فايولينا : العزف على وتر نابض

By Nini_ji

3.3K 509 1.4K

« إنما العيش في محضر شخص لا ينتمي اليك.. شيء يثقل القلب و يهلك الروح » « اعزفي لأجلي يا جيني ، أود سماع مقط... More

تمهيد
1 • نقطة البداية
3 • هناك وحش في المنزل
4 • وجه ملائكي
5 • ليلة بيضاء
6 • كفاك مزاحا يا رجل !
7 • القلادة المفقودة
8 • عروس آل كيم
9 • كش مات !
10 • لهيب
11 • للقدر و بالقدر

2 • الآنسة فراشة

258 39 44
By Nini_ji

شكرا لقراءة الفصل السابق ، أهلا بك في فصل جديد

༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻

الهدوء النفسي الذي شعرت به الفتاة العازفة ذبذبها عندما أفاقت مجددا

قرأت ذلك في أحد الفصول من كتب علم النفس و لأنها في لحظة لا إدراكية نست اسم الفصل و اسم الكاتب و كتابه

لكنها تذكرت الكلمة الأولى « تنفس ... »

فتنفست

أطلقت ابتسامة بديعة و هي الشيء الوحيدة الذي يزين محياها بسبب قناعها الذي يغطي على جمالها

و يقال أن الإبتسامة نصف الجمال ، و في هذه الحالة سنترك النصف الآخر عندما تزيح نصف الفراشة عن وجهها

أحست بسائل في طريقه للخروج من فتحة أنفها و تمنت أن لا يكون ذلك صحيحا

رفعت أصابعها تتلمس المسافة بين شفتها العلوية و أنفها .. دماء ، ها قد نزفت مجددا

" هذا ليس الوقت المناسب ، اعتقدت بأني جيدة في ذلك و لم أرتبك "


انحنت لتصفيق الجمهور ثم عادت حيث كان يقف السيد ستيف خلف الستا ... لم يكن هناك

إذا كيف ستتصرف ؟ عندما ينزف أنفها تصبح عاجزة عن التفكير في غياب شخص يرشدها ، و السيد ستيف كان الشخص الوحيد آنذاك

و كان عليها العودة حيث كانت ، الى غرفة التبديل لعلها تجده

و ربما تساءل من شجعوها قبل قليل أين ذهبت فتاة الكمان ؟ اعتقدوا بأنها ستقدم معزوفة أخرى

لقد أحبوا عزفها و رقة حركاتها ، لكنها ذهبت بسرعة

هرولت الى غرفة التبديل و بينما هي في طريقها كانت تبحث عن السيد ستيف

بدت غريبة أطوار ، فتاة ترتدي قناعا على شكل شطر فراشة تمشي بسرعة و تبحث عن شيء ما مع نزيف أنفها

دلفت غرفة التبديل و ما إن فعلت حتى تفاجأت بكم الفتيات المتواجدات فيها ، أدركت بأنهن فتيات العروض الأخرى من ملابسهن

" ا-اء المعذرة "

صمتن الفتيات بعد أن كانت الغرفة صاخبة بحديثهن

لم تجد جيني كيف تمر بينهن لأن نظارتهن تزيدها توترا

حدقن بكمانها الذي تحتضنه برقة ثم نظرن الى بعضهن البعض بإندهاش

" أنتِ صاحبة الكمان ؟ "

نطقت إحداهن بإعجاب ، مما جعل جيني تبتسم لهن

" نعم ، ك-كنت أعزف "

لم تستوعب حتى حاصرنها بالأسئلة ، لم تكن قادرة على الوقوف أمامهن بسبب كثرة عددهن و الغرفة ضيقة نوعا ما

لكنها لم ترضَ بإحراجهن و أجابت على كل تلك الاستفسارات بصدر رحيب

" ياه ما هذه الضوضاء ؟ "

قالت الشابة التي أفسحن لها الفتيات الطريق ، كانت ترتدي مثلهن و قناع أخضر اللون يغطي وجهها

و عندما أبصرت صاحبة الكمان عاينت هيئتها بنظرات ثاقبة كانت واضحة للغاية ، ثم رأتها تتبسم و تتقدم اليها

" فتيات عيب عليكن ، أ لم تلاحظن كيف أنها خائفة ؟ دعنها تسترجع أنفاسها على الأقل "

وضعت كفها خلف ظهرها و أشرات الى الكرسي الذي في الأمام بإهتمام

" تعالِ و اجلسِ ، سنعتني بك لا تخافي "

لامست الاستلطاف من نبرة الشابة الرشيقة ، كانت ممتنة لرزانة نبرتها معها

قادتها حيث جلست على الكرسي و تبعنها الأخريات

" من الواضح أنك لستِ معتادة على المسرح "

أبدت رأيها بعد أن فكرت بسبب شكل جيني غير المرتاح ، بالرغم من أنها كانت تبتسم

" بلى ، أحيانا أصعد على بعض المسارح الصغيرة ل-لكن لم تكن بهذا الإكتظاظ "

" أوافقك الرأي ، الحانة الكبرى دائما ما تكون بأعداد هائلة "

رفعت جيني بصرها عندما كانت الشابة مقابلة للمرآة تعمل على نزع القناع ، و عندما التفتت لها رأت ملامحها الآسيوية

" كورية ؟ "

" لا ، يابانية "

و لعل كان هذا وضحا من لكنتها ، الأهم هو أنهما من بلدين في نفس القارة

" ميناتوزاكي سانا ، أدعى سانا "

قدمت يدها للتحية و المصافحة و لم تترد جيني بمبادلتها

" تشوي جيني ، أي جيني فقط "

" أهلا بك جيني ، هذه فرقتنا المتواضعة ، و أنا القائدة .. هل سمعتي عنا من قبل ؟ فرقة النيران "

بالرغم من ارتدائها القناع الا أن توسع عينيها كان واضحا

" اا بالطبع أعرفكن ، سمعت الكثير عنكن و عن قوة آدائكن ، واه لا أصدق بأنني أمامكن الآن "

و حتى بينما تشيد بسمعتهن كانت تبحث عن الرجل

" عما تبحثين ؟ لن أصدق بأنك دخلتِ الى الغرفة صدفة "

استقامت جيني متسائلة

" أين السيد ستيف ؟ اعتقدت بأنني سأجده هنا "

و بينما تتحدث لاحظت سانا سائلا أحمرا في طريقه الى ذقن جيني ، فأجابتها بينما تحدق صوب نزيفها

" السيد ستيف ؟ اجلسِ أولا ، فتيات أطلقن سراحكن ، نريد بعض الخصوصية هنا "

ستسأل جيني عن سبب إخلاء المكان من طرف الشابة ، و ما صب فيها الإنبهار أن الفتيات أخلين المكان بالفعل

القائدة المسيطرة

" تحتاجين الى بعض التصليحات ، لا تقلقي
استرخِ "

أرخت جيني انقباض كتفيها و بينما راحت الأخرى تأخذ بعضا من القطن و تبلله

ثم وقفت أمامها مجددا مع حاجب مرفوع

" هل تمانعين نزع القناع لبعض الوقت ؟ لن يدخل أحدا ما دام لم يأخذ الإذن "

انتزعته عن وجهها دون أدنى اعتراض ، هي لم تكن لترتديه خارج المسرح و لو أنها أحبت فكرة الإختفاء وراءه

وضعت القناع على حجرها و رفعت رأسها ، حيث ابتسمت سانا بإعجاب

لعلها لم تتخيل رؤية الحسن خلف قناع الفراشة ذاك

رفعت يدها ليلامس القطن بشرة جيني ، و أخذت تنشف ما نزل من أنفها من دماء

" هذا الوجه الملائكي و الفاتن لابد أن يكون لفتاة من طبقة النبلاء "

تبسمت الممدوحة بعفوية لتلقيها مدحا جعل من الدماء تتجمع في وجنتيها

" عجبا ! و كيف لك أن لا تكوني من هذه الطبقة أيضا ؟ "

أعجبت سانا بردها الموزون و المادح لها كذلك و كأنها ردت العبارة أيضا

" من لا حظ لهن من المعيشة المترفة يكون حظهن على شكل بتلة جمال ، ليحصدن به نظرات الرجال و النساء ، نظرات النساء الحاقدة بالطبع "

أجابت جيني على سؤالها بنفسها ، كانت وجهة نظرها
صحيحة بالنسبة الى سانا و كأنها لطالما بحثت عن هذه المقولة

" تبدين جيدة في اقتناء الوقائع ، هل كان الحسد سببا لحصولك على نزيف في عرضك الأول على المسرح ؟ "

" ليته كذلك "

أنهت من تنظيف أنفها ثم عقدت ساعديها بمعنى
' أريد توضيحا '

تنهدت جيني بينما تستدير الى المرآة تتكشف على هيئتها بعد نزولها من ذلك المسرح

" كلما شعرت بالتوتر و لو القليل نزف أنفي ، ربما هذه المعضلة منذ الطفولة لأنني لم أتخلص منها حتى الآن ، و عندما سمعت التصفيق يحتشد عند أذنيّ نزفت بهذا الشكل "

و في نهاية حديثها ابتسمت بإمتنان

" شكرا على التنظيف ، هذا لطف منك "

" لا داعي لذلك ، أكره عبارات الشكر ، بالمناسبة لكنتك البريطانية لطيفة "

لقد اعتادت الحصول على عبارات إعجاب بشأن لكنتها ، بالرغم من إبتدائها ، اللكنات الأعجمية دائما هكذا

سمعتا طرقا على الباب فأذنت سانا للطارق بالدخول

و ما إن رأت جيني السيد ستيف أمامها حتى انتفضت

" سيد ستيف ! أين كنت ؟ لقد بحثت عنك الفتاة لمدة طويلة ، كان هذا تقصيرا منك "

تقدم ذو النظرة الجليدية من الفتاتين و بالتحديد جيني

" الى أين هربتي ؟ السيد كيم يسألني عنك فيقول .. الفتاة التي جئت بها لتجارب الآداء قد فرت هاربة بعد أن حصدت على التصفيق الحار
أين كنتِ يا تشوي الصغيرة ؟ "

حركت أناملها الصغيرة لتحك أنفها ثم ابتسمت ببراءة

" لقد نزف أنفي و .. كنت مضطرة للإختباء لدى سانا ، آسفة ، لن تتكرر "

كانت جيني ذلك النوع من الأشخاص الذي لا يمانع أبدا من التأسف على أبسط الأشياء ، لقد تعلمت ذلك من والدتها في كل مرة تخفق فيها

و هي الآن تجدها ميزة

" هيا يا رجل لقد ارتبكت ، لا تكن جوزيف ستالين بحق ، على السيد كيم أن يكون رقيقا معها لأنها فراشة صغيرة للغاية ، أنظر الى رقتها "

" لو كانوا الأسياد كيم متساهلين مع الجميع لما كان هذا الفندق يدعى ب ' آنيو-كيم ' "

و جيني لا تحب الصرامة ، هي تستاء من الأشخاص المتشددين في تعاملاتهم ، ترى أنه لابد من التعامل بلطافة و لا ضير في ذلك

و عندما لا تجد تلك الزاوية من الشخص الذي تحادثه تتمنى لو أن الجميع مثلها

" هيا تشوي الصغيرة ، هناك من ينتظرنا "

" من ؟ "

اعتقد ستيف بأن كلامه كان واضحا ، لكنها هالفته

" السيد كيم يا صغيرة "

أصدرت ' أوه ' خافتة لسماع تلك الكنية مجددا

و قبل لحاقها بالسيد ستيف لوحت لصديقتها الجديدة سانا ، من الواضح أنها ستكون كذلك

بينما تسير الى جانب ذلك الرجل مرة أخرى رآها ترتدي قناعها ، حينها خالجه الفضول على الرغم من أنه ليس ذلك النوع المتسائل دائما

" هل ستقابلين السيد كيم بفراشتك ؟ خلت بأنه على المسرح فحسب "

عدلت قناعها قبل الإجابة على سؤاله

" لا أدري السبب بالتحديد ، أحببت ارتداءه خارج المسرح و أحببت فكرة التخفي ، هل يمانع السيد كيم ؟ "

" لا أعتقد ذلك "

أكملا المشي حتى توقفا أمام باب ما ، سرعان ما تعرفت عليه جيني فقد مرت عليه قبل قليل

كان باب الحانة الصغرى

" لن أدخل معك ، لكنك صرتِ تعرفين وجه السيد
سيحادثك فقط "

وجدت الحظ في خلو الحانة لذلك لم تصدر أي إعتراض للتحدث معه على إنفراد

دفعت الباب ثم دلفت دون النظر الى الجسد الجالس على إحدى الأرائك الجلدية

اختلطت الروائح فجأة ، رائحة المشروب مع رائحة رجولة نفاثة

و كان هذا مثيرا بالنسبة لها ، لنا جميعا ؟

تحمحمت بينما تتقدم حيث كان يجلس ، و أول ما لمحته هو كتفيه العريضين مع الشارات العسكرية

" مساء الخير سيد كيم "

نبست بإحترام تحافظ على استقامة نظراتها ، أرادت القاء نظرة عليه كذلك

و عندما فعلت سكنت

كانت مثل ' واو '

" لن أتساءل عن سبب رحيلك المفاجئ بعد انتهاء العرض ، و لا عن إرتدائك لهذا الشيء على وجهك "

صوته المحكم و الشديد جعل من استقامة عينيها تضطرب

إذا عن ماذا سيكون الإستفسار ؟

" أردت أن أستفسر عن ماهيتك .. كم من سنة تدربتي لتحصلي على القدرة التي سمحت لك بعزف تلك المقطوعة ؟ "

شكرت نفسها قبل أن ترتب العبارة التي ستجيب بها

ثم استرجعت قدرتها على النظر اليه مباشرة

" أنا يا سيدي قدراتي محدودة و بسيطة ، أبسط بكثير مما يجول في ذهنك ، لكن الوتر الذي أعزف عليه يحيي نبضي ، أنا أعزف لأنني أحب الكمان
و في هذه الحالة يقال حب ما تفعل حتى تفعل ما تحب "

استقام من مجلسه ليتضح فارق الطول فيما بينهما

لم تستطع تخمين ما يدور في ذلك الخاطر الغامض
بالطبع لن تعلم ، فقد قابلته لتوها

" إجابة حكيمة ، لكنك لم تجيبي على سؤالي مباشرة ، أكره الالتفاف حول الأسئلة ، الحصول على جواب محدد و مؤطر هو غايتي في هذه اللحظة "

ما كان سؤاله مرة أخرى ؟ كانت ستشعر بالإحراج إن طلبت منه إعادة السؤال ، و من الظاهر أنه رجل يقول كلمته لمرة واحدة

" ستة أعوام ، تدربت لست سنوات "

" ست سنوات فترة ظالمة لقدراتك ، هل كنتِ واثقة من خطواتك عندما قررتي عزف لا كامبانيلا في ليلة تحدد مصيرك في الفندق ؟ "

شعرت بهذه العبارة أنه يحاول زعزعة ثقتها بمجهوداتها ، فكان عليها إثبات جدارتها من خلال محاربة عينيه

" لولا ثقتي بأناملي لما اخترت الكمان أساسا ، سواء كانت المقطوعة صعبة أم لا فعلى عازف الكمان الوثوق بمشاعره و عزيمته قبل كل شيء
صعدت على خشبة ذلك المسرح لأظفر بتصفيقك
و قد حصلت على غايتي "

هز رأسه دليلا على صحة إجابتها و اقتناعه به

" آنسة فراشة "

رفعت حاجبها لأنه أنسب لها هذا اللقب

" أهلا بك في طاقم العروض الترفيهية "

" فراشة ؟ "

أمال رأسه بتساؤل

" أ لا يليق بالشيء الذي تخفين به خلقتك ؟ هل تحاولين الإختباء لدينا ؟ "

أشارت على نفسها بتساؤل فأومأ بالإيجاب

" ربما أنتِ مطلوبة للعدالة و قد تنكرتي بهذا القناع لإخفاء هويتك ، ماذا كانت جريمتك ؟ و لعلك جاسوسة "

تجمدت الدماء عن السيلان بداخلها لأنه اتهمها بشيء خطير كالجوسسة ، فهمت أن عمله متعلق إما بالتحقيق أو وفقا لشاراته المتعددة قد يكون قائدا عسكريا

" لماذا شحب لونك ؟ استرخِ ، أمزح فقط "

" لو كنت مذنبة بالفعل لإعترفت بكل شيء في الحال "

مزاح قاتل ، لكن يا ترى هل لشخصيته جانب مرح مع الجميع ؟ بالطبع ليس هذا النوع من الدعابات

تساءلت في قرارة نفسها عن حقيقة شخصيته ، لن تكون متطفلة في اللقاء الأول ، لكن ما الذي سيتغير في اللقاءات القادمة أساسا ؟

كانت مجرد تخيلات بدائية عندما أطال النظر اليها

حينها أشادت ببديع ملامحه ، كان مثالي المظهر حسن الهيئة

و الأشخاص من هذا الشكل هي لا تراهم سوى على الجرائد و أبناء الملوك و النبلاء

لكنها تقابل أحدهم للتو و هو يقف شامخ الصدر ينعتها بلقب غريب ، و الذي أعجبها

" بالنسبة الى راتبك فالحديث بشأنه سيكون مع ستيف ، بإمكانك الإنصراف الآن "

كانت على وشك الإنحناء له بخفة بطبيعة الحال لأنه سلوك كوري عريق ، لكنها تذكرت المكان المتواجدة فيه

لم تعد في كوريا الآن حتى إن كان الشخص الذي أمامها كوري الأصل فعليها برمي هذا التصرف بعيدا

لقد حصلت على الكثير من الإحراج بسبب ذلك السلوك

" طابت ليلتك ، سيد كيم"

" الى اللقاء ، آنسة فراشة "

رأى ابتسامتها المكشوفة عن القناع ،و أبقى على بصره عليها يشاهدها تغادر

" فتاة غريبة ، أكره الغرباء "

و من منا يحب الغرباء ؟ لكن الغريب في أنظارنا لعله هو الشيء الوحيد الصحيح في نهاية المطاف

مثل كتابة إجابة غريبة على ورقة الإمتحان مع العلم أنك لم تجد اجابة غيرها ، و يوم التصحيح تجد بأنها صائبة و صحيحة

لن تكون مجرد ضربة حظ للمبتدئين ، أو ربما هي كذلك ، من يدري

في طريق العودة الى غرفة التبديل ، دلكت جيني رقبتها بإنهاك

إن لم تتعب من طول الوقت و بطئه فستتعب من طول المسافة بين الغرف في هذا الفندق

لكنها ستعتاد عليه كما اعتادت على الكثير من الأشياء ، بما أن مصيرها وضعها تحت سقف مبنى فخم و قد كان حديث الناس في الآونة الأخيرة

لا يُقصد بهذا أنها ستصبح من الأغنياء ، لكنها ستحقق بعضا من رغباتها بواسطة راتبها

جمعت أجزاء كمانها في حقيبته المخصصة و أضافت عليه قناعها ، ستحتفظ به طيلة ظهورها على خشبة المسرح

و .. حسب قرارها المحدث ، ستقابل به السيد كيم

السبب مجهول ، لكن الشعور معروف ، أحبت شعور امتلاك من حولها للتكشف على ملامحها

" هل قابلتي السيد كيم ؟ "

إنجذبت لصوت الرجل خلفها ، إعتدلت بالوقوف و أومأت كإجابة وحيدة على إستفساره

" جيد "

" إعتقدت بأنك ستسأل عن كيف كانت المقابلة "

أومأ و كأنه توقع تصريحها

" و هل أبدو لكِ رجلا مهتما بتفاصيل الآخرين ؟ "

" بصراحة ؟ على الإطلاق ، لكن ظننت بأن رئيس الخدم دائما ما يكون فضوليا "

ضحكت على إعتقادها ثم حملت حقيبة الكمان و على الجانب الآخر كانت حقيبة يدها

" هل لديك فكرة عن راتبك ؟ "

نفت ثم كان ذلك السؤال فرصة لفتح باب التكهنات لديها

" إذا ، حددي كم سيكون "

كان أمره مخالفا تماما للتكهن الأخير الذي واجهته
لم تسمع من قبل عن تحديد الرواتب ، هذا الفندق مختلف في كل شيء حتى في هاذا الجانب

" أحدد ؟ "

" نعم "

اكتفى بهذه الكلمة ثم انتظر قرارها ، هي لم تكن تفكر في العدد الذي ستنطق به ، بل عملت على الإمتنان ليومها فقد أنساها قليلا عثرات الأيام الماضية

و تخيلت مستقبلا زاهرا

" أ-أربعمائة جنيها إسترلينيا ، هل هذا ممكن ؟ "

عندما تلقت سكوته خالت أن المبلغ الذي اقترحته لن يتم الموافقة عليه

" فقط ؟ هذا مبلغ زهيد بالنسبة لعازفة كمان مثلك "
" سأكون راضية به و أكثر ، علاوة على أنك خوّلت لي تحديد المبلغ الذي سأتقاضاه شهريا فهذا يكفيني "

رأته يخرج ظرفا لم تلاحظه من قبل لأنه يشابك يديه خلف ظهره ، قدمه اليها فأمسكته بتردد مع تعابير متسائلة

" هذا المبلغ كشكر من إدارة الفندق على تقديمك لعرض اليوم ، لا تقلقي ، ستحصلين على راتبك كاملا في نهاية الشهر "

حدقت بذلك الظرف مطولا ثم ظهر على مقلتيها بريقا إثر سرورها

" شكرا لكم ، أنا ممتنة للغاية سيد ستيف "

رأت طيف ابتسامة على محياه ، لعلها طريقته في إظهار لطفه للآخرين

" بإمكانك العودة الى المنزل الآن ، هل تحتاجين الى وسيلة نقل ؟ "

لشدة فرحها نست أمر المنزل ، و حتى كيف ستعود إليه ، فلولا التعب لذهبت مشيا

" لن أجد الحافلة في هذا الوقت ، سمعت بأن هناك عطلة بمناسبة إنتهاء الحرب "

" السيارة تنتظرك بالخارج "

إستدار ثم سكن لوهلة

" تشوي الصغيرة ، اتبعينِ "

هرولت خلفه و رغما عن التعب مازالت محتفظة ببعض من الطاقة لبلوغ المنزل

وصلا إلى مدخل الفندق و حتى الآن هي ترى بأن الأشخاص الذين يدلفون المدخل عددهم يفوق الذين يغادرونه

" خذ الآنسة حيث ترغب و تأكد من دخولها باب المنزل "

تحدث ستيف الى سائق و ما إن التفت إلى جيني حتى أشار لها بركوب السيارة ، ليست معتادة على ركوبها و هاهي ذا تحقق رغبة أخرى في هذا اليوم

" أشكرك سيد ستيف على كل ما ساعدتني به اليوم
كانت فرصة عظيمة أن نلتقي في هذا المكان "

" لم أساعدك ، قدراتك من فعلت ، كان عليك الالتحاق منذ زمن ، و الآن حان وقت عودتك الى البيت ، لا تماطلي و كوني حريصة على تقديس المواعيد التي ستفرض عليك منذ اليوم فصاعدا "

فتح السائق من أجلها الباب الخلفي للسيارة و إنتظر صعودها

" طاب يومك سيد ستيف "

ودعته و صعدت السيارة ، كانت الأضواء تشع بالخارج تعطيها شعورا مخالفا

عندما انطلق السائق الى وجهته لم تبعد عينيها عن ذلك المكان ، أي أنها لم تعتد عليه لكنه ينافي واقعها

لن يبدو الأمر على ما كان عليه عند عودتها الى المنزل ، و كأنها ستخرج من العالم الذي كانت فيه قبل ساعات ، ستخرج من العالم المثالي رجوعا الى أصلها

حيث ينبغي أن تتقبل

أحيانا تلقي باللوم على القدر الذي أجبر أسرتها الصغيرة على إختيار بريطانيا كملجأ

لم يكن ملجأ بقدر ما كان المكان الذي يجب أن تهرب منه

أو بعبارة أدق ، ليتها تهرب من الأشخاص الذين يعكرون سيرورة حياتها

في هذا الشارع ذو السمعة المتدنية ، تخللت السيارة ديار الحي و قد كانت تراقب أولئك الجيران

جيران جيدون

يجيدون كل شيء ما عدى تلك الأفعال الأخلاقية

" هذا هو ، من فضلك توقف هنا "

توقفت السيارة أمام أحد المنازل ، كان جيدا من الخارج ، و لا أحد يعلم ما به من الداخل

" أ تحتاجين للمساعدة ؟ "

" سلمت يداك ، أستطيع تدبر أمري ، شكرا على إيصالي "

" العفو يا آنسة "

حملت حقيبتيها و مع كل خطوة تخطوها مقتربة من باب المنزل كان قلبها يتسارع أكثر فأكثر

توقفت لوهلة قبل تدويرها للمفتاح ، كانت أمنية وحيدة قبل فتح الباب

فتحته ليقابلها الصمت و الظلمة الحالكة ، تنفست بإرتياح على الرغم من أن الكهرباء منقطعة منذ الصباح

لا بأس بليلة مظلمة ، الظلام ليس بذلك السوء

وضعت ما تحمله أرضا و لم تتمكن من البحث عن الشموع لإنارة العتمة قبل أن تمر على الجارة مونيكا لجلب الأمانة التي لديها

كان منزل المرأة يبعد عنها بمسافة منزلين فقط
فذهبت إليها بهرولة

طرقت الباب لأربع مرات ثم إنتظرت ، لمحت عبر النافذة فجأة أن دواخل المنزل قد أضاءت كان ذلك مزامنة مع فتح الباب لها

" جيني ؟ طلتك طلة خير ، ما إن طرقتي الباب حتى عادت الكهرباء "

إبتسمت جيني للإمرأة الأربعينية ثم تسللت بنظرها الى أعماق البيت

" ليت كل الحظوظ مثل هذا الموقف ، كيف كانت آهيون اليوم ؟ لم تتشاكس أ ليس كذلك ؟ "

أحيانا تشعر بعدم الرضا لأنها تضطر لترك إبنة عمها لدى جارتها

من جهة لأن آهيون بمثابة الأخت لها و هي مسؤولة عنها و من جهة أخرى تعلم جيدا شخصيتها المتعبة و بلا شك قد تثير بعض المتاعب مع أبناء مونيكا

" اليوم هي في غاية الهدوء ، لا أعلم ما الذي ينتابها بالضبط ، لكنها جد ساكنة "

و لأنها تعلم السبب و العلة هي لم تتساءل و لم تظهر حيرتها

" آهيون ! تعالِ "

نادت على الفتاة الصغيرة ثم عادت ببصرها الى الواقفة أمامها

" و كيف كان طريقك ؟ هل من خبر جيد "

" سنتحدث بشأن هذا غدا ، أحتاج خدمتك "

إقتربت منهما آهيون ، و التي كان من الظاهر عليها الإستياء ، لن أقول بأنها أول مرة لكن هذه المرة هي الأشد على الإطلاق

و الإستياء في سن مبكر ، في بعض الأحيان ينتج عنه ما يسمى بمظاهر لا شعورية في مرحلة أخرى فيما يلي

" تأخرتي "

كان أول ما تسمعه من إبنة عمها قبل حتى إلقاء التحية عليها

" سأعتذر منك في المنزل بمناسبة عودة الكهرباء "

لم تضف آهيون عبارة أخرى و قد تقدمت اليها لتقف بجانبها

" شكرا على الإعتناء بي سيدة مونيكا "

قالت الصغيرة بنبرة جامدة ، لكنها مجبرة على شكر السيدة ، فهذا ما تعلمته من جيني

" على الرحب يا حلوة "

أخذت جيني ابنة عمها رجوعا الى البيت

" هل استمتعتي اليوم ؟ "

تساءلت بحسن نية لعلها تختلق موضوعا و تتمكن الصغيرة من الفضفضة و البوح بحزنها

لكنها لم تجيب

ستقتنع الكبرى بأنها لا تمتلك رغبة في تحريك لسانها الآن ، ستعطيها وقتا آخرا

دلفتا المنزل و حتى الآن جيني تشعر بالإرتياح الغامر

" إنها العاشرة ، هل ترغبين في الخلود الى النوم عزيزتي ؟ أعلم أنك مرهقة "

" نعم ، أريد ذلك "

ما زالت نبرتها تدل على الكآبة ، بشكل أو بآخر تواجه جيني صعوبة التعامل معها في مثل هذه الحالات

لأنها تعلم و تدرك جيدا أن تلك الصغيرة ليست مسرورة بالعيش في ظروف كهذه ، و لا هي تود ذلك

كل العوامل ترغمهما على البقاء في هذا المكان المشين

كان المنزل مكون من طابق واحد ، مع عدد احتساب الدرجة الذي يؤدي الى مساحة أخرى صغيرة فوق لكن ذلك المكان ليس لهما

لعل منزلهما هو الأصغر في الحي ، شيء يناسب قدرة تسديد الإيجار

دخلت جيني الغرفة التي تحتوي على سرير لشخصين ، لم تكن تلك الغرفة تدل على أنها غرفة لفتاتين

كانت عادية للغاية ، سرير و خزانة بباب واحد

بالنسبة الى جيني فهي تتحلى بالقناعة التامة ، فكل ما يعجبها في هذا أنها قادرة على إيجاد شيء تنام عليه في نهاية اليوم

لكن تلك الصغيرة تحتاج الى ظروف معيشية أفضل

تحتاج الى غرفة خاصة ، سرير متين و فراش ناعم و مريح ، خزانة متوسطة الحجم حيث يمكنها وضع فيها ملابسها الكثيرة التي قد تحصل عليها في وقت لاحق

و العاب تتسلى بهم وقت فراغها ، و العديد من تلك الأشياء اللطيفة التي قد تتمناها أية فتاة بعمرها

لكنها و بعد كل هذه الطموحات متقبلة الواقع ، شيء يفوقها قدرة و قوة

أدخلت كمانها تحت السرير و تأكدت من أنه على ما يرام ، ثم أغلقت النافذة المطلة على الحي

" آهيون ! "

نادت على إبنة عمها بعد أن تأكدت أن السرير لن ينكسر بعد آخر مرة ، لقد اهترأ بسبب الرطوبة و الهشاشة

" أخبرتني العمة مونيكا بأن لغتي تحسنت "

كانت جيني على وشك تغيير ملابسها لكنها توقفت
لم تعد قادرة على التحرك بسبب تعبها

" فعلا ؟ هذه هي فتاتي ، أ لا تشعرين بالغرور ؟
بعد بعض الوقت ستتقنين كل شيء "

استلقت بجانبها واضعة الغطاء على كليهما

" أنتِ فتاتي المجتهدة "

" هل إتقان الإنجليزية يعبر عن إتقاني لكل شيء ؟ "

تساءلت بجدية تنتظر الإجابة من الأخرى

" إنه الباب الذي ستدخلين منه العالم الواسع ، إذا لم تتقنيها فكيف ستتعاملين مع الآخرين ؟ ها أنتِ ذا أصبحتي تتكلمين بطلاقة ، تقريبا "

صمتتا لبعض الدقائق قبل أن تصرح جيني بسرور

" حصلت على عمل "

تلقت نظرة شك من الصغرى

" في فندق آنيو-كيم ، براتب سيمكننا من الخروج من هنا و إيجاد منزل يناسبنا "

" سنعيش بمفردنا ، صحيح ؟ "

لم تجب على سؤال الصغيرة على الفور ، اعتمدت للتفكير قبل ان تفعل مباشرة

" نعم ، بمفردنا ، سنكون سويا في ذلك البيت الجميل الذي سيجمعنا الى الأبد ، سنشتري كل ما حلمنا به ، سنحصل على غرفة لكل منا مع أثاث جيد و مناسب و مطبخ لنصنع فيه كل ما نشتهي
بالإضافة الى شرفة تحتوي على العديد من النباتات التي سنغرسها سويا ، ما رأيك ؟ "

لم تتلقَ جوابا ، نامت بينما تتخيل تلك الحياة الهنيئة

و بقيت جيني تعاتب سكوتها ، صباحا لعلها كانت السبب في تحول مزاج آهيون الآن

كانت تستمع بسكون ما قيل لآهيون من قبل أحدهم
و لم تتدخل حينها لأنها إن فعلت ستزيد الطين بلة

أحيانا العديد من الأشياء تجبرنا على إتخاذ موقف لا يناسبنا ، لا يناسب رغبتنا و لا إرادتنا

تلك العوامل التي دائما ما تكون ضدنا هي التي تعلق في الذهن و لا تغادر

ستجدها إما في الدقائق الأخيرة قبل النوم ، أو في المواقف الشبيهة لها ، و قد تجدها في تلك اللحظات التي لا يجدر بك الشرود فيها

حينها ستتساءل ' لماذا ؟ '

مثل ما تساءلت جيني بالضبط ، لكنها لم تنتظر أمرا سلبيا أخرا ، لقد نفضت عنها غبار الحزن و ركضت باحثة عن عمل

لا يمكن لأحدنا البقاء أمام الماضي لأنه فقط موجع بالنسبة لنا ، أكبر هزيمة لكوابيسنا هو تجاوزها و المضي قدما

<><><><><><><>

صباح اليوم التالي إنشغلت جيني بتنظيف البيت و غسل بعض الملابس ، لم يخبرها ستيف عن موعد التحاقها بالفندق لكنها تعلم بذلك مسبقا

اعتمدت على حدسها و قررت الذهاب في ذات موعد البارحة

ستحرص على الإستفسار عن المواعيد فيما بعد

إلا إذا لم يوبخها بسبب تأخرها

فعلى كل حال ذلك الرجل يبدو مثل كل من في ذاك الفندق ، لعله مثل سيده الذي قابلته في الحانة الصغرى

و الذي حصد على تفكيرها لفترات منقطعة ، عندما استيقظت و بينما كانت تحضر لمقطوعاتها التي ستعزفهم الليلة للحضور

هي لا تعلم أي شيء إضافي عنه بإستثناء لقبه و مكانته

لم تكن جيني النوع الغريب من الفتيات ، الذي يحب من أول نظرة ، هي لا تؤمن أساسا بالحب من اللقاء الأول

قد يكون إعجابا ، إنجذابا ، من النظرة الأولى أو الثانية لكن ليس حبا

النظرات ليست كفيلة بملء القلب بالحب ، سنجد هذه الأحداث في قصص الأطفال و بعض الروايات التي ينسجها المراهقون
- ليست هذه بالطبع -

أودعت آهيون لدى جارتها الأمينة مونيكا و انطلقت سيرا الى محطة الحافلة

حيث جلست تنتظر الحافلة لبضعة دقائق

هي لم تغير فستانها الذي ظهرت به أمس ، بعيدا عن كونها لا تمتلك العديد من الملابس الا أن كل ما تخيطه بنفسها دائما ما يكون أنيقا و يناسبها

نعم هي تجيد الخياطة التي تعلمتها من أبيها

طغى عليها الشوق لبدء عملها بصفة رسمية ، بات لديها هدفا آخرا مختلفا عن هدف البحث عن عمل

هدفها الحالي هو إستقرارها في عملها

و هاهي ذا تقف أمام الفندق ، جهزت ابتسامتها قبل الدخول

لم تكن هذه المرة الأولى التي ستدلف فيها المكان ، إلا أنها مندهشة مجددا

حتى الآن قد لا تصدق نفسها بأنها فعليا تتجول في هذا البديع الهائل

وقفت في منتصف الطابق ، منتصف السائرون ذهابا و إيابا

هل ستسلك ذلك الرواق الذي سلكته البارحة ؟ لا يحدث هذا قبل القاء التحية على السيد ستيف الذي رأته يقف الى جانب مكتب الإستقبال يتحدث عبر الهاتف الأرضي

سارعت اليه بمشية لطيفة ثم وقفت أمامه

" مساء الخير سيد ستيف "

لن تتعجب لأن نظرته لم تتغير حتى بينما يتحدث عبر الهاتف

" لقد اقترح السيد يوڨيوم غرس مجموعة من الأشجار في حديقة الفندق ، و أرسلنا الطلب و نوع الأشجار منذ شهرين مع ساعي البريد ، هل سننتظر لمدة أخرى ؟ "

اختارت الصمت بينما يتكلم عبر السماعة ، و في ذات الوقت ازدهر تفكيرها عند سماعها بأن للفندق حديقة

" سنغرسها للإحتفال بعيد الشجرة يا سيد ، و فيما يهمك سبب الطلب ؟ لقد كان هذا إنذاري الأخير لك ، سأجد ما طلبته خلال هذا الأسبوع و إلا فلن نتعامل معك مجددا "

أفزعها عندما أعاد السماعة بقوة على الهاتف الأرضي

" مساء النور ، تشوي الصغيرة "

ابتلعت ريقها ببطء

" ه-هل جئت في الموعد صحيح ؟ "

" بالطبع أنتِ كذلك ، لولا تأخرك بنصف ساعة "

رمشت عدة مرات .. واه كان هذا على الأقل مناسبا مقترنة بالتأخر بساعة أو أكثر

" لكنك لم تخبرني عن توقيت العمل ، لم أحصل على جدول ، فكيف سأخمن ساعات عملي و الوقت المحدد لبلوغ الفندق ؟ "

هز الآخر رأسه بمعنى ' حجة جيدة '

" المسرح ينتظرك بعد عشر دقائق ، تشوي الصغيرة
لدي نصيحة لأجلك أو اعتبريها معلومة تخدم عملك هنا ، اعزفي مقطوعات تتناسب مع المدة المقررة لتواجدك على المسرح "

لم تصل المعلومة الى ذهنها لأنه لم يشرح و لم يفسر مقصده

" على سبيل المثال ، لديك خمس و أربعين دقيقة لتعزفي فيها ، بمقدورك عزف مقطوعات طويلة و هادئة حيث سيتمكن المستمع من تصفية ذهنه و التكلم بأريحية ، لكن في المرات التي يكون فيها مدة ظهورك قصيرة فحينها لديك القدرة على إختيار مقطوعة سريعة تشعلين بها المسرح مثل الليلة الماضية "

فهمت مقصده و كيفية تفكيره ، يبدو و أنها بالفعل معلومة ستخدمها

" و كم ستكون المدة هذه المرة ؟ "

" سيستمر عرضك لنصف ساعة "

بالفعل بدأت بإختيار ما يمكنها عزفه للحضور أثناء هذه المدة

" لا تريدين التأخر على جمهورك ، أ ليس كذلك ؟ "

احتضنت حقيبتها ثم نفت بإبتسامة

" لا أريد ، سأذهب في الحال "

باتت تعرف وجهتها الآن ، انطلقت فورا نحو غرفة التبديل ربما ستجد صديقتها الجديدة هناك

مرت بذلك الممر و توقفت عند الحانة الصغرى .. هي أيضا تساءلت عن السبب

تركت عينيها تتفحصان المكان عبر النافذة الزجاجية الصغيرة ، لم يكن هناك وجها مألوفا

.. ما تفعله محير ، و لماذا ستتفحص تلك الحانة بالذات ؟

لا بأس ببعض التصرفات غير المفهومة أحيانا

استأنفت السير الى الغرفة ، أدركت أن هناك من يتواجد بداخلها من الصوت المسموع عبرها

فتحت الباب و ألقت التحية على من كانوا هناك ..
لم تتعرف عليهم

هم بالطبع ليسوا فتيات ليلة أمس ، فرقة النيران

حتى بعد القاء التحية لم يعرنها أولئك الفتيات للإنتباه ، يا لها من حركة غير لبقة

لن تهتم ، كان ذلك آخر همها

فتحت سحاب حقيبة الكمان و أخرجت قناعها ترتديه أولا ، ثم أخرجت كمانها و عوده

أي نوع من النظرات هذه التي تلقتها من الفتيات ؟

أ هي نظرة استحقار ؟ جيني تمقت هذه الطريقة في التعامل

" لا أصدق بأن فندق آنيو-كيم بات يحتوي على بعض الأشخاص ، هذا تدنيس لمستوى المكان "

أ كان هذا الكلام بسبب ملابسها العادية ؟ ربما لأنها لم تكن مرتدية ملابس استعراضية مثلهن ؟

أم أنها حقا تبدو منهكة ؟ كانت هذه الأسئلة حقا تلتهمها من الداخل

لم تكن المرأة الأولى و لا الأخيرة التي سيتم فيها الإستهزاء بقيمتها ، لكن في كل مرة يحدث ذلك تحاول إيجاد العلة

في من تكمن يا ترى ؟ في الناس و طباعهم المتعالية ؟

فيها هي كونها من الطبقة السفلية ؟

أم أن هذه هي طبيعة العالم بأسره و ليست فقط بريطانيا ؟

نظرت في المرآة قبل خروجها و سيرها بسهو متجهة الى الحانة الكبرى

في الأخير ابتسمت لتواسي نفسها ، على الأقل هي سعيدة بما هي عليه

لن تربط نفسها ببضعة كلمات عشوائية تحكم على مظهرها الخارجي ، لا أحد يعرفك كما تعرف نفسك
.. عزيزي القارئ

بدأت الأضواء تصبح خافتة أكثر فأكثر كلما اقتربت من المكان ، هذه المرة لن تسمح لأنفها بالنزيف

شهيق و زفير قبل أن تتجاوز الستائر الحمراء و قد سمعت بالفعل ضجيج الجمهور المتواجد ، نعم إنه جمهور بالرغم من أنهم أشخاصا يمكثون في هذا الفندق للإستمتاع بسخاء الحياة

جمهور لأنهم سيسمعونها

" أريد بركاتك معي يا أمي "

حادثت قلادتها و كأن والدتها متواجدة هناك

سارت بثقة على المسرح .. حيث جذبت انتباه السادة الحضور

و كأنهم انتظروها

لأنهم حينها صفقوا بكثافة ، على عكس أمس ، صفقوا بعد انتهاء العرض و ليس في بدايته

حان الوقت لنشر نغمات تطرب بها مسامعهم ، و مسامعها لأنها تعشق عزفها

أطبقت ابتسامة عذبة عندما استهلت عزفها بإحدى المقطوعات التي تعلمتها مؤخرا

في الحقيقة كل ما تعلمته هي بعض المقطوعات القديمة التي يعرفها الجميع ، و هذا لا يمنع أنها تمتلك موهبتها الخاصة

لديها ما تعزفه عندما تكون بمفردها ، عزف من إبتكارها هي

لكنها تحتفظ بها لنفسها ، حتى الآن لم يسمع أحد أيا من هذه المقطوعات المبتكرة

هكذا يكون المرء متحفظا على أشيائه الثمينة للحظات ثمينة و هكذا تفعل جيني

بعزفها لمقطوعة Moderato ، و ختمت تواجدها على المسرح بمقطوعة Larghetto الراقية

حصدت على تصفيقات حارة من السادة الحضور
و العديد من عبارات المدح التي لا تنتهي ، على الرغم من تجربتها البارحة فهي مذهولة مجددا اليوم

لكن على الأقل لم ينزف أنفها ، ربما لأنها شعرت بالأهمية، هناك من ينتظرون عزفها و بات لديها جمهورا

هكذا تكون حياة المشاهير ؟ هكذا هي ، على ما أعتقد

انحنت لهم برفع طرفي فستانها كما يفعلن الأميرات الودودات ، و لو أنها لم ترَ أميرة من قبل بإستثناء صورة الأميرة اليزابيث

لكنها تحب أميرات العصور السابقة ، التي نتمنى جميعا أن نعيش فيها

تراجعت الى الخلف تمر خلف الستائر الحمراء لتعود الى مكانها المعتاد

اكتشفت أن تقديم العروض الترفيهية لم يكن بالأمر المستهان به

و ربما لأنها ستعتاد قريبا على هذا العمل و ستتناسى بعض الصعاب

قبل دخولها غرفة التبديل تمنت ألا تجد أولئك الفتيات مجددا ، هي ليست من ذلك النوع الذي يحبذ المناوشات

كانت مخلوقا مسالما يطمح للعيش في هدوء محكم

لكنها عوضا عن ذلك وجدت الصديقة الجديدة ، سانا

كانت سانا من الواضح أنها تستعد لعرض ما و لم يكن الفتيات بحجم ما رأته الليلة الماضية ، بل أقل نوعا ما

" مساء الخير "

جذبت إنتباه الشابة اليابانية بتحيتها و عندما التفتت الأخرى قابلتها بإبتسامة بسيطة

" صاحبة الكمان ، تساءلت عن سبب غيابك و قبل أن أرى حقيبتك ، سمعت كمانك يدوي عند إقترابي من الحانة "

القت تحيتها على باقي الفتيات و هي شاكرة للغاية أنهن لسن بحال من كن قبلهن هنا

وضعت كمانها في حقيبته دون إغلاقها و وقفت أمام المرآة لتتمكن من انتزاع قناعها

" هذه المرة لم أحصل على نزيف أنف ، إذا فقد اعتدت على عملي الجديد "

" اهمم طبعا كل شيء يصبح سهلا بعد اجتياز المرة الأولى "

وافقتها الرأي ، وضعت جيني قناعها في الحقيبة و أغلقتها تماما قبل أن تسمع صوت سانا مجددا

" هل انتهى يومك ؟ "

سؤالها الفضولي جعل جيني تسأل نفسها أيضا ، هل انتهت فترة عرضها بالفعل ؟

" لا أعلم حتما ، لقد قدمت لنصف ساعة و لم يخبرني السيد ستيف عن المزيد من المعلومات حول ساعات العمل "

رأت بأن جيني حقا لا تعرف شيئا عن هذا المكان ، بدت لها أكثر سذاجة من العمل هنا و لعلها الأصغر في هذا المكان

لهذا فقد تحملت مسؤولية إرشادها بما أنها تفوقها خبرة و سنا

" ساعات عمل ؟ عزيزتي فندق آنيو-كيم لا يتقيد بساعات عمل ، هذا نادر للغاية ، القاعدة الأساسية للتعامل مع هذا هنا هو كل ما يطلبه المستهلك متوفر ، أي أن العمل ينتهي عندما لا يطلبه الزبون "

رأت علامة إستفهام كبيرة جدا تتراقص على رأس الصغرى ، و أظهرت تعبيرا يدل على ' كيف و لماذا ؟ '

" اه سأبسطها ، اصمتن ! "

أمرت بحزم الفتيات اللواتي كن يتحدثن أيضا بصوت عالٍ ، واه تفاجأت جيني من صرامتها

" لقد قدمتي نصف ساعة كما قلتِ ، و عليكِ إنتظار أحدهم ليطرق الباب و يخبرك ما إن طالب الجمهور بعرض آخر لك أم لا ، مثل فرقتنا ، بعد تقديمنا للعرض الأول ننتظر مجيء النادل أو أي أحد من طاقم عمل الحانة ليخبرنا عن ذلك ، فهمتِ ؟ "

استوعبت جيني أخيرا و حركت رأسها بالإيماء لسانا

" لكن لما ؟ أقصد لو أنهم ابتكروا جدول عمل منظم لكان الأمر جيدا "

" أعتقد أن هكذا أفضل ، كل فرد يعمل هنا يعلم مسؤوليته و أسس عمله ، هذا ما فهمته بعد ثلاث سنوات من الرقص هنا "

وجهة نظر جيدة على كل حال ، فهمت جيني أن أصحاب الفندق أشخاص يقدمون فرص العمل لمن يستبق واجباته على حقوقه

لم يكن هناك الرقابة الواضحة التي لم تلاحظها جيني غير السيد ستيف و الذي من الممكن أنه المكلف بتفحص العمال و إختبارهم

غير ذلك و على الرغم من كل شيء فإن الفندق في حالة متكاملة بدءا من الخدمة المقدمة الى نوعية الزبائن المتواجدين

طُرق الباب ثم استمال الطارق بجذعه ليقابل الفتيات
كان من موظفي الإستقبال في الحانة الكبرى

" آنسة جيني ! الجمهور يطالب بعرض آخر منك "

كان هذا بالضبط ما تحدثته عنه سانا

" هيا أيتها النجمة ، من غير اللائق جعل الجمهور ينتظر "

أخذت بعض التشجيع من نبرة سانا و خاصة أنها لن تواجه مشكلة من ذلك النوع ، أي أنها لن تنزف بعد الآن على خشبة المسرح و قد اكتسبت عادة جديدة

أخذت كمانها راكضة الى الحانة و كادت أن تنسى قناعها

كانت الليلة أجمل بكثير مما طمحت ، لقد حصلت على عرض إضافي لأن هناك من استمتع بعزفها.

قد يكون هناك من يستخف بهذا ، هذا ما حدث ؟ أين هو النجاح في طلب عرض آخر ؟

لكنه إنجاز عظيم في نظر جيني ، بل هو الشيء الذي سعت خلفه و أرادته و طلبت من نفسها الوصول اليه

لم تكن الشخص المتساهل مع أحلامه ، كانت تعتبر أحلامها بمثابة التقديس ، و هذه الطموحات بالنسبة لها هي ما سينقذها من وضعها

في بلد مثل بريطانيا ، مع أشخاص مثل أولئك الذين لا يرحمون ، من الصعب حقا تلبية رغباتها مع شخصية نقية و باهرة مثلها

هنا حيث تعلمت أن دائما المال يسبق كل شيء ، و أن النساء أو الفتيات الوحيدات هن في الواقع عبارة عن أرانب صغيرة جاهزة للإصطياد

لا تحبذ جيني أن تكون أرنبا يتم وضعه في أطباق الأثرياء ، كانت تريد أن تكون العنصر الناجي من أفواههم

لكن عندما نضج عقلها و استوعبت .. أنه لم يكن فقط أصحاب النفوذ هم الحيوان المفترس

هناك حيوانات مفترسة أخرى هي مجبرة على مواجهتهم في نهاية اليوم

مجبرة على التعايش مع ذلك الكائن الخطير الذي يهدد حياتها .. ربما في يوم من الأيام ستتمكن من الهرب من شباك الإفتراس

لتصبح بالفعل فراشة بعيدة عن كل أنواع الصيد

أنهت عرضها للمرة الثانية و حان وقت عودتها الى المنزل

لم تكن متأكدة من أنها ستحصل على توصيلة أخرى لأنها لم تجد السيد ستيف بعد لتسأله

كانت واقفة وسط الفندق حيث كانت تحت الثرية تماما

لا تدري لما بالضبط لكنها اختارت ابطاء حركاتها قليلا
ربما كي لا تلتحق بالبيت بسرعة

لأنها تعلم ما ينتظرها

" لست مجنونة لأذهب مشيا الى البيت ، لكن هذا ما أريد فعله "

حدثت نفسها بصوت مسموع ، عندها دقت الساعة الكبيرة المعلقة في منتصف الحائط الذي يفصل السلمين الملتويين الذين لا تعرف جيني الى أين يؤديان

كان منتصف الليل و شعرت جيني بإرتخاء جفنيها

و ستعتاد على السهر قريبا

" تشوي جيني ! "

أحدهم قام بمنادتها و ليست متأكدة من ما إذا كان هذا الصوت مألوفا أم لا ، و عندما التفتت يسارا كان بالفعل مألوفا

كان ذلك موظف الإستقبال المتعجرف ، كان يلوح لها لتسير نحوه بإستقامة و رقي ، كانت هذه طبيعة مشيتها عندما تشعر بالتعب

" السيارة بإنتظارك "

" سيارة ؟ "

هي لم تطلب سيارة ، من أين جاءت ؟

" أمر السيد كيم بإيصالك يوميا ، لذا فعليك الخروج الى السيارة إنها تنتظرك "

حركت ناظريها الى المدخل حيث لم تفهم لما كان على السيد كيم أن يوصي بهذا الشيء ؟

لحظة ، لعله يفعل هذا مع الجميع ، نعم هذا وارد

" شكرا على إخباري ، طابت ليلتك "

على الأقل وجدت حلا لتلك العرقلة ، مشكلة العودة الى المنزل لم تعد بذلك التعقيد الآن

انطلقت بها السيارة الى مدينتها الصغيرة ، تلك المنطقة ذات السمعة السيئة

لكنها ليست بذلك السوء ، هناك بعض الأشخاص لطفاء على الأقل

و هاهي ذا أمام باب المنزل ، خفقات قلبها جد عادية لأن الأضواء منطفئة و هذه إشارة جيدة

أدارت المفتاح و فتحت الباب على وسعه قبل أن تدلف الى الداخل ، حينها اشتمت رائحة الكحول تعم أركان المنزل

هل قلت بأن نبضها كان هادئا ؟ نعم لقد كان قبل الآن

قبل أن تستشعر حركة ما خلفها ، و صاحب تلك الحركة لم يسمح لها بالالتفاف عند شده لشعرها بعنف

༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻

سأكون سعيدة لمعرفة أرائكم ♡

و بالطبع لا تنسوا تعليقات محفزة و تفاعل صغير بين الاسطر لتشجيعي على اكمال الكتابة

يبدو و أنكم جميعا تحبون هذا النوع من الروايات و هذا ما أسعدتي حقا ، أشكركم جميعا على دعم روايتي المتواضعة و إنه لشيء مبهج أن تحبوها

و لا تنسوا وضع المزيد من الآراء حولها ، فالأحداث. مازالت تتوالى و لا نعلم ما الذي قد يحدث بعد الآن !

لقاء تايهيونغ و جيني في الحانة ؟

من برأيكم المتواجد في منزل جيني و لما كانت تشعر بالسوء لأنها ستقابله ؟

رأيكم بالصديقة الجديدة سانا ؟ و ابنة العم آهيون ؟

لا تنسوا الاحتفاظ عبارة جذبتكم / مشهدا بقي عالقا في أذهانكم ، لأننا سنتشاركها في نهاية الرواية

بعض تفاصيل الرواية في هذا الفصل

سانا

آهيون _ لم أعثر على صورة أصغر من سنا من هذه _

الحي الذي تقطن فيه جيني


استمتعوا ♡

Continue Reading

You'll Also Like

369K 4.8K 19
كليلة و دمنة كليلة ودِمنة كان يسمى قبل أن يترجم إلى اللغة العربية باسم الفصول الخمسة (سنسكريتية: पञ्चतन्त्र تلفظ [pʌɲʧʌtʌntɽʌ]، فارسية: پنچاتنترا) وه...
30.2K 2.5K 45
Story of a family - strict father, loving mother and naughty kids.
1.2M 58.9K 83
"The only person that can change Mr. Oberois is their wives Mrs. Oberois". Oberois are very rich and famous, their business is well known, The Oberoi...