤالها وقال وسألها بعصبية : هل تدركين أن ما فعلتيه للتو يعتبر قلة أدب يا انسة تالا ؟؟

ثم اضاف بحدة : انا لستُ صديقكِ الحميم حتى تدخلي إلى مكتبي بهذا الشكل بل رب عملكِ لذا اياكِ وان يتكرر هذا الموقف مرة اخرى هل تفهمين ؟

اما هي فقد انزعجت اكثر لذا توجهت نحو الزجاج الفاصل بين مكتبه ومكتب صفاء ثم رمقت الاخيرة بنظرة ثاقبة وسرعان ما اغلقت الستائر في وجهها وعادت لتنظر إلى نزار الذي لم يعجبه تصرفها عندما اغلقت الستائر وقالت بحدة : عندما تعاملني كعاملة وضيعة في هذه الشركة سوف ادخل إلى مكتبك بطريقة اكثر جنوناً من هذه .

فعقد حاجبيه قائلاً : وضحي كلامكِ يا تالا فانا لا املك الوقت الكافي لسماع مثل هذا الكلام التافه .

ضغطت تالا على قبضتها من شدة الغضب لان نزار يتعمد ان يبعدها عنه بشتى الطرق ولا ينحني امام اغراءها فجلست امامه على الاريكة الفاخرة ووضعت قدم فوق الاخرى ثم سألته بأحتجاج : هل يمكنك أن تخبرني لما لا يوجد مكتب خاص بي ؟؟

رفع نزار حاجبه وقال : كيف لا يوجد مكتباً لكِ ، لقد جعلتهم يضعون واحداً في الطابق الثالث.

تالا : وهل تسمي ذلك مكتبا ً.. لقد كان اتفاقنا ان احظى بغرفة مكتب خاصة بي وليس زاوية ضيقة في غرفة تجمع عشرة موظفين حمقى كما لو انني واحده منهم.

بعد قولها ذاك ضرب نزار الطاولة بيده وقال بانفعال : لقد اخبرتكِ في الامس وبكل وضوح انكِ ستكونين موظفة تحت التدريب لمدة ستة أشهر حتى تكسبي بعض الخبرة التي تفتقدينها وانكِ ملزمة بتنفيذ كل ما اطلبه منكِ كوني رب عملكِ وقد وافقتِ على هذه الشروط ام انكِ نستي هذا ؟

تالا : كلا لم انسى ولكنني لم اتوقع انك ستجعلني اتشارك نفس غرفة المكتب مع باقي الموظفين بل ظننت انني سأحظى بمكتب خاص وغرفة واسعة لاتمكن من التحرك بكل حرية .

فتنهد نزار بضيق وقال : ستبقين في ذلك المكتب لمدة ستة اشهر وانتهى النقاش وان لم تعجبكِ شروطي يمكنكِ العودة للمنزل فانا لن امنعكِ .

كتفت ذراعيها وقالت بكل وقاحة : لا .. بل سأقبل بها ولن اذهب الى اي مكان.

نزار : اذاً هذا جيد.

قال ذلك ثم رفع سماعة الهاتف وسرعان ما ضغط على الرقم تسعة وبعدها سمع رنين الهاتف في مكتب صفاء التي اجابت بصوتها العذب فقال لها بكل برود : تعالي إلى مكتبي.

ثم اعاد السماعة إلى مكانها وامسك احد الملفات الموجودة على طاولة مكتبه واخذ يتصفحه متجاهلاً وجود تالا التي كانت تراقبه وسرعان ما سمع صوت طرق خفيف على باب المكتب فقال بصوت واثق : ادخلي.

دخلت صفاء الى المكتب وسرعان ما رمقتها تالا فوراً بنظرات قاسية واخذت تنظر اليها من رأسها الى اخمص قدميها وكأنها تقيمها بينما قالت هي لنزار : نعم يا استاذ .

اردف بدون ان ينظر اليها : انتظري قليلاً.

قال ذلك ثم انهى تصفح الملف فأغلقه ونظر إليها قائلاً : خذي هذا الملف وراجعي التصميم الموجود فيه وتأكدي من ظهور الخطوط الاساسية بشكل اوضح خلال الطباعة.

اقتربت صفاء لتاخذ الملف من يده ولكن تالا سبقتها عندما سحبته من يد نزار قبلها مما جعل الاخير ينزعج بينما ابتسمت هي بخبث وقالت : هل عينت سكرتيرة جديدة يا نزار ؛ انت لم تخبرني بهذا من قبل يا عزيزي .

- في الحقيقة تالا تعمدت أن تقول كلمة " عزيزي " امام صفاء لكي تجعلها تدرك ان نزار خاص بها ولا يجب ان تقترب منه اي فتاة غيرها وقد فهمت صفاء ذلك التلميح بكل وضوح بسبب نظرات تالا القاسية والتي تدل على التهديد بالاضافة الى ما قالته لها لميس سابقاً بينما عاد نزار وسحب الملف من يد الفتاة الوقحة وقال بهودء على عكس ما يشعر : انها ليست سكرتيره بل مصممة مساعدة .

قال ذلك ثم اعطى صفاء الملف واضاف قائلاً : يمكنكِ الذهاب الآن.

فاخذت الملف وقالت بهدوء : عن اذنكما.

بعدها غادرت المكتب تحت مراقبة تالا ونزار لها وكانت تشعر بالضيق في قلبها ، اما هو فنظر الى تالا ما ان خرجت صفاء وسألها بنبرة حادة : ما هذا الذي فعلتيه للتو يا انسة ؟؟

فنظرت هي اليه بنظرة اتهام وتجاهلت سؤاله قائلة : من هذا الفتاة ومنذ متى وهي تعمل هنا ؟

نهض نزار قائلاً : الا تعتقدين أنكِ تماديتي !

فنهضت تالا ايضاً وقد شعرت بأنه غاضب لذا ارادت ان تلطف الجو قليلاً فأبتسمت وغمغمت : اووه انت لا تتحمل المزاح ابداً ...

فقاطعها بقوله : نحن في اوقات العمل الان لذا اذهبي إلى مكتبكِ من فضلكِ ولا تأتي إلى هنا ان لم استدعيكِ انا اولاً .

قطبت تالا حاجبيها بتكشيرة واضحة وامسكت حقيبتها الراقية ثم تحركت بانزعاج نحو الباب دون أن تقول اي شيء آخر ؛ فوقفت تحدق بمكتب صفاء التي كانت منهمكة في تصفح الملف الذي اعطاها اياه نزار وبعدها غادرت كالزبوعة كما اتت ، اما هو فنهض من مكانه وسرعان ما فتح الستائر الفاصلة بينه وبين صفاء فوقف يحدق بها وهي منهمكة في عملها وكأن حياتها تعتمد على ذلك الامر الذي جعله ينزعج لعدم اهتمامها به مما جعله يعود إلى طاولة مكتبه ويضربها بيده ثم امسك علبة السجائر واشعل واحدة لكي تخفف من توتره وانزعاجة سواء كان سببه تالا ام صفاء.

في مكان اخر من الشركة.....

كان أمجد في مكتبه يراجع بعض التصاميم وبينما كان منهمكاً اتصلت به لميس فأجابها قائلاً : ما الامر يا لميس ؟

لميس : لقد اتصلت بك حتى اذكرك بأن لديك اجتماع مع السيد ايهاب صبحي في تمام الساعة العاشرة بخصوص المشروع الذي تعمل على تصميمه.

أمجد : اوه لقد كدت أنسى الأمر تماماً ...شكراً لكِ يا لميس ، لقد اتعبتكِ معي كثيراً في الفترة الأخيرة ولكن انتِ تعلمين ان سكرتيرتي هبة في اجازة لانها انجبت منذ اسبوع لذا تحمليني قليلاً ريث ما اجد سكرتيرة اخرى.

فضحكت لميس قائلة : على الرحب والسعة وان اردت ان اساعدك في البحث عن سكرتيرة مؤقتة فانا في الخدمة.

أمجد : ستقدمين لي معروفاً كبيراً ان فعلتِ ذلك.

لميس : حسناً اذاً ... سأنشر اعلان على صفحة الشركة الرسمية على الفيس بوك وانا متأكدة اننا سنجد سكرتيرة بسرعة.

أمجد : شكراً لكِ ، سأنهي المكالمة الآن.

قال ذلك ثم انهى المكالمة ونظر إلى ساعة يده قائلاً : اوه هذا ليس جيداً ...انها التاسعة والربع لذا يجب عليّ الذهاب قبل ان اتأخر.

ثم نهض ووضع بعض الملفات في حقيبته الجلدية وخرج من مكتبه فتوجه إلى مكتب نزار وعندما وصل ابتسم في وجه لميس سائلاً : هل نزار في المكتب ؟

ابتسمت لميس له بدورها وقالت : اجل.

أمجد : حسناً ، شكراً لكِ .

قال ذلك ثم سار قليلاً ولكنه توقف امام مكتب صفاء ووقف يحدق بها مستغرباً وجودها فقال محدثاً نفسه : من هذا الفتاة ، هل هي موظفة جديدة ؟

ثم اخذ يراقبها وهي تعمل بهدوء فلم يعرف ما الذي اصابه عندما رآها... ولكن كل ما خطر في ذهنه ان هذا الفتاة الغريبة جميلة جداً وتبدو مهمومة وحزينة فتنهد وهز رأسه ثم طرق باب مكتب نزار ودخل ليجد الاخير جالساً ولا يفعل اي شيء بل كان واضعاً قدميه على طاولة المكتب ويسند رأسه على مقعدة المصنوع من الجلد الطبيعي بينما كان مغمض العينين وممسكاً سيجارة باحدى يديه ، فتنهد بقوة واقترب منه قائلاً : ما الامر ؟

اجابه نزار دون ان يفتح عينيه قائلاً : لا شيء... ماذا عنك ؟

فهز أمجد رأسه بعدم رضا وقال : لقد اتيت لكي اخبرك بأنني ذاهب لمقابلة رجل الاعمال ايهاب صبحي من اجل المشروع الذي اوكله لنا.

فتح نزار عينيه ونظر اليه ثم انزل قدميه وسأل : هل تقصد المنتجع الصحي الذي يريد ان نصمم ديكوره ؟

أمجد : اجل.

فاخذ نزار نفساً من سيجارته وقال : جيد.. سأتركك تتفاهم معه بمعرفتك الخاصة.

أومأ امجد برأسه وسرعان ما قال : لقد رأيت فتاة في المكتب الذي بجانب مكتبك فهل هي موظفة جديدة ؟

فتنهد نزار قائلاً : انها المصممة المساعدة لي..

أمجد : حقاً ، انت لم تخبرني بأنك عينت مساعدة.

نزار : انه اليوم الأول لها في العمل ولم اجد الفرصة لأخبارك بالامر.

أمجد : ما اسمها ؟

نظر نزار اليه بتركيز ولم يقل شيئاً لوهلة قصيرة ولكن سرعان ما اطلق تنهيدة طويلة وقال : صفاء.

قطب أمجد حاجبيه قائلاً : هل يعقل انها...

فقاطعه نزار حين قال بنبرة حاسمة : بالطبع لا ، انه مجرد تشابه اسماء ليس الا.

فتنفس أمجد الصعداء واردف : يا لسخرية القدر ، حسناً ساذهب الان وانت اشغل نفسك بكومة الملفات هذه التي امامك فهذا افضل من ان تشغل بالك بالتفكير في الماضي لمجرد ان مساعدتك الجديدة في العمل تحمل نفس اسم حبيبتك السابقة.

عاد نزار وجلس في نفس الوضعية التي كان يجلس بها قبل دخول أمجد و اغمض عيناه قائلاً : اذهب يا امجد فأنت لا تعرف شيئاً.

فتنهد أمجد بقوة واستطرد : حسناً ، الى اللقاء.

ثم خرج من مكتب نزار وتوقف امام مكتب صفاء فقرر ان يلقي التحية عليها لذا طرق على باب الزجاج لكي تنظر إليه وحين رفعت رأسها ابتسم لها قائلاً : اسف على الازعاج.

هزت صفاء رأسها قائلة : لا داعي للاعتذار يا استاذ ، كيف يمكنني مساعدتك ؟

اقترب منها ومد يده ليصافحها قائلاً : مرحباً ، انا امجد شريف مهندس ديكور وشريك الاستاذ نزار.

صافحته بتردد وقالت : صفاء هاشم , تشرفت بمعرفتك يا استاذ امجد .

قالت ذلك وسحبت يدها فوراً فابتسم هو بعفوية واردف : لقد سمعت من نزار ان هذا اول يوم لكِ في العمل هنا لذا اردت ان اتمنى لكِ حظاً موفقاً .

صفاء : شكراً لك.

أمجد : على الرحب والسعة ، والان عن اذنكِ يا انسة فلدي اجتماع ويجب أن اذهب.

صفاء : اجل بالطيع.

- وحين ذهب امجد تنهدت صفاء و ارادت ان تعود لمتابعة عملها ولكنها شعرت بأن زوج عيون خضراء تراقبها فالتفتت وكان حدسها في محله حيث كان نزار واقفاً يحدق بها من خلف الزجاج الفاصل بينهما مما جعلها تشعر بالتوتر الشديد من نظراته الغامضة ؛ اشاحت بنظرها عنه بسرعة وجلست لكي تتابع عملها ، اما هو فقال محدثاً نفسه : سأجعلكِ تندمين اشد الندم لأنكِ نسيتني بهذه السهولة يا صفاء ... انتظري قليلاً فقط حتى ترين ما الذي سيحدث لكِ .

قال ذلك ثم اغلق الستائر بعنف وعاد ليتابع تصفح بعض الملفات بينما تنفست هي الصعداء عندما اغلق الستائر وتوقفت عن العمل لان الدموع ملأت عيونها الرمادية ، فقالت في سرها : هل نسيتني حقاً يا نزار ام انكِ تفعل هذا لكي تنتقم مني ، انا اسفة....حقاً اسفة ولكن ما فعلته سابقاً كان الحل الوحيد لكي احميك انت وابي من بطش ذلك الظالم ولو انني لم اتزوجه حينها لا اعلم ماذا كان سيفعل لكما لذا ان كنت ترغب في الانتقام مني فلن امنعك ابداً وساقبل بكل شيء .

تسارع في الاحداث.......

مر النهار الاول في عمل صفاء على خير ما يرام ودون ان تتعرض لاي مضايقة من اي شخص وخصوصاً نزار الذي قرر أن يجعلها تعتاد على العمل معه اولاً وبعدها يبدأ في شن هجومه الانتقامي عليها ؛ عادت الى منزلها في تمام الساعة السادسة مساءً وكم كانت حزينة ومهمومة ولكن والداها كانا ينتظرانها وقد حضرا لها مفاجأة صغيرة احتفالاً بحصولها على عمل جديد فابتسمت حين رأت البسمة تعلو وجهيهما وقررت ان تنسى امر نزار في الوقت الحالي لتشاركهما الفرحة ، اما هو فعاد إلى منزله الكبير ايضاً وكم شعر بالحنين للماضي عندما دخل إلى الحديقة ورأى الازهار التي تحبها صفاء مزروعة في حوض كبير وتفوح منها رائحة عطرة وجذابة فتنهد ثم تابع سيره ليدخل الى المنزل ومع كل خطوة كان شوقه لها يكبر اكثر واكثر لانه قام ببناء منزله هذا فقط ليتذكرها دائماً بغض النّظر عما فعلته به فهو ما زال يحبها بجنون حتى بعد مرور سنوات طويلة على فراقهما.

انزعج من هذا الضعف الذي يجتاح قلبه ومن الشوق لها فاخذ يلوم نفسه على بناء المنزل وما كان منه سوى أن يفر هارباً من ذكريات تؤلمه ؛ فتوجه إلى منزل اخته لقضاء الليلة عندها عله يستطيع تجاوز الأمر فابتسمت لمياء عندما رأته وقالت وهي تاخذ منه السترة : لقد اتيت في الوقت المناسب ، هيا ادخل.

فدخل ثم خلع حذائه قائلاً : ما الامر ؟

لمياء : لقد ذهب مصطفى برحلة عمل لمدة يومين واردت ان اتصل بك لكي تأتي وتقضي الليلة هنا معنا انا والطفلين كما انني لم اشبع من رؤيتك واريد ان اتحدث معك.

ابتسم لها وقال : وانا اتيت لكي انام عندكم لهذه الليلة كما انني اشتقت لوضع رأسي على حضنكِ يا اختاه والسماح لكِ في العبث بشعري.

فنظرت لمياء اليه وشعرت فوراً انه ليس على ما يرام لذا سألته بقلق : ما الامر يا نزار ؛ هل حدث شيء في العمل ؟

فتنهد نزار وسرعان ما رمى نفسه على الاريكة في غرفة المعيشة واجاب بنبرة مرهقة : لم يحدث شيء ولكنني قابلتها يا لمياء.

قال ذلك ثم نظر اليها وسرعان ما نزلت دمعته واضاف بمرارة : قابلت صفاء يا اختي.

يتبع........

Continue Reading

You'll Also Like

848K 23K 39
قرآت بـ كتاب علم النفس آن الطاقه السلبيه تأتي في حاله التعرض للحوادث او فراق الاحبه آو المواقف الصعبه او آنها تأتي من المحيط او من آشخاص سيئون ! التق...
567K 12.7K 59
ثلاث فتيات كبروا على فكرة واحدة هي الإنتقام مِن مَن كان السبب بموت والدهم لتفارق والدتهم الحياة بعدها، بل وسرقة أمواله ومنزلهم، ولكن هل سيتحقق الإنتق...
لستُ وحدى By ShERO

Mystery / Thriller

336 63 21
فتاه قررت تحدى الظلم الذى واجهته فى حياتها لكن بالطريقه الخاطئه
283K 7.3K 25
كل حقوق الملكيه خاصة للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره) ملخص "أنت بذاكرة قلبي" تزوجته بناءاً على طلب جدها الذي طلبت منها والدتها قبل أن نموت أن لا تعصي...