الفصل: 36
مَسرحِية..
مَرت سنوات و أَنا لازلتُ في برج السمَاء وَ لايبدو أبي يقَرر شيئا بشأْن عودتي
كُلما سئلت يقول أَنه يجدُر بي الانتظار قليلا ، أصبَح يوكل لي مهمات أكَثر تعقيدًا و صعوبة مِما سبق
بالنَظر إلى الأمر هيسوكا لَم يظهر وجوده طِيلة هذه الفترة وَ ريو إِنسحب منذ فترة
مُهمة اليوم كَانت فِي أحد المَسارح المَعروفَة في المدينة، كَانَ هدفي هو التَخلص من أحد الأشخاص الذِين سيقومون بتأدِية عرض ترفيهي
كُنت أفكر ما إن كَانَ يجدُر بِي أن أذهب كَشخص عادي سيُشاهد العروض أَو أدْخل كَمساعد خَلف الكواليس
لا زلتُ أعتبر طفلا صغيرا لَكن .. سأذهب كَشخص عادي
آه أجَل هذه فكرة جَيدة ، ذَكر أبي أنه يوجد أشخاصٌ مستعمِلي نين هناك يحرسون المَكان لذا يُفضل أن لا أستخدِم الإبر هذه المرة
ذَهبت و حجزْت تذكَرة في آخر المَقاعد ، إخترتُها لأنها قُرب الأبواب وَلن يلحظك أحد وَ أنت تغادر
هندَسة المكان تَجعلني أختار المكان الأخير المَسرح يقعُ في أسفل الكراسي التي تموضُعها متدرج
وَهي محيطة من كل جِهة ، المدْخل و المخرَج فهو فِي الأعلى أينما إخترت مَكانِي
العَرض كان سيبدَأ الليلة عَلى الساعة 6 مساءا
-
جَلس الجمِيع و بدأ العرض الترفيهي و أستطِيع رؤية هدَفي هناك يقدم
إنتهَى العرض و بدَأ الجميع في التصفيق أمَا أنا أخذت أشُق طريقي خارج القاعة
كُنت أمشي في أروقة المبنى ثُم دَخلت باب كُتب عَليه 'للعاملين فقط'
رأيتٌ الكَثيرَ من السلالم الحديدية المؤدية لأعلى وَ أسفل المبنى
سلَكت طريقي إلى الأسفل ثُم دخلت على باب آخر مجددا ، إتضَح أنه رواق فارغ عَلى اليمين المطبَخ و على اليسار باب مؤدٍ لرواق آخر
يبدُو الكثير من الضغط و العمل في المطبَخ ، حدَقت بضعة لحظَاتٍ ثُم دخلتُ الرواق الآخر
رأَيت عناصر الأمن عبر فتحة البَاب فتَراجعت حَيث السلالم
لَيست فكرة جيدة أن أظْهر أمامهم و هم مستخدمو نين . فصعدْت قليلا فوجدْت غرف تهوية ضيقَة
فتحتُها وَ لحسن الحظ اتسَعت داخِلها ، بعد زحْف مطول رأيت غرفة الكواليس الخاصة بهدَفي وَ بقيت أراقب
خَرج من هُناك فاستغلَيت الفرصة
قُمت بفحْص المِنطقة المحِيطة بِه بعنَاية لتقِييم أَي عوائق أو شهود مُحتملين بعدَ أن غادَر لعرض آخر
لقَد تأكَدت مِن عدَم وجودِ أَي شخصٍ قَريب يمكِنه رُؤية أو سَماع مَا كنت علَى وشكِ القِيام بِه
بمجَرد أنْ تأكدْت منْ عَدم وجُود شهُود محتَملين قَررت أن أضربه من نقطة عمْياء و أقتله وَ ألغي عمَلية قتله بالسم
لكنَني تذكرتُ أن والدي يلِح على عدَم إظهار الكَثير مِن الأدلة
إِقتربتُ من الطَعام الذي كَانَ فوق الطاولة التِي وُضعت بجانب الأريكة
فَحصتُه ما إن كان طازجا أي سيأكُله الآن أم لا ، ثم وَضعت سم السيانيد
تَم استِخدام سُم السيانيد فِي عَدد كبِير من مُحاولات الاغْتيال التِي هدفت إِلى التخلص مِن جَواسيس، ديكتاتوريين، عملاء ..
وَذلِك بسبب خصَائصه القَاتلة كَما ذكر أبي قَبل أن يعطِيه لي بأقصى جرعة مُخففة
فهُو يقْتل الشخْص خلاَل ثوانِي معدُودة مِن ابْتلاعه، حيْث يعِيق قُدرة الخَلايا الحَية علَى استِخدام الأكْسجين
فِي القيام بِمختلف الوظَائف الحَيوية ويؤَدي في النهَاية إلَى الوفَاة
بَعد التأكد من وضع كمية كَفيلة بِقتله فِي الماء غادَرت من حيث أتيت .
أتى مجددا و سكب كوبا من المَاء فابتَسمت قليلا و أنا أشاهده عَلى وشكِ أن يحتضر
و بعدمَا شربه غادَرت المكان
-
بَعد الإنتهَاء من المُهمة، كنْت في طرِيق عودتِي إلى بُرج السّمَاء . سِرت بخطى ثابتَة واضعا يدَي فِي جيبي
و مَررت بأحد الأَزقة فشعرت بحضور هالة أحدِهم نحوي فمَررت ببرود بعدَ إلقاء نظرة جانِبية
"تَعال هُنا"
تَوقفت للحظَات أحاول مُعالجَو الصوتِ الذي سمِعته ، هَل هُو صوت أبي ؟
لاَ هذا مُستحيل ... مَا الذي قَد يفعله فِي أحد الأزقة فِي الليل ؟ حَتى ولو كان أنهَى مهمة ما فَهو سيعُود للمنزِل
أخرَجت أربع إبر و وضعتهَا بين الفراغات التي بين أصابعي وَ لم أتحرك ، رُبما تم استنساخُ صوت والدِي
بَعد تركيزي عَلى تلك الهالة عَرفت أنه حَقا والدي ، مشيت إلى الزُقاق وَ لمحته ينتَظُرني هُناك
أَبي شخصٌ لا يُظهر الكَثير من المشَاعر، ولكن حَتى هو كان يحمِل نظرة فَخر ورضَا على وجْهه عِندما رآني
"لقد أنجزت مهمتك بنجاح ودون أن يتم اكتشافك"
هلْ تمت مُراقبتِي للتو؟!
اومَأت له لَكنني لم أستطِع تقبل الملامح التِي كانت مرسومة عَلى وجهه
يبدو غرِيبا و يمنحُني شعورَ عدم الإرتياح، مُنذ متى وَهو يبدو بهذا الانشراح
اعتَدت علَى التعامل معَ سلوك والدي الجَاد ، القَاسي و البَارد
هذه المرة كان اعتزازه ورضاه بنجاحي صادما بالنِسبة لِي
كانَت كلماتُه قصِيرة ومباشِرة ولكنَني أستَطيع أنْ أقول أَنه كانَ ينتَظر عودتِي بفارِغ الصبْر
حدَقت به ببرود كَعادتي متساءلا، هَل أتى الآن ليخبرَني أنها إنتهَت فترة وجودي في برج السماء؟
حتَى ولو فعل ، لاَ أشعر أنه سيكُون بهذه الطريقة
فور ما فهمِت أن حدِيثنَا قد بَلغ نهايته مَشيت أغادِر الزقَاق، وَ قبل أن أختفي عن نظره أن هُناك مفَاجأة شَيقة تنتَظرني في المَنزل
"كيكيو لديهَا شَيء خطَطت له خصيصًا لك...لَقد سألتَها عَنه مِن قبل و قالت لك أنها لاَ تفَكر به و لَكن الآن...تغير الأمْر"
لقَد أذهَلتني فكرَة المفاجأَة ، وَجدت صُعوبة في تخمينِها أنا لا أتذكَر ما الذي سألتها عَنه و أجابتني هكَذا ، مِن غَير المعتَاد بالنِسبة لهَا أن تخَطط لشَيء خَاص هكذا
أتطلع إلى رؤية ما خططت له
نهاية الفصل : 36
يتبع