المنبوذ

By A-DEERA

2.4K 203 498

هذا العالم ليس مكانًا جيدًا لأمثالِه، فمصاصُ دماءٍ منفيٍ مثلِه يمقُت رؤية مَن حَولِه سُعداء. لم يَزُر الحُب ق... More

١| شهابٌ ساقط
٢| مُستذئب
٣| صديقة السوء
٤| وطن
٥| شعور الحب
٧| تسجيل صوتي
٨| كسر اللعنة [ النهاية ]

٦| إنكسار

176 18 0
By A-DEERA

___

كُنت أنظر داخل عينيه التي إمتلأت بالدموع بشكلٍ مُفاجئ هل يبكي الآن حقًا؟

" ديفيد، ما بك؟ لِمَ تبكي؟ "

أردفتُ بنبرة واهِنة، وقد شعرتُ بالدموع تجتمع بمُقلتاي أنا الأُخرى دون شعور مني، واللعنة لِمَ أبكي الآن؟

شهقة غادرت ثغري حينما وجدته يُحاصرني بين أضلعه يشد على عناقي وقد تعالت شهقاته.

" أنا آسف، آسف، آسفٌ للغاية مادو، لقد كُنت أحمقًا ومُغفلاً كَبيرًا، لقد حاولتُ كثيرًا تجنب ذلك الأمر ولكنني لم أقدِر، لقد قمتُ بإستغلالكِ مادونَّا "

إتسعت عيناي فور سماعي لتلك الكلمات تخرُج من ثغره، ما الذي يقصده بتلك الكلمة؟ كيف يقوم بإستغلالي؟

" مـ-ما الذي تتحدث عنه، هل أنت ثمل؟ ديفيد لقد أصبحنا صديقين مُقربين صحيح؟ لِمَ تحاول العبث معي بذلك الحديث الآن، هل تحاول خداعي أيها الأحمق؟ "

نبستُ بإبتسامة واهِنة وقد كانت غصة عميقة تجتاح حنجرتي تُحاول منع الحديث عن الخروج من حلقي.

لا أعلم لِمَ يحاول خداعي هذا الأحمق بقَول مثل تلك السخافات الآن.

هل عَلِم بأنني أُحبه ولا يُريد أن يُعلقني به لكونه يخشى ألا يعود لطبيعته أم ماذا؟

يا له من أحمق.

كيف له أن يُفكر بذلك الأمر حتى، لقد حاولت تجنب الأمر كثيرًا ولكنه لا يُفلِح.

حاولت تجنب تلك المشاعر التي تجتاحني في قُربه، وتخطي تلك النظرات التي ألمحها تُبعث إلىَّ من حينٍ لآخر وتقوم ببعثرة كياني بأكمله.

لم أتوقع يومًا أن تكون قصص الخيال حقيقة وأن تقع الجميلة بحب الوحش، أعلم بأنني لستُ بجميلة ولا هو بوحش، على الأقل هو ليس كذلك بنظري!

ولكن يبدو أنه قد حدث مادونَّا، لقد وقعتِ بحبه أيتها الحمقاء السازجة.

لقد عَشِقتِ رائحة عِطره التي إنتقيتها خصيصًا من أجله.

وقعتِ أسيرة لإبتسامته التي من الطبيعى أن يرها أي شخصٍ آخر مُخيفة، ولكنها كانت لطيفة بالنسبة لكِ.

وقعتِ لتلك الضحكة التى دومًا ما تُلقبينها بالفاتِنة، ولو أنَّ شخصًا غيرُكِ قد سمعها لفرَّ هارِبًا ومُرتعبًا مِنه.

أنتِ لم تكوني بجانبه طوال هذه الثلاثة أشهُر من أجل لاشيء.

ولم يكُن الأمر يومًا شفقة بحاله كما إدعيتي؛ بل كان حُبًا وولعًا بهِ أيتُها الخرقاء.

أخرجني صوته العميق من قاع أفكاري الأليمة، وقد كُنت بحاجة للخروج منها هذه المرَّة حقًا.

" أعتذر منكِ مادو، ولكنني لن أقبل بهذا الأمر بعد الآن، لن أُكمل التلاعب بمشاعرك النقية، حتى وإن بدأ الأمر بخطة حقيرة مني لإيقاعك بحبي من أجل فك لعنة ذلك السحر عني، ولكنني لن أقبل بإكمال الأمر

على الرُغم من أنَّ السحر قد إنقلب على الساحِر وأنا مَن وقعتُ بِحُبك الآن، ولكن يبدو أنني قد خسرتُ صديقة أحبتني كمُجرد صديق، وخسرتُ ذاتي بالمُقابل "

نهض عن الأرض نافضًا جسدى عن خاصته بجفاءٍ مُكمِلاً :

" أخرجي من هذا المكان في الحال ولا تُفكري في العودة إليَّ مُجددًا، حتى وإن أدرككِ خبر موتي إياكِ والتفكير في العودة من أجلي أبدًا مادونَّا "

أنهى حديثه قابضًا على رسغي مٌحاولاً الخروج بي من الكوخ، ولكنني نفضتُ يده عن خاصتي بِعُنفٍ صارخة :

" توقف عن فعل ذلك، أنا لستُ لُعبتك التي تفعل بها ما تشاء وعندما تنتهي منها تقوم بركلها بعيدًا لتحصُل على أُخرى "

" ولكنكِ لم تكوني يومًا لُعبة بالنسبة لي "

" إذًا أخبرني ماذا أكون بالنسبة لك يا ديفيد! أخبرني واللعنة ماذا تكُن مادونَّا بالنسبة لك إن لم تكُن مُجرد دُمية غبية قد سقطت في فخ حُبك المزيف؟ أخبرني الآن من أنا بالنسبة لك؟ "

صرختُ نهاية حديثي وقد تقطعت أحبالي الصوتية من شدة صُراخي.

غدرتني قوتي فلم تستطِع قدمي حملي بعد ما سمعت منه، فجلست أبكي مُنهارة على الأرض.

كُنت أتمنى أن يُهرول إليَّ ويجمعني بعناق يُنسيني قسوة تلك الكلمات التي تفوه بها أمامي للتو.

كُنت أتمنى أن يُخبرني بأنني الشخص الوحيد الذي يُحبه في هذا العالم.

وكنت أتمنى أن يرُد إليَّ رَوحي بكلمات الغزل والعشق التي أتوق لسماعها من بين شفتيه، ولكن..

" لقد كُنتِ لاشيء في حياتي مادونَّا، لقد كُنتِ مُجرد فأر تجربة إنتقيتُه لإخراجي من لعنة ذلك السحر الذي تملَّك جسدي وجعلني أُصبح ذلك الوحش الذي ترينه أمامك الآن، أنتِ لاشيء بالنسبة لي ولم تكوني يومًا غير ذلك "

هل سمعتم صوت تحطُم شيء؟

لا، إنه قلبي فقط.

نهضتُ عن الأرض أحمل ما تبقى من كرامتي، مسحت دموعي بأسوأ الطرق التي قد تفعلها فتاة دون إلقاء بال لتخريب كُحل العيون خاصتها.

كُنت أحمل بداخلي خَيبة أكبر من أن أشغل بالي بذلك الكُحل الذي ملأ مُقلتاي وجعلها تشتعل من شدة حرارته.

ولكن تلك النيران المُشتعلة داخل قلبي قد غطت على النيران المُشتعلة في عيني.

فلم أجد ذاتي سوى أصرُخ بذلك الواقف أمامي بكُل ما أحمله من ألم قائلة :

" أكرهُك، أكرهُكَ يا ديفيد وأتمنى أن تلعنكَ السماوات والأرض وكُل مخلوق خُلِق فيهما، بقدر ما قُمت بكسر قلبي أتمنى أن يُكسر قلبك أضعافًا وتعيش في لعنة ذلك السحر إلى الأبد ولا تجد مَن تُخلصكَ منه "

جررتُ خيبتي خلف ظهري وتخطيته راحلة.

ركبتُ سيارتي وغادرتُ المكان بأكمله، وقد أقسمتُ بعدم العودة إليه مُجددًا.

ولو كان آخر يومٍ في العالم وقد كان يحول بينه وبين عَودته إلى طبيعته غُفران ما فعله بقلبي، ما غفرت.

> ديفيد <

" أنتِ الشيء الذي عِشتُ حياتي بأكملها أحقِد على كُل من إمتلكه بحياته دوني مادونَّا، أنتِ الحُب الحقيقي ' حُبي الحقيقي ' الذي تمنيتُ بأن أُقابله في وقتٍ أفضل من هذا، و أُقسم لَكِ بأنَّ قلبي لم ولن ينبض لسواكِ "

تمنيتُ أن أُخبركِ بتلك الكلمات ولكنني لم أَقدِر على فعلها.

فسماع تلك الكلمات القاسية منكِ وتردد صدى تلك النبرة المُنكسرة في صوتك قد أحرق قلبي بأكمله.

تمنيتُ لو أن أُهرول إليكِ معانقًا إياكِ، تمنيتُ أن أشُد على عناقكِ بين أضلُعي وأصرُخ باكيًا بأنَّ الحُب لم يزُر قلبي إلا بعد رؤياكِ.

تمنيت.. تمنيت لو أن نحيا حياة سعيدة مادونَّا روماني وأن أكون الوحش الذي أوقع الجميلة بحبه وغَرق بحبها قَبلاً.

ولكنني نَسيتُ بأننا على أرض الواقع الآن، نحنُ لسنا داخل أحد الأفلام أو الروايات التي دومًا ما تنتهي بالنهايات السعيدة.

نحنُ الآن في عالَم البشر مادو، العالم الحقيقي، حيثُ لا شيء مما تُريد تستطيع الحصول عليه.

فكيف لكِ أن تتوقعي أن أحصُل عليكِ أو أن تكوني لي بعد معرفتك حقيقتي؟

كيف تُريدين منِّي أن أُخبركِ بأنني مصاصُ دماءٍ منفيٍ من بين مجموعتي بسبب سوء ما فعلته مع أقرب الناس إليَّ؟

كيف تُريدين مني إخبارك بأنَّ تلك اللعنة قد حلَّت عليَّ بسبب كرهي للحُب والمُحبين أجمع، وأنني كُنت أكره رؤية الأشخاص سُعداء بالحب دوني!

كيف لكِ أن تثقي بحُبي بعد معرفة بأنني وحشٌ حقيقيّ مُتخفي خلف هيئة الوحش السازج هذا؟

كيف لكِ أن تريني بعين الحَبيبة بعد معرفة كُل تلك الأشياء؟

وكيف لكِ أن تُحبيني بعد معرفة كُل ما إرتكبتُ من سوء في حياتي مادونَّا؟

أتعلمين ما هو أسوأ شيء قد مرَّ عليَّ طوال هذه الأشهُر التي قضيتُها معكِ؟

الثلاثة أيامٍ الأولى بعد معرفتك، لم ولن تتخيلي يومًا كم كُنت أحاول منع نفسي عن قتلك وتمزيق جسدك إرباً بين أنيابي.

كم كُنت أشعر بالسخط حين كانت تملأ عقلي أفكارًا سازِجة بأنكِ رُبما تُشفقين على حالي، وأنَّ ذلك ما يجعلكِ تبقين معي.

كم كرهتُ شعور الشفقة، وكم كرهتُ ذاتي بعد أن أحببتُكِ وفكرتُ يومًا بمُحاولة إيذائك.

أنا لستُ الشخص الصواب لإكمال حياتك معه مادونَّا، أنا أسوأ من ذلك الوحش الذي يظهر على هيئتي الخارجية صدقيني.

لن أطلُب منكِ أن تُسامحيني، فأنا أعلم جيدًا أنَّ جريمتي بحق قلبك لا تُغتفر.

ولكن.. أرجو ألا تكرهينى مادونَّا، لا تكرهيني، فأنا لم أجِد أحدًا يُحبني بقدر حُبكِ لي، ولن أفعل.

أحبيني أو إكرهي العالم من أجلي، كوني لي أو حتى معي، فقط إجعليني أشعُر بأنني أستحق أن يُحارَب من أجلي ولو لمرةٍ واحدة!

لا أعلم لِمَ أقول ذلك الحديث الآن حتى بعد رحيلك، ولكنني أتمنى أن يصل إليك يومًا كي تعلمي فقط بأنني لم أغدُر بقلبك الذي أحبني يومًا.

لقد فعلتُ ذلك من أجل الحِفاظ عليكِ فقط لا أكثر.

" أُحبكِ مادونَّا، وسأبقى أُرددها بقلبي وإن لم تسمعيها "

°°

=> أسبوعًا آخر قد مضى وقد حاولَت فيه تخطي إنكسار قلبها.

عادت إلى العمل من جديد، وقد كانت تتخطى المرور من ذلك الطريق المؤدي إلى ذلك الكوخ الذي إعتادت على الضحك فيه لمدة ثلاثة أشهر كاملة.

والذي إنتهى بإخراجها منه باكيةً مُنكسرة وتحمل بداخلها ندبة لن يستطيع الزمان مَحوها.

اليوم قد طلب منها رئيس العمل إطلاعه على الصور التى قامت بحفظها من قبل لبعض المُتسلقين، وقد تحججت بأنها قد نست هاتفها في المنزل لشدة إنشغالها.

ولكن إلى متى ستدوم كذبتها؟

فقد نسَت هاتفها ذلك اليوم في الكوخ قبل خروجها من عِنده، وقد قررت عدم إحضاره وأقسمت على عدم العودة إلى ذلك المكان مُجددًا.

ولكنها الآن مُضطرة لفعل ذلك، لقد مرَّ أسبوعٌ بالفعل، وقد هدأت نار دواخلهما قليلاً.

ولرُبما هذه المرَّة يجب عليها أن تعود من أجل الحصول على الهاتف لإكمال العمل.

وأما عنه! فهي قد نست أمره منذُ خروجها من كوخه.

حتى وإن أبى قلبها تصديق ما حدث بينهما، فإنَّ كبرياء عقلها قد أعلن الحرب على حُبه منذُ أن أهان مشاعرها وإنتهى الأمر.

°°

=> ستعودين هذه المرَّة من أجل الحصول على الهاتف ومُغادرة الكوخ سريعًا دون التحدُث معه حتى مادونّا.

فذلك الذي ستُقابلينه هُناك لم ولن يكون يومًا ذلك الشخص الذي نبض خافِقكِ من أجله.

بل وحشًا قد حاول إستغلالك من أجل التخلُص من سحره والحصول على حُريته فقط لا أكثر، تذكري ذلك دومًا.

والآن قد وصلت إلى الكوخ، لا أعلم كيف أصف الأمر! ولكن هل أرى الكوخ مهجورًا أم هُئ لي؟

نزلتُ من السيارة وقد كان قلبي يُصارع نبضه داخل صدري، هل حقًا قد ترك الكوخ ورحل؟

كان الكوخ فارغًا تمامًا، الأطباق لازالت موضوعة في مكانها كآخر مرَّة قبل أن أرحل من هُنا.

النيران قد أُخمِدت، الفِراش قد هُجِر، الدفء قد غادر المكان وفي المُقابل إحتل الصقيع الكوخ بأكمله.

ذلك المكان الوحيد الذي كان يُشعرني بالدفء، الآن قد بات سرابًا بعد مُفارقته.

وا أسفاهُ على قلبي، وا أسفاه على ليالٍ قضيتها وذكرياتٍ صنعتُها بِحُبٍ مع وحشٍ لا يستحق.

رأيتُ هاتفي مَلقيًا بجانب الفِراش على الأرض فإلتقطه أزفر براحة بعد أن تأكدت من سلامته.

نظرة أخيرة قد ألقيتُها على المكان من خلفي قبل أن أُغادر عازِمةً على تركه خلفي إلى الأبد.

فيبدو أنَّ صاحِبه قد وجد الدفء في مكانٍ غيره، فبعد أن حصل على كُل الدفء منه ومِن مَن كانت تُشاركه به، قد هجره.

°°

عُدت إلى العمل، وقد كانت لدينا جلسة تصوير مُهمة.

فبعد أن إنتهت العاصفة التي قد هبَّت لثلاثة ليالٍ بعد مُغادرتي كوخه، كان الأمر صعبًا علينا وعلى المُتسابقين إكمال المُنافسة في ظل هبوب تلك العاصفة القوية.

أتذكر أنَّ عاصفة كتلك هي من كانت السبب فى جمعِنا أول مرَّة، وبعد فراقنا يبدو أنها قد عادت مُحمَّلة بالكثير من عبرات الوداع.

يالسخرية السماء مِنّا.

توجهنا إلى الطائرة حيثُ مكان الإقلاع لبدء التصوير بعد التوجه إلى المكان المنشود.

قُمت بترك هاتفي فوق المكتب لإعادة شحن البطارية حالما أعود من العمل، فقد كانت البطارية فارغة تمامًا حينما أعدته.

إستقلنا الطائرة وحلقنا فوق الأرض، ولأول مرة منذ حوالي خمسة أعوام ينتابي الشعور بالخوف لهذه الدرجة.

لا أعلم لِمَ! ولكنَّ قلبي كان خائفًا من رحلتنا هذه المرَّة لسببٍ أجهله.

°°








الفصل السادس، تم ✔️

رأيكم؟

أي توقعات؟

Continue Reading

You'll Also Like

45K 1.6K 12
رغبتي بك وغيرتي عليك أشد من ان تتحمليها.
7.5K 538 14
أمسكت به حين كاد يسقط من التلة ، لكن ما لم تنتبه له أن قلبها قد وقع هناك بدل منه ، داخل سودويتاه الغامضة ليغرق إلى المالانهاية و إنقاذه من المحال.. ه...
808K 38.3K 24
يعيش حياته كرجل بدائي ، يعتمد على قوته الجسمية لتحطيم كل شيء من حوله بدون رحمة ، انتهى به الوضع في إحدى زنزنات السجن حيث تعمل مارلين كطبيبة نفسية لتح...
366K 17.9K 25
- الوصول إلى السلطة يستدعي التضحية من هنا يبدأ مشوار القاتلة في سعي وراء انتقام لدم عائلتها لتصبح الة فتك متوحشة ( قصة من تألفي..... و هي تحتل مرك...