أنوبيس

By HabibaMahmoud25

99.4K 5.1K 4.6K

مرحبًا بكم في المملكة لا لا، يجب أن أحذرك أولًا من يدخل المملكة لا يخرج حيًا. يمكنك المغادرة الآن.. سأترك لك... More

تنويه
قوانين التنظيم (المملكة)
الشخصيات
الفصل الأول: المامبا الحامي لي
الفصل الثاني: نساء عائلة المُهيري.
الفصل الثالث: لماذا مُراد؟
الفصل الرابع: إلى اللقاء أمي.
الفصل الخامس: قصر الأشباح.
الفصل السادس: ثم لم يبقى أحد.
الفصل السابع: لا تترُكيني.
وشم المامبا +إعتذار
الفصل التاسع: يوم رفقة الأوغاد.
الفصل العاشر: انا الخاطف.
الفصل الحادي عشر: النجمة المسلوبة.
الفصل الثاني عشر: لتمتزج صرختنا معًا.
مسابقة 🔥
الفصل الثالث عشر: طبيب الطاعون.
الفصل الرابع عشر: رقصة أخيرة
الفصل الخامس عشر: فتيل القنبلة
الفصل السادس عشر: وتر أكيليس.
السابع عشر: رقصة الألم.
الفصل الثامن عشر: الغجرية الساحرة.
الفصل التاسع عشر: لنتزوج ماليكا!
الفصل العشرون: وحوشي وقعت لكِ.
الفصل الواحد والعشرون: خطوبة أم معركة حربية؟
الفصل الثاني العشرون: أنا الجحيم.
الفصل الثالث والعشرون: أحتضر ماليكا.
الفصل الرابع والعشرون: ليو الصغير.
الفصل الخامس والعشرون: بُتر قلبي.
الفصل السادس والعشرون: خنجر بروتس.
الفصل السابع والعشرون: مُروضة أنوبيس!
الفصل الثامن والعشرون: مرحبًا بالغجرية.
الفصل التاسع والعشرون: الموت أم.. الموت؟
إعتذار
الفصل الثلاثون: الذئب الذي أكل يُوسف.
الواحد والثلاثون: لن تكسريني، أليس كذلك؟
الثاني والثلاثون: نعم، أحبك.

الفصل الثامن: وضع الغيرة

1.6K 127 206
By HabibaMahmoud25

مرحبًا بالجميع.
أرجو التفاعل من الجميع على الفصل بالتعليق والتصويت، لأن هذا الشيء يشجعني.
أخبروني رأيكم في الأغنية والشعر فقد كتبتهم خصيصًا لهذا الفصل.

_______________

قُل للمليحة ذَات الرِداء الأحمرِ
مَاذا فعلتِ بقلبي المتمردِ؟
قَد كان يَزهدُ الحُب والنِساء
والآن يُحبكِ حُبًا سَرمَدي
فَرِفقًا بِقلبي حِينَ ياتيكِ
لا تَرفُضيه وتَترُكيه مُتَأَوُّه

_ ليونار سالم المُهيري.

_______________ ︻╦デ╤━╼
𝕒𝕟𝕦𝕓𝕚𝕤
أنـوبـيـس

قبل أسبوع من حادث الخطف.

مرحبًا بكم في المملكة.
تبًا، لقد رحبت بكم بالفعل من قبل.
حسنًا، مرحبًا بكم من جديد.
هل اشتقتم لي؟
لا يهم.
هل احببتوني؟
أيضًا لا يهم.

نظرت إلى الساعة التي يصل إليَّ صوت دقات عقاربها الهافتة حيث تلتف حول معصم يدي اليمنى وكأنني لم أنظر لها منذ عشرة ثواني، لقد مرت نصف ساعة وأنا أقف هنا بشرفة شهد؛ بمفردي.

نظرت للوريد بموضع رسخ يدي الذي ينفر بإهتزاز قوي ليخبرني بسرعة نبضات قلبي في هذه اللحظة؛ يجب أن أتخذ القرار قبل أن يراني عمي هارون وإلا سوف أصبح غداء الأسود.

سمعت طرق مكتوم داخل أذني المسدودة فعلمت إنه اشتدت حدة ضربات قلبي عند ذكر عمي هارون، اللعنة.

زفرت مطولًا في محاولة فاشلة لبث الشجاعة داخلي ووضعت أصابعي في المكان المخصص لفتح الباب الزجاجي الخاص بالشرفة، نعم، سوف أفعلها، حركت يدي التي تقبض على مقبض الباب، أفتح جزء منه بسلاسة كدهن معلقة من الجبنة السائلة فوق قطعة خبز قبل أن أغلقه من جديد.

اللعنة، هذه المرة الخامسة التي أفعل بها هذا الشيء.
يا إلهي، ماذا أفعل؟
ماذا إذا كانت ترتدي شيء لا يجب عليَّ رؤيته به؟
أكاد أقسم إن عمي هارون سوف يقتلني إذا فعلتها.

حسنًا هذه المرة الأخيرة، لن أنظر، سوف أدخل وأسرق الهاتف وأعود أدراجي من جديد، أنا هنا من أجل معرفة سبب حزنها.

أمسكت الباب من جديد، فكرت في تحريكه داخل عقلي مرارًا وتكرارًا لكن الفكرة لم تُبعث ليدي وظلت جامدة لم تتحرك قيد أُنملة، اللعنة.

قفزت إلى شرفة الغرفة التي بجانب غرفة شهد لكي أعود أدراجي من جديد، لن أدلف للغرفة ولو بقيت اليوم بأكمله، حتى إن لم أرى شيء، وأن كانت هذه صغيرتي المدللة لن أكسر ثقة عمي هارون بي.

إنه يغار، بل يشتعل كجمرة لهب على إناثه، سوف يغضب إذا فعلت ذلك، وأنا لا أحب أن أجعله يحزن، أفضل الموت على ذلك .. أحب جميع أبائي وأحترمهم.

سوف أستغل تميم وأجعله يسرق الهاتف، أنا أب سيئ على كل حال، لكن يجب أن أعلم لماذا هي غاضبة، ربما أخبرت إحدى صديقاتها شيء.

يجب أن أعلم ما حدث، الأفكار تضرب رأسي كأنها قفازات ملاكم يتدرب على كيس ملاكمة ليفرغ به غضبه، لماذا هي حزينة؟

لا أعلم ماذا حدث لها، هي فجأة تغيرت، لا تخرج من غرفتها إلا قليلًا، لا تبعث لي رسائل كالتي كانت تُمطرني بها، يا إلهي!

كانت تبعث لي في حدود المئة رسالة كل يوم وأنا فقط بالعمل، والآن حتى صباح الخير لم تعد تُرسلها!

اللعنة، لقد اعتذرت لها عدة مرات وأنا لا أعلم ماذا فعلت؟!

حسنًا، في الواقع هي كانت غاضبة مني لأنني خرجت معها رفقة أصدقائها، فقد كان هناك كائن رخو يكتب لها العديد من التعليقات على جميع منشوراتها ويتحدث معها عبر رسائل التطبيق الذي يطلق عليه "واتس أب" ليناقش معها روايتها وكأننا مجموعة من الأغبياء لنصدق ذلك.

علمت إنه أخ صديقاتها وهو ذاهب للتسكع مهم لذا ذهبت معهم وغضبت مني لذلك، وأنا لم أفعل شيء.

هل تصدقوا هذا؟

لقد اتهمتني ظلمًا أنني كسرت يده وأنا أصافحه، أنا!
ظللت أنظر له نظرات مخيفة، أنا!
كان الجميع يضحك على مزحاته عدا أنا، اللعنة هو ثقيل الظل ماذا أفعل؟
كنت ابتسم له ابتسامة قاتل متسلسل، أنا!
لقد ربّت على كتفه وأنا أنظر له نظرة ثاقبة بتهديد، أنا!

هل تصدقوا ذلك؟
اللعنة، كم هي ظالمة!
لا أعلم لماذا أتعرض لهذا الظلم؟
لقد كنت لطيف للغاية.

ماذا ألا تصدقونني؟
هل أقسم لكم بأخلاقي؟

هي لم تكتفي بقذف الأتهمات الباطلة في وجهي عندما خرجنا من المقهى وأتجهنا لمرآب السيارة بل صرخت في وجهي بقول:

- أنا بكرهكوا كلكوا، أنتوا بتخوفوا الناس مني، متخرجش معايا تاني ومتتكلمش معايا تاني، رَوّح بأوبر بقى.

قالتها وهي تسحب مفتاح السيارة ثم صعدت في مقعد السائق وأغلقت الباب بعنف مثل معظم النساء، وتركتني في الشارع، و الشمطاء لم تكتفي بذلك، عندما عدت وجدت جميع زجاج السيارة مُهشم.

ماذا فعلت لها حبيبتي؟

وفي اليوم التالي بعثت لي رسالة وأنا بالعمل تطلب مني شراء "سوشي" لها وأنا عائد وعندما صرت بالمطعم وطلبت النوع الذي تطلبه في العادة بعثت لها.

" عايزة حاجة تاني غير السوشي، أو أنواع تاني غير اللي بتاكليها؟"

" غيرت رأيي، عايزة بيتزا من مطعم هبعتلك اللوكيشن بتاعه"

عقبت رسالتها بموقع المطعم الذي يقبع بالمريخ، فابتعت لها الـ "سوشي" لأنني أعلم إنها سوف تجعلني أعود من جديد لأنها قامت بتفعيل وضع الشمطاء المنتقمة عما فعلته وبعد ذلك ذهبت للكوكب التالي لإحضار البيتزا.

- إيه ده دي بردت كده الجبنة مش هتمط.

قالتها شهد بنبرة متذمرة عندما عدت من السفر بعدما صعدت لغرفتها بابتسامة واسعة مصطنعة للتعبير عن سعادتي في لعب دور الخادم المخلص لها حتى لا يقوم عمي هارون بتعليقي رأسًا على عقب.

- اسخنها في الميكرويف ولا تروحي تاكليها في المطعم؟

هذا ما تفوه به لساني لكن ما كان داخل عقلي هو.

- اللعنة أيتها الشمطــاء، المطعم في المريخ! كيف لها أن لا تبرد؟! للجحيم إنت ولنساء العائلة.

لكنني لم أنطق ذلك فأنا ألعب دور اللطيف وأرسم أفضل وجه قط أُجيد رسمه على وجهي حتى تسامحني على ما فعلته أمس، فهي مازالت غاضبة مني.

- لا نسخنها وخلاص حرام، بعدين نبقى نروح نجيب موتشي من محل قريب من هناك نسيت أقولك تجيبه.

قالتها بأكثر نبرة بريئة لديها وهي تبتسم بهدوء وترمش بأهدابها التي تظهر للجميع وكأنه عيون قط لطيف يلعب بالكرة لكنها عيون نمرة مفترسة تبتسم إلى غزالة قبل أن تنقض عليها، ثم تحركت تجاه المطبخ بعدما حركت رأسها لي لألحق بها.

لقد نَسيَت إخباري برغبتها في ذلك الموتشي، نعم، وليس لتجعلني أسافر مرتين، لكن الجيد في الأمر إنها سامحتني وعادت لتبتسم لي من جديد وتتحدث معي.

ماذا حدث بعد ذلك لكي تتغير فجأة؟
لا أعلم.

دلفت إلى المطبخ الخاص ببيتي فأنا لا أقطن بالقصر، بل بنيت منزل مُنفصل من طابقين في الحديقة لي ولفارس ولنيلان، كانت فكرة نيلان للعودة إلى بيت العائلة من جديد فهو لم يكن ليبتعد عن شهد كثيرًا، فقد كانت تبكي ليعود لها من جديد بعدما أختارني ليكون المامبا الحامي لي فهو بالنسبة لها "باني" أرنبها المفضل، لقد كانت كريمة الأخلاق إنها تركته لي مدة لأنني كنت حزين.

نعم، أخبرتني بذلك وهددتني إن لم أُقيم بالمنزل معهم رفقة "باني" سوف تطلب من أبيها إعادته لها، كانت في الحادية عشر وكان لديها فقط ثلاث رؤوس من الثعابين، الآن نبت لها عشرة.

كنت أقطن مع أمي وقتها في بيت الحاوي بمصر بعدما عدت من إيطاليا لألتحق بالجامعة، لم يكن محبب لي الأمر كذلك كنت أرغب في العودة للعيش مع عائلتي وأخوتي لكنني لم أستطع المكوث في القصر، ولم تكن عائلتي كذلك تستطع ترك هذا القصر لأننا العائلة الحاكمة، وأنا لم أستطع العودة.

لماذا؟

لأن هذا القصر يقبض جسدي وكأنه كف عملاق هائل يعتصر جسدي بين أصابعه الضخمة.

لقد قُتلت بذلك القصر، عندما أدلف بقدمي داخله تنفصل روحي عن جسدي وتصير هائمة بلا مأوى، تصرخ وتتخبط، لا أستطيع البقاء بالداخل أكثر من نصف ساعة، ويقتصر فقط على أماكن معينة كالمطبخ وغرفة الجلوس وكأن روحي تشعر بالأمان فقط هناك.

ارتديت المأزر الخاص بي وربطته من الخلف بعقدة مرخية، أمسكت الطبق الذي تركت به العجين ليختمر منذ ساعات وأخرجت العجين فوق الطاولة، قسمته إلى عدة قطع دائرية، أخذت واحدة وفردتها على شكل دائري، ثم أستللت طبق الصلصة التي حضرتها سابقًا وسكبت مغرفة كبيرة في منتصف العجين وفردته بحركات دائرية على باقي المساحة وتركت حوالي عقلة إصبع ونصف فارغة، ثم نثرت الجبن والريحان، رشة زيت زيتون.

صنعت عدد كبير من أجل باقي أخوتي حتى لا يأكلوني حيًا ثم أخذت خاصة شهد وأتجهت للفرن الحجري المخصص لها وبعد عشرة دقائق أخرجتها.

نظرت للحواف المنفوخة وشبه المحترقة قليلًا برضى قبل أن أقطعها على شكل مثلثات وأركض بها تجاه القصر من جديد قبل أن تبرد، دلفت من باب المطبخ لأتجنب رؤية تمثال المامبا ثم صعدت من السُلّم الآخر.

طرقت الباب طرقتين ثم ثلاثة ثم أربعة في لحن تفعله هي دائمًا عندما تطرق الباب، أو بالأحرى إذا طرقت الباب، فهي تطرقه لأداء اللحن فقط وكأن كوني رجل لا يعني أنه ليس لدي خصوصية.

اللعنة، أنا أيضًا أشعر بالخجل، لكن هذا سر، إذا علم الأوغاد سوف يصنعوا لي مسرح كبير لأصبح بطل حفلة التنمر خاصتهم.

فتحت شهد جزء صغير من الباب وأخرجت رأسها فقط وتوارى باقي جسدها خلف الباب للإشارة بإنها لن تدعني أدلف للغرفة، رسمت بسمة على وجهي خرجت بصعوبة بعد ما حاربت الحزن الذي خيم على قلبي برؤيتها، إنها تبدو كزهرة ذابلة، شعرها مبعثر، يوجد خط أحمر يحف أهدابها من أثر البكاء كذلك أرنبة أنفها.

- عملتلك نابوليتانا بيتزا .. تحبي نخرج وتكليها في الطريق؟

- مش قادرة أخرج معلش، شكرًا.

قالتها بنبرة هادئة ثم أغلقت الباب بعدما مدت يدها وأخذت الحاوية ثم رفعت نظرها لي وتقابلت عيوني بخاصتها الزرقاء التي أصبحت غامقة داكنة كالمنطقة البعيدة للبحر بعدما فقدت بريقها فقد كانت تضوي وتتلألأ كمياه شاطئ تنعكس عليه آشعة الشمس الذهبية في وقت الظهيرة.

تقلبت لغة عيونها من، الغضب، الكره، الحب، العتاب ثم الحزن، ما الذي حدث لصغيرتي؟

آه يا إلهي انقل كامل حزنها لداخل قلبي فحزني يمكنني تحمله لكن هي لا.

هل قالت شكرًا؟
اللعنة، لقد قالتها بالفعل، لا تشكر النساء لدينا فهن يعتبرنه حق مكتسب وكأنني في العصر الحجري وابتاعني لها أبيها كعبد أنفذ رغباتها.

هذا مقلق بالفعل، لماذا تعاتبني؟
الموضوع كبير، هل علمت شيء عن أمها؟

شعرت بارتفاع وتيرة خفقات قلبي عندما ضربت تلك الفكرة رأسي كالعادة، أنا أرتعب عندما أفكر في الأمر، أخاف أن تكرهني، لا يمكنني تحمل كرهها، لكن لا كيف سوف تعرف؟

نفضت الفكرة عن رأسي كالعادة لكن سمعت صوت داخلي يعيد عليَّ ما حدث معها هاديس يوم مولدها، لقد أخبرها إنه يقف أمام شبح أمها!

أخرجت هاتفي من جيب سروالي القطني وهاتفت هاديس، صدح داخل حجرة أذني صوت موسيقى غريبة، شعرت بها سوف تكون مناسبة لتشغيلها في محاولة انتحاري القادمة، فركت جبهتي لأخفف من حدة الصداع الذي ينخر جمجمتي ثم قطع فجأة الصوت عندما أجاب.

- مرحبًا هاديس، أريد معرفة هل تحدثت مع شهد مؤخرًا؟

- لا، لما سوف أتحدث مع ابنه رع؟ فأنا مازلت أرغب في الحياة.

قالها بنبرة ساخرة تحمل المزاح بين طاياتها، فتنهدت بإرتياح غمر قلبي وارتخت أعصابي قليلًا، الصداع خفت الآن لم يتبقى منه سوى وغزة ألم طفيفة فوق جفوني، تشدت كلما أغلقتها.

- هل أنا مدعو لعيد مولدك؟ أنا سوف آتي على كل حال، بالمناسبة أخبرني الصغير (تركي) إن لديكم سباق اليوم، أرغب في المشاركة.

- أنا لا أحتفل بعيد مولدي هاديس وبالنسبة للسباق حسنًا لك ذلك، لكن لا تبكِ حين أهزمك شر هزيمة كما يفعل معك عمي عادتًا فكما يقولون هذا الشبل من ذاك الـ رع.

قلتها بنبرة حاولت أن تكون مرحة بسبب الحزن الذي يجثم عليَّ كمن وضع صخرة فوق صدري قبل أن أغلق المكالمة ثم بحثت عن رقم ماليكا وهاتفتها بعدما تنفست بعمق مطولًا.

لم ترد، عودت الإتصال من جديد.

- الرقم الذي اتصلت به في أجازة، فخلي عندك دم علشان أنا على أخري.

هتفت بها ماليكا بنبرة منفعلة من بين أسنانها فضحكت بخفة على رد فعلها، لا أعلم لماذا؟
لكنني أحب جعلها تشتعل غضبًا، لقد رويت لها أمس - لمدة ساعتين تقريبًا- رحلة كفاحي وصعودي في عالم تجارة الأثار من أول صفقة قمت بها، وأنني احتفظ ببعض المقتنيات لنفسي داخل قبو أسفل المنزل وشرحت لها بالتفصيل أشكالهم.

- واحسرتاه يا قاسية الفؤاد، واحسرتاه، ألم تشتاقي إلي؟

- تصدق بالله، أنا بدعي كل يوم إني مشوفش وشك تاني.

وصل لي صوتها بنبرتها التهكمية التي تحمل السخرية دائما كعادتها، أفترت شفتاي عن ابتسامة عريضة على طريقتها قبل أن أقول بجدية وأنا أعيد خصلات شعري  المبعثر الساقط على جبهتي للخلف:

- نتكلم بجد، شهد تعبانة نفسيًا ومش عايزة تتعامل مع حد، ممكن تيجي إنت وباقي البنات صحابكم تقعدوا معاها شوية.

حل الصمت بعد حديثي لدقيقة فعلمت إنها تفكر، بل تتشاجر مع حالها كما تفعل أحيانًا، أعلم ذلك من خلال لغة جسدها، فهي تفكر الآن في إنها لن تذهب لهذه العائلة القذرة.

- ماشي، هشوف آلاء والباقي على جروب الواتساب، نص ساعة إن شاء الله.

قالتها بهدوء ثم أغلقت، الآن هي تسُب طيبة قلبها على قبول المجئ لبيت المختلين هذا.

دسست الهاتف في جيبي بعدما أرسلت لأخي بكر أن يذهب ويصطحبها من المنزل ثم صعدت للدور التالي بققزات سريعة حيث درجتين في المرة الواحدة حتى وصلت، نظرت للرواق الفارغ أتلمس وجود أحد ثم أتجهت للدرج حتى أتأكد من خلوه كذلك؛ لا أحد.

إتجهت لآخر الرواق بخطوات سريعة حتى توقفت أمام الباب المنشود وطرقت عليه عدة مرات بتوتر؛ فارس ليس هنا، يجب أن أهدأ، لن يعرف.

- أنا أنوبيس.

قلتها بصوت ثقيل بعدما حمحمت بخشونة لتعلم أنني من بالخارج حتى لا تظنني فتاة وتفتح الباب وتتفاجئ بوجودي؛ الرجال لا تصعد هكذا لغرفة النساء دون بعث أحد مساعداتنا في المنزل لتخبرها بذلك، لكن ليس لدي وقت، يجب أن أتحدث معها قبل عودة فارس من الخارج، فهو كعضو من أعضاء جسدي حصلت عليه هدية يوم مولدي.

- ممكن أدخل؟

قلتها بتساؤل عندما فُتح الباب وأطلت جومانا برأسها للخارج، تقّلبت نظرة عينها ما بين الحيرة والقلق والخوف قبل أن تغلق أهدابها المكحلة الكثيفة فوق بؤبؤ عينيها الأخضر الممتزج بلون العسل للموافقة ثم فتحت الباب وعادت بجسدها بتحفز لتترك لي مساحة حتى أعبر.

جلست على الأريكة بمنتصف الجناح الخاص بها فلحقت بي بعدما تركت جزء من الباب مفتوح وجلست على طرف المقعد جانبي بوقار وهي تشد ظهرها وتضم قدمها المضمومة للداخل ناحية اليسار وتريح كفها الذي لم تستطع السيطرة على رعشته فوق قدمها.

جومانا صافي المالكي: امرأة في الثلاثين من عمرها، صارخة الجمال، أرمنية الأصل، إذا وضعت يدي فوق عيون قلبي الذي لا يرى سوى الأنثى التي يخفق لها يمكنني القول إنها ثالث أجمل امرأة رأيتها في حياتي.

بعد حبيبتي وكاميليا زوجة هاديس الثانية وهذا لميلي الشخصي إلى الجمال الشرقي والبشرة القمحية وإلا كنت جعلت جومانا تربح على كاميليا.

- خلينا ندخل في الموضوع علطول علشان واضح إن وجودي غير مرحب به، يوم المواجهة أنا هقدم ليكِ الخنجر بتاعي وإنت هتقبليه علشان أدافع عنك.

- ليه؟

قالتها بتساؤل بنبرة مهتزة ذات لكنة بعدما زاد إرتعاش كفها وهي تنظر لي بخوف، اللعنة يا امرأة.

أنا لم أفعل لها شيء وهي تخاف مني بالفعل، إنها ترتجف رعبًا عندما تراني وكأنني وحش يأكل الأطفال الصغار.
يا ألهي لماذا كل هذا الظلم؟
أنا وحشًا لكنني أحب الأطفال، حسنًا أشعر أحيانًا برغبة بأكلهم لكن لا أفعل ذلك حقاً!
تبًا لها ولجميع نساء العائلة فلتذهبن للجحيم جميعًا.

- فارس مش هيقتل صافي مش علشان ضعيف لا، علشان طيب، وأنا مش هضحي بأخويا، أنا لازم أدخل المواجهة دي مكانه علشان أضمن سلامته.

- يعني كده هتجوزك إنت؟

قالتها بنبرة متهدجة من فرط توترها وكأنها على وشك البكاء وهي تشيح غرتها السوداء القصيرة التي تغطي جبهتها بالكامل عن عينها.

تبًا لكِ، هل أنا بشع لهذه الدرجة؟

- أنا مقدر خوفك، وعارف إنك ممكن ترفضي طبعًا، بس أوعدك أني هعملك بكل احترام طول ما إنت بتراعي جوازك مني طبعًا، كل واحد فينا هيقعد في غرفة مختلفة إنت هنا وأنا في بيتي، جوازنا هيكون على الورق بس، هتبقي براحتك، اعملي كل حاجة نفسك فيها، كل حاجة عايزاها هتيجي لحد عندك .. بس، هكرر تاني، متنسيش أنك زوجة أنوبيس ولازم تحترمي علاقتنا.

قلتها بنبرة هادئة وحاولت أن تكون لطيفة وأنا ابتسم بسمة مطمئنة واسعة، فظهر التخبط على وجهها المصاحب للتفكير العميق، وهي تبعثر نظراتها في أرجاء الغرفة، فنهضت من مقعدي واستطرت بهدوء وأنا ابتسم بسمة خفيفة:

- جومانا عايزك تعرفي أني مش سادي زي صافي، وكل اللي قولته ليكِ هنفده، هسيبك تفكري، وإنت بتفكري متنسيش إني بعمل كده علشان فارس، ومتنسيش اللي هو عمله علشانك.

خرجت من الغرفة بعدما انهيت حديثي وأغلقت الباب خلفي، هاجمتني ضربة قوية من الصداع الذي عاد بكل قوته، وضعت إصبعي فوق الحفرة بين عيني وأنفي فشعرت بنبض الوريد الذي يرتعش أسفله في محاولة مني لتخفيف حدة الألم.

نزلت الدرج من جديد فقابلت نيلان الذي يحمل دمية أرنب عملاقة تصل لصدره من الأرض وهو يتحرك تجاه غرفة شهد بابتسامة واسعة وكأنه أب جلب هدية لطفلته ولا يطيق صبرًا لرؤية رد فعلها:

- فيلي الصغنن شوف جبت إيه.

قالها بحماس وهو يطرق باب غرفة شهد بلحن وكأنه يطرق فوق دف ثم توقف فجأة وتعلقت يده في الهواء عندما فتحت شهد الباب، مدت يدها وأخذت منه الدمية واحتضنتها وعادت من جديد أغلقت الباب، ووقف نيلان ينظر بجمود تجاه الباب والبؤس يسيطر على قسمات وجهه.

في موضع آخر كنت وقعت أرضًا من كثرة الضحك، لكن الآن حزين، فقد كانت وجنتها مبللة بالدموع.

سمعت صوت أقدام تصعد عقبها رائحة عطر عمي هارون الذي سبقه إلي قبل أن يظهر أمامي ويضمني إليه بقوة فهو مسافر منذ يومين للخارج، أغمضت عيني بارتياح، أنا أحتاج لذلك العناق وذلك العطر الذي يرشد السكينة إلى قلبي، لا يوجد شيء ممتن له أكثر من تمسك عمي بهذا العطر.

فصل العناق ثم إتجه لغرفة شهد وطرق الباب بعدما عانق نيلان كذلك تزامنًا مع صعود فارس الذي يحمل حقيبة بها ملابس فروسية بيديه فهو جلب الحصان "برق" من المزرعة لحب شهد الشديد في ركوب الخيل مثلنا جميعًا، لقد روضه فارس من أجلها بعدما ابتعته لها في عيد مولدها.

- كيف لك أن تفعل هذا عماه؟ هل تدخل هذا الطعام الذي صنعه عدوي في بيتي؟ هل أنا طيف؟ لماذا لم تطلب مني صنعها؟

قلتها بنبرة غير مصدقة عندما نظرت لما يحمله عمي قاسم في يديه حيث إنه صعد وهو يحمل باقة زهور وعُابة ورقية بها نوع من الكعك!

كيف له أن يدخل حلوى إلى منزلي وأنا أفضل صانع حلوى في التاريخ؟

- مزاجي.

قالها ببساطة وهو يصفعني على رقبتي من الخلف صدح صوتها عاليًا قبل أن يتجه ويقف أمام غرفة شهد التي لم تفتح الباب بعد، بادر عمي هارون الحديث بقول:

- شهودة حبيبة بابا أنا جبت فيلم الكرتون اللي قولتي عايزة تتفرجي عليه معايا الشهر اللي جاي لما ينزل.

- جبته إزاي ده؟ إنت اقتحمت الشركة؟

قالها فارس بدهشة بعدما توسعت عينه وهو ينظر لعمي هارون الذي أحضر فيلم لم يعرض بعد على الشاشات، فحرك عمي هارون رأسه بالنفي قبل أن يقول بنبرة مازحة.

- كان نفسي، بس أنا توبت إلى الله علشان كده عملت مقايضة، إدتله التمثال وخدت الفيلم.

- تمثال إيه يا عمي؟

قلتها بنبرة مرتعشة عندما ضربت رأسي ذكرى دخولي غرفتي في الصباح حيث شعرت إن شيء خاطئ بالغرفة لكنني لم أعرف ماذا؟

الآن علمت، مكان تمثال أنوبيس الفرعوني كان فارغًا.

- التمثال اللي في أوضتك، أصل أنا بعت ليه صورة التماثيل وقولتله يختار واحد فشبط في تمثال أنوبيس ولما نزلت المخزن لقيتك بعته فخدت بتاعك.

قالها ببساطة وكأنه أعطاه زجاجة المياه الخاصة بي وهو يبتسم باتساع أثناء تعليق أنظاره بالحاسوب الذي بين يديه وكأنه كنز ثمين.

- وإنت باعتله صورة التماثيل كلها ليه هو إحنا قاعدين بفرشة في الموسكي.

قلتها بنبرة ساخرة غير مصدقة لما فعله عمي لكنني لم أحصل على رد سوى تفكير عميق على وجهه لكنه نحاه جانبًا وأشاح بيديه كأن شيء لم يحدث، عندما تتعلق المسألة بشهد لا يفكر بعضلات مخه، هو في الواقع لا يفكر في أغلب الأحيان سوى بعضلات ذراعه.

آه يا إلهي!
لقد كان تمثالي المفضل، لماذا؟

حسنًا، لا بأس، ليس الوقت المناسب للدراما، إن كان هذا سوف يسعد صغيرتي، يمكنني تقديم لها روحي إذا كان هذا سوف يسعدها.

-  قلب القيصر افتحي يلا، وتعالي نخرج date مع بعض وسيبك من هارون.

قالها عمي قاسم وهو يعيد طرق الباب من جديد لكن كل ما قابلنا هو ارتفاع صوت شهقات شهد من الداخل، فقال عمي هارون بلهفة وهو يحاول فتح الباب الذي كان مغلق من الداخل.

- مالك طيب يا حبيبتي، مين زعلك وأنا اقتلهولك، قوليلي إيه اللي مضايقك .. طيب افتحي الباب ومش عايز اعرف حاجة خليني جنبك بس.

أضافها بنبرة مرتعشة من فرط ما يحدث داخله من عواصف قلق داخله بعدما تجمعت الدموع داخل مقلتيه بسبب صوت بكائها العالي فهو لا يتحمل ذلك، إنها أكبر نقطة ضعف لديه.

أنا لا أتحمل ذلك، لا أحد منّا، فهذه شهد، أميرتنا المدللة.

- أنا هنا معاكِ قاعد أهو.

قالها عمي هارون وهو ينزل أرضًا ويسند ظهره على الباب خلفه ثم وضع رأسه بين كفيه وشدد قبضته على خصلات شهره فجاوره عمي قاسم الذي أحاط كتفه بذراعيه، وكذلك فعل نيلان وفارس، جلسوا أرضًا.

- لو موضوع جومانا اللي مضايقك قوليلي وأنا هتصرف، لو عايزة تتجوزي فارس يلا نكتب الكتاب دلوقتي.

- أنا موافق، أقسم بالله أنزل أجيب المأذون.

قالها فارس بسرعة بنبرة سرور بعد حديث عمي هارون السابق الذي خرج بنبرة حزينة وهو ينظر بشرود أمامه أثناء تفكيره في سبب حزنها، ثم أضاف عمي هارون بعدما لم يلتقي ردًا منها:

- خلاص لو بتحبي ليونار أجوزه ليكِ .. أوعي تكوني بتحبي الواد نيلان؟ لو بتحبيه قوليلي وأنا هكتفه ونجوزهولك.

- إيه يا عمي ده هو أي ضيق تنفس وخلاص، نيلان إيه اللي بتحبه؟ ده كان بيشربها اللبن بالبيرونة.

قلتها بنبرة هزلة وأنا أنظر له بدون تصديق على ما قاله، يمكنني تصديق إن شهد يمكن أن تقع في حب أي شخص منّا، لكن ليس نيلان، كيف؟!

لقد قُتلت أمها وهي بعمر عامين فقط، كان الحزن يُسكرنا جميعًا ويخدر أجسادنا من شدة ما حدث وقتها، لهذا لم يكن أحد منا يهتم بها سوى نيلان، فهي كانت تبكي طوال النهار ولم تقدر المربيات على تهدئتها، لكنها كانت تستكين بين ذراعي نيلان، كان يقضي معها طوال اليوم، في اللعب ومشاهدة الرسوم المحركة ثم تنام فوق صدره.

فهو أشبه لأب لها، هو المفضل لديها، أعلم ذلك يقينًا.

- لو متجوزة عرفي وخايفة تقولي متقلقيش مش هزعل .. هو أنا هزعل بس خلاص سامحتك.

- استمر يا عمي، أنا عايزك تكمل في العبث ده يمكن تضحكها.

قلتها بنبرة ساخرة تعقيبًا على حديث عمي هارون وتحرياته الغريبة التي يذهلنا بها جميعًا، لديه موهبة في فك الرموز تستحق الدفن تحت الأنقاض.

تدخل فارس في الحديث يقول بنبرة خافتة ساخرًا هو الآخر منه:

- أو ممكن يكون حد ماسك عليها صور بالبيجامة الزرقاء.

- لو حد ماسك عليكِ صور بالبيجامة الزرقاء قوليلي وأنا هقتلـ

قالها عمي بصوت عالي ليصل لها يردد الكلمات دون وعي بعدما حرك رأسه بالموافقة عليه وتوسعت عينه أثناء حديث فارس وكأنه اكتشف اختراع سحري سوف يحل جميع مشاكله، ثم قطع حديثه ونظر لفارس بعين مستذئب كامل التحول في يوم إكتمال القمر وسحبه فجأة من تلابيبه وهو يقول من بين أسنانه:

- إنت عرفت منين ياه شكل البيجامة الزرقاء؟

- بهزر يا عمي والله، مشوفتش حاجة، يا بابا الحقني.

قالها فارس بنبرة خائفة متوترة وهو يصيح في عمي قاسم ليتحرك لكن كل ما حصل عليه منه نظرة لا مبالية، فترك عمي هارون ملابسه ببطء وهو يضيق عينه في تفكير قبل أن يسحبه من جديد بعنف وهو يقول أثناء تقريب وجهه منه بشدة:

- أنا أعرف منين إنك بتهزر.

- هصلح غلطتي أتجوزها.

قالها فارس ببساطة فتجمد عمي للحظة وكأنه يحاول التفكير في سبب آخر يقتله به وهو يقطب جبينه قبل أن يصفعه على رقبته بعنف ويسبه سبة بذيئة، ثم نهض من فوق الأرض، ووقف بجانبه أمام الباب في وضعيه توحي بأنه سوف يكسر الباب، فعمي هارون يحترم الخصوصية لمدة نصف ساعة فقط.

- كده هتتضايق أكتر، هي لو عايزة كده كانت فتحت.

قالها نيلان بنبرة رزينة هادئة ذات لمحة حزن ليوقف عمي هارون عما يفعله، فزفر عمي هارون حمم بركانية من فمه قبل أن يقبض على خصلات شعره بعنف لشعوره بالعجز وقال بحرقة:

- يعني اسيبها كده؟ تعيط في حضني.

- تعالى نحكيلها حدوتة.

قالها عمي قاسم بعدما ضم عمي هارون في عناق قوي فحرك عمي هارون رأسه بالموفقة وهو يفصل العناق ثم فرك عينه الدامعة وجلس من جديد وبدأ في سرد حكاية من حكاياته فهو معتاد على ذلك، كان يحكي لنا حكاية كل يوم تقريبًا، كنت أنام جانبه معظم الأيام في صغري وكنت طفل ثرثار مشاغب فكان عندما يريد أن يجعلني أنام أخيرًا يضمني إيه ويبدأ في سرد حكاية.

___________________ ︻╦デ╤━╼

توقفت بالسيارة فوق جبل المقطم بمنطقة هادئة فارغة من البشر رفعت يد الفرامل ثم أستللت المفتاح وهبطت من السيارة.

نظرت أمامي حيث تدرجت ألوان السماء من الأحمر، البرتقالي، الأصفر بسبب شمس الغروب التي تغرق خلف البيوت البعيدة أمامي، في لوحة إبداعية فاتنة.

كل شيء يبدو جميل للغاية من بعيد، لكن عندما تقترب يلتف حولك كأخطبوط ويخنقك.

الجو هادئ للغاية والهواء يحرك خصلات شعري بحرية، لكن الهدوء ليس جيدًا معي لأنه يجعل ضجيج أفكاري أعلى وأوضح.

يحول الصوت الخافت لبكاء ليو الصغير داخلي إلى صرخات تزلزل كياني.

"ليو حزين"
أعلم، آسف.

"ليو خائف"
لا شيء يستحق الخوف ليو أنا هنا معك.

"أمي تحبني، لقد أخبرتك"

شعرت بهجمة ألم في أذني اليسرى كما يحدث عادتًا فأغمضت عيني لبرهة في محاولة يائسة للسيطرة والتحمل ثم وضعت كفي الاثنين فوف طبلة أذني قبل أن أسمع أغنية عالية من النوع المنزوع منها الموسيقى تصدح عاليًا أثناء قدومها ناحيتي قبل أن يتوقف جانبي بسرعة وينتشر الغبار حول عجلات السيارة.

هبط من السيارة " أنس الجندي" الذي يرتدي قميص قطني أزرق داكن اللون مطبوع عليه وجه إحدى شخصيات الرسوم المتحركة اليابانية الذي يبتسم باتساع أبله، أسفله قميص قطني آخر أبيض اللون أطول بحوالي عقلة إصبع عن الآخر، بنطال رملي اللون ذو جيوب كثيرة، حذاء رياضي ضخم أبيض اللون.

خطى بطريقة غريبة وكأنه جدي يسحب للمذبح ليتقدم كقربان ثم توقف أمامي واستند على سيارته بظهره ثم أخرج من جيبه إحدى السجائر الألكترونية وسحب منها نفس طويل وهو ينظر لي نظرة ثاقبة قبل أن يختنق أثناء ذلك ويبدأ في السعال بقوة.

- مش إنت مش بتتنيل تدخن.

قلتها بنبرة غير مصدقة وأنا أعطيه زجاجة المياة بعدما انتشلتها من سيارتي بسرعة وهرولت بها له، فهو لا يدخن أعلم ذلك من خلال مقاطعه التي ينشرها، فمد يده بسرعة أخذها وشرب منها عدة مرات حتى هدأ وعدت إلى موضعه السابق من جديد يستند بظهره على السيارة، أخرج هاتفه من جيبه وعبث به لثواني ثم رفع هاتفه أمام عيني وقال بصوت ثقيل مصطنع:

- ليونار المُهيري، رجل أعمال، ٢٩ سنة، بتشتغل في أحد منظمات المافيا وملقب بأنوبيس .. أنا أعرف عنك كل حاجة.

- هو إنت بتتكلم كده ليه؟ وجيبني من بيتي الطريق ده كله هنا علشان الكلمتين دول؟ ما كنت بعتهم على الواتساب.

قلتها بنبرة متهكمة وأنا أضرب كفي ببعضهم البعض بدون تصديق بسبب العبث الذي أرآه من الوغد الذي يقف أمامي.

حك أنس ذقنه بظهر يده وضيق عينه اليمنى قبل أن يقول ببساطة:

- ما كل المسلسلات بتعمل كده، عايز تضيع عليا المشهد؟

رمشت ببلاهة ودون تصديق على ذلك الأبله الذي يقف أمامي، ثم صدح داخلي صوت ضحكة فمن الواضح إنني مغناطيس للأشخاص الذين يشبهونني وأخواتي.

قفز أنس فوق كبوت سيارته وربع قدمه أسفله بعشوائية، صمت لبرهة وهو ينظر أمامه في محاولة تجميع كلماته قبل أن يقول مباشرة:

- منغير لف ودوران ومنغير ما نتكلم في الماضي، علشان الماضي ده كان كله جراح.

قالها بنبرة مازحة وكأن شخصيته العابثة لم تتحمل كل هذه الجدية قبل إن يحمحم ويعود إلى جديته:

- بصراحة أنا مش عارف أنا جايلك ليه؟ بس كل حاجة اتقفلت في وشي وفكرت فيك .. فإن ممكن تساعدني، كريم أخويا حاول يهكر المنظمة بتاعتكوا ومعرفش فأحنا مش عارفين حاجة عنكم، بس عارف كويس إن لو حد منكم وقع الكل بينتقم ليه.

حل الصمت من جديد ففهمت ما يحاول فتح الحديث عنه، أعلم منذ أن رأيت رسالته على هاتفي عندما طلب مني مقابلته أمس ما يريده مني، لا أعلم لماذا أتيت؟

أشعر بالاضطراب بالفعل، فأنا لم أنسى بعد ما حدث قديمًا، مازال الإحساس بالذنب يأكلني من الداخل وكأنه قطيع من النمل وجسدي قطعة سكر، ربما أردت أن أرى كريم، أن يسامحني على ما فعلت، ربما وقتها أبدأ في مسامحة حالي، ربما أتخلص من واحد من الكوابيس التي تطاردني.

- في بنات بتتخطف من شهور يوم ١٤ من كل شهر.

- أنا عارف مين بيخطف البنات يا أنس.

قاطعت حديثه بها قبل أن يسهب في طرح ما أعرفه بالفعل، فأنا أعلم من يخطف الفتيات من قادة مملكتنا منذ أن رأيت المقطع الذي صوره أنس بعد آخر فتاة خُطفت، هذه الفتاة وطريقة خطفها جعلتني أعلم من بقادة مملكتنا هو من يقوم بذلك، فمعظهم مرشح لأداء هذا الدور وبجدارة.

- هتساعدني؟

قالها تساؤل والقلق يتقافز داخل مقلتيه وهو ينظر لي برجاء وهو يحرك بؤبؤ عينه بتحفز ثم أغلق أهدابه الكثيفة وحوّل عينه الحزينة الذابلة للجهة الأخرى، في نفس اللحظة التي اختفت فيها الشمس تمامًا وكأنه توحي له بابتلاع بريق الأمل الذي شعر به معها، عندما فكر في أنني لن أساعده.

- أنا كده كده كنت هتصرف، متقلقش.

قلتها بنبرة هادئة وأنا أفتح باب سيارتي لأصعد إليها قبل أن أتجمد في موقعي عندما قال وهو ينزل من فوق سيارة أبيه:

- إنت اللي قتلتها؟

ازدادت وتيرة خفقات قلبي إلى ثلاثة أضعاف، هاجمتني ضربة من الصداع المفاجئ كبّلت رأسي، شعرت بالدنيا تدور حولي، انفصلت عن العالم، فقدت حاسه السمع بسبب وجع أذني والطنين الذي يدق بها المتناغم مع خفقاتي فيبدوا وكأنهم طائرين من الفلامنكو يرقصان رقصة رومانسية.

عاد كل شيء إلى ذاكرتي دفعة واحدة، رأيته كفيلم يعرض أمام أنظاري لكن بطريقة سريعة، لقطات من كل شيء، وفي الخلفية أغنية هاديس التي سأنتحر وأنا أسمعها في المرة القادمة.

لم أقتلها لكنني لم أدافع عنها.

فجأة ظهرت صورتها أمامي، ابتسامتها، عيونها، شعرها، صوتها الحنون الذي لم يفشل في طمئنتي كلما احتاجت إليها، شعرت إن أغنية هاديس يمكن أن نرقص عليها سويًا، كيف أصبحت بهذا الجمال بغتة؟

- لا مش أنا، رجالة المُهيري مش بيقتلوا ستات.

قلتها بثقة بعدما استعدت رابطة جأشي وأعدت خصلات شعري للوراء، فافتر ثغر أنس عن ابتسامة واسعة براحة وظهر تعبير على وجهه وكأنه كان متأكد من ذلك.

صعدت للسيارة ووضعت المفتاح ثم أدرت السيارة وقبل أن أتحرك أوقفني بقول:

- بما إنك من الأشرار وكده، ممكن استغلك وأجندك؟

- تجندني إزاي يعني؟

قلتها بتساؤل بعدما رمشت عدة مرات ببلاهة على ما قاله بشأن كوني شرير وأنا أنظر له بدون تصديق بعد أن شعرت أنني أقف أمام شخصية كرتونية هربت من الفيلم الخاص بها، فهو في الواقع يمكن أن تكون هذه أكثر محادثة جدية حدثت معه في حياته، فهو يصنف شخص تافِه مثل معظم أخواتي.

ابتسم بسمة واسعة أظهرت أسنانه وزغللت عينيه ببريق قبل إن يشرح لي ما يريده مني.

أنس الجندي، ابن اللواء جلال الجندي، جميع رجال عائلته تعمل بالشرطة إلا هو، فقد اختار طريق آخر غيرهم، أصبح ما يطلق عليه صانع محتوى "يوتيوبر" قناته متنوعة لكنه لم ينسى خُطى عائلته في مجابهة الفساد هو وأخيه كريم القرصان أو المخترق "الهاكر" كما يطلق عليه، لكنه يلعب بطريقته الخاصة ليست بمثل شرف ونظافة باقي رجال عائلته.

لعبت رجال عائلته على مدار السنوات عدة مباريات مع قادة مملكتنا، بدأت مع منير الجندي عم أنس الأكبر.

كانت زوجته كاميليا تعمل في فرع شركة هاديس بمصر، وفي أحد المرات القليلة التي يذهب بها هاديس إلى شركته هنا، تقابل معها أعجبته فهي فاتنة بكل ما تحتويه الكلمة من معنى؛ كشر عن أنيابه للفتك بها، رآها نعجة مثالية للصيد ثم خفى أنيابه داخل فمه ببراعة وأنزل أذنه المنتصبة للأعلى حتى يتحول من ذئب مفترس إلى جرو لطيف، ألتف حولها حتى أوقعها بشباكه، أحبته فهو لطيف، حنون، رومانسي.

وفي أحد الأيام الرمادية استيقظ زوجها منير وجدها هربت من المنزل وسافرت إلى خارج البلاد بعد أن رفعت عليه دعوة طلاق وكتبت له رسالة مختصرها إنها لم تعد تتحمله، وتفضل الموت على العودة له.

فطلقها منير الجندي بعد ضغط جلال عليه لفعل ذلك فهو كان يريد معاقبتها على تركها له وابنها بهذه الطريقة البشعة.

أأخبركم سر؟

أنا سعيد للغاية لأنها حصلت على هاديس، فهي تستحقه وبجدارة فهو لديه شخصيتين واحدة حقيرة والثانية دموية، يمكنني توقع إنه يتعدى عليها بالضرب المبرح أربع مرات بالسنة.

مهلًا مهلًا، لا داعي للسباب.
لقد تركت ابنها من أجله.
يا إلهي!
حسنًا، أنا شرير، لكنها تستحق ذلك.

بعد مدة من طلاق منير وكاميليا علم بالصدفة بزواجها من هاديس من زوجة صديقه التي كانت تعمل معهم بالشركة، وقتها لم يفكر سوى في شيء واحد.

الانتقام لكرامته.

منير كان من أشهر وأكفأ المحققين وقتها، لديه شيء مثل بريق يطلق عليه الحَدث، كان حدثه يخبره بإلحاح إن هاديس فاسد بطريقة ما، فالذي يسرق زوجة يمكنه فعل المزيد من القذارة لذا قام بمراقبته.

بالطبع الجميع يقول الآن إن القادم يمكن توقعه، لكن نعم، ولا.

لقد اكتشف بالفعل فساد هاديس فهو يعمل في تجارة جميع أنواع المواد المخدرة، لكن هاديس لا يعمل هنا بمصر، القائد الذي يعمل هنا ويقوم بتهريب المواد له إلى أسبانيا هو "سِت" فقام منير بتعقب سِت وعزم على الزّج به داخل قضبان السجن.

نجح بالفعل بالأمساك بمعمل من معامل سِت أثناء وجوده هناك وقام بإعتقاله هو والمامبا الحامي له والمعروف بواحد أو فرعون كما كان يقول له سِت.

لكنه لم يكن يعلم بنظام مملكتنا، نحن لا نتخلى عن شعبنا.

بالطبع خرج سِت بعدما اعترف المامبا الحامي له على حاله بصفته شريك في كل شيء معه وظهر سِت مظلوم خانه صديقه المقرب استغل معمله في إنتاج المواد المخدرة.

تم الحكم على فرعون وفي أثناء ترحيله تم تهريبه من العربة لكن بسبب حدث منير كان يعلم أن هذا ما سيحدث لذا استعد للوضع جيدًا وحدث اشتباك عنيف أثناء ذلك انتهى بقتل فرعون.

لا، لا داعي للحزن على فرعون.
فرعون كان واحد من أقذر وأبشع المامبا في التاريخ فهو كان مغتصب، قاتل مثل قائدة بالضبط، في السابق كان معظم المامبا هكذا قبل أن يصبح عمي صالح مدربهم وتدخل باقي أعمامي كذلك في ذلك، فصار الناتج هذا التخلف الخام.

فهم يظهروا لطفاء، محببين لكن يمكنهم التحول بضغطة زر إلى كائن متوحش.

وبما إن لا يوجد أقرب للقائد من المامبا الحامي له، وسِت لم يحب أحد في حياته سوى فرعون.

كان في رأس شمس (سِت) أبشع الخطط وطرق القتل التي يمكن أن يذوقها لمنير لكن عمي قاسم كان أسرع منه في ذلك وعندما انتهت مراسم دفن فرعون قال له:

- ابن الظابط لو شعرة واحدة اتلمست منه، هتدخل في محاكمة لعدم تنفيذ الأوامر والظابط تبعد عنه خالص أنا هتصرف معاه.

لكن شمس لم ينفذ ما قاله عمي قاسم بالكامل، كان يعلم أنه لن يقتله وسوف يكتفي بالتهديد ليبتعد عن المملكة ويختفي وكأنه كابوس وانقضى.

وفي نفس اليوم مساءً تسلل شمس إلى منزل منير وخطفه ثم ذهب به إلى منزل بمنطقة نائية، كبّله بسلاسل حديدية ثم أغرقه وأغرق المنزل بالبنزين.

وقف شمس أمامه بعدما انتهى وأخرج عُلبة سجائره من جيبه وقداحته، فتح القداحة التي أصدرت صوت تكة عالية ثم أشعل السجارة، وقال:

- أنا هحرقك زي ما حرقت قلبي على فرعون.

سحب نفس من سجارته مطولًا ثم أخرجه ببطء في وجه منير قبل أن يستطرد ببرود:

- كان نفسي ابنك يكون قبلك، بس معلش أنا صبور، متقلقش عليه خالص في عيوني.

أطلق شمس ضحكة مجلجلة عندما رآى الذعر الذي ارتسم على وجه منير وقفز من عينه منير ثم حاول فك حاله بكل قوته وقول شيء ما بصراخ لكن لم يفهم شمس ما قاله بسبب تكميمه لفمه.

وقف لدقيقة يستمتع بأثر ما فعله به قبل أن يترك القداحة التي مازالت مشتعلة من بين أنامله، لتحترق ملابسه على الفور.

يتجه شمس إلى الخارج وهو يدندن أغنية قديمة أثناء اِنتشار النيران من خلفه حتى طالت المنزل بأكمله، وقف بالخارج يكمل سيجارته بعدما تخلى عن الغناء ليستمع لسمفونية صرخات منير الجندي.

لكن المباراة لم تنتهي بعد فهذه فقط البداية.

ماذا؟
الآن ماذا؟
هل تستحق كاميليا ما يحدث معها؟
أتعلمون ما حدث بعدها؟
لقد رفضت كاميليا أخذ ابنها الذي صار يتيم الآن بسببها لتربيته معها.

_______________ ︻╦デ╤━╼

وقفت أمام غرفة أمي أحمل حاوية طعام في يدي، لقد علمت من كوبرا إنها لم تأكل طوال اليوم، أشعر برغبة عارمة في الضحك، إنها تنتظر أن آتي لأطعمها بيدي كما أفعل كل يوم منذ الحادث، لكنها لن تقول ذلك.

اللعنة أمي لن تتغيري.

أعلم إنها حزينة لأنني تركتها اليوم، فأنا لم أتحرك من المنزل منذ خروجها من المشفى لكن كان يجب عليَّ رؤية صغيرتي، لكنها كذلك لن تقول ذلك.

تنهدت بعمق قبل أن أمسك مقبض الباب، أنا أبذل مجهود رهيب حتى أفعل ذلك، لقد ظننت أنني أرغب في موتها، قامت بتدمير حياتي، لكن عندما صار الأمر حقيقي مش مجرد رغبة طفل غاضب من أمه تزلزل كياني، تجسد الرعب أمام عيني على هيئة كيان سودوي عملاق، كدت أموت، لا يمكنني العيش دونها.

حاولت كرهكِ أمي، أقسم أنني حاولت، لكن كلما فعلت أحببتكِ أكثر.

ليت لدي قلب آخر.
أكره قلبي أمي، يجعلني ضعيفًا.
ليتني أستطيع كره الأشخاص الذين يؤذونني.
ليت لدي قلب لا يعرف الغفران.
دائمًا أنتظر .. أنتظر إعتذار عن كسر قلبي مرارًا حتى يكون هناك سبب للغفران.

دلفت للغرفة بهدوء فوجدت تميم يجلس جانب أمي التي تضع طاولة صغيرة مستطيلة فوق قدمها من النوع الذي يستخدم في الطعام فوق الفراش، يقبع فوقها بناء بلاستيكي طويل متعدد الألوان مصنوع من لعبة المكعبات الخاصة بالأطفال، وباقي القطع متناثرة حولهم وفوق الطاولة.

ركزت على موضع تميم الذي هو يجلس مقرفصًا داخل حضن أمي تقريبًا، يضع كف يده فوق قدمها والأخرى ممسك بقطعة من اللعبة، وتضع أمي يدها حول كتفه.

تابعت حركة جسده بتمهل وكأنها بالتصوير البطئ، وضع القطعة الأخيرة فوق البرج ورفع يده للأعلى بانتصار وهو ينظر لأمي بسعادة ثم قرّب فمه من وجنتها وطبع قبلة فوقها، ابتسمت أمي باتساع وضمته لها بذراعها القوي ثم طبعت قبلة فوق وجنتة المكتنزة، تجمعت الدموع داخل مقلتيها ببطء.

اللعنة، أنا أشعر بالغيرة.
كيف لي أن أغار من طفل في الرابعة والذي يكون ابني!
عيب عليك ليو.

"لكنني أريد قُبلة كذلك!"

آه، لقد سرق الصغير حب أمي، وحضن أمي.
انظروا إليه يركض تجاهي ببراءة وكأنه لم يفعل شيء.

- وحشتني اوي.

قالها تميم وهو يضم قدمي بقوة فهو يصل لمنتصف قدمي تقريبًا بعدما لاحظ وجودي، ابتسمت باتساع ورفعته على ذراعي الأخرى بعدما أمسكت الحاوية بيد واحدة ثم طبعت قبلة قوية فوق وجنته التي أشعر برغبة في أكلها.

تم إلغاء تفعيل وضع الغيرة.

أنزلت تميم الذي ركض وصعد للفراش من جديد ثم قام بلملمة اللعبة ليفيح مجال للحاوية مما جعلها تصدر صوت اصطدام قوي؛ خطوت تجاه الفراش، وضعت الحاوية فوق الطاولة وجلست بجانب أمي، ثم قُلت لها بتساؤل أعلم إجابته مسبقًا:

- مأكلتيش ليه لحد دلوقتي؟

- مش قادرة مليش نفس.

قالتها بهدوء وهي ترفع كتفيها للأعلى ببساطة بعدما أشاحت بنظرها بعيدًا وهي تحرك يدها على رأسها الحليقة للخلف كعادتها التي ورثتها منها، فقربت فمي من أذنها وقلت بنبرة خبيثة:

- لا تدعي الثقل جلالة الملكة، لقد علمت كل شيء، إنتِ قلتي إنك تحبينني، كما أعلم إنكِ تنتظرينني حتى أُطعمك بيدي .. لكن لا بأس جلالتكِ فأنا أعلم أنني لا أُقاوم.

قلّبت عينها بسخرية وهي ترفع حاجبها ثم ظهرت بسمة خجولة على وجهها نادرًا ما أرآها بعدما نظرت إلى الناحية الأخرى من الغرفة.

أمسكت بالمعلقة ودسستها داخل الحساء ثم ملأتها ورفعت يدي تجاه فمها وقبل أن تصل إلى وجهتها قال تميم:

- أنا.

مد يده ليأخذ مني المعلقة فأعطيتها له وأنا أضيق عيني أثناء نظري له بثبات، أمسك المعلقة بقبضة يده كلها مثل جميع الأطفال، أتجه بها ببطء ناحية فم أمي حتى لا يقع الطعام منها حتى وصلت إلى مبتغاها داخل فمي أمي التي ضمته لها من جديد.

تم تفعيل وضع الغيرة.

- شبهك وإنت صغير اوي.

قالتها أمي بابتسامة واسعة وهي تنظر إلى تميم وهي تبعثر نظراتها على ملامحه وجسده بتأمل بعدما دمعت عيناها من جديد، أعلم ما تشعر به.

نعم، حسنًا، هو يشبهني لذا أنا من يجب عليكِ تقبيله؛ اعطيني قبلة لعينة.

- بابا جبت دي ليك.

قالها تميم وهو يخرج من أسفل وسادة أمي لوح من البسكويت المغطى بالشيكولاتة والكراميل ثم مد يده بها لي، فأخذتها منه وأنا أصدر صوت تأوه خافت من فرط اللطافة.

- أنا أذوب كمكعبات الثلج داخل كوب ماء في يوم شديد الحرارة.

قلتها بنبرة مُحبة وأنا أشعر بذوبان قلبي من فرض حبي له ثم سحبته بين ذراعي بقوة وقبلته عدة مرات على وجنته وجبته.

تم إلغاء تفعيل وضع الغيرة.

______________________ ︻╦デ╤━╼

دلفت إلى غرفتي بإرهاق بعدما طبعت قبلة على جبهة تميم الذي أصر على النوم جانب أمي، فتركته لأن نومه هادئ لن يحدث شيء للجرح، هو بالأساس كان يجلس جانب الجرح وهي لم تهتم!

آه، ذلك الوغد الصغير، لديه العديد من الأمهات له وحده ويأتي ليسرق أمي!

تم تفعيل وضع الغيرة.

فركت جبهتي في حركات دائرية لأخفف من حدة الصداع اللعين الذي أصابني، ثم دلفت للمرحاض، فتحت صنبور المياه لملأ المغطس، فتسللت الراحة إليَّ مع صدوح صوت المياه؛ أعشق المياه والبحر والسباحة، أشعر بالتحرر من قيودي هناك، وكأنني أطير.

الرقص بالنسبة لي هو عبارة عن السباحة داخل محيط، لكن في خيالي، جسدي يتحرك كأمواج البحر.

وضعت قدم داخل المغطس تفاجأت بسخونة المياه، رفعت قدمي في حركة تلقائية لبرهة قبل أن أعيدها للماء مرة أخرى ثم لحَقت بها الأخرى، نزلت ببطء حتى يتعود جسدي على حرارة المياه. غطست برأسي داخل الماء وأغمضت عيني، يمكنني الغطس لمدة ثمان دقائق دون اكسيجين.

شعرت بالأسترخاء، قُتل الحزن لبرهة، ذاب وسط المياه الساخنة. 

شعرت بشيء يخترق الماء بسبب تحرك المياه حول وجهي ثم كف قبضت على خصلات شعري ثم حاول رفع رأسي للأعلى، فتحركت مع سحبه الضعيف حتى صعدت للسطح من جديد؛ فتحت عيني فرأيت من خلال قطرات الماء التي تقطر من أهدابي وجه تميم الذي ينظر يتمعن إلى وجهي بارتياب ليتأكد أنني مازلت على قيد الحياة ثم ابتسم بسمة بلهاء واسعة عندما تأكد أنني لم أموت بعد.

لم أتفاجئ بوجوده، هذا متوقع فهو لا يشعر بالاطمئنان إلا بجانبي أو بغرفته التي ينام بها قليلًا عندما يشعر إنه اليوم شجاع، لذا احضرته معي إلى هنا على الرغم من اِعتراض جميع النساء فهو ابنهم جميعًا.

- أنا قولت إيه؟

- تومي غمض عينه.

قالها ببرائة وهو يرمش بأهدابه فوق مقلتيه عدة مرات الذي ذعن إنه يغمضها عندما لاحظ تعبير عدم الرضى على وجهي، فقد أخبرته مرات لا تُحصى أن لا يدلف المرحاض عليَّ.

لكن اللعنة، عندما تصبح أب أو أم تتحول كلمة الخصوصية لحلم جميل لن تحصل عليه أبدًا.

- تومي عايز حدوتة، إنت مش قولت ليه؟

قالها بنبرة شبه متهكمة وهو ينظر لي بطرف عينه بعدما ضيقها بشدة وكأنني فعلت جرم ما، فتنهدت بعمق قبل أن أحرك رأسي بالموافقة.

آه، وداعًا أيتها المياه الجميلة.
الآن صرت أشعر بعمي هارون وما كنت أفعله به.

- حسنًا، هذه آخر مرة المرة القادمة سوف اسحب منك الألعاب، انتظرني في الخارج حتى آتي إليك.

- أنا تايف.

قالها تميم بطريقته المتكسرة التي تذكرني بحالي عندما كنت صغير بعدما خطى بعيدًا عدة خطوات قبل أن يتوقف ويعود من جديد بوجه قلق وكأن الغرفة بالخارج فم وحش عملاق سوف تبتلعه إذا خرج.

حملت تميم الذي لف ذراعه حول رقبتي بعدما أرتديت ملابسي في الغرفة الخاصة بها الملحقة بغرفتي ثم اتجهت به ناحية الفراش حتى أحكي له حكاية فأوقفني بقوله البريء:

- لا، تعالي قول حدوتة عند تيتة وتومي نام حضن تيته.

تم تفعيل وضع .. اللعنة إنه مفعل بالفعل.

خرجت من الغرفة ودلفت إلى غرفة أمي المظلمة إلا من ضوء أصفر باهت خارج من المصباح الكهربائي فوق الكومود جانب أمي التي تجلس على طرف الفراش، وتقرأ من رواية "شهد" الورقية.

أغلقت الرواية ووضعتها فوق الكومود بعدما وضعت فاصل ورقي للكتب سميك على شكل سيف الذي هو بالأساس يعود إليَّ لكنني تركته هنا عندما عدت لمنزل أبي.

لم آخذ شيء من هنا معي، لم أريد شيء يذكرني بالمكان، فقط كنت أريد أن أنسى كل شيء وكأنه كابوس مريع وانقضى.

نزل تميم من فوق ذراعي، ركض إلى الفراش وصعد له ثم دثر حاله بالغطاء، فابتسمت وانزلقت جانبه ثم سحبته لها بهدوء فصار بين ذراعيها.

فركت عيني بتعب وابتلعت الغصة داخل حلقي وأنا أخطو تجاه الفراش ثم جلست على حافته.

"إذا كنتي تحبينني أمي لماذا فعلتي ذلك معي؟"

- احكيلك إني حدوتة يا حبيبي؟

- جديدة.

حركت رأسي على ما قاله تميم ثم أغمضت عيني أفكر في شيء جديد حتى أحكيه له، لكن بحثي داخل رأسي لم يُسفِر على شيء جيد يمكن تأليفه.

لا يمكنني سرد أي شيء خاص بأبي حتى لا تحزن أمي.

"القلب يعشق كل جميل"

اللعنة، يحب التوقف عن الانغماس في التفكير وإلا سوف أصاب بنوبة هلع.

"مفيش راجل بيخاف يا ليو، روح نام في أوضتك"

_ كان يا مكان يا سعد يا إكرام وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.. كان في ولد اسمه علاء الدين.

_______________________ ︻╦デ╤━╼

ارتميت على الفراش بإرهاق بعدما عدت إلى غرفتي من جديد عقب سقوط تميم في النوم بين ذراعي أمي، أعلم إنها لن تنام وتتركه هذا غير إن نومها ليس ثقيل، إذا استيفظ سوف تستيقظ معه، لذا لا داعي للقلق.

"أمي تحبني"

وضعت خصلات شعري بين أصابعي التي تخللتها وقبض عليها بعنف، أنا لست بخير.

كل شيء داخلي يصرخ كنغمة نشاز كمانجة أوتارها مهترئة.

تذكرت العُلبة الزجاجية للدواء الذي أعطاه لي شمس، لم أجربه بعد، فتحت درج الكومود فوجدته يتسطح ببساطة في آخره، حسنًا، لم يعلم نيلان بشأنه بعد، لقد أخذ الحبوب الأخرى وألقى بها في المرحاض.

لا اعلم هل يجب تجريبه أم لا؟
الآخر معتاد عليه لكن هذا.

أخرجت حبه وألقيتها داخل فمي لأنهي هذا الجدل، سحقتها بين ضروسي فشعرت بفتاتها على لساني ثم انتشر طعم المرارة داخل حجرة فمي بقوة، أمسكت هاتفي وبحثت عن صورتها.

كيف يمكنني أن لا أقع صريعًا في حب تلك الابتسامة.

خرجت من معرض الصور ثم ضغط على الموسيقى واختارت أغنية معينة كتبتها سابقًا وقام بغنائها أخي رائف أثناء نهوضي من فوق الفراش.

أُحرّر ساقي، أطلق لجسدي العنان مع الموسيقى.

❞ سحبوا فتيل القنبلة داخل عقلي.
جعلوني مختلًا
أضحك بصخب أثناء ركضي بين الجثث
أرقص.. أرقص.. أرقص
الدماء توشم وجهي
أبحث عني لكن لم أجدني ❝

لماذا حبك مؤلم هكذا؟
لماذا لم يكتب على قلبي أن تهدأ نبضاته؟
لماذا يجب عليَّ دائما أن اجعل الجميع يراني؟
لماذا لم يحبني أحد؟
لما يجب علي بذل كل هذا المجهود؟
كيف يمكن لقربكِ أن يكون أكثر ألمًا من بعدكِ؟

❞ يا حبي المسلوب.
لست أنا، يجب أن تصدقي ذلك.
هم من فعلوا بي هذا
صدقيني .. لا تترُكيني ❝

أنزل أرضًا على ركبتي أشعر بارتفاع صراخ روحي داخلي وكأنها سمفونية من الآلف أصوات الذئاب التي تعوي داخلي.
أطلقها لتتحرر خارج حنجرتي
أشعر بها تدمي حلقي
أشعر باهتزاز جسدي ونفور عروقي.
أغرز أظافري داخل مرفقي كالمخالب.
يتحول الصراخ إلى نشيج بكاء طفل صغير.

إنه موجود داخلي، لقد نهض ليو.
كل شيء مؤلم.

_ يلا يا تويا صحي بابا علشان الفطار.

سمعت صوت ركض أقدام صغيرة تجاه الفراش الذي أتسطح فوقه عقب صوت زوجتي المحبب إلى قلبي بعدها شعرت بتويا صغيرتي تصعد إلى الفراش ثم طبعت قبلة على وجنتي.

- صباح الخير يا بابي.

- صباح النور يا قطقوطة قلبي.

قلتها بنبرة حنونة وأنا أضم صغيرتي إليَّ بذراعي ثم قبلتها فوق وجنتها المكتنزة بعدما رفعت يدي الأخرى ورفعت شلالات خصلاتها الثائرة حول وجهها.

آه كم تشبه أمها!

- مش هتعمل الفطار يا حضرة الظابط ولا إيه؟

قالتها زوجتي "ليكاتا" بنبرة متهكمة مازحة وهي تقف أمام باب الغرفة تعقد ساعديها أمامها وتستند بظهرها على حافة الباب، ترتدي منامة واسعة بلون السماء مطبوع فوقها صورة السمكة "دوري" الشهيرة وفي الظهر مطبوع جملة "السمك صحاب مش طواجن"، وترتدي ابنتي تويا واحدة متماثلة وكذلك أنا.

ابتسمت باتساع ثم نهضت من فوق الفراش وحملت تويا فوق كتفي ثم خطوت تجاه الباب حتى توقفت أمام ليكاتا.

- كان في ودعة قابلت خيار بحر قالها لو خيروني مش هلاقي أودع منك. (نكتة في الفيلم)

قلتها بنبرة مازحة بالقرب من أذنها بعدما انحنيت بجسدي حتى أصل لها، فضحكت ليكاتا عاليًا وهي تهز رأسها بدون تصديق، نظرت لها بتأمل وأنا أتابع يدها التي ارتفعت ناحية فمها في حركة تلقائية منها قبل أن أقول:

- قُضبان لا يجتمِعان: ابتسامتكِ ووعي، فهي تتناسب عكسيًا مع قدرتي على التحمُل.

غمزت لها بعبث أثناء قولي ثم تركتها متجمدة وأنا أخطو في الرواق ممسك بيد تويا وأرقص خلال ذلك حتى وصلت للمرحاض، وضعت يدي على خصرها وأنزلتها من فوق كفي ثم طبعت قبلة قوية على وجنتها قبل أن تصل قدمها إلى الأرض، ثم قلت:

- أنزلي نادي جدو وتيتا علشان الفطار.

دلفت المطبخ بعد أن تحممت وقضيت صلاتي فلحقت بي حبيبتي التي مازالت ترتدي رداء الصلاة أحمر اللون بعدما انهت صلاتها خلفي لأننا سوف نفطر بالشرفة، فقط أسقطت الخمار عن رأسها للتتحرر خصلاتها وجلست فوق السطح المصنوع من الخزف الخاص بخزانة الأواني الخشبية البيضاء جانبي وأنا أقطع الخضروات التي سأستخدمها للفطور.

نظرت لملامحها بتأمل بعدما ابتعدت خطوة للوراء  ونَظَرت لها بِوَلع رسّام شغُوف يتأمَّل لوحته الإبدَاعية قبل أن أبدأ بغناء القصيدة التي كتبتها لها وأنا أعود لتقطيع الخضار.

❞ يا ليل يا ليل يا ليل يـا ليــــل
قُل للمليحة ذَات الرِداء الأحمرِ
قُل للمليحة
قُل للمليحة ذَات الرِداء الأحمرِ
مَاذا فعلتِ بقلبي المتمردِ؟
قَد كان يَزهدُ الحُب والنِســــــاء
والآن يُحبكِ حُبًا سَرمَديِ
فَرِفقًا بِقلبي
فَرِفقًا بِقلبي حِينَ ياتيكِ
لا  لا  لا  لا  لا
لا تَرفُضيه وتَترُكيه مُتَأَوُّه ❝

_ إيه ده إيه ده إيه ده، وحش اوي.

خرجت من فم أبي الذي دلف المطبخ بمرحه المعتاد وهو يحمل تويا فوق كتفه بنبرة ساخرة هزلية، ودلفت معه أمي متعلقة بذراعه كعادتها.

- أمال بتتقال إزاي يا حج سالم؟

قلتها بنبرة متهكمة مازحًا إلى أبي أثناء تقدم أمي مني بعدما تركت ذراع أبي وعانقتني بقوة ثم طبعت قبلة على جبهتي بعدما حركت يديها على شعري، فأمسكت يدها ورفعتها إلى فمي وقبلتها داخل باطن كفها بعدها تقدمت من أبي وطبعت قبلة على رأسه.

- اسمع العظمة علشان تنضف ودانك.

قالها أبي وهو يسحب المقعد الخشبي الخاص بطاولة المطبخ المربعة ثم قال لها كعادته أثناء جلوسها بعدما أخرج زهرة بيضاء من جيبه ووضعها بين خصلاتها القصيرة جانب أذنها:

- كما يقول جدي المُهيري: خُلقت النساء لتدلل، فلكِ الدلال جلالة الملكة نفرتاري.

ابتسمت أمي بسمة خجولة ثم وضعت يدها على وجهها عندما غمز لها بعبث، فضحك أبي عاليًا قبل أن يبدأ بالغناء.

❞ يا ليل يا ليل يا ليل يـا ليــــل
قـــــل للـمـلـيـحـة فـــــي الــخــمــار الأكـــحـــل كالشمس مـن خلـل الغمـام المنجلـي

بحـيـاة حسـنـك أحسـنـي وبـحـق
مـــن  جعل الجمال عليك وقفا: أجملي !!

(الشاعر كشاجم من العصر العباسي)

_ ليو.. ليو.. ليو.

فتحت عيني ببطء على صورة نيلان الذي يحتل القلق الممتزج بالغضب قسمات وجهه وهو يضرب وجنتي بظهر يده عدة مرات برفق، فاعتدلت ورفعت يدي إلى جبهتي حيث ضربتني صاعقة من ألم الرأس فسمعت صوت تحرك مياه وتقطرها عندما رفعت يدي.

نظرت حولي بعدما تسلل الوعي إلى عقلي، أجلس بوسط مغطس المياه بكامل ملابسي فعلمت إن نيلان كان يحاول أن يجعلني أفيق من حالة الهلوسة التي سيطرت عليَّ بفعل الحبوب المخدرة التي تناولتها قبل أن أبدأ في الرقص.

وقفت ببطء دون النبس ببنت شفة فدوى صوت خرير المياه التي تساقطت من ملابسي وتحركي للخارج بسبب الصمت الذي سيطر على الوضع خلال مروري من أمام نيلان ثم فارس الذي يقف مكتوف اليدين وعينان تومض بحزن.

بدلت ملابسي بأخرى جفّة ومريحة ثم خرجت وارتميت فوق الفراش، ضممت قدمي إلى صدري وأحطتها بذراعي، نظرت أمامي بشرود بعدما تجمعت الدموع بمقلتاي.

لقد كان كل شيء داخل عقلي.
مُـجـرد ســراب.

جلس فارس جانبي فوق الفراش ثم تحركت كفه فوق خصلات شعري بحنان كما يفعل دائمًا، فجلس نيلان في الجهة الأخرى بعدما تنهد بعمق بصوت مسموع وصل إلي، أعلم إنه غاضب بسبب ما تناولته؛ ثم قال:

- إيه اللي مزعلك طيب.

_ ممزق .. ممزق بالكامل، يقال أن الزمن يداوي الجروح، لكن جروحي كل ما طال الوقت تزداد إلتهابًا، الآن صار قلبي ممتلئ بالعديد من الندوب المُشْتَعِلة التي تحتاج للبتر.

قلتها بنبرة مختنقة هادئة بعدما حل الصمت لدقيقة تقريبًا فمد نيلان يده ورفع ذقني لأنظر إليه ثم قال بنبرة مرحة:

_ ألم اخبرك؟ أنا خيّاط ماهر، أنا الذي يمكنني أن أصنع من مجرد خرقة بالية فستان فاتن ألا يمكنني حياكة وإصلاح بعض القطع الممزقة داخلك.

- إنت! أبعد أيدك عن شعنونتي.

قالها فارس بنبرة مازحة وهو يزيح كف نيلان عن وجهي فرفعت رأسي ونظرت له بدون تصديق على ما قاله ذلك الأبله له قبل أن أصفعه على رقبته.

_______________________ ︻╦デ╤━╼

استيقظت عندما فُتح باب الغرفة فسمعت صوت ما يطلق عليه "شخللة" خارج من صوت الخلخال الذي ترتديه غزل حول قدميها، وصل لأنفي عطرها قبل أن أفتح عيني فعلمت إنها هي، إتجهت ناحية الستائر وأزاحتها فصدرت صوت عالي نتيجة لجر الحلقات المعدنية، وزغلل الضوء عيني بعدما غمرت شمس الظهيرة الغرفة.

نهض نيلان من فوق الأريكة التي ينام فوقها فهو لا يحب النوم جانب أحد مثل ذلك المسجي بجانبي، خرج نيلان من الغرفة وهو يتمتم بشيء لم أفهمه لكنني أعلم إنه يسبها، نظرت جانبي إلى فارس الذي ينام كالقتيل وصفعته على وجهه لسبب لا أعلمه، ربما كانت رغبتي في صفع وجه غزل لكنه لم يشعر بشيء فقط رفع يده وحك وجهه وكأن ذبابة دغدغته.

تقدمت غزل تجاهي بابتسامة واسعة وهي تحمل في يديها حاوية طعام دائرية ثم جلست جانبي في الناحية الأخرى ووضعت الحاوية فوق الفراش تحت نظراتي المصدومة.

فهي ترتدي جلباب أبيض وتربط شيء حول خصرها باللون البنفسجي، وآخر فوق شعرها، ترتدي عدة أساور ذهبية حول رسخ يديها الاثنين تصدر صوت رنين عالي كلما حركت يديها.

- صباح الخير يا أبو البنات، حضرتلك الفطار.

قالتها غزل بطريقة شعبية وهي تبتسم باتساع، فرمشت بأهدابي عدة مرات وأنا أجول بنظري على مظهرها الغريب.

هل مازالت تحت تأثير المخدر؟
إذا كنت هكذا فيجب عليَّ أن لا أعرف ذلك.

- هو اللي بعمله في الناس هيطلع عليَّ ولا إيه؟

تمتمت بها بخفوت قبل أن ابتسم بخفة عندما تذكرت ماليكا، ثم تنهدت بعمق وأنا أسحب القميص القطني الخاص بي المُلقى بإهمال جانبي حيث أنني معتاد على النوم بدونه وأرتديته أثناء قولي لها بتعب:

- غزل أنا تعبان ومش قادر على الحوارات دي، ريحي نفسك وريحيني علشان مش هرجعلك.

شهقت غزل بقوة وضربت بكفها على قلبها مما جعل صوت "الشخللة" تصدح من جديد بقوة بسبب اصطدم الأسوار التي ترتديها ببعضها البعض قبل أن تقول بدون تصديق:

- الله يا أبو البنات! إنت مش فاكر ولا إيه؟ ما إنت ردتني يا راجل.

- إنتِ طالق يا غزل، خدي الباب في إيدك.

قلتها ببساطة بعدما أخرجت صوت ساخر من فمي في محاولة مني لإيقاف هذه اللعبة السخيفة التي تلعبها معي لكن هيهات، غزل لن تستسلم بسهولة.

- يـاخــتــي.

قالتها لنبرة نحيب مفتعلة وهي تحرك يديها أمام وجهها بحركة معاكسة شعبية وترجع بجسدها للوراء ، ثم نظرت لي وقالت بنبرك متهدجة:

- كده؟ كده برضو يا أبو البنات؟ الناس تقول عليَّ إيه؟ أهون عليك تفضحني؟ وتسيب النسوان تجيب في سيرتشي؟

أرتميت على الفراش للخلف من جديد ووضعت ذراعي فوق وجهي لأداري ابتسامتي حتى تذهب وتتركني ولا يظهر عليَّ أنني متجاوب معها، أعلم إنها تحاول إعادتي إليها من جديد.

- ما تيجي نخرج ... ليه خايف تقع في حبي تاني؟

أضافته عندما أخرجت صوت يدل على النفي من فمي على عرضها لي للخروج معها، فضحكت بسخرية وقلت لها بنبرة لا تخلى منها:

- أنا لا أراكِ بالأساس حتى أقع في حبكِ غزل، لقد نفذ رصيد نبضات قلبي تجاهكِ.

- أشحنلك كارت بمية؟

- لا يمكنك فعل ذلك، لقد غيرت شبكة للإتصالات الخاصة بقلبي رصيدكِ لا يمكنه إنعاشي.

قلتها بنبرة هادئة تعقيبًا على مزاحها السابق، قلبي صار ينبض لأخرى منذ مدة كبيرة لا يمكنها إعادته إليها كما كانت تفعل سابقًا.

نعم، أحببتها.
وقعت في حبها مرارًا وكسرتني بهم جميعًا.

- بس حلو character "شخصية" نعمةالله في الحج متولي ده، مش عايزة تلعبي دور أحلى وأبقى اكتشفت موهبتك.

قلتها بعدما نظرت لذلك القتيل الذي يتسطح جانبي منغمس بالنوم وكأن شيء لم يحدث بجانبه، اللعنة إن الأساور التي ترتديها في معصمها ترن وكأنها أجراس إنهاء الدوام في المدرسة، لكن هيهات، إذا انفجرت قنبلة جانبه لن يستيقظ.

أتذكر تلك المرة التي طلبت فيها الشمطاوات منيّ في منتصف الليل وهذا وقت انتعاش الشمطاء داخلهم، تكون ناشطة بشدة في المساء، فأنا أصدق داخلي إنهن مثل المستذئبين الذين يتحولوا مساءً.

طلبن مني حلوى من مكان في الأسكندرية وكأن القاهرة نفذ بها الطعام، فحملت ذلك الوغد من فراشه بعدما فقدت الأمل في إيقاظه وكذلك في إيقاظ نيلان، نعم، لم يكن يمزح بشأن الخنجر الذي يحمله أثناء نومه، ففي أحد المرات جربت ذلك وجدت حالي أسفله والخنجر على رقبتي.

هل تريدون أن تعلموا لماذا ينام نيلان بالخنجر؟
لن أخبركم الآن، هذه حكاية مشوقة سوف أؤجلها للمستقبل.

اللعنة، لا داعي للسباب.

نعود لموضوعنا الأساسي، لقد سافرت بفارس أثناء تشغيلي لأغاني عالية للغاية حتى يستيقظ ويؤنس طريقي وأفعل شيء آخر غير الدعاء على نساء العائلة، لكن ليس ما كل يتمناه المرأ يدركه.

- إيه ده .. إحنا فين؟ جبتلي مايوه معاك؟

قالها فارس وهو يتمطى أثناء فرد ذراعيه للأعلى بعدما نظر للبحر الذي أقف أمامه بالسيارة قبل أن يتثائب بصوت عالٍ.

لقد حملته، سافرت به، وهو نائم!

_ صوتك حلو اوي، طلع احلى ما كنت متخيلة.

قالتها غزل بغتة بنبرة هادئة متوترة بعدما سردت عليها ما أريد منها أن تفعله ووافقت على ذلك، فعلمت إنني كنت أغني بصوت عالي وأنا تحت تأثير ذلك الدواء.

تبًا لك شمس "سِت" كان يجب أن تخبرني بأن مفعوله بهذه القوة، الآخر يخدر جسدي ويجعلني أنام بالفراش وكل شيء يحدث داخل عقلي لا أتفاعل معه بهذه الدرجة.

- كنت بتغني لمين؟

- مش ليكِ .. ليكاتا بطلة رواية شهد الجديدة.

اضفتها على مضض بعدما رفعت كتفها بطريقة توحي بعدم تصديق إنها لم تكن بطلة هلوستي، فارتفعت ضحكتها عاليًا بعدما حاولت كتمها عن طريق وضع ظهر كفها فوق موضع فمها.

- طيب ما تغني حاجة كده؟

- إنتِ تعلمين بشأن سرقة الساحرة لصوتي.

قلتها بهدوء تعقيبًا على طلبها السابق بعدما نظرت لي بشغف وعيون تلتمع وكأنها تسمع صوتي في أذنها من جديد؛ لكن ليس معنى أنني استطعت الغناء أثناء ثمالتي يمكنني الغناء وأنا في كامل وعيي.

عندما أكون في كامل يقظتي يصبح الألم متجسدًا في هيئة تنين مجنح ينفث لهيبه داخل حلقي.

- ليو، أنا عارفة إنك مضايق عملت كل ده علشان اضحكك مكنش في دماغي أقولك الكلام ده النهاردة بس.

- متكمليش، مش عايز أسمع.

قاطعت حديثها الذي خرج بنبرة قلقة وهي تلملم خصلات شعرها خلف أذنها بتوتر ثم مسحت وجنتها؛ فتنهدت بعمق وهي تنظر لي برجاء أثناء قولها:

- ليه؟ أنا بجد أتغيرت، أنا بحبك يا ليو.

إنت تحبين أنوبيس غزل، وهو لا يحب أحد، ليو هو من كان يحبكِ وإنت لم تتقبليه.

- أنا أيضًا أحببتك، كل ذرة داخل جسدي أحبتكِ وإنت كسرتني .. وكسرتي شيء داخلي لا أعلم كيف يمكنني إصلاحه.

قلتها بنبرة مختنقة وأنا أنظر أمامي بشرود أثناء مرور شريط ذكرياتي معها أمام أنظاري، ثم تذكرت خاطرة للشاعر محمد درويش حيث قال:

"كيف يتم إقناع الغُصن المكسور أنَّ الريح قد أعتذر"

أخرجت صوت ساخر ممتزج بالألم من فمي واستطردت:

- أنا مش هقدر أرجعلك، حتى لو رجعت مش هبقى طبيعي، بعدين أنا مـسـتـحـيـل أتجوز واحدة أخويا بيحبها.

أضافتها وأنا أشدد على الحروف لتذكيرها بأمر يعقوب الذي يحبها، كيف لي أن أفعل ذلك بأخي؟
لا يمكنني أن أكون سبب ألمه.

لقد أحبها، والمامبا إذا أحب لا يمكن لشيء في العالم أن يزحزح هذا الحب من قلبه، فقلب المامبا يخفق لأنثى واحدة فقط.

نزلت من فوق الفراش لأتجه للمرحاض حتى أنهي هذا النقاش الذي أعلم يقينًا إنه سوف يتكرر في المستقبل، غزل لا تستسلم بسهولة.

في الواقع لا تستسلم أبدًا.

خرجت من المرحاض بعدما تحممت وأنا أجفف شعري بالمنشفة البيضاء وأرقص على أغنية في مخيلتي ثم أطلقت صرخة رعب من فمي أثناء ترنحي للخلف عدة خطوات عندما وقع بصري على نيلان الذي يجلس فوق الفراش بظهر مشدود، يعقد ساعديه أمامه وينظر لي بثبات، جفنيه متوسعين لدرجة شعرت بمقلتيه سوف تقفز من محجريهما ويخرج منها لهيب جعلني أشعر بموجة من السخونة ضربت جسدي وجعلته يترنح للخلف، فقط في مخيلتي اللعينة.

- آخر مرة.

خرجت من فمه مختصرة بتهديد صريح، أعلم ما يقصده لذا حركت رأسي بسرعة بالموافقة وأنا أنظر له بارتياب ثم تحركت بخطوات متحفزة للوراء أثناء تعليق نظراتي عليه للتأكد من أنه لن ينقض عليَّ من الخلف.

- عايزك تجيبلي رقم إجلال المالكي.

قلتها إلى نيلان وأنا أُفرشي خصلات شعري المبتلة بعدما أرتديت ملابسي ونظرت من خلال المرآة لتلك الجثة فوق الفراش.

- أنا مراعي إن عندك مامي إيشوز بس مش للدرجادي الله يخربيتك.

قالها نيلان بنبرة ساخرة، فتوقفت يدي التي تُعيد خصلاتي للوراء وأنا أنظر له بفك ساقط من الصدمة، ثم أخرجت صوت بصقة وهمية من فمي وقلت:

- أتفو بجد، هي دي الأخوات اللي ستر وغطى على بعض .. بعدين إنت اللي هتكلمها على إنك أنا وترتبط بيها.

- أر إيه! أنا ،  أنا ها أنا.

قالها بنبرة حائرة وهي يحرك عينه بدون تصديق ويشير على نفسه بإصبعه عدة مرات، فضحكت بخفة على رد فعله وقلت مازحًا

- إنت علقت و لا إيه.

- إنت اتجننت؟!

تنهدت بعمق وتركت الفرشاة من يدي وجلست جانبه ثم نظرت إلى فارس لأتأكد من إنه مازال نائمًا ثم شرحت له رغبتي.

هذا الحل الوحيد المتاح أمامي لأدخل المواجهة بدلًا من فارس، فأنا لا أثق بجومانا فهي تخاف مني، تخاف من جميع القادة، فقط رأت إن فارس جيد، لذا لماذا سوف تجازف بعدم اختياره؟
لهذا يجب عليَّ وضع خطة بديلة.

- وملقتش غيري يظبطها، أنا الستات الوحيدة اللي اتعملت معاهم مباشر في حياتي غير أمهاتي هما شهد وفريدة، ومعاملتي مع فريدة كلها من خلال المطبخ لأنها معتبراني فار التجارب بتاعتها ... يــاه عليها طاجن بطاطس وحشني والله ولا الفراخ بتدوب في البق.

قالها بلتذذ حالم وهو ينظر أمامه بشرود ويفرك أصابعه أمامه وكأنه يتخيل الطعام في فمه، ثم تحولت يده على موضع جيوبه للبحث عن هاتفه في رغبة منه لبعث رسالة لها حتى تصنع له الطعام، فقلت له بنفاذ صبر:

- يابني ركز معايا.

- إنت مصدق بجد إني ممكن أظبط إجلال؟ شوف حد تاني

- اه هروح أقول لفارس علشان يخربها على دماغي ولا باسل اللي بيحب بنتها، ويعقوب مش ضامنه، ده هيكلمها على إنه أنا، أكيد مش هيسيب فرصة زي دي علشان يعمل فيا مقلب، هيألف معاناة نفسية، وهيطلعني بسكوتة خالص.

قلتها بنبرة متهكة وأنا أمرر صور أخوتي الأوغاد جميعًا أمام أنظاري، نيلان هو الوحيد الجدي بيننا ويشبهني كأنوبيس لن يخلق شخصية في خياله لينتقم مني مثل الوغد يعقوب، أقسم إنه سوف يتصل بها مساءً ليبكِ ويقول لها إن أبي كان يمنع عني الحلوى وأنا صغير.

في الواقع ولأن الأعتراف بالحق فضيلة كما يقولون، أنا كنت سأفعل الشيء نفسه معه لو كنت بمكانه.

- ما تشوف تركي.

- تركي! ده سافل أوي، غير إنه سرسجي هتعرف إن مش أنا طبعًا.

قلتها سريعًا بعدما نظرت له بدون تصديق على ما قاله، أخي تركي هذا لا أعلم من أين أتى بهذا اللسان وهذه الشخصية التي تشبه شخصية أبطال المسلسلات التي تُعرض في الحواري المصرية، نحن تربينا معًا جميعًا تحت جدران نفس المنزل.

- إنت مقتنع إن إجلال هتتظبط بجد؟

قالها نيلان بنبرة واثقة أكثر منها متسائلة فحركت رأسي بالنفي، إِجلال لن تتجاوب معه أعلم ذلك يقينًا وهذا في الواقع ما أرغب به.

عندما يحدثها نيلان سوف تخبر زوجها والذي سوف يثور ويأتي للمنزل في رغبة منه لقتلي على الفور، لذا سيُقيم عمي قاسم مواجهة عاجلة، فأنا المخطئ هنا ووقتها سأقتله ولن تحدث مواجهة له ضد فارس.

أنتم الآن تتسائلون لماذا سوف يواجه فارس بالأساس؟

هل مازلتم تذكرون قوانين المملكة؟

بالطبع لا، حسنًا، لا بأس سوف أعيدها عليكم.

⬤ إذا أرادت الزوجة التي ليس لديها جذور بالمملكة ( ليست ابنه او أخ رجل من المملكة)  الطلاق بدون رغبة زوجها تعود للملك وتعرض عليه أسبابها، وعلى ذلك يقوم الملك بالإجتماع مع القادة وعرض عليهم أمر الزواج منها.

حينها سيتم إقامة مواجهة بينه وبين الزوج، إذا فاز تتزوجه وإذا خسر تعود لزوجها. (عادتًا يقتل أحدهم الآخر)

بعدما هربنا جومانا زوجة صافي المالكي أو بالأحرى خطفناها من غرفتها، أعدناها من جديد وطلبت الطلاق وبالطبع رفض صافي ذلك، وبناءً على القوانين فهناك خيارين، إما تعود له - ويقتلها بالطبع- أو يدافع عنها أحد القادة في مواجهة.

تقدم فارس للدفاع عنها لأنه السبب في كل ما حدث وكذلك لأن صافي يعلم يقينًا إن زوجته خانته مع فارس وإذا لم يعلم أن لديه فرصة لقتله سيفعل أي شيء مجنون، فهو دموي مختل، سوف يجعل جميع القادة تنقلب علينا بمساعدة القائد سِت وندخل في حرب بين بعضنا البعض.

نحن في غِنى عن ذلك، آخر حرب حدثت بمملكتنا خلّفت العديد من القتلى وجعلتنا أضعف، ومملكتنا العزيزة لديها أعداء كُثر يتربصوا لنا حتي يقتلونا جميعًا، فنحن - على الرغم من ما يحدث داخل وطننا- يد واحدة متكاتفة أمام الجميع، لا يمكن اختراقنا.

أنا سوف أقدم خنجري للدفاع عن جومانا يوم المواجهة لتختار بيني وفارس، لكنني لا أثق فيها كما أخبرتكم.

في الواقع أنا متحمس كثيرًا لهذه المواجهة فهو:

صافي المالكي، من سلالة أبوفيس، الابن الأكبر لأبوفيس الراحل، مدرب المامبا السابقًا، واحد من أقوى قادة المملكة مرشح بشدة إلي لقب الأقوى.

المرشح الأكبر لقتلي
إذا سألت جميع القادة من يمكنه قتل أنوبيس؟
الإجابة: صافي المالكي.

لا يمكنني التنبؤ بالفوز.
لذا
ربما
يكون خلاصي من هذا العالم على يديه.

يتبع..

★ متنسوش التصويت (vote) 
________________________

_ لا تنسوا الدعاء لأخوتنا بغزة في جميع صلواتكم، رفع الله عنهم ونصرهم.
للتذكير: ربي اني ظلمت نفسي ظلمًا كثير فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

اتفاعلوا معايا على الفصل علشان ودي حاجة بتبسطني🤍

رأيكم في الفصل؟
مين شخصيتم المفضلة لحد دلوقتي؟
توقعاتكم الأحداث؟
شكرًا لكل البنات القمرات اللي بتعمل فوت وبتتفاعل معايا 🤍 🫂

إلى اللقاء: رزقكم الله بكل ما تتوق به قلوبكم جميعًا.

Continue Reading

You'll Also Like

181K 4.1K 29
𝐎𝐫𝐩𝐡𝐚𝐧𝐞𝐝 𝐚𝐭 𝐚 𝐯𝐞𝐫𝐲 𝐞𝐚𝐫𝐥𝐲 𝐚𝐠𝐞, 𝐘/𝐧 𝐡𝐚𝐝 𝐭𝐨 𝐡𝐢𝐝𝐞 𝐡𝐢𝐬 𝐬𝐭𝐫𝐚𝐧𝐠𝐞 𝐚𝐫𝐦 𝐟𝐫𝐨𝐦 𝐨𝐭𝐡𝐞𝐫𝐬. 𝐁𝐮𝐭 𝐚𝐟𝐭𝐞𝐫...
38.5K 4.4K 36
[Complete] A flirty, romantic adventure & feel-good read! *** Lana Asfoor was content to live with the status quo and ignore her piling debt. Ignora...
5.9K 128 6
The POV's will switch a bit. RUN, DON'T LET IT CATCH YOU!" I scream to the other scientists. Loud, blood curdling screams were heard everywhere. The...
101K 5.3K 33
Pluto thai gl novel မြန်မာဘာသာပြန်