الفصل الثاني عشر
لعل مدينة سيول كانت تحتاج إلى قصة حزينة تهديها الى شعبها وتجسدت قصتها هي هناك ،لاول مرة ارادت ان تبكي ،اظن ان البكاء لن يغفر لها لأنها سجنته طويلا ، لا يوجد احد لايبكي ، يخرج الجميع للحياة وهو يصرخ باكيا ، تخاف ان تبكي او تشارك احزانها لتكون تذكرة بوحها بألمها مكلفة جدا .
بعد ان حلت مشكلة اخت الزوج ،اتجهت الى غرفتها لتستلقي لعلها تريح جسدها المضروب قليلا ،ليدخل عليها زوجها ،يجلس على مكتبه يخرج اوراق بيضاء من داخل الدرج
ليتلفت الى زوجته وينهض يقترب منها وهو حامل الاوراق التي لا أحد يدري ما بداخلها
جلوسه امامه جعلها تنزع يديها من فوق عينيها ،لتناظره باستغراب
ماذا تريد ؟
خذي
تعقد حاجبيها باستغراب
ماهذه الاوراق ؟
ليصمت قليلا ثم يردف
انها اوراق محلاتك ،الم تبيعها ؟
اجل ولكن ماعلاقتك انت ؟
لقد اشتريتهم
لتتوسع عيناها ،لتسقط الصدمة على قلبها لتسأله
ولماذا ؟
ليجيبها
لا أريد أن أكون شخصا يدمر حياة زوجته ،لقد اشتريتها واعدتها على اسمك
لتقاطعه
هل تعني انك ستسمح لي بالعمل
لم أقل هذا
اذا لما اشتريتها ؟
من اجل ان لا يذهب تعبك ، سافكر في موضوع عملك ،للان سيتولى مدير اعمالك تسيير محلاتك ،حتى يتم حل الموضوع
لتمتلأ عينيها بريقا ، تنظر له شاكرة على ما فعله ،ظنت انها خسرت كل حياتها وان عملها الذي تعذبت من اجله قد إختفى في لمح البصر ولكن كان لزوجها رأي آخر ، كما كان السبب في دمار عملها كان سببا في اعادة ترميمه ، ليكون بهذا قد كسب قلب زوجته .
لتحضنه بسرعة بدون شعور منها تشكره ، لتتوسع عيناه على فعلته
شكرا لك ، شكرا لانك انقذت تعب ستة سنوات ،شكرا لانك لم تدع احد يأخذ تعبي ،لم تسمح لاحد آخر بشراء محلاتي واخذهم من بين يدي .
ولكن توقفت لدقيقة بعدما تسللت فكرة الى داخلها لتفصل الحضن تناظره باستغراب لتسأله
هل عدت لعشيقتك لهذا فعلت هذا ؟
ليضحك بسخرية
وكيف تكونين متأكدة انني انفصلت عنها لتسألي ان عدت إليها
رفعت حاجبها تناظره بغضب
اعطني هاتفك
ليجيبها
لا أريد
لتضرب لسانها بجوفها ، تمسك هاتفها
سترى اذن
على ماذا تنوين ؟
انت أردت هذا.
تمسك بهاتفها لتردف فجأة امامه على الهاتف
مرحبا جيم كيف حالك ؟
رفع حاجبه فقد لفظت اسم رجلا امامه لتكمل
ما رأيك ان نلتقي الليلة في الملهى لنستمتع
وهنا كان غضبه قد وصل لذروته ، ليمسك هاتفها ويأخذه منها
ايتها العاهرة كيف تتجرأين ؟
لتضحك بسخرية ،وتقترب منه
انا عاهرة ولكن ليس هناك عاهر اكبر منك زوجي العزيز
لتأخذ هاتفها من بين يديه ولكنها يوقفها
ستقومين بمسح كل ارقام العاهرين لديك
وهل امسح رقمك فانت ايضا عاهر ؟
ليمسكها من فكها
لا تتطاولي بلسانك علي والا اقصه لك ،والان ستمسحين رقم كل رجل تملكينه فهمت
لتنزع يديه عنها رادفة
وانت ستقوم بمسح رقم كل عاهرة تملكها ،تمسح فأمسح لا تمسح وتستمر في العابك ،استمر انا في العابي ولك الخيار
يحدق بها ، والغضب يتملكه ،مهمتها ان تلعب باعصابه ،فهي تتسلى كثيرا بهذا
ليخرج هاتفه يقوم بمسح كل الارقام ولكثرتها تبدأ في شتمه
لقد مسحتها دوركي
لتأخذ هاتفها تمسح امام عينيه كما هائل من الارقام فهي ايضا ليست قليلة ،لتنظر له تراه مصدوما من الارقام الكثيرة لتردف
لست عاهرة مثلك ،هؤلاء زملائي في العمل وليسوا عاهرين اتسلى معهم ،لست مثلك ولا تفكر بمقارنتي بك
ماذا تظنيني ؟
لتجيبه
عاهر, فاسق ،حقير ،محب للنساء
ليضحك بسخرية
صحيح لم تخطئي ولكن اظنك اكثر حقارة مني
فرقصك ذلك اليوم يدل على انك عاهرة
لتجيبه
كان الرقص احد هوايتي وتعلمته بيني وبين نفسي ولا احد رأني ارقص من قبل ولكن انت وعشيقتك دفعتماني للرقص ذلك اليوم ،اردت ان اريها مكانتها . و اعلم انها عرفت من اكون فقد رأيت نظراتها نحوي .
ليسألها
هل هذه غيرة منكِ ام ماذا ؟
لتضحك بسخرية
ربما جورجينا تغير من فتاة تكون انجح منها في أعمالها ولكن لا اغار من حقيرة تجلس مع رجل متزوج ،لا اقارن نفسي مع عاهرة ملاهي وعاهرة نقود ، وانت أيضا من الاحسن ان لا تقارن زوجتك مع عشيقتك .
ليردف
جيد
حسنا بما انني سعيدة لانك ارجعت لي محلاتي
فهل يمكنك أن تؤخذني لاحتفل ؟
ليضحك بسخرية
انت مجنونة هل تعلمين ؟ تتحولين في لمح البصر أحيانا تستأذنين من اجل شيء وتطلبين بكل تواضع واحيانا تفعلين ما تريدين دون حتى ان تشاوريني ،غريبة انتِ
لتجيبه
فعلتك اليوم واسعادي بمحلاتي جعلتني اطلب منك ، ان كنت لا تريد أستطيع الذهاب وحدي
اخرجي وحدك وسترين كيف اكسر رجليك
وحدي ؟ اذا ستأخذني صحيح ؟ حسنا ساجهز نفسي في المساء ، وكشكر مني ساجهز ملابسك ايضا
لايمكن ان نمضي في موسيقى الحياة بعيدا ان لم نضبط ايقاعنا ، الايقاع يمنعك من ان تلهثي او تمضي في طريق غير مدركة لنهايته ،اعزفي على اوتار الحياة وراقصي عملاق الدنيا "القدر " وتحكمي في ايقاعك هكذا سينير الضوء طريقك
كانت تحاول ان تطبق هذه المقولة كل صباح ولكنها لم تنس شيء ،لقد عقدت الذاكرة معها عقدا ،كان كالمد والجزر تعود الذكريات كالامواج الى شاطئ حياتها وهي جالسة على طاولة الملهى الليلي مع زوجها بعيدا عن قذارة المكان ،ولكن يمكنهما رؤية كل شيء .
اخذها للاحتفال كما طلبت منه ،ربما لم يهن عليه قلبه ان لا يلبي طلبها ،سمح لها بأن تشرب ،سمح بكمية محدودة فقط .
ولكن كانت ترتشف كأسا وراء الاخر ،جائت لتحتفل فوجدت نفسها غارقة في بحر ذكريات مؤلمة .
يكفي ضعيه كم من مرة ستشربين بعد
كم انت ممل جدا ،دعني اشرب اتينا لهذا المكان لنشرب القهوة مثلا
لتسكب السم الذهبي في الكأس
قلت يكفي ،الم تري انك ستصبحين ثملة بعد ثواني
لتردف وهي تكاد تقع من ثمالتها
هل تشعر بعدم الراحة زوجي ؟ هل تريد ان ترفه عن نفسك بنساء المكان هاااا هل اناديهن
جورجينا افيقي ،وامسكي نفسك قليلا
سيطر عليها مشروب قذر بعد عدة كؤوس منه
لتنهض من الطاولة فور تشغيل الموسيقى
انها اغنيتي المفضلة ،هيا لنرقص
عودي الى هنا ، من سمح لك بالرقص
لتجيبه بثمالة وهي تتمايل نتيجة سكرها
اوووف اتركني اريد الرقص زوجي الممل
لينهض يحاول ان يجلسها
اعرف رقصك زوجتي العاهرة اجلسي لن ترقصي
ليسقط على اريكة سوداء مصنوعة من الجلد وتسقط فوقه
لتردف وهي تضحك بثمالة
اوووه لقد سقطت على زوجي ،اسفة اسفة هل انت بخير ؟
ليردف
يا الهي لما جلبتها إلى هنا واقحمت نفسي مع جنونها
ليخاطبها
هيا انهضي انهضي
لتضع رأسها على صدره الايسر ويدها على صدره الايمن لتردف
حضنك دافئ جدا دعني اجلس قليلا ثم سانهض
لتردف بعد مكوثها في حضنها لثواني
انني اتألم
لينظر لها وهي بين احضانه
كدمات جسمك لم تشفى طبيعي ستؤلمك
لست أتحدث على كدمات جسمي بل على كدمات قلبي ،انه يؤلم
لترفع رأسها تنظر له فينزل هو بدوره عيناه يقابلها ليسألها
وما به قلبك ؟
أنه يحترق
لما ؟
اريد ان اسألك شيء ،هل انا فتاة سيئة ؟
يرجع خصلات شعرها الاسود خلف اذنها بينما جسمها يقبع بين احضانه ورأسها فوق صدره ويجيبها
أعتقد ذلك
وهل الفتيات السيئات لا يستحقن السعادة ؟
بل يستحقن
اذا لما انا لم تكتب سعادة بجانب اسمي ؟
لا أدري
يتوقف قليلا ثم يكمل
ولكني اعلم ان كل شخص ستسكنه سعادة كبيرة في وقتها المناسب ،كل لديه سعادة خاصة به
هل تقول لي انني سأكون سعيدة يوما ما
اجل
لتضحك
مالمضحك ؟
لا شيء فقط ، ساثق في كلامك وانتظر سعادتي على قطار القدر لتنزل في محطتي حياتي
ليسألها ببرود
هل تألمتي كثيرا ؟
لتجيبه وهي شاردة في الأضواء الملونة لملهى ليلي يعج بالموسيقى الصاخبة ،وتلف يديها حول جسده
لم اتعذب فقط بل تحملت ما لا تستطيع فتاة تحمله
هل صحيح كان والدك يضربك ؟
عندما كنت صغيرة وارتكب اخطاء كان يحبسني في خزانة مضلمة بعد ضربي ويتركني هناك حتى يحل الصباح ،لم يكن أبا كان وحشا .
سمحت لنفسها بالبوح بألمها ،فالخمر كان الطريقة لتبوح بكل شيء قبل أن تنفجر ،سمحت بمشاركة المها مع زوجها الذي لا تعرف شيء عنه
احست بدفئ جعل مشاعرها تخرج بلا وعي منها ،غير مهتمة بسعر تذكرة البوح بالألم فنحن نكبر امام العالم كي يكون لنا الحق ان نضعف امام شخص واحد .
لتكمل
لم يكن لي احدا اعتمد عليه ،خفت من ارتكاب الاخطاء خشية ان اموت من الضرب ، لم يكن لي سندا الجأ له عندما سقطت كنت دائما ما انهض بعد سقوطي لوحدي ،ضمدت جراحي وحدي لم يكن احد بجانبي
لتناديه باسمه
جونكوك
لينظر لها
نعم
لترد عليه بثمول وعيناها تكاد تغلق
لا تلمني لانني فتاة سيئة ، فإن الحياة كانت قاسية علي ولم يكن احد معي لاواجهها ، كنت وحيدة على حلبة المصارعة ولم يكن رجلا يحميني لذا لا تظن انني سيئة حسنا ،على الأقل كن أنت الشخص الوحيد الذي يظن انني فتاة تستحق ان تكون على هذه الحياة
ليبتسم وهو ينظر لها ولعينيها
لن الومك فأنا صرت اعرف من انت واظن ان الحياة سعيدة لاستقبال شخص مثلك فانت تستحقين اراضيها
لتبتسم له في وجهه ثم تسقطعلى صدره مرة أخرى ،تسقط ثملة شاكرة له
ليسمح لنفسه بالتربيت على شعرها والشد على حضنها، غرسها بين احضانه لعله يقدم لها بعض الدفئ ويشعرها بالأمان، قبل فروة رأسها فهي لن تتذكر شيء من هذه اللحظات ،ستستيقظ غدا وكأن لا شيء حدث هنا ،ستستيقظ ناسية انها شاركت زوجها
الألم الخاص بها ،هو فقط من سيتذكر زوجته وهي بين احضانه تشكي له عن وجع الدنيا .
.
.
.
يتبع