ミالعنب الأحمرミ

By violette_queen

1.2K 122 1.1K

" لا تبحت عن سيرة الرواية __عش داخلها " More

𝕮𝖍𝖆𝖕𝖙𝖊𝖗 𝕴𝕴
ℭ𝔥𝔞𝔭𝔱𝔢𝔯 𝔗𝔥𝔯𝔢𝔢
𝕮𝖍𝖆𝖕𝖙𝖊𝖗 𝕱𝖔𝖚𝖗

ℭ𝔥𝔞𝔭𝔱𝔢𝔯 𝔬𝔫𝔢

395 38 301
By violette_queen

في إحدى القرى الهادئة المنتشرة بين تلال اليابان الخضراء، كان هناك منزل ريفي صغير مبني من الخشب، يحتضن بين جدرانه حياة بسيطة لا تخلو من السعادة. هنا، عاشت ساكرا، الفتاة الصغيرة ذات الشعر الوردي الفاتن الذي يتلألأ تحت أشعة الشمس كالأحجار الكريمة.

"ساكرا! ساكرا عزيزتي، أين أنت؟" صرخت أمها من الشرفة الخشبية، وصوتها يتردد بين الحقول المترامية.

لم تمض لحظات حتى ظهرت ساكرا من بين أشجار العنب، قافزة ومرتدية فستانًا أزرق بسيطًا. شعرها الوردي كان مبعثرًا، وخصلات منه التصقت بوجنتيها المتعرقتين.

"هنا يا أمي!" ردت بصوت مرح، وابتسامة عريضة ترسم ملامحها الطفولية.

"عليك أن تأكلي غداءك الآن، لقد أعددته لك." قالت الأم برفق، ممدة يدها لتمسك بيد ابنتها الصغيرة.

ساكرا اتبعت أمها بخطوات راقصة، وعيناها تتجولان على المشهد المألوف. الحقول الممتدة من العنب، وأشجار الكرز في البعيد، كل شيء هنا كان يبعث السلام في قلبها الصغير.

عند مدخل المنزل، كان والدها ينتظرهما بابتسامة عريضة. يداه المتشققتان من العمل الشاق كانتا تحملان سلة من العنب الطازج.

"أهلاً بكما!" هتف بصوت حماسي ، ثم انحنى ليقبل جبين ساكرا بحنان. "هل استمتعت باللعب في الحقول اليوم يا ابنتي الصغيرة؟"

ساكرا أومأت برأسها، شاردة بعينيها في حبات العنب السوداء واللامعة. "نعم يا أبي، لقد كان يومًا رائعًا!"

بعد تناول الغذاء، كان كيزاشي والد ساكرا منكبًا على قطف العنب من كرومه الصغيرة. و إبنته تساعده بنشاط، تقفز من شجرة إلى أخرى، جامعة العناقيد الناضجة في سلة صغيرة من القش.

"ساكرا عزيزتي، هلا جلبت لي الدلو الصغير؟ سأحتاج إليه لري الأشجار قبل المغادرة." قال كيزاشي بصوته الهادئ وهو يبتسم لابنته.

ساكرا أومأت برأسها وانطلقت راكضة نحو المنزل، شعرها الوردي يرفرف خلفها كالرايات الحريرية. لم تمض سوى لحظات حتى عادت حاملة الدلو البلاستيكي الصغير.

لكن عندما اقتربت من أبيها، لاحظت مجموعة من الرجال الغرباء يتجهون نحوه بخطوات حادة. كان ثلاثة رجال بثياب رثة ووجوههم تكسوها علامات غضب وشراسة.

ساكرا توقفت في مكانها، شاعرة بالخوف يتسلل إلى قلبها الصغير. الدلو البلاستيكي بدأ يرتجف في يديها.

أحد الرجال الغرباء أمسك بياقة قميص كيزاشي وسحبه نحوه بقوة. "أين هي نقودي؟ لقد انتظرت طويلاً!" صرخ في وجهه بصوت جهوري.

كيزاشي حاول التحرر من قبضته لكن الرجل كان أقوى منه. "سأدفع لك غداً، أرجوك صبراً لبضع ساعات فقط!" التمس بصوت مرتجف.

الرجال الآخران تقدما نحوه أيضاً، أصواتهم عالية وملامحهم متوعدة. ساكرا شعرت بالدموع تملأ عينيها، وقلبها يخفق بسرعة فائقة في صدرها الصغير.

ساكرا شاهدت المشهد بعينين واسعتين من الرعب، و هي ترى أباها يتعرض للمعاملة القاسية ، شعرت بغصة في حلقها و لم تستطع التفكير سوى في حماية والدها من هذا الظلم.

"دعوه وشأنه!" صرخت ساكرا بأعلى صوتها، وبحركة سريعة رمت الدلو البلاستيكي نحو الرجل الذي كان يمسك بياقة والدها. الدلو أصاب رأس الرجل بقوة، مما جعله يتراجع و يصرخ من الألم "آع"

"أوه، ابنة عاهرة!" نظر إليها الرجل بعينين متوحشتين، وهو يمسح العرق من جبينه. أشار إلى رفاقه الآخرين، "امسكوا بها!"

في لحظة، أمسك الرجلان الآخران بساكرا من كلا جانبيها، قابضين على ذراعيها الصغيرتين بقوة مؤلمة. ساكرا صرخت وحاولت التخلص منهما، لكن قبضتهم كانت قوية جداً.

"ابي! أبي!" صرخت باكية، محاولة الوصول إلى والدها الذي كان لا يزال تحت سيطرة الرجل الأول.

الرجال ضحكوا بصوت عالٍ وسخروا منها. "هذه ابنتك هاه؟" قال أحدهم إلى كيزاشي، وهو يشير إلى ساكرا الصغيرة التي كانت تكافح للتحرر. "ربما يمكننا أخذها كرهينة لضمان حصولنا على أموالنا."

كيزاشي شحب لونه وهو ينظر إلى ابنته الصغيرة بعينين مليئتين بالرعب و العجز. "لا، أرجوكم لا تؤذوها! هي مجرد طفلة!"

تواصل المشهد المروع أمام عيني ساكرا الصغيرة، حيث بدت عاجزة تمامًا أمام قوة هؤلاء الرجال الأشرار. كانت تصرخ وتتخبط في محاولة يائسة للتحرر من قبضتهم الحديدية، لكن كل جهودها ذهبت أدراج الرياح.

"ابي! ساعدني أرجوك!" صرخت ساكرا بصوت مبحوح بالبكاء، وجسدها الصغير يرتجف من الخوف والألم. دموعها كانت تتساقط بغزارة على وجنتيها الوردية.

كيزاشي حاول مرة أخرى التصدي للرجل الذي كان يمسك بياقته، لكن صفعة قوية على وجهه أسكتته وأرغمته على الجثو على الأرض. "لا تفكر في التصرف بطريقة أخرى غير سداد ديونك لنا!" هدر الرجل في وجهه.

أحد الرجلين الآخرين الذين كانا يمسكان بساكرا، رفعها عن الأرض قليلاً وضحك في وجهها بازدراء. "ماذا لو قتلنا هذه الفتاة الصغيرة هنا وهناك أمام عينيك؟ هل ستدفع لنا حينها؟"

عيناه كانتا حادتين وشريرتين، ونظراته الخبيثة كانت تتحسس ساكرا من رأسها إلى أخمص قدميها، كما لو كانت لعبة جديدة للتسلية.

كيزاشي ارتعد وصرخ، "لا! أرجوكم لا تفعلوا ذلك! سأدفع لكم كل شيء غدًا، فقط لا تؤذوا ابنتي!"

الرجل الثاني الذي كان يمسك بساكرا ابتسم ابتسامة خبيثة. "حسنًا، سنراك غدًا إذن. لكن إذا لم تدفع، ستعرف ماذا سيحدث لهذه الفتاة الصغيرة الحلوة." وأشار إلى ساكرا التي كانت ترتجف من الخوف.

ثم دفعوا ساكرا نحو الأرض بقسوة، حيث سقطت على ركبتيها وأصابتهما جروح دامية. ضحك الرجال بشر وسخرية، قبل أن يتركوا المكان بخطوات متثاقلة، تاركين كيزاشي وساكرا الصغيرة في حالة من الرعب والصدمة.

بعد أن غادر الرجال الأشرار، سادت صمت رهيب في المكان. كيزاشي ظل جاثيًا على ركبتيه، وجهه شاحبًا ومرتعدًا من الصدمة لما حدث. أما ساكرا فقد ظلت جالسة على الأرض، تنظر إلى ركبتيها المدميتين بعينين دامعتين.

"ساكرا... ساكرا عزيزتي..." همس كيزاشي أخيرًا، وصوته مبحوح من البكاء. زحف نحو ابنته الصغيرة ببطء، وجذبها إلى حضنه بحركة حانية. "أنا آسف جدًا... لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد."

ساكرا بكت بصوت عالٍ، وأخذت تعتصر قميص والدها بيديها الصغيرتين. "لماذا أبي؟ لماذا فعلوا هذا؟ لقد كنت خائفة جدًا!" هتفت بين شهقات البكاء.

كيزاشي ربت على ظهرها برفق، محاولًا تهدئتها ثم أبعدها قليلاً وأمسك بوجنتيها برفق. " لن أسمح لهم بإيذائك مرة أخرى يا ابنتي. سأجمع المال كيفما اتفق وأسدد ديوني بأي ثمن."

أخذ ينظر إلى ركبتي ساكرا المدميتين وقلبه يتفطر لها. جلب قطعة قماش نظيفة وبدأ يضمدهما بحنان، مستخدمًا بعض الماء من الدلو المتبقي. ساكرا كانت لا تزال ترتجف وتبكي بصوت مسموع.

بعد أن انتهى من تضميد جروحها، حملها كيزاشي برفق وأخذها إلى غرفتها الصغيرة داخل المنزل. أضاء المصباح الصغير على جانب سريرها ووضعها برفق بين الأغطية الدافئة.

"حاولي النوم الآن يا ابنتي." همس لها بحنان، وهو يربت على شعرها الوردي المبعثر. "سأجد حلاً لهذا المأزق بأي طريقة ممكنة. أعدك ألا يؤذيك أحد مرة أخرى."

ساكرا أطرقت برأسها وفتحت ذراعيها الصغيرتين، تطلب منه أن يعانقها. كيزاشي فعل ذلك وضمها إلى صدره بقوة، وهي لا تزال تبكي في صمت. أخيرًا، بدأت عيناها تثقلان من التعب حتى غفت في نوم عميق.

كيزاشي ظل يراقبها لبرهة، ويديه ترتجفان من الخوف على حياة ابنته الوحيدة. وفي تلك اللحظة، أقسم على نفسه أن يفعل أي شيء لسداد هذه الديون، حتى لو كلفه الأمر حياته.


حلول صباح جديد •

في الصباح التالي، مشت ساكرا بخطوات متثاقلة نحو مدرستها الابتدائية الصغيرة. شعرها الوردي كان لا يزال مشعثًا و ركبتاها المجروحتان كانتا لا تزالان تؤلمانها بشدة مع كل خطوة.

عندما وصلت إلى المدرسة، كان معظم زملائها قد دخلوا الفصل بالفعل. وقفت عند الباب لبرهة، متردّدة قبل أن تدخل. كانت تعلم أن احتمال أن يلاحظ أحدهم جروحها ومظهرها المهمل كبيرًا.

"أنت متأخرة كالمعتاد يا ساكرا!" صرخت إحدى الفتيات من الفصل عندما رأتها تدخل. كانت فتاة تُدعى كيوكو، شقراء الشعر وذات ملامح حادة. "هل نمت في الحقل مع القطط والفئران؟"

ضحكات عالية انبعثت من الزاوية الخلفية للفصل، حيث كان مجموعة من التلاميذ الآخرين يسخرون من ساكرا أيضًا.

ساكرا شعرت بالدموع تتجمع في عينيها مرة أخرى. لكنها حاولت التصرف ببساطة وتحاشي النظر إليهم، متجهة نحو مقعدها في الصف الأمامي.

لكن قبل أن تصل إلى مكانها، انتفضت كيوكو على قدميها وانتزعت حقيبة ساكرا من على كتفها، مما جعلها تتعثر. "أخبرينا يا ساكرا، من الذي ضربك وأصابك بهذه الجروح؟ أبوك المُدمن؟"

المزيد من الضحكات المزعجة انبعثت من كل مكان في الفصل. ساكرا شعرت بوجنتيها تحمران خجلًا وحزنًا.

"اتركيني وشأني يا كيوكو..." همست بصعوبة، محاولة استرداد حقيبتها. لكن كيوكو رفضت وبدلاً من ذلك أخذت تنتزع محتوياتها وتلقي بها على الأرض.

"أوامر منك؟ لا أصغي إلا لأوامر الناس الأغنياء" قالت كيوكو بازدراء، وهي تنظر بنظرات حادة نحو شعر ساكرا الوردي الفريد.

ساكرا شعرت بالغضب يتصاعد في داخلها، لكن قبل أن تتمكن من الرد، دخل المعلم إلى الفصل مطالبًا بالهدوء. تحت أنظار الجميع، انحنت ساكرا وجمعت أغراضها المتناثرة بسرعة، قبل أن تهرول إلى مقعدها، آملة ألا ينتبه أحد إلى دموعها المنهمرة.

بعد الحادثة المؤلمة في الفصل، انتظرت ساكرا بصبر حتى حان وقت الاستراحة. عندها، خرجت من الفصل بهدوء وتوجهت إلى ساحة المدرسة الخلفية حيث كانت هناك زاوية هادئة بجوار بعض أشجار السرو القديمة.

جلست هناك بمفردها، جاعلة ظهرها يستند إلى جذع أحد الأشجار الضخمة. أخرجت علبة غداءها البسيطة وبدأت تلتهم محتوياتها ببطء، محاولة إخفاء دموعها المتجددة.

لم تكد تمضي سوى دقائق قليلة حتى سمعت خطوات تقترب. نظرت ساكرا للأعلى لترى كيوكو ومجموعة من تلميذات أخريات واقفات أمامها، ينظرن إليها بنظرات استهزاء.

"ماذا تفعلين هنا يا ساكرا؟ تتناولين غذاءك بمفردك مثل الكلبة الضالة؟" سألت كيوكو بلهجة ساخرة، مما تسبب في ضحكات خافتة من المجموعة.

ساكرا نظرت إليهن بعينين دامعتين لكنها لم تجب. حاولت التركيز على تناول غدائها فقط، آملة أن يتركنها وشأنها.

لكن كيوكو لم تكن لتسمح بذلك بسهولة. انحنت وانتزعت علبة الغداء من يدي ساكرا، رامية بمحتوياتها على الأرض. "أوه، آسفة جدًا!" هتفت بصوت مصطنع. "لقد سقطت طعامك يا فقيرة!"

وقفت ساكرا بسرعة، شاعرة بالغضب يغلي في داخلها. "لماذا تفعلين هذا يا كيوكو؟ ما الذي فعلته لك؟"

كيوكو ضحكت بصوت مرتفع. "أنت وجودك ككائن غريب الشكل يزعجني! شعرك هذا اللون الوردي القبيح، ووالداك الفقيران اللذان لا يملكان شيئًا. أنتم لا تستحقون حتى الهواء الذي تتنفسونه!"

التلميذات الأخريات ضحكن أيضًا، وأخذن يشرن نحو ساكرا ويسخرن من مظهرها. شعرت الفتاة الصغيرة بالذل والحزن يجتاحانها من جديد.

"اتركوني وشأني أرجوكم..." همست ساكرا، شعرها الوردي يخفي عينيها الدامعتين.

لكن كيوكو عوضًا عن ذلك، امتدت يدها وأمسكت بخصلة من شعر ساكرا وشدتها للأمام. "لماذا لا نقص هذا الشعر البغيض يا بنات؟ ربما ستبدين أفضل حينها!"

ساكرا صرخت من الألم وحاولت التحرر، لكن كيوكو كانت تمسك بها بقوة. التلميذات الأخريات بدأن يصفقن ويشجعنها على قص شعرها.

في تلك اللحظة، سمعن صوتًا قويًا يصرخ "ما هذا الذي تفعلنه؟!" كان أحد المعلمين يقترب منهم بخطوات سريعة...

عندما سمع صوت المعلم القوي، ارتعدت كيوكو والفتيات الأخريات وتراجعن للخلف، متخليات عن قبضتهن على ساكرا. كان المعلم هو السيد أوتشيها فوجاكو، أستاذ اللغة الإنجليزية لصفوف الرابعة والخامسة.

"ما هذا الذي تفعلنه هنا؟" صرخ السيد فوجاكو بصوته الجهوري، وهو يقترب بخطوات واسعة مترددة في ساحة المدرسة الخلفية. عيناه كانتا جادتين وراءه غاضب عندما رأى حالة ساكرا المزرية.

ساكرا ارتجفت وهي تقف هناك، محاولة إخفاء وجهها المبلل بالدموع من نظرات المعلم. شعرها الوردي كان في حالة فوضى تامة، وعلى ركبتيها لا تزال هناك آثار الجروح من اليوم السابق.

"س..سيد فوجاكو..." همست كيوكو، وهي تحاول التظاهر بالبراءة. "نحن لم نفعل شيئًا، فقط كنا..."

"اصمتي!" قاطعها المعلم بحدة، ثم التفت إلى ساكرا بتعبير أكثر لينًا. "ساكرا، هل هؤلاء الفتيات هن من سببن لك هذه الجروح؟ هل تعرضن لك؟"

ساكرا تطلعت إليه بعينين خائفتين، وهي ترتجف قليلاً. نظرت إلى كيوكو وباقي الفتيات اللواتي كن ينظرن إليها بنظرات حادة وتهديدية. شعرت بالخوف يخنقها، لكنها أومأت برأسها ببطء.

السيد فوجاكو أطبق فكيه بغضب، ثم التفت إلى المجموعة الأخرى. "هذا سلوك مروع وغير مقبول على الإطلاق! كيف تجرؤن على إيذاء زميلتكم بهذه الطريقة؟"

كيوكو وصديقاتها انكمشن للخلف، شاعرات بالخجل والخوف من غضب المعلم. لم يجرؤن على النطق بكلمة واحدة.

"سأتولى أمركن لاحقًا." تابع المعلم بصوت هادر. "أما الآن فعليكن العودة إلى الفصل على الفور والانتظار هناك حتى حلول موعد الحصة القادمة."

الفتيات أطعن الأمر على مضض وانسحبن بهدوء، منكسرات الرؤوس وشاعرات بالإهانة.

بعد أن غادرن ساحة المدرسة، التفت السيد فوجاكو مرة أخرى إلى ساكرا التي كانت تنظر إليه بعينين خائفتين وكئيبتين. ابتسم لها بتعبير لطيف وقال: "لا تخافي يا ساكرا، لن يؤذينك أحد بعد الآن. هيا بنا لنذهب إلى المكتب ونحصل على بعض المساعدة."

ممدًا يده نحوها برفق، قادها بعيدًا عن تلك الساحة التي شهدت العديد من المعاناة لهذه الفتاة الصغيرة. كان ساكرا تشعر ببعض الأمان أخيرًا، على الرغم من حزنها العميق.

تبع المعلم فوجاكو ساكرا الصغيرة عبر ممرات المدرسة الهادئة، متجهين نحو مكتب الإدارة. كان يمشي ببطء حتى تتمكن ساكرا من مجاراته بخطواتها الصغيرة، فيما هي تحاول كتم دموعها وآهاتها المتقطعة.

عندما وصلا إلى المكتب، استقبلتهما السكرتيرة بنظرة مستغربة. "استاذ فوجاكو؟ هل كل شيء على ما يرام؟"

"لا، للأسف." أجاب المعلم بجدية. "هذه الطالبة ساكرا تعرضت للإيذاء من قبل بعض التلميذات الأخريات. يجب أن نتصل بوالديها على الفور."

السكرتيرة لاحظت الجروح على ركبتي ساكرا والحالة المزرية لشعرها الوردي. شهقت بصدمة وأسرعت لفتح ملف ساكرا للحصول على رقم هاتف والديها.

في غضون ذلك، أجلس السيد فوجاكو ساكرا على إحدى الكراسي وجلس بجانبها. "لا تقلقي ساكرا، سنعالج جروحك. لن يؤذيك أحد بعد الآن."

ساكرا نظرت إليه بعينين حزينتين وممتنة في آن واحد. كانت تشعر بالأمان بجواره. همست بصوت خافت، "شكراً لك معلمي...لقد كنت خائفة جداً."

المعلم ابتسم لها برفق، مربتاً على كتفها الصغيرة. "آسف لما حدث لك. لكن تأكدي أن هذا السلوك لن يتكرر مرة أخرى."

بعد بضع دقائق، عادت السكرتيرة وأخبرتهم أن والدي ساكرا كانا في طريقهما إلى المدرسة. ثم أحضرت بعض المناديل ومعقم الجروح للمساعدة في تنظيف جروح ساكرا تلك.

بينما كان السيد فوجاكو ينظف جروح ركبتيها برفق، همست ساكرا، "أنا آسفة...لقد رأيتني في حالة سيئة جداً."

المعلم هز رأسه. "لا تعتذري أبداً عن أشياء لم تكن مذنبة بها. الذنب كله على من أساءوا معاملتك." ثم نظر في عينيها برفق. "أخبريني ساكرا، هل تعرضت للإيذاء في أماكن أخرى؟"

ساكرا تردّدت للحظة، ثم أومأت برأسها البسيطة. كانت لا تزال خائفة قليلاً، لكنها شعرت أنها يمكن أن تثق بهذا المعلم اللطيف.

فتحت فمها لتخبره بما حدث مع أولئك الرجال في الحقل، لكنها ترددت.

في تلك اللحظة الحرجة، حاول السيد فوجاكو إقناع ساكرا بالسماح له بتوصيلها إلى المنزل لضمان سلامتها. "ساكرا، دعيني أقودك إلى منزلك. لا ينبغي أن تسيري وحدك بعد ما حدث."

لكن ساكرا هزت رأسها بإصرار، رافضة عرضه. كانت تشعر بحاجة ملحة للاستقلالية وإثبات شجاعتها بعد كل ما واجهته ذلك اليوم. "لا يا معلمي، شكراً لك. سأعود إلى المنزل بنفسي."

نظر فوجاكو إليها بقلق، لكنه لم يجادلها حينها. "حسناً إذن، لكن كن حذرة جداً."

ساكرا أومأت وابتسمت ابتسامة صغيرة، قبل أن تلوح لوالدها وتنطلق في طريقها إلى المنزل.

بدأت ساكرا مشيتها عبر شوارع القرية الصغيرة، محاولة تجاهل الآلام المتبقية في ركبتيها. كانت جروحها قد تم تضميدها الآن، لكن ذكريات ذلك اليوم لا تزال غازية أفكارها.

فجأة، سمعت صوت محرك سيارة يقترب من خلفها. التفتت ببطء لترى سيارة سوداء كبيرة تسير ببطء في نفس اتجاهها. شعرت بموجة من الخوف تجتاحها، لكنها حاولت السيطرة على مخاوفها.

في تلك اللحظة، كانت منشغلة بالتفكير لدرجة أنها لم تلاحظ الرجل الضخم الواقف أمامها حتى اصطدمت برأسها في صدره بقوة.

قبل أن تتمكن من الاعتذار أو حتى رفع بصرها، شعرت بيد قوية تمسك بذراعها وترفعها عن الأرض. نظرت بذعر لترى ذلك الرجل الغريب يحملها، فيما رجلان آخران يقتربان منه من السيارة السوداء.

"أهلاً بالرهينة الصغيرة لدينا!" هدر أحدهم بصوت خشن. "ستكونين بمنزلك الجديد قريباً."

ساكرا صرخت بكل قوتها، محاولة التخلص من قبضة الرجل عليها لكن جهودها كانت عبثية. شعرت بالدموع تملأ عينيها من الخوف والذعر.

فجأة، سمعت صوتًا آخر يصرخ "اتركوا الطفلة وشأنها أيها الأوغاد!" كان السيد فوجاكو قد رآهم من سيارته وهرع للمساعدة.

الرجال التفتوا نحوه بنظرات غاضبة، لكنهم كانوا أكثر عددًا وقوة. أحدهم أشار إليهم بمسدسه وهدد "تحرك قدمًا واحدة يا رجل، وستندم!"

في تلك اللحظة الحرجة، لم يكن السيد فوجاكو قادرًا على فعل شيء سوى الوقوف جامدًا، شاهدًا على اختطاف تلميذته الصغيرة أمام عينيه العاجزتين.....




We will continue later 💜

1/- رأيكم بالفصل ؟

2/- هل هناك أي انتقاد ؟

30 تصويت + 30 تعليق = فصل جديد

💜💜💜


Continue Reading

You'll Also Like

729K 15.5K 45
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
6M 170K 109
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
382K 18.1K 24
مًنِ قُآلَ أنِهّآ لَيَسِتٌ بًآلَأمًآکْنِ کْمً آشُتٌآقُ لذالك المكان الذي ضم ذكريات لن تعود
640K 31.8K 34
كان القلب فارغ وحاضري اراه يشبه ماضي،، الحب لم اعرفه ولم اعشه اتاني فجأه كهديه من السماء وعرفت ان العمر هو مجرد رقم لايتحكم بالقلب ولا بالروح عندما...