بين مد وجزر

mememarsh2004 által

867 236 220

لا يوجد هنا بطل محدد او بطله فاتنه الجمال جميع شخصياتي ابطال انفسهم .... كلاً له حكايه وحياته الخاصه معاناته... Több

اهداء قبل البدء
🖤البارت الاول 🖤
🖤 البارت الثاني 🖤
🖤البارت الثالث🖤
🖤البارت الرابع🖤
🖤البارت الخامس🖤
🖤البارت السادس🖤
🖤 البارت السابع 🖤
🖤البارت الثامن 🖤
وقفه
🖤البارت التاسع🖤
🖤 البارت العاشر 🖤
🖤تابع البارت العاشر🖤
توضيح التعريف بالشخصيات
💙 اقتباسات 💙
مهم
🖤البارت الحادي عشر🖤
🖤 البارت الثاني عشر 🖤
مهم
🖤 البارت الرابع عشر 🖤
🖤 الخامس عشر 🖤
اعتذار
هلا 🤗
🖤البارت السادس عشر 🖤
🖤البارت السابع عشر 🖤
اهلين 😇
🖤 البارت الثامن عشر 🖤
مهم
🖤 البارت التاسع عشر 🖤
🖤 البارت العشرون 🖤

🖤 البارت الثالث عشر 🖤

23 9 7
mememarsh2004 által

~~~~~~~~~~~~~~~

‏اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم وسع مدخله اللهم أنس وحشه

~~~~~~~~~~~~~~~

اشتياقي لميتٍ فارَقني، أبدًا لا يُفارقني
غابَ عزيزَ قلبي، فغيَّبَ الدُّنيا عن قلبي

ـــــــــــــــــــ 🍂🍁🍂 ــــــــــــــــــ
~~~~~~~~~~~~~~~

🌸🌸 البارت الثالث عشر 🌸🌸

روايه:-بين مد وجزر
بقلم:-ميمي مارش

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~
~~~~
~~
~
بين مد وجزر
~
~~
~~~~
~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

وتطيبُ الحياة لمن يسعى، فينجح، فيحمد، ثم يسعى، فيفشل، فيحمد، ثم يُبتلى، فيصبر، فيحمد، ثم ينازعه القدر، فيفهم، فيحمد، ثم يستسلم لمن بيده مآلات الأمور، فيطمئن، فيحمد، فلك الحمد دائمًا وأبدًا يا الله.✨

:
:
:
:
:
:

أشقى مخلوقات الأرض ؛ إنسان بذاكرة قوية .

طفل لا يزال في الخامسه من عمره امره عمه باللعب في حديقه المنزل بعد ان زارهم كالعادة وجلب لهم الهدايا وبقي يتحدث بلطف مع والدته لتبقى معهم خالته الصغيره التي تكبره بأعوام قليله

قضى بعض الوقت يلعب بسعاده بكرته الجديده وهو يكاد يطير من فرط سعادته .. لكن ما دعاه للعوده ثانيه الى المنزل هو تجمع الكثير من السيدات والرجال امام باب منزله وفي الحديقه اصوات مرتفعه وصرخات وايدي تشير الى منزل جده البسيط .. هو لم يعتد على هذا هو اقصى ماقد يمر به بكاء شقيقه الاصغر وصوت شهقات والدته الخفيفه اخر الليل ... والان هو لا يريد الا حضن والدته ليحتمي من كل هذه الوجوه الغريبه والتي بدت له مخيفه .. والدته وحدها من تستطيع حمايته ...

ركض عائداً الى المنزل بخوف ليلتمس دفئ وامان والدته ولكنه تفاجأ بالصراخ المنبعث من الداخل ... والذي لم يكن مصدره الا والدته العالقه بين اقدام جده الحبيب الذي كان يركلها بعنف مانعاً اياها من الحديث وعمه جابر الذي يرمقها بنظرات لم يفهمها ..

كان جده منهمك بالحديث مع عمه ويبدو متعب او مريض هذا ما فهمه عقله الصغير لكنه عرف فيما بعد بأنه لم يكن مريض بل كان مكسور ذليل .. كان ينحني مقبل يدي جابر محاولاً اقناعه بأخذهم مع والدتهم ولكن عمه كان يرفض وهو يصرخ به مشيراً الى والدته ...

لما عمه يرفض اخذهم معه ويصرخ بجده هو يريد الذهاب معه هو يحب البقاء مع احمد ومحمد ابني جابر .. يحب اللعب معهما في منزلهم الواسع .. عمه جابر بنفسه كان دائماً عندما يأتي يخبره بأنه سيأخذهم جميعاً من هنا فلما الان يرفض ... وماذا عن والدته هل تبكي لهذا السبب ؟ اتريد الذهاب معهم ....

لكن الحقيقه كانت ان جده كان يتوسل عمه ليستر على ابنته ويطلب منه الزواج بها كي لا يتفاقم الامر اكثر ولكنه كان يرفض قائلاً بأن التي اتهمته اليوم بالتعدي والتحرش بها ماذا ستفعل غداً .. هو لا يستطيع ان يتزوج بها وكيف يأمن على منزله معها ... كيف يسلمها اسمه وشرفه وقد رمته اليوم بأسوى التهم ...

كان جده يقسم نفسه بين ضرب والدته ورجاء عمه حتى انه كاد ينحني ليقبل قدميه ولكن جابر غادر مسرعاً متخطى كل اولئك الذي تعالت اصواتهم صارخه بجده ووالدته

رماها بعرضها وغادر كأنه لم يفعل شيء .. حاول الاعتداء عليها وعندما دافعت عن نفسها اتهمها بشرفها وقال بأنها اخرجت ابنها لتنفرد به وتغريه .. وعندما امتنع قررت ان تفعل اي شيء لتشويه سمعته فصرخت وجمعت كل اهل البلده ....

غادر منتصراً مبتسماً وكأنه لم يفعل شيء وتركها لألسنه الناس ... غادر تاركاً سمعتها وعفتها تداس تحت الاقدام ... هكذا فقط ستأتي اليه راكعه بعد ان اضاع وقته في ترجيها للقبول به وتمنعها .. كان يريدها منذ ان مات زوجها ولكنها رفضت ... حاول اغرائها بالهدايا والعطايا التي يقدمها لأبنائها ولكنها رفضت .. توسلها ان تقبل به وانه احبها ولكنها ابت .. اخبرها بأنه لا يريد لأبناء عائله المجد ان يتربو هنا بين الفقر وهددها بأخذهم ولكنها وقفت بوجهه ... حاول بكل الطرق لم يرد ان يكون بكل هذه الحقاره لكنها اخبرته .. عندما حطمت كبريائه وهشمت كرامته عندما صفعته عندما هددها بأخذ اطفالها اليوم فما كان منه الا ان يفعل ما فعل .. وستأتي اليه راكعه .. 

لن تتحمل هي ووالدها حديث الناس ولن تستطيع رفع عينها بعد الان حتى وان اخبرتهم بالحقيقه من سيصدقها .. الناس من ستصدق ..

إبن عائله المجد المتزوج بإمرأتين والذي يقوم بسد حوائج ارمله ابن عمه واطفالها .. صاحب السلطه والنفوذ والذي لن ينزل لمستوى ابنه التاجر
ام ابنه التاجر الارمله الفقيره .. الام المراهقه كما اطلقو عليها .. من تربي اطفالها بمفردها وتسعى للخلاص من الفقر ؟ .. الن تفعل المستحيل للعوده للعز بعد ان عاشت فيه لأعوام مع زوجها المتوفى ؟ ...

بالطبع يصدقون الاقوى صاحب الصوت الاقوى .. يصدقون ما سمعو وخاصه ان كان القائل رجل .. يتجاهلون كل شيء حتى وان رأت اعينهم الحقيقه سيتصنعون العمى يكفي ان يكون المتهم ضعيف لتثبت عليه كل التهم  ...

اما هي فلما يستبعدون عنها فعل هذا بل انهم يتوقعون منها اكثر من ذلك .. سترمي بنفسها على ابن عم زوجها الذي يقضي حوائجها .. حتى ان كلف الامر سمعتها .. وهاهي فعلت ...

واخذو يسبونها ويشتمونها هي ووالدها لأنها جلبت للبلده العر والفضيحه .. ستلتصق فعلتها بكل فتيات البلده .. سيتحدث الجميع عن نساء البلده ويشوهون سمعتهم فقط لأنها اخطأت بسبب نزوتها ... لوثت شرف الرجل الذي لم يخطئ في حقها والصقت الفضيحه بالبلده بأسرها قبل والدها ...

تكفي ان تكون انثى لتلتصق بها كل التهم .. لتصبح عار .. يكفي ان تكون انثى ليقول عنها احقر رجل كلمه فتصدق في حقها .. حتى وان كانت مظلومه .. تبقى وصمه عار .. لأنها بنظرهم أنثى تظلم فهي خلقت لتقهر لا ليعز شأنها ..

بعد رحيل عمه انطلق الى والدته ليحميها من بطش جده الذي كان يضربها بعنف وقد نال حصته هو ايضاً ... حاول ان يستنجد هو ووالدته بأولئك الذين اتخذو دور المتابعين ولم يتحرك لهم طرف بل انهم كانو مستمتعين

عندما فشل في حمايه والدته اخذ يحاول ابعاد جده -الذي تحول فجأه - عنها بشتى الطرق واخذ يرميه بكل ما وقعت عليه يداه الصغيره هذه والدته .. تهان وتضرب امامه ماذا عساه ان يفعل .. هذه والدته حصنه الحصين لما لا يساعدها احد .. توسلهم كثيراً ولكن لم يأبه له أحد .. هو عاجز عن حمايتها فشل في ردع جده عنها وفي اخر محاولاته القاه جده بعيداً ساحباً اياها الى اقرب غرفه ليغلق الباب غير عابئ بذلك الطفل او لتوسلات ابنته ...

رفض حتى سماع شيء منها يكفي ان تتهم وهو ينفذ الحكم .. عليه ان يغسل عاره فقط هذا ما سيحدث ... كان يضربها بعنف وصوت صراخها وتوسلاتها والسباب والشتائم تعم الأرجاء سواء كانت من داخل الحجرة او خارجها والطفل المسكين يلصق رأسه على الباب ضارباً اياه بكفيه الصغيرين يصرخ بشدة متوسلاً باكياً يطالب بإحضار والدته

لم يكلف نفسه عناء الإنصات حتى .. لم يرد ان يسمع شيء منها يكفي بأن الرجل قال بأنها فعلت فإذاً هو صادق لأن الرجل لا يكذب اما الأنثى وصمة العار تقول اي شيء وتكذب لتبرئة نفسها

الا تملك الحق للدفاع عن نفسها .. الا يجوز أن تقول بأنها بريئة ولم تفعل وانه من هددها مرات عده وعندما رفضته قام بفعل كل هذا ... الأنها أنثى عليها ان تظلم .. وهو الرجل لا يخطئ

أليس هو من أراد أن يلقي بطفلته بيديه لرجل عمره اكبر من عمره هو شخصياً مقابل بعض النقود ولولا تدخل سعد لكان الأمر فعلاً قد تم ؟؟ أليس هو من سلمها طفله ذات ال١٢ ربيع لزوج مجنون يصرع باليوم مرات عدة لتعود إليه شابه فقدت رونقها فقدت شغفها فقدت نفسها وهي لم تتجاوز بعد العشرين عام ؟؟ ... أليس هو من رماها لذاك الجحيم جحيم عائله المجد ؟؟ وها هو يريد أن يعيدها اليه ثانيه ... أليس هو من ساهم في دخولها في غيبوبة استمرت لعام بسبب ضعفه وعجزه امام ابناء تلك العائلة ؟؟

أليس من المفترض ان يكون درع تحتمي به من بطش الجميع لما اليوم يهاجمها هي .. لما يريد قتلها بدلاً من ان يقف في وجوههم ويخبرهم بأن ابنته التي احسن تربيتها لا تفعلها

أليست جديره ببعض الثقه ؟؟ الا يثق بتربيته ؟؟ أليست فلذه كبده ؟؟ لما لا يريد سماع تبريرها ؟؟ الأنها أنثى ؟؟ ...
تمنت في تلك اللحظة أن تموت ولكن لا يزال امامها الكثير

والدها مات مقهور في صباح اليوم التالي .. وعاشت هي مذلوله منبوذه .. لتسلم اغلالها له وتسير نحوه تجر خلفها سلاسل العبودية بعد وفاة والدها بأسابيع اتى اليها وقام بتهديدها بعد ان تأكيد من أنها لم تعد تملك اي قوه للمقاومه فقد اهلك كل دفاعاتها ... فرضيت بمقسومها لأجل أطفالها .. كي لا يلتصق بهم العار طيله حياتهم ... لتلجأ الى ظل الظالم حتى وان اثبتت بفعلتها التهمه التي وجهت إليها ... فوضت امرها لله وتركت كل شيء خلفها حتى انها نسيت روحها وسلمت نفسها لجابر الذي اصبح البطل بأعين الجميع ... يال سخريه القدر ....

العام الذي قضته في غيبوبتها كان العام الفاصل بين العذاب والجحيم .. عام من بعده لم يتغير شيء ظنته حلم لكن للأسف عندما استيقظت تفاجأت بطفلها أمامها هذه الطفله ذات ال ١٥ ربيع تملك طفل يبلغ من العمر عامين ومر عام أخر وتنجب طفل أخر ثم تصبح ارمله عند بلوغها ١٦ من عمرها وتظن ان كل شيء انتهى ولكن لم تكن تعلم بأن هناك عذاب من نوع اخر بإنتظارها مع جابر زوجها الجديد الذي مرغ سمعتها وشرفها تحت قدميه ....

عاش اعوام قليله تحت رحمة جابر الذي اذاقه من العذاب ألوان .. الى ان قرر ان يترك كل شيء خلفه ويتجه لتشييد حصونه بنفسه .. والدته خضعت وسلمت كل شيء وفوضت امرها لله .. وان اعتمد عليها لن يجد الا كل مؤلم ان اعتمد عليها سيصبح نسخه منها .. وهو ابن عائله المجد لم يخلق الا لينتقم ....

ظن الجميع انه لا يتذكر شيء وان كل شيء مر وانه كان طفل لم تحفر تلك الاحداث بذاكرته وانه لم يكن واعي ومدرك لما حدث .. فقد نسي الناس ما حدث حتى ان جابر نفسه كاد ينسى ما فعل ولكن اليوم بالذات سيجعله يتذكر كل شيء بالتفصيل ... سيتذكر اليوم بلا شك وسيتذكر الجميع بعد ان قام بتجسيد تلك الاحداث ثانيه لأجلهم .. سيتذكر جابر وسيعيد حساباته .. فقد ظهر امامه حسين من دون اي قناع ...

مسح دمعه خانته تسللت بخبث محاوله شق طريق يمكنها من العبور لتجلب خلفها صديقاتها ولكنه اغتالها في منتصف الطريق مانعاً اياها من التفكير حتى ..

هو لم يفعل كل هذا ليبكي .. هو خطى خطوه ثانيه بإتجاه جابر ... حتى وان كانت تلك الخطوات تدهس ابناءه حتى وان كانو ابرياء يكفيهم ذنب اسمه المرتبط بأسمائهم ... اجل فهو حسين المختل والده ذلك الرجل المصروع لما لا يصبح هو شيء اعظم ....

ابعد رشيد عنه وهو ينهض متجهاً الى الخارج لإدراك صلاه المغرب ليجد شقيقه يشيح بوجهه للجهه الاخرى ... ماذا ان علم بما حدث اليوم لم يعد يريد ان يراه لأنه مصدوم به فكيف اذا علم بفعلته الأسوء

اتجه الى الخارج مثقلاً بالهموم ولم يشعر للحظه بتأنيب الضمير فهو يرى بأنه لم يخطئ هو فقط اخذ بثأر والدته .. هو فقط لم يراه يتعذب حتى بعد كل ما فعل بل انه كان يهنأ بحياه سعيده .. لقد كان مستقر وهو الذي سلب منهم الكثير .. سلب منهم والدتهم واحترام الناس لهم لم يعد يرى احد يتحدث بموضوع والدته ولكنه يتخيلهم يشيرون اليه كلما رأوه ... المره السابقه كان انتقام صغير لما فعلوه بحقه وهذه المره لأجل والدته .. هو لم يكتفي بعد ليس بنادم وإن كان يعز عليه ان تكون تلك الفتاه الطريق المؤدي الى جابر العزيز ولكن لا بأس فقد أذى من هو اغلى منها  في سبيل الانتقام ....

‏"كل شي يمر، ولكن ليس كل شي يُنسى."

اتجه الاخر بتثاقل الى الاريكه يشعر بخدر في جسده يتمنى لو ان ما حدث لم يكن الا حلم او انه توهم كل ما حدث بسبب تلك الادويه التي يستخدمها ولكن هيهات .. لم يجد كلمات ليعبر عن مدى انكساره وخيبه امله بشقيقه الذي شعر بأنه كان مخدوع به طوال الوقت .. لم يشعر الى بدمعاته تنساب ولم يقوى حتى على مسحها ...

هو لم يمر بنفس ما مر به شقيقه ولم يدرك مدى الوجع الذي يشعر به ولكن وان يكن كيف يستخدم تلك البريئه للنيل من جابر ..

صدمته بتلك الكلمات التي قرأها فاقت صدمته بعنوان البريد الالكتروني الذي اعطاه محمد إياه .. عندها دق ناقوس الخطر .. شقيقه يفعل شيء بهذا الحساب المحمي الذي اعده له هو بيديه .. ماذا يفعل به ياترى هل الامر متعلق بالشركه ام ماذا .. وكيف لمحمد ان يعلم ...

تلك المحادثات التي جعلته يتأكد مئات المرات من المرسل .. لا يصدق ان هذه الكلمات تخرج من فم شقيقه .. لا يصدق ان هذا المبتز هو شقيقه .. لما ؟ وما شأن ارزاق ؟ وكيف علم محمد ؟ وماذا قد يكون قرأ من كل هذه المحادثات ؟ وهل اذاها ؟ وهل يعلم احد غيره ؟ .. هل شقيقه بخطر ؟ .. وهل عليه مساعدته ؟ هل يتركه يتلقى جزاء ما يفعل ويخبر محمد بأن ذلك الحساب هو لشقيقه ؟ ..

شقيقه يفعل شيء يتناف مع اخلاقه وهيئته .. وكأن هذا الذي يقرأ عنه شخص اخر شخص عديم الرحمه .. شخص حقير .. يبتز فتاه ويهددها بسمعتها .. توسلاتها في كل رساله جعلته يشعر بمدى حقاره شقيقه .. صدمته بشقيقه تفوق كل الصدمات التي قد يتعرض لها ذات يوم لا يظن ان هناك اسوى من هذا الشعور الذي يشعر به الان ... مؤلمه هي الخيبه ... 

نهض عندما ادرك ان الصلاه قد اوشكت على الانتهاء لن يدركها بالتأكيد لينهض متجهاً للأعلى ليأدي الصلاه في غرفته المكان الوحيد النظيف في المنزل ...

انتهى من أداء فريضته ليتجه الى السرير يلقي عليه ثقله بعد ان تأكد من اغلاق الباب فهو يعلم جيداً ان حسين سيعود وسيأتي لتبرير ما يفعل هو لم يسامحه ولن يسامحه ... هو لم يخطئ في حقه هو تعدى حدوده مع من اعتبرها اخت له ..

فتاه ترعرع معها وشاركها العابه ورعاها اكثر من اخوتها حتى ... كان دائماً يرافقها كظلها فقد كان مكلف برعايتها بأوامر من جابر فقد كانت مدللة الجميع بإعتبارها الفتاه الوحيده .. ولكن هذا لم يكن يزعجه بل كان يروق له ان يصبح مسؤول عن احد اصغر منه .. يتذكر كم بكيت عندما استيقظت ذات يوم ولم تجده وعلمت بأنه غادر ليذهب للعيش مع شقيقه ..

يتذكر ذلك اليوم جيداً عندما قدمت الى هنا وترجته ان يعود ولكنه اخبرها بأنه قد كبر ولم يعد من الممكن العيش الى جانب والدته في منزل عمه جابر .. يتذكر في ذلك اليوم انها قالت كلمات رسخت في ذاكرته للحظه .. اخبرته بكل براءه بأن احمد ومحمد يعيشون مع والدتهم فلما هو لا يستطيع ... هناك ادرك الفرق بينه وبينهم ... هم لا يزالون مع والدتهم لأن والدهم هو جابر ... جابر الذي يأخذ ولكنه لا يعطي .. جابر الذي اخذ منه والدته واجبره على الرحيل .. لحسن حظهم انهم ابناء جابر والا لكان اخذ امهاتهم هم ايضاً ... هو لا ينكر انه يكره جابر ويحقد عليه لكنه لا يرى ان الانتقام سيغير شيء او سيعود عليه بالنفع ...

لما ينتقم ؟ لأنه اخذ والدته منهم ؟! اذا كانت تريدهم لما تركتهم .. هو لا يلومها فمن حقها ان تعيش كما تريد وتتزوج ايضاً فقد مات والده وهي لا تزال صغيره ولم ترى من الدنيا شيء .. ولكنه لا يستطيع تجاهل انها تركتهم وجعلت جابر يفعل بها ما تشاء حتى انه يمعنها من القدوم اليهم او ربما هي من تعجز عن الخروج من المنزل ... 

اغمض عيناه بقوه محاولاً طرد تلك الافكار من رأسه والرغبته التي تكاد تتملكه وتقوده للإلتجاء الى احضان والدته .. لينظر ثانيه الى جهازه اللوحي وهنا عادت أرزاق الطفله تتقفز امامه ...

أرزاق الفتاه التي كان هو من يحميها من الاطفال المؤذيين ويبعد عنها كل من يزعجها .. اليوم يعجز ان يحميها من شقيقه ويبعد شره عنها .. هو للان لا يصدق ماحدث وكم يتمنى ان يفتح عيناه غداً ويجد كل شيء على ما يرام ويعود ليرى شقيقه ذو الملامح الملائكيه كما هو لا يريد ان يرى وجهه الذي اصبح بغيظ بالنسبه له ..

ظل يحدق بالسقف وكأنه يتابع احد الافلام بإهتمام كبير ... لكن الحقيقه هي انه كان يحاول استرجاع كل تصرفات شقيقه .. كانت كلها طبيعيه لم يثير الشك .. كان طبيعي لدرجه انه لم يشرد يوم او يغرق في تفكيره ليظنه يفكر في شيء ما ويثير اهتمامه هو شقيقه اكثر من يعرفه .. لكن حسين كان دائماً متيقض حريص .. حقاً لم يتوقع منه شيء كهذا حقاً ... 

صدح رنين الهاتف في الغرفه قاطعاً حبل افكاره .. نظر الى الهاتف لثواني ليجدها ميار .. لا يريد ان يتحدث معها وهو بهذا الوضع لا رغبه لديه في الحديث لا يريد ان يضايقها بكلمه لا يريد ان يضعف لا يريد ان يشرح وضعه ويبرر ... لا يريد تجاهلها ايضاً ..

ظل يراقب الهاتف لثواني حتى كف عن الرنين ... ثواني حتى صدح صوته مره اخرى .. التقطه بتردد .. ماذا ان الحت عليه بالحديث لا يريد ان يتحدث عن شيء ... لكنه يحتاج صوتها .. لم يحضى بحضن والدته فلما يحرم نفسه من دفء صوت زوجته .. هو يحتاجها لا ينكر ولكنه رجل .. لا يريد ان يظهر ضعيف ....

اعاد الهاتف ثانيه لكنها كانت مصره تنتظر رده .... مره واثنان وثلاثه واربعه ... حسناً لا يريدها ان تقلق .. التقط الهاتف ليرد بهدوء وقبل ان يتفوه بكلمه واحده وجدها تنفجر في البكاء ... انتفض من على فراشه بفزع .. ماذا حدث ؟ هل حل مكروه بها او بأخواتها ؟ ماذا يجري عندهم ؟ كيف استطاع تجاهل كل تلك الاتصالات ربما وقعت في مشكله وتريد مساعدته ربما اصابها مكروه ما ... هتف بلهفه وخوف:
ميار هل انتي بخير ميار اتسمعينني

لم يسمع شيء سوى صوت شهقاتها المتتاليه ليدور في الغرفه بجنون يبحث عن مفاتيح سيارته ويسرع الخطى راكضاً الى الاسفل وقلبه يكاد يخرج من مكانه ... متى سيصل اليها ليعلم ماحل بها .. كيف يتركها ويعود الى هنا كيف يفعل .. كان من المفترض ان يكون بجانبها لانه يعلم بأنها لا تستطيع تدبير امورها بمفردها ... هن ثلاث فتيات وما عساهن ان يفعلن لو واجهن مشكله ما ...

كان يحاول التواصل معها والحديث ولكن في كل مره لا يسمع سوى بكاءها الذي مزق نياط قلبه .... سب نفسه مئات المرات وهو يركل سيارته التي كانت فارغه من البنزين ليهرع الى سياره حسين متجاهلاً ما يرتديه وقد عزم على السفر والذهاب اليها وكم ود لو كان يملك جناحين لحلق الان وما عاش حاله الترقب والرعب هذه ....

عاد ادراجه الى المنزل يبحث عن مفاتيح سياره حسين لكنه لم يجدها ليصرخ بإسمه بقوه عائداً الى الخارج ثانيه يتخبط كالمجنون وما ان رأى حسين يسرع اليه حين رأه في تلك الحالة ليمسكه من تلابيبه وهو يصرخ به ان يعطيه مفاتيح السياره ...

كان عائد الى المنزل لا يعلم كيف يواجه شقيقه بما حدث لا يدري كيف ومن اين يبدأ وكيف سيقنع شقيقه بأنه كان يفعل الصواب ويخبره عن امر أرزاق كي لا يعلم من غيره ويسوء الوضع ... اتجه الى فناء المنزل ليجد شقيقه يتحدث في الهاتف بخوف ويدور في حديقه المنزل كالمجنون ليسرع اليه وقد شعر بأن قلبه سيتوقف فما الذي حدث .. ما به شقيقه ..

اسرع إليه ليجد الاخر ينقض عليه يتحسس جيوبه باحثاً عن شيء ليتصنم امامه وهو يصرخ به ان يعطيه مفاتيح سيارته ... نظر اليه ببلاهه ليصرخ به الاخر وهو يضربه على صدره بقوه مكرراً طلبه بصراخ ...

لمح اسم ميار يضيء الشاشه عندما كان يتحدث معه ليعلم ان الامر يخص زوجته اذاً هناك شيء وشقيقه سيكون كالعاده في قمه الضعف ان تعرضت لمكروه .. لذا اسرع الى الداخل يحضر مفاتيح السياره ليعود من فوره ويجد شقيقه قد خانته قدماه يجلس القرفصاء متكئً على سيارته يحاول تمالك نبره صوته وهو يحاول طمأنه تلك التي تحدثه ويرجو منها عدم البكاء واخباره بما حدث

فتح باب السياره ليلقي بشقيقه بداخلها ليستقل هو كرسي القياده وينطلق الى خارج البلده بسرعه جنونيه ... شقيقه يكاد يصاب بالجنون هو على شفا حفرة من الانهيار ... ما التقطته اذناه ان الفتاه لا تكف عن البكاء وشقيقه يحاول جعلها تتحدث بشتى الطرق ولكنه فشل .. هل تتلاعب بأعصابه ام ماذا .. ان كان هناك شيء فلما لا تنطق .. كيف يستطيع ان يظل هكذا هادئ ولا يصرخ عليها لجعلها تتحدث كيف يسمح لها بأن تجعله يعيش كل هذا التوتر وهي تستطيع كتابه ما تريد ان لم تكن قادره على الحديث .. هل شقيقه ضعيف امام هذه الفتاه الى هذه الدرجه ...

وقف في منتصف الطريق فجأه ليجذب الهاتف من شقيقه بعنف لينظر اليه الاخر بصدمه ليصرخ حسين في الهاتف:
انتي يا فتاه لا تتلاعبي بأعصابنا نحن لسنا دمى لديك تحدثي اين انتي الان

لم يجد اي رد سوى الصمت .. كانت تكتم شهقاتها محاوله تمالك نفسها ولكنها فشلت ... لتنفجر ثانيه بالبكاء ليغمض عيناه بنفاذ صبر ويلقي بالهاتف الى شقيقه وهو يهتف:
لن تتحدث حدد موقعها وسنصل اليها بإذن الله قبل حدوث شيء

صرخ به رشيد بغضب فكيف يتحدث هكذا مع زوجته ويصرخ بها من يكون ليفعل حتى انه كاد ينقض عليه ضارباً اياه من شده جنونه لكن في تلك اللحظة سمع صوتها الضعيف الذي خرج بصعوبه يمليه عنوان المشفى

ان كانت تظن انها قد طمأنته فهي مخطئه .. اي مشفى هذا الذي هي فيه ولما هي في المشفى ماذا حدث وهل هي بخير كل تلك الاسئله كان يسألها اياها وهو يكاد يفقد عقله وشعور العجز يكاد يقتله .. كلما توصل اليه انها في المشفى وان احدى شقيقاتها ليست بخير بسبب تكرارها لإسمها

يظنون أنك تستطيع تجاوز الأشياء وكأنها لم تحدث، لكن والله لا شيء مر علينا سهلاً، بكل مرة تخسف بأرواحنا الأرض، والله وحده الأعلم كم كلفنا الصمود بكل مرة.

:
:
:
:
:
:

لا أحد سينتبه لتعب ذاك الذي اعتاد أن
يهبهم الأمان دائمًا، و دائمًا سيسقط وحيدًا".

في منزل عائله سعد المجد

اجتمع الكل على طاوله العشاء والصمت يعم المكان ... تترأس مرام الطاوله تأكل بعدم اكتراث لما يحدث على الطالوله او ربما كانت تتجاهل كل هذا لترى الى ماذا سيصلون ..

لا زالت ملامح القلق تملأ ملامح ريتاج التي كانت قد اتصلت بأحمد مراراً لكن هاتفه مغلق ... وامجد الذي يرمق سراج بنظرات ذات معنى ليتجاهله سراج كلياً وكل همه ارضاء والدته اما ريماس فقد ارتعبت من تلك النظرات التي يرمقها بها عمها .. ماذا فعلت هي لم تفعل شيء واخذت تراجع ساعات يومها وماذا قد تكون فعلت ولكنها لم تجد شيء ... طوال اليوم كانت تقبع في غرفتها لتذاكر للإمتحانات التي ستبداء هذا الاسبوع ... وراما تتحاشى النظر الى جهه والدتها ..... اما رنيم وريما فقد كانو وحدهم من يتناولون عشاهم بهدوء وراحه بال ....

انهى الجميع عشاه ليتجهو الى حيث اعتادو دائماً بجانب التلفاز ليغمز امجد لريما التي فهمته من فورها واتجهت الى الاعلى لتجهيز مكان ما في غرفته لإستقبالهم واخذت ترتب عليه الاشياء التي خرجو قبل العشاء لإحضارها للإستمتاع بسهرتهم الليله ...

كاد سراج يتحدث مع والدته لولا امجد الذي نطق بجديه:
على اي اساس اخترت تخصصك سراج
التفت اليه سراج يستغرب سؤاله ذاك ونبرته الجديده هو دائماً يتحدث معه بأسلوب استفزازي وساخر ولكن هذه المره كان يبدو ان هناك شيء لما كل هذه الجديه عندما اطال الصمت اكمل امجد وبإبتسامه:
اقصد هل كانت هذه طموحك مع اني اراك تبرع في اشياء اخرى
رفع سراج حاجبه بإستنكار فمابه امجد اليوم منذ متى يهتم بشيء يخص دارسته ليهتف بهدوء:
مثل
اراح امجد ظهره على الاريكه لينظر الى مرام قليلاً ثم يعيد نظره الى سراج ليقوس شفتيه بمعنى لا اعلم ليكاد سراج يتحدث ليهتف امجد وهو يشير بيده في الهواء متحدثاً بإقتراح:
كاتب او روائي مثلاً او حتى صحفي
ارتفع طرف شفته بسخريه تزامناً مع حديث امجد ليسترسل قائلاً:
انا فقط اقترح ذلك نظراً لخيالك الواسع وموهبتك الكبيره في سرد الحكايا و الروايات عزيزي سراج لكن يبدو ان الاوان قد فات فالإمتحانات على الابواب

في البدايه لم يفهم ما يحاول إيصاله والوصول اليه فأي روايات هذه ومتى قد قام بقول قصه او ما شابه ..

الجميع كان ينظر الى امجد بترقب فأمجد لا يقول اي شيء هكذا لا بد من ان هناك شيء ما نظراته كانت موجهه لريماس ايضاً التي سرعان ما تذكرت تلك الكذبه التي انطلت على ريما ... اتراها اخبرته .. وان اخبرته ما المشكله لما كل هذا الغضب ...

نظرت مرام الى امجد لتهتف بجديه:
وضح امجد

زفر بضيق ثم وجه نظره اليها ليهتف بجديه:
سراج ... الشاب العاقل الذي سيتحمل ذات يوم المسؤوليه وسيكون المسؤول عن كل شيء بالاخص شقيقاته ..

اومأت له تحثه على الحديث عندما صمت ينظر الى سراج بسخريه .. سراج فعل شيء استفز امجد هذا المعتاد ولكن بالعاده يتحدث معه لوحدهم لما هذه المره امام شقيقاته ام انه قد طفح الكيل ام ماذا .. ليكمل امجد وهو ينظر الى الجميع بما فيهم سراج نفسه وبجديه:

هو من كان السبب في الحاله التي كانت فيها ريما .. وبدون خجل يقوم بروايه قصه من نسج خياله يخبرها فيها بأنها ليست شقيقتهم وانهم وجدوها في الطريق بل واقنعها بذلك ... احاول اخبارها بأنها مخطئه وانها مزحه من شقيقها لكنها لا تصدق بصعوبه اقتنعت بحديثي

التفتت اليه ترمقه بعدم تصديق لينظر اليها سراج بتوتر فما الذي ستفعله اكان ينقصه هل صدقت تلك الغبيه .... لم تلبث والدته حتى نظرت اليه بنظرات اصابته في مقتل ونهضت متجهه الى الاعلى متجاهله نداء سراج الذي اخذ يركض خلفها كي لا تغلق باب غرفتها كالمره السابقه ويتضاعف غضبها منه فعندها لن يستطيع تحمل تجاهلها اكثر من هذا ...

صعد خلفها بينما امجد نظر الى ريماس وكاد ينطق لولا نهوضها والتصاقها به وهي تهتف بنبره قاربت للبكاء:
اقسم انه منعني من المشاركه
زم شفتيه بضيق ولتوسلاتها التفت اليها وهو يهتف بجديه:
اتعلمين ماذا كانت تشعر به طفله بعمرها .. هي لا تزال طفله تصدق كلما يقال وانتم لم ترفقو بها ماهذه الحكايه التافهه التي اخذتم تقصونها عليها لقد جعلتموها تشعر بأنها ابنه تلك الماعز حقاً

ريماس بندم:
اقسم انه سراج ثم ان هذه الحكايه مرت علينا كلنا حتى اسأل رنيم
ابتسمت رنيم وهي تومئ برأسها بالإيجاب وقد اخذت تتذكر نفس تلك الكذبه عاشتها هي ايضاً ولكنها لم تطل فقد سألت ريتاج واخبرتها بأن سراج كان يكذب لا غير ثم انها كانت فتاه واقعيه وليست كما ريما التي تعيش في الاساطير القديمه

حركت شفتيها بضيق لتنظر اليهم بلا مبالاه وهم يقصون عليه ماكان يحكيه لهم سراج ويحاول اقناعهم به .. ظنته قد كبر واصبح واعي لكن الحقيقه ان سراج لا يتغير ... تشعر بالقلق بشأن احمد ولكنها لم ترد التحدث مع امجد وازعاجه وقررت الانتظار ساعه اضافيه .. هناك ما يمنعه من القدوم وهذا ما تخشاه ان يكون ليس بخير ....

لاحظ نظراتها المتنقله بين طفليها والساعه ليدرك قلقها على احمد ربما لم يخبرها بشيء ولم يصلهم اي خبر من منزل جابر ... التهت الفتيات بمتابعه احد المسلسلات كالعاده متجاهلين سراج وما يحدث معه ليتحمل نتيجه افعاله .... ليتجه هو الى ريتاج ليتحدث بهدوء وهو يلتقط سراج الصغير ويقبله بعمق:
هل هناك خطب ما
اعادت هاتفها على الطاوله امامها لتفرك عنقها بتوتر وهي تتحدث بهدوء:
احمد لم يتصل حتى الان لقد اخبرني بأنه س....
قاطعها متحدثاً بتعجب:
ولما كل هذا القلق هل هناك مشكله او ما شابه
هزت رأسها بلا ليبتسم لها مطمئناً إياها:
لا تقلقي وجدته برفقه والده عندما عدت الى المنزل ... ربما انشغلو في شيء ما تعلمين جابر .. لا يحل وثاقه اذا رأه الا عندما ينهي برفقته كل الاعمال التي يؤجلها خصيصاً ليستلمها احمد

ربما تتمنى ان يكون هكذا ولكن ماذا عن هاتفه لما لا يرد
رفعت رأسها لتتسأل ولكنه سبقها بقوله:
في النهايه هاتف وله الحق في ان يفرغ شحنه ... حتى وان لم يأتي هل تمانعين من البقاء هنا
هزت رأسها بالنفي وهي تربت على كف عمها:
لا اعني هذا ولكنها المره الاولى التي يفعلها
ابتسم وهو يضع سراج في حضن والدته وينحني مقبلاً رانيا النائمه ليهمس لها بمكر:
ربما قد مل من هؤلاء الاثنان ... لم تعودي بمفردك تزعجيه
ضحكت بخفوت لتهتف بعدها:
انت لم ترى كيف يتعامل معهم .. هو حتى يخشى حملهم يظن ان كل شيء سيأذيهم

ظلا يتبادلا الحديث حتى تذكر ريما عندما وصله صوت نداءها من اعلى السلم لينهض بسرعه مصفقاً بكفيه بقوه كعلامه لإنتهاء وقت الاستراحه التي حدده صباحاً لرنيم وريماس ليتابعو مذاكرتهم كما وعدوه فالامتحانات على الابواب ..
لينهضو بضيق لكن ملامح امجد الغاضبه المصطنعه التي بدت لهم لطيفه جعلتهم يركضون للأعلى وهم يضحكون بخفوت ... ليلتفت وهو يلقي لريتاج بجهاز التحكم لتلتقطه قبل ان يقع ارضاً ليرسل هو بدوره قبله في الهواء لريتاج وهو يهرول للأعلى بعد ان ازدادت حده صوت ريما  ..

ابتسمت ريتاج بسعاده وهي تراه هكذا لا يتغير منذ وقت طويل وهو يلعب دور الاب الحنون وكم احتواهم .. تظن ان والدها اذا كان حي حتى الأن لن يقدم لهم ما يقدمه لهم امجد .. امجد اخذ كل الادوار ورتب فصول حكايتهم لتصبح اجمل ... امجد قدم لهم كل ما يحتاجون كل هذا كي لا يشعرون بغياب والدهم ..

امجد هو الذي امسك بيدها وسلمها لأحمد واخذ يوصيه عليها لا بل كان يهدده بالقتل ان حدث لها شيء ... سلمه اياها بعد ان اخرجها من منزلها بحفل زفاف اسطوري لم تشهده البلده من قبل .. امجد فعل لهم كل شيء ونسي نفسه ... تتسأل احياناً ان كان قد فكر في نفسه مره هو يأثرهم على نفسه .. امجد سبق سنه بأعوام ليحتويهم ويضمهم تحت جناحه كأب واخ وصديق امجد اجمل ما حدث لها هي وعائلتها الصغيره تلك من اول واكبر فرد فيها الى ريما لا بل اصغرهم سراج ورانيا ....

بينما هو يصعد للأعلى انتبه لتلك التي تقف على باب غرفتها وكأنها كانت بإنتظاره ليقترب وهو يرسم إبتسامة بسيطه على شفتيه ليقترب منها متحدثاً بحماس:
هاه هل قمتي بإعداد لوحه جديده
هزت رأسها بالنفي وهي لا تزال على وضعها تضم يداها الى صدرها وتستند على باب غرفتها ليعقد حاجبيه بإستياء وهو يبعثر خصلات شعره الخفيف:
الم تخبريني بأنك ستعدين لوحه لسوران ام انك كنتي تكذبين علي على اي حال مهما كانت اسباب كذبتك فأنتي ستنفذين وعدك لا شأن لي

ليس غبي كي لا يلاحظ تلك الملامح الذابله ولكنه يريد تلطيف الجو بعض الشيء محاولاً عدم هدم تلك الحصون العنكبوتيه التي تختبئ خلفها حالياً متظاهره بالثبات يعلم انها تبذل مجهوداً لتبدو بهذا الحال الجيد ..
التفت الى الدرج ليرى ريما تنفخ خديها بغضب طفولي ليسرع اليها وهو يعطيها هاتفه ليكسب بعض الوقت:
انظري ابحثي بين هذه الافلام ما يعجبك واسبقيني للأعلى قومي بتوصيله بشاشه العرض او الكمبيوتر وانا سألحقك
التقطت الهاتف بحماس ليكمل وهو يدفعها لتصعد الدرج:
اريده مميز لن ارضى بأقل من هذا اختاري بعنايه
اومأت وهي تسرع للأعلى تقلب بين هذه الافلام الكرتونيه ما قد يناسبهما ...

عاد ادراجه حيث تقف راما ليدلف الى الغرفة وتتبعه هي بهدوءها المعتاد ... جلس على حافه السرير ليجلسها بجانبه وهو يهمس:
ما بال عيناك تشتكيك عزيزتي
تفقدت خديها بسرعه هل نسيت ان تمسح دموعها قبل ان تخرج وتنتظره ... اقترب اكثر وهو يسحب رأسها واضعاً اياه على صدره مردداً بهدوء:
لماذا تريدين رؤيته ... الم تخبريني في اخر مره بأنك لا ترغبين في زيارته ماذا تغير الان
هزت رأسها بلا اعلم ليقبل رأسها وهو يهتف ناظراً الى عيناها:
راما ساعديني لنساعده ارجوك .. ان كنتي تعلمين شيء فأخبريني

تشنجت تعابيرها ليمرر ابهامه على وجنتها وهو يهمس مطمئن اياها:
لن يعلم احد اعدك بذلك .. هو له الحق بأن يعيش مع والده
هزت رأسها بلا وهي على وشك الانهيار بالبكاء ليومئ لها بالموافقة وهو يهتف:
حسناً كما تريدين .. لكن اذا تراجعتي عن قرارك اخبريني صدقيني ما افعله هو لصالح الطفل ..

التزمت الصمت لينهض وهو يهتف بهدوء:
لك ذلك.. سأخذك معنا عندما نذهب لمرافقه ريماس ورنيم بدايه الاسبوع .. هل يناسبك الميعاد
تحدثت بخفوت وقد شعرت بنبرته الحزينه هي تثق به ولكنها لا تستطيع ... لا تريد كسر كل شيء عليها الصمت وان كان الثمن غالي لن تسمح بأن تخسر شيء اخر يكفي ما خسرته همست بخفوت ليقف دون ان يلتفت صمتت لثواني تحاول ان تجمع بعض الكلمات ليلتفت وهو يستند على باب الغرفه ويرسم على وجهه ابتسامه هادئه قائلاً بحنان:
لا تضغطي على نفسك اكملي لوحاتك فحسب لا تفكري كثيراً كل شيء على ما يرام

لم تدري ماذا تقول ليرسل لها قبله في الهواء ويغلق الباب متجهاً الى الاعلى لن يضغط عليها لن يجبرها على الحديث يكفي ما تمر به ويكفي عدم تفهم الجميع لحالتها تلك ... هو من كان السبب بكل ماحدث لو انه لم يأخذها معه قبل سنوات لما حدث ما حدث ... مسح وجهه بعنف وهو يستغفر في سره

كانت لنا ألواننا ، متى أنسكبنا في الصخام ؟

في طريقه وجد سراج يدلف الى غرفه والدته وهو يحتضنها من الخلف يحاول تقبيلها وهي تبعده بضيق وتهتف بكلمات حانقه بينما هو يحاول مراضاتها ببعض الكلمات ... لابد من ان ترضى هذا هو سراج كلما كبر زادت بلاهته لكن هذه الفتره ازدادت بلاهته اكثر .. هناك شيء يحدث معه .... شروده الغريب والعجيب هدوءه في بعض الاحيان وجنونه المتزايد في احيان الاخرى ... ام انها ركلة سوران ؟؟؟؟؟ .....

صعد للأعلى ليجد ريما بإنتظاره .. جلس بجانبها لتسرع هي تتوسط احضانه تشاركه بعض التسالي التي جلبوها سوياً .. تتابع الفيلم الذي كان من اختيارها بحماس بينما هو كان شارد الذهن وقد اشتركت في عقله افكار اضافيه جديده .. ابنه جابر وماقد حل بها ...

انحنى قليلاً ليلتقط الهاتف يعبث ببعض الارقام في محاوله الوصول لهاتف احمد لكنه كان مغلق ... حسناً هناك المزيد من القلق الذي ستعيشه ريتاج ... هو بالتأكيد ليس في حاله تسمح له بالحديث مع احد .. ولكن اليس من المفترض ان يخبر زوجته بأنه لن يكون بمقدوره العوده ....

:
:
:
:

في غرفه مرام ...

كانت تتوسط احد المقاعد تضع قدم على اخرى متكئه بذراعاها على ركبتيها منحنيه للأمام تتابع بدهشه ذلك الذي يجلس امامها يفترش الارض وهو يتحدث بحماس مبالغ به ... بعيداً عن كونها لم ترضى عنه حتى الان كان يتحدث عن المستقبل .. عما سيفعل ... يتحدث بطريقه غريبه بحب وامل وتفاؤل وحماس واصرار .. لأول مره تراه هكذا ... لقد كان حديثه قبل هذا اكثر برود كان لا يبالي بشيء مابه تغير هكذا فجأة .... هل هذا سراج ابنها حقاً ؟؟؟ ...

عقدت حاجبيها ببذهول عندما نطق تلك الكلمة التي هتف بها وهو يشير بيديه ويكمل بحماس كبير وكأن لا احد في الغرفه سواه لا هو يتحدث وهو ينظر الى مقلتيها بعيون تبرق ببريق لم تفهم ما سببه ومن اين اتى وسلك طريق الى عينيه المنطفئه ...

:ماذا كنت تقول
هتفت بها مقاطعه ذلك الخيال الذي قد غاص به وقد كاد يصل الى اعماق لم تدرك بأنه يكاد يغرق بها ....

نظر اليها بإبتسامه وهو يحتضن كفيها ويكمل بنفس الحماس:
كنت اقول بأني لن اترك المنزل عند زواجي وسأقوم بتغيير ديكورات غرفتي لتكون جاهزه لإستقبال عروسي امي .. لا تقلقي انا لن احبها اكثر منك اعلم بأنك تغارين كثيراً لذا كوني مطمئنه لن تكون اهم منك لدي .. انتي في النهايه والدتي

تحسست جبينه وبشك:
سراج انت بخير اليس كذلك

انزل يدها من على جبينه الى شفتيه ليقبل راحته يدها وهو يهتف برجاء:
امي ارجوك اريد ان اتزوج عندما انهي اختباراتي على الفور ... ارجوك امي .. 
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد ارتفعت شفتها بسخريه منذ متى يهتم بشيء كهذا منذ متى كبر واصبح يفكر بهذه الطريقه يريد الزواج ويجهز لإعاده ترتيب غرفته ... وهل اختارها ياترى ... واين قابلها ومنذ متى يعرفها ام انه يمزح ام ماذا هي ليست مقتنعه بشيء يقوله ولكن بلاهته هذه وسذاجته الا متناهيه تخبرها بأن ابنها عاشق حقاً .... منذ متى وكيف ؟؟؟؟؟

ظلت ترمقه بعدم اقتناع فتحدث برجاء:
اعلم انك قد تكوني في حاله صدمه وذهول ولكني امي احببتها .. أريدها انا منذ ذلك اليوم وانا لا استطيع التفكير بسواها ..

يعلم مدى تأثير تلك الكلمات عليها ويعلم انها مصدومه ليراها ترفع حاجبها بإستنكار ليقترب منها ليجلس بجانبها محتضناً اياها من اكتافها وهو يضع رأسه على كتفها لتفتح عيناها بذهول لسماعه يتحدث بحالميه:
امي لقد احببتها من دون ان اشعر حتى .. لا اعلم كيف لكن ما اعلمه هو اني لا اريد ان لا يكون ذلك الشعور مجرد شعور  اريده ان يصبح واقع واستطيع التحكم به ...

ابتعد سريعاً واخذ يتحدث وهو يتحرك في الارجاء ويحرك كل ما تقع عليه عينه في محاوله فاشله لشرح وتوضيح مشاعره التي سيطرت عليه منذ ان وقعت عينه عليها  ....  بينما استمرت مرام تراقبه وتدرس تصرفاته وكأنها لا تعرفه بلى هي لا تعرف هذا الذي يقف امامها هذا شخص اخر غير ابنها هذا فتى اكثر بلاهه وسذاجه وفي نفس الوقت هذا تنبعث منه طاقه غريبه ملأت الحجره بشيء من الحياة وكأن كل ما يلمسه يصبح اكثر بريق ام ان حماسه وتلك الطاقه بدأت تتسرب من بين يديه لتعم المكان:

عندما رأيتها شعرت وكأنني .. لا اعلم شعرت بشعور غريب ... كذلك الشعور الذي يجعلك تحلقين وانتي لا تزالين على الارض لقد شعرت لوهله ان كل شيء توقف ... كانت تشبه سوران امي ... لقد كانت ترتجف خوفاً لكنها ثابته .. هو كذلك كان خائف ولكنه كان شرس عنيد ...

هنا علمت عن من كان يتحدث .. إيلام .. ومن غيرها .... ماذا عليها ان تقول وكيف لها ان تستأمن هذا الطائش على فتاه بكل تلك الهشاشه ... هي والدته ولم تسلم من جنونه شقيقته الصغرى جعلها تعيش حاله اضطراب ولن تمرر كل هذا له .. فكيف يأتي اليها الان ويخبرها عن حبه او اعجابه بفتاه تعتبرها احدى بناتها .....

تركته يتحدث ويتحدث حتى جثى امامها وهو يقول بترقب:
امي انتي تفهمينني اليس كذلك ...
ادارت وجهها للجهه الاخرى ليحتضن وجهها وهو يهتف بحنان:
امي بالله عليك كفاك تعذيب .. انا لا استطيع ان اراك هكذا .. امي انا ضائع انا تائه ... انا لا استطيع التركيز بشيء .. من جهه انتي ومن جهه اخرى هي

نظرت اليه بحده وهي تهتف:
ولما تفكر بها ما شأنك بها اين رأيتها وهل تحدثت معها

عقد حاجبيه بدهشه من حدتها هذه ليجلس امامها وهو يحرك رأسه بعدم فهم:
امي ما بك .. لقد رأيتها في ذلك اليوم عندما هاج سوران ولم احادثها وكيف احادثها اساساً ولما ... لقد كانت صدفه ولم استطع ان انتشلها من رأسي ... ثم كيف لما افكر بها الم تسمعي ما قلت منذ قليل هل ...

قاطعته بجديه وهي ترمقه بإستياء:
وعلى اي اساس تصبح معجب بها سراج .. انت حتى لا تعرفها ... لقد تجاوزت مرحله المراهقه ... ام ان هذا ما كنت اظنه ؟؟ ... سراج عد الى رشدك انت لم تفعل هذا عندما كنت مراهق صغير

تعجب من لهجتها تلك هو ليس معجب هو يحبها بالفعل ... وهل اصبح حبه جنون ما الخطأ في ان يحب فتاه ويطلبها للزواج ....
لم يدري ماذا يقول هل والدته تظنه يمزح ام ماذا هو يعلم انه يحبها وهذا يكفي يعلم انه ينقصه الكثير للوصول الى تلك المرحله ولكن ما يعلمه هو انه ليس معجب بها فالاعجاب من الممكن أن يتشابه مع الحب ولكن من المستحيل ان يستمر هو يستطيع ان يشعر بأنه احبها هي ولم يعجب بها فحسب ...

ابتلع ريقه بصعوبه وقد خشي ان ترفض والدته وكأنه قد تناسى الطبقات والفروقات التي بينهم ... والدته ليست كذلك ولكنه هو كذلك ... هل تسرع .. اهذا ما يقال عنه حب من النظره الاولى .. لقد فقد عقله بلا شك ... هو يعيش صراع بداخله ولكنه متمسك بكونه يريدها مهما كان الثمن ....

شعرت بكل تلك الفوضى التي تختلج بداخله لتهتف:
بني الاعجاب لم ولن يكون في يوم حب يولد ويستمر ... الاعجاب هو ذلك التوأم الوسيم للحب ... اعلم ربما رأيتها واعجبك شيء بها ولكنه ليس حب ... انا اعرفك سراج انت تريد خوض مغامره من نوع اخر ... لكن لا يا عزيزي الفتاه ليست لعبه

فتح عيناه على وسعهما فكيف تفكر والدته ثم انه لم يقل هذا هو قال انه يحبها ويريد الزواج بها اين الخطأ ... هو ليس طفل هو رجل كبير راشد وواعي وواقعي ربما قد تقول تصرفاته غير هذا ولكنه كبير ويفهم الخطأ من الصواب ..... 

هز رأسه رافضاً وبجديه:
امي انا لم اعد ذلك الطفل الذي يرغب بتجربه كل شيء انا حقاً افهم كل شيء واعلم جيداً ماذا اريد .. ثم امي ما هو الخطأ الذي ارتكبته عندما قلت بأني اريد الزواج بها

اخذت نفس عميق وهي تغمض عيناها في محاوله استدعاء اي ذره هدوء قد تصبرها على هذا الطائش الذي يقبع امامها .. حتى لو خط شعره الشيب لن تقتنع بأنه اصبح واعي ويستطيع اتخاذ قرارات حاسمة ومصيريه كهذه ... هو ابنها المتسرع الطائش وهي تعرف وتحفظه كخطوط كفها .... قررت مسايرته لتتحدث بهدوء وقد ظنت انها هكذا ستنهي الامر:
لكنها مخطوبه

ابتسم بإتساع وهو يهتف:
لا تقلقي ليست مشكله انتي وافقي فحسب
عقدت حاجبيها بعدم تصديق لتهتف:
سراج كفاك جنون هذا لا يجوز  ... منذ متى اصبحت تُخطب المخطوبه ..

سراج بحماس:
اعلم كل شيء وحتى اللحظه لم يحدث اي شيء رسمي .. كان فقط مجرد حديث جرى بين والدها وذلك الخرف وقد وعده بالزواج ولم يتلقى الموافقه منها بعد .. ان سبقناه فلن يكن هناك شيء اسمه مخطوبة لغيري

مرام بترقب:
وان كانت موافقه عليه ماذا ستفعل ... هل يتم رفض ابن عائله المجد

ضحك بسخريه وهو يعلم ما تريد والدته الوصول اليه ليهتف من بين ضحكاته:
امي وعلى اي اساسا ستوافق عليه بحق الله ... انه عجوز هرم

رفعت حاجبها بإستنكار لتكمل:
وماذا عنك انت
نظر اليها بمعنى ماذا لتكمل:
لما ستوافق عليك

رفع كتفيه ببساطه وهو يجيب:
لأني ببساطه احبها ... انا لا يعنيني شيء سوى هذا ... انا فقط اريدها هي كما كانت ومهما كانت انا احبها وستصبح زوجتي بإذن الله

قبل كفها وهو يهمس برجاء:
امي انا اعلم انك لا تثقين بي ولكن أعطني هذه الفرصه وانا لن اخذلك سأثبت لك انني استطيع ان اتحمل مسؤوليه منزل وزوجه وكل شيء ... انا لم اعد ذلك الطائش امي

زمت شفتيها بحنق قائله:
وهل ستتزوج قبل عمك
اجل هذا ما كان ينقص هو اساساً لا يزال يستغرب كيف لم تأتي بسيرته حتى الان وهاهي تدخله في الجزء المهم وما شأن امجد بكل هذا  ... كاد يقولها ولكنه تراجع فهو لا يريد اغضاب والدته يريدها بصفه وان اخطأ بحق عمه لن تكون ولن تفعل شيء لذا اجاب بهدوء تام:
هو حر فيما يخصه هذا الشيء يرجع اليه نحن لا شأن لنا ...

هي لم تقتنع بحديثه تعلم ان ابنها متهور ومن الصعب الوثوق بقراراته ولن تبداء بإختباره بتلك الفتاه هي لا تستحق ان تكون فأر تجارب .... عليها فعل شيء .. هي صحيح تريد مساعدتها ولكن ليس بتزويجها ابنها هي تستحق كل خير لكن سراج تخشى عليها منه ربما حسين او امجد او احد شباب العائله ....

سراج ليس طفل ولكنه هوائي ويلزمه الكثير ليكون رجل ناضج ... المشكله هي انها تضعه في مقارنه مع امجد ومن المستحيل ان يتشابها .. ابنها مدلل ولم يمر بما مر به امجد الذي صقلته الحياه وشكلته كما ينبغي .... يلزمه الكثير ليصبح مثله على الرغم من انها تعلم بأنه من المستحيل ان يتشابها ....

هو لا يعلم ما الخطوه التاليه بعد ان يخبر والدته .. يريد مساعده ... كان يراقب ملامحها وتعابيرها بقلق .... هل سترفض ؟؟؟ ... نهضت بهدوء متجهه الى خزانتها ليتبعها بقلق .. ليجدها تلتفت اليه برأسها عاقده حاجبيها بمعنى ماذا ... فرك فروه رأسه وهو يقول بسذاجة:
ماذا قررتِ ..
عادت تعبث بالخزانه مجيبه بهدوء متصنعه اللامبالاه:
سأفكر

اجل هذا كل ما يريده حالياً هتف بسعاده وهو يحتضنها بيده السليمه رافعاً اياها عن الارض بسهوله نظراً لقصر قامتها وخفه وزنها واخذ يدور بها في ارجاء الغرفه ليرتفع صوت صراخها بينما هو اخذ يضحك بشكل جعلها تتأكد بأن عقله قد اصابه شيء ما ...

كانت تتوعد له وتكيل له اللكمات الضعيفه تخشى على يده المصابة لكنه لم يكف عن جنونه ذاك ... باءت كل محاولاتها بالفشل لتصرخ بأنه ان استمر بفعل ذلك فهي سترفض طلبه ولن تفكر حتى في امره ليضعها ارضاً وهو يغرقها بالقبلات لتدفعه بضجر مخرجه اياه من الحجره بينما هو لايزال على وضعه يرسل لها القبلات عبر الهواء ويبتسم بسذاجة ....

اغلقت الباب وهي تتحسس جبينها بإرهاق تدور في غرفتها بعدم تصديق ... هل يفعل كل هذا من اجل تلك الفتاه ... ماذا فعلت لعقله يا ترى اين ابنها البارد ... ام ان تلك التلال من الثلوج قد اذابتها تلك الإيلام .. ام انها ركله سوران

“ ‏مخيفٌ ما بوسع الحب أن يفعله، إنه يحول إنسانًا إلى فراشة، وآخر إلى جثة .”

:
:
:

في غرفه اخرى

ما إن تأكدت من خلو الممر حتى اغلقت الباب بسرعه لتتجه الى هاتفها تعبث ببعض الارقام التي تحفظها جيداً لتبعث اول رساله والتي لم تكن سوى مساء الخير لقد اتيت
اتاها الرد سريعاً لتبتسم بإتساع وهي تراه ينتظرها بلهفه ... هل هي لهفه البدايات ام انه حقاً يحبها لا تعلم ولا تهتم كل ما تريده هو ان تشعر بالاهتمام .. تريد ان تشعر بأن هناك من يعنيه امرها ويضعها في اول أولوياته

ومن هنا بدأت المحادثه اليوميه التي لا تنتهي ولا يحسمها الا سلطان النوم ....

نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعلُ العاطلونَ عنِ العمَلْ
نُرَبِّي الأمَلْ.
-محمود درويش

:
:
:
:
:
:
:

‏"فكل الظروف بيننا لم تكن مهيّأة، امتلأت بالأمال معك حتى طفحت، لم يكن خطؤك أبدًا، كان اندفاعي"

بصعوبه نام طفلها الذي لا تعلم اين كان عندما تلبست الشياطين والده .. كان معها حتى سمعو الاصوات المنبعثه من المنزل اتجهو الى الداخل تتذكر انه كان معها ومن ثم لا تعلم اين ذهب  ... لم تنتيه الا عندما وجدت احدى العاملات في منزل عمها جابر تحضره بعد ان هدأت الاصوات بعد ان غادر احمد ومحمد وقررت البقاء بجانب عمتها بهيه فهي للأن لم تستفق وربما هذا جيد ....

اتجهت الى رقيه لتخبرها انها ستعود الى المنزل لأخذ بعض الاشياء المهمه وستعود واخذت معها احدى العاملات في المنزل كي لا تخرج لوحدها فالوقت العشاء والجميع في المسجد ولن تصادف احد في طرقات البلده وان اسرعت لن تلتقي بأحد ... كان الجميع في حاله لا تسمح بالنقاش او منعها من الذهاب مع ان البلده امنه لكن بما ان منزل قاسم بعيد بعض الشيء فلا يجوز ان تخرج هكذا في الليل ...

التقطت هاتفها ومفاتيحها واتجهت الى الخارج بسرعه برفقه احدى العاملات ... مر قليل من الوقت لتقف امام باب منزلها تلتقط انفاسها وتتلفت حولها .. ثم تبتسم لتلك التي تقف بجانبها ... وتقوم بفتح الباب ... دلفتا الى الداخل بسرعه مغلقين الباب بالمفتاح خلفهم ....

لأول مره تفعلها لذا هي خائفه .. حتى ان المنزل بدى مخيف موحش .. اشارت للفتاه لترتاح في البهو ريثما تجمع اشياءها التي قد تحتاجها هي وطفلها ببقائها هناك بجانب والده قاسم ... لم تستأذنه على الرغم من انها تعلم جوابه الى انها لن تهتم فبعد ما رأت مافعل بأرزاق على الرغم من الخوف الذي تولد تجاهه تجد انه لا يحق له ان يجبرها ويفرض عليها هي ستبقى مع والدته فأين المشكله .. والدته التي لا يعلمون ماذا يجب عليهم ان يقولو لها اذا استفاقت من اغمائها ...

كيف له ان يكون بكل تلك الوحشيه ... ؟؟ الان فحسب ادركت انها لا تعرف من قاسم الا اسمه ... قاسم من يكون هذا قاسم ؟ .. الرجل الذي بدو اللهفه و القلق جلياً على ملامحه على طفل شقيقها الذي انقذه من الغرق ؟ .. ام الرجل المختل الذي كاد يقتل شقيقته منذ ساعات ؟ .... الزوج المهمل البارد ؟  ام الاب الحنون ؟ ام من ؟ من يكون ذلك القاسم ؟؟!! ....

ان وقفت في وجهه ذات يوم او لنفترض انه شك بها او سمع شيء عنها ماذا سيفعل بها ؟ .. اخته وهي اخته كان الموت اهون مما فعله بها .. وماذا قد يفعل بها هي ؟ ... 

اليوم .. كانت فخوره بما فعل وممنونه لإنقاذه حياه ابن شقيقها ولكنه كالعادة لا يترك لها فرصه لحمل اي مشاعر جيده نحوه .. حطم كل ذلك عند اول صرخه له بشتيمه جعلت جسدها يقشعر اثرها ... قاسم لا يترك لها اسباب لتبقى بجانبه .. كل تصرفاته وكل شيء من حولها يخبرها ان تكف عن حبه وعذره الى ذلك الحد لكنه قلبها الذي يأبى الا تعذيب نفسه ... ماهو الشيء هذا الذي وجدته يحب في شخصيه قاسم ؟! لا تعلم !!! ...

جمعت بعض الملابس وبعض اشياء طفلها الضرورية لتتجه الى الفتاه في الخارج فيتجهو الى الخارج ليسرعو قبل انتهاء وقت الصلاة ... اعطت الحقيبه للفتاه واستدارت لتغلق الباب بالمفتاح لكنها وجدت يد تمنعها ..

انتفض جسدها عندما عرفت تلك اليد التي اعادت فتح الباب ودفعتها للداخل مغلقاً الباب خلفه بينما بقيت الفتاه في الخارج تنظر اليهما بدهشه ...

تشبثت بكم عباءتها وهي تنظر اليه بخوف متصنعه القوه والثبات بينما هي من الاساس ترتجف برعب ... منظره لوحده يجعل جسدها ينتفض بخوف .. عيناه الحمراء وملامحه القاسيه نظراته الحارقه

وبفحيح مرعب هتف وهو ينحني ليصل الى مستواها:
الى اين ؟؟؟
ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تشير الى الباب:
الفتاه في الخارج
هز يده التي توقفت في الهواء قبل ان تصطدم بوجهها وهو يجز على اسنانه بقوه:
اين كنتي ستذهبين في هذا الوقت

اعتدلت في جلستها محاوله استجماع شجاعتها لتهتف بصوت مرتجف:
منزل العم جابر
ما عملها في منزل جابر وتخرج هكذا في الليل هذا وهي تعلم بأنه هنا فكيف عندما لم يكن في البلده .. هو يأمنها على عرضه وشرفه ومنزله وهي تتسكع في البلده وتخرج من المنزل ... ضرب الحائط بجانبه بغضب وهو يصرخ بها بجنون:

كيف تخرجين من المنزل في هذا الوقت كيف ... وما عملك في منزل جابر

ارتعدت اوصالها عندما وجدت عيناه تقدح شرر وكأنه سيقوم بإبتلاعها الان هل سيفعل بها كما فعل بأرزاق لا سيفعل بها الاسوء ربما لان تلك كانت شقيقته كان اكثر لطفاً معها ولكن ماذا عنها

كيف تشرح له وهل سيسمعها ماذا قد يفعل بها .. سالت دموعها ولا زالت تتصنع الثبات لتنطق تلك الكلمات بصعوبة:
لقد كنت .. هناك .. واتيت كي .. احضر بعض الاشياء و...

صمتت عندما صرخ بها بجنون وهو يقترب منها اكثر:
كيف ان تتجرأين وتتخطين اسوار هذا المنزل من دون ان أذن لك وفي هذا الوقت ايضاً

التصقت بالجدار خلفها وهي تحتضن ذاراعها وقد بانت ارتعاشه جسدها ولا زالت تتصنع الثبات رغماً عن ذلك لن تسمح له ان يقوم بكسرها .. لن تدعه يفعل بها ما فعل بشقيقته هي تملك من يدافع عنها وبإتصال واحد سيمحونه من الوجود لذا هتفت بشجاعه:

كنت هناك منذ ان غادرت انت بعد ان فعلت فعلتك تلك .. كنت بجانب والدتك التي للأن لم تستفق من اغمائها والله وحده اعلم ماذا حدث لها حتى عمي جابر يرفض اخذها للمشفى .. لقد قتلت والدتك قاسم والله اعلم ما وضع شقيقتك اقسم بأنها لن تسامحك على فعلتك

قبض على شعرها بعنف وهو يهمس بفحيح مقرباً اياها من وجهه:
اقسم ان تفوهتي بكلمه اخرى سأسحقك هنا .. ليست شقيقتي من ترتمي بأحضان شاب وتراوده عن نفسه ليست شقيقتي ولا تمت لي بصلة اتفهمين

هزها بعنف وهو يهتف بجديه:
كم مره خرجتي في هذا الوقت ليست المره الاولى بما انك تتحدثين بكل هذه الجراءه وتبررين ايضاً وانتي تعلمين جيداً انك مخطئه واني لن امرر الامر على خير

توسعت عيناها بصدمه فكيف له ان يشك بها .. ماذا يظنها هذا .. لا لقد تركته يتخطى حدوده كثيراً بأي حق يتهمها ويشكك في اخلاقها ...

ابعدت يده عنها بعنف صارخه به بجنون رافعه اصبعها في وجهه فقد فقدت السيطره على هدوءها وتملكها الغضب:

انت بأي حق تأتي لتتهمني وتشكك بأخلاقي لا اسمح لك قاسم .. اتسمع لا اسمح لك لقد تجاوزت حدودك صراخك هذا واهانتي بهذا الشكل لن يمر هكذا .. من تظنني ياهذا ان اكون زوجتك هذا لا يعني ان تعاملني معامله الدواب هذه .. انا لست عبده ولا جاريه لديك انا حره انا ابنه الشيوخ .. سترى نفسك في اسوأ حالاتك بمجرد شكوى واحده مني .. انا احترمك واسكت عن كل ما تفعل لكن هذا لا يعني بأني ضعيفه .. لا انا ان صمتّ فهذا لأني احترمك لكن بما فعلته اليوم لم يعد هناك ما يشفع لك لدي قاسم ...

ابتعدت قليلاً وهي تلتقط حجابها وتضعه على رأسها مجدداً:
انا ذاهبه الى طفلي ولن اترك عمتي بتلك الحاله لوحدها .. بعد مافعلت ...

كادت تخطو للباب مجدداً لكن هناك من جذبها للداخل بعنف ليلقيها في احدى الغرف وهي تصرخ به ان يتركها وتنادي بإسم طفلها لكنه تجاهلها ولا تزال الصدمه مرسومه على ملامحه .... هل هذه سناء ؟؟ كيف تتحدث معه هكذا ؟؟ كيف تجرؤ على الصراخ بوجهه هكذا ؟؟ منذ متى وهي تحاسبه على افعاله ؟؟ كيف لها ان تهدده بأهلها .. الا تعلم من يكون ؟؟!!!!

كانت تقاومه بشراسه وهي تقسم بأنها ستغادر المنزل لكنه جذبها من تلابيبها للأعلى وقد احمرت عيناه وقد تلبسه ذلك الشيطان الذي رأته في منزل جابر .. تحدث بنبره مخيفه جعلتها تتصنم مكانها:

اقسم بالله العلي العظيم ان تحركتي من مكانك سأفصل رأسك عن جسدك .. تعلمين انني لا اهدد فحسب ...
رفع اصبعه مسترسلاً بصوت خرج كالرعد:
والله ثم والله ان سمعت صوت واحد يصدر منك سأقتلك ... لست انا من تهددني امرأه .. انا قاسم .. قاسم اتفهمين ...

القى بها ارضاً وبوعيد:
لنا حديث اخر فيما بعد وسترين كيف يتم تهديد قاسم ..

وضعت يدها على ظهرها بألم وهي ترمقه بحقد ليصرخ بها بغضب متسائلاً عن مكان طفله لكن صوت طرق الباب جعله يتجه بسرعه الى الخارج ... ليرى تلك العامله التي تحمل تلك الحقيبه الصغيره لينتشلها من يدها ملقياً اياها في الداخل لينظر اليها بتحذير:
الان ستذهبين لتحضرين امجد وان تفوهتي بكلمه واحده ... كلمه واحده وستلاقين حتفك ...
اومأت برعب وهي ترى هيئه سناء المبعثره خلفها لتهرع الى الخارج تركض برعب وكل ما تريده هو الوصول إلى منزل جابر بسرعه ...

التفت للخلف ليراها تلتقط هاتفها الذي وقع ارضاً ليغلق الباب بعنف ويتجه اليها يسحق الهاتف تحت حذاءه لتصرخ به بعنف وهي تكيل له اللكمات .. ومن هنا تبداء المناوشات ... لكنها ولأسباب غير معروفه ما إن رفع يده ليصفعها كانت تسقط مغمى عليها ....

نظر اليها بسخريه ... هل هذه هي التي كانت تصرخ به وتهدده منذ ثواني .. ما إن رفع يده سقطت ماذا ان كان قد ضربها حقاً ....

تركها في مكانها ليمسح وجهه بعنف مستغفراً في سره ماذا كان سيفعل .. ام ان الامر قد راق له ... كم امرأه اليوم في حاله اغماء بسببه .... اتجه الى الاريكه التي تتوسط البهو ليقوم بإفراغ كل ما في صدره من الم بتلك العلب المليئه بلفافات السجاره ....

اخرج هاتفه ليتحدث مع احد رجال جابر يخبره بأن يحضر طفله امجد برفقه تلك العامله التي ستصل بعد ثواني وبالفعل اخبره بأنه سيحضره حال وصولها ...


اسند رأسه على الاريكه محدقاً بالفراغ ومن دون شعور بدأت اطيافها تلوح امام ناظره هنا وهناك ... بكاءها صراخها .. طفلها الذي لم يتبين ملامحه ويدرسها على مهل اخذه ذلك اللعين وابتعد ... شبه احتضانه لها .. تشبثها به في محاوله اخذ طفلها منه ... كل هذا اخذ يمر من امامه ... ما الذي اوصله لتلك الحاله ... ما الذي اوصله لكل هذا ...

القى نظره على سناء التي تغوص في الظلام حالياً وقد تجمعت دموعه في مقلتيه ... والدته .. ارزاق الحقيره .. محبوبته التي اصبحت ملك لغيره .. ثم هذه الضحيه الاخرى ... ضحيته هو لعبته هو ... ايظن انه ينتقم منهم ؟! ... كان مخطئ ... كلهم اكملو حياته عداه ... اكملو ولا يوجد هناك من يتخبط سواه ... كان ينتقم من نفسه نيابه عن الكل وخسر وهو من ظن انه الرابح

كان بمقدوره ان يتحمل غياب والدته التي اختارت ان تكمل حياتها مع كلب كجابر على الاقل لا تزال هي والدته ويحق له احتضانها ورؤيتها ... ولكن فراق معشوقته جعله كاليتيم ... لم تكن له ولن تكون ... والان تأتي ارزاق لتكمل ما تبقى ... كل انثى في حياته كسرته وهو يكسر هذه الانثى بسببهم جميعاً ...

هو اسمه مقترن بالحزن والالم فماذا ينتظر بعد ... هو توأم الشقاء والتعب فماذا بعد ... ما مضى تهدم رغماً عنه وما يهدم الان هو المسؤول الوحيد عن خرابه ....

و الفراقُ شيءٌ لا كالأشيَاء، و صَاحبُه مَيتٌ لا كالأموات و حَيٌّ لا كالأحياء و مَا أراه إلا كنارِ اللَّه المُوقدةِ، التِي تطلعُ على الأفئدة".

:
:
:
:
:
:
:
:


- ‏أنا هادئ جدًا، بل أصبح يومًا بعد يوم أكثر صلابة وأشد قوة، لم أكن أبدًا عاطفيًا جدًا، اليوم فقدت ما تبقى لدي من عاطفة الزمن الماضي.


توقفت السياره امام احد المشافي بعد ثلاث ساعات ونصف من القيادة المتواصله وما ان توقفت السياره حتى هرع الى الداخل ليسرع خلفه شقيقه وهو يشعر بأن هناك ما سيحدث لشقيقه ان حدث خطب ما لتلك الفتاه ....

اسرع الخطى نحو الداخل ولكنه توقف عندما ادرك انه لا يملك اي معلومه عن ماذا حدث لذا اسرع الخطى الى الاستقبال ليهتف بجديه لا تتناسب مع ملامحه او ملابسه تلك:
منذ ساعات وصلتكم حاله اريد رقم الغرفه
نظرت الى هيئته المبعثره لتعقد حاجبيها وهي تردد بعمليه:
في اليوم تصلنا مئات الحالات حدد عن من تبحث اعني اسم المريض القادم الى هنا وسبب قدومه للمشفى او اي معلومه لأستطيع مساعدتك

اسند رأسه على الطاوله امامه لا يعلم ماذا حدث لا يملك اي معلومه ... نظر للخلف وهو ينظر الى اتساع المشفى ان بداء بالبحث في كل غرفه وفي كل ممر سيستغرق الامر كثيراً من الوقت وهو يكاد يفقد صوابه من دون شيء ... التفت مستجيباً لنداء موظفه الاستقبال لتهتف:
الا تملك اي معلومه
كاد يتحدث لولا حسين الذي تحدث فور وصوله وبجديه:
اظن قبل ساعات قليله وصلتكم حاله طارئه لا نعلم شيء عن ما حدث ولكنهن فتيات بمفردهن ثلاث فتيات احداهن هي ال ...

صمت عندما وجدها تعبث في الجهاز امامها وتتحدث بعمليه:
اجل لقد وصلتنا قبل خمس ساعات حاله طارئه كانت حاله الفتاه حرجه فقد تعرضت لإطلاق نار

تصنم لوهله وقد شعر بأن انفاسه تكاد تتلاشى لولا انه تذكر انها كانت تحدثه اي انها ليست هي بلى ليست هي ولكنه احدى شقيقاتها ... ابتلع ريقه وهو يهتف:
ماذا كان اسم الفتاه

الموظفه بجديه:
لا استطيع اطلاعك على اي معلومه ان لم تكن احد اقارب المريض او احد افراد الشرطه اعتذر

حسين بهدوء:
نعلم ذلك ولكننا اردنا التأكد لا غير نحن من نفس العائله واحدى الفتيات تدعى لمار ****** ونحن هنا لا نعلم من الذي تعرض للحادث فقط اعطنا رقم الغرفه

نظرت للخلف لتشير الى احد ما في الخلف لتهتف:
الغرفه رقم ***** وهذا الرجل هو من أحضرها الى هنا اعتقد انه طبيب فقد قام هو بالإسعافات الاوليه ...

التفت الاثنان للخلف ليجدا ذلك الرجل يقف في الممر يتحدث في الهاتف ليتجه اليه رشيد بسرعه ممسكاً اياه من ملابسه يجبره على الانتباه وقد توسعت عيناه لمنظر تلك الدماء التي تلطخ ملابسه ....

منظر شقيقاتها جعله يشعر بالعجز والقلق لا يعلم ماذا عليه ان يفعل ... ماذا ان حدث لها شيء هو لن يستطيع التعامل معهم ... هو لا يملك اي صلاحيه للتعامل المباشر معهم ... يجب ان يقوم بالتواصل مع احد اقاربهم لكن اي اقارب هؤلاء الذين سيقفون بجانبهم اذا كانو هم سبب تواجدهم هنا الان .... الشرطه هنا ايضاً اذاً الامر لن ينتهي على خير وهو ايضاً لا يريده ان ينتهي على خير

اتجه الى الاسفل وقد قرر ان يقوم بالبحث عن اي رقم لأي شخص يقربهم مع انه يعلم انه لن يجد فهم شبه مقطوعين من شجره ... لكن حقاً هم بحاجه من يقف بجانبهم الان .... هو لا يستطيع فعل اكثر من هذا لقد قدم لهم كلما يستطيع تقديمه والان لا يستطيع تخطي حدوده اكثر ....

وقف في الممر المؤدي الى الخارج يهاتف احد موظفي الشركه القدماء في محاولة ايجاد اي شيء قد يساعده للعثور على اناس كان يتواصل معهم مدير الشركه ويثق به واذا لم يجد فسيكون مضطر الى احضار إحدى زوجات الموظفين لتقف بجانبهم في هذه الظروف ... فهي امرأه وتستطيع التعامل معهم والتصرف بحريه اكثر

بينما هو يحاول الإتصال إذا به يجد من يسحبه من ملابسه بشكل فض .. التفت بحده ليجد شاب في نهايه عقده الثاني مبعثر الهيئه ببشره بيضاء مصفره لا يجد اي شعره في وجهه ذاك ظنه لوهله فتاه بسبب عيناه الناعسه الواسعه الكحيله ذات اللون الزيتوني ورموشه الكثيفه حاجبان عريضان بعض الشيء لا هو في الحقيقه لم يراهما جيداً فشعره الهائج الكثيف قد حجب عنه الرؤيه ... كان يرتدي قميص ابيض برسومات متداخله تحوي عده الوان وشورت بيج  .. هذا غير حذاءه المنزلي ذو الاصبع الواحده ... هيئته مبعثره بشكل مستفز

ملامحه كانت وكأنها تحكي قصه طويله مع الارهاق والتعب والقلق ... حسناً ولكن ما شأنه هو بكل هذا ... نظر اليه لبرهه ثم ابعد يده عنه وعاد ينهي المكالمه متجاهلاً حديثه ونظراته للملابس خاصته ... ام انه متقزز من منظر الدماء التي تملأ ملابسه .. ربما كان منظره هكذا اهون من منظره المريب هذا ...

انهى المكالمه ليلتفت اليه ثانيه هاتفاً بجمود:
خير ..
التفت اليه رشيد بمبتعداً عن شقيقه الذي كان يحاول ان يهدئ من روعه ولو قليلاً لكنه كان يخبره بأن ينسحب ولا يتدخل فيما لا يعنيه ... نظر اليه بهدوء ليهتف:
انت من احظرتها الى هنا اليس كذلك
رفع حاجبه بإستنكار فمن يكون هذا وماذا يريد منهم .. ام انه احد ابناء عمهم ...
لم يجد ليشير الاخر الى نفسه وهو يهتف:
انا اتحدث معك هل تسمعني .. من تكون انت وماذا حدث كيف اتت الى هنا
لم يعجبه اسلوبه ذاك لذا استدار ليغادر امسك ذراعه وبحده:
انا اتحدث معك ماذا حدث كيف اصيبت بطلق النار ...
التفت دون ان ينطق بكلمه واحده مبعداً يده عنه ليهتف بجمود:
على اي اساس تسألني وتنتظر مني الجواب

رشيد وقد فاض به من برود هذا الابله هو لا ينقصه هذا البارد:
اللعنه انا اتحدث هنا وانت
قاطعه حسين بحده وهو يجذب شقيقه الى المصعد مبعداً اياه عن الرجل .... نظر اليه رشيد بغيظ وهو يبعد يداه عنه متحدثاً بغيظ:
ابتعد عني ما شأنك انت حسين ابتعد عني

اعاد نظره الى ذلك الواقف ليهتف بحده:
انتهى دورك هنا انت بإمكانك العوده الى حيث اتيت .. لم يعد لك عمل هنا
رفع الاخر حاجبه بإستنكار ليستفزه بتلك الابتسامه الساخره التي ارتسمت على شفته ليقول بإستخفاف:
اجل ومن تكون انت

من هذا الذي يقف في وجهه ويجادله ايضاً .. حسناً فعل شيء جيد بنقلها للمشفى شكراً اذاً وليرحل ما شأنه في استجوابه من يكون وما علاقته بها اقترب منه وبتحدي:
لا شأن لك

رمقه بإزدراء ونطق بحده:
اذاً لا تستطيع الاقتراب انت لست قريبهم ولا علاقه تربطك بهم لذا يستحسن ان ترحل وان كنت احد اولئك الاوغاد فالشرطه ستكون بإنتظارك في الاعلى

كان يقصد ابناء عمهم لكنه ما إن انهى حديثه حتى وجده يمسك به من تلابيبه صارخاً به:
شرطه ماذا مع من تتحدث انت .. انا هنا كل شيء وانت لا شيء احضرتها الى هنا انهيت معروفك اذاً ارحل وانت لا تزال من اسديت معروف ولكن إن لم تذهب الان فسأفعل ما لا يمت للشكر والمعروف بصله ...

من يعتقد نفسه هذا .. هو لم يراه من قبل لم يحدثه والد ماريا عنه لم يخبره بأن هناك من يستأمنه على بناته ولكن هذا يبدو واثق من نفسه .. ابعد يديه عنه ببطء وهو ينظر اليه ببرود ليهتف بهدوء:

ان كان يعنيك امرهم وانت كل شيء كما تقول ... اين كنت عندما حدث كل هذا ... اين كنت عندما تجرأ ابناء عمهم اولئك الاوغاد وفعلو فعلتهم

احمرت عيناه وهو لا يزال يقبض على ملابسه اذاً لأولئك الاوغاد يد بما حدث كيف يجرؤون:
ما شأنك انت ... ماذا حدث وما شأن ابناء عمهم تحدث .. هل هم من فعلو

ابعد يديه عنه وبضيق:
ان كان يعنيك الامر لما تركتهم يصلون الى هنا

استفزته تلك النظرات .. تلك الكلمات جعلته يستشيط غضباً .. كاد يعود ليتعارك معه لكن حسين امسك به يمنعه من الاقتراب ليهتف بحده:
رشيييد هذا مشفى تذكر لما انت هنا

لمار ... اجل لمار هو هنا من اجلها ... ابعد شقيقه عنه بعنف بعد ان رمق ذلك الشاب بقوه لم ينتهي الامر بعد ولكن لمار اهم ... اتجه مسرعاً الى المصعد بينما حسين ينظر الى اثره بضيق ....

يتفهم حالته هذه وسيعذره واااه لو يعلم ماذا يدور في خلده الان ... يعلم بأنه في هذه اللحظه بالذات لا يفكر به فهو منشغل بزوجته التي تعاني الان ولن تكون بخير بالطبع .. ولانها ليست بخير يعلم جيدا ان شقيقه لن يكون بخير.. سيظل بجانبه حتى وان رفض لن يترك له مجال للرفض اساساً ... لم يقطع كل هذه المسافه ليعود ادراجه في النهايه هو هنا ليس لأجل تلك المجنونه ولا لأجل سواد عينيها هو هنا ليبقى بجانب شقيقه

ما إن فتح باب المصعد حتى ركض الى احد الممرات لينظر الى الجميع بتفحص يريد ان يراها الان لن يتحمل وقت اضافي للبحث عنها ... ما وضعها يا ترى روحها معلقه بشقيقاتها بالتأكيد هي ليست بخير يعلم ...

اولئك الاوغاد هل وصلت بهم ان يأذوهم كان يعلم بأنهم لم يصمتو ولكن كيف استطاعوا ... كيف يسفكون دماء بنات عمهم  ... هل وصلت بهم الحقاره الى ان يقتلو ... كان يعلم بأنهم ليسو في امان هنا ومع ذلك اجبروه على الرحيل ... ولكن ليس بعد الان ليفعلو ما يريدون لن يتركهم هنا حتى ان عارضو حتى وان اجبرهم على ترك كل شيء هنا ....

شعر بالإطمئنان عند رؤية شقيقتها الاكبر (منار) التي كانت تتحرك بالممر ذهاباً وإياباً وملامحها لا تشير الى ان هناك ما يطمئن الخوف والترقب يظهرون جلياً على ملامحها .. ولكن اين هي ؟؟ هو لا يراها هل اصابها مكروه ام ماذا يحدث ...

تحركت عيناه الى حيث تنظر وهو يقترب منهم ببطء حتى وقعت عينيه الى احدى الزوايا وما لبث ان وضع يده على صدره لشعوره بوخز في قلبه برؤيتها بتلك الحاله ... تجلس القرفصاء امام العنايه تضم نفسها تنظر للأمام بشرود وقد انهكها البكاء ... حتى ملامحها الحبيبه بعثرها البكاء يتأرجح جسدها للأمام والخلف وهي تضم ركبتيها لصدرها بقوه ...

تلك الرقيقه يحدث معها كل هذا  ... كيف تشعر الان يعلم انها ضعيفه ضائعه لكن هاهو اصبح هنا .. اسرع اليها ليلتقط جسدها الصغير ضاماً اياه بقوه وإحتواء عله يبث لها بعض الامان .. مردداً على مسامعها بأنه هنا .. بجانبها وان كل شيء سيصبح على ما يرام لن يحدث شيء ....

رفعت رأسها لتجد ذلك الرشيد يحتضنها وهو يهمس ببعض الكلمات التي يحاول جاهداً جعلها تهدأ ولكنها ما إن رأته القت كل ما كان يجثم على صدرها ومحاولات التماسك قد بأت بالفشل ... لتنهار كل حصونها ... فهاهي وجدت من ستستند عليه وستغمض عينيها ولن تبالي بشيء ... ستلقي بكل شيء وتغمض عيناها ... هي الان بأمان ما دام هنا بجانبها وبمقدورها ان تطمئن

شعر بقلبه يكاد يتوقف مابها لما صمتت ابعدها قليلاً عن صدره ليراها تغط في نوم عميق ... نظر الى شقيقتها بدهشه لتتحدث بجديه وهي تجلس على احد الكراسي ولا زالت عيناها تتعلق بباب غرفه العنايه امامها:

نامت هي هكذا لا تقلق ...

اعادها الى صدرها مره اخرى ليستند على الجدار خلفه ضاماً اياها اليه وقلبه لا يزال ينبض بعنف ليس مطمئن ... كيف حدث ؟ .. واين ؟ ولما ؟ .. سيعلم كل شيء ولكن ليطمئن قبل هذا ... تلك المسكينه منار .. تحاول التماسك ولكنه يعلم بأنها ضعيفه يعلم انها اضعف من ان تصمد اكثر ... هي كشقيقتها يعلم ضعيفه وتائهه تحتاج ذلك الحضن الذي يحتويها ولكن كيف اذا كان ذلك الحضن هو نفسه من تسبب لهم بكل هذا ... هُن بحاجه ماسه لحضن واحتواء العائله ... واي عائله هذه ..

تلك العائله اللعينه كان يظن ان عائلته هي الأسوأ ولكنه ادرك ان هناك من يشابهها بالسوء .... تبرأ الجميع من والدهم قبل سنوات ولكن عندما رأوه قد اسس حياته ونجح .. واصبح سعيداً بعيداً عنهم قررو تدميره ابتداء بزوجته ثم لحق بها وهاهم يأذون بناته ... لن يسمح لهم بالاقتراب وايذاء زوجته لن يصمت لن يترك لهم مجال وان كلفه ذلك حياته ....

لا أعرف شيئًا أكثر طمأنينة من أن تخاف وتلجأ لمن تحب، تحزن وتلجأ لمن تحب، تفرح وتلجأ لمن تحب، كأنه الجذع الوحيد الثابت بين تقلبات أيامك ....

:
:
:
:
:
:
:
:

الأمور خرجت عن السيطرة، ولا شيء على ما يرام، و روحي حزينة مثل ذلك النجم الوحيد الذي فقد ضوءه الأخير، و لم يعد يراه أحد.

في منزل ماجد

اتجهت الى نافذتها الحديديه تضم احد كتبها الى صدرها بقوه تشعر بأن هناك من سيسلبها روحها ... بلى سيحدث هاهم في الاسفل يعقدون صفقه ستذهب بروحها ... الن يدافع عنها احد ؟ .. الن يتراجع والدها ؟ .. الن يفكر بها والدها لوهله ؟ ...

يقولون بأن كل شيء سيبدأ بعد انتهاء الإمتحانات اذاً لم يبقى من عمرها الا القليل .. ستموت بلى هاهو التاجر قاتل النساء في الاسفل مع والدها يعقدون صفقه موتها ....

كانت تتسأل دائماً هل هناك سبب سيجعل والدها يتخلى عنها ... بلى انه المال ... يقول بأنه يريد الستر لبناته ولكنه وضع كل هذا خلف المال .. اول الاسباب كانت المال .... تعلم انه لن يعطيه اياها بسهوله لن يسلمها للموت بثمن بخس .. لا سيقدمها بأغلى الاثمان .. عندما ترخص حياتها يصبح السعر اعلى ....

مررت يدها على وجنتها لكن لا دموع .... ضحكت بسخريه وقد ادركت انها قد ذرفت الكثير من الدموع حتى نفذت .. حتى المخزون لن تستخدمه الان .. لا يزال امامها الكثير

استلقت على السرير لتلتقط القداحه المزوده بمصباح صغير من اسفل المخده لتقوم بتشغيلها ولأن النافذه مفتوحه لم تقم بفتح الاضواء ..

لن تتركهم يعبثو بمستقبلها عليها ان تذاكر وتجتهد من يعلم لعل الله يحدث بعد ذلك امرا ... قد لا تموت وتطلب منه الاستمرار في تعليمها .. من يعلم !!!!

ابتسمت وهي تتجاهل تلك الاصوات القادمه من الاسفل وبداءت اناملها تخط تلك الابيات التي تعشقها وان لم يكن هناك امل لتكتب تعلم انها تعشق المستحيل ولكن ان تعيش احياناً في وهم اجمل بكثير ان تتصادم مع واقع بشع ...

لمّا قرأتكِ في فؤادي لم أجد
إلا حروفَ الحب في أعماقي

ورجعت أقرأ ما تضمّ دفاتري
فإذا بروحك أنتِ في أوراقي

وقرأت ليلي والنجومَ فلم أجد
إلا رُؤاكِ تَلُوح في آفاقِي

حتى الصباحُ قرأت كلَّ حروفه
فوجدت وجهَك منه في الإشراقِ

لمّا سألتُ، أجاب قلبي: لا تسَلْ
عما أحسّ به من الأشواقي ..‏

انتهت من خط تلك الكلمات لتحتضن الكتاب الى صدرها وماهي الا ثواني حتى غطت في نوم عميق متجاهله كل ما يحدث على الرغم من انها هي من كانت محور الحديث ولكنها لم تعد تبالي فليفعلو ما يريدون هي هنا .. تنتظر فحسب .....

يقال في علم النفس
التبلد العاطفي : هي مرحله تأتي بعد صبر طويل، يكون فيها الشخص قادر علي الإستغناء عن كل علاقه لا تمده بالأمان دون ذره ندم أو رغبه إلتفات .

:
:
:
:
:
:
:
:
:

أتألّم بلا إحساس،
‏من دون أن يعلم أحدٌ ولا حتى أنا.
‏- لويس أغويناغا

في احد المشافي 

لم يكن الوضع مطمئن البته ... هناك نزيف داخلي وكسور ورضوض منتشره وكدمات تملأ ذلك الجسد الذي اصبح شبه على قيد الحياه ... حتى التنفس اصبحت لا تستطيع التنفس فقد اصيبت رئتها ....

يجلس الاثنان في صاله الانتظار لا يعلمان ماذا يجب عليهم ان يفعلو .. ماذا سيحدث كل تلك الفوضى من حولهم لم تصل الى مسامعهم فهناك ما يلهيهم عنها ...

انهى ذلك الصمت وهو يهتف بجديه:
لتستيقظ فحسب
التفت اليه بعدم فهم لينظر اليه وبحده لم يألفها احد من ذلك الصامت:
سأخذها وسأرحل .. لن يقف احد في وجهي وسيدفع الجميع الثمن .. حتى والدك
احمد بهدوء:
وبماذا سيفيدنا هذا ... الجميع سيتحدث ووو

ضيق عينيه بشك وبتردد:
هل تشك بها انت ؟ ... اتظنها تفعل
هز رأسه بقله حيله لينتفض محمد واقفاً وهو يشير اليه بمعنى ان يرحل ليقف الاخر محاولاً تهدئته لكنه صرخ به مجدداً:
احمد اذهب فلتقف معهم .. لماذا لم تشارك قاسم فيما فعل لماذا اتيت معي فلترحل ولتقف خلف والدك .. لتخفي وجهك وتداريه عن اهل البلده ماذا تفعل هنا اذا كنت تشك بها .. لما انت هنا

تلفت حوله ليجد الجميع ينظر اليهم بريبه ليقوم بجذبه خلفه الى احدى الزوايا الخاليه ليهتف بحده:
محمد عد الى رشدك ماذا تقول انت ... انا اعلم انها لم تفعل شيء من قال غير هذا ..
محمد بضيق:
صمتك يقول

احمد ماحدثاً بإرهاق:
انا خائف عليها فحسب ابي لن يصمت واين ستذهب انت بها .. قاسم عندما يكثر الحديث في البلده لن يتجاهله وسيسعى لإنهاء الامر ... سيقتلها اتفهم

جز على اسنانه ضارباً كتف شقيقه:
اعلم بحقارتهم لذا سأبعدها عن كل هذا

هز رأسه بالرفض وهو يتحدث بجديه:
لن يرحمها سكان البلده بحديثهم ان فعلت .. اعلم انك تريد ان تبتعد بها لأجل صحتها ونفسيتها حسناً انا معك في هذا لتأخذها ولكن ان فعلت هذا لن يتغير شيء بل انهم سيتحدثون وسنأكد لهم توقعاتهم وما يفكرون به .. محمد غيابها سيفتح علينا ابواب جديده اتفهم

اخذ نفس عميق ليكمل بهدوء:
اسمعني دع كل هذا يمر ولتشفى ومن ثم نفكر فيما سنفعل ولكن ما لن يحدث هو اخذها والذهاب بها الى مكان اخر .. ستعود للبلده وسيصلح سوء الفهم سيعلم الجميع انها لم تفعل شيء وان ما حدث لم يكن الا سوء تفاهم

ابتعد محمد وبلا مبالاه:
سأخذها .. لن يحدث غير هذا لسنا مضطرين ان نبرر شيء لأحد

جز الاخر على اسنانه بعنف ماهذا البارد الا يخشى على سمعتها ...
عاد الى حيث كان يجلس لكنه لم يجده ليعلم انه قد خرج ... اااااه كم يشعر بالتعب .. يشعر بأن الدنيا قد القت بأثقالها عليه ...

كيف يحدث هذا ولما مع شقيقته .. اكان ينقصهم هذا ايضاً .. ولما مع حسين تحديداُ .. حسين شاب مهذب ولم يرى منه ما يسوءه ... دائماً كان بجانبهم ووقف معهم في اصعب الظروف حتى انه قام بالدفاع عنه وسجن بدلاً منه في ذلك اليوم عندما كادو يفقدون كل شيء لولا مساعده امجد التي غيرت كل شيء وقلبت الموازين .... يعلم جيداً ان ما حدث كان بسبب والده ولكن ما عساه ان يفعل فهو يبقى اباه مهما حدث ومهما فعل ...

ريتاج لقد نسي امرها .. قد علمت بما حدث بلا شك حتى وإن لم تعلم سيذاع الخبر صباحاً ستكون الان قلقه بالتأكيد وهو الذي نسي حتى ان يطمئنها ... يعلم لن تغادر منزل والدها طالما لم يذهب لأخذها ولكن لابد من ان يطمئنها

تحسس جيب بنطاله ليخرج هاتفه ويقوم بإرسال رساله لها مضمونها
(اعتذر عزيزتي لقد حدث امر طارئ واضطرني الامر ان اغادر البلده  سأحدثك عندما انتهي مما افعل انتِ لا تقلقي كل شيء على مايرام .. حبيبتي انتبهي على نفسك وعلى سراج ورانيا )

اجرى اتصال سريع برقيه ليطمئن على وضع والده قاسم التي لم تستعيد وعيها حتى الان وقد علم ان والده رفض الذهاب بها الى المشفى كي لا يعلم احد بما حدث .. مع انه يدرك جيداً بأن الجميع سيعلم بما حدث ولن يرحموه بحديثهم حتى وان كان كبير البلده ولكن ربما والده يريد الاختباء بدلاً من المواجهه وتصحيح سوء الفهم الذي حدث قبل ان ينتشر الخبر في نطاق اوسع
انهى المكالمه ولم يخبرهم بما حدث هنا فمن لم يقفوا في وجه قاسم لا يستحقون ان يطمئنو حتى ... ليذوقو تأنيب الضمير وبعدها فليحدث ما يحدث

وصلته عشرات الرسائل والمكالمات التي اتته عندما كان يغلق هاتفه حتى كاد يعيد إغلاق الهاتف كي لا تزعجه الاتصالات ولكن استوقفته تلك الرساله والتي كانت من رقم لم يتوقع ان يلمحه على هاتفه على الاقل الان ...

( جمال ابن العم اغرى اختك المصون الجميع اختفى من البلده اذاً ما سمعته كان صحيح ... جميعكم ستردون إلي اعتباري انا لست **** لديكم .. وشقيقتك الشريفه ستلاقي ما تستحق ) 

ضغط على الهاتف بعنف وقد اشتعلت عيناه بغضب وهو يلعن ذلك المرسل في سره .. تلتفت حوله لا يدري ماذا يفعل ... لو ان ذلك النذل الان امامه لما ترك به مفصلاً سليماً ... اللعين يتحدث عن شقيقته بالسوء ... كلما يحدث هو بسبب قاسم الكلب ... لو انه لم يفعل لحُل سوء التفاهم وما حدث كل هذا ... لقد ترك لنذل كهذا مجال ليتحدث عنهم ويمس الجميع عرضهم وشرفهم .... لا يعلم مالذي جعلهم يوافقون على خطبتها من شاب كهذا ولكنه والده بلى والده .. وما من مصيبه الا وخلفها والده ...

مسح وجهه بقوه وهو ينفث الهواء الذي كان يحبسه بداخله فلا يزال في البدايه هناك الكثير بعد ... هو من سيضع حداً لكل ذلك .. اما ذلك الحقير فهو بمقدوره جعله يعرف حدوده جيداً ..... ليست ابنه المجد من تشوه سمعتها ويتحدث عنها الجميع هو من سيتصرف لا احد سواه ......

:
:
:
:
:
:
:
:

‏يبدو أن الليل رطب،
‏وثمة حزن في قلوب الآخرين أيضًا
‏غير أن حزني حزنٌ محزنٌ

‏_سهراب سبهري

في منزل جابر

جابر ذلك الذي لم ينحني يوماً هاهو قد كبر عمر فوق عمره وذلك الجسد المستقيم الذي ظنو بأنه قد خلق ليظل شامخاً هاهو اليوم منحني .. تقوس ظهره .. ارتفع ضغطه ونسبه السكر في دمه ... ويحبس نفسه في غرفته المنفرده بعيداً عن زوجاته .. زلا يزال يتصنع القوه ....

كانت فتون ككل مره بخوف وقلق وترقب تلتصق بمريم التي كانت تجلس بجانب بهيه تنتظر ان تستفيق ولأول مره تشعر بالقلق عليها ... الامر ليس بالهين عليهم تلك الفتاه انزلت رؤوسهم ولوثتها بالطين ولكنها لا تعلم لما اندفعت اليها بخوف شديد عندما وجدتها مرميه لا حول لها ولا قوه .. ربما كان خوفها عليها بسبب الصدمه ... ولكن فلتعد وستلاقي حتفها هنا ...

اما ساره كالعاده في غرفتها ولكن الجديد هو انها تخلت عن الأكل وبدأ الخوف والندم هو من يأكلها .... ماذا ان علم احد بأمرها .. قاسم ليس شقيقها ولكنه ان علم هو او غيره فلن يتركها حيه ...

التقطت هاتفها بخوف وبدأت بحذف كل حساباتها وبرامج التواصل الاجتماعي لن تعود لتلك الافعال ثانيه ... تريد ان تعيش بعد ... كانت تضيع الوقت في اللهو مع الشباب ومحادثتهم ولكن ما حدث جعلها تفتح عينيها وتدرك ان هناك من سيشرب من دمها عندما تبداء الشكوك تحوم على كل فتيات العائله دون استثناء ... فإن كانت هذه افعال الابنه الهادئه المهذبه فماذا سيتوقعون منها هي ....

لا تدري اتحزن ام ماذا تفعل .... الجميع هنا قد اسودت وجوههم .. ولكن هي لم يحدث هذا معها هي متبلده المشاعر لا تشعر بشيء فقط ما احزنها هو وضع تلك المسكينه ارزاق .. حتى هذا الحزن تشعر بأنه في المكان الخطأ ... هي فقط حزينه لأجلها كونها كإبنتها ولكن هناك ايضاً جابر ..

اعطت العامله الطفل امجد بعد ان علمت بأن قاسم هو من امرها بذلك .. مسكينه ستكون هي ضحيته الثانيه الليلة
اتجهت الى حيث جابر لتطرق الباب بهدوء كالعاده ليسمح لها بالدخول فهو يريد ان يتأكد من شيء ما ولن يرتاح الا عندما يعلم ماذا حدث

وضعت امامه علبه الدواء وكأس الماء لتنظر اليه ببرود كعادتها وما إن استدارت حتى تغادر ليهتف بجمود:
لما فعلتي؟

من دون ان تلتفت تحدثت ببساطه:
لأنه دواك وعليك اخذه
زفر بضيق وهو يلتقط علبه الدواء يعبث بها من دون شعور:
لا اعني الدواء .. اتنتقمين انتي وابنك مني
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تستدير نحوه بينما هو يرمقها بغضب عارم:
لقد اخبرته بكل شيء وتريدين منه ان ينتقم .. تردين لي الصاع صاعين رقيه وانا من جعلت منك سيده في هذا المنزل بعد ان كنتي ارمله نكره لا تساوين او تعنين شيء

جليدها كالعاده لا يذوب وبتبلد:
عن ماذا تتحدث
استفزته تلك الكلمات اتتصنع الغباء ام ماذا من دون شعور كان يلقي عليها بعلبه الدواء ويقف امامها وهو يهتف بغيظ:
اعلم انك انتي سبب ما حدث ... تريدين الإنتقام مني بفعلتك تريدين تذكيري بما حدث اليس كذلك

دنت لتلتقط علبه الداء ثم تعيدها حيث وضعتها المره الاولى وهي تهتف:
لا تدع ما حدث يأثر عليك كل شيء سيمر كما مر الكثير

اي امرأه هذه نظراتها لوحدها تستفزه يكاد ذلك البرود يصيبه بسكته قلبيه ليجذبها من ذراعه وهو يهتف بقهر ناظراً الى عينيها البارده:

لما فعلتي .. انا جابر .. جابر الذي احبك .. جابر الذي انتشلك من الجوع والفقر ... انا من قمت بتربيه اطفالك في منزلي هذا وانتي تفعلين بي هذا .. لما رقيه لما ... سمعتي ستصبح في الحضيض الجميع سيتحدث عني رقيه  ... هل كان ذنبي انني احببتك

ربتت على كفه الذي يقبض على ذراعها وبحنو وكأنها تواسيه بما تقول وتمسح على آلامه:
ولما افعل .. وانت جابر .. جابر الذي قادني مذلوله مهانه الى منزله جابر الشهم البطل الذي قبل ان يتزوج من فتاه حقيره **** تراود الرجال عن انفسهم فقط لتعيش عيشه كانت تهنى بها قبل ان تصبح ارمله ... جابر نفسه الذي قام بتشريد اطفالي ومنعني حتى من الاهتمام بهم ... انا خير من يعلم بما سيحدث لمن تحدث الناس عن عرضه وشرفه انا اعلم الناس بما تتعرض له الفتاه اذا اتهمت بشرفها فلما افعل جابر انا لست انت وابني ايضاً

صمتت لثواني لتتراجع بقولها:
هل تصدق لا اعلم عنه حقاً لأني لم اعش معه ولم اعاشره ولا اعلم كيف يفكر وماذا يتذكر وماذا قد نسي .. هو اب وام نفسه ... لا استطيع ان اجزم بأنه لم يفعل ربما فعل اتعلم لما

ظل يراقبها بعجز لتكمل هي بإبتسامه دافئه مبعده يده عن ذراعها:
لأنه ابن عائله المجد ... لأنك عمه ولا تنسى والد قاسم هو عمه ايضاً .. ووالده لا ننساه .. توقع اي شيء من فتى كان والده مصروع ... وامه تغري الرجال للخلاص من الفقر

استدارت لتغادر وقبل ان تغلق الباب القت عليه نظره اخيره وهي تتحدث بخفوت وكأنها تخبره عن سر ما:
ولكن اتعلم اظنه يحمل نفس جينات الشهامه والبساله التي تملكها من يعلم ربما يكون مثلك في النهايه جميعكم من هذا النسل النبيل توقع اي شيء

اغلقت الباب خلفها ليتقهقر هو للخلف ملقياً نفسه على الكرسي الذي كان يحتله قبل دخولها لينظر الى علبه الداء يفكر في الانتحار ... الموت اهون مما سيحدث .. لكن الذنوب التي ارتكبها في الدنيا تقوده الى جهنم لوحدها فلما الإنتحار هل ينقصه ان يموت كافر ... ااااااه ثم اااااه ليته يموت من فوره كما مات والد رقيه ....

اخذت تمطر عليه تلك الذكريات لكنها لم تبلل غير وجنتيه .. ولم تبتل الا لحيته اما قلبه فلم يلين ... هل كانت دموع الندم؟ لا ليست كذلك هو لا يزال يؤمن بأنه لم يفعل ذلك الا لأنه احبها وارادها له ... وبما انه احبها كان يجب ان يدفع ضريبه ذلك الحب الذي تشكلت ب( أرزاق ) ومن سيأخذ تلك الضرائب (حسين) والذي يكون قطعه من تلك التي احبها

:
:
:

إنّها الحياة!! لم نأخذ منها عهداً أن تكون ضاحكةً لنا على الدوام ، فهي تُقَدِّم لنا أثمن دروسها على طبَقٍ من ألم ، ولكل شيءٍ ثمينٍ فيها ثمن..!

انتهى البارت

~~~~~~~~ *** ~~~~~~~~
~~~~~ ~~~~~
~~~ ~~~
~~ ~~
~ ~
* *

* انتظرو الاحداث القادمه بإذن الله *
اتمنى ان ينال البارت اعجابكم
واعتذر عن طول الغياب لكن الظروف كانت اقوى

اتمنى من كل من نالت الروايه اعجابه ان ينصح بها اصدقاءه او من اراد لتصل الروايه لأكبر عدد ممكن من المتابعين

لا تنسو التصويت رجاءً البارت طويل وتعبت في كتابته ومن المحبط عدم التفاعل والتصويت
فرجاءً تفاعلو لأن تعليقاتكم ورأيكم يهمني وتصويتكم يحفزني للإستمرار

* انتظروني *

* *
~ ~ 
~~ ~~
~~~ ~~~
~~~~~ ~~~~~
~~~~~~~~ *** ~~~~~~~~

دمتم في امان الله

Olvasás folytatása

You'll Also Like

1.5M 37.4K 75
The Lombardi family is the most notorious group in the crime world. They rule both the American and Italian mafias and have many others bowing at the...
1.5M 128K 62
RATHOD In a broken family, every person suffers from his insecurities and guilt. Successful in every field but a big failure when it comes to emotio...
Gentle touch K által

General Fiction

50.9K 1.2K 32
It had been mere months after her eighteen birthday, when she was pulled from the safe haven of her life and forced into the fantasy the women had cr...
458K 32.7K 43
ပဲပြုတ်သည်ငပြူးနဲ့ ဆိုက်ကားဆရာငလူးတို့ရဲ့ story လေးတစ်ပုဒ်