روايات احلام/عبير:خدعه مصيريه

By Rano2009

117K 2.2K 39

- خدعة مصيرية - دار النحاس ( كاملة ) قرات ليندا اعلان عمل في الجريدة يطلبون فيه انسة للزواج بمواصفات مميزة.ف... More

١
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
١٠

١١

13.3K 320 20
By Rano2009

الفصل الأخير
في اليوم التالي ,استيقظت ويندي باكرا جدا وشعرت ليندا بإرتياح لكونها ستنصرف الى القيام بمهمات غير اعتيادية فكان عقلها وذهنها منصبين على الطفلة ,لذلك لم تفكر بشيء آخر وبعدما غسلت شقيقتها وأطعمتها,نزلت الى بهو الفندق ثم خرجت بها الى نزهة في حديقة الفندق.الأزهار المرطبة بالندى تملأ المكان .لم يكن هناك وجود لأحد وراحت ليندا تفكر بهدوء في أحداث مساء أمس .
لكنها كانت تشعر بإنزعاج يحتلها كلما فكرت أنها ستلتقي بماريو بعد قليل.الإكتفاء الذي ستراه على وجهه سيملأها خجلا...
قبل أن تستيقظ ويندي ,أخدت ليندا دوشا باردا علها تطفئ النار المشتعلة بداخلها .وكلما فكرت بالدفء والنشاط و الإضطرام الذي أحست به عندما استسلمت لعناقه,يراودها ندم كبير.كانت ترغب في الهرب بعيدا ورمي نفسها في المحيط لتغتسل من كل هذه الاهانات ...
لكن هناك ويندي ...من أجلها على ليندا ان تواجه الحقيقة ,اين ماريو في هذا الوقت .ربما كان في صالون جناحهما ,ينتظرها كي يتناول فطور الصباح.
بدأت تسمع الاصوات من مطبخ الفندق وبخطى بطيئة دخلت بهو الفندق وصعدت الى جناحهما .وما ان كادت تدفع باب الصالون حتى انفتح
الباب بعنف وظهر ماريو من ورائه .
بعصبية حرك يده في شعره وقال بلهجة قاطعة :
"اين كنت إذن؟"
"كنت ...اخذت الطفلة في نزهة قصيرة ...في حديقة الفندق ."
لم تجرؤ على التحديق بوجهه لئلا يشتبك نظرها بنظره ولم تجرؤ حتى على التحديق بأزرار قميصه .
"سنعود الى المزرعة ,حالا بعد الفطور .من فضلك كوني جاهزة بأسرع ما يمكن ."

"اتفقنا"
كانت تريد التوجه الى غرفتها لولا ويندي التي راحت تزقزق كالعصفور تطلب الذهاب عند ماريو .ابتسم ماريو واقترب منها قائلا :
"صباح الخير ,يا طفلتي الجميلة !يسرني ان أرى في العائلة من لا يعاملني باحتقار. الا يمكنك ان تقنعي أمك ان تتصرف مثلك ..."
لم تقدر ليندا ان تمتنع عن الإرتجاف داخليا .لقد شدد على كلمة "أمك" .من المستحيل ان يكون قد عرف الحقيقة .
تناولا الفطور في جو متوتر . وفي نهايته ,دفع ماريو صحنه جانبا وراح يشرح لليندا ما يتوقعه منها :
"حين نعود الى المزرعة ,ستحاولين جهدك ان تخفي الكراهية التي تشعرين بها تجاهي .
في المساء تكلمت مع جدي وأكد لي سفره الى اسبانيا ,بعد عودتنا .وبعد أن يغادر المزرعة ,بإمكانك ان تتصرفي ببرود,كما تشائين...لكن قبل ذلك عليك ان تبدي بشوشة .لقد أفهمني بوضوح أنه ينوي أن يراني ادير المزرعة .وحاليا رجال القانون يضعون صيغة قانونية كي يصبح الإرث رسميا .وحالما تصبح المزرعة بتصرفي ,وحسب الصفقة التي عقدناها ,لن يعود هناك سبب لوجودك ."
توقف لحظة ثم تابع يقول:
"وبطبيعة الحال ,لا يمكن ان تستعيدي حريتك في الحال .لا يجب ان نخيب ظن جدي في الأيام الأخيرة من حياته ولا يجب أن ندعه يعرف اننا خدعناه ."
همست ليندا بصوت مخنوق :
"هل هذا أمر ؟"
ثم استجمعت شجاعتها وتابعت :
"لست أنت من تعطيني الأوامر ..ان تحقيق مخططك مرهون بإرادتي.
وافق ماريو على ما قالته بنظرة جليدية وأجاب :
"صحيح.لكن لن ترتكبي جنونا في الوقوف ضدي ومقاومتي ..."
لم تكن ليندا تجهل انه بامكانه ان يكون عدوا قاسيا .ألم يجبرها على الإستسلام له ؟
"سأفعل ما تريده .ليس أمامي خيار .ما دمت حذقا اكثر مني ."
"أنت حقا عديمة الذكاء .ان كل العاملين في الفندق عرفو انك استلمت رسالة مهمة وأنك خرجت حاملة حقيبتك. لقد اعلموني بغيابك وكان من السهل معرفة مكان وجودك .وعلى كل حال ,كان هذا بسبب خطئي ...كان يجب أن أعرف أنك ستستعملين المال لتنفيد مخططك.لكن لم أكن أعرف أنك تبحثين عن الهرب وعن تضليلي ."
اعتذرت ليندا وغادرت الطاولة وكادت تدخل غرفتها عندما سمعت صوت ماريو وراء ظهرها يقول :
"قولي قبل أن تذهبي ...أليس هناك ما أجهله وتعرفينه وحدك ؟"
التفتت ليندا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فأجابت :
"كلا ...لماذا تسأل هذا؟"
راح ماريو يرمقها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها,فاحمرت وجنتاها فقال:
"انت تحمرين ,هل لأني اشك فيك خطأام لأنك تشعرين بالخجل ؟هذا ما أتساءله."
ثم أدار ظهره واختفى .خلال الرحلة ظلا صامتين .ولما هبطا من الطائرة ,كان الكونت في المدرج يستقبلهما
"آه ليندا ! لقد أرسلت لك ويندي مجبرا .لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار سفرك ؟"
"كنا قد حددنا موعد عودتنا قبل وصولها .في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة ,فالحياة هنا مريحة ومفرحة ."
أنار وجه الكونت الذي قال :
"كم أنا سعيد ان أسمع ذلك منك ,يا عزيزتي .هل كانت الرحلة ممتعة ؟"
التفتت الى ماريو الذي قال :

"صحيح ان الإقامة كانت قصيرة ,لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل
موفقة."
احمرت وجنتا ليندا ,فضحك دون ادريانو وقال :
"حسنا ,الأن بإمكاننا ان نتكلم في أمور العمل ."
ثم توجه بالكلام الى ليندا قائلا :
"ارجوك ان تعذرينا ,لكن علينا ان ننفرد لبعض الوقت .كاتب العدل هنا وبانتظار توقيعنا .لقد حددت سفري غدا بعد الروديو .هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأجيلها بعد الآن ."
اكتشفت ليندا بعد ذلك ما يعني الروديو ,اذ كان الموضوع الأساسي المتداول حاليا في المزرعة .كارمين وبيلا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات أهمية كبرى ,يقوم فيها الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد .
وأكدت لها بيلا قائلة :
"يجب أن يكون المرء قويا وشجاعا وماهرا .الناس يأكلون ويغنون .ويعم المكان الضحك والضجيج .كذلك هناك العازفون والأكرديون و..."
تنفست الصعداء ثم أضافت :
"لكن ما أحبه اكثر من أي شيء آخر .هو عندما يدخل الثور الحلبة ."
غير أن ليندا لم تكن تصغي .كانت شاردة الذهن تفكر في المستقبل .ان غياب الكونت الطويل سيكون له الأثر على حياتها .لا شك أن ماريو سيعود الى خروجه الليلي .فهي ترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل .
لاحظت فجأة أنها تضغط على معصميها وأن فكها يتقلص .فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق :
"لكن ,إنسي هذا الرجل ."
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان .اسرعت ليندا لمواساتها وراحت تقول لها :
"لا تبكي ,يا حبيبتي .أنا غاضبة حقا ...لكن ...لا أفهم ما الذي ترينه في هذا الرجل ,وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين ."
غصت ويندي ,فراحت ليندا تقهقه ضاحكة .
في المكتب الواقع أسفل غرفة ليندا ,كان الكونت رافع الرأس يسمع ضحكتها .وفي حركة أنيقة ,وقع على المستند امام كاتب العدل .ثم التفت الى ماريو وابتسم له قائلا :
"يبدو ان زوجتك سعيدة .هذه القهقهات تؤكد قناعتي .الآن ,يا بني ,عليك ان تعترف انني لم أخطىء في جلبها الى هنا ,انتما تشكلان زوجين مناسبين ."
فضل ماريو الموافقة على كلام جده ,برغم معرفته ان ضحكات ليندا سيتبعها البكاء والنواح.

"في المساء سنحتفل قبل سفري .واصر أن يكون هذا العشاء محفورا في ذاكرتي ...هذا سيعزيني خلال غيابي ."
هز ماريو رأسه موافقا وقال:
"طلبت من ليندا ان ترتدي أجمل فستان لديها ."
أطاعت ليندا تعليماته وفي المساء كانت ترتدي فستانا من الموسلين الأزرق الناعم فبدت كأنها عائمة على غيمة .
قال لها ماريو :
"دعينا نتصرف كما لو اننا وقعنا في غرام بعضنا البعض سيذهب جدي مرتاح البال وسعيد .لا تستغربي ان تصرفت معك بطريقة حميمية وعائلية .واذا رأيت ان هذا التصرف في غير مكانه ,رددي لنفسك انها المرة الأخيرة التي سأتصرف بها هكذا .
وتذكرت هذا الكلام وهي تدخل الصالون حيث كان الكونت يتناول المقبلات مع ماريو .
عندما شاهد ليندا ,قام ماريو بوضع كوبه جانبا وراح للقائها .قبلها وأمسكها من خصرها ,فراحت ترتعش منفعلة وهمس في أذنها قائلا :
"انت رائعة الجمال ,يا زوجتي الحبيبة "
كان يلفظ هذا الإطراء بصوت عال كي يسمع جده ذلك .ثم انحنى وعانقها ببطء وشغف .
وفكرت ليندا :
"اذا كان هذا العناق مقدمة لما سيحل هذا المساء ,فماذا تبقى لآخر السهرة؟."
ضمها إليه وتقدم من الكونت مبتسما بفخر واعتزاز.
وقف جده بدوره وقبل ليندا وقال :
"انا الآن أسعد رجل في العالم ."
ابتسمت له ليندا وردت على قبلته بالمثل وقالت :
"انت الرجل القوي المتفهم ,لم أعرف على مثلك من قبل ."

"لم تندمي لأنك تزوجت من حفيدي ,أليس كذلك ؟ لكن هذا السؤال في غير محله .يكفي النظر اليكما .كأنكما عاشقان ."
قاطع ماريو الحديث قائلا :
"ماذا تحبين أن تشربي يا حبيبتي ؟شراب الورد مشروبك المفضل ,أليس كذلك ؟"
ابتسما لبعضهما البعض ببرود بينما كان دون ادريانو يقهقه ضاحكا ثم قال :
ألم أعدك بذلك ,يا ابنتي؟ عندما يواجه حفيدي لغزا,يريد معرفته في الحال .والآن لنتناول العشاء اني أشعر بسعادة كبيرة تفتح الشهية على الطعام .انوي الإفادة قدر الإمكان من هذه الوجبة العائلية الأخيرة."
خلال العشاء بذلت ليندا كل جهدها ان ترد على كلمات ماريو المبطنة .لكن شيئا فشيئا اصبح الجو متوترا وأعصاب الزوجين بدأت بالانهيار .الاان الكونت نام في مقعده .واغتنمت ليندا نوم الكونت ,فراحت تعبر عن غضبها قائلة لماريو :
"لم أعد احتمل هذا الكذب .سأعود الى غرفتي ."

"يكون ذلك اصدق ما فعلته في هذه السهرة ."

ادارت له ظهرها وكادت تنسحب عندما أمسكها ماريو من خصرها ,ورمقها بعينيه السوداوين في عينيها فارتعشت فقال :
"لقد لعبت دورك بإتقان .انت ماهرة عندما تريدين خداع الغير ...الآن, ارجوك ان ترحلي ."
كادت تتعثر وهي تمر قرب دون ادريانو النائم .
عند منتصف الليل ,سمعت بوضوح صوت خطوات على الشرفة .طقطقة المهاميز كانت تتجه نحو الإسطبل .سمعت حوافر جواد يخرج لتوه من الإسطبل .امتطاه الرجل وولى بعيدا .
استيقظت ليندا عند الفجر على أصوات آتية من الخارج .كان الرعاة قد انهمكو في تحضير الحلبة ,الأسيجة الطويلة البيضاء المغلفة بالقش تذكر بسلة الغسيل الكبيرة .
بعد قليل رأت ليندا جمهور المشاهدين يزداد ليحيط بالحلبة .وبالرغم انهماكهم قام الرعاة بتحية المرأة الإنجليزية وويندي التي تشبهها بشعرها الأشقر وعينيها الزرقاوين .
وكان جيران الكونت وعائلاتهم ومعظمهم من الملاكين الكبار ,يتهافتون بأعداد كبيرة لحضور الإحتفال .
غير أن ماريو لم يظهر بعد .قرب موعد الإحتفال وبدأ الإعلان بالعرض الأول ,جاء الكونت ليستعلم من ليندا عن تغيب حفيده ,لكنها لم تقدر ان تفيده بشيء.

تلعثمت وهي تقول :
"ليس من مهمة ماريو أن ينظم الإحتفال !"

وبينما كانت تتظاهر باللامبالاة ,كانت ليندا بنظرها تتجول بنظرها بين الحضور علها تلمحه بينهم .لكنها اقتنعت أخيرا ان ماريو ليس موجودا هنا .
انتهى العرض الأول ,والعرض الثاني كان اكثر أهمية .وهو امتطاء الخيل دون سرج .توجهت ليندا مع الكونت الى ممر ضيق مبني من حواجز عالية معدنية حيث يربط الحصان قبل ان يطلق داخل الحلبة .يكون الحصان معصوب العينين بمنديل وبالتالي لا يمكن ان يرجع الى الوراء ,مما سيجعله يقوم برفسات عنيفة .

تسلق أحد المنافسين الحاجز وشد الحبل بقوة وقفز على ظهر الحصان .
ركض الحصان بعنف في المساحة امامه أخد فارسه في عجلة رهيبة .
صراخ فرح صدر عن الحضور واحتل الحماس كل واحد منهم .
شعرت ليندا فجأة بجفاف في حلقها .هذا الفارس الوقح الذي يقوم بكل بجهده كي يبقى على ظهر الحصان ,كان... ماريو بالذات !وراحت تنظر اليه بعينين قلقتين وهو يتمايل الى الأمام والوراء ,لكنه كان مسيطرا على الوضع تماما.
أطلق الجمهور صرخة كبيرة ,اخفت وجهها بيديها خائفة ان ترى ماريو مصابا تحت الحصان غير ان التصفيق صعق أذنيها ,فتحلت بالشجاعة وفتحت عينيها .كان ماريو محاطا بالفرسان يحيي الجمهور ويبتسم مظهرا شجاعة فائقة .وبهدوء خرج من الحلبة .

كانت ليندا ترتجف في كل أنحاء جسمها .فابتعدت عن الحلبة وقدماها خائرتان .وعلى بعد خطوات من الحلبة لاحظت وجود مقعد فارغ ,فجلست عليه بثقل ثم أجلست ويندي على العشب أمام قدميها.
حاولت ان ترتب أفكارها وأن تحلل ما حدث الآن .
انها تحب هذا الرجل الذي كانت تعتقد حتى اليوم أنها تكرهه !ما زالت ليندا تحفظ في أذنيها صدى كلماته الناعمة التي راح يهمس بها قرب عنقها تلك الليلة التي أمضياها في فينا ديل مار .
اطلقت تنهيدة نائحة وشدت يدها على جبينها .كيف كانت جاهلة حقيقة مشاعرها .وراحت تخلط الكره بالحب ؟
منذ متى أحبته؟
راحت تبحث في أعماق ذاكرتها .وأدركت بذعر انها ,منذ اللقاء الأول ,شعرت نحوه ببعض الإنجذاب اقوى وأكبر ,ينمو تحت غطاء من العدائية الواضحة.
كان يكفي ان يهددحياة ماريو خطر ما كي تعي ليندا حقيقة مشاعرها تجاهه .وفي الوقت الحاضر كانت تخاف الا تعرف سعادة الحب من جديد.

منذ متى أحبته ؟
ولدى إنغماسها في أفكارها نسيت مراقبة ويندي التي زحفت على العشب حتى وصلت الى حاجز القش الذي يحيط بالحلبة .ولما أدركت ليندا الأمر ,كان الأوان قد فات ....فقد اختفت ويندي داخل فتحة صغيرة تطل على الحلبة .ارادت ليندا الصراخ لكن صوتها ظل داخل حنجرتها .اسرعت نحو الحلبة وراحت تحاول الدخول وراء الحاجز .أصوات مرعبة صعدت من الحضور .ولدى رؤية المنظر امامها ,راح قلبها يخفق بسرعة .
وسط الحلبة كان ماريو ممتطيا حصانا ويواجه ثورا وحشيا .وفي الإستعراض كان عليه ان يبرهن شجاعة ومرونة ليرغم الحيوان ان يلتف حول بيرق غرز على الجهة الثانية من الحاجز .
لكن ,في هذا الوقت بالذات ,لم يكن المتفرجون مهتمين بمهارة ماريو .انما مثل ليندا ,كانو مذعورين ويحدقون بالطفلة التي تجتاز الحلبة وهي تحبو .لم تكن الطفلة تعي الخطر ,إنما تريد لفت نظر ماريو اليها ,لكن ماريو كان منغمسا بمهمته ومديرا اليها ظهره .
اطلقت ليندا صرخة ثاقبة ,فالتفت ماريو وصرخ :
"يا إلهي."
قفز ماريو عن الحصان وأسرع نحو ويندي التي كانت تزحف بهدوء .وفي هذا الوقت بالذات هجم الثور .
اغمضت ليندا عينيها وفقدت الوعي .
ركض الرعاة الى الحلبة فترك الثور فريسته وهجم بصورة عمياء على الجمهور الملتف حوله .تجمع الناس حول ليندا .وحملها موظفو الكونت الى المنزل ووضعوها في سريرها .وراحو يرغمونها على التنفس.
عندما عادت ليندا الى وعيها ,أطلقت زفرة أليمة من شفتيها قائلة :
"ماريو..."
اجابها بصوت مختنق :
"أنا هنا ,يا حبيبتي ."
بالنسبة الى ليندا ,التي كانت مقتنعة انها خسرت اعز انسان في حياتها ,كان صوته صدى آت من بعيد ...فتحت عينيها بصعوبة ولم تفكر بكبت فرحها .
أضاف ماريو بهدوء وهو ينحني فوق سريرها :
"انت بحاجة الى الراحة .الصدمة كانت قوية عليك ...ما زلت ضعيفة .سآتي لأراك بعد قليل ."
"بيلا وكارمين احاطاها بحنان .لكن ليندا فضلت الصمت .حمل ماريو ويندي بين ذراعيه وتوجه نحو الباب .وقبل ان يجتاز العتبة التفت مرة أخيرة الى ليندا ,ثم غادر الغرفة .
غطت ليندا في نوم عميق .ولما استيقظت بعد ساعات وضعت روبا عليها وراحت تفكر كم سيسخر منها ماريو ,لأنه لا يمكنه ان يتجاهل طبيعة عواطفها إتجاهه .وهذا سيقوي عزيمته على الثأر منها .
عند العصر جاء ماريو يتفقدها .كانت جالسة امام النافذة المفتوحة تتمتع الهواء المنعش .سمعته يدخل ,لكنها لم تقم بأي حركة .اقترب منها ,فشمت رائحة عطره .لاشك انه استحم لتوه

حدثها بصوت منخفض حتى لا تفاجأ.
"قالت لي كارمين انك في تحسن كبير .لكن اذا كنت لا ترغبين بالكلام أعود بعد قليل ."
تنفست ليندا الصعداء وقالت :
"بامكانك البقاء ,اذا شئت .اجلس من فضلك ."
جلس ماريو على طرف النافذة في مواجهة ليندا .توترت ورفضت ان تنظر اليه .ضغطت على معصميها غارزة أظافرها في يدها .

"لا شك انك شعرت بصدمة كي تفقدي وعيك هكذا ...لم تصب الطفلة بأي أذى ,اليس كذلك ؟"

وفي ذعر ادركت انها اهتمت بمصير ماريو اكثر من ويندي ,ارتجفت ,فاسرع ماريو بالقول :

"يبدو انك ستصابين ببرد !هذا الروب خفيف! اتريدين شالا سميكا أضعه عليك ؟"
كتفت يديها فوق صدرها وقالت:

"كلا شكرا ,لا شيء سوى اني تذكرت ما حدث اليوم ..أخافني الحيوان بضخامته ."

"لست وحدك من فكر هكذا ."

"انت تعرف ,أليس كذلك ؟لماذا تخفي علي ..."

اقترب منها بسرعة وسألها

"ماذا تعنين بالضبط ,يا حبيبتي ؟ماذا بإمكاني ان أعرف ؟

"انت تعرف ...اني أحبك ."

ساعدها ماريو على النهوض وجذبها نحوه وقال :

"أليس هناك شيء آخر يجب علي معرفته ؟"

ارخت رأسها على كتفه وراحت تسمع دقات قلبه بوضوح ,انه واثق من نفسه ,ويريد منها خضوعا كاملا ! رفعت ليندا ذقنها وصرخت بوجهه :
"بطريقة او أخرى ,عرفت اني كذبت عليك .ويندي ليست ابنتي ,بل شقيقتي .اردت ان أصيب غرورك فاستعملت هذه الخدعة ...اني آسفة ."

"أيتها الماكرة الصغيرة ,أنت حقا آسفة ."

انحنى فوقها وغمس نظرته اللماعة في عينيها وقال :

"آه,يا حبيبتي ,لقد عاقبتني ...تعذبت كثيرا .لكن كيف باستطاعتي الا أسامحك ,يا حياتي ؟...لا يمكنني العيش بدونك."
عانقا بعضهما بعطف ولم تصدق مدى سعادتها .

همس ماريو في أذنها بحب :
"اني احبك .كنت كالمجنون منذ ليلة امس .امتطيت جوادي ورحت أهيم في الصحراء."

ثم أضاف :
"هل تسامحيني لأني جعلتك تستسلمين لي بالقوة ؟لقد تصرفت بسوء .انت التي كنت عذراء ..."
اذن ,اكتشف سرها منذ ذلك اليوم .لامت نفسها على سذاجتها لأنها اعتقدت ان عدم خبرتها ستمر دون ان يلاحظ ماريو .خبأت وجهها في كتفه .
"اذن لماذا أرغمتني على مصارحتك ,ما دمت تعرف ذلك ؟"
مازال هناك سؤال يحيرها فتحلت بالشجاعة وسألته بخجل :
"كنت صريحة معك وأرجو أن تكون صريحا معي .ما هي نواياك نحو كابريللا؟هل مازلت تراها ؟"
ابتعد عنها بلطف واستغراب قائلا :

"كابريللا؟في حياتي تعرفت على الكثيرات.
كن عابرات كظلال في الليل .انت وحدك ,يا حياتي ,عرفت ان تحتفظي بي ,والى الأبد."
تأثرت ليندا بكلامه وظلت صامتة ثم أرادت ان تمازحه فقالت :
"هل كان يزعجك حقا لو كانت ويندي ..ابنتي ؟"
"طبعا ,كنت أموت غيظا ."
وراحا يعانقان بعضهما بعض.وبعد مرور ساعة ,كانا واقفين أمام باب الشرفة ينظران الى القمر .اطلقت ليندا زفرة ارتياح فقال ماريو :
"اذا ترغبين ان اكف عن ادارة المزرعة ,فسأفعل .في استطاعتي ان أعيل عائلتي الصغيرة ,حتى لو اضطررت الى البدء من الصفر ."
ابتعدت ليندا ثم همست :
"وويندي ..هل تقبل ان تكون جزءا من هذه العائلة ؟"
"احب هذه الطفلة حبا كبيرا وسأظل احبها مثل أولادي .لكن لم تردي على سؤالي ,يا حبيبتي ؟هل تريدين ان أبرهن لك حبي ؟سوف أذهب الى جدي وأقول له اني أتخلى عن جميع حقوقي في المزرعة ."قالت له بلطف :
"كلا.لنفكر بجدك أيضا ...فهذا القرار سيحطم قلبه .ومن جهة ثانية ..."
توقفت عن الكلام لأن ماريو وضع يده على قلبها وأحس به يخفق بسرعة هائلة .لكنها أكملت جملتها :
"...النسر بحاجة الى مساحة كبيرة ليبسط جناحيه في تحليق قوي .سنبني حياتنا في هذا الوادي ,وادي فردوسنا السعيد ."

تمت بحمد الله "

Continue Reading

You'll Also Like

129K 2.5K 9
-لا هذا مستحيل ! .. صرخت شيلي عندما علمت ان باسم زبونها الجديد و قد عهد اليها مديرها بمهمة تجديد ديكور قصر أحلامها . لحساب ... زوجها السابق نيك وايت...
1.2K 59 10
منذ خمس سنوات وولف تالامنتس يفتش عن راون كوريت لكي ينتقم وحين عثر عليها اكتشف انها كما توقع رائعة الجمال ساحرة الى حد القتل! لكن براءتها صعقته وحيرته...
127K 2.9K 10
من قلب العتمة تولد أحيانا شمعة تبدد بنورها حجب اليأس . سابينا استسلمت للحزن عندما علمت بموت أختها وزوجها في حادث طائرة ثم عاد الفرح يهدهد قلبها المثق...
893 143 10
رواية مستوحاة من قصة حقيقية