أنوبيس

By HabibaMahmoud25

100K 5.1K 4.6K

مرحبًا بكم في المملكة لا لا، يجب أن أحذرك أولًا من يدخل المملكة لا يخرج حيًا. يمكنك المغادرة الآن.. سأترك لك... More

تنويه
قوانين التنظيم (المملكة)
الشخصيات
الفصل الأول: المامبا الحامي لي
الفصل الثاني: نساء عائلة المُهيري.
الفصل الثالث: لماذا مُراد؟
الفصل الرابع: إلى اللقاء أمي.
الفصل الخامس: قصر الأشباح.
الفصل السادس: ثم لم يبقى أحد.
الفصل السابع: لا تترُكيني.
وشم المامبا +إعتذار
الفصل الثامن: وضع الغيرة
الفصل العاشر: انا الخاطف.
الفصل الحادي عشر: النجمة المسلوبة.
الفصل الثاني عشر: لتمتزج صرختنا معًا.
مسابقة 🔥
الفصل الثالث عشر: طبيب الطاعون.
الفصل الرابع عشر: رقصة أخيرة
الفصل الخامس عشر: فتيل القنبلة
الفصل السادس عشر: وتر أكيليس.
السابع عشر: رقصة الألم.
الفصل الثامن عشر: الغجرية الساحرة.
الفصل التاسع عشر: لنتزوج ماليكا!
الفصل العشرون: وحوشي وقعت لكِ.
الفصل الواحد والعشرون: خطوبة أم معركة حربية؟
الفصل الثاني العشرون: أنا الجحيم.
الفصل الثالث والعشرون: أحتضر ماليكا.
الفصل الرابع والعشرون: ليو الصغير.
الفصل الخامس والعشرون: بُتر قلبي.
الفصل السادس والعشرون: خنجر بروتس.
الفصل السابع والعشرون: مُروضة أنوبيس!
الفصل الثامن والعشرون: مرحبًا بالغجرية.
الفصل التاسع والعشرون: الموت أم.. الموت؟
إعتذار
الفصل الثلاثون: الذئب الذي أكل يُوسف.
الواحد والثلاثون: لن تكسريني، أليس كذلك؟
الثاني والثلاثون: نعم، أحبك.

الفصل التاسع: يوم رفقة الأوغاد.

1.6K 126 94
By HabibaMahmoud25

ارجوا التفاعل على الفصل علشان ده بيشجعني وبكتب فصل أطول.
______________________

“هناك أشياء عندما يشترك فيها الناس تنتهي بأن يصبحوا أصدقاء، ويبدو أن التغلب على غول جبلي طوله 12 قدمًا هو أحد هذه الأشياء.”

- ج. ك. رولينج.
______________ ︻╦デ╤━╼
𝕒𝕟𝕦𝕓𝕚𝕤
أنـوبـيـس

مرحبًا مجددًا.
هل اشتقتم لي؟
لا يهم.
هل مللتم مني؟
أوه، أنا وغد لطيف!
ماذا؟
هل ظننتم إن تلك القاسية من ستعود لكم من جديد؟
اللعنة، ليس بعد، فهناك ما أرغب بسرده عليكم.

أحرك قدمي بتوتر شديد وأنا أجلس خلف المكتب المصنوع من خشب السنديان في غرفتي بمنزل الحاوي، لقد اعتدت على المذاكرة عليه كثيرًا عندما عدت من إيطاليا.

ماذا؟
هل ظننتم أنني فاشل؟
اللعنة!
لما كل هذا الظلم؟

حسنًا في الواقع أنا كنت أحب المذاكرة، أكذب بالطبع، كنت أذاكر حتى أصير شخص ناجح وأثبت للجميع حالي، لكن هذا عندما كبرت؛ عندما كنت صغير كنت أذاكر فقط لأتفوق على "براء بن صافي المالكي"  حتى أحرق دمه.

نعم، كنت أذاكر فقط لأجعله يبكِ وليس لأنني متفوق.

علاقتي أنا وأخوتي مع أبناء باقي القادة ليست جيدة على الإطلاق بل مذرية بشكل كبير، لا يتم تجمع إلا وكسرنا عظام بعضنا البعض؛ كان جميع أبناء القادة في فريق ضدنا أنا وداغر وفارس وباقي أخوتي من المامبا، وبما إن "براء" هو الوحيد في مثل سني الذي يقطن في مصر فكنت انتقم منه لإنه كان يحب أن يصبح الأول على مستوى طلاب المدرسة.

لا داعي للشفقة، فهم فعلوا بنا الكثير سوف أسرد عليكم البعض لاحقًا، نحن لسنا أشرارًا، أبي دائمًا كان يقول لنا: أن لا نستعرض قوانا على من هم أضعف منّا، وهم كانوا أقوى منا بالمناسبة.

آه، لقد نسيت، أنتم لم تروا أخي داغر بعد.

لقد فاتكم الكثير، فهذا هو ملك الأوغاد جميعًا، نعم، زعيم العصابة، المخ المدبر لجميع المصائب، وعدوي الأول.

في صغرنا كنّا ننقسم لفرقتين أنا وباقي أخوتي من المامبا وداغر، كان يلعب في فريق داغر نصف أخوتي والنصف الآخر في فريقي أنا، لم يسبق إن لعبنا مع بعض في نفس الفريق، وإلا فقدنا المتعة.

أنا وداغر كنّا دائمًا في تنافس مرح، فنحن كنّا الأشقى من بين الجميع والمحرك أو الدافع لباقي الصغار، فعندما كان يشعر الأباء إن هناك طفل منطوي من المامبا كان يدفعنا ناحيته ويكون هناك تنافس آخر بيني وبين داغر بخصوص أي منّا سوف ينجح بضمه إلى فريقه ويصير متوهج من الحماس والطاقة مثلنا.

لقد سرق داغر الوغد منّي باسل، هل تصدقوا ذلك؟
لقد لعب باسل في فريقي وفي المساء تلاعب به رأس الحية داغر وأخبره.

- طالما إنت هتشاركني أوضتي يبقى لازم تلعب في فريقي علشان كده هتبقى جاسوس، والجواسيس أشــرار وإنت طيب، ده غير إنك هتضيع عليك الكـثـيـر من المرح، بنعمل تجمع في الخيمة لفريقي علشان نضع خطة نهزم بيها القطة.

وهكذا صار باسل في فريق داغر، وغد بحق!

لكنه دائمًا موجود لأجلي، يأخذ حقي من الجميع، عندما أشعر بالخوف أو القلق أردد دائما داخلي: أخي داغر موجود لأجلي.

فارس لديه أنا، وأنا لديَّ داغر.
داغر لديه من؟
جميع المامبا، إنه المفضل عند الجميع منذ كنا صغار، كانوا جيشه الخاص حتى قبل أن يصيروا مامبا أو يصير هو أبوفيس المنتظر.

آه، ماذا أفعل؟

لقد انغمست في الحديث ونسيت ما أفعله بالفعل، أجلس منذ نصف ساعة أحاول كتابة رسالة إلى أختي "ليونا" فغدًا عيد مولدنا، لا أعلم لماذا قررت كتابة رسالة لها، انا حتى لا أتحدث مع أحد بشأنها، لا أحد - من غير العائلة- يعلم أنه كان لدي أخت توأم وتوفيت، لم يتحدث عنها أحد وكأنها من المحرمات، كأنها لم تكن موجودة بالفعل.

لكنها دائمًا موجودة داخلي، تحيا بالداخل رفقة ليو الصغير، تلعب معه، إنه يحبها كثيرًا، يتحدث معها ويشاركها كل شيء.

أمسكت القلم ووضعته فوق الدفتر المصنوع من الورق الأسود، صنعته مخصوص لأكتب به خواطري، أحب كتابة الخواطر، في الواقع أحب العديد من الأشياء فأنا شخص مما يطلق عليه "متعدد الشغف"

أحب: الغناء، السباحة، الرقص، قصص الأساطير، ركوب الخيل، القراءة ، الكتابة، الطبخ، البيانو.

نعم!
فأنا لست شخص واحد أنا اثنين، ليو جامح، مرح، مُنطلق، يحب الرقص، اللعب، الفروسية، السباحة وقصص الأساطير، يحب تأليف القصص، فهو لديه مخيّلة قوية للغاية؛ أتعلمن؟

كان لديَّ تنين مجنح اسمه "موشوسو" خيالي وأنا صغير، اختاره معي عمي قاسم فهو هجين أسطوري في المثيولوجيا السومورية القديمة، تنين ذو حراشف قدماه الخلفيتان بمخالب نسر، ورجلاه الأماميتان مثل السنوريات، ورقبة طويلة وذيل ورأس ذو قرنين ولسان كالحية؛ كنت أصعد فوق ظهرة، وكان أبي يركب خلفي حتى لا أقع.

أأخبركم سر آخر لكن يظل بيننا؟
أحب مدينة الملاهي، عندما أذهب مع الصغار من المامبا أكون في كامل سعادتي، حتى إن لم ألعب أنا ويكون دوري مقتصر فقط على تصويرهم، وكأن ليو الصغير بداخلي يتشبث بذلك المكان، يسكن به، يتسلل لأنفه رائحة الأمان كما السابق، يطلق كل حزن داخله هناك.

عندما سافرت إيطاليا بعدما تزوجت أمي من الحاوي وبدوا في خلق أنوبيس داخلي اكتسبت هوايات أخرى خاصة به: القراءة، كتابة الخواطر وليست قصص خيالية، الطبخ، واخيرًا أصبحت أحب البيانو.

جدتي جلنار - احرقها الله في جحيمه- هي من أجبرتني على تعلم تلك الآلة اللعينة التي كنت أمقتها وأنا صغير في محاولة منها لجعلي طفل أرستقراطي مُهذب، لكنني كنت عابث، أحب الغناء والرقص المُنطَلق.

أعلم إنها لم تحبني قط، وهذا ليس فقط لأنني ابن سالم بن الـ  - عذرًا لن أذكر السبّة التي كانت تسبها جدتي لأبي كلما جائت سيرته أمامها- ولا لأنني نسخة شبه متطابقة من أبي، بل لأنني دائمًا أُحبطها، لم تكن تحب تصفيفة شعري المبعثرة ولا ملابسي، ولا لعبي مع المامبا اللُقَطاءُ، كما كانت تقول عنهم؛ كل شيء بي يصيبها بذبحة صدرية كلما رأتني.

نعم اخبرتني بذلك وأنا في سن السادسة.

حاولت أن اجعلها تحبني - ليست وحدها- لكن في النهاية لم احصل على مقدار ذرة واحدة من الحب.

لن أسامحكِ جلنار على كل تلك الدموع الذي حُبِست داخل مقلتان عيون ليو الصغير، سوف نتقابل في الجحيم ووقتها .. أنوبيس لن يرحم أحد.

(أختي العزيزة)

خططتها على بداية الصفحة وتوقفت لبرهة، لا، ليست جيدة؛ مددت يدي وأمسكت الممحاة السوداء الموضوعة جانب يدي ثم محيت الكلمة التي خُطت بقلم أبيض اللون، فخلفت قطع بلاستيكية متناهية الصغر فوق الورقة، انحنيت قليلًا ثم نفخت أودجي وافرغتها فوق الورقة حتى أنظفها، وعدت من جديد.

❴ مرحبًا نصفي الآخر المبتور.
أحبكِ كثيرًا، أريد أن أخبرك أنني استمتعت بكل لحظة كنت بها رفقتك داخل رحم أمي، أعلم إنني لا أتذكر لكنني أشعر بها.
اعتذر بشدة لقتلكِ، هل تسامحيني؟

أقسم لكِ لم أقصد أن أقتلكِ، لقد أخبرتني جدتي أنني قتلتكِ، لكنني أعلم إنني لم أقصد ذلك.

أعلم إنكِ سوف تسامحينني لأنكِ حنونة للغاية لستِ مثلي.
آه، كم اتمني لو ارآكِ، واضمكِ.
أتسائل دائمًا كيف كانت ستصبح ملامحكِ؟
هل كنتي ستصبحي نسخة مني بدون ذقن؟
أوه! سوف تكوني جذابة بشدة فأنا وسيم للغاية، لقد حصلت على المركز الخامس في مسابقة ملك جمال الأوغاد، لكنني في قرارة حالي أعلم إنني استحق الأول.
اللعنة على تواضعي .. حسنًا أمزح.
بما إنك نصفي الآخر سوف أخبركِ الحقيقة، أخوتي أوسم مني، لكنك جميلة.

انتِ جميلة جدًا، في أحلامي تشبهين ماما دهب، أوه! اللعنة، ماما دهب تشبهني بدون ذقن!

حسناً لا بأس هي جميلة مثلكِ، لكنكِ تمتلكين خصلات أمي داليا المجعدة، قوة وهيبة أمي نفرتاري، وصوت ماما شيرين الحنون، آه كم أشتاق لها.

أحيانًا أتسائل، ماذا كان سوف يحدث إن لم ينفذ عمي هارون أمر جدي سيّاف ولم يُطلقها؟
لكنني لا أسمح لحالي بالتفكير في الموضوع.

أكره جدي سيّاف، لا أستطيع مسامحته، إنه من دمر حياتي كليًا، هو السبب في كل شيء، لماذا هو الذي لم يقتل بدلًا من جدي بشّار؟

هل يستمر الزواج فقط إذا خلق الله طفل في أحشاء المرأة؟!

إنه لم يفكر بي ولو ثانية وهو ينتزعني من حضنها ويُلقي بها للخارج!

ماذا كان سوف يحدث إذا تقبل أمي، أحبها مثل ابنته؟

اللعنة، لقد خربت كل شيء، أنا اكتب لكِ حتى أخبرك بمشاعري تجاهك لا أثرثر بشأن أفكاري اللعينة.

كم اتمني وجودك معي، لو كنتي معي سيختلف كل شيء، ربما كانت ستحبني أمي، حتى إن لن تفعل كنت سوف أحصل عليكِ بدلًا منها.

كنت حينها إذا شعرت أنني طفل صغير يحتاج إلى حضن أمه سأهرع إليكِ وأرتمي بين ذراعيك لأبكي بشدة، لن أخجل من إظهار ضعفي أمامك، المرأه الوحيدة التي سأتركها تمسح دموعي بيديها.

حسنًا، أنا أحتاجكِ.
أنا الآن طفل صغير يحتاج إلي حضن أمه
حسنًا سأغمض عيني وأتخيل أنني بين ذراعيكِ.❵

أغمضت عيني وحاولت تجسيدها داخل عقلي وكأنها "هيلوجرام" بعدما ركزت، في الواقع الآن تشبه جدتي ليلى في الصورة المعلقة لها في الرواق فهي بها كل شيء ذكرته، شعرت بذراعيها القويتين الحنونتين في الوقت ذاته حول جسدي، وضعت رأسي على موضع قلبها، تسلل لأنفي رائحة عطرها، إنه مثل التي كانت تضعه أمي شيرين به لمحة من الافندر، أستطيع سماع صوت دقات قلبها.. دقة.. دقة.

اللعنة، لا أستطيع البكاء، أبكِ داخلي، بل روحي تصرخ بالداخل.
أنني مقيد، أشعر بوجود قيود على معصم يدي الاثنين المكتوفين خلف ظهري وقدمي، لا يمكنني تحرير نفسي.
لا يمكنني البكاء.
لا يمكنني الصراخ.
لا شيء أنا مقيد.
لا يمكنني الحراك مثل اليوم الذي حاولت الإنتحار به وأنا في الحادية عشر، كنت أريد الموت بشدة لكنهم لم يتركوني حينها وتم إنقاذي، فليذهبوا للجحيم جميعًا.

وضعوا أصفاد حول قدمي وقيدوني بالسرير فلم أستطع الحراك،أو البكاء، أو الصراخ، أو الموت؛ كنت مقيد مثل الأن.

شعرت بحمل ثقيل أرتمى فوقي في عناق وأنا جالس فوق المكتب ثم أحاط جسدي بذراعيه بقوة.

- أنا معاك، هو صحيح أنا كنت نايم بس دلوقتي صحيت.

- إنت مش شايف إن وضعنا كده مريب.

قلتها بنبرة هادئة مازحة وأنا أرفع حاجبي بارتياب إلى فارس الذي يضمني وأنا جالس بعدما انتهى من البيات الشتوي الذي كان يقضيه في فراشي.

- مش إنت بتقول: فليحترق الجميع في الجحيم .. قول لـ ليونا إني بحبها وانزل اعملنا فطار بقى.

أضافها بعدما ابتعد عني وهو يحك فروة رأسه من الخلف بقوة كإنسان الغابة ثم أتجه للمرحاض وهو يتثائب بصوت عالي.

حسنًا، نسيت إخباركم، فارس لا يمكن ايقظه شيء سوى روحي الممزقة، هو يشعر بي، يحلم إن بي خطب ما ولذلك يفيق؛ فنحن مربطون ببعض بطريقة سحرية لا أحد يعلمها.

أول ذاكرة لي في حياتي هي كف فارس المعانقة لكفي، منذ ولادتي تقريبًا وكفينا لا ينفصلان عن بعضهم البعض سوى لوقت قصير، نحن نتشارك كل شيء حتى الطعام، نعم!

نقسم الشطائر إلى نصفين حتى وإن كانت من نفس النوع، لكن في الأغلب تكون مختلفة فيأخذ هو جزء وأنا الآخر، لا أعلم لماذا نظل نفعل هذا الشيء إلى الآن، لكننا اعتدنا على ذلك منذ طفولتنا.

❴ تحيين داخلي أختي، حتى إن لم يذكرك الجميع، أخوكِ لا ينساكِ، وكيف هذا؟ وإنتِ أول من لمسته أناملي؛ سلامي لروحك أختي، إلي اللقاء.
فارس يخبركِ بسلامه ويقول لكِ: أحبك
كل عام وإنت داخل قلبي مُعانقة لروحي❵

هكذا انهيت رسالتي إلى ليونا ثم أغلقت الدفتر، ونزلت حتى أحضر الإفطار لنا فبالتأكيد لم يمس جوفي شيء بعد لأن هذا الأبله كان يلعب دور حيوان الكوالا، ارتديت مأزر المطبخ الخاص بي، وهممت لأصنع فطائر "بانكيك".

خفقت بيدي في حركات دائرية محتويات الإناء: البيض،الدقيق، الحليب، الفانيليا؛ وأنا أفكر في نيلان، لقد أرسلته في مهمة لخطف رجل أعمال معروف، أتخيل ما يحدث معه والذي هو حدث بالفعل.

نيلان الآن يجلس على طرف الفراش بغرفته وينظر للأمام بنظرته القاتمة وابتسامة جانبية صغيرة مخيفة وباردة أسفل قناعه الأسود الذي يخفي وجهه بالكامل؛ والرجل نائم كالطفل في مهده لا يشعر بشيء.

يرتفع رنين منبه هاتفه، يفتح عينه ببطء، يزال لا يشعر به، يتقلب في فراشه وهو يصدر صوت أنين من فمه يدل على التعب والاستيقاظ، يمد يده ناحية الكومود يغلق المنبه بحركة سريعة وتلقائية من إصبعه، يعتدل في نومته ويرفع الغطاء ليزيله عن جسده ثم يتجمد في مرضعه ويطلق صرخة من فمه عندما يلاحظ الكيان الأسود الذي يجلس على طرف فراشة.

- إنت مين؟

يقولها بنبرة مرتجفة عندما ينهض نيلان من مجلسه ويستدير ليكون وجهه الذي لا يظهر منه سوى عيناه المخيفتين أمام أنظاره.

- يدعونني "سڤن" أنوبيس يرغب في الترحاب بك لدينا.

يقولها نيلان بلغة عربية فصحى كما أحب أن أتحدث في نفس اللحظة الذي يستل بها مسدسه من ملابسه في حركة خاطفة ويطلق عليه النيران، فيفقد الوعي في الحال ثم يتقدم تجاهه يحمل جسده الثقيل بسبب بدانة جسده ذو البطن المنتفخ ثم يهرب به من بيته ويضعه في القبو أسفل منزلي الصغير.

لا، لا تقلقوا، لم يموت من الرصاصات التي تلقاها، فهذا السلاح مخصص فقد لجعل الشخص يفقد وعيه مثل الصاعق، صنعته أمي خصيصًا من أجل نساء المملكة، فليس الجميع يمكنه القتل لذلك كان يجب التصرف.

نعم، جميع النساء لدينا تحمل سلاح داخل شيء في ملابسهن عادتًا يكون مربوط برباط مخصص لذلك حول قدمهن، وكذلك يحرص على تدريبهن من الصغر مثلنا، وأقصد في حديثي النساء مِن مَن تربوا في المملكة وليس زوجات القادة المنضمين لنا.

- إنت عورت؟

قالها تميم الذي هبط من الأعلى وصعد على المقعد خلف الطاولة الخشبية المربعة منتصف المطبخ بنبرة قلقة وعيون واسعة بعدما نظر إلى مرففي الذي تزينه ندوب طولية وكأنها ناتجة عن مخالب ثعلب بسبب قميصي القطني ذو الأكمام القصيرة الذي يظهر الجروح واضحة.

آه، كان يحب ارتداء شيء ذو أكمام.

- آه، وقعت مني حاجة وراء التسريحة واتعورت من الإزاز وأنا بجيبها.

كدبة لا يمكن تصديقها لكنني قلتها ببساطة وأنا ارسم ابتسامة مطمئنة على وجهي حتى لا يخاف، فنزل عن مقعده وركض إلى الخارج بأقدامه الصغير، لم أشعر بالاستغراب سوف يحضر لي شيء، ربما لوح شكولاتة.

كيف يمكنني مقاومة عدم إلتهامه؟

عاد بعد دقيقتين يركض من جديد ويحمل في يديه دهان للجروح (مرهم) ثم صعد على المقعد من جديد وهو يلهث من فرط المجهود.

- هات إيدك.

قالها بعدما استقر أخيرًا فوق الطاولة وهو ينظر لي حيث أقف أمام الموقد أصنع الفطائر، فأخرجت الفطيرة بعدما نضجت ووضعتها في منتصف الصحن، تحركت وجلست فوق المقعد أمامه ثم فردت ذراعي بجانبي وأنا أنظر له بحب يتقاطر من مقلتي وكأنه نهر من الشكولاتة.

آه، إنه أفضل شيء حدث لي في حياتي بعد أعوام كثيرة من الحزن.

- بتوجعك؟

قالها بنبرة خائفة بعدما طبع قبلة فوق الجرح كما أفعل معه وأفرغ المادة اللزجة فوق مرفقي ثم وضع إصبعه الصغير فوقها ليفردها على المنطقة بأكملها؛ حركت رأسي بالرفض مع إخراج صوت من حنجرتي يدل على ذلك، فابتسم بسرور وعاد يوزع الدهان على بقية الجرح.

- سامع الصوت؟

_ صوت إيه؟

قالها تميم بارتياب وهو ينظر حوله مع تقلص المسافة بين حاجبيه بعدما انتهى من وضع الدهان على مرفقي وبدأ في النفخ فوق الجرح وكأن النار التي تخرج منه شعلة شمعه سوف تنطفئ إذا هاجمتها دفعة قوية من الرياح تعقيبًا على سؤالي السابق.

- صـوت انـهـيـار الثُلوج، فأنا الآن أنهار كقمة جبل ثلجية قَبّلتها شمس الظهيرة بغتة.

قلتها بنبرة عاشقة وأنا أحرك يدي بدرامية مع تمطيطي للكلمة بعدما اشارت إلى موضع قلبي ثم سحبته من فوق الطاولة لداخل صدري بذراعي الثانية السليمة وقبلته بقوة فوق وجنته المحمرة.

- المقطقط ده شبهي؟ أنا قمور كده؟ أنا مقطقط كده؟

قلتها بتساؤل مرح وأنا أُقبّله عدة مرات في وجنته مع دغدغته بأصابعي في جميع انحاء جسده فصدحت ضحكته عاليًا.

تلاشت ضحكة تميم ولف ذراعه حول رقبتي عندما دلف الحاوي للمطبخ فهو لا يحبه ويخاف منه بدون سبب فهو لم يفعل له شيء سيئ، أو يفكر في ذلك لإنه يعلم أنني لن أصبر على قتله في الحال وصنع من قلبه حساءً، لكن الأطفال لديها ذلك الحدث الذي يجعلها تعلم من الشخص الحنون مِن القاسي؟

- طلع ده لتيتا علشان تفطر ماشي.

قلتها لتميم بعدما أنزلته ثم وضعت بعض من قطع الفطائر الدائرية فوق بعضها البعض في منتصف صحن أسود اللون مسطح ونثرت بعض من شراب القيقب فوقهم ثم وضعت الصحن بين أصابعه الصغيرة الذي قبضت عليه بقوه.

تابعت تميم وهو يخرج بخطوات بطيئة من المطبخ حتى لا يقع الصحن من بين أنامله بعدما ارتسمت ابتسامة حماس على وجهه بسبب المهمة الكبيرة التي كلفته بها، ثم رفعت نظري على الحاوي الذي يقف وينظر لي بعيون يتقافز منها الغضب عندما اختفى تميم عن أنظاري.

- هو أنا مش قايلك من زمان تبعد عني .. أنا قولت إيه.

اضافها بصراخ وهو يضرب كفه على الحائط جانب وجهي بعدما دفعني للخلف ليرتطم ظهري بالحائط بعنف.

أعلم ما يقصده بالفعل لقد كان يهدد الممرضة بالمشفى حتى تقبل بالأرتباط به رغمًا عنها، فقامت بمهاتفتي بعدما أخذت رقم هاتفي من سجلات المشفى المسجل على الحاسوب، فأعطيتها رقم عمي قاسم حتى تخبره بذلك لإنه الملك وهو من يأمر الجميع.

ومن خلال ردة فعله علمت إنها بالفعل تحدثت مع عمي قاسم ومن ثمّ أخبره عمي إنها في حمايته حتى يبتعد عنها، لذا طارت من بين مخالبه القذرة.

رفعت يدي بسرعة وأحطت عنقه بكفي ثم غيرت الوضع ليصير هو المثبت بالحائط ويدي فوق رقبته ثم اقتربت من أذنه ببطء وقلت له بصوت يشبه عويل الرياح في الصحراء:

- إنت عايش لحد دلوقتي علشان إنت المدرب بتاعي، متدنيش أوامر غير في الحلبة، وصوتك ميعلاش، ماشي يا .. حاوي.

اضفتها بعدما تركت رقبته وأنا أعدل من جاكيت حِلته البنية بعدما أمسكت أطرافها وشددت جسده للأمام ثم بعد ذلك عدت من جديد للفطائر حتى أصعد بها لفارس ونتناول إفطارنا.

_ يا سلمــان، غنيلي مش هلومك على جراح قلبي.

قالها الحاوي بصوت عالي بنبرة درامية تشبه خاصتي وهو يضع يده على جبهته إلى سليمان المامبا الحامي له والذي يقف على باب مدخل المطبخ ينظر لي نظرات يتقافز منها الكره، بملابسه السوداء، وشعره المتخلل بخصلات بيضاء حيث إنه في الخامسة والأربعين من عمره فهو أكبر المامبا التي ماتزال مع القادة بسبب رفض الحاوي أن يقوم بتبديله مع واحد أصغر سنًا عندما تخطى الأربعين كما تنص القوانين، بسبب تعلقه الشديد به.

- مع إنك كنت هتموتني بس والله فخور بيك، سقفة يا سيمان.

قالها الحاوي وهو ينظر لي بفخر بعدما انتفخ صدره كملك أبله ثم قام بالتصفيق لي كما يفعل دائما كلما فعلت شيء حقير رفقة سليمان الذي ينظر لي بابتسامة بغيضه تزين ثغره ووجنته التي تحتوي على ندبة الطولية من منتصف وجنته حتى ذقنه مرورًا بشفيه والتي هي من صنع سيفي العزيز.

نعم أنا من فعل به ذلك، لأنني أقدر وهو لا.

_____________ ︻╦デ╤━╼

في منتصف اليوم دلفت إلى غرفة أمي حتى اطمئن عليها وأودعها لأنني سوف أبيت اليوم رفقة أخوتي لأنهم عادوا من السفر لأجل السباق غدًا والأحتفال بعيد مولدي أنا وفارس، في الواقع نحن لا نحتفل به فقط نقضي اليوم في السهر واللعب.

- ما كل هذا الجمال يا مولاتي؟

قلتها بنبرة مرحة مُغازلة عندما وقع بصري على أمي التي تقف بالشرفة مكتوفة اليدين وتتطاير ملابسها بفعل الرياح بعدما خرجت لتوقعي إنها هناك عندما لم أجدها بالغرفة، ابتسمت بهدوء عندما انتبهت لوجودي وحركت يديها على خصلات شعرها التي نمت قليلًا بحيث صارت رأسها سوداء بدلًا من فرغات فروة رأسها.

أمي تمتلك شعر ينمو بسرعة لكنها لا تدعه يفعل ذلك، لم يحدث بحياتها إن تخطت خصلات شعرها رقبتها؛ تبدو كتجسيد حي لذلك الشيء الذي يرغب به الجميع ويقع بين أيدي لا ترغب به.

لكنني ورثت هذا منها، خصلاتي تنمو بشكل خارق.

- بحبه وهو طويل، متحلقيش تاني يعني خليه كده pixie.

_ حاضر.

قالتها بنبرة هادئة بعدما جاهدت حالها أن تخرج هكذا وليست متوهجة من السعادة التي شعت داخل مقلتيها ثم دلفت لداخل الغرفة بنظرة متحمسة وعادت من جديد تحمل صندوق هدايا صغير ومدت يدها لي بتردد، فأخذته منها على الفور ونظرت داخله حيث يقبع سِوار معدني لمعصم اليد على شكل سيف مُلتف حول قطعة من البلاستك المقوى سوداء اللون.

- لبسهالي.

قلتها لها وأنا أمد يدي اليسرى لها للأمام بنبرة متحمسة بعدما أخرجت صوت من فمي ينم عن الأعجاب بالسِوار؛ أخذت أمي مني العلبة وأخرجت السِوار ثم مدت يدها به والبستني إياه حول معصمي بأصابع مرتعشة فظهرت الزخرفة الفرعونية المحفرة باسم "ليو" وليس أنوبيس فوق نصل السيف بارز، مما جعلني انتعش كسمكة عادت للمياه من جديد بعد أن تم صيدها.

- أنا آسف، عارف إنك مكنتيش عايزاني، عارف إن اليوم ده بالنسبـ

_ أنا بحبك يا ليو.

قاطعتني أمي بنبرة مرتعشة لتنفي حديثي الذي خرج بنبرة حزن دفين لما أشعر به منذ زمن طويل، وهي تمسك بكف يدي وتحرك رأسها يمنى ويسرى، فتهلل وجهي وشعرت بأن قلبي طبّال يطرق على طبلته بأصابع رشيقة وحركات مدروسة.

- إنت مش هترجع تاني.

قالتها أمي بنبرة مرتعبة أكثر منها حزينة وهي تشدد أصابعها على أصابعي المعانقة لخاصتها وتنظر لي برجاء لأنفي ذلك الهاجس الذي ضرب عقلها فجأة مثل ظهور وحش برأسين داخل حلم يحدث في مدينة من حلوى "غزل البنات"، ابتلعت الغصة داخل حلقي الذي جف وكأنني كنت أركض لساعة وقلت بنبرة هادئة:

- هرجع تاني، بس همشي تاني برضو، تعالي معايا.

- لا، أنا مش هقعد مع العيلة بنت الـ ** دي في بيت واحد.

قالتها بنبرة حانقة بعدما رفعت طرف شفتها للأعلى وكأنها ترى أعمامي أمام عينها، فضحكت بخفة رغمًا عني على ما يحدث قبل أن أقول بنبرة مازالت تحمل أثر ضحكاتي:

- تعالي وأنا مش هخلي حد يضايقك.

- هو محدش يقدر يضايقني أصلًا، أنا ميدوسا.

قالتها بنبرة واثقة وهي تترك يدي بعدما رفعت رأسها للأعلى ووقفت بثبات كعادتها تنظر إلى الحديقة التي تنعكس عليها الشمس الهادئة لمنتصف اليوم في إحدى زواياها.

- كل سنة وإنت طيب يا قطتي.

قالتها كوبرا التي دلفت من باب الشرفة بوجه يتوهج من السعادة وهي تحمل في يديها رمح ثلاثي مثل ذلك الذي يحمله "بوسايدن" رمز البحر والعواصف، حيث إن أحد الأولمبيون الإثني عشر في الديانة والمثيلوجيا اليونانية القديمة؛ تلف حوله شريطة حمراء على شكل فراشة فعلمت إنها هدية عيد مولدي فأنا مُولع بالأساطير كما أخبرتكم

- اللعنة يا امرأة، أنا لست قطة، لست قطتك العينة.

قلتها بنبرة متهكمة صارخة وانا أحرك يدي الاثنين جانبي بعدما غَضّنت أنفي بتشنج، فضحكت كوبرا عاليًا وهي تمد يدها لي بالرمح الذي أخذته على مضض باد على وجهي، وحماس شديد من داخلي حتى أتقن دور المتذمر.

- مش علشان بقيت زي الثور هتكبر عليا، هتفضل قطقوتي اللي كان بيقعد على رجلي احكيله حدوتة.

اضافتها بابتسامة واسعة وعيون شردت للحظة وكأن الذكرى تجسدت أمام عيونها، ترى نفسها وهي تجلس داخل النافذة الحجرية التي تشبه الأريكة وتطل على الحديقة بالخارج، تمسك كتاب وتقرأ منه بتمعن تزامنًا مع تقدمي تجاهها ممسك بيد فارس، ثم تسمع صوتي الذي يقول لها:

- تُبرا.

تُنزل كوبرا الرواية ببطء حتى أظهر أمام وجهها واضحًا، فيظهر تعبير الدهشة على وجهها لعدم شعورها بي وأنا أدلف بسبب صغر حجمي وقتها، فأنا كنت طفل ضئيل الحجم ويعاني من صعوبة في النطق، لكن لا داعي للشفقة، فأنا كنت طفل ثرثار لا يضع لسانه داخل فمه.

أكاد أقسم إن كان لديّ أب آخر غير أبي لوضعني في الخزانة وأغلق عليّ طوال اليوم من كثر إزعاجي.

لكن أبي، آه من أبي، إنه عظيم.
أتعلمون؟
في المرة الأولي التي نطقت بها اسم أمي نفرتاري بالكامل بطريقة صحيحة حملني فوق كتفه وركض بي حول الحديقة وهو يهتف باسمي بانتصار وكأنني ربحت جائزة نوبل مثلًا.

- ليو عايز يرقا ير.. يقرا؟ دي.

قلتها إلي كوبرا وأنا أرفع القصة المصورة التي أحملها في يدي فضحكت بخفة وهي تأخذها مني ثم رفعتني أنا وفارس ليجلس كلًا منّا في ناحية منها وبعد ذلك تبدأ في قراءة القصة.

______________ ︻╦デ╤━╼

انزلت تميم من فوق ذراعي بعدما عدت للقصر وترجلت من السيارة عندما رأيت جميع الشمطوات يقفن أمام الباب، فتابعت بعيني تميم الذي ركض بسرعة وصوت طرقعة خطواته فوق الأرض يصدح عاليًا تجاه فريدة زوجة عمي هارون التي تقف وتفتح كلا ذراعيها على مصرعيهما لتستقبله حتى وصل إلى مبتغاها فرفعته للأعلى على ذراعها وهي تضمه لها بقوة وتقبله عدة مرات تزامنًا مع تجمع الدموع في مقلتيها بسرعة.

اللعنة لقد اشتاقت له بشدة بالفعل!
يا إلهي لا تجعلها تبكي، سوف يقتلني عمي هارون.

آه، حمدًا لله، لم تبكي، لقد توقفت دقات قلبي لدقة ثم عادت ثانيًا.

- عليا الطلاق الواد ده ما هيبات برة تاني.

قالتها عاليا التي تلقفت تميم من فريدة وهي تضمه بنبرة حانقة، وهي تنظر لي بشر قبل أن تعطيه لسيرا التي ضمته وقبلته كذلك ثم أخذه منها عمي هارون بلهفة، فشعرت إن الصغير كرة قدم يتم تمريرها بين اللاعبين.

أين شهد؟

دلفت للقصر بخطوات مهرولة تحولت للركض عندما اقتربت من موضع التمثال ثم صعدت السلُم بقفزات  عالية حيث ثلاث درجات في المرة وأنا أتنفس بصعوبة حيث بدأت تنفصل روحي عن جسدي حتى وصلت لغرفة شهد الذي صدح من داخلها صوت ضحكات وتصفيق من بعض الفتيات، فعلمت إن معها صديقتها بالداخل فعدت أدراجي من جديد بخطوات أقل سرعة وقبل أن أهبط، توقفت لبرهة.

لا بأس من الطرق لدقيقة حتي أطمئن عليها.
لا، لا يجب أن أزعجها، ربما تشعر بعض الفتيات بعدم الراحة.
هل أبعث لها رسالة؟

وصل فارس الذي لحق بي ونظر لي بدون فهم على سبب توقفي هكذا، لكنني قبل أن أشرح له ترددي في فكرة الطرق، مر نيلان بجانبي الذي حسم الجدل بعدما صعدت مهرولًا بعد أن عاد من مهمته للتو وإتجه لغرفة شهد، توقف للحظة عندما سمع الصوت الخارج من الداخل، ثم طرق عدة مرات وابتعد عن مدخل الباب، سند ظهره بالحائط جانب الباب حتى لا يكون كاشفًا أي شيء بالداخل.

- أوه، وحشتـنــي أوي.

قالتها شهد نبرة حامسة صارخة وهي تفتح ذراعيها مع إنحناء جسدها للأسفل في وضع استقبال عناق، لا بالتأكيد ليس لي ولا فارس ولا نيلان بل لتميم الذي صعد وركض تجاهها في نفس اللحظة التي فتحت بها الباب ثم رفعته وقبلته عندما وصل لها.

تم تفعيل.. اللعنة، لا يوجد وضع غيرة هنا.

- وحشتني اوي يا ماما.

_ قلب ماما والله.

قالتها بنبرة محببة وهي تقبله فوق وجنته المكتنزة ثم رفعت يديها بتحية لنا نحن الثلاثة بابتسامة بلاستيكية مصطنعة ثم أخذت تميم ودلفت للغرفة من جديد مما أدي لصدوح صوت الفتيات عاليًا تهليلًا وترحيبًا بالصغير.

لا، لا داعي للقلق بالتأكيد شهد ليست أمه، إنها في الحادية والعشرين من عمرها فقط؛ لكن لدى عائلة المُهيري قوانينها الخاصة إحداها:

جميع نساء العائلة أم لجميع الأطفال الذين يتم تربيتهم تحت جدران المنزل.

فتصبح حينها جميع نساء العائلة تُنادى بأمي حتى لو خالته أو عمته مثل عمتي دهب وداليا، أقول لهم أمي بدلًا من عمتي، فصار لدي أربع أمهات.

- هو أنا ليه مش صغير وبنص لسان ومقطقط.

قالها فارس بنبرة متذمرة وهو يعود للدرج من جديد يلملم أذيال الخيبة، فصفعته على رقبته أثناء مروري جانبه ثم ركضت للأسفل بقفزات عالية عندما بدأ يركض خلفي حتى يرد لي الصفعة؛ خرجت من القصر ثم للحديقة واتجهت لمبنى المامبا - أو بيت عمي صالح- في الناحية الأخرى من الحديقة حتى وصلت للداخل.

_ حـــرب يا أوغــاد.

صرخ بها أخي رائف عندما وصل فارس ورد لي الصفعة ثم رددتها له من جديد، فانقض عليَّ حتى وقعت على الأرض وجثم فوقي وبدأ يكل لي الضربات، ثم بعد ذلك وكما يحدث دائمًا بدأ جميع أخوتي في ضرب بعضهم البعض بعدما انتشر الشجار بيننا كالطاعون مع صدوح الصرخات وصوت تهشيم الزجاج الذي يطير من فوقنا وكأنه سرب من الذباب.

- هــدنــة يا أوغاد لحد بعد السباق.

قالها أخي خوفو بعد ساعة من بداية الشجار بصوت عالٍ صارخ حتى يصل للجميع بعدما نهض من فوق معدة باسل عقب تسديده له بضربة في فكه خلّفت بقعة زرقاء فيما بعد، مما أدي لتوقف الحرب الدائرة بيننا بسلاسة وعاد الجميع لما كان يفعله وكأن شيء لم يحدث وضع يتكرر بشكل شبه يومي.

- عرفت المفتاح مع مين؟

قلتها لنيلان بتساؤل بعدما جلست بجانبه على الأريكة التي لم يتزحزح من عليها منذ بداية الشجار وهو يأكل من الوعاء الكبير الذي يحتوي على الذرة المقلية "الفشار" منذ بداية الحرب فهو أكسل من المشاركة.

- مع تركي.

قالها بلامبالاة ليفصح عن الوغد الذي يمتلك مفاتيح سيارة عمي هارون الجديدة الخاصة بالسباق، فهذا المفتاح يتم تمرير سرقته بيننا جميعًا منذ الأمس.

لقد سرقه فارس في البداية ثم سرقته منه، ثم سرقه باسل مني ثم يعقوب ومن ثمَّ بدأ الجميع يسرقه حتى يشارك بها في السباق وهذا لأننا اتفقنا جميعًا على عدم مشاركة عمي هارون لإنه يربح دائمًا بشكل يصيبنا بصدمة نفسية مقيتة.

تبًا لهم جميعًا، لقد كانت فكرتي منذ البداية في سرقة السيارة حتى أقودها في السباق وأفوز على كبير الأوغاد خوفو.

_ سيبك من العربية كده كده خوفو هيكسب.

قالها نيلان ببساطة وهو يمد يده لداخل الوعاء ثم يخرج عدد حبات من الذرة ويلقي بهم للأعلى ثم يلتقطهم داخل فمه بمهارة جميعهم، فنظرت له نظرة مستحقرة قبل أن أقول بتشنج:

- اللعنة، أنت عار على المامبا، أين ولائك اللعين؟

- يعني أكدب؟ ما خوفو معلم عليك رايح جي.

- سباق العربيات ده مش لعبتي انا بدخل في الثقيل علطول.

قلتها وأنا أنتفخ بشموخ كملك على وشك التتويج ينتظر التاج الذي يتحرك إمام عينه ليصل إلى رأسه قبل أن أضع يدي في الوعاء وأضم قبضة يدي على بعضٍ من حبات الذرة والقي بهم للأعلى لكنهم وقعوا على رأسي كقطرات المطر عندما فقدت انتباهي بعدما قال الوغد نيلان بنبرة ساخرة:

- طبعًا ولا سباق الجري والخيل اللي فارس واشم على قفاك صوابعة الخامسة فيهم، ولا السرقة يابني ده عملك حقل تجارب لخفة إيده.

- تبًا لك، أي نوع من المامبا إنت؟ يا إلهي، من بين جميع أخوتي لا احصل سوى على هذا المامبا.
آه، لو حصلت على رائف كان سيكون أكثر رحمة منه!
لماذا كل العالم ضدي.
أنا لم افعل شيء لاستحق كل هذه المعاناة.

قلتها بدرامية كعادتي وأنا أرفع يدي للأعلى لاتقن دوري لكنه أشاح بيده عني، فتحت ثغري في نية مني لأسمعه مقطوعة طويلة من أحقر السبات التي وردت على مسمعي لكنني انتبهت لذلك الأحمق باسل الذي جلس أمامي وهو يضع قماشة بيضاء ملفوفة فوق قطعة من الثلج على فكه بنظرة حزينة تغلف عيونه الرمادية الساحرة اللعينة ذات حواف بؤبؤ أسود اللون وأهداب كثيفة سوداء اللون كلون شعر رأسه؛ وباليد الأخرى يحمل حلوى "الولي بوب" جلبها له عمي هارون من الخارج وتتشكل على هيئة قبضة يد هالك عملاقة باللون الأخضر اللامع ويأكل منها وكأن طفل صغير أعطته أمه حلوى حتى يتوقف عن البكاء فصار يأكل منها بدموع مبللة.

- جميلة منفضالك؟

قالها فارس بنبرة ساخرة أكثر منها متسائلة لإنه يعلم بالفعل إن جميلة لا تحدثه هذه الأيام بعدما جلس بجانبي للتو فلاحظت وجود مفتاح السيارة بقبضة يده.

لقد اصبحت مهمتي أسهل.

- عرفت آخر الأخبار؟ جميلة إمبارح كانت في date مع أرثر بن أريزونا، كانت لابسة فستان أحمر مفتوح لحــد هنا .. بعد كده سابته وراحت date مع أبرهام أخو آريس بنفس الفستان.

قالها فارس بنبرة خبيثة وهو يشدد على الحروف أثناء تحريكه لإصبعه من أسفل قدمه حتى ركبته للتعبير عن القطع في الفستان الذي كانت ترتديه جميلة أمس في الموعد.

- ملكش دعوة، بعدين Look who's talking "انظر من يتحدث".

قالها باسل بنبرة هازلة من فارس وهو يضع الحلوى داخل فمه، لكن ثباته تراخى وتجمعت الدموع داخل مقلتيه ببطء مع تثبيته ليده أمام وجهه والحلوى داخل فمه، فضمه يعقوب الذي كان يجلس بجانبه على الفور ورمق فارس بنظرة قاتلة.

فتأوه فارس عاليًا بعدما صفعته على رقبته بعنف من الخلف بسبب ما قاله، لكنه لم يرد الصفعة ونهض ليجلس جانب باسل في الناحية الأخرى وربت على كتفه.

إذا كنت تعتقد إن الموقف لا يستحق البكاء، فهذا صحيح، لكن هذا باسل، إنه يبكِ أسرع من دخولي في مشهد التمثيل الميلودرامي، وأكثر من دعائي على نساء العائلة.

_ أنا آسف، إنت عارف إن مش قصدي، بس أنا مش عايزك تفضل تأذي نفسك أكثر من كده في العلاقة التوكسيك دي.

قالها فارس بنبرة حزينة نادمة على ما فعله فضمه باسل بحب حتى يخبره إنه ليس غاضبًا منه في نفس اللحظة التي أخرج بها نيلان صوت من حنجرته يدل على السخرية وقال:

- عديم كرامة بيواسي عديم كرامة علشان واحد عديم كرامة نصحة... مجبتش سيرتك علشان تعرف إن ولائي ليك مع إن كلنا عارفين إنك مهزأ برضو.

اضافها نيلان وهو يرفع كتفه ببرائة لي بعدما ثبت نظراته عليَّ، بعدما نعت فارس ويعقوب وباسل بمعدومي الكرامة، فأخرجت صوت من فمي يدل على البصق وأنا انظر له بتقزز.

- أوه، يا ربي الرحيم، إنت على علاقة بابنه يورمونغاند (صافي المالكي) أوه يا صغيري اللطيف، مازال أمامك الكثير حتى تموت بهذا السن المبكر.

خرجت هذه من فم القائد هاديس الذي يجلس بالقرب منا بعدما نسينا أمر إنه موجود بيننا وهو ينظر إلى باسل بشفقة ويحرك رأسه لليمين واليسار بحزن.

- هيه هاديس ألم تلاحظ إنك صرت تقضي وقت معنا أكثر من القادة؟

قلتها بنبرة ساخرة أكثر من متسائلة فهو صار يأتي معظم تجمعتنا نحن الأخوة رفقة تركي ويترك تجمعات القادة منذ مدة كما صار أقرب من عمي هارون وقاسم وصالح بالتبعية بعدما كان يقضي معظم وقته مع شمس والحاوي.

- هيه ريكاردو (اسم هاديس الحقيقي) إنه وقت الجلسة.

قالها تركي بعدما صدح صوت هاتفه عن رنين منبه فأخرجه تركي من جيب سروالة القصير الأسود الذي لا يرتدي سواه مثل جميع المامبا حيث إنهم داخل رابطة كارهي الملابس التي أنشأها، فقط نيلان من بين جميع المامبا يرتدي قميص.

هذه ليست سما خاصة بالمامبا، لا هذا عمي هارون مكرر، فهو كان دائمًا يمشي بهذا الشكل كطرازان وانتشرت العدوى بيننا جميعًا، لكنني لا أحب خلع قميصي سوى في النوم فقط.

_ حسنًا هيا يا صغيري.

قالها هاديس بابتسامة واسعة بعدما نهض بحماس ثم تحرك رفقة أخي تركي للخارج، فنظرت إلي فارس في نفس اللحظة الذي نظر بها إلي بعيون تقطر فضول قبل أن ينهض ويلحق بهم بعدما أشار لي برأسه لأذهب معه وهو يضحك بخبث.

وقفت رفقة فارس خارج شرفة الحجرة التي دلفوا بها، وقف كلًا منا من جهة ثم مددنا رأسنا مع انحاء جسدنا للدخل لنرى هاديس الذي يتسطح فوق الأريكة وضع رأسه على قدم أخي تركي الذي يمسد شعره برفق وتظهر الجدية على وجهه الذي لا تزوره سوى مرات قليلة.

- هناك شيء يؤرقني، هاديس لا يخبرني أين أخفى الفتيات الذين يقوم بخطفهن، لا أعلم لماذا يفعل ذلك.. يا ربي، إنهن صغيرات للغاية.

قالها هاديس بهدوء حانق مما أدى لتقلص المسافة بين حاجبي، اللعنة!

انا متأكد إن من يخطف الفتيات ليس هاديس، لقد بحثت جيدًا، أم إنه هو؟

- هيه ريكاردو ليس هاديس من يخطف الفتيات، لقد أخبرتك أنني أراقبك وهو لم يخطفهن.

قالها تركي بنبرة مؤكدة بعدما توقفت يده التي تمسد شعر هاديس للحظة قبل أن يعود من جديد، فعادت الراحة تتسلل إليَّ ثانيًا بعدما شعرت بصاروخ قذف جميع تحرياتي التي قضيت يوم كامل أجمعها حتى أتأكد مِن من هو الخاطف وخلف دمارًا؟!

- ربما أنسللت من خلفك، أو شيء من قبيل ذلك، أوه يا ربي الرحيم، الفتاة الأخيرة كانت تعمل بشركتي.

- لا ريكاردو أنا متأكد هو لم يفعل ذلك، هاديس يقتل النساء الخائنات فقط وليست الفتيات الصغيرات، أنت أفضل من ذلك.

قالها تركي بنبرة حاسمة لينهي هذا الجدال مما أدى تأكيد وقوة حدسي وايقاف ضجيج أفكار هاديس.

هاديس ليس جيد بالتأكيد، لكنه لديه العديد من الفتيات من زوجتيه الاثنين ويحبهن جميعًا، لذا هو جيد مع الفتيات الصغيرات.

نظرت لفارس الذي يضع يده فوق فمه يكبت ضحكته من الوضع حيث يلعب أخي تركي الوقح دور الطبيب النفسي لهاديس.

- أحبك يا صغيري، أتعلم إنت أفضل طبيب رأيته سوف أفتح لك عيادة خاصة.

قالها هاديس بعدما نهض من فوق قدم تركي ومرر يديه من أعلى شعر تركي حتى وصل إلى وجنته بنبرة حنونة أبوية ثم طبع قبلة على جبهته بحنان.

_ أنا أيضًا أحبك أبي.

قالها تركي وهو يضم هاديس له في عناق ثم رفع نظره لي ولفارس بشر لإنه يعلم بالفعل بوجودنا فهو مامبا مما أدى لتخلينا عن فكرة تكملة الجلسة العلاجية الفاشلة.

آه، يا إلهي، إذا رأته سيرا زوجة عمي هارون سوف تقدم محضر ضده، لأنها معالجة نفسية.

لكن هذا ما يفعله المامبا عدتًا عندما تحتاج طبيب يكون هو لك طبيبًا.

الحقيقة تركي الوحيد الذي يستطيع السيطرة على شخصية هاديس ويجعله لا يقتل النساء، فحتى عمي قاسم لا يستطيع ذلك لأن باختصار ريكاردو هو من يخضع له وليس هاديس!

عدنا من جديد جلسنا مع رفقة الأوغاد لاحظت ملامح التجهم تظهر واضحة على وجه أخي خوفو فجلست بجانبه، وقبل أن أسأل عن السبب سمعت عبدالرحمن يقول للشخص الذي يحدثه في الهاتف:

- إنت بتقنعني بأيه بس؟! لا إله إلا الله، ريحان لسه صغيره هجوزها لواحد عنده ابن ١٥ سنة؟... هو إيه اللي فيها إيه؟! بقولك لسه صغيرة .. بقولك إيه أنا معنديش دماغ للهبل ده اقفل يا أشرف معندناش بنات للجواز.

قالها عبدالرحمن بنفاذ صبر يدل على ضجره الشديد من المتحدث معه حيث يظهر تمسكه الشديد برأيه في الزواج من ريحان ثم أغلق الهاتف وزفر بضيق قبل أن ينهض ويذهب للمطبخ.

- اعملي معاك منه بقى.

قلتها بنبرة عالية حتى تصل إليه فأنا أعلم إنه سوف يصنع عصير ما بمذاق ساحر، فهو كان يعمل بمقهى سابقًا قبل أن ينضم لنا وكان يشتهر بصنعه للعصائر.

_ وإنا.

صرخ بها أكثر من واحد من اخوتي في نفس واحد ككورال مزعج في نفس اللحظة التي جلس الصغير ريان فوق قدمي ثم أخذ هاتفي من بين أصابعي وفتح القفل ليلعب به في حركة تلقائية اعتادتها فأنا تقريبًا لا أجلس إلا وطفل من صغار المامبا يجلس فوق قدمي أو يتعلق برقبتي.

أخرج خوفو هاتفه من جيبه وهو يخرج صوت من فمه يشبه نفحة من نيران انثى تنين مجنح سُرقت بيضتها ثم بحث عن رقم "ليلة" أخت عبدالرحمن وبعث لها إن ترسل له رقم خالتها "أحلام" لأنها من تجلب العرسان لريحان.

- سلام عليكم يا طنط أحلام إزيك عاملة إيه؟ أنا خوفو، عارفاني صح؟.. انسي خوفو ده يا خالتي ماشي، عشان أنا عربجي أصلًا ودور الأحترام ده بلعبه في الوقت الضايع بين الأشواط.

قالها بنبرة متهكمة منفعلة قليلًا لكن ليست عالية بعدما تحول فجأة بعد أن كان يتحدث بنبرة هادئة منمقة عندما ردت أحلام خالة عبدالرحمن على الهاتف بعدما اتصل بها خوفو عقب بعث ليلة الرقم له

_ المهم، هو طلب واحد علشان نكون حلوين مع بعض كده، لو جبتي عرسان تاني لريحان هتفتحي باب شقتك هتلاقي ابنك مرمي متكسر قدامك، حلو؟ .. يلا بقى يا طنط عايزة حاجة؟ قولي متتكسفيش أنا زي ابن أختك، طيب سلام، على خيرة الله.

قالها بنبرة هادئة ودودة بعدما تحول من جديد للهدوء واللباقة وكأنه شخص آخر ثم أغلق المكالمة بابتسامة هادئة تتنافى مع نظرته التي تتراقص بها المسوخ.

_ إيه الزهق ده، ما ترقصوني يا عيال.

قالها عمي هارون بعدما نظر إلى أخوتي بنظرات ضائقة غير راضية وكأنهم فعلوا جرم ما، فقام أخي رائف من مجلسه مسرعًا وأمسك بالمكروفون لتبدأ فقرة الغناء والرقص اليومية.

- يلا كله يسيب اللي في ايده ويرفع أيده لفوق.
حرك وسطك، ارفع ايدك آه، حرك وسطك آه أرفع أيدك آه .. يلا يلا يلا يلا .. يلا يا لوزة.

_ ليو تعالى العب معانا.

قالها تميم بعدما اقترب مني وهو يمسك كرة بلاستيكية في يديه فنهضت من مجلسي لأخرج إلى الحديقة حتى نلعب في نفس الوقت الذي صدح صوت تهليل من باقي الصغار وكأنني شخصية مهمة في مشهد يتكرر يوميًا تقريبًا، فأنا أقضي معظم وقتي في اللعب مع الأطفال.

ليو يحب ذلك كثيرًا، ينتعش عندما يكون رفقتهم، وكأنه بركان خامد والأطفال هم المتفجرات التي تجعله يثور.

______________ ︻╦デ╤━╼

11:45 am

وقفت خلف غزل في غرفة جدتي جلنار - حرقها الله في جحيمه- السابقة، أنظر لملامحها من خلال المرآة الضخمة وأنا أقف خلفها بابتسامة واسعة متحمسة، حيث إنها الآن تشبه "ليونا" أم جدتي جلنار وكأنها هي بعد تدخل من خبيرة تجميل لنحصل على هذه النتيجة الساحرة.

ترتدي فستان رمادي قديم للغاية يعود لجدتي "ليونا" وهو ذاته التي ترتديه في الصورة المعلقة بغرفة جدتي جلنار، ذو أكمام قصيرة وفوقها قماشة مزركشة منفوش من الأسفل، وقفازات طويلة تصل لكامل مرفقها، تُمسك مروحة يدوية على شكل قوس ذات حواف من الخشب وريش مصنوع من القماش المُفرغ المغزول، وفي اليد الأخرى تمسك مِظلَّة صغيرة مصنوعة من نفس قماش المروحة.

_ إيه رأيك؟

- أوه! تبدين مدهشة، أشعر أنني أقف أمام شبح جدتي.

قلتها بنبرة عالية منفعلة من الحماس وأنا أجول بنظري على مظهرها من جديد وصورة جدتي المعلقة بالخلف بعيون متوسعة بانبهار، يا إلهي!

سوف يتوقف قلب فارس هذه المرة.

- إيه يا أبو البنات؟ مش هتقولي عيونك دي لا بتكدب ولا بتخون بقى ولا إيه؟

- عيونك دول عيون ثعالب يا غزل الصبح بتكدب وبليل بتخون.

قلتها بنبرة هازلة بعدما أخرجت صوت ساخر من حنجرتي تعقيبًا على ما قالته غزل بنبرة مازحة وهي تنظر لي بنظرات ساهمة بوقاحة.

أمسكت هاتف غزل بعدما أعطتني إياه وفتحت صفحة رسائل فارس على إحدى التطبيقات ثم بعثت له لأنني متأكد إنه لن يشك في تآمري مع غزل ضده فنحن تقريبًا أعداء أو بالأحرى أتجنب أنا التعامل معها حتى لا يؤلمني قلبي لكن الآن لا أشعر بشيء تجاهها.. أحبها؟

نعم، لكن ليست كحبيبتي بل كزوجة أخي، صديقتي، أو أختي.

"عايزة أقابلك بعيد عن ليونار علشان في حاجة مهمة عايزة أقولك عليها، انا في الليڤنج اللي في الدور الأول"

"متقولي هنا، لازم المرمطة؟!"

"خلاص هكلم نيلان"

"دقيقة وهاجي"

خرجت من الغرفة وتركت غزل بالداخل بعدما استقبلت رسالة فارس، وقفت خلف العمود الدائري الضخم ذو الرسومات المنحوتة، تأكدت إن لا شيء يظهر مني، وأخرجت هاتفي من جيبي واتصلت بنيلان مكالمة فيديو لأشارك أخوتي اللحظة ثم وجهته للرواق عندما رد، وفي اليد الأخرى حركت إصبع بشكل دائري حول زر مشغل الموسيقى، نظرت للكاميرا المعلقة فوق أحد الأعمدة لأتأكد إنها مخفية.

حبست أنفاسي بترقب في نفس الوقت الذي دقت به الساعة الكبيرة عدد اثنى عشر دقة بصوت قوي مجلجل.

عيد مولد سعيد أخي فارس، كل عام ونحن مع بعض.

دقيقتين وسمعت صوت خطوات فارس الذي يصعد الدرج وهو يصفر لحن ما بفمه، ثم بعد ثواني ظهر أمام وخطى في الرواق حتى صدح صوت تهشم المزهرية التي كانت موضوعة فوق طاولة منبعجة قديمة مذهبة بعدما ربطتها بطريقة تجعلها تقع عندما يخطو فارس أمامها ويشد الخيط بقدمه للأمام حيث إنه خيط رفيع شفاف يستخدم في ألعاب السحر يكاد يكون غير مرئي مربوط بكامل عرض الرواق.

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

تمتم بها فارس بخفوت وهو ينظر حوله بارتياب بعدما ابتلع ريقه بصوت عالٍ ثم تابع خطواته على مهل وهو يثبت نظراته بالمزهرية، ثم بعد ذلك صُفدت أقدامه بالأرض كمن علق قدمه في شرك معدني ضخم يستخدم لصيد الحيوانات في الغابة عندما ضغطت زر المشغل وصدح صوت أمطار وبرق ورعد.

التف فارس فجاة برقبته عندما دوى صوت أزيز باب غرفة جدتي جلنار ببطء ثم خرجت منه غزل تمشي مشية أرستقراطية وهي تنظر له بعيون متوعدة مع تصاعد الدخان من خلفها.

صرخ فارس وأرتج جسده للخلف وعاد بخطواته للوراء وهو ينظر لها بعيون متوسعة من الخوف.

- أنا آسف.. أنا آسف والله، هي وقعت لوحدها والله.

قالها فارس بصوت متهدج من الرعب بعدما وقع للخلف فوق البساط وزحف للخلف بأنفاس مرتعدة.

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. إنت مبتتحرقيش ليه؟ يا بـابــا.. يا بـابـا.. الحقني.

قالها بصراخ مرتعد فلم أستطع إمساك حالي وانفجرت بالضحك بشكل مزري ثم ووقعت أرضًا عندما لم تعد قدمي تستطيع حملي وأنا أمسك بطني التي تنغزني بألم مُميت.

يا إلهي!
لقد صدق الأمر بالفعل.
سوف يتوقف قلبي من شدة الضحك!

عندما كنّا صغار اخبرتنا جدتي جلنار إن روح أمها ليونا تطوف بالقصر وتقتل المشاغبين الذين يكسروا أشيائها، حتى نخاف ونتوقف عن كسر مقتنياتها الثمينة لأننا كنا أشقياء للغاية، وبما إن فارس يخاف من هذه الأشياء صدقها بالفعل ومازال مصدق هذا، على الرغم من إن أخي داغر كان يكسر الأشياء عمدًا حتى تظهر روح جدتي "ليونا" ويراها، ولم تكن تظهر له.

لكن فارس كان مصدق داخله إنها لا تظهر لأنني حفيدها وتحبني ولا تريد إخافتي لكن إذا كان وحيدًا سوف تظهر له.

_ كل سنة وإنت طيب .. أربعة/ ثلاثة ليا.

قلتها بنبرة مازال بها أثر ضحكاتي وأنا أنهض من فوق الأرض العارية ثم انفجرت بالضحك من جديد عندما تذكرت مظهره وأنا أنظر لغزل التي تكومت جانب الحائط مستنده عليه حتى لا تقع أثناء نوبة ضحكها العالية.

- شابوه بجد، بس ولا يهمني هتتعوض، كنت محضرلك حاجة أجمد بس ملحوقة.

قالها فارس وهو ينهض من فوق الأرض ويعدل ثيابه بنبرة غير مبالية ظاهريًا، متضايقة باطنيًا لخسرانه التحدي بيننا هذه السنة، فنحن كل عام نلعب لعبة نطلق عليها "كل عام وأنت بخير أخي" وهي ببساطة شديدة من يفعل مقلبًا بالأول بعد الساعة الثانية عشر هو الفائز.

لقد فاز فارس السنة الماضية وتعادل معي بعدما ربحت عليه عامين متتالين.

في العام الماضي قام ريان بسكب اللبن الممتزج بالشيكولاتة فوق ثيابي في تمام الساعة الحادية عشر فدلفت إلى المرحاض حتى أتحمم وأبدل ثيابي وبما إن الوقت كان مازال مبكرًا قررت البقاء في المغطس قليلًا.

انزلت رأسي داخل المغطس حتى صارت المياه تغمرني بالكامل بعدما نظرت في ساعة هاتفي حيث تشير إلى الحادية عشر ونصف وبعد ثمان دقائق صعدت ببطء، أعدت خصلات شعري المبللة للخلف ثم مسحت المياه العالقة بأهدابي بواسطة أصابعي، نظرت أمامي حتى أتأكد من وضوح الرؤيا ثم شعرت بتخلّف إحدى نبضات قلبي عن دورها في الخفق.

كان الحائط أمامي متلطخ بالدماء ومرسوم عليه رموز غريبة وكذلك المغطس تحول لون المياه داخله إلى الأحمر القاني ثم بدأت الأشياء تسقط من تلقاء حالها حولي بشكل مرعب وتكسرت المرآة، فحُبست شهقة داخل حنجرتي وأنا أنظر حولي بفزع ثم صدح صوت أغنية تُغنى بطريقة مرعبة عن طريق عدة اشخاص مع بعضهم البعض في تناغم مخيفَ.

❞ سنة حلوة يا جميل
سنة حلوة يا جميل
هنفتح صدرك ونخرج قلبك
هناخد روحك معانا
هتكبر وتبقى طيف عظيم
يلا تعالى .. يلا معانا
سنة حلوة يا جميل ❝

حسنًا هنا علمت إنه مقلب وقام فارس بتأخير ساعة هاتفي، لكن متأخر جدًا لقد مر على عقلي بالفعل، ففارس بارع في تلك الأمور التي يطلق عليها السحر أو خلق الوهم، بالتأكيد الأشياء لم تقع من تلقاء حالها، وهو سريع للغاية ليتمكن من رسم تلك الأشياء.

______________ ︻╦デ╤━╼

خرجت وفارس من المنزل وذهبنا إلى المنطقة التي من المفترض أن نتسابق بها، فسمعت صوت الموسيقى بالطبع أثناء اتجاهي ناحية الأوغاد الذي يقف كل واحد منهم أمام سيارته يرقص لكن الآن ارتدى الجميع قمصان سوداء لأن صديقات شهد نزلوا من أعلى ليشاهدوا السباق.

فقد قامت آلاء بدعوة الفتيات من عيد مولد شهد في حفل مبيت بمنزلنا حتى تخرج شهد من حالتها النفسية السيئة فوافق البعض منهن عندما أقسمت لهن إن الرجال لا يبتن بالقصر حتى عمي هارون وقاسم خرجوا منه، وعندما علمن بشأن السباق قرروا مشاهدته.

- متقوليش إن المفتاح اتسرق.

قلتها لنيلان بنبرة مرتابة حتى اطمئن على المفتاح فقد سرقته من فارس بالفعل عندما صعدنا خلف هاديس ومن ثَمَّ وضعته في جيب نيلان لأن لا أحد من أخوتي سوف يتوقع ذلك، لأن نيلان لا يشارك بالسباق فهو يكره القيادة، يفضل البقاء والمشاهدة.

- هل تراني أبله مثلك؟!

قالها نيلان وهو يخرج المفتاح من جيبه ويبتسم بسمة جانبية ساخرة أثناء تحريكه المفتاح أمام عيني، ضممت عليه قبضة يدي بسرعة وأنا أنظر له نظرة متهكمة ثم تحركت تجاه الفتيات عندما أبصرت ماليكا.

- مرحبًا قاسية الفؤاد، إيه ده؟ إنت هتقطعي فينو ولا إيه؟

قلتها بنبرة ضاحكة عندما أبصرت سكين الطعام التي تخبئها في كم سترتها بطريقة غريبة وهي تنظر بقلق حولها حيث باد إنها غير مرتاحة وتسب حالها على الأتيان لذلك المنزل اللعين.

- خليك في حالك يا عسل .. أنا عارفة، كان يوم أبيض يوم ما جيت البيت ده.

تمتمت بآخر جملة لحالها وليس لي، وهي تنظر إلى إخوتي الأوغاد ثم ضيقت المسافة بين حاجبيها بشدة وهي تنظر لأخي الذي يرتدي قناع على شكل كلب أبيض فوق رأسه، فطلقت ضحكة عالية وأنا أحرك رأسي بدون تصديق، فرمقتني بنظرة من نظراتها القاتلة التي تجعلني أشعر إنها ستوسعني ضربًا في الحال.

- السكينة دي تفردي بيها زبدة فوق التوست، خلي ده معاكِ.

قلتها بنبرة ساخرة وأنا أخرج خنجري ذو المقبض والنصل الأسود المحفور فوقه حروف أنوبيس الفرعونية باللون الأبيض، وبالمنتصف بين آخر النصل وأول المقبض يقبع رأس أنوبيس الزائر بشكل مجسم.

- شكرًا.

قالتها ماليكا وهي تلف أصابعها الرفيعة حول نصل الخنجر الموضوع داخل خمده ثم دسته داخل كم سترتها في نفس اللحظة الذي دوى صوت تصفيق حار وصفير من ناحية أخوتي وهم ينظروا لنا ببهجة.

- هو في إيه؟ هو بيعمل كده ليه؟

قالتها ماليكا بارتياب وهي تنظر لرائف الذي قفز من فوق السيارة وهزّ خصره بطريقة غريبة بعدما عادت للخلف بجسدها من المفاجأة بعد ما حدث، فأطلقت ضحكة قبل أن أقول بنبرة مختنقة من أثر الضحك:

- متخلفين عادي.

آه يا إلهي!
إنهم بالفعل مجموعة من الحمقى، لقد ظنوا أن ماليكا قبلت الزواج مني فنحن بالمملكة عندما يريد رجل التقدم لامراة يعطيها خنجره، إذا قبلته يتم الزواج، وهي قبلته .. كما ظنوا.

حسنًا، لن أخبرها حتى لا تغرزه بصدري فهي سريعة الغضب.

- بابا.

هتف بها تميم الذي ركض تجاهي بحماس وهو يحمل إطار في كلتا يديه وتلحق به سيرا التي قالت لي بنبرة فرحة:

- تومي جي يديك الهدية قبل ما ينام.

انحنيت للأسفل وحملت تميم على ذراعي وقبلته قبل أن أنظر لما داخل الإطار حيث رسم بطل خارق يرفع يده للأعلى وكأنه يطير وكتب فوقها "بابا" وجانب رأسه رسم دائرة أصغر بعينين على شكل نقاط وقوس كبير للفم وكأنه طفل صغير يتعلق برقبة الرجل وكتب فوقه "تميم".

اللعنة سوف أبكِ.
قلبي الصغير لا يمكن أن يتحمل كل هذا اللطف.

- أوه! لقد سقط جبل الثلج بأكمله الآن تومي .. سوف أعلقها في غرفتي حتى أراها طوال الوقت.

قلتها بنبرة عاشقة وأنا أقبل تميم بقوة في وجنته ثم أعطيته لسيرا التي تنتظر حتى تأخذه وتضعه في فراشه بسبب تأخر الوقت فمن المفترض أن ينام في التاسعة.

اللعنة! ما كل هذا الظلم الذي يتعرض له الصغير؟
إنه حتى أبرأ من التلاعب بهن.

عندما كنت صغير بعدما تذهب أمي وتقبلني قبلة قبل النوم كنت أُقيم حفلة راقصة رفقة أخوتي.

يجب أن افسد أخلاق الصغير.

- باي يا ليكا، هاجي العب معاكِ الصبح، ماشي.

قالها تميم وهو يلوح لماليكا بيديه من جانب رقبة سيرا التي تحمله وتتجه به للداخل، فرفعت ماليكا يديها ولوحت له وهي تخبره بحماس إنها سوف تنتظره.

- خد دوق دي كده؟

قالتها فريدة زوجة عمي هارون بنبرة متسائلة وهي تضع في يدي طبق يحتوي على حلوى "التراميسو" المفضلة لدي بعدما صنعتها من أجلي لإنه عيد مولدي بالطبع، يجب أن اتدلل قليلًا حتى أنتعش وأعود لتنفيذ رغباتهم بنفس راضية.

حسنًا أمزح، لقد صنعتها من أجل إسعادي.

وضعت شوكة داخل فمي حتى أرى الطعم، تحتاج للمزيد من القهوة، وتقليل السكر في الكريمة قليلًا، لقد ابقت البسكويت مدة أطول من الازم داخل الحليب.

تقدم عمي هارون ووقف بجانب زوجته وهو ينظر لي بابتسامة مهددة أظهرت أسنانه التي تخيلتها ذو انياب طويلة مثل مصاصين الدماء.

- إنها أفضل ترميسوا تذوقتها في حياتي.

- بجد؟!

- وأخلاقي.

قلتها بنبرة مازحة تعقيبًا على سؤالها الذي خرج بنبرة غير مؤكدة فرفعت زجاجة المشروب الغازي الزجاجية التي تحملها وضربتني بها في كتفي، فضحكت بخفة قبل أن أقول بنبرة صادقة ممتنة:

- هيه زوجة عمي ألا تعرفي المزاح؟! إنها أفضل حلوى تذوقتها بالفعل لأنها صُنعت خصيصًا من أجلي، شكرًا لكِ فريدة إنتِ الأفضل.

ظهرت بسمة هادئة خجولة على ثغرها مع إحمرار طفيف على وجنتيها وعدلت من موضع حجاب رأسها بسبب سعادتها في تقدمها بصنع الحلويات.

_ كل سنة وإنت طيب.

قالها عمي هارون وهو يمد يده لي بمفتاح سيارة جدي القديمة التي تم تجديدها وتغير محتوياتها من الداخل لتصبح من الخارج قديمة ومن الداخل حديثة وسريعة وذلك لحبي الشديد للأشياء القديمة.

- اوه يا إلهي! إنها جميلة للغاية .. شكرًا أبي لقد وقعت في غرامها بالفعل.

قلتها بنبرة متحمسة منفعلة وأنا أُوسع عيني بانبهار مصطنع و ألقي بجسدي بين ذراعيه بعدما وقع بصري على السيارة بعد أن أشار عليها عمي حيث تقبع بالخلف كعروس جميلة يوم زفافها، وذلك لأنني سرقتها بالفعل عندما علمت بشأنها، لم أقدر على الانتظار، شعرت وكأن قطيع من النمل يأكل يدي وقدمي حتى أقودها.

آه، تلك القاسية كسرت الباب في أول يوم!

لكن الجانب المشرق إن أخت عبدالرحمن أصلحتها من أجلي ولم تخبر عمي، فهي بالأساس من أصلحتها أو بالأحرى سحرتها بأناملها المبهرة! .. نعم، عبدالرحمن يمتلك أخت ميكانيكية.

خطوت ناحية شهد بلهفة بخطوات سريعة حتى أحصل على هديتي عندما رأيتها تمسك صندوقين باللون الأسود اللامع وتنظر للأمام.

وصل فارس قبلي لإنه أسرع بالتأكيد وأخذ منها هديته بعينين تشع ضوءً من السعادة وهو يغني لها ويتراقص بجزعه العلوي. 

بعيونك بحر الأزرق..
أكبر سبّاح بيغرق.
وفوق عيونك جوز سيوف.
طلُة بدر على المفرق.

(الشاعر: نوح مُقدّم)

_ مش قدامي.

قلتها بنبرة حانقة وإنا اصفعه على رقبته من الخلف بقوة عندما وصلت لهم، فضحكت شهد بخفة ثم مدت يدها له بالصندوق أخذه منها وفتحها بلهفة خطفته جعلته ينسى أن يرد لي الصفعة كعادتنا، أخرج منها عُلبة أوراق لعب سوداء اللون مرسوم على غلافها "حورس" باللون الذهبي والذي هو لقب فارس.

أخرج فارس الأوراق فظهرت نفس النقشة من الخلف والأرقام من الداخل باللون الذهبي لكن المختلف إن ورقة الملكة ظهر بها شخصية "إزيس"  الفرعونية والملك شخصية "أوزوريس" والد حورس، وحورس ظهر مكان ورقة الولد (J).

- تحفة، دي احلى كوتشينة مسكتها.

قالها فارس بنبرة عالية من الحماس وهو يخلط الأوراق بطريقة سحرية سريعة ومبدعة، فابتسمت شهد بسمة صغيرة هادئة وحزينة ونظرة توحي إليَّ إن بحر عيونها هائج بأمواج عالية يتعرض لعاصفة مدمرة، بعدما عادت للعبوس فجأة وكأنها تذكرت للتو إنها حزينة، ثم مدت يدها لي بالهدية الخاصة بي.

ما الذي حدث معكِ صغيرتي؟

اخرجت من الصندوق دفتر ثقيل مصنوع من أوراق قديمة صفراء وكأنه دفتر من ورق الباردي، ريشة سوداء ناعمة، زجاجة من الحبر الأسود؛ أحببتها للغاية.

- هيه صغيرتي، أنا هناك من أجلكِ، من أجل أن استمع إليكِ .. اخبريني ماذا حدث معكِ، أعدك أنني سأتفهم مشاعرك واقف بجانبك على الرغم من كل شيء .. لكن حبًا بالله لا تتركيني هكذا احترق.

قلتها بنبرة هادئة راجية وأنا أنظر لها باحتراق حتى تخرج ما بجبعتها، لقد طفح كيلي!

أشعر أن هناك سيف في منتصف قلبي.
مقيد، لا أستطيع فعل شيء.

اشعر وكأنني أريد تجميع جميع السعادة في العالم وضربها بها دفعة واحدة، لقد عشت طوال حياتي أحاول إسعادها!

وكيف لا؟!

إنها صغيرتي المدللة، التي منذ رأيتها أول مرة بين ذراعيَّ أمها قبل حتى أن أضع قبلتي فوق جبهتها أخذت قرار بحمايتها من شرور العالم.

لقد كانت جميلة للغاية، داخل ملابسها البيضاء على شكل أرنب وتجعل خصلاتها النارية أكثر احتراقًا واشعاعًا، نظرت لي بعيونها الزرقاء التي تشبه خاصة أمها ثم ابتسمت لي بسمة واسعة وهي تحرك كف يدها بلعب مع خروج أصوات طفولية من فمها.

هذه كانت أول مرة في حياتي أُسحر، ولم تكن الأخيرة.

تجمعت الدموع في عيون شهد التي تنظر لي بشفاة مذمومة ثم فتحتها وكأنها على وشك قول شيء ما ثم ذمتها من جديد .. اللعنة، اخبريني.

- أنا كويسة يا ليو .. هو بس مش حاسة إني عايزة أعمل حاجة.

قالتها أخيرًا بنبرة خافتة وهي تنظر أرضًا أثناء لمسها لقرط أذنها، إنها تكذب.

- أنا موجود دايمًا علشان اسمعك أي وقت .. كلنا موجودين.

قلتها بعدما تنهدت بعمق وأنا أحاول مجابة أسهم الأفكار المحترقة التي تضرب رأسي وتدميها.

- تعالي اركبي جانبي طيب علشان ندوس على كرامتهم مع بعض.

قالها فارس بنبرة حاول أن يجعلها مرحة وحماسية وهو يشير برأسه ناحية سيارة عمي هارون السوداء، فجحضت عيناي بشدة وأنا أجول بيدي على موضع جيوبي حيث وضعت المفتاح.

- يا لوبي .. يا لوبي .. يا لوبي لوبي لوبي .. يا لوبي .. يا لوبي .. يا لوبي.

قالها نيلان بغناء وهو يرقص رقصة بلهاء أثناء تحرك جسده مثل البطاريق يمنى ويسرى في طريقة مباشرة ليخبرني إنني أبله، حيث هذه الجملة من مسلسل رسوم متحركة اسمه "جيمي نيوترون" بطله طفل شديد الذكاء وفي إحدى الحلقات قرر أن يجعل حاله غبيًا عن طريق جهاز صنعه خصيصًا لهذا وعندما صار أبله ظل يغني هذه الأغنية طوال الحلقة.

لم يكن عليَّ أخذ المفتاح منه إلا وأنا مُتجه ناحية السيارة.

- تبًا لك، للجحيم إنت ولنساء العائلة.

قلتها بنبرة حانقة وأنا أرفع شفتي بتشنج بعدما أخرجت صوت بصقة من فمي له ثم أخرجت هاتفي من جيبي بعدما أصدر صوت وصول رسالة فوجدتها من يعقوب الذي بعث لي صورته وكتب أسفلها.

" بروزها إنت علشان نسيت، كل سنة وإنتِ طيبة يا قطة"

تبًا له، تبًا للجميع.
آه، يا إلهي!
من بين جميع الرجال احصل على هؤلاء!
آه، لما هذا العالم ظالم هكذا؟
لو كنت وُلِدت بقطيع من الفيلة كنت سأكون أكثر سعادة.

- يا بنات اللي قلبها جامد تختار واحد تركب جنبه، بس بلاش خوفو ولا ليونار علشان ربنا يسترها.

قالتها شهد بنبرة حماسية ضاحكة لصديقاتها فتحركت بعض الفتيات تجاه أخوتي بعدما أضاءة عينهن بشغف، فهن الآن سوف يشاركن في السباق وليس البقاء للمشاهدة فحسب ثم تحركت بعد ذلك شهد لتصعد في سيارة فارس.

- هيّا قاسية الفؤاد.

قلتها إلي ماليكا وأنا أشير لها برأسي لتلحق بي عندما قرأت التردد في مقلتيها عندما نظرت تجاه السيارات بعدما برقت عيناها بولع شديد يدل على رغبتها الملحة في تجربة الأمر.

- لا أنا هتفرج.

قالتها ببساطة وهي تبتسم ابتسامتها البغيضة التي تشبه خاصة الموناليزا، لإنها تظن إن لو ضحكت سوف ينهار العالم أثناء تحريك كتفيها للأعلى وكأن الأمر لا يثير رغبتها.

"هيه لا تكوني مثل أمي وتدعي الثقل، إنت تحترقين لتجربي ذلك"

هذا ما كنت أريد الصراخ به في وجهها لكنها عنيدة لذا قلت.

- حسنًا كما تريدين، سوف يفوتكِ كثير من المتعة.

- هي عربيتك السوداء؟

قالتها ماليكا بتساؤل من خلف ظهري بعدما استدرت لأتجه إلى سيارتي، فضحكت ضحكة مجلجلة من داخلي بالطبع وبسمة واسعة خارجية ثم التفت لها برقبتي وأشرت ناحية السيارة البيضاء برأسي فتحركت تجاهها بكبرياء وهي ترفع رأسها للأعلى كزرافة لتتصنع الثقل واللامبالاة عندما شعرت إنها تسرعت في الرفض.

وقفنا في الصف بالسيارات ووقف أخي خوفو جانبي ونظر لي بابتسامة واثقة وهو يرقص بالسيارة للأمام والخلف عن طريق ضغط دواسة البنزين والمكابح بتوازن مع صدوح صوت المحركات والفرقعة من جميع السيارات كفرقة موسيقية تحي حفل في الأوبرا.

وفي الناحية الأخرى يعقوب الذي يحرك لي حاجبيه بتناغم على شكل موجة راقصة وتركب جانبة غزل التي تحرك جانب يدها على رقبتها وكأنها سكين.

وخلفي سيارة باسل التي تركب جانبه جميلة تغني شيء ما بسعادة وكأنها لم تكسر قلبه منذ ساعات، إنها تتلاعب به كدميتها المفضلة!

اللعنة. إنها أسوأ من غزل!

- إنطلاق يا أوغــاد.

صرخ بها نيلان بصوت عالي فدهست على مكبح البنزين لأتحرك بسرعة خلف خوفو الذي القى قبلة لي في الهواء قبل أن يطير ويلحق به الباقين فدوى صوت المحركات عاليًا مع صوت السحق الناتج عن الإطارات فوق الحصى.

- يا أوغاد يا ولاد الثران.

قلتها من بين أسناني بانفعال وأنا أسُب داخلي أخي بكر وأخي تركي اللذان يجريان جانب بعضهم ويمنعوني من المرور بعد اتفاقهم عليَّ.

- بعت أخوك بكام يا عـشـري، بعت أخوك بكـام؟

صرخت بها وأنا أتخطى بكر عندما دلفنا لطريق أوسع مما أعطاني مساحة للإنفلات من بين أيديهم القذرة؛ سوف أنتقم منهما.

ازدادت سرعة السيارة عندما ضغط على دواسة البنزين أكثر مع رفع زر أمامي، فانطلقت صرخة خافتة من فم ماليكا وهي تنظر لي بعيون متوسعة.

_ ما تغني حاجة حماسية علشان تشجعني.

- قصدك علشان نموت متمزجين.

قالتها بنبرتها الساخرة تعقيبًا على حديثي السابق أثناء تخطي هاديس الذي هو في المركز الرابع ثم تخطيت يعقوب الذي تلاعب بالسيارة لليمين واليسار ليمنعني من المرور أمام، وبعد ذلك سبقت فارس حتى صرت الثاني تزمنًا مع بدأ ماليكا في غناء قصيدة قديمة للشاعر محمد إبراهيم في أول دوان صدر له.

❞ جناح الدنيا شالك فـوق.
ورزعك تحت .. بكيت وفرحت.
بكيت في ارتحت.. آه
وطعمك طعم أول بنت، تقابلها .
فـ أول يوم فـ إعدادي ❝

أنا وخوفو الآن نجري جانب بعضنا في توازي مُرهب لأعصابي حتى سبقته بغتة أطلقت ضحكة عالية منتصرة قبل أن ابتلعها عندما أسرع من جانبي فجأة ولف سيارته حول خاصتي بحيث مر من أمامي بمقدمة السيارة حتى صارت السيارتين على وشك تقبيل بعضهم البعض قبل أن يكمل لفته ويستدير من جديد بسرعة خارقة ويجري للأمام تحت نظراتي المتجمدة.

آه، اللعنة، تبًا لك أيها المتفاخر المغرور!
آه، قلبي يؤلمني.
احتاج لشهر كامل من التدريب حتى أتقن هذه الحركة.
يا إلهي!

❞ وقلبك لسه لون صفحة
فـ كشكول سلك لسة جديد.
مكنش ساعتها فيك لمعة .
وشكلك منتهى العادي .
فضلت تحبها لوحدك .
وأبعد مـ البعيد بـ بعيد ❝

غنتها ماليكا من جديد بعدما استعادت رابطة جأشها من ما حدث إمام عيونها وكأنها تعصر ليمونة فوق جرح نازف.
من بين جميع القصائد لم تختاري سوي هذه؟!
لقد مر أمام عيوني شريط حياتي بالكامل عندما كنت صغير، نظيف، ومرح..لم يكن يشغلني شيء سوى كيف ساجعل غزل تحبني؟

_ على الرغم مما فعلتيه بي بهذا الاختيار اللعين، لكن يا امرأة إنت تمتلكين صوتًا تقف اللغة عاجزة عن وصف مقدار سحره.

قلتها بنبرة هادئة صادقة بعدما أصبحت من جديد جانب خوفو قبل مئة متر من خط النهاية.

تقدم عليَّ .. خمسين متر.
عدت من جديد، سبقته .. ثلاثين متر.
عدنا متوازيين من جديد.
خط النهاية أمامي
يقف نيلان يحمل علم أسود جانب الطريق.
يلوح به بسرعة.
خوفو يسبقني بمقدمة سيارته بمقدار عشرين سنتمتر تقريبًا.
مسافة تكاد لا تذكر لكنها سوف تجعله يفوز.
اصبحت مكانه متقدم عليه.
مررت من أمام نيلان الذي وضع صفارته في فمه وأطلق صوت صفير تردد في المكان ليعلن الفائز.

لقد فزت، بل خسرت.
الجانب الجيد: لن يتم الحكم عليَّ.
الجانب السيئ: لن أربح على خوفو في حياتي تقريبًا.

نعم، لقد تركني أخي خوفو أربح عليه لإنه عيد مولدي، أعلم ذلك يقينًا، إنه بارع، لم يسبق إن خسر سباق من قبل فهو اكتسب هذه الهواية من عمي هارون الذي قضى سنوات عمره في مضمار السباق.

❞ تاكسي اللي جاي من الحمام
عليه خميسة من قدام.

تاكسي اللي جاي من الحمام
عليه خميسة من قدام. ❝

غناها خوفو الذي يقف فوق المسرح الذي تم نصبه خصيصًا لهذا الحكم، وهو يرتدي جلباب باللون الرمادي ويلف رأسه بوشاح أبيض اللون ويرفع يده اليمنى للأعلى ويرقص بخصره، مع ترديد باقي أخوتي خلفه.

تبًا لجميع الأوغاد، لو كان أنا لربطوا حزام ذو أجراس حول خصري لكنهم يتجانبوا القتل على يديه بعدما ينفذ الحكم.

نظرت تجاه ريحان التي تقف رفقة الفتيات لإنها قدمِت من أجل المبيت رفقتهن بسبب فضولي لمعرفة رد فعلها، رأيتها ترفع جانب خمارها على فمها لتخفي ضحكاتها.

أعلم إنها معجبة به لقد لاحظت يوم عيد مولد شهد لقد نظرت له لبرهة ثم تمتمت "استغفر الله العظيم" لقد قرأتها على شفتيها، لأنني استطيع ذلك.

لماذا سوف تستغفر فتاة متدينة عندما تنظر إلى شاب لا يعجبها؟
ولماذا سوف تنظر له بالأساس إنها لا ترفع نظرها على رجل؟

- قابلت إمبارح أنس الجندي.

قلتها إلى عبدالرحمن الذي وقف جانبي ينظر لما يحدث أمامه بابتسامة، حرك رأسه لي بانتباه فأخبرته بما حدث بيننا وكذلك بشأن الرجل الذي يقبع بالقبو.

______________ ︻╦デ╤━╼
7:00 AM

دلفت للغرفة السرية أسفل مبنى المامبا بخطوات تصدح بصوت عالٍ أثناء تهشيم الحصى أسفل حذائي الرياضي بسبب السكون المسيطر على المكان، توقفت أمام الرجل الذي يجلس متكتف فوق مقعد حيث توضع حلقة معدنية حول رقبته وأربعة أخرى في ذراعيه وقدميه بمظهر غير مرتب حيث يرتدي منامة حريرية سوداء اللون يتوهج ويعكس ضوء الصباح الوحيد بالغرفة ذو الإضاءة الصفراء الذي يتعلق فوقه.

وفي الخلف تقف جميلة ترتدي فستان أسود اللون وتضع قناع على وجهها يخفي ملامحها، ونيلان الذي يرتدي ملابس المحارب السوداء الخاصة بالمامبا ويجول الغرفة ذهابًا وإيابًا كليث ذائر داخل قفص.

- إنت مين؟

قالها الرجل بنبرة عالية متسائلة وهو يتحرك بجسده للأمام والخلف في حركات عشوائية ومحاولة بائسة في حل قيوده مما أدي لصدوح صوت رنين وقعقعة اصطدام الحلقات المعدنية بعضها البعض.

_ اعـتـرف.

صرخت بها جميلة بصوت عالٍ تردد في المكان الفارغ بصدى متكرر وهي تصفعه على رقبته من الخلف بعنف أدت لترنح جسده وصدوح تأوه من فمها لأنها ضربت يدها في الحديد مع قفزها للأعلى كالقرود من الألم.

_ اعـتــرف.

صرخت بها جميلة من جديد بعدما انتهت من رقصة الشامبانزي التي كانت تؤديها وهي تصفعه على وجنته بقوة بعدما قررت عدم الاستسلام بعد ما حدث؛ فنظر لها الرجل بفك ساقط نظرة توحي بأنه يرى حيوان منقرض عاد للتو من الموت.

- أصل كان نفسي أجربها اوي.

قالتها ببساطة بعدما ارتسمت ابتسامة واسعة بلهاء لمهرج على وجهها عندما مررت نظرها بيني وبين نيلان حيث كنا ننظر لها بثغر مفتوح وكأننا نرى الغباء متجسدًا في هيئة أنثى بسبب السؤال الذي حلّق فوق رأسنا؛ عن ماذا يعترف؟

- اسمي أنوبيس .. وإنت هنا في محاكمة عن جرائمك البشعة التي اقترفتها.

_ أنوبيس مين؟ وجرائم إيه؟ وإنت بتتكلم كده ليه أصلًا؟

قالها الرجل بنبرة منفعلة وهو ينظر لي بعينين متوسعتين خائفتين من ما يحدث حوله، فرفعت يدي حتى أعيد خصلاتي للوراء في حركة تلقائية أفعلها فقابلني قناع أنوبيس على شكل ابن آوي الذي ارتديه فعدلته قبل أن أقول بصوت جدي بلغة عربية فصحى قررت استخدامها لأزيد من الرعب الخام الذي يشعر به بالفعل:

- إنت متهم بالإعتداء والتحرش بالأطفال في مدرستك اللعينة .. لذا سوف تدفع ثمن جرائمك.

بسطت كف يدي جانبي عقب انتهائي من الجملة، فوضع نيلان ساطور فوق يدي بهدوء بعدما تقدمت ناحيته فتحجرت عينه وهو ينظر لي برعب ويحرك رأسه بالرفض بجنون بعدما حُبس صوته داخل حنجرته من فرط الخوف.

سيف غزوز: مدير مدرسة عالمية شهيرة تتبع أسس التعليم البريطاني، في الخمسين من عمره، متزوج ولديه أطفال! نعم، ويقوم بالاعتداء على الأطفال بمدرسته.

اخبرني أنس الجندي بكل هذه الأشياء أمس عندما قرر تجنيدي للدفاع عن الشر، كنت سوف أدخل بنوبة ضحك لأنني بالأساس أصنف من الأشرار، لكن عندما علمت بشأن الأطفال غيرت رأيي.

من الواضح إن هذه لن تكون الأخيرة لي، يبدوا إنها بداية صداقتنا؛ ربما يسامحني كريم.

- كان في واحد نجار حب يصلح باب الدار، إيه لونه؟

قلتها بنبرة غنائية بعدما اقتربت منه وأنا أمرر إصبعي بين كفيّ يده الاثنين لأختار بينهم ثم نظرت له بتساؤل ليجيب.

_ إيـه لـونــه؟

قلتها بنبرة صارخة وأنا اصفعه بقوة على وجنته، فترنح وجهه للجانب بعنف والعودة من جديد مما أدى لنزول خيط من الدماء من فتحة أنفه، وصرخ بعدة سِبّاب لي، أمسكت فكه بين أصابعي وضغطت عليه بعنف فأصدر صوت تأوه خافت وهو ينظر لي بعيون متحجرة.

قلت بابتسامة واسعة مختلة تشبه خاصة المهرجين القاتلين في عيونه:

- إيه لونه؟

_ أس .. أسود.

قالها بصعوبة بسبب شدة ضغط أصابعي حول فكه، فحركت رأسي وابتعدت عنه ثم عدت للدندنة وأنا أمرر إصبعي بين كفيه من جديد:

- كام مسمار يلزموا لتصليح هذا الدار يا نجار؟

_ ح.. حداشر.

قالها بنبرة مرتعشة فبدأت العد حتى رقم إحدى عشر الذي توقف عند كف يده اليمنى ثم قلت:

- اليوم هو عيد مولدي، لذا سوف آخذ أصابعك الخمسة لأضعهم بالكعكة، لكن هذا فقط اليوم، من بداية غد سوف أقوم ببتر جزء منك كل يوم على حِدى، لا داعي للقلق.

حمل نيلان طاولة خشبية ثقيلة دائرية ذات ثلاثة رجول تستخدم في محلات الجزارة ويطلق عليها اسم (أورمة) ووضعها جانبه ثم فك قيود يده اليمنى وثبتها فوق الطاولة بسلاسة على الرغم من مقاومة الرجل وصرخاته التي تصدح.

- الأطفال يجب أن تحيا سعداء.

قلتها بنبرة غليظة وأنا أنظر له بثبات ثم رفعت يدي التي تحمل الساطور وهويت بها فوق أصابعه التي أنفصلت على الفور وتفجرت منها الدماء كبركان ثائر أغرقت الطاولة من أسفلها عقب صدوح صوت تهشم العظام والطرق الذي تردد صداه في الغرفة الفارغة.

اقتربت جميلة منه بعد ذلك وحقنت سائل في أوردته لتبدأ في تقطيب جرحه حتى لا يموت، كما اتفقت معها في نفس الوقت الذي مسحت الدماء المتناثرة فوق قناع أنوبيس الذي ارتديه

هذه فقط البداية، سوف أقتلع جميع أطرافه وأتركه يعيش هكذا، يموت كل يوم.
لن أقتله.
لا يعلم الكثير إن الموت رحمة.
لم يكن يجب عليه أن يطفأ الضوء في عيون الاطفال للأبد.
لن يحدث إن يصبحوا بخير، سوف يظل كابوس لعين يطاردهم.
لا يجب تحويل طفولتهم اللطيفة لوحش يركض خلفهم في أحلامهم.
يجب أن ان تسعد الاطفال طول فترة طفولتهم.
لا نعلم ما الذي سوف يحدث لهم عندما يكبرون.
فحياة الكبار قاسية.

يتبع..

★ متنسوش التصويت (vote) 
________________________

_ لا تنسوا الدعاء لأخوتنا بغزة في جميع صلواتكم، رفع الله عنهم ونصرهم.
للتذكير: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، نِعمَ الزادُ هذا يا رب.
لو حد حابب يشوف مشاهد معينة أكثر يكتبلي.
_ خرجوا المحقق كونان اللي جواكم.
هل اللي بيخطف البنات شخصية ظهرت ولا لسه؟
لو ظهرت مين؟
مين أقوى حد في المملكة؟
هتعرفوا الإجابة على السؤالين الفصل الجاي بأذن الله.

بتحبوا فصول سرد ماليكا أكثر ولا أنوبيس؟
رأيكم في الفصل؟
مين شخصيتم المفضلة لحد دلوقتي؟
توقعاتكم الأحداث؟
اتفاعلوا معايا على الفصل علشان ودي حاجة بتبسطني🤍
شكرًا لكل البنات القمرات اللي بتعمل فوت وبتتفاعل معايا 🤍 🫂

إلى اللقاء: رزقكم الله بكل ما تتوق به قلوبكم جميعًا.


Continue Reading

You'll Also Like

5.2K 555 21
ჯონგუკს მშობლების გარდაცვალება დიდ, მოუშუშებელ ჭრილობას უტოვებს. ამას მისი ძმის უეცარი თვითმკვლელობაც მოჰყვება და როცა ჰგონია რომ უარესი ვეღარაფერი მ...
98.1K 2.7K 25
Seventh year dawns, and the Horcruxes remain as elusive as ever. Harry takes up the hunt, and as his friendship with Hermione blossoms into something...
156K 2.7K 36
"But I can't seem to settle down, cause' I'm waiting on you to come around" Callie Stevens. She's a Northsider. Sweet pea. He's a s...
264K 10.6K 25
"မောင် မဆိုးစမ်းနဲ့ကွယ်" "ကျုပ်ကိုမချုပ်ခြယ်နဲ့"