" YOU ARE HERE, BUT .. "
" أنت هنا ، ولكن .. "
.
.
" ساعه ونصف ، الن تتوقف عن مراقبة الباب ؟ " قال نايل من خلفي ونظرت اليه بغضب قبل ان اعيد بصري الى البلورة الزجاجه في الباب لانظر الى الباب المقابل لنا ، قال نايل بعدم تصديق " جديا هاري ؟ "
" نايل اصمت " قلت بغضب وانا انظر اليه ليقول بغضب اكثر " اقسم ان لم تتوقف عن ذلك سأذهب اليه واجره الى هنا "
" لن تفعل "
" جربني " قال بتحدي ونظرت اليه قبل ان ازفر الهواء بضيق واجر خطواتي الى داخل الشقه ، يخبرني ان لوي يبعد عني ثلاث خطوات ويطلب مني ان اتصرف بشكل طبيعي ، انها معضلة
" كيف كان يبدو ؟ " سألته ليرفع كتفاه قائلا " بطولي تقريبا ويمتلك نفس الملامح عدا أنها اصبحت اجمل "
" هذا ليس الوصف الذي اريده " تذمرت وضحك نايل قائلا " هل انت نفسه الذي كان يخبرني بأنه سيتوقف عن البحث ويتابع حياته "
تجاهلت ما قاله نايل رغم ان كلامه صحيح ورحت افكر ما الذي سأفعله عندما اراه مجددا ؟ لست مستعدا بعد للقاء مفاجئ مثل هذا ، الامر اشبه بنكته سخيفه ، ظهوره هكذا كان نكته ! لقد كانت الحياه تسخر مني مجددا
" بعد يومين تبدأ الجامعه " تمتم نايل وهو يقف من على الاريكه البيضاء ثم قال لي بهدوء " عليك ان تركز في درجاتك هاري ، لا تدع مشاعرك تحبط مستقبلك ، انا احذرك "
أشرت برأسي له ثم رأيته يمدد ذراعيه للأعلى وهو يتثاوب ويقول " أنا متعب ، أعتقد اني سوف انام "
" الوقت مبكر ؟ " قلت له وانا انظر الى عيناه التي كانت تقفل من تلقاء نفسها ليجيب وهو يأخذ طريقه للغرفه " انا متعب بحق ، اذهب للنوم انت ايضا وتوقف عن مراقبة الباب "
راقبت جسد نايل يختفي في الغرفه لأعود الى بحر الافكار الذي لا ينتهي ، من الذي برفقة لوي ؟ هذا السؤال الذي اردت ان اعثر له على اجابه ، تنهدت بضيق ثم وقف على ساقي إلى المبطخ لاشرب بعض المياه وانا احدق بالباب ، لا ضرر من رؤيته مره اخرى صحيح ؟ ان لم يكن موجود لن اعود للمراقبة ، فقط مره واحده بعد
تركت الكأس تحت صنبور المياه ورحت اسير بهدوء الى الباب وافتحه بخفه حتى لا يسمع صوته نايل ، اغلقت الباب بهدوء خلفي ورحت للباب الخارجي لأضع عيني على البلورة مجددا وبالتزامن من ذلك فتح باب الشقه الامامي ليتوقف قلبي عن ضخ الدماء ، كانت هناك يد واحده تطل من الداخل ومليئه بالوشوم الغريبه الملونه ، هذا لوي ؟
اتاني الجواب سريعا عندما خرج ذلك الشاب بعد وهله ، كان طويل وعريض المنكبين ويمتلك شعر ازرق وهناك الكثير من الاشياء الغريبه المعلقه في وجهه ، كان شكله مثير للفضول وتساءلت ان كان لوي يحمل ذلك الشكل ايضا ، ومجددا ها هي الاجابه تأتي سريعا
خرج لوي ونفذ الهواء من المكان ، حدقة عيني اتسعت لرؤيته وعزف قلبي لحن اغنيه صاخبة ، لقد اكتسب طولا ويحمل في ذراعيه بعض الوشوم المتفرقه بينما وجهه كان اشد جمالا من ذي قبل ، كنت احاول سريعا حفظ صورته في عقلي وتدوين كل تلك التفاصيل الصغيره في ملامحه لااخزنها في ذاكرتي جيدا بينما لا اكاد اصدق ان لوي الآن امامي
ابتعدت عن الباب ووضعت ظهري عليه لمحاولة استيعاب ما يحدث ، كان صدري يرتفع ويهبط بدون استقرار وشعرت بأني في حلم ، اخذت عدت لحظات قبل ان اخذ نفسا طويلا واعيد بصري الى البلورة
وتمنيت لو اني لم افعل ، كنت اشاهد ذلك الطويل يمسك بفك لوي ويقبل شفتيه عندما انفصلت تلك القبلة وعلى كل كل وجه واحد منهما ابتسامه مقززه ، تمتم الاثنان باشياء لا أستطيع سماعها والتي من المؤكد أنها كانت تراهات عن ( اعتني بنفسك ) واشياء سخيفه من هذا القبيل
شعرت بالغضب ، اردت الخروج من هنا والصراخ به ، لقد جعلني اشعر كما لو اني مجرد وغد لكوني وقعت لفتى وهو هنا يقيم علاقه مع احدهم ؟ ما هذا الهراء السخيف ، لما والجحيم يفعل بي ذلك ؟
ومن بركان غضب هائج الى هدوء حزين ، توقفت عن مراقبته وجررت خطواتي الى الغرفه دون ان اتحدث بحرف واحد ، لما الان من بين كل السنوات الماضيه اعثر عليه في احضان احدهم كما لو ان الحياة ارادت صفعي مرتين ؟
دخلت تحت الغطاء ودفنت رأسي في تلك الوساده الناعمه التي تبللت بكثير من الدموع تلك الليله ، ربما قد المني رحيل لوي المفاجئ ولكن رؤيته يتبادل القبل مع شخص اخر كانت اكثر الما
كنت مثل طير حلق بعيدا للوصول الى المدينه الاخرى ولكن حدثت عاصفة بللت جناحيه ليقع ارضا ، وكما نهاية اي قصه حب ساذجه مثل هذه ، كان يجب ان يبكي احد الطرفين بينما الاخر ينعم بحياة رائعه
.
.
" هاري استي.. " قال نايل بغضب وهو يسحب الغطاء من فوق رأسي ولكنه سرعان ما توقف عندما التقت عيناه بخاصتي ، لم انم منذ البارحه ولم اتوقف عن البكاء واعتقد ان هذا يفسر نظرة نايل المصدومه اتجاهي ، سحبت الغطاء من بين يده ثم اعدته فوق رأسي بهدوء
" ما الذي يحدث معك ؟ " قال وتجاهلت صوته لأدفن رأسي بشكل اكبر داخل الوساده ، سمعت صوت همسه قريب مني عندما قال بلطف " هاري انظر الي "
" لا اريد ، وفر نظرة الشفقه تلك " قلت بانزعاج وسمعته يزفر الهواء ليقول " من اخبرك اني اشفق عليك ؟ "
" عيناك "
" عيناي ؟ اللعنة هاري فقط انظر الي " وبتردد ابعدت الغطاء لانظر الى اعين نايل الذي كان يجلس على الارض ويحدق بي ، انتشرت ابتسامه صغيره وهو يقول " ها انت ذا ، اذا ما الذي حدث ؟ "
" لقد .. شاهدته يقبل احدهم امام الباب "
" لوي ؟ "
" ومن سيكون غيره "
" اذا هذا يعني انك عدت لمراقبة الباب ؟ "
دفعت الغطاء من فوقي ثم وقفت بأنزعاج وتجاهلت نايل لاذهب خارج الغرفه دون حرف اخر ، بعد ان دخلت الحمام وغسلت وجهي من اثر الدموع رن جرس الباب وكنت متأكد من انه لوي
" انا من سوف يفتح " قلت بعد ان امسكت معصم نايل بشكل مفاجئ ، نظر الي لوهله وابتسمت له ابتسامة بالكاد يستطيع ملاحظتها ثم قال " ماذا لو كان .. "
" سأكون بخير مع ذلك "
بتردد افسح لي نايل المحال وانطلقت افتح الباب ، وعلى عكس ليلة البارحه ذات المشاعر الصاخبه تملكني الجمود وكما لو ان قلبي مات تلك اللحظه ، فتح الباب دون السؤال عن من يكون خلفه ، لاني كنت مسبقا اعلم بأنه هو ، بطريقه ما شعرت ان ذلك الشخص الذي يطرق الباب هو ذات الشخص الذي علمني معنى كلمة "فقد" بل وجعلني أخوض تلك التجربه
كان ينظر الى الاسفل وفي يده طبق صغير لم ارى محتواه بعد ، ارتفعت عيناه وعلى وجهه ابتسامه واسعه ، وعندما اتصلت اعيننا شعرت ان الكون توقف ، عاد بي الى سطح المتجر ، بل الى ذلك الوقت الذي دخلت فيه المتجر وطردني ابي ، حيث ان هذا الفتى الذي امامي الان كان قبل سنوات يحدق فيني من خلف كتف صديقه
ابتسامته الواسعه تتقلص تدريجيا وبريق الفرح الذي اكتسى عيناه بات حزين جدا ، ملامحه اصبحت مصدومه واتسعت عيناه بدهشه ، كان يقف دون حراك امامي لما يقارب الخمس دقائق
" أوه .. " هذا اول شيء نطق به ، ابتلع بصعوبه واضحه ، كنت اراقب عنقه بينما يرتفع ويهبط ، اصبح مرتبك ومتوتر ثم قال بعدم ثبات كما لو ان احدهم صفعه " انا .. اسف ، انت تشبه احدهم .. اعتذر عن ردة فعلي السيئه .. "
قاطعته ببرود " لست اشبهه ، انا هو هاري حقا "
سقط الطبق من بين يديه وتكسر تحت اقدامنا والذي اتضح انه كان يحمل بعض الكوكيز ، شاهدت فتات الزجاج في الارض ثم رفعت بصري الى اعين لوي التي كان يغلفها طبقه شفافه لابتسم بسخريه وانا اقول " مفاجأه صحيح ؟ "
ابعد بصره سريعا عني وراح يجمع زجاج الطبق بهدوء ، تركت الباب مفتوح ورحت اجلب مكنسه صغيره ولكن عندما عدت كان هو قد ترك المكان
نظرت الى الزجاج المكسور ثم رفعت بصري الى شقته واستطعت ان ارى ضل قديمه من اسفل الباب ، زفرت الهواء بضيق ورحت انظف المكان ثم اغلقت الباب لادخل ، كان نايل طوال هذا الوقت في غرفته ولا اعلم اي لعنه يفعلها لذلك قررت العوده الى غرفتي
ومجددا دفنت رأسي في الوسادة ولكني هذه المره لم ابكي ولم افكر ولم افعل شيء سوا الصمت لتنضيم ضربات قلبي وهناك شيء واحد يدور في رأسي
عليك نسيان لوي وينتهي الأمر
" هاري ؟ " صوت نايل اتى من الخلف لانظر اليه واجد شعره مبلل ، ابتعدت عن الوساده ونظرت اليه وابتسم قائلا " كنت تستحم ؟ "
" هل انت بخير ؟ " عقد حاجبيه وهو يتقدم الي واجبته متصنعا وجه البراءه " اجل ، ولما لا اكون ؟ "
" من الذي طرق الباب ؟ "
" اوه ذلك ، لقد كان جارنا الجديد ، لوي "
ارتفعت حواجب نايل الى اعلى جبينه لأقف بدوري وانا امدد ذراعاي بالهواء واقول " انا جائع ، هل اعددت شيئا ؟ ان لم تفعل صدقني سوف القنك درسا "
" هل انت حقا بخير ؟ " سأل نايل وهو يتبعني خارج الغرفه الى المطبخ ولم اعلق على سؤاله لانني لا امتلك اجابه اصلا ، هل انا بخير ؟ انا لا اشعر بشيء ، لا حزن ولا فرح
" هل تعرف كيفية اعداد البان كيك ؟ " سألته ورفع كتفاه للاعلى ثم اردف قائلا " اتريد ان اطلب واحده ؟ "
" لا ، انا اعرف كيفية صنعها ولكن فقط اردت سؤالك " اجبته بهدوء ورحت ابحث عن مستلزماتها لاجد كل شيء ناقص ، كان المطبخ بكامله فارغ مت سوء حظي
" هناك سوبر ماركت يبعد شارعين من هنا هل تريد الذهاب ؟ " سألني نايل وهو يجلس على الأريكة ويمسك بجهاز التحكم ، اغلقت خزائن المطبخ ثم أخبرته اني ذاهب بمفردي وارشدني على الطريق لاذهب سيرا على الاقدام
كان الجو حار بعض الشيء ولم اعتد عليه بعد ، لا طالما كانت مدينتنا مثلجه في جميع فصول السنه ، لذلك كان الطريق الى السوبر ماركت متعب كالجحيم وظننت بأني سوف انصهر
وعندما دخلت توجهت فورا الى الثلاجه لأفتحها واقحم رأسي فيها طالبا بعد البرودة حتى اني نسيت نفسي تماما وبقيت لوقت طويل اضع وجهي هناك
" انت بخير ؟ "
صوت غير مؤلوف عكر صوف هذه اللحظه ، عبس وجهي ونظرت اليه ليعبس اكثر عندما علمت انه ذلك الشاب الذي كان برفقة لوي امس ، لقد كان ليلة البارحه جميل ولكن الان انا اراه مقزز
" اجل " قلت بانزعاج واقفلت الثلاجه لتبدأ رحلة التسوق للمنزل ومن الجيد ان نايل اعطاني مبلغ جيد يكفي حاجتنا ، اخذت سلة المشتريات وبدأت بشراء ما كان ينقصني دون المبالاه لذلك اللعين الازرق
هو ايضا كان يشتري بعض الاغراض المنزليه وشعرت بالغضب فجأه ، وان كنت تتساءل لما انا غاضب فأجل ، انا اشعر بالغيره
وبالتزامن مع وضعي لسلة المشتريات امام المحاسب كان ذلك الفتى خلفي تماما ، نظرت اليه بعدم مبالاة وابتسم هو بلطف مما جعلني اغضب أكثر
عندما حاسبت وخرجت اشتريت علبة عصير بارده وسرت الى الامام لاجد ان ذلك الفتى كام يسير خلفي بخطوه واحده وهو يعبث بهاتفه ، ولا يسعني فعل اي شيء سوا الغضب
ابطأت سرعتي حنى اصبحت بجانبه ولكن بعيد عنه ثم بدأت اراقب شكله ، كان جميل حقا ذو بشره بيضاء وطويل القامه ويمتلك يدين ذات منظر ناعم ولون صبغ الاضافر الاسود يعكس لون بشرته ، رموش عينه شقراء وحدقته تميل للون الاخضر ، اقراط في اذنه وفي فمه واعلى حاجبه وهناك واحد في انفه ايضا ، بدأت اقارن نفسي به ، ايهم كان اجمل ؟ اعني .. هل لوي تركني من اجل هذا ؟ ام ان هذا الشخص الوحيد الذي جعل لوي يتخطاني ؟ ام ان لوي لم يحبني اصلا ؟
عندما اخذنا المنعطف وضع هاتفه بجيبه ثم نظر الي وابتسامته اتسعت وهو يقول " انت ستذهب من هنا ايضا ؟ "
" اجل "
" رائع ، انت تعيش في هذا الشارع ؟ " قال بسعاده اكبر واقترب ليسير بجانبي ، تنهد بضيق ولكنه لم يلاحظ ذلك لانه اكمل " ادعى لوكاس ، يمكنك مناداتي لوك "
" سررت بلقائك ، انا هاري واعيش في ذلك العقار " اجبت وانا اشير الى المبنى الذي لا يبعد كثيرا عنا لتتسع عينه بفرح وهو يقول " حقا ؟ انا اعيش هناك ايضا ، يا الهي لم ارى فتيان يعيشون في هذا الحي من قبل ، انتقلت حديثا ؟ "
" اجل ، البارحه وصلت مع زميلي من اجل الجامعه ، منذ متى وانت تعيش هنا ؟ "
وبسؤالي هذا لم اكن أريد معرفة "كم كان يعيش" بل "منذ منى وانت تعرف لوي" ورغم اني أعلم بأن الاجابه لن ترضيني مهما كانت الا اني فضلت ان اكون على علم بها
" في الحقيقه " قال بحرج ونظرت اليه لاجد هناك حمره خفيفه غطت خديه بينما اكمل " انا لا اعيش هنا تماما ولكني اتي وقت الاجازات وفي عطل نهاية الاسبوع ، هناك صديق لي اتي لزيارته كلما فرغت "
" صديق ؟ "
" أ.. اجل "
لقد كان يشعر بالخرج لاخباري انه في علاقه مع شاب فهذا يبدو واضحا ، ولاني غبي اردت معرفة ذلك والتأكد بنفسي انهم في علاقه لذلك قلت " انا ايضا اعيش مع شاب ولكنه ليس صديقي ، هو حبيبي ، انت لا تمانع المثليه صحيح ؟ "
وكما اعتقدت ، عيناه ازدادت بريقا وابتسامته اصبحت واسعه وهو يقول بفرح " على العكس ، في الحقيقه أنا مثلي ايضا ، لقد ظننتك تكره المثليه لان نظراتك لي في المحل كانت مخيفه ، اعتقدت هذا بسبب مظهري لان الجميع يخبرني بأني مقزز وشاذ "
" على العكس ، لقد كنت فقط متضايق بسبب الحراره " اخبرته سريعا واومأ لي مرتان بفرح لاشعر بالضيق اكثر ، ما الذي يفترض علي فعله الآن؟
" انا هنا اقيم مع حبيبي ايضا ، انه شاب طيب القلب عليك ان تأتي لزيارتنا ان فرغت ، انا اعلم انك سوف تحبه ، هو لطيف مع الجميع حقا "
وليتك كنت تعلم بأني واقع معه منذ اربع سنوات وليس الان فقط
انتبهت على كلامه ونظرت اليه بشك وانا اقول " لطيف مع الجميع؟ "
" اجل ، لقد كان يعتني بي دائما عندما لم امتلك اصدقاء ، لقد جعلني اثق بنفسي مجددا بينما كنت احاول الانتحار ، هو اعادني للحياة "
أخبروني مجددا ، كيف استطيع كره هذا الفتى الان ؟
*************