أنوبيس

By HabibaMahmoud25

99.8K 5.1K 4.6K

مرحبًا بكم في المملكة لا لا، يجب أن أحذرك أولًا من يدخل المملكة لا يخرج حيًا. يمكنك المغادرة الآن.. سأترك لك... More

تنويه
قوانين التنظيم (المملكة)
الشخصيات
الفصل الأول: المامبا الحامي لي
الفصل الثاني: نساء عائلة المُهيري.
الفصل الثالث: لماذا مُراد؟
الفصل الرابع: إلى اللقاء أمي.
الفصل الخامس: قصر الأشباح.
الفصل السادس: ثم لم يبقى أحد.
الفصل السابع: لا تترُكيني.
وشم المامبا +إعتذار
الفصل الثامن: وضع الغيرة
الفصل التاسع: يوم رفقة الأوغاد.
الفصل العاشر: انا الخاطف.
الفصل الحادي عشر: النجمة المسلوبة.
الفصل الثاني عشر: لتمتزج صرختنا معًا.
مسابقة 🔥
الفصل الثالث عشر: طبيب الطاعون.
الفصل الرابع عشر: رقصة أخيرة
الفصل الخامس عشر: فتيل القنبلة
السابع عشر: رقصة الألم.
الفصل الثامن عشر: الغجرية الساحرة.
الفصل التاسع عشر: لنتزوج ماليكا!
الفصل العشرون: وحوشي وقعت لكِ.
الفصل الواحد والعشرون: خطوبة أم معركة حربية؟
الفصل الثاني العشرون: أنا الجحيم.
الفصل الثالث والعشرون: أحتضر ماليكا.
الفصل الرابع والعشرون: ليو الصغير.
الفصل الخامس والعشرون: بُتر قلبي.
الفصل السادس والعشرون: خنجر بروتس.
الفصل السابع والعشرون: مُروضة أنوبيس!
الفصل الثامن والعشرون: مرحبًا بالغجرية.
الفصل التاسع والعشرون: الموت أم.. الموت؟
إعتذار
الفصل الثلاثون: الذئب الذي أكل يُوسف.
الواحد والثلاثون: لن تكسريني، أليس كذلك؟
الثاني والثلاثون: نعم، أحبك.

الفصل السادس عشر: وتر أكيليس.

1.4K 114 108
By HabibaMahmoud25

يُرجى من الجميع ارتداء الأقنعة فهناك غُرباء بالمملكة.

متنسوش التفاعل
_____________________

" ‏أنا قذر يا ميلينا، قذر بلا حدود، لذلك أصرخ كثيراً بشأن الطهارة "

-فرانز كافكا
______________ ︻╦デ╤━╼
𝕒𝕟𝕦𝕓𝕚𝕤
≼ أنـوبـيـس ≽

مرحبًا من جديد.
هل اشتقتم لي؟
لا يهم، أنا انفجر الآن

- أنا تايف الناس الوحشة خوفوني.

قالها تميم وهو يتشبث بملابسي، فضغطت على أسناني ونهضت من فوق الدرج وأنا أحمله بعدما تحولت نظرتي إلى القتامة، سأقتلهم جميعًا وأحرق المملكة حتى تصير رمادًا ليس له وجود، الويل على من يمس شعرة من صغيري.

وضعت قبلة هادئة فوق وجنة تميم قبل إن أنزله أمام الشباب أبناء القادة الذين يقوموا بتخويف طفلي للتسلية لأنهم يشعروا بالملل، بعدما أخبرني عن ماهيتهم ثم أخرجت خنجرين من ملابسي لأمرح معهم أنا الآخر مع صدوح صوت انفجار مدوّي داخلي، قبل أن ينطفئ كل شيء.

- لـيـو اهـدى.

صرخ بها عمي هارون الذي يكبّل جسدي وأنا أجلس على ركبتي أرضًا رفقة خوفو ونيلان بينما أنا أصرخ كوحش زائر لمحاولة تخليص حالي من بين أيديهم والعودة لهم من جديد، لا يجب أن يمس أحد شعرة واحدة من صغيري، لماذا يوقظوا الوحوش داخلي؟

"لا توقظوا الوحش داخلي"

قلتها مرارًا لكن أحدًا لم يستمع، لا يسمعوا صوت عوائي الصاخب حتى يشعروا بمخالبي، هل يجب أن أمزقهم إربًا حتى يتعلموا؟

عادت الرؤية من جديد إلى عيني وانقشعت السحابة السوداء التي سيطرت عليّ ككيان شرير تلبسني وحوّل قرنيتي بأكملها إلى اللون الأسود القاتم، عاد وعيي بالتدريج وهدأ صوت تنفسي العالي.

رفعت نظرتي حتى وقعت على أجساد الشباب أبناء القادة الأربعة المتسطحة أرضًا والدماء تغطي ملابسهم والعشب من أثر الجروح الغائرة غير القاتلة الذين أحدثتهم خناجري.

- ما هذا قيصر؟ هل ستقف ساكنًا؟ لقد حاول قتل ابني.

قالها القائد الملقب بـأريزونا بنبرة غاضبة وهو يسند ابنه بعدما نهض من فوق الأرض بتعب حيث تجمهر الجميع بسبب ما حدث، فاستندت على نيلان لأقف من فوق الأرض حيث خارت قواي بسبب استنزاف كامل طاقتي في النوبة ثم عدلت من ثيابي وقلت بنبرة قاتمة حيث إن نوبة غضبي لم تنقشع بالكامل بعد:

- من يمس شعرة واحدة من ابني أحرقه، ابتعدوا عن طريقي حتى لا تقعوا بين أنياب من لا يرحم.

تقدمت من تميم الذي يتمسك بعمي قاسم وهو يرتعش من الخوف بسبب ما حدث أمامه ثم حملته فوق ذراعي وضممته إليَّ بشدة وأنا أربت فوق ظهره حتى يطمئن ثم عدت به لغرفتي حتي أنظف جرحه.

______________ ︻╦デ╤━╼

وقفت ألعب مع الصغار بعدما حممت تميم وصار أفضل الآن، لا أعلم هل كان يجب عليَّ أن أجعله يشاهد ذلك أم لا؟
لكن كان يجب أن يرى أبيه وهو يأخذ له حقه، عندما كنت صغير لم أكن أخاف من تلك المشاهد لكن فارس كان يفعل، فقد كان جدي سيّاف يجعلنا نحضر كل شيء دموي حتى نصبح أقوياء، هل تعلمون في أي سن قتلت أول مرة في حياتي؟

حسنًا، لن أخبركم الآن، لكن توقعوا أنتم السن.

وضعت رابطة سوداء حول عيون ريان لأن هذا دوره في اللعبة ثم أمرت الجميع بالأختفاء وتحركت لأختبئ أثناء سماعي صوت كلمات ريان المتعثرة وهو يعد حتى الرقم عشرة.

هممت أن أظهر حالي ليبدأ الركض خلفي بعدما نزع العصابة من فوق عينه وبدأ يبعثر نظراته حول المكان لكنني توقفت عندما شاهدت شمس الذي يرتدي معطف أبيض خاص بالأطباء يتحرك بخفة تجاه موضع عبدالرحمن الذي يجلس فوق أريكة خشبية مخفية عن الأنظار خلف مبنى المامبا، فلحقت به.

اللعنة، مازال هناك ساعتين على المواجهة!
ألن ينتهي هذا اليوم؟!

أوه، مهلًا، مهلًا، أنا لم أخبركم إن شمس هرب من السجن.

هذا شيء يجب توقعه فنحن مملكة مترابطة لن تترك القادة شمس بالسجن وهذا سبب تأجيل المواجهة، في الواقع لم يتم تهريب شمس عن طريق اشتباك أو بلبلة، بل فقط قاموا بتبديله بواحد آخر يشبهه بشكل كبير بمساعدة الضباط من المامبا ليعدم شمس في نظر الجميع لكن يظل يتنفس داخل جدران مملكتنا.

فنحن شعب لنا قوانين وحاكم، والملك فقط هو من يصدر الأحكام علينا.

_ المفروض إن كده أرجع؟ بتديني أغلى حاجة عندك صح؟ المفروض أقدر مجهودك؟

قالها عبدالرحمن بنبرة ساخرة طغى عليها الحزن وهو ينظر إلى يد شمس الممدودة له بزجاجة شفافة بها سائل، تشبه التي يستخدمها أطباء التحاليل لحفظ عينات الدماء لكن شمس يستخدمها في الإحتفاظ بدموع ضحياه بعد أن يحرق روحهم كذكرى سعيدة لديه منهم.

- اهدى علشان نعرف نتكلم.

قالها شمس بنبرة هادئة وهو يضع يده فوق كتف عبدالرحمن ليؤثر عليه لكن الأخير نهض من مجلسه وابتعد خطوة عنه للخلف بعدما جفل جسده من لمسة شمس التي احرقت جلده، ثم قال بصوت متهدج بنبرة تحمل ما يجيش في صدره من قهر:

- إنت عايز مني ايه؟ افتكرت حاجة معملتهاش فيا قولت ترجعني علشان تعملها؟ متخفش مفيش فيا حتة سليمة لا نفسيًا ولا جسديًا .. علشان خاطري سبني في حالي يا "سِت" وانساني بقى أو اقتلني وريحني.

أضافها بنبرة راجية وهو ينكث رأسه للأسفل تزامنًا مع توقف خوفو جانبي ويرتسم على وجهه أمارآت الغضب ثم ضم قبضة يده بشدة مع بروز عروق رقبته ومرفقه في محاولة منه لتقيد الوحش داخله حتى لا يخرج خنجره ويقذفه في قلب شمس.

- أنا آسف على كل حاجة عملتها فيك، إحنا نقطع الصفحة القذرة دي من حياتنا ونبدأ من جديد.

قالها شمس ببساطة وهو يرفع كفيه أمام وجه عبدالرحمن ويمثل قطع ورقة وهمية بين أناملة وكأن عبدالرحمن إنسان آلي يتحكم به ويقوم بمسح المعلومات داخله ثم تحديث الأصدار ليعود جديدًا كما السابق.

- أنا واحد من رجالة "رع" دلوقتي يعني مليش رأي، بتاعه هو ويعمل فيا اللي هو عايزه، زي ما إنت بتقول، اتصرفوا مع بعض.

قالها عبدالرحمن بنبرة ثقيلة بعدما نظر له بدون تصديق على ما يطلبه منه ثم همّ أن يتحرك لكن أوقفه شمس بعدما أمسك مرفقة برفق وقال بهدوء:

- إنت عارف إن رع (هارون) مش هيسيبك، وأنا قولتلك خلاص أسف وندمان، نفتح صفحة جديدة وأنا هعوضك.

أزاح عبدالرحمن يد شمس من فوق مرفقة بقوة وهو ينظر له بتقزز وكأن حشرة أمسكته ثم رافع رأسه للأعلى وضحك ضحكة مجلجلة يتراقص به الألم بأغواء قبل إن يتوقف فجأة ويقول له بدون تصديق:

- هتعوضني؟! فلوس الدنيا كلها مش هتخليني أحس إني راجل تاني يا شمس.

- دلوقتي بقى ليك صوت يا ابن الـ** إنت نسيت نفسك يلا؟

قالها شمس بنبرة عالية ليظهر وجهه الحقيقي إلى عبدالرحمن بعدما أمسكه من تلابيبه يسحبه له من جديد بعدما تحرك عبدالرحمن خطوة، فأغمض الأخير عينه بوجع قبل أن يفتحها ببطء ويقول بنبرة مختنقة:

- منسيتش نفسي عارف إنك خرجتني من الحارة المعفنة اللي ساكن فيها، وإنك إنت اللي عملتني، وإني بتاعك وتعمل فيا اللي إنت عايزة حتى لو ولعت فيا، عارف .. عارف إني السبب، أنا اللي بعت نفسي بس لما بعتها مكنتش أعرف إنها هتتهان اوي كده.

هربت دمعة من زاوية عين عبدالرحمن لتعلن الأنقلاب عليه بعدما أمرها بالثبات داخل مقلتيه رفقة أخواتها حتى لا يضعف أمامه أكثر من ذلك، فتركه شمس بهدوء ثم قال بنبرة جامدة وهو ينظر له بثبات:

- أنتَ غدرت بيا وأنا كنت باخد حقي، لو مكنتش غالي عليا كنت قتلتك مش اكتفيت باللي عملته.

- ياريتك كنت قتلتني.

قالها عبد الرحمن بنبرة عالية من الأنفعال ثم قام بخلع سترته وألقى بها أرضًا ثم فتح ذراعيه على مصراعيهما لتظهر جميع الندوب الآتي خلفتها جلسات التعذيب الذي ذاقها عبدالرحمن على يديه فوق جزعه العلوي وهو يستطرد:

- على الأقل مكنتش هشوف ده كل يوم، كنت هموت راجل بيقدر يحمي نفسه وعيلته مش مجرد روح شاردة بدون جسد .. أنا مغدرتش بيك أنا حميتك، إنت فاكر إن أنوبيس كان هيسيبك بعد ما تقتل عمه؟! .. أبعد عني علشان اليوم اللي هبقى فيه معاك تاني هنتحر.

أضافها بنبرة هادئة وهو يتحرك من أمامه ناحية باب المبنى فركض خوفو خلفه بسرعة.

اللعنة، سأقتل شمس.
يا الهي، لماذا يعجّل بموته؟
لا، يجب أن أتمهل في التفكير فهو يستحق أكثر طرق الموت بشاعة على الإطلاق.

سوف أسلخ جلده أولاً قبل أن أقطع أطرافه لأجزاء صغيرة على هيئة مكعبات في حجم مرقة الدجاج وأطعمهم لأسودي أمام ناظريه ثم اشعل به النيران وأطفأه قبل أن يموت، وأربط ثقالة جديدة بجسده ثم ألقي به في المسبح العميق.

دلفت للبهو بخطوات سريعة خلف عبدالرحمن وخوفو حتى توقف الأول عندما وقع بصره على عمي هارون الذي يرقص بمرح كعادته بمنتصف أخوتي بعدما أحضروا مشغل صوت جديد بدل الذي أطلقت عليه فريدة النيران ثم تقدم ناحيته ودفع حاله داخل ذراعي عمي قبل أن ينفجر في البكاء.

_ متخافش.

- مش خايف على نفسي.

قالها عبدالرحمن من بين شهقاته تعقيبًا على حديث عمي هارون الذي قاله وهو يمسد خصلات شعر عبدالرحمن برفق بعدما جلسوا فوق الأريكة وهو يزال بوضعه بين ذراعيه.

- طول ما أنا وأخواتك بنتنفس، متخافش من حاجة ولا على حد .. وتدافع عن نفسك، تكون زي الأسد، أنا رجالتي أسود مبيخافوش من حاجة.

قالها عمي هارون بنبرة حنونة وهو يمسح دموع عبدالرحمن المنسابة فوق وجنته بأنامله بعدما أخرجه من حضنه برفق، فحرك عبدالرحمن رأسه بالموافقة وأخرج محرمه من جيبه ليمسح دموعه وأنفه.

في الواقع أنا لا أتفق مع عمي هارون في هذا الشيء، فإذا أظهر عبدالرحمن عدم خوفه من "ست" لن يتركه يعيش بسلام، سيضعه في رأسه أكثر حتى يكسره من جديد فهو ينتعش من إحساس الهيمنة والسيطرة على الآخرين، يتغذى على الخوف، وهذا ما يعلمه عبدالرحمن بالفعل لذلك ظهر معه على حقيقته ولم يمثل الصمود.

أنه يعلم كل نقط ضعف عبدالرحمن، سيلعب به ألاعيب نفسية لن يتحملها دون حتى الأقتراب من أخوته، يمكنه مثلًا خطف جارته أو صديقة أخته وقتها سيتصنع البراءة ويقول: لم أفعل شيء له أو لعائلته!!

ونحن لسنا بمدينة الأخلاق، نحن بمملكة قذرة، هل يمكن لألفا الذئاب أن يسأل أحد ذئاب قطيعه، لماذا قتلت النعجة؟

بالطبع لن يحدث شيء لشمس وقتها وسيعود يتنفس أمامه من جديد ويشاهد باستمتاع عبدالرحمن الذي ينهشه الأحساس بالذنب بسبب ما يحدث للجميع حوله بسببه.

_ هو بيضربه بالـ slow motion ولا أنا مبطأ الفيديو.

قالها فارس الذي يجلس جانبي بنبرة خافتة في أذني بعدما صفع عمي هارون عبدالرحمن على وجهه بغتة بعدما نظر له عقب انتهاء حديثه السابق لكن ليس بقوة، فنظر له عبدالرحمن ببلاهة قبل أن يصفعه عمي هارون من جديد ثم انتظر لثواني قبل أن يرفع يده عاليًا بحركة بطيئة ثم يحركها ناحية وجنة عبدالرحمن لتنزل فوق وجهه بالتصوير البطيء.

- تقريبًا اتهكر من موقع مسلسلات هندي.

أضفتها ساخرًا تعقيبًا على مزاح فارس السابق من العبث الذي يحدث أمام أنظارنا ثم ضحكت أنا وفارس بعدما حرك عمي هارون رأسه ناحيتنا ورمقنا بنظرة حانقة لتخريبنا الحكمة العظيمة التي كان على وشك قولها.

- انت مسمعتنيش وأنا بقولك دافع عن نفسك، أنا مش بمتلكك، تعمل اللي إنت عايزه وتدافع عن نفسك.

- لما ماما بتضربني مش بمسك ايديها.

قالها عبدالرحمن ببساطة وهو يبتسم له بهدوء تعقيبًا على حديث عمي هارون السابق الذي خرج بنبرة عالية من الأنفعال بسبب عدم صد عبدالرحمن الصفعة التي تلقاها منه بعدما أمره بالدفاع عن حاله، فظهرت السعادة على وجه عمي هارون بسبب المكانة التي وضعها به الآخر حيث شبهه بوالده قبل أن يقول بنبرة متهكمة ساخرًا لتخفيف حدة الجو:

- أمك؟! بتشبني بأمك يالا، لا وكمان بتعيط في حضني .. هو أنا مكتوب علي ظهري للعياط أشوف واحد فيكوا يجي يعيط في حضني تاني أنتوا فاهمني غلط أنا مش بتاع طبطبة.

- انا أعيط في المكان اللي يعجبني.

قالها فارس بنبرة مؤكدة فهتفت بأنني سأفعل المثل تعقيبًا على حديث عمي السابق الذي أضافه بتأفف وهو يضرب كفيه ببعض، فأخرج عمي هارون صوت ساخر من فمه وهو يمسح كفيه ببعض:

- لا يا حبيبي خلاص شطبنا روح لأبوك شوية، وإنت روح لمراتك عاليا، عقبال ما تتجوزوا وتروحوا لزواجتكوا كدة تشيل عننا شوية.

- إذا ذهبت لزوجتي مبلل الوجه لن تراني رجلًا عماه.

قلتها بنبرة ساخرة بعدما ابتلعت الغصة داخل حلقي عندما تذكرت ما حدث معي في الماضي، فنظر لي عمي هارون وابتسم بهدوء قبل أن يقول برزانة:

- مش أي واحدة ينفع تبقى مراتك، لما تتجوز أختار صح، أختار اللي تروحلها وإنت ضعيف ومكسور تحط ضعفك كله بين أيديها، تقويك .. أبوك كان بيعيط فين؟

أضافها بطريقة مباغتة وهو ينظر لي بثقة ليؤكد صدق حديثه، فأبي كان يبكِ مع أمي ويضعف مع أمي.

نفرتاري: أقوى امرأة في المملكة حتى إنها واحدة من أقوى قادة المملكة الرجال، يعتبرها الجميع رجلًا وليست انثى، كانت تمسح دموع أبي بأناملها ولم يحدث إن شعرت بأنها لا تراه رجلًا، بل كانت تختصر الرجال جميعهم في أبي.

كأن أبي الرجل الوحيد في العالم.

هذا أبي وأمي، لكن مستحيل أن أفعل هذا، أُفضل الإنتحار على السماح لفتاة أن ترى ضعفي أو رؤية دموعي، والسماح لها بمسحها من أهدابي بأناملها، ثم تربت على ظهري ونظرة الشفقة تتراقص في مقلتيها.

اللعنة اليوم الذي سيحدث ذلك سأنتحر على الفور.

حسنًا، هذا لا يهم الآن
لم أخبركم بعد ما حدث مع عبدالرحمن بعدما إنضم لنا، وكيف أصبح الهجين الوحيد بالمملكة؟ حيث إنه ليس من المامبا ولكن يتعامل كمامبا.

حدث هذا عقب إنضمام عبدالرحمن لشمس بيوم واحد، فقد خطط شمس لهذا الأمر جيدًا حيث دعا شمس جميع قادة المملكة بمنزله في إحدى الحفلات المختلة التي يقيمها عادتًا، ثم بدأ بلعب لعبة البوكر مع الجميع حتى وصل لهدفه.

- أنا ولوكي ضد رع وأبوفيس والخاسر يحكم على الآخر.

قالها شمس بنبرة متحمسة واثقة وهو ينظر إلى عمي هارون بتحدي، فرفع عمي هارون كتفه بثقة ووافق على الفور بسبب روح المغامرة التي تجري في دمه، وإنه لا يريد الرفض أمام باقي القادة حتى لا يعتقدوا إنه خائف أو شيء آخر، كما إنه ليس لديه شيء يخسره مثل أبي، فشمس كان يضع رهانًا مع باقي القادة على التسبب في طلاق أمي من أبي، لكن هذا ليس موضوعنا الآن.

- أنا أحكم عليكم بتدريب "سوبيك" ليصبح مامبا وليس مثل باقي الرجال.

قالها شمس ببساطة بعدما فاز في لعبة البوكر هذه بسبب مهارته ومهارة الحاوي التي بالطبع تفوق عمي هارون في تلك اللعبة، فعمي هارون قوته في ذراعيه وليس في عقله كما أخبرتكم، وهو يشير إلى عبدالرحمن بعدما أطلق عليه لقب "سوبيك".

- إنت بتقول إيه؟ ده عنده واحد وعشرين سنة!

- أنا مش عايز ولاءه، لإنه كده كده في إيدي، أنا عايزه في قوة المامبا.

قالها شمس بنبرة هادئة وهو يبسط يده أمامه ببساطة بعد حديث عمي صالح الذي خرج بنبرة محتدة بسبب العبث الذي يسمعه وهو ينظر إلى عبدالرحمن الذي يقف خلفه يثبت نظراته بالأرض بتيه وذهن شارد محلّق بعيدًا في مكان آخر نظيف ينتمي إليه ولا يقرب من البقعة التي يقف فوقها بقيد أنملة.

- مستحيل يكون في قوة المامبا، دول بيتدربوا من وهما أربع سنين.

- هو برضو ملاكم مشهور وبطل، عارف إنه مش هيكون في قوتهم بس هيقرب منهم.

قالها شمس بنبرة جامدة وهو يشير ناحية عبدالرحمن بفخر من بطولته ردًا على حديث عمي صالح الذي خرج بنبرة مؤكدة لينهي هذا الجدل، فتدخل عمي هارون في الحوار يقول بهدوء بعدما تنهد بعمق:

- بس أكيد ده مش هيحصل في شهرين، مش أقل من سنة ونص سنتين.

- أنا صبور.

قالها شمس بنبرة هادئة وهو يبتسم بسمة واسعة باستراحة بعدما حصل على ما يرغب به بالفعل عقب حديث عمي هارون الذي كان يعلم أن النقاش لن يجدي نفعًا مع شمس، لإن هذا حكم ويجب تنفيذه، فنحن في مملكتنا إذا وافقنا على الأحكام يجب إن ننفذها، لكن بالطبع كل قائد وله شروطه في اللعب.

مثلًا من قوانين اللعب مع رجال عائلتي: ممنوع الحكم بالقتل، أو بخطف النساء، أو أشياء من هذا القبيل.

_ أولًا: أنا مش بحب الأزعاج، ثانيًا وده الأهم: مفيش دخول الأوضة بعدي لأن نومي خفيف وبتعصب بسرعة، ثالثًا: حب في التليفون بعد ما أنام وحوارات هتكون نهايتها فصل رأسك إنت وحبيبتك، رابعًا: لو لمست حاجة بتاعتي مش محتاج اقولك إني هفصل رأسك تاني لأنك عارف.

قالها خوفو بنبرة مهددة وهو يعقد ساعديه أمامه إلى عبدالرحمن بعدما انتقل للمنزل وتحديدًا غرفة خوفو لأن عمي هارون قرر ذلك حيث من الأفضل أن يظل تحت عيونه، وهذا بسبب كره الجميع لرجال شمس الذي يمد يده في داخل حاوية القمامة ويخرجه منها رجال يضمهم إليه.

حرك عبدالرحمن رأسه بالموافقة بهدوء وتحرك ناحية فراشه بجسد منهك وعيون شاردة وروح يتذبذب ضوئها حيث اوشكت على الأختفاء ثم ارتمى فوق الفراش وسحب الغطاء وأغمض عينه بهدوء ليهرب من ضجيج أفكاره وصرخات روحه.

نظر له خوفو بتفحص وشعر داخله إنه لم يجب عليه قول ذلك لكنه ذكر نفسه إنه من رجال شمس ثم تسطح في فراشه، وبعد ساعة استيقظ على صوت همهمة ففتح عيناه على وسعهما وبرزت عروقه فجأة ونهض من فراشه كأسد زائر في نية منه في نحر عنق عبدالرحمن بمخالبه لكنه تجمد في موضعه عندما وضح الصوت والذي لم يكن سوى صوت بكاء عبدالرحمن الخافت، فعقد حاجبيه بحيرة ثم عاد من جديد بهدوء حتى لا يشعر عبدالرحمن إنه استيقظ ويشعر بالخجل.

فخوفو من النوع الثقيل ويفتقد إلى مهارات التواصل مع الآخرين - غير عائلته- مثل عمي هارون بالظبط حيث يمكن أن تزيل عقله وتضع مكانها بيضة تنين ولن تشعر بالفرق، إذا كان أخي فارس مثلًا لكان عبدالرحمن الآن بين ذراعيه.

الأسبوع الذي تلى انضمام عبدالرحمن مر عليه بروتين ثابت، لا يأكل إلا لقمات صغيرة، لا ينام إلا بعد وصلة بكاء ثابتة، لا يخرج من فراشه إلا للتدريب على يد عمي هارون بعدما انسحب عمي صالح وأخبر الآخر إنه هو من قبل الرهان إذا هو من سيدربه.

نعم، عمي هارون يدرب المامبا رفقة عمي صالح حاليًا ويعلم جميع أسرارها، حيث إنه يعتبر حاله من المامبا مثل عمي صالح فلا تنسوا أن أبيه كان راجح المامبا رقم ١٠١.

- تلفونك بيرن مش عايز ترد على حبيبتك.

قالها خوفو بنبرة خافتة بعدما أضاء هاتف عبدالرحمن الموضوع على خاصية الصامت ثم تحرك من فراشه وأستل الهاتف من فوق الكومود ومد يده به إلى عبدالرحمن الذي يغطي وجهه بالكامل بالغطاء ويبكِ كعادته الجديدة في المساء.

- إنت مش قولت هتفصل رأسي أنا وحبيبتي.

قالها عبدالرحمن بنبرة متهدجة من أثر البكاء من أسفل الغطاء ثم مسح دموعه بكم سترته وأزاح الغطاء عن رأسه ليقع بصره على خوفو الذي ابتسم له بهدوء وقال بنبرة غير مصدقة مازحة:

- أنا؟! أنا كنت بهزر معاك.

حاول عبدالرحمن الابتسام لكنه فشل في ذلك ثم التقط هاتفه من يد خوفو فظهر اسم ريحان أمامه فتنهد بعمق وحمحم قبل أن يجيب عليها لظنه أن هناك خطب ما في المنزل.

- حبيبي إنت كويس؟

- الحمد لله بخير، مالك يا ريحان؟

قالها عبدالرحمن بنبرة متحشرجة قلقة بعد حديثها الذي خرج منها بنبرة خائفة عقب وصول صوت أنفاسه لها، فتنهدت بارتياح قبل أن تقول له بنبرة مهتزة بسبب كبتها لبكائها لأنها تشتاق له بشدة حيث أخبرهم إنه سافر للعمل في أحد فنادق شرم الشيخ بمحافظة سيناء حتى يكون بعده عنهم مُبرر.

- أنا بحلم بيك أحلام مش حلوة، قلبي بيقول إنك مش كويس.

- أنا كويس بس أنتوا وحشني اوي .. متعيطيش علشان خاطري .. لو مبطلتيش مش هقرأ ليكِ سورة يس.

قالها بنبرة مهددة كاذبة في محاولة منه ليجعلها تتوقف عن البكاء بعدما ارتفعت شهقاتها عاليًا بعد حديثه الذي ضرب ثباتها في مقتل، فمسحت دموعها بكف يدها وتسطحت في الفراش من جديد وفتحت مكبر الصوت قبل أن تقول بلهفة:

- لا خلاص، محتاجة أسمع القرآن بصوتك، وحشتني الصلاة وراك.

ابتسم عبدالرحمن بسمة حزينة قبل إن يبدأ في تلاوة سورة ياسين الأقرب إلى قلبها بصوت عذب جميل يبث الطمأنينة في القلوب مما جعل خوفو يصعق ويهتز كشبكة بث هوائي ضربتها لسعة من البرق وهو جالس بفراشة بعدما عاد له عقب رد عبدالرحمن على الهاتف.

في الصباح استيقظ خوفو ونظر تجاه فراش عبدالرحمن فوجده يرتعش من أسفل الغطاء، فشعر بالحيرة حيث إن الطقس ليس بارد لهذه الدرجة ثم سحب غطائه واقترب من الآخر ودثره به لظنه إنه يشعر بالبرد، وقبل أن يبتعد سمع همهمات غير مفهومة جعلت المسافة بين حاجبيه تتقلص ثم رفع الغطاء عن وجه الذي تحول إلى اللون الأحمر ووضع يده على جبهته يتحسس حرارة جسده فشعر ببشرة عبدالرحمن أسفل كفه وكأنها جمرة من اللهب.

_ سوبيك عنده حمى.

قالها خوفو بأنفاس متقطعة إلى عمي هارون بعدما ركض من غرفتة إلى غرفة عمي هارون بالقصر، فانتفض الآخر واقفًا وركض معه حتى وصل إلى عبدالرحمن ثم حمله ودلف به المرحاض وضعه داخل المغطس وفتح المياه الباردة ليخفض من حرارته المرتفعة بشدة، فهو معتاد على ذلك حيث يحدث هذا مع فارس كثيرًا عندما يبتعد عني.

نعم، فارس تصيبه حمى نفسيه عندما ابتعد عنه أو يمسني سوء، فعلاقتنا ببعض مرضية وليست طبيعية كما تقول سيرا.

عندما انخفضت حرارته قليلًا أخرجه عمي هارون ثم أعاده إلى الفراش من جديد بعدما بدل ثيابه ثم طلب من خوفو وعاء ماء بارد ومنشفة وجلب دواء له.

- حمدلله على السلامة.

قالها عمي هارون بنبرة حنونة بعدما استيقظ عبدالرحمن في المساء ونظر حوله بتيه ثم تلمس المنشفة الصغيرة الموضوعة فوق جبهته بملامح مقتضبة بعدها نظر إلى عمي هارون الجالس جانبه بهدوء، فاستطرد عمي بنبرة مازحة:

- كده! عايز تخلع مننا؟! ده إنت مكملتش أسبوع.

- شكرًا لحضرتك، تعبتك معايا.

قالها عبدالرحمن بنبرة ممتنة وهو ينهض من نومته ليجلس معتدلًا بتعب فأغمض عينه لثواني بسبب ضربة الصداع التي شقت جمجمته قبل أن يستعيد توازنه، رمقه عمي بنظرة قاتمة بسبب حديثه ثم بعدها فتح ذراعيه وقال بنبرة متهكمة أثناء ذلك:

- بس علشان مضربكش بحاجة، إنت بقيت ابني دلوقتي، تعالى هات حضن، إيه يا واد باصصلي كده ليه هو أنا حمدي الوزير.

ضمه عمي هو بعد حديثه بسبب نظرات عبدالرحمن التي توخي بأنه يرى شبح أمام نظراته، فابتسم عبدالرحمن بهدوء وشدد يده حول جسد عمي هارون فشعر بالسكينة تتدفق إلى قلبه بوتيرة ثابتة ثم أغمض عينه بهدوء ليتغلغل الإحساس إلى كيانه بالكامل وكأن هذا العناق كل شيء يحتاجه في الحياة.

أتعلمون؟

حضن أبي هارون هو الأفضل في العالم، هو ملاذي الآمن عندما أكون بالداخل كل شيء سيئ يتلاشى، الوحوش تهرب، الكوابيس تتوقف، الألم ينتهي وكأنه لم يمس جسدي أبدًا، لا شيء يمكنه إيذائي وأنا بالداخل، في كل مرة أترك جسدي بين ذراعيه لا أرغب في الخروج من حضنه للعالم، فقط أرغب في أن أموت بين أضلاعه .. فقط.

_إنت مش شبهنا ايه اللي رمالك علينا، شمس مهددك.

قالها عمي هارون بهدوء وهو ينظر إلى عبدالرحمن بتفحص وشاهد الحزن متجلي أمامه في هيئة رجل حيث كان يشرب رشفات معدودة من حسائه الذي حضرته له مسبقًا فأنا أعلم كل شيء عن عبدالرحمن قبل حتى أن ينضم لنا، فقد سمعت شمس يخبر الحاوي عنه.

- لا، أنا جي بأرادتي.

قالها عبدالرحمن بنبرة مختنقة بسبب كذبه البين بعدما ترك المعلقة في الصحن وحرك رأسه بالنفي عدة مرات، فابتسم عمي هارون بهدوء بعدما تأكد إنه يكذب بالفعل ثم قال بتساؤل بعدما نظر لخاتم خطبته الموضوع فوق الكومود حيث أخرجه من جيبه أمس وهو يبدل له ثيابه:

- بتحبها؟ .. لما حد يسألك قوله حب إيه اللي إنت جي تقول عليه.

أضافها عمي هارون بنبرة مازحة بعدما حرك عبدالرحمن رأسه بالأيجاب لكنه بالفعل لم يكن يمزح، فلا يجب إن يفصح عبدالرحمن عن عائلته أمام أي شخص بالمملكة حتى لا يضعهم بخطر، فضحك عبدالرحمن بخفة على حديث عمي وحرك رأسه بالأيجاب فهو يعلم بالفعل لكنه لم يشعر بالخطر من عمي، فقال له هارون بنبرة مرحة:

- ما إنت بتعرف تضحك أهو، وضحكتك حلوة وأسمراني هجوزك بنتي، هي آه عندها حداشر سنة وهتستنى حبة حلوين بس مش مشكلة.

- حداشر سنة! عقبال ما أجهز نفسي وكده بقى.

قالها عبدالرحمن بنبرة ساخرة ممازحًا من سن شهد الصغير، فضحك عمي هارون وأشار له إن يكمل طعامه وهو يربت على ظهره بحنان ليحثه على ذلك.

مر عاملين التدريب بهدوء وتقرب عبدالرحمن من عمي هارون الذي اعتبره ابن آخر له وكذلك خوفو ثم جاء اليوم المنتظر الذي تغير به كل شيء وانتقل عبدالرحمن إلى منزل شمس، لقد حاول عمي هارون تأخير الفترة بكل استطاعته لكنه في النهاية كان يجب عليه ذلك، كما إنه لا يمكن أن يأخذه منه لإنه من رجال شمس وهذا يعتبر خيانه.

لا داعي لذكر مدى بشاعة شمس لأنكم بالفعل تعلمون؛ كان عبدالرحمن يتمزق كل يوم وروحه تصرخ بملأ صوتها داخله لتتحرر من ذلك المكان البشع الذي لا يشبه نقائه لكنه لم يقدر على ذلك، فالثمن عائلته.

حاول شمس جاهدًا أن يلطخ بياض عبدالرحمن ويغمز طهارته داخل مستنقع القذارة الخاص به لكنه لم يقدر كذلك، لأن سِت لا يستسلم أبدًا.

- شوف مين بيخبط يا عبدالرحمن.

قالتها زينب والدة عبدالرحمن له عندما طُرق الباب حيث إنه كان يقضي معهم بعض الأيام بعدما أخذ إجازة من العمل لذلك، فنهض الأخير من فوق الأريكة الخشبية القديمة ذات المفرش الملون على الطراز النوبي مثل باقي منزله، وتقدم ناحية الباب ثم تجمد لموضعه عندما وقع بصره على شمس يقف أمام باب منزله بعدما فتحه.

- حبيب قلبي، أنا عندي قعدة قريبة منك هنا، فقلت أطلع اتغدى معاك، عامين أكل إيه؟

قالها شمس بنبرة مرحة وهو يقبل عبدالرحمن من وجنتيه كتحية ثم دلف المنزل أمام أنظاره المستنكرة وجلس بمنتصف الأريكة في نفس اللحظة التي خرجت منها أمه من المطبخ ونظرت إلى الأخر بحيرة بعدما قطبت جبينها:

- ده صاحب الفندق وجاي يتغدى معانا، معلش نسيت الموضوع كنت فاكره مش هيجي.

قالها عبدالرحمن بنبرة متوترة بعدما استعاد ثباته بالقرب من أذن أمه ثم طبع قبلة فوق رأسها ليعتذر منها على نسيانه إخبارها الأمر، تهللت ملامح زينب ذات القلب الطيب ورحبت بشمس بحرارة ثم دلفت للمطبخ من جديد لتصنع له شاي أحمر لتضيفه وتكمل الطبخ رفقة ريحان.

- طيب أنا همشي بقى علشان اتأخرت على معاد أشرف القط.

قالها شمس بنبرة هادئة إلى عبدالرحمن وهو يضع كوب الشاي فوق الطاولة بعدما مر الغداء بسلام وتعامل به شمس بإحترام مع عائلته كعادته الخبيثة في التعامل مع البشر فهو يجعلك تشعر إنه صديقك المقرب ثم يلدغك كعقرب سام، فنظر الجميع إلى عبدالرحمن بعدما أطلق شمس رصاصته الأولى ليعلن بداية الأشتباك وكأن هدوئه كان مجرد هدنة ليستعد الجيش عافيته حتى يبدأ الحرب من جديد.

- هو بيشرب مخدرات؟

- ساعات يا حجة باخد مخدات آه، على رأي المثل ما بيقول طباخ السم بيدوقه، أصل أنا مش رايح اشتري منه هو بيشتغل معايا.

قالها شمس بنبرة ضاحكة ودودة وكأنه يخبرها إنه متزوج ولديه ابن في الخامسة وفتاة شارفت على الزواج وليس إنه يتناول المخدرات بعد سؤال السيدة زينب الذي خرج بنبرة متسائلة، حيث إن "أشرف القط" هذا هو تاجر المخدرات الذي يمسك المنطقة بأكملها والجميع يعلم ماذا يفعل.

- بيشتغل معاك إزاي يعني؟.

- بيهزر يا ماما بيهزر أصله هو دمه خفيف.

قالها عبدالرحمن بنبرة حاول صبغها بالمرح لكنها خرجت متوترة بعدما جف حلقه وأصبح كصبار عقب حديث والدته الذي خرج بنبرة محتدة بعدما عبست ملامحها وارتسمت الصرامة على وجهها البشوش، فأخرج شمس صوت يدل على النفي من فمه وقال بنبرة هادئة رزينة:

- لو سمحت يا بودي أنا بلعب النهاردة شخص صالح يعني مش هينفع أكدب، أنا يا حاجة تاجر مخدرات وأشرف واحد من رجالتي، بس متخفيش عبدالرحمن المامبا بتاعي مش بيعمل حاجة غلط.

- الكلام ده حقيقي؟

قالتها والدة عبدالرحمن بنبرة عالية بعدما وقفت من مجلسها ونظرت لهم بحدة والسخط يتقافز من مقلتيها، فنهض شمس من مقعده بهدوء وهو يقول بنبرة جامدة وهو يضرب كفيه ببعض متصنعًا الضيق أثناء خروجه من الباب ليسحب روح وطهارة عبدالرحمن معه كشيطان يخرجه من النور إلى الظلمات:

- أنا همشي علشان الحجة بتزعقلي وابقى حصلني على البيت، أنا تاجر مخدرات محترم مينفعش أتهزق بالطريقة دي أبدًا.

حسنًا، ما حدث بعد ذلك متوقع لقد انفجرت أمه في وجهه وضربته بكل شيء تطاله يدها وهي تصرخ به أن يذهب من المنزل ولا يعود له من جديد، أمام نظرات جميع الفتيات الآتي تدفق الدموع من مقلتيهن كبئر ماء في منتصف الصحراء.

- خد دي معاك معندناش بنات للجواز، مش عايزة أشوف وشك تاني، روح ربنا لا يوفقك يا عبدالرحمن، حسبنا الله ونعم الوكيل.

قالتها أمه من الشرفة بعدما خلعت خاتم خطبة رهف من إصبعها الوسطى عنوة وألقت به في وجهه حيث كان يقف أسفل المنزل يبكِ بصمت أمام الجمهور الذي تجمع على صوتها، فانحنى بجزعه العلوي أستل الخاتم من فوق الأرض وعاد بنظرته إلى رهف التي تحتضن خالتها التي بدأت تنتحب بقهر وخذلان من ابنها التي ربته على أسس دينه جيدًا لكنه خذلها.

- أنا آسف.

نطق بها عبدالرحمن قبل أن يرحل من المكان بعدما انثقبت روحه وقُتلت للأبد داخله، بكى بقهر أثناء خروجه من حارته وهو يتذكر كل ما حدث معه في حياته.

لم تتركه الحياة يهنأ، سلبت منه طفولته ثم مراهقته، وحتى شبابه، سرقت منه حياة طبيعية، صوت صلصلة مفتاح باب شقته وركض ابنه ناحيته مُهلًل باسمه بعد عودته من العمل، سلُب منه الجلوس جانب زوجته على الغداء، أو مشاهدة مسلسل ما وهو يعانق كفها.

لم يحصل على أي شيء تمناه في حياته، وكان يقل: القادم أفضل، القادم أفضل، ولم يكن القادم سوى مرحلة مواجهة الوحش في أحد ألعاب الفيديو والذي هزمه شر هزيمة بعدما نحر عنقه.

علم بالطبع الآن إن شمس هو من فعل كل ذلك معه بعدما كان يشك في هاديس والحاوي بعد ذلك اليوم حيث إنه لم يكتفي بذلك، بل دفع أموال لبعض الرجال لتنشر معلومات في المنطقة عن عبدالرحمن بشأن عمله مع "سِت" أكبر تاجر مخدرات في مصر ليقتل كل أمل له في الرجوع لعائلته.

في ذلك اليوم مات عبدالرحمن، تغير، توقف عن الصلاة والعبادة، وحيا "سوبيك" كما أطلق عليه، انغمز مع شمس في قذارته لكن بالطبع لم يقترب من انثى ويفعل معها ما يفعله الآخر ولم يكن لديه علاقات مع النساء من الأساس، لكنه جرب العديد من الأشياء الأخرى من المواد المخدرة والخمور.

" قابلني بكرة الساعة ثلاثة قدام بيت ميس عبير على النيل، هستناك"

بُعثت له عن طريق رهف ابنه خالته بعد عامين ونصف من انقطاع التواصل بينه وبين عائلته، فابتسم بهدوء وفي اليوم التالي ذهب لملاقاتها فوجدها تجلس أمام النيل فوق أحد الأرائك الرخامية المتناثرة على طول الطريق، ترتدي فستان فضفاض باللون الوردي وخمار أبيض منقوش بالزهور، فتنهد مطولًا في محاولة منه السيطرة على وتيرة نبضات قلبه التي تسارعت حتى أوشكت على اصابته بنوبة قلبيه من حضورها.

- مسكاقجروا (السلام عليكم)

قالها عبدالرحمن بهدوء وهو يجلس في الناحية الأخرى من الأريكة، فالتفتت له وبعثرت نظراتها فوق وجهه بلهفة تتأمل ملامحه التي اشتاقت لها مع استماعها لصوت قفزات قلبها التي بدأت في تقديم عرض أكروباتي داخل قفصها الصدري قبل أن تتمتم بالأستغفار وتنظر خلفها للأعلى حيث تجلس السيدة عبير تراقبها من الشرفة حتى لا تكون معه بمفردها، ثم عادت من جديد تنظر تجاه الأرض وقالت بهدوء:

- إيرايج ري؟ (كيف الحال)

- الحمد لله .. بعتيلي ليه؟

قالها عبدالرحمن بنبرة مختنقة بعدما سيطرت عليه مشاعر الحزن التي دهست قلبه كحافلة ضخمة، فتنهدت رهف بعمق قبل إن تخبره بسبب طلبها بشأن مقابلته، حيث تقدم لخطبتها طبيب زميل لها وأمه تدفعها للموافقة عليه لأن ليس به أي شيء سيئ، فهو طبيب، ذو أخلاق جيدة، مستواه المادي والأجتماعي ممتاز، متدين وحنون؛ وانهت حديثها بقول:

- أنا مش عايزة غيرك، تعالى أرجع معايا البيت وتوب، ربنا رحيم بيقبل التوبة من عباده، ونبدأ من جديد.

- مش هينفع يا رهف، الطريق ده اللي بيمشي فيه مش بيرجع غير في الكفن، روحي واقعدي مع العريس واتجوزي وخلفي وافرحي، وانسيني.

قالها عبدالرحمن بنبرة هادئة حاول أن تخرج ثابتة دون أن يظهر نزيف قلبه الذي طُعن بعنف بواسطة سايكوباتي بدأ في طعنه بشكل مستمر حتى تفتت كليًا من فكرة زواجها من آخر، فالتفتت له تقول بنبرة عالية نسبيًا من الغضب:

- إنت عادي؟ مش فارق معاك اللي بقوله، بقولك مش عايزة غيرك، ارجع معايا وتوب وسيبها على الله هيدبرها.

- ألف مبروك يا بنت خالتي.. إنَّافياتو. (الي اللقاء)

قالها عبدالرحمن بنبرة جامدة وهو يقف من مجلسه ثم ارتدى نظارة الشمس خاصته وعاد عدة خطوات للخلف ثم صعد لسيارته تحت نظراتها المستنكرة، فنهضت بغضب وخطت ناحيته كالقذيفة وقالت له بدون تصديق:

- إنت مين؟! عبدالرحمن فين؟ أنا مش شيفاه خالص.

- عبدالرحمن مات، علشان تعب واتهان وجاب أخره من الدنيا.

قالها بنبرة منفعلة قبل أن يدير السيارة ويتحرك من أمامها بسرعة، خرج من الطريق ثم انعطف في أول شارع جانبي ظهر أمام عينه وصف سيارته ثم أطلق شهقته المنحبسة داخل صدره وبكى بهدوء.

إنها أمانة عمه التي تركها بين يديه ولن يتهاون فيها، لو تقدم هو لخطبتها من حاله في هذا الوضع لرفض ذلك حتمًا، كيف لملاك مثلها أن تتزوج بحارس الظلام؟ وكيف له إن يضعها في ذلك الخطر؟

عادت رهف للمنزل وقابلت العريس ثم تزوجته وذهب عبدالرحمن إلى العرس وشاهدها من بعيد وهي تُزف على غيره، ثم عاد لعمي هارون حتى ينتحب بين ذراعيه على حبه الذي سُرق منه.

حدث كل هذا قبل ملقاة عاليا بالطبع وتزوج منها بعدما أخذه عمي هارون من شمس عنوة وأصبح من رجاله وقام بتبديله بأخي حليم، ثم تاب عبدالرحمن وعاد لدفئ عائلته من جديد.

كيف حدث هذا؟
هذه حكاية مهمة لن أسردها الآن ففي هذا الوقت قابلت ليكاتا لأول مرة.
لا داعي للسباب.

______________ ︻╦デ╤━╼

وضع تميم رأسه فوق صدري بعدما صعدت غرفته لأبقى بجانبه حتى ينام بسبب شعوره بالخوف، فابتسمت بهدوء بعدما تذكرت أنني كنت أفعل تلك الحركة دائما مع أبي، فكنت لا أستطيع النوم سوى فوق نبضات قلبه لأسمع لحني الخاص كما يقول.

- هي ماما جديدة هتيجي؟ ماما فري قالت.

قالها يزن ابن نيلان ذو الأربع أعوام وهو ينام فوق جسد نيلان بالكامل كدمية دب في يد طفلة، فوق الفراش الأخير بالزاوية فحرك نيلان رأسه بالموافقة وأخبره بشأن شفا.

- في شبح كبير في الدولاب.

قالها ريان ابن فارس بنبرة خائفة حيث يتسطح جانب فارس فوق الفراش الذي يقبع بالمنتصف وهو يشير ناحية الخزانة المغلقة، فابتلع فارس ريقه بتوتر وقال بنبرة حاول أن تخرج ثابتة:

- مفيش أشباح ولا حاجة ده خيال، بعدين ما أنا معاك أهو.

_ يابني هو السرير متر، اللعنة.

قلتها بنبرة متهكمة إلى فارس الذي حمل صغيره ثم دس حاله في فراش تميم الصغير بين الحائط وبيني حيث أنام فوقه ووضع صغيره فوق صدره بعدما قفز من فوقي فصار نصف جسدي خارج الفراش بسبب حجمنا الكبير مقارنة بالفراش الصغير الذي يهدد بالسقوط في أي لحظة، فضحك فارس بخفة وقال بنبرة مازحة:

- إيه يا ليو؟ sharing is caring. (المشاركة تعني الإهتمام)

- تبًا لك، هل هذا هو الأب؟!

قلتها بنبرة ساخرة منه لإنه خاف من حديث ريان بدلًا من أن يطمئنه كما يفعل الآباء، لكن اللعنة هذا فارس، فهو يخاف من كل شيء!

عندما كنا صغار كان يخاف خمسة أيام في الأسبوع ونذهب لننام بهم جانب عمي هارون في الأغلب، أتذكر في أحد الأيام ظلننا نراقب الغرفة طوال الليل ليظهر شبح فارس الوهمي ونمسك به ونقتله.

- ستاله حلك. (الستارة تتحرك)

قالها فارس ذو الخمسة أعوام وهو يشير ناحية الستارة البيضاء الخاصة بالشرفة بيده الحرة حيث كفه الآخر يحتضن خاصتي وهو يجلس فوق قدم عمي هارون الذي يجلس متربع يراقب الغرفة بعيون ثاقبة ليمسك شبح فارس متلبس، فنظر عمي للستارة وتقلصت المسافة بين حاجبيه ثم قال له بتساؤل:

- فين الستارة اللي اتحركت دي بس؟

- هناك أهي.

قالها فارس بنبرة مهتزة بعدما تجمعت الدموع داخل مقلتيه بسبب خوفه الذي يتلاعب به، فقبّل عمي هارون وجنته ثم تسطح للخلف وضمه له بذراعه السفلي ثم ضمني بذراعه الآخر ناحية فارس وهو يقول بهدوء:

- مفيش حاجة اتحركت، ومفيش وحوش تحت السرير ولا في الدولاب ودي مش عنكبوت كبير هينزل من السقف يبلعك دي النجفة، يلا ننام بقى بسرعة، مفيش حاجة هتحصل وإنت في حضني، انا هخبيك.

- حدوتة.

قلتها بنبرة خافتة حتى يحكي لنا عمي هارون حكاية من حكاياته فأنا بالطبع لن أنام دون سماع حكاية منه بعدما سهر طوال الليل ليراقب الشبح ولديه عمل بعد ساعة واحدة!

- كان يا مكان يا سعد يا أكرام وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام .. هحكيلكم حكاية أكيليس واحد من أعظم قادة الأغريق.

قالها عمي هارون بنبرة رخيمة محببة لقلبي ثم صمت ليضفي الأثارة للحكاية كعادته على الرغم من شعوره بالتعب قبل إن يعود ويسرد قصته المفضلة.

وكان اكيليس ابن (بيلوس) واحد من أبطال الميثولوجيا الإغريقية و(ثيتس) التي كانت من حوريات الماء، وبعد ولادته طلبت أمه من ربات الأقدار أن يخبروها بمصير أكيليس.

- سوف يعيش محارب عظيم وسيُقتل في أحد المعارك.

كان هذا قول ربات الأقدار المتنبئات بمصيره، فخافت ثيتس على أبنها أكيليس وأخذته وذهبت به إلى نهر (ستيكس) ذو المياه المقدسة التي تعطي الشخص الذي يغطس به مناعة ضد الموت.

خلعت ثيتس ثياب ابنها أكيليس بالكامل ثم أمسكته من كعبه الأيمن وبدأت بتغطيسه داخل المياه وعندما انتهت جففته وضمته لها، لكن المنطقة التي لم يمسسها الماء صارت نقطة ضعف لديه.

وفي أحد الأيام تنبأ أحد العرافين بشأن مصير أكيليس الذي سوف يكون أفضل من مصير أباه، فبعثه أبيه ليتعلم فنون القتال على يد المعلم الشهير "كايرون" والذي كان معلم هيرقل وأجاكي.

بعدما بدأت حروب طروادة ضد الأغريق وفشل الأغريق في إن يحتلوا المدينة، أخبرهم إحدى العرافين بعدما تنبأ بذلك، إن الأغريق لن تربح الحرب حتى يحارب معهم أكيليس.

فانضم اكيليس لجيش( أجاممنون) وفي وقت قليل أبهرهم بأساليبه ومهاراته القتالية، وخلال تسع سنوات حقق انتصارات ساحقة، وأصبح أهم مصدر في جيش الأغريق وبدأت نبؤه العراف تترسخ في رأسهم أكتر وعندما وصلوا لطرواده من جديد كان مشهور بالفعل حيث كان مجرد ذكر اسمه كان يبث الرعب في قلوب الطورواديين.

وفي أحد الأيام علم واحد من أعدائه بشأن كعبه التي لم تصل لها مياه النهر، وفي منتصف المعركة رمى سهم مسموم ناحيته لتنتهي أسطورة أكيليس المحارب العظيم.

- ابقى فاكر إني قوي، وعظيم، مفيش حاجة تقدر عليا، مفيش حاجة بتخوفني، معنديش نقطة ضعف وفجأة ربنا يحط بين إيدي عيال قد كف أيدي بظبط يربط قلبي بيهم ويكسرو كل حاجة، بدأت أعرف معنى الخوف، بقى عندي نقطة ضعف، بقى عندي وتر كعب اكيليس.

قالها عمي هارون بنبرة خافتة بعدما طبع قبلة فوق جبهة فارس الذي ذهب في سبات عميق ثم جبهتي وأنا نائم وأحلم بولادة تنيني، إلى أمي شيرين حيث كان يعتقد دائمًا إنه أكيليس وابنائه وتره، ثم نظر لها وقال بضجر حيث كانت أمي شيرين دائما تصور لنا مقاطع وتقريبًا لا تترك الكاميرا من يديها:

- اقفلي الكاميرا دي بقى خلينا ننام كفاية تصوير فيهم.

- كلًا منهم يعانق كف الآخر حتى وهما نائمين، يا الله تحفظهم لبعضهم البعض .. أوه ماذا قلت هارون، هل تقول أنني لست نقطة ضعفك؟

قالتها أمي شيرين بلغة إنجليزية ذات لكنة فرنسية: وهي تضيق عينيها بخبث بسبب حديثه عن نقطة ضعفه بعد حديثها السابق الخافت الذي خرج بنبرة عاشقة وهي تنظر لي ولفارس.

- أنتِ لست وتري شيرين، أنتِ المحارب الذي هزمني بعدما صوب سهمه تجاهي وسممني بحبه.

قالها عمي بنبرة خافتة بصدق بعدما ابتسم لها بهدوء وهو يغمز لها بمشاكسة، فمدت يدها أمسكت وجنته وهي تقول.

- أوه ما هذا الكلام الجميل حبيبي؟! تبًا لك يا رجل، أحبك بشدة.

______________ ︻╦デ╤━╼

دلفت بشموخ للمكان المخصص للمواجهات بالقصر وأنا ارتدي قناع على شكل ابن أوى أو أنوبيس الفرعوني وملابس سوداء اللون وعلى كتفي رداء أسود ذو قلنسوة أضعه فوق أذن القناع.

مررت نظراتي على المدرجات حيث يجلس القادة فوق المقاعد السوداء جانب بعضهم بشكل بيضاوي حول الحلبة القتالية في المنتصف التي هي عبارة عن أرض مسطحة ذو أرضية جلد سوداء مطاطية تشبه خاصة ملعب كرة السلة، جميعهم يرتدوا أقنعة تمثل هوايتهم فوق وجههم

مقعد ضخم بمنتصف المقاعد في الصف الأول أسود اللون شكله مهيب يخرج من جوانبه أشواك على شكل عظام أنسان وفي الأعلى تقبع جمجمة بفم مفتوح ووفوق رأسها يظهر تاج، يجلس فوقه عمي قاسم الملك الذي يضع قناع أسود على وجه ولا يظهر منه سوى عينه، ويرتدي تاج الملك فوق رأسه.

وعلى المقعد جانبه يجلس عمي هارون الذي يرتدي قناع فوق رأسه على شكل "رع" الفرعوني والناحية الأخرى يجلس عمي صالح يرتدي قناع على شكل تنين أبوفيس حتى نخفي هاوية الجميع الحقيقية بسبب وجود شخص غريب عن المملكة ويرغب في الأنضمام لنا ولا يجب علينا أن نكشف عن وجوهنا قبل أن نعلم هل سينضم لنا أم لا.

بحثت بعيني على الوجوه جميعًا حتى استقرت عليها، ترتدي ملابس أسود بالكامل مثل الذي ترتديها المحاربات بقلنسوة على رأسها بنفس اللون قناع أسود يشبه الكمامة الطبية فهو يغطي الأنف والفم، تظهر عينها السوداء المكحلة واضحة، ابتسمت لي بسمة واسعة ظهرت من عينيها .. مرحبًا أمي.

- ياه يا "لوكي" إنت محتاج زراعة عصب عاجلة، حليم هاتلي العدة بسرعة.

قالها شمس بنبرة جدية لطبيب متعجل وهو يركض في طرقات مشفى في قسم الطوارئ إلى "لوكي" أو الحاوي الذي يجلس مرتدي قناع فوق عينه ويفتح فمه على وسعه، ويقف شمس ممسك بكشاف هاتفه المضاء يفحص أسنانه بتمعن:

- عدة إيه اللي هتجبها يا ست؟! أنا سبتك تكشف
عليا علشان تنزل من على دماغي، سيبني في حالي.

- طيب بلاش زرع عصب، هعملك ابتسامة هوليوود، حليم المنشار بسرعة.

قالها شمس موجهًا حديثه إلى حليم ببساطة تعقيبًا على حديث الحاوي الذي خرج بنبرة متهكمة بعدما اعتدل في جلسته وأغلق فمه، فنظر له الحاوي بحنق قبل أن يقول بنفاذ صبر بنبرة عالية:

- سيب سنان أهلي في حالها وأقعد في مكان بقى.

رمقه شمس بنظرة مشتعلة بسبب إفساده دور الطبيب الذي يلعبه ثم تنهد بعمق قبل أن يبعثر نظراته على القادة ليصطاد فريسة أخرى قبل أن يقع بصره على هاديس الذي يظهر عليه الأعياء.

- أوه هاديس، ماذا حدث؟

قالها شمس بنبرة قلقة وهو يضع السماعات الطبية فوق صدر هاديس بعدما برقت عينه بوميض قوي قبل إن يتحرك تجاهه، فنظر له هاديس وقال بنبرة متعبة:

- لقد أكلت حواوش من على عربة بالشارع إتضح إنها مصنوعة من الحمير.

- إنت واهم نفسك انك تعبان علشان عرفت إنها حمير ما أنا قدامك أهو.

قالها أخي تركي بتلقائية وهو يرمق هاديس بنظرة غير راضية وكأنه يرى فتاة مراهقة تصرخ بسبب رؤيتها لصرصار في الحجرة، فحرك شمس السماعة الطبية في عدة مناطق على صدر وظهر هاديس، ثم توسعت عينه السليمة بشدة وحرك رأسه يمنى ويسرى بخوف زائف وهو يقول:

- لا حول ولا قوة الا بالله، إنت محتاج تعمل غسيل معدة حالًا، هات خرطوم المياه اللي في الجنينة بسرعة يا حليم.

نهض هاديس من مقعده بهدوء ثم أتجه لمقعد آخر في الناحية الأخرى بعيد عنه ثم نظر تجاهه برعب عقب حديث الآخر، فأطلق شمس صوت يدل على الضجر من فمه قبل أن يعود إلى الحاوي من جديد، ثم ابتسم بسمة مختلة وهو يضع يده فوق معدة الحاوي ويقول باستمتاع:

- متيجي أعملك عملية حلوة، مش هتحس بيها خالص.

- آه مش هحس بيها خالص ما الأموات مبيحسوش.

قالها الحاوي بنبرة ساخرة وهو ينزع يد شمس عن معدته قبل أن يشقها لنصفين بخنجره، همّ أن يجيب عليه شمس لكنه انتبه إلى عمي قاسم الذي نهض من مقعده وقال بلهجة إنجليزية بصوت عالٍ حتى يصل للجميع وهو يشير إلى الرجل الذي يقف بمنتصف الحلبة والذي يكون واحد من زعماء المافيا الأيطالية المنافسين لنا:

- يقول منفريدي إن أخيه قد قُتل على يد أحد أعضاء جماعتنا هل هذا صحيح؟

وقفت أمي بشموخ مهيب يليق بها ثم رفعت يديها جانبها للأدلال على إنها من قتلت أخيه، ثم قالت ببساطة وهي تثبت نظراتها "بمنفريدي" بعدما سألها عمي عن السبب:

- أغضبني فنحرت عنقه.

- تباً لكِ سأقتلك وأقتل جميع سلالتك يا لعيـ

قالها منفريدي بنبرة غاضبة مهددة وهو ينظر لها بنظرات مشتعلة من برودها، لكنه لم يكمل جملته بسبب خنجر أمي الذي استقر في منتصف عنقه وبرز من الناحية الأخرى برقبته، وقع فوق الأرض يرتعش وهو يمسك رقبته قبل أن يسكن جسده وتتوسع بقعة الدماء حوله.

يا الهي، كم هي بارعة!

- هذا ما قاله أخيه قبل أن أنحر عنقه، لا أحب أن يهددني أحد بـابني.

قالتها أمي ببرود وهي تجلس من جديد بمهابة بعدما عدلت من موضع القلنسوة حيث إنها نزلت عن رأسها بسبب حركتها المفاجئة ردًا على نظرات عمي قاسم المحترقة بعد ما فعلته.

- قيصر ممكن أخده أشرحه، أصل الراجل اللي قتلته الصبح مكيفنيش.

قالها شمس بنبرة مسائلة بعدما نهض من مقعده وهبط حتى وصل لجثة "بمنفريدي" ونظر لها بعيون منبهرة وكأن يرى حبيبته لأول مرة بعد فراق سنين، فرمقه عمي قاسم بنظرة مرعبة ردًا على حديثه.

أخرج شمس صوت زمجرة يائسة من فمه قبل أن يعود لوضعه من جديد ثم نظر إلى حليم ليأمره بأخد جسد "منفريدي" والأحتفاظ به حتى يقوم بتشريحه ليكمل لعب دور الطبيب المتعدد الذي يلعبه.

- يريد ريستوس الإنضمام إلينا ليكون من رجال "هيل هاوند" ويعمل تحت يده مباشرة كأحد أبنائه، من يوافق منكم يرفع يده.

قالها القصير (قاسم) وهو يشير بيده ناحية الشخص الذي يجلس على المقعد جانب عمي هارون والذي يكون أحد رجال المافيا بروسيا بعدما رمق أمي بنظرة نفاذ الصبر ولم يعلق على حديثها، فهذه ميدوسا.

تتكون مملكتنا من ملك ثم قادة ثم رجال مقربين من القادة مباشرة يعملوا تحت يديه مثل فارس أو بدر بن صافي، ثم رجال الحماية العاديين كعماد مثلًا.

رجال الحماية يتم ضمهم من خلال عمي صالح وتدريبهم ولا يحضروا أي تجمع بالداخل، لكن الباقيين يعتبروا مننا.

في مملكتنا لدينا عدة مراحل لكي يحصل أحدًا ما على جنسية مملكتنا ويصير فرد مننا.

الأولى: يجب أن يوافق الأغلبية على أنضمامه.

رفع الجميع يده عداي وأخي فارس وأمي وأعمامي فنحن لا نريد انضمام حقير آخر لنا.

- حسنًا إذًا ريستوس لقد وافق الأغلبية، الآن سننتقل للمرحلة الثانية، ستقوم بمواجهة أحد رجال المملكة إذا ربحت تنضم لنا وإذا خسرت تقتل، هل تريد الإستمرار؟

قالها القيصر بوقار وهو ينظر له بتمعن بعدما مرر نظراته على جميع الأيادي المرفوعة، حسنًا هذه ليست الحقيقة.

المرحلة الثانية: لا مكان للجبناء.

اللعبة هنا نفسية، إذا خسر المواجهة لن يُقتل لكنه يخبره ذلك حتى يعلم هل هو جبنان أم لا، هذه القوانين وضعها المنظمون الأوائل فهم لن يسمحوا بالجبناء بينهم.

- حسنًا ريستوس، أسحب ورقة من هذه الحاوية هناك، من يظهر لك اسمه ستواجهه.

قالها القيصر بنبرة محفزة إلى ريستوس بعدما حرك رأسه بالموافقة على قبول المواجهة وهو يشير له ناحية حاوية زجاجية كبيرة بها أسماء جميع رجال المملكة والتي تقبع فوق طاولة صغيرة بآخر الزاوية.

- ميدوسا.

قالها ريستوس بعدما خطى ناحية الحاوية وأخرج منها ورقة بيضاء مطوية على شكل مربع ثم فتحها وقرأ ما خُطّ بها، فوقفت أمي بشموخ ثم تحركت للأسفل بعدما تجاهلت نظرات الحاوي الذي كان يحول منعها من ذلك.

- حقًا؟! هل سوف أواجه امراة؟!

قالها ريستوس بنبرة ساخرة وهو يشير إلى أمي بدون تصديق، فأنزلت القلنسوة عن رأسها ثم رمقته بنظرة مستحقرة من أسفل قدمه حتى شعره قبل أن تقول بثبات بنبرة هازلة منه:

- ماذا؟ هل أنت خائف؟ من فضلك لا تقلق سأجعلها سريعة.

- ارجعي مكانك، أنا هواجهه.

قلتها بنبرة خافتة في أذنها بعدما نهضت من مجلسي الذي يقع في الصف الأول واقتربت منها عقب انتشار الضحكات على ما قالته له، فعقدت ساعديها أمامها ورفعت حاجبها الأيمن ثم قالت بنبرة محتدة وكأنني سببتها:

- فاكرني ضعيفة ومش هقدر، علشان أنا ست؟

- لا، أنتِ أقوى امرأة رأيتها في حياتي جلالة الملكة، أنا فقط أغار، هو لا يعلم كيف يستخدم السيف لمبارزتك.

قلتها بنبرة صادقة وأنا ابتسم لها من أسفل قناعي ثم غمزت لها بعبث، فضحكت بهدوء بطريقة رزينة لأننا أمام الجميع ثم أعادت القلنسوة فوق رأسها قبل أن تعود لمقعدها من جديد بوقار.

- ماذا؟! هل خِفتي ؟

- ابني يغار، لكن لا بأس سيقوم بتمزيقك بالنيابة عني.

قالتها أمي بنبرة واثقة تعقيبًا على حديث ريستوس الذي خرج بنبرة ساخرة منها بعدما تقهقرت من أمامه فظن إنها خافت منه، فنظر الجميع لي في آن واحد كأنهم اتفقوا على ذلك.

تبًا لكِ يا أمي ولجميع نساء العائلة، هل كان يجب أن تقوليها بصوت عالي؟

أشارت بيدي إلى ريستوس بعدما وقفت بمنتصف الحلبة كي يقترب مني وننهي هذه المواجهة اللعينة.

بحق الله يا أمي لماذا قلتيها بصوت عالٍ؟
يا إلهي، الجميع يظن أنني طفلكِ المدلل، اللعنة هذا ما يسمى بالكوميديا السوداء.

- حسنًا ريستوس الآن يجب عليك هزيمة أنوبيس أو الصمود لنصف ساعة داخل المباراة بدون هزيمة.

قالها عمي قاسم بنبرة رزينة وهو يعانق كفيه ببعض ويقربهم ناحية صدره ثم نظر لي وابتسم بسمة واسعة ظهرت من عينه قبل إن يستطرد بتلاعب وهو يحرك أصابعه:

- لكن بما إنه أنوبيس سأجعلها خمسة عشر دقيقة للصمود أمامه، فأنا ملك عادل.

المرحلة الثالثة: يجب على المنضم الصمود أمام خصمه بدون هزيمة لمدة نصف ساعة داخل الحلبة إذا لم يستطيع هزيمة خصمه، وهذا لأن شعبنا يتدرب جيدًا منذ الطفولة على أساليب قتالية مختلفة فهزيمته على أيدينا أكيدة.

- حقًا قيصر!.

هتف بها الحاوي بنبرة ساخرة وهو ينظر لي ليزيد من تلاعب عمي قاسم الذي ضحك بخفوت قبل إن يقول بهدوء:

- حسنًا غيرت رأيي عشرة دقائق.

- يا الهي! إنك حقًا ملك عادل، فلتجعلها خمس دقائق يا رجل فنحن نريد هذا الوغد بيننا، سنتسلى كثيرًا.

قالها الحاوي بنبرة متذمرة بعدما أخرج من فمه صوت يدل على السأم وهو يرمق ريستوس، فضحك عمي هارون وأخوتي على ما قاله.

فالحاوي لا يترك فرصة حتى يجعلني أبدو مخيفًا للجميع ويظهر مدى قوتي، فهو كرس حياته كي أصبح الملك.

- لك ما تريد حاوي خمس دقائق.

قالها عمي قاسم بنبرة هادئة طغى عليها الخبث ثم عاد لمقعده من جديد، فخلع ريستوس جاكيت حِلته السوداء ثم فتح باقي أزرار قميصه الأسود بتلاعب بأكملها حيث إنه كان يفتحها لمنتصف صدره تقريبًا، ثم خلع قميصه ورماه أرضًا، فظهرت عضلات جسده القوية.

- فورمة الساحل ريأكت هاها.

قالها فارس بنبرة ساخرة بعدما رمق ريستوس نساء المملكة بطرف عينه عقب انتفاخه كأمير مدلل مصاب بغباء مزمن، اللعنة!

نساء المملكة لا ترى رجلًا غير رجال مملكتنا، نادرًا أن نظرت انثى لرجل من غير المملكة لأنهن يحببن القوة، ورجال مملكتنا جميعهم أقوياء، ليس لأن لديك بعض المناطق المنتفخة بجسدك يعني إنك تجيد القتال.

ضحكت بخفة ضحكة لم تظهر من خلف قناعي رفقة أخوتي الذين صدحت ضحكتهم عاليًا على حديث فارس، ثم خلعت ردائي العلوي ذو القلنسوة فقط وأشارت له بكلا يدي أن يتقدم، لن أضيع وقتي الثمين في اللعب مع هذا الأبله والسماح بدخول وغدٍ آخر في المملكة.

اندفع ناحيتي بعدما تأهب جسده ثم رفع قبضة يده التي كانت في طريقها إلى وجهي فصددت يده بالذراع الأيسر ثم لففت ذراعي الأيمن حول رقبته لتصبح رقبته أسفل إبطي وحلقه أسفل مرفقي ثم ضغطت على رأسه وعصرت رقبته لتصبح رأسه وكأنها رأس مسمار داخل كماشة ثم رفعت جسده للأعلى بعدما أمسكت رسخ يدي بيدي اليسرى.

- نينا هو يا ريستوس.

قلتها بنبرة ساخرة وأنا أسطح جسد ريستوس أرضًا بعدما فقد الوعي مقلدًا كلمة وأسلوب نيلان الكسول، حيث استخدمت واحدة من طرقه الثلاثة المفضلة في إغماء ضحاياه، فهو يفضل استخدام تقنية الأغماء السريع لإنه أكسل من الدخول في شجار، لكنني يجب أن ابقى بحال جيد حتى أواجه صافي.

نظرت بطرف عيني إلى الحاوي كحركة لا إرادية مني كما أفعل دائما فأغمض عينه برضى من ما فعلت قبل أن يرتفع تصفيقه وأمي وبالطبع عائلتي، وكذلك بعض النساء لكن باقي القادة، لا شيء بالطبع فأنا محبوب بشدة.

المرحلة الرابعة: التدريب.

يجب على القائد المنضم البقاء في القصر ليتم تدريبه على يد أبوفيس ليصبح جاهزًا لأمتلاك جنسية مملكتنا، لكن للأسف لن تمر تلك المرحلة على ريستوس.

في الواقع لم ينضم لنا أحدًا جديد منذ سنوات، فنحن لا نحب الدخلاء كثيرًا، بالأساس وافق الجميع ليتسلوا قليلًا قبل بدأ المباراة الحقيقة.

هل تحدث هذه المراحل مع الرجل الذي يتزوج فتاة من مملكتنا وينضم لنا؟

لا، لكن يحدث شيء أكثر مرحًا، نجعله يواجه أسد زائر... أوه، لا أمزح.

ما هي المراحل لكي تصبح قائد؟

لا توجد مراحل في الواقع، من الصعب أن تصبح قائد في المملكة إذا لم يكن أباك أو عمك قائد بالفعل، أو إذا جف نسل الذكور في عائلة قائد ما يتم ترقية أحد الرجال ليصبح قائد بدلًا منه ويمسك جميع أعماله.

_ هل ستترك طبيب الطاعون ينجو بفعلته قيصر؟!

قالها القائد "هيل هاوند" بنبرة جامدة بعدما خلا المكان من الدخلاء ليتم التحدث في أمورنا الخاصة بحرية، فتدخل القائد الملقب بأوركا يقول بنبرة محتدة:

- هناك سؤال أهم قيصر، كيف وقع أحد قادتنا؟ كيف يمكن سحبه من منزله بهذه الطريقة وتعرضه للضرب؟ اللعنة! لقد فقد عينه قيصر! أين إنت؟!

- ابنة رع من فعلت ذلك، وأنوبيس هو من ضربه وفقع عينه، لم يخلق بعد من يستطيع اختراق نظامنا.

قالها عمي قاسم بنبرة قوية ثابتة بعد أن وقف من مجلسه ونظر له نظرة مخيفة ثاقبة جعلته يهتز من الداخل بعدما خلع قناعه مثل الجميع، ثم وقف عمي هارون فتحولت نظرات الجميع له بسبب وجهه الذي احتل الغضب قسماته وكأن الشياطين تتراقص أمام عينه قبل أن يهدر من بين أسنانه مهددًا:

- أنتم تلعبون مع ابنتي منذ مدة، أولًا سِت قام بخطف واحدة من صديقاتها ثم بعد ذلك يأتي الـ ** أبرهام ليتلاعب برأسها ويجعلها تبكِ، وأنا لم أتدخل في الأمر لأن ابنتي ليست بالضعيفة وهذه فقط قرصة إذن لمن تسول له نفسه باللعب معها .. ومن لديه اعتراض على ذلك فليواجهني.

فك عمي هارون أزار قميصه وهبط من فوق الدرج حتى صار بمنتصف الحلبة ليؤكد على حديثه بشأن المواجهة تحت نظرات الجميع المثبتة عليه التي اختلفت من قائد لآخر، فظهر الأقتناع على البعض والكره والغل على الآخرين، لكن أحدًا لم يتحرك من مكانه، فهذا "رع" أقوى قائد بالمملكة ومن سيترك مقعده لن يعود له من جديد.

عمي هارون وصافي المالكي أقوى قادة المملكة ولم يسبق لهما خسران مواجهة من قبل، وأنا بالتأكيد.

- حسنًا رع لا بأس، لم أكن أعلم إنها صديقتها، إذا كنت أعلم ذلك لما فعلت.

قالها القائد "سِت" بهدوء بعدما نهض من مجلسه فحرك عمي هارون رأسه بالموافقة وعاد يزرر قميصه من جديد وهو يقول بثبات:

- علمت ذلك"ست" فيما بعد، وإلا لما كنت معنا الآن، أقتل كل من تسول له نفسه بجعل دمعة واحدة تنزل من عين صغيرتي.

انهى جملته وهو ينظر إلى أبرهام نظرة قاتمة جعلت جسده يرتعش بخفة قبل أن يتماسك من جديد ويعتدل في مجلسه بثبات واهي.

بالطبع نجمة ليست صديقة شهد، لقد كانت من قرائها المميزين وعندما علمت شهد بالأمر صدفة اخبرتني بشأن إعادتها وأنا وعدتها بذلك، لكن كان يجب قول ذلك حتى نبرر فعل شهد وكذلك إيقاف عملية إعدام "كريم الجندي" لأن بالتأكيد كان يجب علينا ذلك، لأنه إن لم نفعل سيتم تغيير الملك.

لأن عمي الآن سيصبح ضعيف في نظرهم، أن لم تستطع إدارة المملكة وحماية شعبها يجب عليك أن تتركها لمن يقدر على ذلك.

- كان على هاتفه صور لحبيبتي التي تمتلك خنجري، وقد هددته من قبل بشأن فقع عينه وأخبرته إنها حبيبتي، لكنه لم يستمع لي.

قلتها بنبرة جامدة بعدما نهضت من مجلسي عندما تحولت نظرات الجميع إليَّ ليعلموا السبب وراء فقعي لعين شمس دون الرجوع لعمي والحكم بيننا، ثم أخرجت هاتفي من جيبي بحثت عن صورة قاسية الفؤاد وكبرتها ثم وجهت الهاتف ناحية الجميع وأنا أهدر بنبرة عالية بتهديد:

- هذه هي ملكتكم المستقبلية يا معشر الحقراء من يراها منكم فلينحني لها احترامًا ويبقى نظره أرضًا، تبًا لكم جميعًا.

جلست بشموخ من جديد في مقعدي عقب سبهم جميعًا، فارتسم الغضب على أوجه الجميع لكن أحدًا لم يتحرك كذلك، إنهم معتادون على هذه الوقاحة مني فأنا لا اترك فرصة وإلا أهنتهم.

لماذا لم يفعل أحد شيء؟

باختصار شديد لقد قتلت اثنين من أقوى قادة المملكة وهزمت بشر بن أخ شمس والذي كان المرشح الأول للحكم بعد عمي قاسم فقط منذ ترقيتي لقائد كما أنني قتلت اثنين آخرين من القادة في فترة مراهقتي، وهذا لم يحدث من قبل في تاريخ المملكة، فنحن متحدون ولا تحدث مشاكل بيننا إلا إذا تدخلت النساء في الأمر.

نعم، مضحك جدًا بالفعل، لم يقتل قائد في تاريخ المملكة وإلا كانت امرأة وراء ذلك.

_ جلالة الملك، أرغب في طلب شيء ما.

قالتها الفتاة التي تدعى "ديبرا" والتي هي واحدة من الفتيات الكثر للقائد هاديس بنبرة رقيقة تليق بفتاة في أخلاقها الحميدة التي تشبه خاصتي بعدما نهضت من مقعدها بهدوء، فنظر لها القيصر نظرة مُحفزة لها حتى تخبره عن ما يجول داخلها.

- أرغب في الزواج من شاب وسيم يدعى "براندون" لكن أبي لا يوافق على ذلك.

- وماذا يعمل ذلك الشاب صغيرتي؟

قالها عمي قاسم بهدوء وهو يبتسم لها بسمة مطمئنة تعقيبًا على حديثها الذي خرج بنبرة ملتهبة من الحب الذي حدث بالتأكيد في خمسة دقائق، فوضعت ديبرا يديها على وجهها بهيام قبل أن تقول بنبرة عاشقة:

- إنه قاتل مأجورة، كان مؤجر لكي يقتلني من قِبل أحد زعماء المافيا لأنني حرقت وجهه أمام رجاله في إحدى الحانات، لكنه عندما رآني قال سحقًا للأموال.

- هيه قيصر لا تستمع لها، إن هذا الشاب رقم عشرة التي تريد أن تتزوجه هذا العام فقط، تبًا لقد ارهقت صغيري تركي في تدريب الرجال الذين واعدتهم حتى يستطيعوا هزيمة الأسد.

قالها هاديس متدخلًا في الحديث بعدما قلّب عينه بسخرية منها، فشهقت "ديبرا" ونظرت له بدون تصديق قبل أن تحوّل نظراتها إلى القيصر بعيون بريئة لقطة، اللعنة قطة!، عيون بريئة لنمرة لطيفة قبل أن تقول برجاء:

- أقسم إنه غير الباقيين قيصر .. أوه أبي لماذا تريد كسر قلبي؟

- حسنًا ديبرا، لنجعل تركي يدربه أولًا ثم يأتي ليلعب معنا حتى نزوجكِ.

قلها عمي قاسم برازنة بعدما أخرج هاديس صوت ساخر من فمه ليرد على سؤالها السابق الذي خرج بألم وكأن هذا الشاب حبيبها منذ سنوات وليس من يومين، فضحكت ديبرا بسعادة وتوسع بؤبؤ عيناها بشدة ثم صنعت قلب بأصبع إبهامها وسبابتها لتخبره إنها تحبه قبل أن تجلس من جديد.

- خلصت على رجالة المملكة فقالت تشوف حاجة جديدة برة .. تخيل شهد تدخل على عمي هارون براجل وتقوله هو ده حبيبي.

قالها فارس بنبرة ساخرة داخل أذني بعدما رمق ديبرا بطرف عينه فضحكت بخفة قبل إن تتلاشى ابتسامتي ببطء عندما وقف عمي قاسم من جديد وحمحم لينتبه له الجميع، فنظر له الجميع بترقب وساد الصمت بعدما توقفت الهمهمات لدرجة إن تركت إبرة صغيرة تسقط فوق الأرض ستسمع رنينها عاليًا.

- لقد طلبت مدام شفا زوجة القائد "يورمونغاند" الطلاق وهو رفض لكنني وافقت على ذلك، من يريد الدفاع عنها غير أنوبيس يقدم لي خنجره حتى أجعلها تختار، فهي بغرفتها لإنها لن تتحمل رؤية الدماء.

تحول المكان إلى منطقة زراعية وصدح صوت صرصور الحقل عاليًا بسبب الصمت المطبق على المكان بعد حديث عمي قاسم ليعن عن إن لا أحد سيفعل ذلك.

اللعنة! من المختل الذي سوف يواجه صافي دفاعًا عن امرأة حتى لو كانت من أجمل نساء الأرض؟

حسنًا، لإجابة: فارس.

هل تعلمون ما حدث حقاً حتى نصل لهذا ؟

❬ منذ شهور في يوم احتفال ميلاد شهد تحديدًا ❭

في المساء بعدما رحل الجميع ألتففنا حول مائدة الطعام وكان معنا صافي وزوجاته لإنهم قرروا المبيت في القصر، وهذا شيء معتاد بسبب علاقة صافي وأخيه صالح فنحن في وصال دائم، فبعد قتل صافي لخالي كما أخبرتكم رحل عن المنزل حيث كان يعيش في مبنى المامبا لإنه منزل عائلته ولم يعود له من جديد.

من حظ جومانا الجميل الذي لا يشبه وجهها بشيء كان مكانها في الطاولة بالناحية الأخرى من أخي فارس الذي كان يحول مغازلة شهد كعادته، فبدأ في إصابتي بالصمم عن طريق غناء أغنية رومانسية كانت مفضلة عندي قبل أن اسمعها من صوته البشع، فضحكت جومانا بخفوت على العبث الذي يحدث أمام أنظارها.

-سأتقيأ غدائي أيها الوغد .. يا إلهي! لن أسمع أغنيتي المفضلة ثانيًا لقد خربها صوتك المريع هذا.

قلتها بنبرة منهكة له وأنا اصفعه على رقبته من الخلف عندما بدأ ارتفعت طبقة صوته بطريقة تشبه نهيق بقرة وهي تسحب للمذبح في أول أيام عيد الأضحى، فضحكت جومانا من جديد لكنها وأدتها على الفور ودست شوكة من الطعام في فمها لتواري ما حدث، فظن صافي إن هناك شيء مريب يحدث بين الاثنين.

_ إختاري الحبَّ أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري.
يقتلني جبنك يا امرأةً
تتسلى من خلف ستار.
إني لا أؤمن في حبٍ.

قالها فارس بنبرة رخيمة موجهة إلى شهد بعدما جلسنا في البهو بعدما وقف أمامها ممسك بأوراق لعب سوداء اللون، ثم فردها أمامها بحركة سحرية متقنة وهو يستطرد:

_ مرهقةٌ أنت .. وخائفةٌ
وطويلٌ جداً .. مشواري
الحب مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضد التيار
صلبٌ .. وعذابٌ .. ودموعٌ

سحبت شهد ورقة من بين الأوراق ثم أغمض فارس عينه حتى تُظهرها للجميع والتي كانت ورقة الملكة القلب، ثم فتح فارس عينه من جديد وأشار لها أن تعيدها بين الأوراق ثم خلطهم بسرعة بحركات ماهرة تعلقت نظراتها المنبهرة بها ثم أعطاها الورق لتبحث عن ورقتها.

_ آهٍ.. لو حبك يبلعني
يقلعني .. مثل الإعصار.

قالها فارس وهو يخرج الورقة ببراعة في حركة سريعة من جانب رأس شهد توحي بأنه التقطها من الهواء بعدما لم يسفر بحثها بين الأوراق على شيء، ثم أمسك الورقة بإصبع السبابة والوسطى بعدها حرك يده بسرعة وكأنه يرج زجاجة مياه فتبدلت ورقة الملكة القلب بورقة أخرى مطبوع عليها خاتم خطبة.

- إنت تحفة بجد.

قالتها شهد بنبرة متحمسة وهي توسع عينها بانبهار مما حدث ثم ثم صفقت له متجاهلة الخاتم والقصيدة المقتبسة من شاعرها المفضل "نزار قباني" وكأنهما جزءً من العرض.

حسنًا، شهد ليست غبية كي لا تفهم معنى الخنجر الذي أهداها إياه هدية أو الخاتم والقصيدة لكنني لا أعلم لماذا تفعل ذلك؟

هذا ليس موضوعنا الآن، بالطبع تسألون الآن أين جومانا؟

حسنًا، جومانا كانت تجلس بجانب شهد وسحب فارس الورقة من بينهما بدلًا من الناحية الأخرى لرأس شهد، لو شخص طبيعي سوف يرى إن هذا شيء عادي.

لكن صافي المختل رأى أن فارس يغازل زوجته وفعل ذلك ليتقرب منها كذلك ليضرب عصفورين بحجر واحد، يتزوج واحدة ويدخل علاقة مع الأخرى، نعم.

- انطقي قولي إيه اللي بينك وبين فارس؟

صرخ بها صافي من داخل غرفته تزامنًا مع اللحظة الذي ركض بها فارس في الردهة وهو ممسك بيدي يسحبني خلفه كالخراف نهرب من بين أنيَاب عمي هارون بعدما فعلنا مقلبًا به كعادتنا ثم تجمدنا في موضعنا كمن حبس في براد مطعم فندق عندما سمعنا ذلك، بعدها صدح صوت صرخات جومانا التي يتم ضربها منه بعنف يصل لنا قوته من خلال الباب.

سحبت فارس من يده ودلفنا الغرفة التي بجانب غرفة صافي عندما حل الصمت فجأة ثم سمعت صوت خطواته تبتعد عن المكان.

- قتلها؟!

قالها فارس بنبرة مرتعبة وهو ينظر لي بعيون تجمعت بها الدموع بعدما بدأ جسده في الأرتجاف بسبب السكون الذي ساد، فضممته لي بقوة وأنا أقول أثناء تربيتي على ظهره:

- أخي لا تخف، كل شيء سيكون بخير، أعدك.

ابتعد عني وحرك رأسه بالموافقة مع نزول دموعه بهدوء فوق وجنته لظنه إنه قتلها بسببه، فمددت أناميلي ومسحت دموعه ثم أمسكت مرفقه وخرجت من الشرفة ومشيت ببطء حتى صرت بجانب باب شرفتها المفتوح مباشرة، انحنيت بجسدي للأسفل ونظرت نظرة سريعة تجاه الغرفة من خلال زجاج الشرفة فوجدت جومانا متسطحة فوق الأرض كجثة هامدة وصافي لا يظهر بالغرفة.

ارتفعت وتيرة ضربات قلبي التي صارت صاخبة بشدة ثم أخرجت سكين صغير من جيبي وفتحت قفل الغرفة ثم ولجت للداخل، خطوت تجاه المرحاض الذي صدح صوت المياه من الداخل بغزارة لتنم عن تحمم صافي فأتجهت بخطواتي ناحية جسدها وجلست جانبها على ركبتي، أمسكت رسخ يدها ثم تنفست الصعداء عندما شعرت بنبضها أسفل إبهامي.

- مغمى عليها.

قلتها إلى فارس الذي يجلس على ركبتيه أمام باب الشرفة ويقبض على شعره بكفيه والدموع تنزل كشلالات من عينه، فتوسعت عينه بدون تصديق وانتفض واقفًا ثم اقترب من موضعنا وحملها بدون النبث ببنت شفة ثم خرج بها من الباب السري الملحق بغرفة صافي ثم إلى غرفة سرية في النفق لا يعلم بمكانها مخلوق سوانا ولم ترسم على الخريطة الخاصة بالأنفاق فقد اكتشفناها بالصدفة ونحن صغار أبرياء.

لم يفكر في العواقب وقتها و لم أمنعه في الحقيقة، فقد شعرت بالشفقة تجاهها فحتى الحيوانات لا يجب ضربها بهذه الوحشية، لذا قررت قتل صافي داخلي.

كان يعلم إنها لم تخونه إلا وكان قتلها في الحال، فعل ذلك لإنه يشعر إن فارس يغازلها وقلق من أن تنجذب له .. حسنًا، يستحق القتل عشرة مرات.

استفاقت جومانا في اللحظة التي كان يضعها بها فارس في الفراش بالغرفة، فتجمد لبرهة في موضعة أثناء تثبيت نظرها به في محاولة استيعاب ما يحدث لأن بالطبع لن تتذكر ما حدث الآن، فابتلع فارس ريقه بتوتر وعاد خطوة إلى الخلف.

- إنت بتعمل إيه هنا؟ أنا بعمل ايه هنا؟

- متخافيش اهدي.

قالها فارس بنبرة رخيمة وهو يفرد كفه أمامه في محاولة منه لتهدئتها بعد حديث جومانا الذي خرج بنبرة مرتعدة بعدما عاد وعيها لها وجالت بنظرها في المكان ثم عليه وهي ترتجف برعب، لكن حديثه كان بمثابة أمر طفل صغير شقي بالجلوس فوق الأريكة وعدم التحرك لذا بدأت في الصراخ بنحيب عالٍ وهي تقول:

- أنا عملك إيه علشان تعمل معايا كده؟ حرام عليك، إنت عايز مني إيه؟

- هعوز منك إيه؟ إنتِ فيكِ حتة سليمة؟

قالها فارس بنبرة ساخرة بعدما رفع نظراته الموجهة للأرض عليها لثواني، فتوقفت جومانا عن البكاء ونظرت إلى الكدمات التي تملأ جسدها ثم لآمست بأناملها وجهها المنتفخ الذي تحول لون بشرته البيضاء إلى حمراء وبنفسجية وتضاعف حجمه من التورم قبل أن تنفجر في البكاء بعنف أكبر عن سابقيه.

يا الهي! أخي يخرج من فمه كلمات كمفعول حبات المُهدئ، لا أعلم لماذا لم يصبح طبيبًا نفسيًا؟!

ارتسم الندم على قسمات وجه فارس ثم قال بنبرة صادقة غلفها الحزن:

- خلاص اهدي أنا آسف، مش قصدي، أنا آسف.

- أنا عايزة أرجع، رجعوني لجوزي.

- هو كان بياخد شاور لما أخدتك، فهو دلوقتي أكيد بيفكر في طريقة مناسبة لقتلك.

قالها فارس بهدوء بعدما حمحم بتوتر وهو يثبت نظراته بالأرض بسبب منامتها التي بدون أكمام على عكس ملابسها المحتشمة التي دائمًا نراها بها، اللعنة! لقد خطفنا امراة متزوجة من غرفتها، عمي قاسم سيقتلنا، هذا إذا لم يقتلنا عمي صالح أولًا.

عادت جومانا للنحيب من جديد وبدأت في صفع وجهها بهلع من ما يحدث، اللعنة، يجب عليَّ تقديم ورق فارس في كلية الطب فورًا، فهذه الموهبة يجب أن يتم تنميتها.

أخرجت هاتفي وبعثت رسالة إلى نيلان ليحضر لنا أمي فاطمة التي تكون أحد المربيات الخاصة بنا لتأتي وتجلس معها وكذلك تحضر لها ثياب نسائية، فهي أكثر شخص يمكنني الوثوق به الآن، شخص غير متوقع ولن يسألها أحد ولا يمكنني الوثوق في أي أحد آخر حتى باقي أخوتي!

هل أخبركم ما أكرهه في المامبا؟

إذا علم باسل مثلًا بمكان جومانا وسأله عمي صالح عن مكانها سوف يخبره على الفور، نعم، ولاء المامبا اللعين! حمدًا لله إن نيلان متمرد.

_ يا نصيبتي! أنتو اللي خطفتوا الست؟!

قالتها أمي فاطمة وهي تضرب كفها فوق قلبها في حركة شعبية بعدما وقع بصرها على جومانا المتكورة على حالها في زاوية الفراش وتبكي بصمت وتهز جسدها للأمام والخلف، فانتفض جسدي من ما سمعت في بداية حديثها وشعرت بأن اللغة العربية والعامية كذلك يتم قصفهم بسلاح نووي وقلت بحدة:

- يا لها من مُـصـيـبـة أماه، النصيبة هذه الذي يجلس بها زوجك يصنع شاي ويسحب نفس من أرجيلته.

- هو ده وقته، برة يا أخويا إنت وهو.

قالتها بنبرة متهكمة وهي تصفعني على رقبتي من الخلف، نعم، هي يمكنها ذلك لأنها مربيتي، ثم دفعتني خارجًا ودفعت فارس ونيلان خلفي ثم أغلقت الباب بعنف.

ما حدث بعد ذلك الجميع يعلمه، فقد اجبرني عمي قاسم على إعادتها وطلبت الطلاق ثم تقدم فارس للدفاع عنها لإنه السبب كل هذا ويجب عليه تحمل النتائج كرجل، وها أنا أقف أمام صافي وكل هذا لأن فارس سحب ورقة من جانب رأس زوجته!

أخبرتكم إن فارس نظيف وليس مثلي!

❬ عودة للواقع ❭

- حسنًا الآن الجميع يعلم إننا فقدنا القائد "أودين" منذ مدة وهذا آلم قلوبنا جمعيًا، لقد ترك خلفه زوجة وابن ذكر سيحكم من بعده وفتاتين، لكن بما إن الفتى لم يتم العشرون بعد إذًا، من منكم يرغب في تحمل مسؤلية تربيته وتدريبه حتى يصبح قائد، والزواج من كاثرين.

قالها عمي قاسم بنبرة وقورة وهو يشير إلى المرأة التي تُدعى كاثرين التي كانت زوجة القائد "أودين" الذي قتل في اشتباك منذ ثلاثة أشهر وترك خلفه ابن في الحادية عشر وامراة وفتاتين، حتى يتقدم أحد القادة للزواج منها كما تنص قوانين المملكة لأنها ليست من نساء المملكة أي ليس لديها رجل في عائلتها يعمل معنا.

⬤ تتزوج زوجة القائد الراحل التي لديها أبناء صغار في السن من قائد آخر عقب موته مباشرة بعد انقضاء العدة "التي تقضيها بالكامل بقصر الملك حتى تتم الزيجة"

_ شكرًا لكم أيها القادة، كنت أعلم أنكم سوف تفعلون ذلك .. هيا كاثرين اختاري قائد.

قالها عمي قاسم إلى كاثرين بنبرة هادئة وهو يحرك يده ناحية القادة بإجلال بعدما شكر الجميع حيث إن جميع القادة أخرجوا خناجرهم لتقديموا لكاثرين.

نعم، الجميع عدا سِت والعائلة الحاكمة - عائلتي- هذا يحدث دائمًا عندما يكون القائد الراحل لديه أبناء صغار، فالجميع يحب لعب أداء دور البطولة.

- أنا اثق بحكمتك قيصر.

قالتها كاثرين بهدوء وهي تنظر له بإحترام، هل أخبرتكم إن جميع نساء المملكة يحببن عمي قاسم ويحترمونه؟

نعم، إنه راعي النساء بالمملكة! لكنه حمدًا لله إنه ذو أخلاق حميدة وليس فاسق وإلا كان تزوج من جميع نساء المملكة.

ابتسم عمي قاسم بهدوء ثم جال بنظراته على جميع القادة حتى استقر على "زيوس" والذي يكون أخو هاديس الأصغر ثم تقدم منه وأخذ منه خنجره وعاد من جديد إلى كاثرين التي التقطت منه الخنجر بابتسامة راضية.

- فليبتهج الجميع نحن لدينا عُرس الآن.

قالها عمي قاسم بنبرة مرحة عقب تصفيق الجميع بحرارة على قبول "كاثرين" الزواج من "زيوس" فارتفعت الصيحات الزغاريد من جهة النساء العرب بالطبع.

فخلعت كاثرين ردائها الأسود ذو القلنسوة الذي يشبه خاصة ذات الرداء الأحمر فظهر من أسفله فستان أبيض خاص الزفاف وهبط القائد زيوس من مكانه حتى صار أمامها وابتسم لها بهدوء.

وفي الخلف تم وضع منصة مزينة بالأزهار ثم وقف فوقها قس تزامنًا مع اقترب كاثرين وزيوس من المنصة ثم وقفوا أمام القس لتبدأ مراسم الزواج.

نعم، بهذه السرعة، فهذا شيء يتم تدبيره قبلها فنحن نعلم إنها سوف تتزوج اليوم.

______________ ︻╦デ╤━╼

أخرجت من جيبي ظرف قديم بعض الشيء باللون الأزرق السماوي ومررت إصابعي عليه بابتسامة هادئة قبل أن أعطيه إلى فارس.

- إيه ده؟! هو لسه معاك؟!

قالها فارس بنبرة عالية قليلًا من المفاجأة بعدما توسعت عينه بانبهار عندما وقع بصره على الظرف في يدي، ثم استله من بين أناميلي وأخرج الورقة المطوية التي بداخله ثم فتحها حماس وقرأ المكتوب بها بصوت عالٍ بنبرة ضاحكة:

- عزيزي حبيبي، اكتب لك هذه الرسالة لأعترف لك بحبي، نعم، أنا أحبك أيها الأحمق، وإنت لا تشعر بي، تبًا لك.

انفجرنا نحن الاثنين بالضحك بعدما نظرنا إلى بعض عندما تذكرنا ما حدث، حيث إن هذه كانت رسالة اعتراف شهد بحبها إلى فارس وهي في العاشرة من عمرها! حسنًا، لقد بدأت فترة مراهقتها مبكرًا.

حدث هذا منذ إحدى عشرة عامًا حيث دلفت أنا وفارس في أحد الأيام غرفته بمبنى المامبا الذي انتقل إليها عقب سفري إيطاليا رفقة أمي، لإنه لم يعود للمنزل من دوني، وعلى الرغم من أنني في ذلك الوقت عدت لمصر لكنني كنت اقطن بمنزل الحاوي حيث كان عمري ثمانية عشرة عامًا ففارس لم ينتقل للقصر.

أرتميت على الفراش بانهاك حيث كنا نضرب بعضنا البعض منذ خمسة دقائق في معركة طاحنة بين أخوتي استمرت لأربع ساعات قبل أن يوقفها حزام عمي صالح مفسد البهجة، حركت رأسي تجاه الكومود فوقع بصري على الظرف السماوي الذي يقبع فوقه ثم مددت يدي أستللت الرسالة ثم فتحتها وقرأتها بصوت عالٍ ليسمعها فارس الذي خرج من المرحاض يجفف شعره بمنشفة بعدما تحمم قبل أن تصيبني نوبة ضحك، فنظر لي فارس وقال بعدما تقلصت المسافة بين حاجبيه:

- إيه اللي بيضحك؟

- يا إلهي! ألم تعلم من التي كتبتها؟ اللعنة شهد تعترف لك بحبها.

قلتها بنبرة ضاحكة وأنا أحاول السيطرة على حالي حيث إن الرسالة كانت واضحة وضوح الشمس إنها من شهد، لإن السماوي لونها المفضل وكتبت كلمة أحبك باللون الاحمر ثم وضعت ملصق على شكل أرنب في آخر الصفحة، خطف مني فارس الرسالة ومرر نظراته على الحروف قبل أن يرتمي فوق الفراش بوجه يحتله الصدمة ثم أخرج سبة نابية من فمه.

- كده تكسر قلب البنت يا قاسي، ما تحس بيها بقى.

قلتها بنبرة حانقة مازحًا وأنا أضربه فوق صدره، فنظر لي بوجه متشنج ثم صفعني على وجنتي بعدما أخرج صوت ساخر من فمه وقال بتهكم:

- ما ممكن تكون بتعترف ليك، إنت أقرب ليها مني!

- علفكرة ده مبرر أكبر لحبها ليك يا غبي، أنا قطتها ونيلان أرنبها يبقى إنت إيه؟ حبيبها.

قلتها وأنا أُراقص حاجباي له على شكل موجه بحر فأخرج صوت حانق من فمه ثم أمسك الوسادة والقاني بها في وجهي.

كانت مجرد مزحة بيننا لا أعلم كيف انقلب الوضع عندما كبُرت شهد وتحولت المزحة إلى حقيقة ووقع فارس لها بحق، شعر بها، وعبر لها عن حبه مرارًا، لكن هل كان متأخرًا؟

_ تذكر إنها تحبك أخي، احيا لأجلها.

قلتها إلي فارس وأنا أضمه إلي بعدما خرجت من شرودي، فتشبث بي بقوة وقبض على ملابسي من الخلف، فشعرت بنبضات قلبه المتسارعة أسفل كفي خلف ظهره ثم قال بنبرة صادقة هادئة:

- لا حياة لي من دونك أخي.

- وحبك؟ ألن تبقى من أجلها.

- لا حياة لي من دونك أخي، إذا بقيت من أجلي ابقى من أجلها.

قالها بنبرة صارمة وهو يفصل العناق بهدوء بعد حديثي السابق ليقتل كل أمل لديّ في محاولة إبقائه على قيد الحياة إذا قُتلت بالمواجهة وتحولت رائحة الأمل التي تشبه زهرة اللافندر إلى رائحة بيت يحترق يتصاعد الدخان الخانق منه، تبًا لك أخي.

أخرجت هاتفي وهاتفت شهد مكالمة من النوع الفيديو حتى أرى صغيرتي المدللة مرة ربما تكون الأخيرة، انتظرت ثواني صدح بها صوت الرنين الذي لم اسمعه جيدًا بسبب صوت خفقات قلبي التي ارتفعت من التوتر.

- قطتي!، بص أنا فين.

قالتها شهد بنبرة متحمسة عندما ظهر وجهها البريء ذو الابتسامة الجميلة التي تحدث فجوة صغيرة بمنتصف وجنتها والتي تؤلم قلبي بملأ الشاشة، ثم وجهت الكاميرا ناحية بحر الأسكندرية الهائج ذو الأمواج العالية حيث تجلس فوق الصخور تأكل حلوى الأرز بلبن.

- أنا مبسوطة اوي، روحت فطرت عند البان سويسرا وبعدين روحت القلعة وأكلت كبدة من الفلاح، ورحت زنقة الستات واشتريت حلقان بص حلوة إزاي؟

قالت شهد حديثها دفعة واحدة بنبرة متحمسة وعيون تبرق ببريق لامع كعادتها حيث تشبه النجوم ثم قربت الكاميرا من أذنها وأزاحت خصلات شعرها الحمراء ليظهر أمامي عدد من أقراط الأذن الصغيرة، ثم عادت للحديث من جديد.

- روحت بيت ريا وسكينة، تفتكر هما كانوا سفاحين وبيقتلوا الستات بجد؟ ولا بيقتلوا الانجليز؟

قالتها بنبرة متسائلة وهي تضيق عيناها حيث تضاربت الآراء حولهم فهناك من اعتبرهم سفاحتين يستدرجن النساء ثم يسرقهن ويقتلهن، وهناك قصة آخرى انتشرت بشأن كونهما بطلتين يستدرجن الأنجليز ويقتلهم، فتحت ثغري لأجيب سؤالها لكن كلماتي تجمدت على طرف لساني عندما شعرت برأس رائف فوق كتفي مباشرةٍ لينظر إلى نجمة التي تظهر خلف شهد تعلق نظراتها بالبحر وهي تأكل الحلوى.

- أوه! يا أخي لماذا تخجل من ذلك، قبلني هيا .. قبلني.

قلتها بنبرة متهكمة إلى رائف وأنا أمسك فكه بين أصابعي وأنظر له بدون تصديق على ما يفعله، فابتسم رائف بسمة خرجت منكمشة بين أصابعي بسبب فكه الذي يقبع بين قبضتي ثم أنزل يدي وطبع قبلة على وجنتي ببرود وهو يقول بنبرة ضاحكة:

- مقولتليش ليه من بدري كان نفسي فيها، خد واحدة كمان.

أضافها وهو يطبع قبلة على وجنتي الأخرى فابتعدت عنه ومسحت وجنتي وأنا انظر له باشمئزاز ثم عدت لشهد من جديد، فعاد الأحمق لموضعه السابق وكأنني لم أخبره شيء، ثم شعرت برأس فارس بجانب رأسي في الناحية الأخرى فشعرت أنني محاصر في الوسط:

- عيونك.

- مالهم؟

قالتها شهد بنبرة متسائلة وهي تلمس عيونها الزرقاء المضيئة بفعل ضوء الهاتف وسط العتمة عقب حديث فارس الذي خرج بنبرة متخدرة من سحرها، فقال بنبرة متلاعبة:

- عاملة زي البحر والبحر غدار بيغرق.

- دورت عليكِ في السما ملقتكيش يا نجمة إزايس (سيريوس)

- تبًا لكم، للجحيم أنتم ونساء العائلة.

قلتها بنبرة صارخة حانقة إلى الاثنين وأنا أصفعهم في نفس الوقت بعد حديث رائف المشاكس إلى نجمة ثم عدت لشهد التي تضحك علينا وأغلقت معها المكالمة وعدت اتشاجر مع الغبيان عن طريق صفع بعضنا البعض بالتتالي.

_ إنت هتفضل مع ماليكا بعد حوار نجمة ده؟

قلتها بنبرة متسائلة إلى رائف بعدما انتهينا حيث أنني تحدثت معه ليكون المامبا الحامي لماليكا بعدما يترك إجلال، لأن ماليكا الآن سيعتبرها الجميع زوجتي وستكون بخطر لأن ربما تُخرج إحدى النساء معلومات عني لأعدائي وهي بعيدة عني، لذا تحدثت مع رائف لأن الوضع سيكون صعب قليلًا حيث سنتبادل الحماية لأن ماليكا تقطن بعمارة وليست بمنزلنا الذي يمتلئ بكثير من الرجال الذي يمكّن الآخرين من الراحة والنوم.

وأنا لا أثق إلا بالمامبا حتى لا ترى ماليكا صدفة الرجل الحامي لها وتخاف، فعماد الغبي كاد أن يجعلها تراه!

- شغلي ملهوش علاقة، أنا معاك، بعدين هندبرها مع بعض أكيد مش هقعد مع نجمة أربعة وعشرين ساعة دي حتى تزهق من وشي.

قالها رائف بنبرة مؤكدة وهو يضع يده فوق كتفي، فابتسمت له بامتنان ثم عانقته بقوة وأنا أقول بهدوء:

- خلي بالك منها، لو حصل حاجة محدش هيكون مركز معاها وشمس هيستغل الفرصة، ماشي؟

- لو حصل حاجة هحرق جثتك زي الهنود على رأي بابا هارون.

قالها بنبرة ساخرة وهو يربت على ظهري من الخلف قبل إن يبتعد عني ويرمقني بنظرة محذرة كي أربح المباراة ثم ابتعد عني ليقف جانب باقي المامبا تزامنًا مع اقتراب الحاوي مني حتى صار أمامي ثم أمسك بكتفي وقال بتساؤل كعادته:

- خايف؟

- الخوف ممنوع.

- هو خايف، أنا واثق فيك أنوبيس.

قالها وهو يربت على كتفي عدة مرات وتحرك من أمامي حتى صار بجانبي ثم بدأ التصفيق بانتظام مع بدأ الغناء بكلمات فرعونية قديمة بنبرة عالية مخيفة، فشاركه عمي هارون وأخوتي تباعًا لتخرج بشكل مرهب وكأننا نؤدي طقوس تقديم قربان ليلقي الرعب في قلب صافي، فضحكت بداخلي حيث إنها أغنية جدي بشار التي تكون ترجمة كلماتها رومانسية في الحقيقة.

❞ ليعلو صوتك حبيبتي..
عندما أغرق بالظلام..
صوتك ينتشلني من العتمة..
ليعلو صوتك حبيبتي..
ليرشدني لطريق النور ❝ ❡

تقدمت لوسط الحلبة ببطء وقفت أمام صافي المالكي الذي يقف عاري الجزع ويبتسم ابتسامة جانبية ساخرة على ما يحدث، لكنه خائف، أعلم ذلك يمكنني الرؤية الخوف يتراقص داخل مقلتيه كشعلة شمعة مهتزة.

أنا أنوبيس: الأقوى حاليًا الجميع يعلم ذلك، أقف أمامه بكامل قوتي بسبب صغر سني بينما هو تخطى الخامسة والستون منذ شهور، لو كان في رعيان شبابه لوقف أمامي كالصخرة فهو ليس خصم هينًا بالمرة.

نظرت بطرف عيني إلى عمي صالح الذي كان يجلس والتوتر يظهر بوضوح على محياه ثم عدت بنظراتي من جديد لصافي، حسنًا من أجل أبي الرابع.

تقدمت بخطواتي حتى توقفت أمام صافي مباشرةً ثم رفعت يدي الساقطة جانبي ومددتها له بالسلام حيث إن من عادات مملكتنا عندما يمد الرجل يده بالسلام إلى خصمه وصافحه الآخر، إذًا المباراة ستصبح سلمية بلا قتل أو أسلحة.

حرك بؤبؤ عينه فقط إلى كفي المنبسط قبل أن يخرج صوت من فمه يدل على السخرية ثم تحرك للمكان المخصص للأسلحة حيث تقبع طاولة خشبية فوقها جميع الأسلحة البيضاء (سيف، سكين، خنجر، فأس، حربة، رماح ثلاثي، حبال، جنزير، عصا) حسنًا هذا متوقع من صافي.

وقف أمام الخناجر وقبل أن يمد يده ليستل خنجر تحرك ناحية السيوف وسحب سيفًا طويلًا منها وعاد لمكانه، حيث يسمح للمتواجهين باستخدام سلاح واحد فقط من إختيارهم.

إنه يتحداني بلعبتي المفضلة، أو إن هذا ذكاء منه لا أعلم، لقد دربني عمي صالح أمس على المبارزة بسبب توقعه لأختيار صافي المبارزة لإنه لن يدخل معي في مباراة قتالية باليد بسبب فرق السن بيننا، لكنني الأفضل في المبارزة.

أحضر لي نيلان السيف الخاص بي الذي ورثته عن عائلة أمي التي كانت تهوى المبارزة، أمسكت مقبضه الذهبي المجسم على شكل رأس تنين وبالمنتصف بين النصل والمقبض حجر كريم أحمر دامي كالنيران.

ادخلت يدي الحره داخل قميصي القطني من منطقة الرقبة وأخرجت السلسال الفضي المعلق برقبتي الذي يتدلى منه خاتم ذهبي قديم يعود لحبيبتي ليكاتا، بالتأكيد لم أدخل غرفتها وأسرق أشيائها، أنا لست مهوسًا بها!

اللعنة! أنا مهوس بها لكن مازال هناك بعض من مجهود عمي قاسم الذي حاول تربيتنا جيدًا ينبثق داخلي.

رفعت الخاتم لشفتي وقبلته بلطف ثم أعدته مكانه داخل القميص بالقرب من موضع قلبي، فضربت رأسي قصيدة للشاعر نوح مُقدم، تعبر عن ما أشعر به الآن حيث يقول:

❞ خذيني بعيدًا عن كل هذه الحرب.
كل هذا الدمار.
خذيني إلى حيث البنفسج.
يخنق وجه الصباح.
حيث الأغاني تصدح دون انقطاع.
خذيني إلي قعر التمرد.
إلي عالم من الخواء.
العني الثقافات معي.
دعينا نشكل هذا الكائن.
نغير الأسماء.
أنتِ السعادة .. وأنتِ العذاب. ❝

أعدت السلسال من جديد ثم وقفت في وضع استعداد، رفعت السيف بكلتا يدي، وأشارت له برأسي لنبدأ المباراة، فأطلق صيحة من فمه أثناء وثبه تجاهي وهو مشهر سيفه عاليًا ثم هبط به بكامل قوته فوق رأسي، فصددت ضربته العاتية بنصل سيفي الجانبي، شعرت بيدي تهتز وكأن صاعقة كهربائية ضربتني.

إنه أقوى من ما تصورت، هذه المباراة لن تكون سهلة كما ظننت.

دفعت سيفي لنفصل التلاحم فالتف السفين وصدح صوت الصلصلة قبل أن يبتعد ثم أمسك يدي الحرة بيده ورفع سيفه باليد الأخرى لتنزل على رأسي، فرفعت يدي بالسيف وسددتها في اللحظة الأخيرة، ثم دفعته بالسيف وأدرت المقبض بين أصابعي بمهارة وتقدمت تجاهه وأنا أكل له ضربات السيف يمنى ويسرى ويصدها جميعًا.

طالت المبارزة كثيرًا، إنها اقوى مباراة لي على الأطلاق، فهذا الصافي لديه قوة تحمل أبهرتني لدرجة إنني كنت أريد ترك السيف والتصفيق له بحرارة، ذراعي آلمتني وتخدرت من صد ضرباته المتتالية العنيفة، حسنًا هذا مدرب المامبا سابقًا، هل تظنون إننا نلعب هنا؟.

أطاحتُ أخيرًا سيفه بواسطة ضربة وضعت بها كامل قوتي وأوقعته أرضًا فتحرك سريعًا ليلتقطه فتقدمت منه ورفعت سيفي عاليًا استعدادًا ليهبط في منتصف ظهره، وداعًا عماه فلنلتقي في الجحيـ...

انتفض جسدي وشعرت بشيء يخترق شراين فخذي وينغرز به قبل أن أهبط بالسيف فتجمدت لبرهة بموضعي ثم حركت عيني جهة رامي الخنجر التي لم تكن سوى هيدا التي وقعت في نفس اللحظة غارقة في دمائها بعدما اخترق خنجر ظهرها.

تبًا لإنتقام النساء، فلتذهبن للجحيم جميعًا يا معشر نساء المملكة؛ هل كنتم تظنون إنها لن تفعل شيء لرد كرامتها؟

اللعنة فهذه حية حقيقية بثلاث رؤوس لكنني لم أعتقد إنها ستفعل شئ أخرق كهذا.

اطلقت شهقة مختنقة عندما اخترق سيف صافي أسفل معدتي في حركة سريعة ومباغتة بسبب فقداني تركيزي لثواني كانت كافية له لأستعادة قوته في المباراة، وقعت على ركبتي تزامنًا مع صدوح صوت يشبه الصرخة خرجت من فم فارس.

وصدح صوت ضحكات صافي العالية وهو ينظر إلى عمي هارون الذي يكبله عدد من المامبا في مقعده بعدما حاول النزول والاطمئنان عليَّ لكن لا يمكن لأحد التدخل الآن فأنا لم أُمت بعد والمباراة لن تنتهي إذا هبط سُيقتل في الحال، هذه قوانين المملكة.

سحب صافي الخنجر من فخذي بعنف أدى لتدفق الدماء من الجرح بغزاره، فاطلقت تأوه من فمي بسبب الألم الذي شعرت به، أعلم إن صافي سينحر عنقي الآن فهذة طريقته المفضلة في القتل.

شعرت به خلفي في نفس اللحظة التي انفصلت بها عن الواقع كل شيء غاب تشوشت الرؤيا، حل الصمت، ذكريات كثيرة متلاحقة تهاجم عقلي بغتة.

" بيحب ينام على موضع قلبي علشان يسمع لحنه الخاص"

"إنت أحلى حاجة حصلتلي في حياتي"

"اطلقوني من سياج الأسر
حتى اتلاقى بحبيب طال شوقي للقاه"

حسنًا، مرحبًا بالموت.
هل أنا خائف؟
بالطبع لا، لقد انتظرت الموت كل ليلة ولم يأتي، كنت أعلم أن ربما اليوم سوف اتخلص من جميع آلامي.

"قطتي.."

" - أنا بحب أحضنك، في أشرار كتير بره، لما بخاف باجي استخبي هنا.

- مفيش كلام يقدر يوصف مدى حبي ليك يا ليو"

" يارب يا ذا الجلال والإكرام، قلبي وجعني اوي، ساعدني"

" لا حياة لي من بعدك أخي"

_ أنوبيس لا تترُك أخي فارس بمفرده، إنه يخاف.

حسنًا ليو لن أتركه فقط لا تخف ولا تبكِ، لا شيء يؤلم، حسنًا؟

أنوبيس من يختار قاتله؛ يجب أن أقاوم لن أموت اليوم، من أجل فارس، عمي هارون،نيلان، حبيبتي، وأمي.

_ أنوبيس، قوم دلوقتي حالًا.

خرجت هذه من الحاوي بنبرة صارخة آمرة لأخرج من العوم داخل ذكرياتي، فسمعت صوت ضحكات صافي الصاخبة الذي يشاهد عائلتي باستمتاع وهو يتلمس عنقي بأصابعه الباردة بعدما سحبني من شعري للخلف ليفسح المجال لنصل الخنجر حتى يتراقص على أوتار رقبتي بحرية.

تحسست مقبض السيف بأناميلي حيث إنه مازال في يدي ثم شددت قبضتي عليه وفي حركة مباغتة أخيرة وقفت واستدرت تزامنًا مع رفع يدي بالسيف لأفصل رأس صافي عن جسده، فوقعت رأسه أولًا ثم انفجرت الدماء في وجهي عقبها وقع باقي جسد صافي جانب وجهه.

اللعنة إذا قتلتني في الحال وتركت هذا التلذذ والاستمتاع المريض جانبًا لنجيت.

وقعت على ركبتي من جديد بعدما ارتخت قدمي ثم شعرت بأحد أمسك جسدي وثبته قبل أن أقع على وجهي وينغرز السيف أكثر بجسدي، علمت بالطبع إنه نيلان لكنني لم أرآه، فالرؤية صارت مشوشة الآن.

سمعت صوت صرخات عمي صالح في الجميع بعدم نزع السيف من جسدي ثم شعرت بنيلان وفارس يحملوني للخارج تجاه سيارة الإسعاف المحضرة مسبقًا.

- ليو خليك معايا ماشي، فتح عينك .. فتح عينك علشان خاطري .. هتبقى كويس، حاول علشاني، علشان فارس.

قالها عمي هارون الذي صعد معي إلى سيارة الأسعاف بنبرة مهتزة ظهر بها مدى الهلع الذي يشعر به الآن، فحاولت فتح عيني، لن يتحمل عمي ذلك، من أجل فارس، عمي هارون، قاسم، نيلان، حبيبتي، أخوتـ...

- بتوجعك اوي.

قالتها أمي شيرين التي وضعت رأسي فوق قدمها فحركت رأسي بالموافقة وبدأت الدموع تتجمع في مقلتاي بسبب الألم الذي شعرت به فجأة.

- تؤلم قليلًا أمي، لكنني قوي مثل أبي.

قلتها بنبرة خافتة فابتسمت بفخر ثم بدأت تمسيد خصلات شعري بحنان وهي تدندن أغنية النوم الخاصة بي، فاغمضت عيني باستكانه حتى استمتع بصوتها، لم يكن جميلًا ولا مميزًا لكنه كان الأقرب لقلبي.

ابتسمت بهدوء.
قبل أن يظلم كل شيء.

يتبع..

★ متنسوش التصويت (vote)

________________________

_ لا تنسوا الدعاء لأخوتنا بغزة في جميع صلواتكم، رفع الله عنهم ونصرهم.
للتذكير: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، نِعمَ الزادُ هذا يا رب.

Continue Reading

You'll Also Like

122K 5.5K 27
!Adult/Possessive and Asshole!
23.4K 545 16
Marcy and Anne decided to fake date for a bit so Sasha would get jealous, but what happens when one of them starts liking the other?
23.6K 945 27
"Come on, come on, don't leave me like this I thought I had you figured out Something's gone terribly wrong You're all I wanted Come on, come on, don...