خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)

By munakeni

3.4M 71.3K 6.1K

.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تس... More

مقدمة
الفصل الأول ( ليلة القمر )
الفصل الثاني "ليلة أرس السنة"
الفصل الرابع " حبك يائس "
الفصل الخامس : في معمل الرسم
الفصل السادس : الإنتماء
الفصل السابع : ليلة القمر
الفصل الثامن : العقد
الفصل التاسع : مزاد عالم السفلي
طقوس البيع
سأكتشف الحقيقة !
إدمان إيسبيلا
الألم و المتعة
عواطف متقلبة
السيدة و الخادمة
لكنهم يكرهوني !
لماذا يحوم حولها !
لحظات حالمة
الحاقدون
لحظة الأخيرة
مراسم القتل
الجنازة
أنا عطشى
عشق مصاص الدماء
وحوش الجنس
يا للذة الرجال !
أرواح طمأى
بين إمرأتين
في أنياب الألم
يوم حافل
مكيدة إيسبيلا
سخرية القدر
عروق الاستسلام
بائسة أنا !
!لن أكون علقة
سيدتكم الجديدة
الفرصة لم تحن
روتين جديد
مارية شريرة
السلالة الحاكمة
تحول مفاجئ
الإنهيار
أنا أنتظر
الفخ
رجالي يفضلون الحثالة
إمرأة الورق
إستيفن يلماز
وقفة
الصحوة
الأرض الملعونة
ليس حلما
النهاية
إعلان للجزء الثاني
الجزء الثاني ( الفصل الأول )
الحزء الثاني ( الفصل الثاني)
الجزء الثاني ( الفصل الثالث)
جزء الثاني ( الفصل الرابع )
الجزء الثاني ( الفصل الخامس )
الجزء الثاني ( الفصل السادس)
الجزء الثاني (الفصل السابع )
الجزء الثاني (الفصل الثامن)
الجزء الثاني (الفصل التاسع )
الجزء الثاني (الفصل العاشر )
الجزء الثاني ( الفصل الحادي عشر )
الجزء الثاني ( الفصل الثاني عشر )
الجزء الثاني (الفصل الثالث عشر)
الجزء الثاني ( الفصل الرابع عشر )
الجزء الثاني ( الفصل الخامس عشر)
الجزء الثاني ( الفصل السادس عشر )
الجزء الثاني ( السابع عشر )
الجزء الثاني ( الثامن عشر )
الجزء الثاني ( التاسع عشر)
الجزء الثاني ( فصل 20 )
الجزء الثاني ( فصل 21 )
الحزء الثاني ( فصل 22)
الجزء الثاني (الفصل 23 )
الجزء الثاني ( فصل 24 )
معلومات مفيدة
الجزء الثاني ( فصل 25)
الجزء الثاني ( الفصل 26 )
الجزء الثاني ( الفصل 27 )
الجزء الثاني ( الفصل 28 )
الجزء الثاني ( الفصل 29 )
الجزء الثاني ( الفصل 30 )
الجزء الثاني ( الفصل 31 )
الجزء الثاني ( الفصل 32)

الفصل الثالث " قصر أكوادور "

18.9K 341 59
By munakeni

أين تذهبين أيتها الوحيدة .. غريبة في هذا الأرض .. شاردة

هو ذا أخوك .. و أصدقائك .. ماتوا

هو ذا عالمك الدي تعرفه إختفى

كان حزني بلا صوت .. شطايا جمل عالقة في حنجرتي .. الدموع تجمت على رموشي .. كنت بلا روح .. إحساس الفقد لا يزال يسري بي كمرض مزمن .. كنت أصغر من أن أحمل كل هذا الجنون  في أكتافي دون أن يساعدني أحد في إنتشالها ..

الأشياء لم تعد مفهومة .. الأحداث غير قابلة للتفسير ..فجأة صار الدنيا غريبة .. و غير حقيقية .. السماء مظلمة موحلة بلا نهايات .. الأرض قاحلة مقفرة .. الناس بلا ملامح و كأن وجوههم مطموسة .. بدا لي كل شيء غير حقيقي .. إنني أحلم .. حاولت أن أغمض عيوني عدة مرات و أفتحها .. حاولت أن أقرص نفسي .. و لكن الحقيقة المرعبة هي إنني في أرض الواقع .

لقد شهدت كل شيء .. و مرّ و كأنه حلم مزعج .. في الحقيقة لست شغوفة بمعرفة الإجابات و الحلول  و لا البحث عن تفسير ما حدث .. لأنني لا أريد أن أبتعد كثيرا عن الواقع  الذي أعرفه .. حتى لا أجن .. كل دقيقة أدنو أكثر من حافة نهر الجنون .. أريد أن أحتفظ بعقلي بأطول فترة ممكنة

إذا كانت نفسك قد بدأت  " تموع " من فرط البؤس في حكايتي .. فدعني أذكرك بأن هذا مجرد البداية فقط و يستحيل أن تتوقف حظي السيء هنا بلغة السينما ..

كان جسدي قد إمتص صدمته الأولى .. لذا من المستحيل أن ما يحدث تاليا من سوء الحظ يمكن أن يرعبني

أفكر مرة أخرى كيف يمكن أن تكون الحياة ممكنة بعد ما حدث ؟ صار جسدي يرتجف تلقائيا و عيناي تدمعان بغيظ .. لا أعرف كيف تسنى لي الجمع بين الحزن لأخي و الخوف ؟ صور كثيرة عنه تمر ذاكرتي .. فجأة تجتاحني عاصفة اليأس و الوحدة .. أحاصر نفسي بذراعي و ابكي

لقد إنتهى مقاومتي .. لم يعد حزني بلا صوت .. لقد كبر في داخلي .. و تفاقم ..و كاد يقتلني و يعصر روحي

كنت مازلت في الفندق .. الرياح لا تفارق شباكي .. تحركها بجنون لتذكرني كم أن العالم موحل ووحيد في الخارج مثلي ..

سمعت صوت خطوات تقترب نحو غرفتي ..

رغم إكتئابي المروع و الخوف العليل في روحي .. تراني أكابر أمامه لأبدوا أقوى

دخل يوري

مسحت وجهي بسرعة و رغم ذلك بقيت دائرة الحزن معلقة في عيني ..

إنفرجت في وجهي إبتسامة باهتة ..تخبره بأنني بخير ..

لم أشعر و هو يدنوا إلي و يأخدني بين ذراعيه ليحتضني .. لقد كان الشعور دافئا

مسد راحة شعري قائلا

" يمكنك أن تبكي هنا يا صغيرتي .. لا بأس !

شعرت بغصة في قلبي .. حاولت أن أتماسك و مع ذلك إنفجرت الدموع من عينيّ و شقت طريقها على جفوني رغما عني .. بكيت مثل طفلة معذبة .. تتحرك شفتاي و أتمتم بكلمات غير مفهومة ..

في الضوء الخافت نمت في حضنه ليلتها ..

حكاية جديدة تبشر بالقدوم في حياتي

نعم .. مازلت أؤمن أن أجمل أيام حياتي لم يأت بعد  !

كما أنني أؤمن أنني سأرحل الدنيا قريبا ذون أن أشهده  !

****

تركت تلك المدينة التي شهدت إندثار الذين أحبهم ..و حملت حدادي معي ..و عزاءاتي و يأسي و ضياعي الى جزيرة جلاجابوس .. حيث لم يعد الفجر نفسه ..و لا السماء نفسها .. حتى الهواء ثقيل لها طعم غريب ..

أخدنا سفينة ضخمة و قديمة و صدئة  .. و شهدنا في طريقنا الى الجزيرة أعاصير شديدة كادت أن تقتلعنا ..

سألته لماذا نخاطر بالسفينة و لم نأخد الطائرة ؟

فأجابني بأن الطائرات لا تذهب الى ذلك المكان !

   ..

كان الوقت ليلا  حين وصلنا الى جزيرة غارقة في ثلوج كثيفة .. حيث يؤرقني الشك من كل شيء .. لم أكن بحاجة إلى كثير من الذكاء لأدرك  أن أيامي الأخيرة ستكون هنا بلا شك ..هذا الشكوك ... هذا الخوف الهائل في أعماقي تنبؤني بأن الأمر سوف ينتهي بي  برفقة هذا  الثلوج و الظلام   ..

فكرة النهايات راسخة في رأسي .. في أحلامي في كوابيسي .. بل في معظم تفكيري .. لا أظن بأن النجاة مقدر لي في هذا الحياة  .. سأموت .. الموت جيد ! سيريحني من هذا الحياة التي تقحمني بالجنون رغما عني .

أفكر في الظلام .. عن هذا الرجل الذي أجازف معه كثيرا ..أغامر به حياتي و اضعه رهنا بين يديه برغم الغموض الذي يلفه .. أنى لي  كل هذه الثقة بهذا المجهول ؟ أقلبي يسوغ لي أن أفعل كل هذا .. تلك الشرارات الطفيفية التي تحدث بيننا .. أكفيل هذا لاتخاد هذا القرار المعصي ؟!

هذا الشخص لا أعرف عنه عدا إسمه المجرد و وظيفته !

ولكن ما الذي يتوجب فعله حين أفقد كل شيء  ؟! و أكون بلا أحد .. لا مناص سوى الزحف مع الغرباء حتى النهاية .. ساغامر بالخوض في أرض موحلة ..

طريق قصير يحادي حافة صخرية أخدت في السير معه .. بلا حماية سوى إيمان خفي ..مررنا في قرية تحت الصمت المضني .. بالرغم أن الليل في بداياته إلا أنك لا تسمع صوتا و لا ترى بشرا و كأنه قرية مجهورة .. تتوارى تحت الثلوج المتراكمة ..   تتوقف عيناي عند عتبة عالم مجهول .. بوابات عملاقة يتجدر خلفها ضباب كثيف .. إنفتح البوابات تلقائيا كمنزل أشباح  .. إجتزت العتبة بإرتباك ..أنظر بقلق في كل شيء .. ألمح قصر بعيد  فوق التّل .. تخفي معظم ملامحها الضباب و الظلام ..

أرضي شاسعة  و صخور مرتفعة  أجتازها و كانني في نزهة ليلية في أحد الملاهي المخيفة المهجورة ..

في وقت الذي وصلت معه .. كنت مبهورة الأنفاس ..

و الأكثر مثقلة الصدر .. الوسواس و الشك يلعب بي ..يساورني التردد في الإقدام ..أشد يدي في عصبية و توتر .. هناك جمع غفير قرب القصر  و كأن جميع أهالي القرية إجتمعوا هنا لسبب مهم .. بدو و كأنهم جاؤو أفوجا ليرو عرض ثري ..

يُلفتهم حضوري المربك ..ينظرون نحوي و كأنهم كانوا في إنتظاري  .. أشهق في جزع .. ثمة لمسة غير مريحة و غير طبيعية في سلوكهم .. نظرات صموت .. روائح أنفاسهم الثقيلة تمتزج مع روائح التبغ و الزراعة

ملابس قديمة و رثة .. من موديلات القرن الثالث .. النساء محتشمات  يغضين رؤوسهن بالمناديل البيضاء ..  الرجال يلبسون القبعات ..

خفت أن يكونوا أحد الجماعات أميش.. الدين يعيشون في عزلة عن العالم ..

ببطء تزداد كثافتهم نحوي .. كذباب محتشدة .. جفلت في رعب و تواريت خلف يوري مثل طفلة في الثالثة من عمرها تخرج للعالم في المرة الأولى ..

يلوح يوري يده و يقول بصوت مرتفع

" أيها القوم .. سوف نتحدث عن الأمر الجلل غدا .. فلقد التأخر الوقت كثيرا .. إذهبوا الى منازلكم هذه الللية و أوصدوا أبوابكم ! " 

" من هؤلاء ؟!

" لا تقلقي .. لم يأتوا إليك !
" لكنهم كانوا ينظرون إليّ بطريقة غريبة !

" إنهم هكذا مع الغرباء .. لا  نرى كثير من الزوار هنا .. فالجو بارد طيلة السنة !

..

كان القصر مريبا لدرجة مبدعة و مفزعة .. الأصوات و الهمسات و الضباب الكثيف الذي يحجب رؤية أي شيء في منتصف النهار هو أحد المشاهد المالوفة في القصر ..

قاطع أفكاري صوت متجهم ثقيل الظل .. ثم ظهرت من خلفي إمرأة شرقاء جميلة .. كثيرة الزينة و رشيقة .. ربطت ذراعها بذراعي يوري

" ما الذي أخركم .. لقد كنا نتظركم منذ فترة يا عزيزي ..

ثم طبعت قبلة سريعة في فمه ..  .

يوري " عفوا , عليَّ أن أعرفك أفراد عائلتي , هذه زوجتي إيسبيلا !

تابع يشير يده نحوي " و هذه مارية .. الفتاة التي أخبرتك عنها !

لوهلة توقف نبضات قلبي .. ثم شعرت بطعنة قوية في صدري .. كأنه شد عضلي من مكانه .. حاولت أن أمثل فرحتي بإبتسامة باهتة .. لكن بقي الصدمة معلقة في دائرة عينيّ الواسعتين

مدت المرأة يدها نحوي و هي تتناغى كلمات الترحيب بطريقة مسرحية

" أهلا يا مارية .. سمعت عنك كثيرا .. أرجوك تفضلي في الدخول !

أجتهد لكي أبدو طبيعية أمامهم ..و أبتلع مزيج من الغيرة و المقت و الهزيمة التي تهيمنني .. من العبث أن أقول بأنني لا أشعر كل هذا .. هناك وحش مفترس يزمجر في  داخلي .. يمدد دمامته و تجشؤاته و هو يأكلني بعنف !

  تفضحني نبراتي التي أردت منها أن تخرج واثقة فخرجت متوترة و متعثرة

" نعم .. شكرا لك .. أنت حقا لطيفة و جميلة ..بالذات  جميلة  !  .

تبا .. شعرت بإحراج شديد .. لماذا كان علي أن أتفوه بالحماقات .. لقد صدر مني دبدبات خفيفة في يدي و أنا أصافحها .. كانت تبتسم لي بمكر ..تبدوا إمرأة مجتمعة واثقة من نفسها .. أنظر بقلق الى فتنة التي تمارسني عليّ ..لقد هزمت و سحقت تماما .. بدوت هشة أو لا شيء أمامها 

بخبث الرجولة الماكرة  كان يقف هناك يراقب بشيء من الإستمتاع .. تلك الشرارة المرتبكة التي كانت بيني و بين زوجته ..يسلية تأمل حيرتي و هزيمتي ..  و كأنه فارس قواد  !

إجتزت العتبة تاركة بعض أحلامي التي تشهمت بين الأقدام .. شعرت و أنا أدخل القصر ببرودة شديدة تتسلل الى أطرافي .. و كأنما زوج بي فجأة بقلب شتاء القطب الشمالي ..

لماذا لا يستخدمون المدفأة .. و لماذا أنا الوحيدة التي تشعر كل هذا البرد ..باقي أفراد عائلته كانوا جالسين حول طاولة كبيرة حيث ذهب بي يوري .. ليعرفني بهم ! يبدون مرتاحين بهذا الطقس و كأنهم مخلوقات شتوية ..

هناك ألينا التي تلوح وسط الأسرة كرمز جميل و جاذبية ..

أخت يوري  المراهقة .. شقراء ضامرة من ذلك الطراز القلق التي لا تعرف ما تريدها ..ترتدي نظارة طبية سميكة تعلو أنفا دقيقا و شفتين رفعتين ..إرتباكها أمام أخ إيسبيلا و  الهالات تحت عينيها تقول الكثير..

إبتسمت لها في تعاسة

إعتادت الينا شقيقة يوري وجود إستيفن تحت سقف منزلها و في تفاصيل يومها ..حتى مالت أشرعة سفن قلبها نحوه.. للمرة الثانية لا أعرف إذا كنت اقرأ افكارهم أم لا ..

هناك أيضا إستيفن .. أخ زوجة يوري .. النمط الذي تعجب به الفتيات ..ذا شعر أشرق ..

ثم هيري ابن عمه ..ينظر الي بشفقة

لا أمقت شيء في الحياة مثل الشفقة ..و أن أعوز لإستحسان الغرباء .. كنت أرى هذا نوعا خاصا من الإحتقار .. شعوري بالنقص في حضرتهم جعلني أقرر

ثم فيما بعد تكلمنا عن وجودي هنا .. و أنني لا أقبل الإستحسان .. طلبت منه أن يكون لي دوري هنا ..و أن أعمل .. رحب بالفكرة كثيرا

*****

حجرة ضخمة .. مؤثثة بعناية فاخرة .. و بثراء فاحش .. أرضية رخامية .. و سجائد بجلد الدبب القطبية ..

في الوسط  سرير إمراطوري لشخص واحد يحتل مكانا كبيرا بالقرب من المدفأة .. شعرت بفرح كبيرا .. و أخيرا مدفأة .. ظننت أنني سأموت بالبرد هنا .. بسرعة تكورت فيه .. ثم إنزلقت تحت البطاني أنكمش فيها .. أمدد أصبع قدماي المتجدتان نحو المدفأة ...

ثم  بدأت حماسي في الاستعداد لساعات من الراحة بعد السفر الطويل المرهق

لكن النوم يجافييني هذه الليلة برغم حاجتي الشديدة له ..أحاول أن أستوعب كل هذا الكم من الجنون و التناقض الذي أعيشه .. جزيرة غريبة ..نظرات أهل القرية  ..و يوري الذي فاجئني اليوم بزوجته .. ثم من يستطيع النوم في القصر العجيب ؟!.. فضولك سيكون عاتبا .. ينتابك نشوة الإكتشاف ..هناك فضاءات واسعة لا يمكن عبورة .. أزقة و ممرات مجهولة و كثيرة .. و كأن القصر يتكون مجموعة من المباني كمدينة صغيرة ..

و أنا أمشي في ممرات القصر المرصوصة بمصابيح ضيئلة و لوحات زيتية قديمة موسيقى الفزع و التوتر تقرع أعمدة قلبي .. لقد كان القصر مريبا لدرجة مبدعة و مفزعة .. الأصوات و الهسيسات و الضباب هو أحد المشاهد المألوفة في القصر .. لماذا الأمور الغريبة و الغامضة تحدث لي ؟ كل شيء غير طبيعي هنا يؤكد لي بأن حياتيبجملتها ) كان مخططا .. يوري الذي كان مدرسي منذ الإبتدائية

تحيرت طويلا بين الحماية و الثقة  التي يمنحني إياه و بين الغموض و الشكوك التي تدور حوله ؟

تسجع في باطني أنغام الحيرة و الشكوك .. تهتاج حواسي  و ترقص الإرتجاف على أطراف يديّ و رجليّ .. هناك رياح و برودة تتسلل في أحد الشبابيك الطويلة .. يضرب أشرعتها بعنف .. من خلفها ضجيج البحر يعلن سطوته حتى في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..

مشيت طويلا حتى شعرت بأنني قد ضعت تماما عندما حاولت الرجوع .. صرخة غريبة تقطع سكون الليل .. يرتبك قلبي ..شيء ما يتحرك فوق السقف بحركة إنسيابية و عجيبة .. ألتفت حولي في حيرة ..أسمع همهمات و حديث غير واضح ..يرتجف أوصالي ..

ما كل هذا .. لا بد و أنني أتوهم !

تعوذ الصرخة مجددا .. تجري قشعريرة الخوف في روحي .. أجرى .. أعدو .. متاهة الممرات لا تنتهي .. ألتفت حولي كمن يطاردها أحد .. ثم يعترض طريقي جدار .. وصلت في نهاية ردهة تحت ظلام خفيف .. هناك تماثيل عتيقة ..و صورة على الجدار ينذر بوحشة الهجر و الغياب

..
  ... ألوانها قد تزايلت و فقدت نظارتها !
تأملت .. صورة إمرة باهرة ساحرة .. عيناها رماديان عميقان كعينى يوري , الأنف القرنفلي الدقيق .. شفتان رقيقتان .. أشبه بأليان !
و لعلها صورة أمهم أو جدتهم ..

.. !
و لكن شدني هذه الصورة التي تشبه زمن الجريح , تركت في محطة باردة تلقي الإهمال كروح في سحابة الضياع و الوحدة !
الرياح العاتبة تضرب النوافد ببعضها .. و الستائر تتماوج كبحر غاضب ..و الإنارة خافضة في الردهة , و كان الطقس شديدة البرودة .. يشعرني بعدم الراحة ..
أشحت وجهي عن تلك الصورة .. و أتجه نظراتي العميقة الى البلورة الناعمة فوق المدخنة

في داخلها قلادة وردية جميلة .. تحركت يدي تلقائيا بلا تفكير ..

, إستهوتني بشكل غريب .. جعلني أطيل النظر ..تتحرك و كأن فيها أراوح جميلة تتماوج تحتها .. شعرت كأنها تستحودني .. أو أستحودها

لم أشعر  و أنا أضعها في رقبتي .. و أهلوس بجنون و كأنني صرت ملكة كيلوبترا .. لقد شعرت الجشع يتملكني كالمس !

!
و في لحظة .. سمعت صوت خلفي .. تملكني الذعر .. و أدرت وجهي ببطئ .. إنه هو إستيفن ..
" ماذا تفعلين هنا !"
وجه كالح مجدور !
بادرت بالإعتدار على الفور .. " أنا آسفة .. آسفة .. كنت "
و لكنه قاطعني بنبرة باردة " لا يجب أن تكوني هنا .."
قلت و أنا أخشى أن يسمع نبضات قلبي المفضوحة " حسنا .. سأذهب "
أمسك كتفي النحيلة يهزني بقوة و قد لاح في وجهه نظرة مخيفة و جادة

" إسمعني .. يجب أن لا تأتي هذا الجانب من القصر أبدا .. و بإختصار لا تتجولي في القصر عندما يحل ظلام الليل .. خاصة عند غياب الجميع "

" عن ماذا تتحدث يا استيفن !"

" ألم يخبرك يوري شيئا ! ألم يمنعك ..."
قاطعته
" أنت تتصرف بغرابة ! أتركني ! فهمت ! لن آتي ! و لكن لماذا يجب أن تعاملني بالقسوة !"

هدءت نظراته .. ثمة قلق حائر على وجهه " ألم تفهمي .. ما كان عليك القدوم هنا.. انت لست بأمان في هذا القصر "

قلت " الشخص الوحيد الذي لا أشعر بأمان معه هو أنت ! بصراحة أنت تخيفني ! ترهبني ! أتركني "

بعد أن صراحته بكلماتي الغضابة الفضيعة .. هرولت في الردهة .. ثم صعدت الى غرفتي !!.

دخلت غرفتي مغلقة الباب ورائي .. يداهمني نوبات قلق وحزن و كآبة .. و خفقفان وصلت الى درجة المئوية ..

إرتميت على سريري .. منفرجة الساقين .. نافدة غرفتي مفتوح .. و صوت الريح قد إشتَّد .. و لا آبه شيئا ..

كانت الساعة قد تجاوز الثانية عشر ليلا .. حاولت أن أرغم نفسي بالنوم مرة اخرى .. لكني لم أستطع ! صور عديدة تمر ذاكرتي  .. أتذكر فيها حياتي و كيف إنتهت بسرعة مثل شريط سينمائي قديمة ..من الصعب أن أصدق ما شهدت وقع فعلا ..فكرة موت أخي يبدو لي كالحلم ..كيف مات ؟! لا توجد تفسير صحيح لقول ذلك !

هنا أيضا أسئلة لا تزال مطروحة أمامي ؟! ماذا كان يقصد إستيفن بكلامه ! هل صحيح بأنني لا أستطيع الوثوق بيوري ! و هو الذي أنقدني! !

تتراقص الأسئلة في عقلي لتولد أسئلة أخرى .. شعرت أن راسي سينفجر .. و من وسط كل هذه الحيرة تصاعد صوت من ورائي

" لا تستطيعين النوم ؟أنا أيضا !

إلتفت كالملوسوعة ورائي .. إنه يوري ..و لكن ما هذا الخوف الهائل في أعماقي .. شعرت و هو يتكلم من ورائي و كأن ملك الموت يقتنصني .. الأمور الغريبة و الغامضة التي تحدث طيلة الوقت تركني فيها طفلة هشة كثيرة الخوف و الهواجس

الخوف من أعمق مشاعر الإنسان .. يملك من القوة ما يهزم به كل بقايا ذرة من روحك !

نظرت إليه للحظات .. إنتظم فيها أنفاسي ..و هدأ بها قلبي ..

كان يحمل قدحا بيده .. و هو يقترب بضوء خافت على نحو ملحوظ ..و بدت عيناه متألقين ببريق شرير ..لثوان تجمد الدماء في عروقي .. ثم نظرت إليه مرة أخرى .. لا شيء .. كل شيء طبيعي .. تشتت نظراتي على الحجرة الضخمة .. كل شيء كما هو .. لا بد و أنني أتوهم !

التفسير الوحيد المنطقي لما حدث هو أنني فقدت عقلي و بدأت أهلوس وأهدي..

لقد عرفت الرجل طبيعيا طيلة دراستي في الثانوية .. رجلا يعشق التاريخ و يدرسه كما يدرسه .. لكني مع ذلك أستطيع أن أشم منه  تلك الرائحة المريبة فيه و الغامضة ..و كأنه يخفي سرا .. لم يكن يحبني فلماذا حاول حمايتي تلك الليلة ؟سؤال سيحكمه القدر بلا جواب !

إقترب بصمت و جلس بقربي ..

تمتمت و أنا أرسم إبتسامة هاربة في وجهي الحائر

" كيف عرفت بأني مستيقظه !

" إلتقيت بإستيفن ! أخبرني أنك تتجولين ليلا و هو شيء خطر !

" خطر !

" سنتحدث غدا .. إشربي هذه و حاولي أن تنامي ما تبقى من الليل !

مد القدح نحوي .. نظرت فيه بشكوك و قلت

" ماذا فيه ؟

" مجرد أعشاب .. سوف يهدأ أعصابك و يساعدك على النوم ..

شكرته بإقتضاب و أنا أدفعه في فمي مرة واحدة .. مخافة أن يكون الشيء مرا ..

بالفعل كما قال لي .. شعرت الإخدرار تسري بي بسرعة غريبة .. ثم شعرت الكون يدور في رأسي .. كل ما كنت اخشاه رحل الى غير رجعة .. إحساس غريب فعلا ؟مالت رأسي نحوه تلقائيا .. ثم غزتني الثقل فوق جفوني .. لم أشعر و أنا أغمضهما ببطء ..و هو يهدهدني كالطفلة

" نم يا صغيرتي .. نم يا صغيرتي

رايت البريقان يشعان من عينيه مرة أخرى  ! ثم  إبتسامة شيطانية ..

أراه بأعين زجاجية مرهقة ..سأنام رغما عن كل ما سيحدث ! إستسلمت لذلك الخدر اللذيذ

لا أعرف لماذا لا اشغل عقلي بالتفكير في الأمر بإهتمام .. و كأن قوة غريبة تلهيني و تنسيني بسرعة !

يتبع

Continue Reading

You'll Also Like

13.2M 611K 145
رواية أكشن وإثارة غموض وتشويق ورومانسي🌸 ودي المقدمة المقدمة : من منكم بلا خطيئة؟! من كان منكم بلا خطيئة فليلقني بجمر من النار ولكن ماذا إن كنت أنا...
283K 9.2K 27
الروايه تحجي على بنيه وكعت بحب ابن عمها وتعاني هواي بسبب حبها اله وبل اخير يتزوجها بس... ! اقرو الروايه مااحركها عليكم
12.6K 267 33
جزء أول... إقتباس:- رهف بعدم تصديق: إيــه عايزنا أصحاب ؟؟ههههههه ضحكتني والله.. حازم بدهشة منها:بتضحكى على إيه يا رهف..!!؟ رهف بحدة:آنسة لو سمحت ،، أ...
1.3K 270 6
بين ألسنة اللهب التي التهمت ماضيه، هرب إلى ظلال عالم آخر، حيث البشر والمصاصون يتقاطعون في صمتٍ قاتل. في قرية بعيدة، انتشل اروحًا من حافة الموت، محو...
Wattpad App - Unlock exclusive features