I Fall In Love

By rashinblue

7.5K 519 177

"متزينين بنعمة الضوء الأول، نربط قلوبنا في هذا الفضاء الهادئ.حضن الفجر، حبنا يتشابك، و يدوم عبر الأزمنة الخال... More

أقدار متشابكة
Intro
خيوط التحول
كشف الخيوط
همسة منتصف الليل
قبلة منتصف الليل
مقيدة بوعد الزواج
قبلة وسط الثلج
أخيرا نسير على الممر
ملتزمون بالنذور
لا تضايق قلبي
ارتعاش الرغبات
تعويذة الشفق
وليمة حب
رشفة غزل
قضمة من الكرز
لأنك زوجي
سبونج بوب
ليلة مخملية
بوجي إيلايجا
علمني كيف أحب
أنابيلا ..من تكون؟
أنت تدفعني للجنون
نزهة تقليدية
الكرز الأول
سأكون سندك
ذكرى الخمس سنوات
ملجئي
ومضة حطام
شتاء الإشتياق
قضمة صقيع مجمدة
ظلال الأمس
بقايا ذنب
وعد لحني
النهاية /مشتعل بالعاطفة
فصل خاص /وريث صدى الحب

آلام شتوية

94 11 0
By rashinblue

✧༺آلام شتوية༻✧
٭
٭
٭
٭تحول حبها إلى خناجر، كل تصرف منها جرح مؤلم٭
٭
٭
٭

"هل جننت روس؟ الطلاق سيدمر كليكما ،أرجوك فكري، عليك إخبار آرام بهذا"

ابتعدت عنها اتمشى في الغرفة متوترة آكل أظافري، قلبي ينبض بعنف و الدموع تأبى أن تتوقف عن النزول..

" لن أخبره بشيئ، لن أتسبب له في هذا الجرح، يمكنه تحمل ألم انفصالنا و لكن الفضيحة و العار لا أستطيع رؤيته يعيش بهما هو و يوهان، ان انتشرت الصور سيشارإاليهما دائما بأصابع الاتهام إيرما.. "

حدقت بها مطولا ثم دنوت منها أهمس و صوتي مليئ بالحزن عليها أن تعدني أنها لن تخبر أحدا بهذا

" إيرما أتوسل إليك أن تقسمي على رباطنا و صداقتنا ، عديني أنك لن تكشفي أبدا عن هذا السر لأي شخص حتى ويليام "

امسكت يدي تجيبني بقلق

" روس، قلبي يتألم لرؤيتك تعانين من هذا الألم و لكن لماذا يجب أن يبقى هذا السر مخفي عن آرام،صدقيني هو سيكون لجانبك و سيجد الحل ؟"

اختنقت من البكاء و الحسرة في قلبي

" الحقيقة يا إيرما لا تطاق بالنسبة له،،هذا من شأنه أن يحطم قلبه و يظلم روحه،، لا أستطيع تحمل إلحاق مثل هذا العذاب بالرجل الذي أحبه أكثر من حياتي "

أومأت لي بتفهم

" أفهم يا روس،، سأحترم طلبك و أحمي هذه الحقيقة المؤلمة عن آرام، أنا معك "

جلست فوق الاريكة و احتضنت نفسي

"أرجوك إيرما أريد البقاء وحدي قليلا"

تأملتني قليلا ثم حملت حقيبتها و غادرت بينما بقيت وحدي احترق مع قلبي الذي يتألم، علي المحاربة لأجل ابقاء هذه الصور بعيدة عن حبيبي و عن الإعلام، لن أتسبب في العار لزوجي و ابني..

اختنقت في المنزل لذا غادرت بسرعة دون أن ارتدي معطفي أو أحمل حقيبتي معي...

سرت مجهدة عبر شوارع ستوكهولم المغطاة بالثلوج و كانت خطواتي بطيئة و ثقيلة بما يتناسب مع ثقل الحزن في قلبي، قطعت الرياح الباردة من خلالي مثل السكين مما جعلني أرتجف بشكل لا يمكن السيطرة عليه..

كان وجهي المليء بالدموع أحمر اللون من البرد القارس و الألم الذي استهلكني، عندما هبطت رقاقات الثلج بلطف على بشرتي ارتجفت و ألمّني شعور بالضعف و اليأس يبدو أن رقاقات الثلج المتساقطة تعكس دموعي و تندمج بسلاسة مع القطرات التي تتساقط على خديي ،حاولت محوها لكن سرعان ما تم استبدالها بأخرى جديدة و كأن الطبيعة نفسها تشاركني حزني

أصبحت شوارع ستوكهولم التي كانت تعج بالحياة ذات يوم فارغة و صامتة مما أدى إلى تضخيم خرابي ،،كان الوهج البعيد لأضواء الشوارع يوفر بصيصا من الأمل لكنه بدا بعيدا و بعيد المنال تماما مثل العزاء الذي كنت أبحث عنه...

مع كل خطوة غرقت أقدامي في الثلج تاركة آثار أقدام امتلأت تدريجيا مما أدى إلى محو أي أثر لوجودها.. لقد كان تمثيلا مرئيا لما شعرت به مثل بقعة تافهة وسط اتساع نطاق تجاربي و قوى القدر التي لا تنضب...

واصلت رحلتي المنعزلة و كانت أفكاري تتقاذف مع ثقل الاختبار الذي كان ينتظرني، لقد تصارعت مع ظلم ظروفي و شعرت كما لو أن العالم قد تآمر ضدي....

تراقصت الرقائق الثلجية في الهواء تدور و تدور على أنغام اللحن الحزين الذي تعزفه روحي المكسورة ، كنت ملفوفة بعباءة اليأس آمل مقاومة البرد القارس دون معطف و على استعداد لتحدي العالم الذي تآمر ليدوس قلبي الرقيق..

و بينما كنت أمشي كانت كل خطوة تعكس ثقل حزني تاركة بصمات على القماش الأصلي مندمجة مع الدموع المتجمدة التي تزين وجنتي،، تضاءلت ألوان العالم من حولي النابضة بالحياة في السابق لتتحول إلى سيمفونية أحادية اللون من اللون الرمادي مما يعكس لون كآبتي...

تحت العبء الثقيل الذي حملته غصت في محادثة نفسي

"لماذا يجب أن أتحمل هذه التجربة المروعة؟"

فكرت و صوتي مليء بالخراب المؤلم

"لقد عاملني القدر بقسوة و أثقل روحي بدرس ثقيل للغاية لا أستطيع تحمله"

اخترقت عاصفة من الرياح الجليدية شكلي مما جعلني أرتجف بعنف و تسرب البرد إلى عظامي و هو مظهر جسدي للألم العاطفي الذي كنت أحمله و مع ذلك وجدت عزائي في الألم لأنه أثبت أنني لا أزال أمتلك القدرة على الشعور.
ارتجف صوتي أهمس لنفسي و للحضور الذي لا يقهر بداخلي

"كيف يمكنني أن أبحر في هذا الطريق الغادر المليء بعدم اليقين و الألم؟ قلبي يشعر بالهشاشة مثل الكريستال المتجمد على وشك التحطم إلى مليون شظية"

دون علمي كان القدر يخبئ لي المزيد في هذا اليوم،،رفعت رأسي قليلا مصدومة من السيارة التي كانت على وشك الاصطدام بي، لكن السائق ضغط على المكابح بسرعة و صدر صرير الإطارات على الرصيف الجليدي و فورا خرج السائق من السيارة يصرخ

" ماذا تفعلين يا فتاة ؟ هل أنت مجنونة؟!"

ابعدت يدي عن وجهي بنظرة حزينة فاقدة للحياة و تمتمت بصوت غير مسموع تقريبا

"لم أعد أهتم بعد الآن،، أنا فقط لا أهتم"

صدمت من وجودها هنا لوحدها دون معطف في هذا البرد القارس و اندفعت نحوها،،كانت رقاقات الثلج ملتصقة بشعرها البني و ذابت و هي تتساقط على وجهها و بسرعة قمت بخلع معطفي و لففته بلطف على أكتافها في محاولة لحمايتها من البرد القارس...

"ويليام ؟ هذا أنت؟"

"روس ماذا تفعلين هنا لوحدك، أين آرام؟ البرد قارس و أنت تتجولين دون سترة"

تنهدت وجهها يعكس الحزن و التعب

"الشتاء قارس يعض جسدي و روحي بلا رحمة، أشعر بالثقل يتسلل إلى كل خلية من جسدي و كأن الحياة تتدفق مني ببطئ محزن"

تأسفت لوضعها أتسائل مالذي حدث لها، ثم ساعدتها في الركوب في سيارتي أستمع لهمساتها

"أحيانا يشتاق القلب لأن يشعر بالبرودة القاسية كونها تمنحنا وعيا قاسيا للواقع، كأن الثلج يحاكي الألم الذي يعترينا في داخلنا"

نظرت لها بتعجب أشعر بالألم يمزق روحها

"روس مالذي حصل معك؟ هل تشاجرت مع آرام؟"

تنهدت ببطئ دموعها تنزل تباعا

" الحياة تحمل بين طياتها الكثير من الألم و الفقدان، أشعر بأنني أمضي هنا في هذا العالم كراكب على سفينة متلاشية معرضة للانهيار في أي لحظة "

وضعت يدي بلطف على كتفها أشعر بالأسى على حالتها

" روس تعلمين أنك لست وحدك في هذا العالم، نحن جميعا معك "

وضعت رأسها على النافذة تنظر للفراغ

"خذني إلى آرام ، على الأقل أعلم أنه سيكون هناك من أجلي.."

أومأت لها بأسف ثم شغلت سيارتي و انطلقت نحو منزلها...

٭٭٭٭٭٭٭

توسعت ابتسامتي و أنا أصفف مثل العادة شعري ، عندما التقطت عيناي يوهان يجلس على الأريكة مثل رجل بالغ منغمس في قراءة كتاب لم أستطع رؤية عنوانه، اقتربت منه و جلست بجواره مما جعل انتباهه يتشتت بسبب ازعاجي، لذا اغلق الكتاب يحدق في بعينيه الزرقاوتين بينما كانت أصابعي تعبث بخصله الشقراء..

" مرحبا كايل، كيف حالك اليوم؟ أتمنى أن تكون استي حافظت على وسامتك و لم ترمي دلوا آخر فوقك؟

قهقهت على كلامه

" أنا دائما رائع عزيزي يويو، لا يمكن للمرآة إلا أن تُفتن بجمالي، هل سبق لك أن رأيت مثل هذا الكمال؟"

حرك راسه ثم أجابني مثل بروفيسور في الجامعة و ليس طفل صغير

" حسنا الجمال أمر شخصي يا كايل لكن يجب أن أعترف أن ثقتك بنفسك مثيرة للإعجاب للغاية و مع ذلك هناك في الحياة ما هو أكثر بكثير من مجرد المظاهر ، كما تعلم"

تفاجأت من جوابه أعبث معه

" لكن الجمال فن يويو، تحفة تستحق الإعجاب و الاحتفاء بها ألا توافق ذلك ؟"

ابتسم بهدوء و أومأ لي

" في حين أن الجمال قد يلفت الأنظار فإن المعرفة تأسر العقل، أفضل الخوض في ألغاز الكون و استكشاف أعماق الإمكانات البشرية بدلا من الهوس بالمظاهر الجسدية"

حملت مرآتي أتأمل وسامتي الفاتنة

" الجمال الذي أملكه هو هدية، يفتح الأبواب و يخلق الفرص فهو يجذب الناس إلي كما ينجذب الفراش إلى اللهب، إنها قوة أمارسها بأناقة و نعمة في عملي "

وضع يده في جيبه ثم حك أسفل أذنه مثل آرام بالضبط،هذا الفتى نسخة مصغرة منه

" صحيح أن الجاذبية الجسدية يمكن أن تمنحك ميزة في مواقف معينة، لكن الاعتماد عليها فقط قد يكون سطحيا، ماذا عن تطوير فكرك و رعاية مواهبك و إحداث تغيير في العالم يتجاوز المظاهر السطحية؟"

"ربما تكون على دراية بشيء ما، هناك ما هو أكثر في الحياة من مجرد المظهر الجيد، لكن كما ترى جمالي هو أيضا مصدر رزقي و هذا ما يساعدني على التفوق في مسيرتي المهنية كعارض أزياء.."

أومأ لي بتفهم

" فهمت، من المهم أن نقدر و نستفيد من هدايانا الطبيعية و مع ذلك تذكر أن الذكاء الحقيقي و الحكمة يمكن أن يأخذك إلى أبعد بكثير مما يمكن أن يفعله الجمال السطحي، يتعلق الأمر بإيجاد التوازن و متابعة النمو الشخصي في جميع مجالات الحياة"

اتكأت على الأريكة أقلب صفحات الكتاب الذي يحمله بين يديه، كتاب فيزياء الكم

"أنت حكيم جدا بالنسبة لعمرك يوهان،، ربما هناك الكثير لنتعلمه منك، أخبرني ما هي المعرفة الرائعة التي اكتشفتها مؤخرا؟"

ضحك بحماس و احتضن الكتاب لصدره

" دعني أخبرك عن عجائب الثقوب السوداء و نظريات فيزياء الكم، إنه أمر محير للعقل تماما إن تعقيدات الكون و أسراره أكثر جاذبية بكثير من أي انعكاس في المرآة.. "

حركت كتفي باهمال و الشقي الصغير دفعني من طريقه فور أن دخل آرام و ارتمى في أحضانه يضمه و يتكلم دون توقف و كأنه كان ينتظره ليخبره بما قرأه..

"بابا، بابا خمن ماذا؟ لقد قرأت عن الثقوب السوداء و فيزياء الكم و هي مذهلة جدا ، إنها مثل الدوامات العملاقة في الفضاء التي تلتهم كل شيء حتى الضوء"

قبلت وجنتيه الصغيرة سعيد بهذا الحماس الذي يومض منه، أقسم أنني أحيانا اشعر بالغباء أمام ابني و ذكائه الكبير

"حقا شبلي؟ هذا يبدو رائعا، هل يمكن أن تخبرني المزيد عن ذلك؟"

دائما ما أسعى لمشاركته اهتماماته و أرائه و مناقشته معه، على الأقل استفيد من ذكائه الخارق حول الأشياء التي لم أكن أعرفها من قبل

" نعم يا بابا، انظر الثقوب السوداء قوية للغاية و هي تضغط كل المادة و الطاقة في نقطة صغيرة جدا تسمى التفرد و الجاذبية قوية جدا بحيث لا يمكن لأي شيء و لا حتى الضوء الهروب منها،، إنها مثل المكنسة الكهربائية الكونية "

استمعت اليه بانتباه متأثرا بعاطفته و عطشه نحدق أنا و كايل فيه و نشعر حقا بالغباء أمامه

"واو هذا لا يصدق شبلي، هل يمكنك أن تشرح لي فيزياء الكم أيضا؟"

ضمني من رقبتي و اوشك أن يوقعني أرضا

" بالتأكيد بابا، تشبه فيزياء الكم نوعا خاصا من العلوم التي تساعدنا على فهم الجسيمات الصغيرة جد،ا مثل الإلكترونات تقول أن هذه الجسيمات يمكن أن تكون في مكانين مختلفين في نفس الوقت، و يمكنها حتى أن تتصرف مثل الموجات و هذا ما يسمى التراكب و ازدواجية الموجة و الجسيم"

أومأت برأسي محاولا بذل قصارى جهدي لفهم المفاهيم المعقدة التي كان يشرحها ، بينما كايل فمه مفتوح مثل الأحمق مصدوم من كم المعلومات التي كان يشرحها يوهان..

" هذا محير للغاية يوهان، لديك حقا موهبة لفهم هذه الأفكار المعقدة،، في رأيك ماذا يعني كل هذا بالنسبة للكون؟"

فكر يوهان للحظة و عيناه تلمعان بالفضول

" أعتقد أن هذا يعني أن هناك الكثير لاكتشافه بابا ، إذا كانت الثقوب السوداء و فيزياء الكم يمكن أن تعلمنا أشياء غريبة و غامضة، فمن يعرف ماذا يوجد هناك أيضا؟ إنه مثل لغز كبير و أريد أن أتعلم كل القطع"

حملته بين يدي أضحك فخور به

"شبلي لديك شغف لا يصدق للتعلم، أنا مندهش من مقدار ما تعرفه بالفعل في مثل هذه السن المبكرة ، فضولك سيأخذك بعيدا يا بني.."

"شكرا لك بابا، أنا متحمس جدا لمواصلة الاستكشاف و التعلم عن عجائب الكون، ربما في يوم من الأيام سأكون عالما و أكتشف شيئا مذهلا"

كنت سأتحدث حتى صدمت من دخول ويليام إلى المنزل يمسك بجانبه بيد روسلين التي تبدو في حالة يرثى لها، تركت يوهان و توجهت بسرعة نحوها، لقد كنت مصدوما من حالتها حيث عجزت عن الكلام و تركت الدهشة تعتلي وجهي،، عندما اقتربت منها كانت تعاني من نوبة بكاء شديدة فور أن لمحتني و ما كان يمكنني سوى أن أحتضنها بقوة أحاول تهدئتها و محاولة مسح دموعها و فهم ما وقع لها

"روسلين.. لماذا تبكين؟ ما حدث؟"

قلت ذلك بصوت مكسور ، كانت عباراتي تتلاشى في همس ضعيف في محاولة للتخفيف من قلقها و حزنها..
لم تجبني بتاتا و هذا جعلني أشعر و كأن كياني ينهار فلم أتمكن من تخيل الحياة بدون حبيبتي

"روس ، أنا هنا حبيبتي معك اهدئي أنت بأمان"

احتضنتها أكثر و شعرت بجسدها يرتعش ضدي همست بهدوء

"ششش سيكون الأمر على ما يرام ، أنت آمنة الآن دعينا ندخل إلى الداخل و نقوم بتدفئتك"

أسرع يوهان و تمسك برجليها

" ماما، لماذا تبكين ؟أخبرينا سندافع عنك أنا و بابا "

حدقت في وجه صغيري ثم أومأت لكايل أن يهتم به و طلبت من ويليام أن ينتظرني حتى أعود ثم حملت روسلين بين يدي و صعدت لجناحنا..هرعت نحو الحمام وضعتها أمام الباب و قمت بتشغيل الدش و كان صوت المياه المتدفقة يملأ المكان و يكسر الصمت الذي ساد بيننا،تقدمت منها اخلع ملابسها و كانت حركاتنا بطيئة و ثقيلة بسبب ثقل الحزن الذي أشاهده في وجهها .

أدخلتها تحت المياه المتدفقة و كان جسدها المرتعش يحتضن الدفء اللطيف الذي يلفها و تشبثت بي للحصول على الدعم لذا أيضا خلعت ملابسي و انضممت إليها لأنها هشة لا تقوى على الوقوف...

اختلطت أنفاسنا المليئة بالبخار حيث جرف الماء و الدموع التي تعلقت ببشرتها الخالية من العيوب و أغمضت عينيها مستسلمة للحظات لمسة الماء الهادئة و ربما وجدت العزاء في مداعباتي لها لتهدأ...

"أنت آمنة الآن حبيبتي"

همست و صوتي مليء بالحزن غير المعلن

"دعي دفء الماء يغسل الألم و لو لفترة قصيرة، سأفعل أي شيء من أجلك حبيبتي، أتمنى أن أتمكن من حمايتك من الألم"

تألم قلبي و أنا أراقبها و كان وجهها لا يزال عليه آثار الدموع و عيناها مغمورتان بألم بدا ثقيلا جدا بحيث لا يمكن تحمله،، كنت أتوق إلى فهم معاناتها و المساعدة في تحمل العبء الذي تحمله لكنها تصر على الصمت...

"روس من فضلك اخبريني مالذي يؤلمك؟ ماذا حصل معك؟ "

نزلت دمعة حارقة مجددا من عينيها الحزينتين ثم وضعت يديها على وجنتي تهمس

" أرجوك آرام، لست مستعدة للتحدث الآن، سأخبرك لاحقا "

قلت بصوت تشوبه خيبة الأمل لكني سأدعمها مهما حصل

"أنا أحترم قرارك روس، فقط اعلمي أنني هنا من أجلك دائما، عندما تكونين مستعدة للتحدث سأكون هنا مستعدا للاستماع لا حكم و لا ضغوط"

ارتجفت شفاهها و ظهر مزيج من الامتنان و الحزن على وجهها ، مدت يدها و وضعت يدها علي مجددا

"شكرا لك يا آرام، شكرا لك حبيبي على صبرك و تفهمك فهذا يعني بالنسبة لي أكثر مما تعرفه"

أعطيتها ابتسامة صغيرة داعمة و نظرة مليئة بالرحمة التي لا تتزعزع

"ليس عليك أن تشكريني، تعرفين مكانك في حياتي و سأستمر في البقاء هنا بجانبك مهما كان الأمر، عندما تكونين مستعدة سأكون هنا للاستماع"

اختلطت تنهدات روسلين مع صوت الدش و هي سيمفونية مؤلمة للقلب بدا أن صداها يتردد داخل جدران الحمام، دنوت منها أكثر و لففتها بحضن دافئ أوفر لها المأوى وسط العاصفة التي اندلعت بداخلها

"ابكي إذا كنت بحاجة لذلك ، أنا هنا لأحتضنك و لأساعدك على تحمل ثقل حزنك"

جففتها و لففت حول جسدها برنس الحمام ثم حملتها فوق السرير و جففت شعرها ثم وضعتها أسفل اللحاف السميك و غادرت بسرعة لغرفة الملابس...

فتح الباب و دخل بخطاه الصغيرة، ارتجف قلبه من خوف لا يسبر غوره عندما لاحظ والدته تجلس على حافة حزنها، عيناها اللتان كانتا تشعان بالدفء أصبحتا الآن بركتين من الكآبة تعكسان شظايا قلبها المكسور،،كان ثقل حزنها يضغط بشدة على روح شبلي الهشة و يثير بداخله غريزة بدائية لحمايتها من أعماق معاناتها...

بحنان رشيق جلس بجانبها باحثا عن العزاء في القرب الحميم الذي كانا يتشاركانه، التحقت بهما و أسرعت في الاقتراب عندما رأيت صغيري يبكي بشدة، انحنيت ناحية السرير و حملت يوهان في صدري بحنان و الذي حمل في طياته حب الأبوة و الرحمة و حتى أضمن أنه يشعر بالأمان أخذته بحنان ورحت أطبطب على كتفيه ثم نظرت إلى روسلين التي تحدق في الفراغ برفق قبل أن أنظر إلى يوهان مجددا و أفتح فمي

"هل أنت بخير شبلي ؟ لا تقلق لم يحدث شيئ لوالدتك ، أنا هنا و أنتما آمنين بجانبي"

لم أشأ أن أكذب عليه لأنه أذكى من أن يعلم أن شيئا آخر حصل معها،،ضممته و أحاطت به رائحة حضور روسلين المريحة المألوفة و اختلطت برائحتي عندما حاوطت ذراعي جسديهما و أصبح صدري مرفأ حصنا للحب يوفر ملجأ وسط العاصفة التي اندلعت في عالمهما الهش..

استلقيت وسطهما مثل العادة و بدأت أنسج بصوتي سمفونية من الأمل ، طارت كلماتي برقة في الهواء تحمل ثقل آلاف الوعود الهامسة ، كانت نغمة صوتي الآن مليئة بألم لطيف تنقل قصة مهيبة تعكس مشاعرهما...

"ذات مرة في عالم مطلي بألوان نابضة بالحياة، كانت هناك حديقة غامضة حيث كان لكل لون قصته الساحرة، في هذا العالم المتنوع ظهر اللون الأرجواني كرمز للغموض و السحر. تقول الأسطورة أنه عندما تنخفض الشمس تحت الأفق، تتحول الحديقة إلى عالم تتشابك فيه الأحلام و الواقع

وُلِد اللون الأرجواني من اتحاد اللون الأزرق الداكن و الأحمر العاطفي، و هو زواج من الصفاء و السحر،يعكس جوهرها التوازن الدقيق بين الهدوء و الحماس ،مع حلول الليل تتفتح بتلات الزهور الغامضة في الحديقة، لتكشف عن روعتها الأرجوانية المخملية، و تنضح بعطر آخر يجسد جوهر السحر

في هذا المجال أصبح اللون الأرجواني قناة لأحداث غير عادية، وقيل إن أولئك الذين يحدقون في وهجها الساحر سينتقلون إلى عالم الأحلام حيث تتشكل رغباتهم و تطلعاتهم العميقة،حملت همسات الريح حكايات المغامرين الشجعان الذين شرعوا في مهام لاكتشاف الأسرار المخبأة داخل قلب الحديقة الأرجوانية

مع مرور الوقت أصبح اللون الأرجواني يرمز ليس فقط إلى العالم الغامض و لكن أيضًا إلى المشاعر التي تجاوزت المألوف. لقد أصبح مرتبطًا بالإبداع و الملوكية و اللمسة الإلهية. استلهم الفنانون من ألوانها الغنية و نسجوا قصصًا تعكس الروايات الآسرة للحديقة المسحورة..

استمرت قصة اللون الأرجواني في الظهور، و هي قصة خالدة من الغموض و السحر و الإمكانيات اللامحدودة التي ظهرت عندما يجرؤ المرء على استكشاف ما هو غير عادي...

في بعض الأحيان، رحلة الحياة تشبه قصة اللون الأرجواني. إنها رقصة رقيقة بين الهدوء و العاصفة، بين الارتفاعات و الانخفاضات ،و مع ذلك داخل نسيج التجارب هذا هناك جمال يشبه إلى حد كبير الجمال من الحديقة الأرجوانية عند الشفق،حتى في لحظات حزننا، هناك خيط من السحر، و إمكانية لشيء غير عادي. تمامًا مثل اللون الأرجواني، لديك القدرة على التحول و إيجاد العزاء في وسط تعقيدات الحياة .. "

صمتت بعد أن لاحظت ٱن روسلين و يوهان غرقا في نومهما، بعدما استعما لحكاية اللون البنفسجي التي ابتكرها يوهان و طلب مني دائما أن أحكيها له عندما يكون حزينا ليرتاح قلبه بسبب اللون الأرجواني الذي يبعث الراحة،ابتعدت عنهما برفق شديد خشية أن اوقظهما و نزلت للأسفل لأستفسر ويليام..

٭٭٭٭٭٭٭

"صدقني آرام ، لم أفهم منها شيئا ، منذ أن ركبت السيارة و هي تبكي فقط و تقول أن قلبها تحطم"

مررت يدي على وجهي بحنق

" اللعنة، كيف سأعرف ما بها؟ لم يحصل هذا سابقا، إنها تبدو و كأن روحها تتعذب و هذه الحالة تحرق قلبي، سأنتظر حتى تهدأ و بعدها اضغط عليها لتخبرني ما حصل "

فوجئت بوجود أستي التي ارتمت بجانبي

" أخي آرام ماذا وقع معها، هل هي بخير؟ "

حركت راسي متأسف

" لم تقل شيئا فقط طلبت مني أن أمنحها الوقت "

اتكأت على كتفي هي أيضا تفكر بما حل مع روسلين، هل السبب ذلك الوغد ماثيو؟ إن كان هو ساضطر لابعاده عن طريقي في أقرب وقت..

٭٭٭٭٭٭٭

_بعد خمسة ايام:

وسط الحقول المكسوة برداء ابيض الممتدة على مد البصر ترددت سيمفونية من الضحك وخشخشة النظارات في الهواء، ألقى تساقط الثلج توهجا كهرمانيا على الزجاج الشفاف للشرفة المزينة بالزهور البرية العطرة و ضوء الشموع الرقيق مما يمنح المشهد إشراقا أثيريا..

جلست في مقعدي احتضنتني محاليق الترقب الرقيقة مثل نسيم لطيف تهمس بأسرار القدر و الحب ، أرادت أن أعيش هذه الأمسية في سلام متجاهلة رسائل هيلدا التي تهددني كل ساعة بالصور و تحسب لي ساعات انفصالي عن زوجي،، كان الهواء مليئا برائحة الأعشاب الطازجة و الأطعمة الشهية المطبوخة في المنزل ممتزجة برائحة الياسمين المسكرة التي تزين غرفة المعيشة و كانت الطاولة مزينة بخزف صيني غير متطابق و كل قطعة تحكي قصة من الذكريات العزيزة التي توارثتها أجيال آل إيلايجا..

" مرر الكأس، من فضلك "

تجاهلت كلام كايل و كانت عيناي تحدق بفضول بوجه روسلين الهادئ ،أتسائل عن سر تغييرها طوال الخمسة أيام الماضية حتى أنها تتجاهلني و لا تستجيب للمساتي،، انضمت إلينا والدتي التي تذكرني ابتسامتها بوهج القمر اللطيف،، ملأت ضحكات يوهان الهواء و اختلطت بضحكات كايل..

انقضى العشاء و جلسنا في غرفة المعيشة ندردش مثل العادة تحت صمت روسلين الغريب بينما كان يوهان يتجول و يستكشف خزف المزهريات التي تحتفظ بهم أمي ، أتمنى فقط ألا يكسر شيئا و إلا ستتبعه لعنة المزهرية التي كسرتها أنا منذ 22 سنة..

لكن أمنيتي لم تدم طويلا لأن اليوم هو أحد تلك الأيام التي يكون فيها يوهان نشيطا و فوضويا و تصادف أن الضحية المطمئنة لتصرفاته الغريبة هي جدته العزيزة ،التي لم تكن مستعدة للفوضى التي كانت على وشك أن تقع..

كانت هذه المزهرية مزينة بالزهور الرقيقة و الأنماط المعقدة و كان لها مكانة خاصة في قلبها لأنها هدية روسلين و تذكرها بمزهريتها المحطمة و لكن للأسف كان للقدر خطة مختلفة لهذه القطعة الفنية الهشة...

كان يوهان يتفحص المزهرية ببراءة عندما اصطدم بطريق الخطأ بطاولة قريبة أدى التأثير إلى سلسلة من ردود الفعل للأحداث التي لا يمكن وصفها إلا بالفوضى المطلقة ، تأرجحت المزهرية على الحافة للحظة كما لو كانت تفكر في مصيرها قبل أن تنهار بشكل كبير على الأرض، تطايرت قطع من الخزف الرقيق في كل اتجاه مثل انفجار ملون، كان الأمر كما لو أن الغرفة بأكملها حبست أنفاسها تحسبا...

"قضي عليك يوهان"

انتفضنا من أماكننا في انتظار صدمة أمي التي تصادف مرورها في تلك اللحظة بالذات بعد أن ذهبت لتحضر ألبوم الصور ، تجمدت في منتصف الطريق و اتسعت عيناها من الرعب و عدم التصديق و بدا أن الزمن قد توقف و لجزء من الثانية حبس العالم أنفاسه كما لو كان يتعاطف مع المزهرية المحطمة ، كان الدمار على وجهها مرئيا من بعيد كما لو أنها شهدت للتو نهاية العالم...

"أوه لا، اعتقد أني كسرت مزهريتك جدتي"

صاح يوهان و صوته يقطر بالبراءة،،، علقت الكلمات في الهواء و كأنها اعتراف بالذنب، دنوت منه أكتم ضحكاتي

"شبلي، لقد اتبعت خطاي"

تحدثت بشكل مثير واضعا يدي على قلبي

"ماذا حدث بعد أن حطمت مزهريتها بابا؟"

سأل يوهان بفارغ الصبر ينتظر الاجابة بينما أخذت نفسا عميقا و استعد لإعادة سرد الحكاية الأسطورية عن سوء حظي

"حسنا شبلي، لقد كانت ليلة مظلمة و عاصفة لكن العاصفة كانت تختمر بداخلي، بخطوة واحدة في غير محلها أرسلت المزهرية إلى زوالها تماما مثلما فعلت الآن،، لقد شعرت بالصدمة و الرعب لكنها غفرت لي بعد بضعة أسابيع من تنظيف المنزل بالطبع و لكنها لم تنسى ابدا و في كل لحظة كانت تذكرني بالامر كما لو انني ارتكبت جريمة شنيعة "

شهقت أمي بشدة و حطت يدها على صدرها

"أوه، مزهريتي المسكينة"

صرخت و صوتها مزيج من الصدمة و عدم التصديق ثم أطلقت تنهيدة و تحول سخطها إلى حب عندما نظرت إلى إلينا و قالت و بريق التسلية يتراقص في عينيها

"حسنا أعتقد أنه أصبح تقليدا عائليا الآن، يبدو أن المزهريات المكسورة تجري في دمائنا"

لم أستطع إلا أن أبتسم لروح الدعابة غير المتوقعة لوالدتي

"أعتقد ذلك، لكن لا تقلقي يا أمي سوف نستبدل مزهريتك و ربما هذه المرة سنجد مزهرية غير قابلة للكسر"

ضحك الجميع على كلامي بينما اضافت هي

" و لكن يا حفيدي العزيز استعد لأني سأذكرك بهذا طيلة سنوات حياتك القادمة "

دنا منها بضع خطوات يقبل وجنتيها

" آسف جدتي و لكني أعدك غدا سأصلح لك المزهرية "

ابتسمت له تعبث بخصل شعره الأشقر ثم ودعته للذهاب للنوم..

٭٭٭٭٭٭٭

وقفت أمام المرآة و كان انعكاسي عبارة عن لوحة رقيقة من الحزن و الشوق، كانت الغرفة مزينة بألوان الشفق الباهتة التي ألقت وهجا حزينا على وجهي المتعب.. تراقص ضوء الشموع الوامض على وجهي مضيفا لمسة من الإشراق الذي زاد من عمق ألمي..

كان قلبي المثقل بثقل الكلمات غير المنطوقة و الأحلام غير المشتركة يشتاق إلى العزاء، وسط العاصفة المتجمعة قبض الخوف على صدري و تشابك مع محلاق الحزن الرقيق الذي هدد باستهلاك روحي الهشة..

لكن الليلة كانت مختلفة ، الليلة كنت أبحث عن العزاء في الحضن الحميم لحبيبي على الرغم من الدموع التي لطخت روحي بصمت.

بأيد مرتعشة كشفت عن خصلات شعري البنية مما سمح لها بالتتالي بسهولة على كتفي، كل خصلة كانت تهمس بحكايات الليالي الشاعرية و القبلات المسروقة متشابكة مع ذكريات الحب الذي أعتز به بكل ذرة من كياني..

كنت أزين نفسي بفستان من الدانتيل الحريري و قمت بتمرير أصابعي على القماش الرقيق بحثا عن العزاء و القوة في أنماطه المعقدة..

عيناي اللتان كانتا ذات يوم بركتي ​​فرح نابضتين بالحياة تتلألأ الآن بحزن هادئ و تعكس وهج القمر الخافت خارج زجاج النافذة ، لقد شهدوا على آثار وجع القلب المحفورة على وجهي ،و كل سطر هو شهادة على المعارك التي خضتها داخلي، لكن الليلة تحدثت هذه العيون عن رغبة يحجبها الألم في العثور على العزاء في أعماق حب زوجي..

جسدي الذي كان ينبض بالحياة، الآن هو وعاء لحكايات لا حصر لها ،الآن هو مزين بالدانتيل الناعم الذي يذكرني بقصص قديمة..

مع كل لمسة حنونة أتوق إلى العثور على العزاء خلف واجهة سريعة الزوال، خدودي الرطبة المزينة بحضن أحمر ناعم نداء صامت لنظرة زوجي لتظل على وجهي و كانت شفتاي تنبضان بالضحك و المرح الآن رسمت باللون القرمزي لتخفي ندرة شوقي.. بأصابعي المرتعشة أنسج الزهور في شعري بتلات الذكريات العطرة المحملة بشؤون الحب، في همسة كل زهرة تنهيدة رقيقة أطلقها...

أبحث عن العزاء في الليل داخل قلب آرام... ارتديت ثوبا مظلما مثل هاوية الليل، في ثناياي أخفي نداء صامتا مختوما بقبلة.. فرغم أن روحي تبكي مثقلة بثقل الحزن
كنت مصممة على احتضان هذا..

بخطوات مؤقتة شققت طريقي نحو المدفأة الخافتة و كان لهيبها المتراقص انعكاسا مؤثرا للاضطراب داخل قلبي. كان الدفء يغلفها و كان عناقها الرقيق بمثابة بلسم لروحي و يشجعني ، مع كل جمرة تومض كنت أسعى إلى إشعال شرارة الأمل، وميض المرونة الذي سيرشدني خلال الليل...

و بينما كنت أضغط بكفي على صدري و شعرت بالنبض الإيقاعي لقلبي الحزين، همست بصلاة صامتة للرب نداء من أجل القوة لأكشف نقاط ضعفي، لأكشف أعماق آلامي، أمسك قلبي على الرغم من أن قلبي كان يتألم مع كل نبضة إلا أني عرفت أن الضعف الليلة سيكون أعظم نقاط قوتي..

ابتسمت بأسى فور أن رآني آرام على كامل استعدادي، عض شفته يتنهد ثم دنا مني و طبع قبلة هادئة على جبيني يهمس لي..

" روس لا تفعلي هذا بي، إذا كنت سترفضينني مثل المرة الماضية فأنا لا أريد "

مددت يدي لوجنته أراقبه بحزن دافئ..

"أنا آسفة لما حصل، لم أعرف ماذا كنت أفعل.. أنا فقط.. سامحني حبيبي"

أومأ لي و أخذني نحو النافذة الزجاجية و هناك ألقى القمر توهجا فضيا على العالم و أضاء المشهد الرقيق الذي انكشف أمامنا، وقفت بشعري البني المنسدل على كتفي بجوار النافذة المغلقة و قلبي مثقل بمعرفة أن هذه الليلة الحميمة لم تكن سوى مقدمة لانفصالنا الوشيك ..

خرجت تنهيدة ناعمة من شفتي بالكاد مسموعة على اللحن الحزين لأغنية الحياة..التفتت نحو آرام و عيناي ممتلئتان بالدموع التي لم تذرف..

"روس حبيبتي، لا تدعي هذه الليلة تضيع في قبضة الزمن القاسية، تعالي اجلسي معي و دعي قلوبنا تنطق بالكلمات التي لا تجرؤ شفاهنا على نطقها"

أومأت برأسي و كانت خطواتي أثيرية و هي تنزلق نحوه غرقت على مسند ذراع كرسيه بالكاد تتلامس أجسادنا لكن أرواحنا تتوق إلى أن تكون واحدة ، كان بإمكاني تذوق نكهة كلماته الحلوة و المرة و وقتنا معا ينزلق من بين أصابعنا مثل الرمل و مع ذلك جلبت كل حبة معها ذكرى حبنا لا يمكن تعويضها...

للحظة توقف العالم الخارجي عن الوجود و كنا وحيدين في ملاذهنا الشفقي و تنفسنا هو الصوت الوحيد،، امتدت يدا آرام و ارتجفتا قليلا و قبّلتا وجهي و كانت لمسته عناقا لطيفا كما لو كان يحاول حفر صورتي في ذاكرته إلى الأبد..
همست بصوتي مثل نسيم عبر غابة منسية

"آرام ، النجوم نفسها تحسدك على إشعاع روحك، كيف يمكن أن يكون القدر قاسيا إلى هذا الحد لدرجة أن يمزقنا إربا؟"

ترقرقت الدموع في عيني و هددت بالانتشار عندما همس بصوت لا يكاد يسمع

"حبيبتي شاركيني أحزانك، من فضلك أخبريني بما يؤلمك؟ لماذا تغيرت فجأة؟ أنا اريد روس القديمة، روس التي لا تخفي عني شيئا"

ارتجفت شفتاي و ركزت نظراتي على عيونه بحثا عن العزاء وسط العاصفة المظلمة لانفصالنا الوشيك الذي لا يدري عنه شيئا

"عدني أنك لن تتخلى عن الذكريات أبدا و أنك ستبقي حبنا حيا حتى عندما ينهار العالم من حولنا"

قبل أن ينطق بكلمة رميت نفسي في أحضانه أنسج سيمفونية من الشوق و الندم ، بدا الأمر كما لو أن أرواحنا تتشابك في تلك اللحظة و تربطنا إلى الأبد...

في هذه ليلة المقدرة للوداع انغمسنا بروح الشغف و الحب المشتعلة كأنها ليلة أخيرة في عالمنا المشترك ، تواصل جسدينا بلغة عاصفة و مثيرة تحمل بين طياتها كل العواطف المتراكمة و الشغف الحارق..

تتراقص أجسادنا في رقصة شهوانية مليئة بالإثارة و الاستسلام المطلق،، النسيم يعانق أجسادنا المحترقة و الشموع ترسم ظلالها العاشقة على جسدينا ، كل لمسة تعزلنا عن العالم الخارجي و كل قبلة تتحول إلى مسحة فنية ترسمها قلوبنا المحبة..

يتلاشى الحزن و الألم في عاصفة من الشهوة و الاندماج الحميم ، يتجسد الحب المنبثق من أعماقنا بكل تفصيلة من صورة هذه اللحظة الفريدة و كل نبضة من قلبينا تشق طريقها من خلال أوردتنا المتشابكة.

تتباهى الفرحة في أعيننا المليئة بالحب و الضحك يعبق بالجنون و الإحساس تستمد أنفاسنا من بعضها البعض تتبادل العاطفة و الإثارة في حبة عاطفية غير مسبوقة ، التقاط كل كلمة و نظرة يشعل الأفكار المتلألئة و المركبة في جنون اللحظة...

في هذه الليلة الملحمية المغلفة برقة الحب و الانفصال، يجمعنا الوقت و المكان و الأحاسيس القوية فربما يصير هذا الحضن الأخير الذي يوقظ في أعماقنا روح الوفاء المشتعلة و اللمسة الأخيرة التي تبقى في ذاكرتنا للأبد.

حبنا يشتعل بقوة غير مماثلة كأننا نزرع بذور العشق في قلبي بعضنا البعض على الرغم من الوداع القريب و الانفصال المحتوم الذي قررته ، و في نهاية هذه الليلة الخاصة يبقى الحب رمزا للشغف و التضحية حيث نتقابل بقوة لا تُقهر لنعيدا صياغة التيار السائد من الفراق إلى رغبة قوية في البقاء...

وضعت رأسي على صدره أنسج دوائر وهمية بأناملي

" الليلة خلقنا ذكرى ستظل محفورة في أرواحنا إلى الأبد ، ليلة من السحر الخالص "

كان آرام يلهث و صوته مليئ بالشوق

" عسلي ، كل لحظة نقضيها معا هي هدية الليلة و ذكرى في حياتنا "

٭٭٭٭٭٭٭

لم أستطع أن أدع المزهرية المكسورة تكون نهاية القصة عازما على تصحيح الأمور و إظهار براعتي، وضعت خطة لإصلاح القطع المحطمة مع الصباح الباكر..

توجه نحو القبو في المزرعة أتمشى بحذر خشية أن أتعثر وجدت صندوق مليء بقطع الغيار و ما أحتاجه ، كنت أعلم أن هذه كانت الفرصة المثالية لاختبار مهاراتي في الاختراع...

أولا قمت بجمع و فحص المزهرية المكسورة بعناية و درست تصميمها المعقد و حاولت أن أتذكر كيف كانت تبدو قبل أن تتحطم إلى مليون قطعة ثم بدأت في تصور الخطوات اللازمة لإعادتها إلى الحياة...

باستخدام أصابعي الرشيقة قمت بوضع مادة لاصقة خاصة بدقة بين الحواف المكسورة للمزهرية، محاولا إعادة تجميعها و مزج تركيبتي الفريدة من الغراء و الابتكار مما يضمن رابطة قوية و سلسة من شأنها أن تصمد أمام اختبار الزمن، حسنا هنا أقصد صمودها أمامي و أمام والدي..

لم أتوقف عند هذا الحد نظرا لكوني عقلا مبدعا فقد رأيت فرصة لتعزيز المزهرية بلمستي المبتكرة ، أخرجت مجموعة من مصابيح LED الصغيرة و الأسلاك و حزمة بطارية صغيرة و من خلال دمج هذه العناصر بعناية في المزهرية قمت بتحويلها إلى تحفة فنية سحرية مضيئة...

أخيرا تراجعت للخلف أعجب بعملي اليدوي و هي مزهرية تم ترميمها بالكامل و أكثر سحرا من ذي قبل تراقصت أضواء LED في الداخل، مما ألقى توهجا جميلا على تصميم الخزف الرقيق،،أسرعت للأعلى أريها لجدتي التي اتسعت عيناها من الرهبة و الدهشة من جمالها

"يوهان حبيبي ماذا فعلت؟ هذه المزهرية أجمل بكثير"

ابتسمت بفخر

"أردت أن أجعلها مميزة بالنسبة لك يا جدتي، أتمنى أن تنال إعجابك"

تدفقت دموع الفرح في عيني جدتي و هي تعانقني بقوة

"حبيبي يوهان أنت عبقري حقا ، لم تقم بإصلاح المزهرية فحسب بل جعلتها أكثر قيمة شكرا لك على تحويل حادث مؤسف إلى عمل فني و هذه شهادة على إبداعك و حبك"

"ماذا يحصل هنا؟"

تسائلت عندما وجدت أمي تحتضن شبلي و عيونها تبكي من الفرح، أرتني المزهرية التي اصلحها كيف اصبحت اكثر جمالا من ذي قبل، التفت للجنب و عبست فورأان تذكرت أحداث هذا الصباح و كيف صدمتني روسلين بكلامها الوقح عن علاقتنا، اللعنة علي اكتشاف ما حصل معها و مالذي يحدث في عقلها، تناولنا الفطور و غادرنا للمنزل، غدا ذكرى زواجنا الخامسة يجب أن اكمل تحضير المفاجأة علها تستمتع بها،، لحظة هل هي حامل و هرموناتها من جعلتها تتصرف هكذا؟ همم انه سبب منطقي جدا...

أوصلتها للمنزل ثم خرجت و عدت بعد لحظات، صدمت من الجناح الذي كان فوضوي و هي جالسة على الأريكة باهمال تلعب في الهاتف، زفرت من تصرفاتها و دنوت منها ثم جلست أمام رجليها، ابتسمت و وضعت لها اختبار الحمل في يدها..

" روس عسلي هيا جربيه من فضلك، ربما أنت حامل و هذا تأثير الهرمونات، يا إلهي حبيبتي أنا متحمس لهذا ، سأصبح أب مرة أخرى.. "

قبل أن اكمل كلامي رأيت اختبار الحمل يحلق في الهواء ثم وقع على الأرض و هي عادت لهاتفها مجددا دون اكتراث..

"روسلين ، ماهذه التصرفات الوقحة؟"

✧༺نهاية الفصل༻✧

روسلين ترتكب أكبر خطأ في حياتها كلها 💔😭

آرااام يا قلبي مسكين لا يعرف ما اصابها 💔

صدقا مشاعري محطمة يجب ان اصالحهم في اقرب وقت 🥺💔

روس تعذب نفسها فقط، لو اخبرته الحقيقة لما وصلا لهنا

يوهان العبقري ❤🥵

كسر المزهرية اوووه اصبح تقليدي عائلي عند آل ايلايجا

الفصل القادم ستكون الصدمة 💔

Continue Reading

You'll Also Like

106K 4.2K 26
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
516K 16.8K 36
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
2.9M 147K 40
[ ADULT CONTENT ] أُجْبِرَت عليكي مِنْ قِبَلِ أَهْلِي وَلَكِنَّكِ كنتِ الْخِيَار الْوَحِيد لِقَلْبِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ يراكِ فِيهَا - jeon Jungkook ...
1.4M 28.1K 42
[ 𝕊𝕖𝕩𝕦𝕒𝕝 𝕔𝕠𝕟𝕥𝕖𝕟𝕥 ] تنويه🔞: الرواية جريئة و لا تتناسب مع جميع الأعمار. [ مقتطف ] : أنا لست هي!!! : اخترتك ، أنت لا هي!!!