ليلة عابرة

By 3Handa99

107K 1.8K 45

روايات عبير . . ..{ الملخص<* مفاجأة العمر · يبحث عنها منذ خمس سنوات . . . امرأة من نسج احلامه . . ملاك ،... More

مقدمة
الفصل ا لأول
الفصل الأول الجزء الثاني
الفصل الأول الجزء الثالث
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الثالث الجزء الثاني
الرابع
الخامس
الخامس 2
السادس
7
8
10

9

5.1K 95 3
By 3Handa99


الفصل التاسع

هبطت هيلين السلالم و دخلت الي المدبخ و هي تقول بسعادة بينما ترحب السيدة العجوز بقدومها بابتسامة :

- صباح الخير يا هانا !

فوجئت هيلين بـ نيكولا نايت جالسا علي المنضدة و هو يتمتم بكلمات غير مفهومة من وراء الجريدة ، انه مشهور بأنه يكون طيب المزاج في الصباح و يهتم كثيرا بقراءة النشرة الجوية ، كما يسرد ما ينوي عمله في الحديقة .

و كانت هانا تجلي امام زوجها و هي تمسك بفنجان الشاي و تشير الي هيلين بطريقة موحية ... هل ينويان الاهتمام بشؤون المنزل اليوم ؟ ان ذلك مغاير لعاداتهما و حقا لم تقابل هيلين زوجان متفقان الي هذا الحد ..فيما عدا هي و جريج ... و بينما كانت تنظر باهتمام كأنها تراه لأول مرة كانت ملامح وجهها تكشف عن ابتسامة رائعة ، الاشياء ، الاشكال ن الالوان ، كل شيء يبدو في عينيها اكثر تناسقا و اكثر لمعانا .

قالت هانا :

- يبدو انك في احسن حال هذا الصباح .. انا سعيدة لأنك قضيت ليلة امس ن فكان يبدو علي وجهك الارهاق كثيرا .

جلست هيلين و اخذت تعد الفطور الخاص بها و ما كان يزعجها ان تشعر – لشدة سعادتها – انها تبدو شفافة .

الحق انها لم تكن سعيدة بمعني الكلمة و لكنها مملؤة بشعور غريب و احساس رائع بالهدوء .. لقد انتهت مخاوفها و شكوكها ! و الآن يمكنها ان تسعد بزواجها و هي تنعم بالهدوء في روحها والانشراح في قلبها .

تناولت هيلين عصير البرتقال و بدأت تتناول فطورها و هي تستمع الي حديث هانا الهاديء انها تشعر بالحيوية و السعادة كم انها تتحرق شوقا لحضور جريج لرؤية وجهه في ضوء الصباح و لاكتشاف سعادته الشخصية .

هل يشعر هو ايضا بالسعادة بعد هذه الليلة التي قضياها معا ؟ فلم يعد هنام وجود لذكريات الماضية .

لقد ذهبت الي حجرتها بعد الامسية التي بدت لا نهاية لها و بعد ان دخلت الي الفراش امسكت بأحد الكتب حتي لا تفقد صبرها تماما و لكنها لم تستطيع التركيز في القراءة .

و هكذا قررت الاسترخاء في الظلام بحثا عن الراحة و الهدوء و لكن هيهات ان الساعة حوالي الرابعة .. هل يحتاج الي كل هذا الوقت ليحضر الي المنزل ؟ هل لـ جريج اهتمامات اخري تشغله امثر من رغبته بها ؟ كلا ... انه يحبها ، و سيحضر ..

ربما لا يريد جذب انتباه والده فقط اذا اصر علي العودة مبكرا و لكن كيف يمكنها النوم و هي تشعر بكل هذا القلق و العصبية ؟

و فجأة انتبهت عندما وجدت من يقبلها بحرارة شديدة .

- جريج ..

رفعت يديها نحو جريج و كان عندئذ بجانبها في الفراش .

و فجاة اخذ يتحسسها بقوة و تملك ففوجئت هيلين بتعجله الي هذه الحد ، و الحق انها لم تكن تتخيل ذلك و ظنت انهما سيقضيان بعض الوقت اولا في الحديث و التقرب من بعضهما ..

- جريج ... انتظر ...

و هاهي ذي تستعيد هذا المشهد من جديد عندما التصق بها جريج و ضغط عليها بثقله و بقوة غريبة حتي كاد قلبها يتوقف عن الحركة فهي لم تعهده ابدا عاشقا رقيقا كما كانت تتمني دائما و اخذ يقبلها من جميع انحاء جسدها حتي شعرت هيلين كأنها وقعت في الفخ لدرجة انها ندمت علي قرارها هذا ، كان يمكنها الانتظار حتي يتم الزواج لكي يتلاشي كل مخاوفها و لكنها اثبتت له حبها بهذا القرار و جريج يستحق ذلك .. قالت الفتاة بيأس :

- جريج ... انتظر ...

انه يتجاهل المها و لكنها هي التي دعته الي فراشها ولو حاولت ابعاده عنها و الآن ، بالتأكيد فسيحقد عليها .. و لكن لابد من تهدئته بأي طريقة حتي يهيئ نفسه للاستماع اليها ، و لكن كيف السبيل الي ذلك ؟ لقد فاجأها اثناء نومها فلم تقو علي المو اجهة ... لقد ظنته هيرمان خلال لحظات قليلة ...

من يعرف ، ربما لو نظرت الي ملامح وجهه الهادئة الأن فستفقد سيطرتها علي نفسها ؟

مدت هيلين يدها لتضيء النور و لكنها كادت ترمي بالمصباح عندما صرخ قائلا :

- كلا !

ثم امسك بذراعيها و انحني فوقها ليسيطر علي حركاتها فشعرت هيلين بشيء غريب و احساس جديد جعلها ترتبك فهمست قائلة :

- و لكنني ... اريد رؤيتك .

- كلا ... لست في حاجة الي رؤيتي ... و اكتفي بما افعله معك و بما تفعلينه معي ..

سرت قشعريرة في جسدها لدرجة انها عجزت عن الحركة فهمي لم تشعر ابدا بمثل هذا الاحساس .

اخذ يقبلها و يشدد قبضته عليها حتي فقدت سيطرتها علي نفسها تماما و كادت تصرخ طالبة منه التوقف ، كلا الاستمرار دائما ..

ثم همس في اذنها بصوت غريب :

- انا حبيبك ... حبيبك الوحيد الذي يرغبك ..

- نعم – آه .. نعم ..

كرري ذلك ... حبيبك الوحيد .

- حبيبي الوحيد

- قولي انك لن تحبي احدا غيري ..

- ابدا ... لن احب احدا غيرك ... انت فقط ..

- و إنك لن تبتعدي ابدا عني .

- ابدا ... اتوسل اليك ..

انها تتمني الان ان يقترب منها اكثر و اكثر و اخيرا التصق بها و غابا معا في عالم رائع ...

- هيلين ؟

ارتجفت الفتاة و اكتسي الان وجهها بحمرة الخجل كانت هانا تتجدث اليها و تنتظر اجابة عن سؤالها :

- انا اسألك هل تريدين مزيدا من البيض ؟؟

نظرت هيلين الي الطبق الموجود امامها و دهشت عندما لاحظت انها تناولت كل طعامها من دون ان تعي ذلك .

- سأكون سعيدة جدا لو اعددت لك مزيدا من الطعام و لكنني اعتقد انك ترفضين تناول كمية كبيرة من الطعام قبل البدء في العمل ..

رفع نيكولا الجريدة عن وجهه و هو جالس علي الطرف الآخر من المنضدة و قال :

- هانا ، بحق السماء ن كفي عن مضايقة الفتاة !

ظلت هيلين دهشة فلم تر ابدا نيكولا يتحدث الي زوجته بهذه الطريقة و لم تكن قد لاحظت عينيه المحتقنتين وججه الشاحب قبل ان يبعد الجريدة من امامه .

هزت هانا رأسها موافقة و قالت :

- دائما ثمل ..

ثم قالت :

- هلي تريد مزيدا من القهوة يا عزيزي ؟

وضع نيكولا الجريدة و نظر بحقد الي زوجته .

- هل ترين ذلك شيئا غريبا ؟

- اسمع انت تستحق ذلك ! و ستدفع غايلا ثمن غلطاتك !

ثم وجهت حديثها الي هيلين التي بدت مهتمة بعض الشيء :

- انه مصر علي الشرب دائما و لهذا السبب يشجعني اهلي علي الخروج معه دائما ..

- لتعلمي انني قادر علي ...

انفجرت هيلين في الضحك .

- يجب ان تعترف انك كنت عاجزا حتي علي صعود السلالم !

نظرت هانا الي هيلين بطرف عينيها .

- لقد ارتمي علي اريكة حجرة الاستقبال الضيوف ! و لكن ذلك لم يمنع من سماع صوت زمجرته ..

- يبدو انك مرهق جدا هذا الصباح يا ابي !

ارتجفت هيلين عند سماع هذا الصوت وراءها .

- ما رأيك في كوب أخر اذن ؟

نظر نيكولا الي الكوب المملوء الذي يمده نحوه ابنه ثم وضع يده علي فمه و اسرع يختفي وراء الباب .

- هيرمان ألا تخجل من نفسك ؟

ثم انفجرت هانا في الضحك قائلة :

- انت تعرف ان والدك لا يحتمل ذلك ..

- الي هذه الدرجة ن ليس هناك خطر ! و الآن سأتناول هذا الكوب بنفسي !

و بينما ذهبت هانا لأعداد القهوة جلس هيرمان في مكان والده و كانت هيلين تركز نظرها علي الفنجان القهوة الموجود امامها و هي تعي تماما ان نظرات هيرمان مثبتة عليها .

- صباح الهير يا هيلين .

رفعت عينيها نحوه و هي تقول بثبات :

- صباح الخير يا هيرمان .

كان يجلس واضعا ذرايعه علي المنضدة و يسند ذقنه بيديه و كان وجهه جادا و منتبها .

ثم همس قائلا :

- هل نمت جيدا ؟

اكتسي وجه القتاة بحمرة الخجل ن هل عرف شيئا ؟ هل سمع جريج و هو يسير قادما اليها ؟ هل سمع صرخاتها ؟

- نعم ، اشكرك .

و لكنها لم تفعل اي خطأ .. لقد عبرت فقط عن حبها للرجل الوحيد الذي ملأ عليها حياتها و هذه الحقيقة ، فقد قضت الليل بين ذراعي حبيبها تنعم بدفء جسده و لكنها لم تجده عندما استيقضت و عندئذ شعرت بالوحدة اكثر من اي وقت مضي حتي ايام مرضها .. و كم كانت تتمني ان تستيقظ بين ذراعيه .. اين كان ؟؟ و لماذا لم يأت اليها ؟

قال هيرمان :

- انا ايضا .

انه يحاول مضايقتها من جديد انه لم يعد ينظر اليها بنفس نظرة الضيق و الغضب ن و لكنه يبتسم برقة و هي تشعر بأن هذه الابتسامة تتحسس جسدها انه لا يزال يشعرها بالأضطراب حتي بعد هذه الليلة التي قضتها مع جريج ..

استدارت الفتاة نحو وجه هانا المطمئن .

- اين جريج ؟ هل ذهب مبكرا الي عمله ؟

- اشك في انه ذهب الي اي مكان !

كان صوت هانا مملوءا بالسخرية و هي تصب القهوة في فنجان هيرمان .

ثم استطردت قائلة :

- انه في حالة اسوأ من حالة ابيه ... الم تسمعيهما عند عودتهما في هذه الليلة يا هيلين ؟ كانا يغنيان و يرقصان !

و يبدو ان جريج وقع مغشيا عليه علي ارض حجرة الاستقبال الضيوف ن ولا يزال هناك .. انه فقد القدرة علي الوصول الي اريكة حجرة المكتب .. اما انت يا هيرمان فكف عن التصرف بهذه الطريقة الملائكية ! خاصة عندما طلبت منهما ان ترافقهما لتقود السيارة حتي يستمتع جريج بليلته كما قلت ! لقد اخبرني نيكولا بكل شيء و قال لي : انك لم تكف عن شراء المشروبات الكحولية لهما بينما جلست انت بهدوء .

تحولت الرجفة التي سرت في جسد هيلين عند بداية حديث هانا الي خوف شديد ... إذن فقد جريج وعيه ..

تجمد الدم في عروقها وز دهشت كثيرا ... لو كان هيرمان هو الذي ...

لم تنتبه الي انها نهضت من مكانها الأ عندما امسكت بطرف المنضدة حتي لا تقع علي الارض ... شعرت كأن ساقيها من المطاط و أن رأسها مملوء بالأفكار المختلطة ..

نظرت الي هيرمان فوجدت علي وجهه تعبير الانتصار هادئا اذن لقد اتضح كل شيء .

- أنت ! ! ! ! !

انفجرت الكلمات من شفتيها الشاحبتين و لكن صوتها كان مسموعا بالكاد و رددت في هلع :

- هذه الليلة ... كنت انت !!

استراح هيرمان في الكرسي و عندئذ فتحت أزرار قميصه فظهرت في صدره علامة حمراء ... العلامة التي احدثتها له .

ظلت الفتاة جامدة في مكانها ن جاحظة العينين عندما رفع هيرمان اصابعه نحو هذه العلامة اسفل رقبته ، و لم يبدو علي وجهه اي احساس بالضيق او بالندم .

همست قائلة :

- اي نوع من الرجال أنت ؟ كيف تفعل شيئا كهذا ؟

اجابها بهدوء :

- حسن .. بسهولة لم اكن اتوقعها !

تدفق الدم فجاة الي وجهها الشاحب وصرخت :

- انت شخص كريه يا هيرمان نايت ... أسوأ شخص قابلته طوال حياتي ! أتمني ان تدفع ثمن ذلك غاليا !

ثم انفجرت في البكاء و خرجت مسرعة من المطبخ تاركة هيرمان الذي قفز من مكانه و هانا في رعب شديد .

فرت هيلين نحو اول غرفة وجدتها في طريقها لتخفي عارها و ألمها و عندئذ كادت تتعثر في جسد ملقي علي الارض ، و من خلال دموعها رأت جريج يتحرك ببطء و يحاول النهوض بألم و اخيرا فتح عينيه قائلا :

- هيلين ... هذا أنت ؟ ماذا حدث ؟ ما كل هذه الضوضاء ؟

حاولت السيطرة علي نفسها ، فقد كانت تتمني ان تركله بقدميها عقابا له علي ما تسبب في حدوثه لها :

و لكنها تماسكت و جرت نحو النافذة و فتحتها لستنشق الهواء الطيب محاولة تهدئة ثأرتها .

هيرمان ، كان هو ... لهذا السبب لم يحاول اضاءة المصباح ، لهذا السبب كان يتصرف معها بسرعة شديدة و الا كانت فهمت كل شيء ... حتي في الظلام لم يكن هو جريج بشعره الطويل و عضلاته القوية و صوته الغريب ... و لكنها لم تلاحظ اي شيء ..

و مع ذلك راودتها ذكري ما و قكرت انها لا تحب هذا الرجل بما فيه الكفاية ... و لكنها غابت معه في هذا العالم .. و تحولت مقاومتها الي رغبة عارمة ؟

- هيلين ؟

تعرفت هيلين علي صوت هيرمان فصرخت قائلة :

- لا تلمسني ... انت وحش !

- و لكنني سعيد لأن هذه الفكرة لم تكن لديك ... منذ ساعات قليلة ..

ابتسم هيرمان ، و فجأة اختفي ضعفها ورقتها و صرخت بصوصت عال :

- هل هذا شيء غريب ؟ هل تجد الاغتصاب موضوعا يستحق المزاح ؟

- لم يكن اغتصابا .

- اعتقدتك جريج .

- في الدقائق الخمس الاولي ن ربما ... كنت تطلبين من جريج الانتظار و لكن انا .. كنت تطلبين مني بل و تتوسلين الي لكي اواصل .

- لم ... لم أكن اعرف انه انت ... كانت الحجرة مظلمة ...

كانت كلماتها كاذبة حتي في اذنيها .

- كنت تعرفين انه انا يا ملاكي ... و هذا ما يسمي برد الفعل المنعكس .. كنت تعرفين .. و لكنك لم تسمحي لنفسك بتأكيد ذلك خوفا من اضطرارك للأبتعاد عني ، كان ادعاؤك الجهل دافعا لسعادتك ... ربما كانت النية سيئة ... فكيف تسمحين لنفسك بالزواج من رجل تضطرينه لمشاركتك الفراش رغما عنه ؟

- انا لا اعرف عن اي شيء تتحدث .

- يا لك من كاذبة يا عزيزتي ! لقد كنت في الحديقة مساء امس و رأيتك و انت تحاولين اقناع جريج المسكين بالموافقة ، و شعرت ان الرغبة لم تكن هي التي تحركك و لكن اليأس ..

و جريج ايضا يعاني نفس الشيء فقد كان سعيدا بمحاولتي دفعه الي الشراب و كان يوافقني مثلك انت .

- اذن ، انت ...

- موقف يائس و تصرفات يائسة ، لم اكن لأستطيع ان اتركك هكذا يا هيلين ! علي الاقل ليس قبل ان اعرف الدافع المفاجئ الذي جعلك تطلبين الحب من شخص لا تبالين به ن و لم اذهب هذه الليلة اليك في حجرتك إل لأؤكد لك و أوضح لك الامور و الغموض و لكن بمجرد ان اقتربت منك و شعرت بتعلقك بي ، فقدت عقلي تماما ...

صاحت هيلين :

- انت تكذب ! لقد حضرت الي و انت عار و ..

- الحقيقة كنت ارتدي مئزر النوم و لكن بمجرد ان لمست كتفيك نظرت نحوي ووضعت خدك علي يدي و همست بأسمي ...

- كاذب !

- ثم قذفت بالغطاء بعيدا عنك ، و عندما لمست فميص النوم الشفاف الذي ترتدينه ، ضعفت تماما

صاخت هيلين :

- و نوياك حسنة ؟ انت شخص قذر ! و عديم الذمة ن لقد استغللت موقفي ..

- حقا ؟ لم اشعر ابدا انك تقدمين تضحية ..

و عندما اغمضت هيلين عينيها ، اشفق هيرمان عليها و تحدث اليها بعذوبة :

- لقد فقدت عقلي تماما يا هيلين ... لقد كنت رقيقة و دافئة و ذكرت اسمي اثناء نعاسك ... انا لم اقترب من اي امرأة منذ خمس سنوات و اخيرا وجدت الاحلام التي طالما ارقتني ليالي طويلة تتحول الي حقيقة وواقع امامي ، انت و انا ، معا من جديد ... عنئذ عاودتني الذكريات فلم اقاوم رغبتي ... اتفهمين ذلك ؟

كان ضوء الصباح يملأ الحجرة حولهما و فجأة ارتسمت علامات الارتباك الشديد علي وجه هيلين رغما عنها ن فقال هيرمان :

- يا الهي ! لقد عادت اليك الذاكرة ! و هذا هو السبب في ضيقك المفاجيء ! لقد تذكرت كل شيء اليس كذلك ؟

و انت الآن لا تتمنين الانتماء الي جريج و لا تريدين التخلص مني . كان وجه هيلين المكسو بحمرة الخجل يؤكد حقيقة كلماته .

- الا تعرفين انك بذلك تستطعين ان تقضي حياتك هئمة علي وجهك من عشيق الي عشيق بحثا عن السعادة التي وجدناها معا ؟ و لكنك لن تجديها ابدا .

- ان اقتناعك بنفسك يدهشني دائما ...

- كفي عن ذلك يا ملاكي ... لقد قلت بحثا عن السعادة التي وجدناها معا ... و انت تعرفين انك شاركتني هذه السعادة . و لكن كيف و متي عادت اليك الذكريات ؟

انه لا ينتظر اجابتها : فهو يعرفها مقدما .

- في منزلك عقب الاحتفال الصغير ؟ بعد ان قبلتك ؟ نعم هو ذلك .

بدا الانتصار و السعادة علي وجهه و انفجر ضاحكا .

- لن تستطيعي الهروب من قدرك هذه المرة يا هيلين ... و لا يمكنك ان تدعي ان الماضي لا يعنيك في شيء بعد هذه الليلة .

ارحلي معي يا هيلين .. او افضل من ذلك ن لنتزوج يوم السبت ... ان كل شيء معد ... و كل ما ينقصنا عمله هو تغير العريس في الدقيقة الاخيرة ...

كيف يمكنه المزاح ؟ و لكن لو لم يكن يمزح ، فأن الامر بغاية البشاعة .

قالت هيلين بجفاء :

- ان رأيك فيّ سيء جدا يا هيرمان لو تخيلت انني اوافق علي التخلي عن جريج لكي اهرب مع شخص اخر .

علي الرغم من الحرارة التي تشعر بها احست الفتاة بالقشعريرة اسفل ثوبها الخفيف الذي ترتديه .

ثم تابعت :

- و معك بالذات ... كيف اقترحت ذلك ؟ تلا اذا كان هذا هو المخرج الذي تبحث عنه منذ البداية !

- انت ايضا سيئة الظن بي ! لو كنت اريد منع هذا الزواج فذلك من اجلك و لأنني احبك انت و ليس الأمر بسبب جريج ن انا احبك يا هيلين و اعتقد انك تحبينني ... هل تنوين افساد حياتك كلها بسبب شعور واه بالذنب مثلما فعل جريج ؟ و تتسببين في الآم اخري لا داعي لها ؟

اخذت هيلين تفكر لحظة عن اي شيء يتحدث و لكنها تراجعت عن ذلك و شعرت فجاة بالأرهاق شديد يستولي عليها لدرجة انها شعرت ان رأسها يكاد ينفجر ن انها لا تستطيع الزواج من هذا الـ جريج و لكنها لا تستطيع التخلي عنه بهذه الطريقة و بعد كل ما فعلاه معا .

ربما لو كانت قد وقعت في حب شخص اخر لكان يمكنه ان يفهمها و لكن ليس هيرمان ..ز سيعتقد ان شقيقه حاول استمالتها ... و هنا ستكون القطيعة الحقيقة بينهما و سينظر لها الجميع نظرة احتقار و سيبتعدون عن هيرمان اشمئزازا منه ، اما السيدة و السيد نايت فألمها سيكون رهيبا و عندما تخيلت كل ذلك اغرورقت عيناها بالدموع .

- لا تبكي يا هيلين ن سنحاول تسوية كل شيء .

كان ذلك صوت هانا التي ابعدت هيرمان عن طريقها و طلبت منه المغادرة الحجرة و عنئذ حاول هيرمان الاعتراض علي محاولة والدته ابعاده عن هيلين التي استسلمت لدموعها و هو يقول :

- ولكن ... اننا في حاجة الي الحديث معا .

- ربما تكون في الحاجة الي الحديث الآن ن و لكن فكر في هيلين ايضا انها علي وشك الانهيار ز

- انا ....

و لكن هيرمان لم يجد حججا مقبولة فتحسس بيديه خصلات شعره الاشعت بطريقة عصبية و عندما لاحظت هانا انه يرتجف بدت حانية عليه ..

- انت لا تفهمين شيئا يا امي ...

- آه انا افهم اكثر مما تتخيل ن انا لست عمياء و انت تعرف ذلم ... لقد تلقت هيلين المسكينة ضربة قوية علي رأسها !

و احاطت كتفي الفتاة بذراعها .

- امي ....

- انا لا اريد ان اعرف كيف استطعت ان تجعلها تصل الي هذه الحالة و لكنني افضل الاحتفاظ ببعض افكاري عنك يا هيرمان .

- انا لم اقصد ايلامها .

صاحت هانا غاضبة و هي ترتعش :

- حسن ، يمكنك الآن ان تتفاخر بنجاحك !

و عندئذ نظرت اليه هيلين فوجدت وجهه يكتسي بالحمرة كأنه طفل صغير و عندئذ اكتفي هيرمان بذلك و ابتعد فاستطردت هيلين و هي تصرخ :

- لو كانت هناك جائزة عن البشاعة لحصلت عليها منذ زمن بعيد !

قالت هانا :

- انه يريد إغاظتك فقط ن والان تعالي معي الي المخبأ يا هيلين ... اريد ان اريك شيئا .

تبعتها هيلين نحو المبني الصغير الموجود وراء الجراج و هي تتساءل هل يمكن لهذه المراة الدافئة و الحانية ان تغفر لها الارتباك و القلق الذين يستتبعان الغاء الزواج و لكن لو رفضت الارتباط بجريج فستكون علي وشك قطع اي علاقة ثمينة بالنسبة لها .

كان هناك مصباح وحيد يتدلي من سقف المخبأ فيضيئه و كانت ارض المخبأ و جدرانه حافله بأشياء كثيرة .

قالت هانا :

- كل هذه الاشياء ملك لـ هيرمان لقد احضرها له نيكولا منذ ان كان في الرابعة من عمره و حقا انا دهشة جدا لكون هذا الفتي المشاغب لم يحاول كسر لعبة او افسادها فتبدو كأنها لم يمسها احد لقد احتفظ بها علي امل ان يسعد احفادنا بالعثور عليها في يوم ما .

- و لكن ايت اشياء جريج ؟

تجاهلت هانا سؤال هيلين و قال :

- ها نحن اولاء هنا الآن !

و اخرجت صندوق كبيرا يحتوي علي عدد كبير من الصور وز الالبومات القديمة ثم وضعت كرسيين مكسوين بالتراب بجانب بعضهما و عندئذ جلست هانا و هي تمسك بين يديها الصغيرتين الالبوم الي تناولته من الصندوق .

- انت تعرفين انني اعتبرك كأبنتي يا هيلين و لا داعي لشعورك بالذنب هكذا فأنا لست عمياء و اعرف ان هناك شيءا ما يسبب الانزعاج ... فانت لست كما عهدتك منذ فنرة .

- هانا ...

قالت هانا مبتسمة :

- لا تقاطعيني مادمت بدات الكلامي ... كما انني الحظ ان اضطرابك منذ عودة هيرمان .

تنهدت هانا طويلا ن ثم تابعت :

- انني احب ابنيّ و لكنهما يتفننان دائما في تحطيم كل منهما سعادة الآخر و قد اكتفيت حقا بكل هذه القصص ! فلو كنت تحبين جريج فلتتزوجيه و لو كنت تشكين في حيك فلا تتزوجيه .... ان الامر سهل يا هيلين و لكنني اعتقد ان ذلك لا يمثل المشكلة الرئيسية لك اليس كذلك ؟

لم تسطع هيلين الانكار امام نظرة الام الحانية لـ هانا فقالت بصوت مرتعش :

- ما الذي حدث بالضبط في قصة اليس ؟

هزت هانا رأسها قائلة :

- هذا ما تخيلته .

ثم استراحت في الكرسي و هي تضبط ثوبها المصنوع من القطن ذا تصميم المكون من الازهار ن و استطردت قائلة :

- ربما أكون سيدة عجوزا تدس انفها فيما لا يعنيها و لكن لا ضرر في ذلك عندما فشل زواج هيرمان اعتقد اننا لم نقف بجانبه و اننا اهتممنا بـ جريج و اليس اكثر منه و كم كنت اتمني انذاك ان تنتهي الامور علي خير وألا يتألم هيرمان و لكنني شعرت انه بتدخلي قد اصل الي حد كره ابني لي و بعد ذلك فهمت خطئي و لا أنوي تكرار ذلك ثانية لقد كنت احب اليس كثيرا و احتفظت بعلاقتي معها بعد رحيلها .

صمتت هانا لتترك فرصة لـ هيلين لاستيعاب الموقف ثم قالت بعد قليل :

- و لدي بعض صورها .

امسكت هيلين الالبوم الذي اعطته لها هانا و عندما رأت صورة الزفاف شعرت بانقباض في قلبها ..

كان هيرمان صغيرا في السن .. اما اليس فكانت تبدو سعيدة جدا كانت طويلة القامة نحيفة و رائعة الجمال و عنئذ شعرت هيلين انها تكرهها ثم اخذت تتصفح الالبوم و تراقب الصور المختلفة التي تحكي قصة زواجهما و بعد عدة صور لاحظت ان الصور تجمع بين جريج و اليس اكثر من الصور التي تجمع من هيرمان و اليس ...

و كان هيرمان يبدو عصبيا في بعض الصور كما لو كان يتمني عدم الظهور فيها .

قالت هانا :

- اعتقد ان اليس كانت تعرف منذ البداية انها ترتكب خطأ و لكنها قررت المواصلة ثم وقعت في حب جريج و اعتقد انها لو كانت تقابلت معه منذ البداية لاختارته دون منافسة او مشكلة لقد عاشت اليس طفولة رهيبة و ذلك لانفصال والديها عن بعضهما اكثر من مرة عندما كانت صغيرة في السن ، و لكنها اخفت ضعفها وراء مظهر التفاخر و اعتقد انها كانت تجهل الي اي حد تتمني بداخلها مجرد زواج تقليدي لقد خلقت هي و جريج ليعشا معا وهو ايضا يفضل الزواج التقليدي ... و هذه الفكرة جزء من المشكلة ..

ارتجفت هيلين ما السبب في حديثها عن الحاضر ؟ الم يكن من الافضل ان تقول كان يفضل ؟ ثم لا حظت انها تركز عينهيا علي صورة ما ... صورة اليس و هي اكبر في السن و تحتضن بين ذراعيها طفلا صغيرا ضعيفا في العاشرة من عمره كانت الصورة بعيدة لا تجعلها قادرة علي تحديد لون عينيه و لكن هناك شيء ما في شكل الطفل و هيئته جعلها تسأل :

- من هذا ؟

اجابت هانا بهدوء :

- انه جوشوا . ابن اليس

كررت هيلين بدهشة :

- ابنها .

و لكنه لا يشبه اليس ..ز انه حقا من عائلة نايت من اعلي رأسه حتي اخمص قدميه ثم همست هيلين بصوت حزين :

- انه لم يحدثني عنه ابدا ... و لم يخبرني ابدا بأنه أب لطفل ... آه يا الهي ..

- من هو الذي لم يخبرك ؟

- حسن اقد هيرمان !

نطقت هيلين اسمه بصوت مخنوق و كأنها تشعر بالخيانة .

- لم يكن هو المسؤول عن اخبارك بوجود هذا الطفل ، فهو ليس ابنه .

وقع الالبوم من بين يدي هيلين علي الارض مسببا سحابة من التراب بينما تدفق الدم الي وجهها و تجمدت يداها .

- ماذا تقصدين ؟ ان جوشوا طفل جريج ؟

هزت هانا راسها و انحنت لتمسك بالالبوم تاركة هيلين الفرصة لتتماسك قليلا .

- لقد كانت اليس لدي اسرتها في استراليا عندما علمت بأنها حامل و ان الجنين ليس طفل هيرمان لذلك فضلت اخفاء السر و لكننا عرفنا بعد ولادة الطفل اصيبت اليس بانهيار عصبي و ارسلت لنا اسرتها تطلب من جريج الاهتمام بالطفل حتي تتماثل امه للشفاء .

- آه ، هانا !

اغرورقت عيني هيلين بالدموع .

- الحقيقة ان جريج شعر فورا بمسؤوليته عن حالة اليس فأخرجه هذا النبأ من حالة اللامبالاة المقلقة و عندئذ سافر لرؤية جوشوا و ما ان تماثلت اليس لشفاء حتي طلب منها الزواج و لكن الانفصال لم يكن قد اعلن رسميا انذاك و مع مرور الوقت ازداد حجم الشعور بالذنب لديهما و كان هيرمان يزج نفسه في خضم الاخطار المستحيلة ... فشعرا بأن لا حق لهما في السعادة معا و هكذا قرر جريج زيارة ابنه فقط و كان يذهب بصفة دورية الي استراليا لرؤية جوشوا كما يشارك في تربيته بوضعه في مدرسة داخلية و اليس لا تزال ترسل لي تؤكد حبها لـ جريج و لكنه لا يستطيع الاقتراب منها الا و يتخيل خطاه ... و شيئا فشيئا قلت زيارته لهما ثم قرر قطع علاقته نهائيا مع الماضي ... انه يحب جوشوا و لكنه يعتقد ان الطفل في حاجة لوجود اب بجانبه طوال الوقت و ربما قرر الابتعاد عنهما نهائيا حتي يمنح الفرصة لـ اليس للأقتران بغيره و ان كنت اشك في ذلك .. و في رأيي انه لو لم ير جوشوا والده لكان من الؤكد سيشعر بحزن عميق و هأنذي حكيت لك كل القصة حتي يكون قرارك علي اسا و يمكنك اذن عمله ما ترينه في مصلحتك و ليس في مصلحة جريج ... او هيرمان .

- و لكنني لا اعرف شيئا .

قالت هانا بجدية :

- لو كان هيرمان ...

- لا اعرف ... يقول .. انه يحبني ، و لكن ... ربما يكون ذلك بسبب هذه الظروف و ربما يكون حقيقة .

لم تحاول هانا ان تسألها عن طبيعة هذه الظروف الغامضة .

- في هذه الحالة الامر يتوقف عليم انت اليس كذلك ؟ يتوقف علي احساسك ... علي حقيقة ثقتك به ام لا .. انه رجل يا هيلين ... و اعتقد انه ناضج بالدرجة التي تسمح له بتقرير مصيره و لكن لو كانت الشكوك تراودك فلماذا لا ترحلين لمدة قليلة و تنتظرين وضح الامور ؟ لماذا لا تذهبين لزيارة شقيقتك ؟ و يكفيك مجرد الاتصال به ... اعتقد انك في حاجة الي زيارة هونج كونج .

هونج كونج ... بالسخرية القدر .

اعترضت هيلين قائلة :

- و لكنني ... ى استطيع الرحيل هكذا ... اريد ان اقول ... الزواج ، الثوب .. الهدايا .. الاستعدادات ... العائلة ..

و فجاة شعرت انها تفقد القدرة علي المواصلة فقالت اها هانا بهدوء :

- دعي لي كل هذا ن و سنتحدث خلال خمسة ايام .

رفعت هيلين يديها نحو صدرها في رعب قائلة :

- و لكن جريح ... سيعرف ان الامر يتعلق بـ هيرمان .

قالت هانا :

- ليكن ... ربما ذلك افضل كما يقول هيرمان ن ربما سيشعر جريج بانه تحرر انذاك من دينه و يصبح قادرا علي اتخاذ قرار حازم بشأن اليس و هذا ما تحتاج اليه اليس حقا : دليل حب جريج لها و محاربته للحفاظ علي حبها ..ز و رمبا يكون ذلك ما تحتاجين اليه انت ايضا من هيرمان .

- تعتقدين ان الامر سهل جدا !

ابتسمت هانا :

- ولم لا ؟ و ربما تكون الساعات الطوال التي قضيتها في صنع ثوب الاحلام لم تذهب ادراج الرياح ..

Continue Reading

You'll Also Like

10.3K 461 40
" كفى ارجوك اهدء " " ماتت بسببي انا السبب اللعنه علي" صرخ والدموع تملئ عينااه . . . " ارجوك لا ارجوووك لاتفعل ذالك ارجوك" تصررخ وتبكي وتترجاه ولاكن...
95.5K 3.2K 21
يامور فتاة تشكلت من مجموعة احزان فأنغلقت على نفسها ورسمت حدودها وانعزلت ولكن عندما يأتي من يكسر قوقعتها ويخرجها للحياة ماذا سيحدث ؟؟ . ملاحظة "...
7.8K 301 28
وماذا ان وقعت عازفة الكمان في اسر شيطانها .. هو ذلك المغرور المتكبر المتعجرف زير النساء... هي تلك البريئه الشقيه العنيده ... اظهرت العديد من التجا...
11.8M 930K 70
صرت اهرول واباوع وراي شفت السيارة بدأت تستدير ناحيتي بمجرد ما يجي الضوء عليه انكشف أمامهم نجريت من ايدي وگعت على شخص ردت اصرخ سد حلگي حيل بعدها أجان...