قَتَام

By lusaeev

19.8K 1.1K 1.1K

[مكتمل]- بعد ان عاش سيهون حياتهُ يبحث عن قاتل والدهِ الحقيقي ، يُدرك مشاعره لشقيقه الاكبر بالتبني ... فيصبح م... More

مـقدمـة
الجـزء الاول
الـجزء الثانـي
الـجزء الـثالث
الـجزء الرابع
الـجزء الخامس
الـجزء السادس
الجـزء السابع
الـجزء الثامن
الـجزء التاسـع
الـجزء العاشـر
الـجزء الحادي عـشر
الـجزء الثاني عـشر
الـجزء الثالث عـشر
الـجزء الرابع عـشر
الـجزء الخامس عشر
الـجزء السـابع عـشر
الجـزء الثـامن عـشر
الـجزء التاسـع عشر
الـجزء العـشـرين
الـجزء الواحد والعشرين

الـجزء السـادس عـشر

427 44 43
By lusaeev













اهلاً ~





قراءة ممتعة + اعتذر في حـال تواجد
اخطاء املائـية 🩵🩵.











—•••—








- تـشوي لُوهان -









شـهر آخر قد مضى
وانا في حالتي ذاتها
او ربما ..اسوأ بكثير

لم اعُد اعلم ماليوم
ومالغد ، لا يهمني مرور
الوقت ولا النهار ولا الليل

كُل ما تُبصره عيناي هو
هذهِ الغرفة الخالية من الاثاث
الكثير من عبوات المياه وزجاجات
النبيذ الفارغة والادوية في كل مكان

وجـسدي الهزيل ، وما زالت
يدي سجينة لهذه الجبيرة القاسية

لم اعد اشعر بالاختناق من
حياتي ، لاني اعتدت الاختناق
فما عاد شعورًا غريبًا .. لاني اصبحت
مختنقًا في كل وقت

ولم اعُد هـشًا ، لان الانسان
الهش بات قويًا امامي ، الفراغ
في قلبي لا يُوصف

ليس وكأنني عِشت عمرًا
يتجاوز الخمسة والعشرين سنة
كلها مشبعة بالمشاعر

في الايام الماضية ، شعرت
بكثير من الدفء في صدري لفكرة
جديدة راودتني

'لا تستسلم لوهان ..
حتى يجدك سيهون بخير اذا عاد إليك'

واعجبتني هذهِ الفكرة
احببتها كثيرًا

ان اتحسن واكون بخير
ان اجد سببًا حتى اقاوم كل هذا
الدمار بنفسي ..

حتى استطيع احتضان سيهون
اذا عاد إلي ، حتى اكون مصدر
قوته كما اعتدت ان افعل

ولكن .. سريعًا ما تلاشت
هذهِ الفكرة خلال ايام اخرى

لان ..

هل سيعود سيهون اصلاً ؟

ربما لا ، وربما نعم

وفي الحقيقة .. جزء
كبير مني فقد الامل بعودته
فلقد مضى ما يقارب الشهرين
ونِصف ..

شهرين !

كيف تحملت بُعده عني ؟
وكيف احتمل هو مفارقتي كل
هذا الوقت ؟

هل جُرحه كبير للحد الذي
كرهني فيه ؟ ايفعل سيهون ذلك؟

لا اعلم

انا لا اعلم اي شيء
عن الشخص الذي اعتدت محبتهُ

منذ شهرين انا لا اعلم ..

قد اصبح سيهون كالغريب
ولا استطيع رؤيته ولا الاطمئنان عليه

ربما قد مضى قدمًا في
حياته ، واصبحت انا ماضيه
المؤلم الذي لا يُريد تذكره

ربما سيهون تجاوزني بالفعل
ولا يريد ان يتذكرني حتى ..

ربما انا العالق في هذا المكان
انتظر عودته وهو لن يعود ..

لا اعلم

لم اعد استطيع الثقة بشيء
لا افكاري ولا عقلي ولا قلبي
ولا نفسي ...

شربت النبيذ دفعة واحدة
اشعر بهِ وكأنهُ يشعل حريقًا
في معدتي .. ولم اكترث بل شربت
المزيد والمزيد

حتى سقطت الزجاجة من يدي
وشعرت بغياب ذِهني .. ولم استطيع
التركيز بشيء حتى اُفكر ..

ورغم اني ثمل ولست بوعيي
اخذت معطفهُ ، غمرت انفي
في رائحته التي تلاشت منذ
زمن طويل

واغمضت عيناي محاولاً
النوم ، وبالفعل لم يمضي الكثير
من الوقت حتى اغلقت عيناي الناعِسة

وبعد ساعات قليلة اسيقظت
ووجدت جسدي نائمًا بين زجاجات
النبيذ المنتشرة في الارجاء .. لانني
احتاج الكثير حتى افقد تركيزي
واستطيع النوم ..


وقفت بصعوبة ، جسدي
ثقيل وكأني محموم .. احاول
ترتيب الفوضى من حولي

ولكني تعثرتُ بسبب زجاجة
نبيذ كانت بجانبي ، ولم استطع
ان اوازن جسدي بسرعة بسبب
يدي المصابة ...

حتى ارتطم رأسي بالحائط
بجانبي ، وشعرت بالدوار يصيبني
للحظات .. وجُرح آخر ظهر في جبيني

ولم اكترث بالالم الذي اشعر
به حقًا ، وقفت وذهبت الى الحمام
حاولت اخراج لاصقة جروح ووضعها
على جبيني

ولكن هذا صعب بسبب يدي المصابة
وعندما نظرت الى نفسي ، ابتسمت
بسخرية وانا ارى وجهي المريع

هل انا اُعاقب ؟ هل ما امر
به عقاب بسبب افعال ابي ؟

لفظت انفاسي بعمُق ورجعت
الى الاريكة ، احتضن جسدي
وانا اراقب السماء من خلال
الابواب الزجاجية للشُرفة

كانت النجوم تلمع ببريق
خافِت ، وذهني كان فارغًا
لم اكن افكر ولم اكن نائم

فقط هكذا اُحدق بها بلا
اي شيء آخر ، حتى انتشرت
خيوط ضوء شمس الصباح

وانا هنا وقفت اجمع شُتات
نفسي ، ارتدي معطفًا ثقيلاً لعلهُ
يحمي جسدي المُتهالك من البرد

واُخفي وجهي جيدًا ، فما زال
شعور العار يتلبسني ...

تقودني قدماي بغير وعي مني
للمكان الذي ذهبت له بالامس ، وقبل
الامس ، وماقبل وقبل الامس .. والبقعة
ذاتها التي اُمضي فيها بعض ساعات
يومي منذ ايام طويلة

كمحاولة لارضاء نفسي ، كمحاولة
لايقاف قلبي عن التمزق شوقًا إليه
كمحاولة لردع عقلي عن القلق عليه
بجنون

وقفت في ذلك الشارع الذي اخشى
ان يعرفني فيه احد ، خوفًا ان يتعرف
عليّ احدهم .. ابن تشوي يتجرأ
على اظهار وجهه مجددًا رغم
افعال والدهِ

هذا ما سيُقال فور معرفتهم
لي ، ولكني هنا ... اجلس في شارع
يحوي المقر الذي يعمل بهِ ، ووكالتي
التي اعمل بها

وجلست هناك طويلاً ، منذ
السادسة صباحًا .. كان الجو باردًا
وجسدي يرتعد ، واشعر بالجوع الشديد
وذهني فارغ

وعيناي فقط هي من تحوي الحياة
فيها ، ليس انها تحوي شغف الحياة
حقًا ... ولكنها تبحث عن امانها

عن هيأة الرجُل الذي اعتادت
النظر إليه ..

وانتظرت طويلاً حتى اصبحت
اظافر يدي زرقاء ، واسناني
ترتطم ببعضها

كالامس وما قبل الامس وما قبل قبل
الامس ..

وفي النهاية سأذهب لشراء
النبيذ والعودة الى خيبتي

وعقلي سيكون مُشبعًا بالافكار
هل سيهون بخير ؟ لماذا تغيب
عن عملهِ كل هذا الوقت الطويل ؟

اين يعيش الان؟ وكيف حالهُ؟
هل يتناول الطعام الجاهز ؟ هل
يُغذي نفسه حتى ؟

ايبكي سيهون ؟ او يُصاب
بنوبات فرط التنفس ؟ ايوجد
احد بجانبهِ يُشعره بالامان ؟

وفي النهاية اشرب حتى اثمل
فلا استطيع ايجاد اجابة لتساؤلاتي ..

وليست كل محاولاتي ناجحة
في جعل عقلي يغيب عن واقعي
عبر افراطي في شرب الخمر

فـفي احيان كثيرة ، كُنت استيقظ
لاُخرجه بأكمله في المرحاض لان
عقلي استذكر صور جثة والد سيهون
وسيصور لي ابي كمجرم قذر
وسافل

وفي احيان اخرى ، معدتي لن تحتمل
النبيذ ، ومنذ ايام لم اتوقف عن تقيؤ
الدم مما ارهقني اكثر واكثر


توقفت افكاري شيء فشيء
وتوسعت عيناي ، وارتعد جسدي
ليُصبح كل طرف مني ينبض
بشكل غير طبيعي

بعد ان إلتقطت عيناي
هيئتهُ من بعيد .. كان هو..
سيهون ..

كان سيهون ... هناك يقف
بعد ان اختفى عني لشهرين
ونصف ...

سيهون هناك ..
عقلي لم يكن قادرًا على استيعاب
ذلك ابدًا ، اعتقدت انه وهم كما
تخيلتهُ في ايامي الماضية ...

ولكن كـلا .. انه سيهون...

وضعت يدي السليمة على فمي
فـ انفاسي تسارعت حتى شعرت
اني عاجز على لفظها ..
وقلبي يدق حتى خشيت ان يتوقف

وابتسمت .. ابتسمت بوسع
وشعرت ان الحياة اجتاحت جسدي ...

لان سيهون بخير .. لان سيهون
بخير حقًا ...

كان يرتدي معطفًا طويلاً
وثقيلاً ليحميه من البرد ، ووجههُ
ليس شاحبًا .. يبدو انه يتناول طعامه

اراقب تعابير وجهه الهادئة وهو
يراقب السماء بذهن شارد ، ولحظات
فحسب حتى ظهرت تشوهي بجانبه

تُعطيه كوبًا من القهوة
وهو ابتسم لها ، لتُمسك بيده
ويدخل كلاهما للمقر معًا

وتلاشت ابتسامتي شيء فشيء
وقبضتي ضربت قلبي بقوة
كمحاولة لردع اي شعور
سيء ..

ولكن نبضات قلبي التي ارتعدت
بسبب رؤيتي لسيهون ، عادت
لتنبض بقوة مع تلك اللسعات
التي شعرت بها ..

- انت اناني .. -
همست بها لنفسي
وجسدي يتهاوى على الارض

- ليكُن سيهون سعيدًا .. المهم
انه بخير .. ليكُن سيهون سعيدًا تمالك
نفسك يا احمق -

وصفعت نفسي بقوة .. كمحاولة
لردع نفسي من اي شعور سيء

لماذا اشعر بالالم في قلبي؟
هذا اقل شيء استحقهُ من سيهون
الشكر له لانه صمد وتمالك نفسه
وكان قادرًا على ان يبتسم مجددًا

لا يحق لي ان اشعر
بالغيرة بسبب وجود تشوهي بجانبه
تمسك بيده وتعطيه كوبًا من القهوة
وهو يبتسم لها ..

لا يحق لي ابدًا ..
انا وسيهون شيء قد مضى
وانتهى ... وهدفي من القدوم
الى هنا هو التأكد من انه بخير ..

وقفت بصعوبة ، وجسدي لا يساعدني
اشعر بالدوار .. وان قلبي يحترق

لماذا قلبي يحترق ؟
سيهون بخير ..؟ انه بخير ...
لماذا انا متطلب للغاية؟


- سيد تشوي ؟ -

سمعت صوتًا مألوفًا
وقريب مني ، لاخفي وجهي واسير
مبتعدًا ..

الا ان يدها قد امسكت بيدي
واسرعت بخطواتها لتكون امامي

- انه انت بالفعل -
بدهشة قالت تشوهي وهي تظهر
امامي .. المحظوظة التي استطاعت
مساعدة سيهون ليتحسن ..

اعود لاخفاء وجهي بغير وعي
مني ، لا ارغب ان ترى تشوهي
ابن المجرم تشوي الذي تبنى ابن
الرجل الذي قتله بيديهِ

- هل انت بخير ؟ لقد انتبهت
لوجود شخص غريب هنا
وشعرت انه انت -

سألت بلُطف وهي تبتسم

- ه-هل .. -
خرج صوتي خافِتًا
والان انتبهت ان ايامًا طويلة
قد مضت وانا لم اتحدث فيها مع
اي احد
- هل سيهون بخير ؟ -

سألتها وانا ابتعد عنها
احافظ على المسافة بيننا

- سيهون .. اجل لقد عاد
للعمل اليوم بعد ان تغيب لشهرين
انه يحاول ان يتحسن لذلك اقنعتهُ
ليتشجع ويعود اليوم .. -

اجابتني تشوهي ، وعقلي يكتظ
بالكثير من التساؤلات حول سيهون

ولكنني لم استطع قولها ، لان صدري
يخنقني لفكرة انني انا من اسأل عن حال
سيهون .. ولم اكن بجانبهِ

- اتريد شرب القهوة معًا ؟
لنتحدث .. -

اقترحت تشوهي وهي تبتسم
بوسع ، وانا نظرت بعيدًا عنها
لاني متأكد تمامًا انها لا تطيق رؤيتي
هنا بعد كل مافعلهُ ابي بسيهون

- ل-لا لا .. سوف ارحل -
اجبتها وانا اسير بخطواتي
مبتعدًا

- انتظر .. انتظر قد
يرغب سيهو— -

- لا تُخبريه ! -
تراجعت فورًا وقابلتها
اظهر وجهي بلا اي مخاوف
- لا تخبري سيهون اني
كنت هنا اليوم -

- و-ولكن .. -
اعترضت تشوهي ، تحاول
ان تخفي دهشتها بعد رؤيتها
لوجهي المريع

ان علم سيهون اني هنا قد
يغير مقر عملهِ ، قد يفر هاربًا
مني ومن عيناي التي تترصد تحركاته
وانا لا اريد ان اتسبب له بالمزيد
من الاذى

- من فضلك ليبقى
هذا الامر سرًا -
قلُت بانفعال

- صدقني سيهون سيكو— -
بانفعال قالت تشوهي

وانا لم اتردد في الجلوس
على ركبتاي امامها ، لم يعُد
يهمني اي مشاعر اهانة اشعر بها
عندما اتوسل للآخرين بهذه الطريقة

- اتوسل إليك .. لا تُخبريه
يكفيني رؤيته سعيدًا معك .. اعتني
به جيدًا تشوهي ... لعلهُ ينسى
الالم الذي تسببنا بهِ لسيهون -

- سيد تشوي انت— -

- فقط لا تخبريه .. هل هذا
امر صعب ؟ اتوسل إليك لا تفعلي
لا تُعيدي سيهون الى نقطة الصفر -


- حسنًا ولكن توقف عن فعل هذا -
تغيرت نبرة صوت تشوهي تمامًا
انخفضت لتساعدني على الوقوف

فعلمت انها اشفقت عليّ
وعلى حالتي التي وصلت بها

فصفعت بيدها بعيدًا عني دون
وعي مني ، واخفيت وجهي مجددًا

- اعتني بسيهون جيدًا -

قلت ذلك بصوت خافِت وانا
اسير مبتعدًا ، لا اكترث لندائها
لي بل افر هاربًا من هذا المكان

حققت هدفي ، وعيناي
استطاعت رؤية سيهون بعد شهرين
ونصف ...

ولا اعلم لماذا كُنت اركض
كشخص فقد عقله ، حتى وصلت
الى منزلي .. ليتهاوى
جسدي بجانب الباب بعد ان دخلت

وقبضتي عادت لتضرب
صدري ، يجب ان اكون سعيدًا
يجب ان اكون سعيدًا لاجل سيهون

حتى لو كانت تشوهي هي
الفتاة التي اختارها سيهون
لتكون بجانبهِ ...

لقد امسكت بيده .. ولم يدفعها

لقد امسكت بيده وسيهون
لم يمانع ذلك ..

صفعت نفسي مجددًا ..
ماهذا الجنون ؟ ماهذا الهراء
الذي افكر به ؟ هل هذا موقف يسمح
لي بالنظر الى الموقف بهذه الطريقة ؟

ركز لوهان .. استوعب
الامر جيدًا ! انت ابن قاتل
انت ابن الرجل الذي قتل والد
سيهون

سيهون لن يعود لمحبتك ، لن
يرغب برؤيتك .. انت جزء
من الماضي المؤلم بالنسبة إليه

وشعرت بالاختناق وانا اوبخ
نفسي ، ولكن يجب ان اعرف موقعي
وموقفي..

يجب ان يكون كل ما اتمناه
ان يكون سيهون بخير ..

وقفت بصعوبة وتهاوى
جسدي مجددًا ، ولم اشعر بنفسي
عندما صرت ازحف محاولاً
الوصول الى الداخل

وعندما ابصرت حولي ، وجدت
نفسي في الشقة التي كانت من المفترض
ان تحتضن حُبنا ... تلك الاريكة
التي نمنا فيها معًا

وتِلك الشرفة التي اقف فيها
مُتأمـلاً الخارج ، فيأتي سيهون
ليحتضنني من الخلف ..

اه .. هذا صحيح
حتى اننا لا نحمل الكثير من
الذكريات معًا ...

انا اختنق .. اشعر ان
العالم الواسع لا يسعني ...

ووجدت نفسي اجلس
على الارض ، مع زجاجة
النبيذ التي اتجرعهُ مع المي

وفكرت حينها

من الجيد ان لينو قد تحسن
وقد عاد للدراسة ، ومن الجيد
ان امي تتعافى شيء فشيء

وسيهون بخير وسيكون افضل
وافضل مع مرور الايام والوقت

يمكنني ان استريح الان..
ان ارخي جسدي الذي كان مشدودًا
خوفًا على من اُحب

ولم اشعر بشيء في قلبي
سوى الفراغ ، عيناي تنظر حولي
بعد ان شعرت بالخدر بعد ان
ثملا قليلاً

وابتسمت بوهن عندما توقفت
عيناي عند الهدايا التي وضعتها
جانبًا .. خوفًا من افسادها

فذهبت إليها ، جلست بجانبها
انظر لذلك السوار المصنوع من
الخرز ، والوشاح الصوفي الازرق
واللوحة التي تحمل مشاعر سيهون فيها

لوحة رُسم بها ملاك
يحتضن الضوء ، فالملاك
هو سيهون والضوء انا

لانني كنت اسلك الطريق بدلاً
منه حتى اتأكد انه امن .. ثم اسمح
له بالعبور ..

اضع السوار في يدي وابتسم
بوسع ، حتى شعرت بحرقة شديدة
في بطني ..

فـ اسرعت في اخذ الدواء
من الارض ، ولم استطع فتح
عبوة الماء بسرعة بسبب يدي
المصابة

ولم استطع ان اسيطر على نفسي
لتسقط عبوة الماء مني وذهبت بسرعة
الى الحمام لاخرج كل النبيذ الذي شربتهُ
في المرحاض

كما حدث في الامس وما قبل الامس
ولا اعلم لماذا جسدي مازال يرتعد
متألماً رغم ان هذا اصبح روتين
حياتي ..

اشعر ان معدتي تحترق ، ولكن
على الاقل انا لم اتقيأ الدم اليوم ..

غسلت فمي وخرجت من
الحمام وجسدي مُنهك للغاية ..

تتوسع عيناي واسرع في
خطواتي بعد رؤيتي ان عبوة
الماء قد اصبحت فارغة بعد
ان انسكب كل مافيها على اللوحة
والوشاح الصوفي

كلا .. ارجوك ليس ماتبقى
من سيهون معي .. ارجوك
لا تدمر ماتبقى معي منه

اخذت المناديل وحاولت
مسحها بيداي التي ترتعش بقوة
وتلطخت الالوان فيها

لم يعُد الملاك فيها واضحًا
وتلاشى الضوء الذي كان يحتضنهُ

لتتوقف يدي عن مسحها تدريجيًا
بعد ان شعرت بشيء حارق ينزلق
من عيناي .. لتسقط على اللوحة

واناملي الملطخة بلون اللوحة
المبعثر ، قد مسحت دموعي المتمردة
بخشونة

لا تبكي لوهان .. انها
لوحة هذا لا يستحق البكاء

انت لم تبكي ابدًا في الشهرين
الماضيين .. تمالك نفسك لا تفسد
قوتك ابدًا

ولكنني لم افعل ، عيناي
خذلتني .. ودموعي انهمرت
بغزارة ... واستسلمت بعدها

كان الامر يتطلب ان تفسد هذه
اللوحة ، ويتبلل هذا الوشاح

ليرتفع صوت نحيبي
وانا احتضن جسدي ، شعرت ان
كل هذا يُخرج الحزن من داخلي

فبكيت وبكيت ، سمحت
للدموع ان تغادر عيناي ، سمحت
لنفسي ان اضعف ..

ولا اعلم لماذا ابكي تحديدًا

على شعوري بالخِذلان من
ابي ؟ او شعوري بالحزن على
ما حَـل بعائلتي

او ماحدث لسيهون ..

او شعور الشفقة تجاه نفسي
لا اعلم .. لا اعلم

بكيت وبكيت ، لا اعلم
كم من الوقت قد مَـضى بي
اسمح لشهقاتي ونحيبي بمغادرة
صدري المختنق ..

انا حزين .. ومنكسر
ووحيد ، عاجز وخائر القوى
مثير للشفقة ومريض وهش

لم استطع ان اساعد من حولي
لاني لم استطع انقاذ نفسي حتى ...

لا فائدة منك يا لوهان

حتى اُمك لم ترغب بك يا لوهان

لا احد سيرغب بك بعد الان

وجسدي قادني الى
الابواب الزجاجية ، افتحها
بيدي التي تهتز 

افتحها ويتهاوى جسدي
في الخارج ، لاني كنت اختنق
لاني شعرت بعدم مقدرتي
على التنفس

ليتلاشى بكائي شيء
فشيء ، ويُجذب انتباهي
لسماء الليل الصافية

القمر جميل جدًا
والنجوم لامعـة

وبقيت في الخارج
بجسدي الواهن ، وروحي التي
شعرت بالهزيمة امام كل
ماحدث

ولم اعُد اشعر بشيء
ولا ارغب بشيء ، لم يكن لدي
اي نقطة تساعدني على النهوض

بل ان كل طرف فيني يحُثني
على الذهاب الى الهاوية ..

هل سيكترث اي احد حتى؟
كـلا

ستتخلص مني امي ، ولن
يكون على لينو ان يشعر
بالقلق تجاهي ..

وانا؟
لم اعد امتلك سببًا لمواصلة
كل هذا ، لاعود لتجرع
النبيذ بعد العاصفة
التي مرت بي

اريد فقط التخلص
من كل ما يخنقني .. وكل مايخنُقني
هو ذاتي ...














—•••—










- اوه سيهون -
















لم يكُن هناك اي شيء في
العالم يُثير دهشتي ولا يجذب انتباهي
اشعر اني قُتلت في داخلي ، قُتلت حتى
ماتت مشاعري

واصبحت كالجثة الهامدة
ولكن الفرق ان جسدي يحوي بهِ روح
بالكاد تستطيع العيش ..

لم اعُد اذهب الى قبر ابي
كما اعتدت ان افعل ، لم اشعر
ان هذا يشعرني بالتحسن ..

ورغم اتساع العالم ، شعرت
انه يضيق بي يومًا بعد الآخر
اكثر واكثر ..

وكأنني لا انتمي الى هنا
وكأنني دخيل على هذه الحياة

ثم تمضي بي ايام اخرى
اكاد اجزم اني مصاب بالجنون
واني قد فقدت عقلي تمامًا ..

استيقظ متوهمًا .. ان لوهان
معي وحولي ..

وانا الذي بالكاد استطيع تناول
طعامي ، استيقظ احيانًا واقوم بإعداد
افطار يكفي لشخصين ، ثم تبحث
عنهُ عيناي حولي بيأس

ويعود الواقع لصفعي ، ان
لوهان ليس هنا ، ليس بجانبي

جميع محاولاتي انتهت بالفشل
لا اريد ان اعيش حياتي وانت
لست بالقرب مني

لا اكترث لحقيقة اني متشبث
بك للحد الذي اجهل به كيف اعيش
بدونك..

ولكن .. ولكنني خائف من اذيتك
اذا رجعت إليك ... اخشى ان
انظر لك يومًا وعيناي مُحمله
بالشك والخوف

يكفي اني نظرت لك مُسبقًا
بنظرة شك وخوف ، واذا بك
تأتي الى المحكمة مع دليل ادانة
والدك ..

ولكني مازلت لم اتعافى يا لوهان
واشك اني سأكون قادرًا على التعافي

اخشى ان نجرح بعضنا
وننتهي بطريقة مؤلمة ....

وضعت يداي على رأسي
وضغطت عليه بقوة ، فالصداع
انهكني وارهقني ..

سمعت صوت طرق الباب ، واي
بشري لعـين قد يزورني وانا لا اطيق
فيهم احدًا ابدًا

- ماذا تريدين ؟ -
سألت بوقاحة ، لا انوي معاملة
اي احد بلُطف كما اعتدت ان افعل
حتى لو كانت تشوهي

فلماذا اثق بها؟ الرجل الذي
اعتبرته بمثابة ابي كان يخدعني
لسنوات طويلة وزيف محبتهُ لي

فكيف اثق بمحققة تعمل معي؟

- لا يجب ان تبقى على هذه الحال -
قالت تشوهي وهي تدفعني لتدخل

- ماذا تعتقدين نفسك ؟
اتظنين انك قادرة على معالجتي؟
على اخراجي من هذا الوضع؟ فقط
من انتِ ؟ من تكونين؟  وبأي
كلمات لعينة سيتفوه بها فمك ؟ -

بلا مبالاة تحدثت ، لتلفظ
تشوهي انفاسها بعمق

- يجب ان تعود لعملك
وتعود لحياتك الطبيعية ... توقف عن
الانعزال بهذه الطريقة -

قالت تشوهي وانا ضحكت
بصوت مرتفع

- اي عمل ؟ هل الشرطة؟ هل
اثق بهم ؟ لماذا؟ لقد كان هناك
شخص بيننا يظهر نفسه كضابط
ورجل شرطة محترم ولكنه مجرم
قذر -

اُشير بكلماتي هذهِ الى الضابط
كانق الذي كان متعاونًا مع بارك جاي ان

- حسنًا انا اتفهم حالتك ولكن
سيهون وماذا بعد؟ اذا بقيت هنا
وعزلت نفسك ماذا بعد؟؟. -

- ومادخلك ؟ -
سألتها وانا اجلس على الاريكة
- انسي امري .. ما امر هذه
العاطفة تجاهي ، هل تشعرون
بالشفقة على ماحدث لي من خداع؟
شكرًا لكم ولكن انا لن اعود الى
العمل... ربما نصفكم مجرمين
وتخفون هويتكم ... ربما حتى
انتِ تعملين لدى بارك جاي ان -

مسحت تشوهي على جبينها
وهي تحاول تمالك نفسها حتى لا تنفعل

- لا تفكر بنا -
بعد الكثير من الصمت تحدثت تشوهي
- فكر بعائلتك -

عائلتي ؟
اسم لطيف .. عن اي عائلة تتحدث
حقًا ؟ تلك العائلة التي عشت بها
مخدوعًا ؟

- فكر بـ السيد لوهان
وفكر بشقيقك الاصغر ... الا تريد
رؤيتهم ؟ هل هم بخير ؟ -

- لا تتدخلي-
بنبرة حادة قُلت
اكره ان يُذكر امرهم من قِبل الاشخاص من
حولي ..

- الجميع يحاولون
تجنب ذكرهم امامك لانهم يعتقدون
انك تكرههم ولا تريد تذكرهم .. ولكنني
سافعل العكس ... يجب ان تعود الى اخوتك

او بالاصح يجب
ان تعود الى حبيبك -

توسعت عيناي للحظات
لذكر اللقب الذي قالتهُ تشوهي

- لماذا تتحدثين وكأنك
شخص قريب مني ؟ يجب ان
تعرفين مكانتك ... انتِ .. انتِ
بالكاد اعتبرك انسانًا حتى ..
فقط غادري -

- لن اذهب! -
رفعت تشوهي صوتها

- حتى لو كنت لا اعني لك
شيئًا .. اسمعني جيدًا انت يجب
ان تقف على قدميك مجددًا .. لان
لديك شخص تُحبه ويريد رؤيتك بخير
ويجب ان تكون بخير لأجله ولاجل نفسك
انت تمتلك عائلة ستحتويها وسيعودون
لاحتضانك بكل حب... فقط توقف عن
تضييع الوقت وقف مجددًا ! -

ثَـقُلت انفاسي وشعرت بالضيق
في صدري ، واُشيح بعيناي
بعيدًا عنها ..

- انت تدمر نفسك وتدمر
السيـد لوهان معك .. افتراقكما
كل هذا الوقت الطويل جعلكما
تضعفان واصبح من الصعب
رؤية بعضكما مجددًا! فقط
مالذي تفعلونه بحق انفسكم؟؟ -

- انا اخاف ان اتسبب
في اذيته !! -
وارتفعت نبرة صوتي بغير وعي
مني ..
- م-ماذا افعل اذا نظرت الى لوهان
يومًا بشك وخوف ؟ او نظرت الى لينو؟
انا لست بخير .. لن اكون كسابق
عهدي معهما ... -

- ولكن السـيد لوهان متفهم -
قالت تشوهي وهي تجلس بجانبي
وانا ابتعدت عنها احافظ على
المسافة بيننا

- كان يعلم انك لا تريد رؤيته
قبل جلسة المحكمة ، لذلك كان
يتجنبك ولكنه كان يبذل جهدًا لايجاد
الدليل لأجلك..

كان يعلم انك تحمل شكًا
في قلبك تجاهه .. لم يفكر بإثبات
براءة والده بقدر اثبات انه بجانبك

واللعنة هو قد جاء للمحكمة
من الموت فقط ليقول انه محامي
اوه هيون وو ... -

تنـزلق دموع تشوهي وهي تقترب
مني بحذر ، تضع يديها على يداي
وتمسكهما بلُطف

- انتما تدمران بعضكما
بهذا البُعد .. قف على قدميك
سيهون وعد لعملك واذهب
الى لوهان ... انا اثق من انه
سيكون في انتظارك .. -

لفظت انفاسي بعمق ، وشعرت
بالضيق في قلبي .. واستمرت
تشوهي بالتحدث طويلاً معي
ولكن ذهني في مكان آخر


هل يجب بالفعل ان احاول
ان امضي قِدمًا ؟ هل سيكون
لوهان هيونغ سعيدًا برؤيتي
اعود لعملي ؟

اُخبره اني بخير بهذه
الطريقة ، ومن ثم اعود إليه

اريد احتضانه .. اريد
ان اغمر انفي في عُنقه
وجسدي الذي يحتويه بذراعيهِ الصغيرة ...

انا اريد هذا ...
ولكنني لستُ مستعدًا
حتى الان ... اشعر اني
خائف من مغادرة هذا المكان
ومواجهة البشر من حولي ...

ذهبت تشوهي لتجهز لي
ملابس عملي ، وضعت بطاقة
العمل بجانب قميصي الابيض

وحدقت به مطـولاً
هل سيكون لوهان فخورًا بي؟
فـ ان ذهبت إليه الان بحالتي
هذهِ ، هو ايضًا سيكون حاله
سيء وسيكون اسوأ بقدومي
لهُ مع حطامي ..

- هيا سيهون .. لنذهب -
قالت تشوهي وهي تُمسك بيدي
تجبرني على الوقوف ..

استغرقت وقتًا طويلاً
في الاستحمام ، واستغرقت
وقتًا اطول اثناء ارتدائي لملابسي

كنت اتخبط خوفًا من الذهاب
الى مركز الشرطة ، الجميع سينظر
لي بشفقة ، وربما البعض يكونون
مجرد خونة يخفون انفسهم تحت
مسمى رجال الشرطة ..

كنت على وشك مغادرة الغرفة
وتشوهي تنتظرني في الخارج ، الا ان
انفاسي تسارعت بطريقة غير طبيعية

لفكرة زارت عقلي ..
هل تشوهي تهدف الى شيء ما
مع كل هذا الاصرار لعودتي الى
العمل؟

هل تنوي جعلي اقع في مشكلة؟
او تريد ان تظهر نفسها كـ انسانة
رائعة وطيبة القلب امام الجميع

هل تعمل لدى احد المجرمين
الذين ساهمت في القبض عليهم
وتشوهي ستساعدهم في الانتقام مني ؟

ولكني تمالكت نفسي بعد
دقائق طويلة وبالكاد استطعت
ردع افكاري السامة ..

وعندما خرجت ، وجدتها
تنتظرني بكل صبر في الخارج
لتتولى هي مهمة قيادة السيارة

وتعاملني كطفل صغير ، تفتح
باب السيارة لي بعد وصولنا
وتمُد يدها لتحفزني على المُضي
قدمًا

وانا لفظتُ انفاسي بعمق بعد
ان نزلت من السيارة بنفسي ، وقفت
اتأمل السماء وانا افكر

كيف اتجاوز كل هذا ؟
وكيف يمكنني ان اكون بخير
لأجله ؟

كان الجو باردًا .. وهو يمتلك
جسدًا ضعيفًا وهشًا ... هل يُصاب
بالحمى ؟ هل يرتدي ملابس ثقيلة؟
او هل يتناول طعامه ؟

قد لا يفعل لانه انسان هش
بطبيعته .. كان يحزن لايام بعد
قضية يحلها لموكليه ..

فكيف اذا كانت قضية
والده الذي خذله ؟

قاطعني قدوم تشوهي لتعطيني
كوبًا من القهوة ، وابتسمت لها
كخطوة اولى لي كمحاولة للتجاوز

يجب ان احاول ان لا اشكك
بما تفعلهُ معي ..

- هيا لنذهب .. الجميع
سيكون سعيدًا بعودتك -

تُمسك بيدي وتأخذني برفقتها
الى الداخل ... كانت دواخلي تهتز
توترًا وقلقًا

من الجميع هنا ، ومن الذكريات
التي احملها تجاه هذا المقر ..

- مرحبًا بعودتك محقق اوه سيهون -
رئيس القسم رحب بي اولاً
وبالكاد استطعت اظهار ابتسامة
صغيرة

ورحب بي الجميع ، كان
كل شيء طبيعي تمامًا ليس وكأنني
تغيبت لشهرين كاملين ..
او ان قصتي باتت معروفة للجميع

وعندما نظرت حولي ، لم تكُن
تشوهي بجانبي .. لقد اختفت منذ
دقائق ...

اشعر ان اعين الجميع كانت
تنظر لي بقلق ، ولكني تمالكت
نفسي .. حاولت ردع افكاري حولهم

وجلست في مكتبي
وكل شيء هنا يُعيد لي الذكريات

عندما كنت اركض بجنون في
الارجاء بحثًا عن اي دليل يخُص
قضية ابي ..

وحينما كان لوهان معي يساعدني

عندما وقعت مسؤولية
اعادة فتح القضية وهو معي
وعندما ذهبت لقراءة تفاصيلها
وهو معي ..

دخلت تشوهي لتقاطع افكاري
وذكرياتي عنه ..

وكانت شاحبه ...

- مالامر ؟ -
سألتها لانها كانت
مبتهجة قبل دقائق بسبب اقناعي
للعودة الى العمل

- ه-هناك .. شيء
اعني .. لا شيء حقًا -

كانت تتلعثم وتُشيح بعيناها
بعيدًا عني ، ولم اكترث حقًا
بما كان يُقلقها ..

وهكذا مضى اليوم ثقيلاً
ولم اعمل به بالفعل ، فقط
ذهبت للتحدث مع رئيس القسم
قليلاً واخبرني انه يمكنني العودة
الى المنزل

وبعد عودتي الى شقتي
ادركت شيء ما ، ان يومي
لم يكُن بهذا السوء حقًا

فذهابي للعمل شتت افكاري
ولم يسمح لي بالتفكير بعمق يُهلكني

ولم تراودني مشاعر ان هذه
نهايتي ، او لم تكُن افكاري تحُثني
على الهرب كما يحدث معي
في الايام الماضية

ذهابي للعمل لم يُشكل
اي فارق كبير في حياتي ، ولكن
هناك تحسن طفيف ..

ساحتاج الى المزيد من الوقت
حتى استطيع استجماع نفسي
والذهاب إليه ومواجهته

اقترب الوقت كثيرًا ..
انتظرني لوهان ... لن يستغرق
الامر مني وقتًا طويلاً ..




ونِمت هذه الليلة بعد
ان كلفني المدير بكتابة تقرير
عن احد القضايا ، وشعرت
بالنعاس بعد ان انتهيت منه

لانني منذ زمن طويل لم
ابذل جهدًا ، والشكر لرئيسي
حقًا فـ انا اعلم انه يفعل هذا
عمدًا كمحاولة دعمي لاتحسن..

واستيقظت في الصباح ، وفكرة
ان لدي شيء ما سوف اذهب إليه
بدلاً من الضياع والتشتت الذي عايشته
في ايامي الماضية

كان افضل بكثير ، على
الاقل لن اشعر انها نهاية
العالم ولن اشعر ان ذهابي
لقبر ابي هو مهربي الوحيد

الان انا امتلك مهربًا آخر ..

حاولت استجماع طاقتي
لاستحم وارتدي ملابسي ، احاول
تناول الفطور..

واتحدث قليلاً ، ظنًا مني انه
بجانبي ومعي ، حتى يصفعني
الواقع ان لوهان ليس موجود
وهذا ليس الا وهمًا يتخيله عقلي ..

ولكنني لم اشعر بالاستياء
فـ اذا ذاهب لرؤيته قريبًا وجدًا ..



كان كُـلاً من رئيس عملي
وتشوهي في انتظاري ، مع ابتساماتهم
الواسعة بعد رؤيتهم لي

وقد قدِمت الى العمل بكامل
ارادتي ، دون ان يأتي احدهم لاقناعي

- اترى ؟ اخبرتك
انك ستشعر بالتحسن ! -

تشوهي قالت وهي تسير معي
الى مكتبي .. وبالكاد استطعت ان
اظهر لها ابتسامة صغيرة

سمعت صوت صغير يصدر
من هاتفي ولم اكترث لان تشوهي
كانت تتحدث معي عن احد القضايا ..

وبعد دقائق اخذت هاتفي
لاعجز عن لفظ انفاسي بعد رؤية
اسمهِ في منتصف الشاشة وقد
ارسل رسالة لي ..

وقفت وغادرت مقعدتي بغير
وعي مني ، لم استطع فتح هاتفي
فقط اندفعت في الممرات
حتى اصبحت بمفردي ..

ويداي ترتعِش بقوة
ولم اكُن قادرًا على فتح هاتفي
لان عقلي لم يتذكر رقمهُ السري
بسبب اضطرابي ..

'اُحــبـك'



كان هذا هو محتوى رسالتهِ
كلمة واحده كتبها لتجعل جسدي
يهتز بمكانه بجنون ..


- سيهون ؟ انت بخير ؟ -
قالت تشوهي وهي تقترب لي

كانت اسناني ترتطم
ببعضها لشدة توتري .. انها
رسالتهُ الاولى بعد شهرين ...

وفيها اعترافهُ الاول
بحُبه لي ..

- ت-تشوهي ... -
قُلت بصوت خافِت وانا على
وشك البكاء حقًا

- ا-انه يُخبرني .. انه يحبني ..
ل-لوهان لم يقُل ذلك مُسبقًا .. -

اشعر ان قلبي الذي
كان فارغًا من اي مشاعر
خلال الشهرين الماضيين

قد غُمر تمامًا بالمحبة
العظيمة والمشاعر الغزيرة
بسبب كلمة واحدة منه .. فقط كلمة واحدة !






- محقق اوه .. محققة كيم
هناك حادثة في مبنى سكني قريب
لقد وصلنا بلاغ لذلك قبل قليل -




قال احد رجال الشرطة وهو
يقاطع احد اهم لحظاتي..














—•••—















لم يـنم لوهان ابدًا ..
بقي في الشُرفة في الخارج
طوال الليل ، كان يشعر
بالبرد الذي يجعل جسده يرتعد
بتعب شديد

ولكن .. جسد لوهان ليس منهكًا
بسبب البرد فحسب .. بل هو
منهك من كل شيء ...

لم يستطع العودة
الى الداخل ، كان
البقاء في الخارج يُشعره
بالحرية اكثر ..

عيناهُ الفارغة كانت تتأمل
السماء ، القمر والنجوم كانوا
اصدقاء له في ليلتهِ هذهِ

كان منهكًا ولكنه لم ينم
كانت عيناهُ متورمة بعد نوبة
البكاء تِلك ..

لم يعُد يستطيع مواصلة
اي شيء ، لم يكُن قادرًا على
تحمل يوم آخر

كانت انفاسهُ ثقيلة عليه
وجسده محموم ، وذهنهُ
فارغ ومعدته تحترق ..

ومع كل هذا هو يستلقي
في الخارج بهدوء شديد .. يناقض
الحرب الباردة في دواخلهِ

حرب مابين البحث
عن اسباب للتشبث واسباب
للاستسلام

فلم يجد في عقله اي سبب
يجعله يقاوم هذا الانهاك
الذي يُعايشه ...

لماذا كان يقاوم
اصلاً ؟ ماذا كانت اسبابه؟

تأمين حياة لينو والتأكد
من انه بخير ؟ هو بالفعل يتحسن
ووالدته كذلك

التأكد من ان سيهون بخير؟
هو بالفعل بخير وسيكون بخير
اكثر واكثر مع مرور الايام

لم يعُد للوهان اي سبب
لمواصلة تحمل كل هذا الكم
الهائل من الارهاق في حياتهِ

وقف بصعوبة ، يلتقط
هاتفهُ من على الاريكة
ويعود الى الخارج

يقوم بتحويل كل اموالهِ
الى حِساب لينو ..

'عزيزي لينو .. انا اعتذر
لاني لم اكُن بجانبك في اوقاتك
الصعبة ، ولانك تحملت مسؤولية امي
بمفردك .. اسف لاني لستُ شقيقًا اكبر
كما ينبغي ... هذا المال لك ولامي
اعتني بها جيدًا واعتني بنفسك'


لم تكُن هناك اي تعابير تُذكر
وهو يكتب احرف رسالته الى
شقيقه الاصغر ..

كان على وشك ان يرمي
بهاتفهِ بعيدًا ، قبل ان ينظر
الى جهة اتصال سيهون

فكر طويلاً وهو يقف
في الشُرفة ، هل يمكنه قول
شيء لسيهون بعد كل هذا الوقت ؟

ماذا يمكنه ان يقول حتى ؟
لا شيء في ذهنهِ الفارغ قد يساعدهُ

اه .. ربما يُخبر سيهون
بشيء لم يُخبره به قبلاً

بكلمة احتفظ بها للوقت
المناسب ، انه ليس الوقت
المناسب حقًا

ولكنه لا يمتلك وقتًا آخر
لقولها .. وهو اسف لسيهون
الذي ربما قد يكون تجاوزه
وسيكره قراءة هذه الكلمة منهِ

كتبها ورمى بهاتفهِ على الاريكة
ووقف طويلاً في الخارج

كانت خيوط الشمس قد
اشرقت ليبدأ يوم آخر وجديد ..
لتبعث الحياة في هذه الدنيا

ولكنها لا تبعث في صدر
لوهان اي حياة واي شعور

فقط هو ممتن لمنظر السماء
اللطيف لعيناه المنهكة ، وتوديعه
للنجوم التي سهرت معهُ الليل
بأكملهِ

لوهان اُرهق.
لوهان لم يعُد لديه اي طاقة للتحمل.
لوهان استسلم...

يرفع قدميه ليقف على
السياج ، يمُد يدهُ السليمة في الهواء
ليتأرجح جسده وسط رياح الصباح
المُنعشة..

يسمع الطرق الصاخب على
باب شِقته ، ولكن لا شيء في دواخـله
يحُثه على التراجع والذهاب لفتح
الباب

اغمض لوهان عيناه
وآخر صورة ظهرت في ذهنهِ

هي صورة تجمعهم حول
طاولة الطعام ، منزلهم .. والدته
ووالده ... لينو وسيهون امامه

صوت باب شقتهِ فُتح
تزامنًا مع اللحظة التي تهاوى
بهِ جسده من الاعلى ..















بعد دقائق اخرى وصل سيهون
الى الموقع كرجل شُرطة تلقى بلاغًا ..

كان يشعر ان الطريق مألوف
وان المكان يخُصه ، تثقل انفاسهُ
شيء فشيء..

وعقله بدأ بربط الاحداث شيء
فشيء .. ولكنه مازال يردع نفسه
عن التفكير بهذهِ الطريقة ..

- انها حالة انتحار تقريبًا
ولكن ربما تكون محاولة قتل ايضًا -
قال الشرطي وهو يقوده الى
الشقة .. الشقة التي يعرفها جيدًا

لا ..يمكن صحيح ؟

يرى شخصًا هناك ، يتهاوى
على الارض ولا يتحرك بسبب صدمتهِ
وحينما اقترب سيهون بخطواتهِ

- س-سيهون .. -
رفع لينو رأسه ، الدموع تغطي
وجهه
- ا-اين كُنت ؟؟ ل-لوهان .. ل-لوهان
سقط .. ل-لوهان ح-حاولت منعهُ
و-ولكنه لم يسمعني .. ل-لم يستمع
إلي .. -

لينو مازال يعتقد ان سيهون
يعيش برفقة لوهان ..

وسيهون .. لم يتفوه بحرف
واحد ، قادتهُ خطواته الى
الداخل

انها كذبة ..

لوهان لم يفعل .. انه بالداخل بالتأكيد

تتوسع عيناه لرؤية الفوضى
في المكان ، الكثير من الادوية
وعبوات الماء والنبيذ

معطفهُ الذي نسيه هنا
موجود على الاريكة ، الهدايا التي
منحها للوهان .. مُبعثرة في المكان

كل شيء هنا يخُص لوهان
ولكن لوهان ليس هنا .. حبيبهُ
ليس هنا ..

- اين كُنت واللعنة؟؟ اين
ذهبت في هذا الوقت ل-لتتركهُ
ب-بمفرده .. -

صاح لينو وهو يحاول
الوقوف وضرب سيهون

ولكن رجال الشرطة منعوه
من الدخول الى موقع الجريمة

وسيهون .. سيهون مازال
ينظر الى الارجاء بتشتت وضياع
هذه الحقيقة

ليست قابلة للتصديق بالنسبة
لعقلهِ الذي لم يعد قادرًا على استيعاب
المزيد ..

- ا-اين ..ه-هو.. -
امسك بذراع الشرطي بجانبهِ
وسريعًا ما تهاوى جسد سيهون
ليساعده الشرطي على الوقوف

- لقد اخذه الاسعاف قبل قليل
ل-لم يكُن ميتًا .. ولكن حالتهُ
حرجة -



اغمض سيهون عيناه
والعالم من حولهِ اصبح
مُعتمًا .. انفاسهُ ثقلت واصبح
عاجزًا عن الوقوف

وعندما ابصر مجددًا ..
نظر الى المكان من حولهِ
الكم الهائل للادوية .. والكم الهائل
لزجاجات النبيذ ...

ه-هل كان لوهان يعيش هنا
حقًا ؟

- اجبني سيهون ا-اين كُ-كنت ..
ل-لماذا ل-لم تكُن ب-بجانبهِ -

وتوقف لينو عن المقاومة
وتهاوى جسدهُ الارض ، ليبكي
بغزارة ..

فبعد وصول رسالة لوهان
له ، وتحويله لكل هذا المال لحسابهِ
اشعر لينو بالريبة

ولم ينتظر للحظة واحده قبل
ان يغادر منزلهم بملابس نومه

يندفع في الطرقات محاولاً
الوصول لردع اي افكار غريبة في
عقل شقيقة الاكبر قبل ان ينفذها

ويتمنى لينو من كل قلبه انها
مجرد شكوك في عقله التافه

وبالتأكيد سيكون سيهون
بجانبهِ وسيمنعه من ارتكاب اي
امر سيؤذيه ..

وصل الى الشقة ليطرق الباب
بقوة ، ولم يكُن هناك اي مُجيب
طرقه اكثر واكثر ليزداد اصراره

وعندما حاول فتح الباب
قد وجدهُ مفتوحًا بالفعل ، وليته
لم يفتح الباب ..

ليت عيناهُ لم تشهد تلك
اللحظة التي كان فيها لوهان
كشخص لا يعرفه لينو من قبل قط

كانت عيناهُ لا تحمل فيها
اي حياة ، واذناه لم تسمع
نداء لينو المستمر لايقافه

لينو بعيناه شهِد تلك اللحظة
التي ألقى بها لوهان نفسهُ
الى التهلكة ..








جَـلس كلاً من لينو
وسيهون في ممرات المستشفى
بعد تغيبهما عن بعضهما لشهرين
ونِصف

اجتمعوا بسبب هذهِ الحادثة ..
واثناء تواجد لوهان في غرفة العمليات
لا احد منهما يعلم

اذا ما كان سيخرج لوهان
منها حيًا او ميتًا ..













—•••—
الجزء السادس عشر ، انتهى.









اوكي لحد يجلدني الاحداث
كذا 🫡✨💕🏃🏻‍♀️










—•••—

Continue Reading

You'll Also Like

20.3M 1M 56
صغيرةٌ فاتنة تخرج من قاع و تدخل آخر تَلف بها الدُنيا تقع بغرام تاجر أسلحة برَقبته ثأر مُخيف
552K 26.9K 53
كام جاب سجينه جبيره زحفت وابجي ::- شتريد سوي شتريد ::- تبقين مالتي تعجبيني بكلشي وراح اسوي طول عمرج مراح تفكرين اصلاً برجال غيري همست بوجع ::- شاه...
450K 27.7K 47
العادات هي سلاسل قيدت العديد منا.. أما القدر فلة كلمة لاتتجزأ.. رواية جميلة تستحق القراءة متنوعة فلا تتوقف في بداية سطورها.. تعالو معي لنرى كيف ت...