TARESIC KINGDOM

《24》

وبحلول المساء كانت ريدآ قد تعافت قليلاً واستعادت نشاطها ما جعل جميع من يعملون في القصر يزفرون براحة فرحين باستعادت الأميرة لصحتها وقد قرروا زيارتها كي يطمئنوا ولكن السيدة إليزا وبختهم قائلة بأنها بخير ولا يجوز بهم تعدي حدودهم أمام الأميرة فوافقوا على مضض وأرسلوا فقط تحياتهم وتمنياتهم لها بالصحة الجيدة  ..

وحتى ذلك الوقت لم يتركها رآيغال ولو للحظة .. ظل معها طيلة فترة النهار يراقبها أثناء نومها ويسشتعر درجة حرارتها بين الحين والآخر وعندما يشعر ببرودتها يحتضنها فورًا ..

جسلت ريدآ على الفراش في حين دعمها رآيغال بالوسائد الكثيرة خلف ظهرها بسرعة ..

"رآيغال أنا بخير توقف عن التصرف هكذا!" .. عبست ريدآ وهي تبعد احدى الوسائد تضعها جانبًا ليجلس رآيغال بحانبها قائلا بحزم .. "أنت مريضة ويجب الاعتناء بك .. لاتتهاون في صحتك!" ..

نتهدت وهي تراه يسحب طاولة الطعام ليباشر بحكل الملعقة يغمرها داخل الحساء الدافئ ..

رفع الملعقة لمستوى شفيته لينفخ بها قليلاً ويدفعها ناحية شفتيها برفق ..

"رآيغال أرجوك!" .. تمتمت بيأس وهي تحاول سحب الملعقة منه ولكنه رفض بقوة وأطعمها المزيد بنفسه ..

وبعدما تأكد من إنهائها للحساء كله دفع الطبق جانبًا ليمسك بعصير البرتقال الطازج قائلاً بجدية .. "من اليوم سأتأكد بنفسي من وجباتك اليومية .. لا مزيد من الأكل العشوائي!" ..

أومأت برأسها على مضض وهي تُبعد الكأس بعدما أنهتها كلها ..

"أريد الخروج من الغرفة فقد مللت الاستلقاء!" .. همست وعينا الجراء خاصتها تجد طريقها للعمل ..

أومئ رآيغال برأسه وسرعان ما تم أخذ ريدآ للتنزه حول القصر ..

ممسكان بكفي بعضهما البعض أخذا يتنزهان ببطئ وعيناها البندقية تجوب سماء الليل الهادئة والمليئة بالنجوم المرصعة الخافتة والتي بالكاد بمكنك رؤيتها  ..

كان القصر هادئًا في هذا الوقت ما جعل هذا الهدوء ينعكس على الحديقة الخلفية ..

توقف رآيغال ملتفًا ناحيتها قائلاً برفق .. "يمكننا التوقف هنا!" ..

هزت ريدآ كتفيها إعتراضًا لتتذمر بعلو .. "توقف عن ذلك أنا لستُ طفلةً مريضة!" ..

إبتسم رآيغال بحنو ليُردف وهو يداعب وجنتها بظهر يده .. "أجل أنت كذلك .. أنتِ طفلة يتوجب الإعتناء بها!" ..

حدقت به بأعين بندقية عابثة لتتعلق بذراعه قائلة .. "وأنت والدُ الطفلة الذي سيعتني بها؟!" ..

ضحك رآيغال بخفوت مجيبًا إياها وهو يضع يده داخل جيب ملابسه .. "أجل .. أنا سأكون والدك وسأحرص على الإعتناء بك إلى الآبد!" ..

دمعت عيناها فجأة ليتوقف رآيغال من فوره يلتفت ناحيتها صائحًا بخوف .. "ما الأمر؟ .. هل تؤلمك معدتك مجددًا؟!" ..

نفت برأسها وهي تصيح بعصبية .. "لا أنا بخير !" .. لتُكمل وهي تحدق  به بعاطفة .. "فقط أحببت ما قلته للتو!" ..

ضحك رآيغال مجددًا ليلف ذراعاه حولها يضمها إليه برفق قائلاً .. "أعدك بذلك حبيبتي!" ..

ابتسمت تُكملُ سيرها مبتهجة لتُردف بعدما تنهدت بإشتياق .. "إنني أفتقد العم جون وآيلي كثيرًا!" ..

ومن ثم سارعت للالتفات نحوه تصيح بمرح .. "هل يمكنك أخذي إليهم غدًا رآيغال!" ..

عبس رآيغال بغضب قائلاً .. "بالطبع لا .. لقد تقيأت قبل قليل وتُريدين مني أخذك لساعات على القارب وأنتي مريضة!" ..

حسنًا لقد توقعتُ ذلك ..

أخذت عِدة أنفاس لتميل على صدره وتصنع تعابير بائسة للغاية بأعين الجراء خاصتها تستجدي عطفه .. "أرجوك!" ..

"لا!" .. صاح بسرعة وهو يحدق في الأفق حالما علِم بخدعتها تلك ..

زفرت بإستسلام لتقول بصوتٍ حزين خافت وهي تعود أدراجها ببطئ .. "كما تُريد!" ..

"إنتظري!" ..

إبتسمت بإنتصار لتُخفي تلك الإبتسامة بسرعة تتصنع البؤس لتلتفت ناحيته بصمت ..

"سأرسل لجلبهما لهنا غدًا صباحًا!" .. أردف بنبرة جامدة وهو يتفاداها قبل أن يدفعها برفق قائلا ببرود .. "لقد إكتشفت حيلتك!" ..

ضحكت ريدآ بصخب لتهرول خلفه قائلاً تتصنع التفاجُئ .. "مهلا .. رآيغال .. ما الذي تتحدث عنه؟!" ..

-------

كانت ريدآ تقف خارج القصر متلهفة للغاية فقد استيقظت باكِرًا واغتسلت وارتدت ثوبها الأخضر الناعم وسرحت شعرها للخلف وها هي تقف بلهفة في انتظار قدوم آيلي والعم جون إلى جانبها روسيل المبتسمة لسعادة أميرتها ..

أخذت ريدآ تتحرك في بقعتها وأعينها تُراقب الطريق بتركيز تعض على شفتيها ..

"لماذا تأخرو؟!" .. غمغمت بتذمر وهي تحدق في روسيل التي ابتسمت قائلة بهدوء .. "لقد خرجوا منذ دقائق أميرة!" ..

زفرت ريدآ بعدم صبر لتعود للتحرك ذهابًا وإيابًا ..

خرج آماروا من القصر ليتفاجى برؤية ريدآ تقف في الخارج تفرك يديها بقلق ..

وفور رؤيته انحنت روسيل باحترام ..

"ما الذي تفعلينه هنا؟!" .. تسائل بصوته الهادئ وهو يحدق بها لتستدير ريدآ نحوه قائلة بسعادة .. "انتظر صديقتي!" ..

عقد حاجبيه ليُلقي نظرة خاطفة لروسيل قبل أن يُردف بتساؤل .. "صديقتك؟!" ..

أومأت ريدآ بحماسة .. "أجل صديقتي منذ الصِغر!" ..

حرك آماورا رأسه بلا مبالاة ليخطوا مغادرًا القصر بخطواتٍ ثابتة ..

حدقت ريدآ به كان يرتدى ملابس سوداء عكست لونه الفاتح يضعُ إكسسوارً غريبًا حول رأسه يُشبه التاج الصغير على جبهته ..

عادت تتحرك بتوتر وهي تراقب الطريق بنفاذ صبر ..

"أميرة أرجوك إرتح قليلاً!" .. أردفت روسيل بهدوء قلِق وهي تُراقب سيدتها تتحرك بلا هوادة ..

وقبل أن تفتح فمها لمحت العربة الملكية تتقدم من بعيد ..

صرخت بسعادة تنوى الركض لهناك ولكن روسيل أمسكت بها في آخر لحظة تصيح بقلق .. "أميرة لا يجدر بك الركض!" ..

وقفت ريدآ على مضض في انتظار قدوم العربة وفقط عندما توقفت أمام مدخل القصر صاحت مجددًا وركضت تقف أمام الباب ..

هبط السائق ليفتح الباب بهدوء وينحني بعدها بإحترام وعندما رأت ريدآ هيئة آيلي تخرج من العربة بتعابير مدهوشة انقضت عليها في عناق ساحق تصرخ بعلو ..

كانت آيلي تبدوا مشرقة للغاية وقد عاد وهجها المتمرد والشرس لتقفز بدورها تُشارك ريدآ القفز تصيح بسعادة ..

توقفت ريدآ بحرج عندما وبختها روسيل بعينيها بأن تتوقف حالاً عن القفز فهي لاتزال مريضة ولا يجوز أن تفعل ذلك ..

نظرت ريدآ ناحية العربة لتتسائل بإشتياق .. "أين هو العم جون؟!" ..

حركت آيلي يدها قائلة بحنق .. "أوه ذلك الرجل .. عندنا جاء المِرسال قال بأنه سيأتي ولكنه قرر في آخر لحظاته البقاء!" ..

حركت ريدآ رأسها بأسف وسرعان ما ابتسمت لتستدير قائلة بمرح تُشير بيدها .. "روسيل هذه آيلي صديقتي منذ الصِغر!" ..

انحنت روسيل باحترام لتعقد آيلي حاجبيها قبل ان تتقدم تمسك بكف يدها تصافحها قائلة بإبتسامة مرحة .. "مرحبًا .. سررتُ بمعرفتك!" ..

توترت روسيل لتصافحها بالمقابل بإحراج  ..

------

"هل تعيشين هنا حقًا؟!" .. همست آيلي بإنبهار وهي تحدق في أركان القصر الفخم بدهشة لتومئ ريدآ برأسها وتسحبها للجلوس في الحديقة حيث طلبت من الخدم احضار وجبة الفطور إلى هنا ..

فقد قررت تناول الفطور برفقتها تحت إعتراض رآيغال الذي طلب منها تناول القليل فقط ريثما تأتي ولكنها رفضت ذلك بقوة ..

وضعت الخادمة فناجي الشاي بهدوء قبل أن تسكُب الطعام وتغادر بإحترام ..

"ما الذي يحدث ريدآ؟!" .. تسائلت آيلي بدهشة وهي تُمسك بشوكتها الذهبية تتناول الطعام ببطئ لتبتسم ريدآ بقلق وتبدأ بسرد ما حدث لها بعد حادثة الحريق بالتفصيل ما عدا حقيقتهم هنا فهي إلى الآن لا تعلم هل من صلاحياتها إخبار الجميع بذلك ..  

فغرت آيلي شفتيها بذهول لتهمس بصوتٍ مصدوم .. "هل أنتِ متزوجةٌ الآن؟! .. ولقد أصبحت أميرة" ..

أومأت ريدآ بحرج لتبتسم آيلي تحتضن يدها برفق قائلة .. "هل أنتِ سعيدة؟!" ..

أومأت مجددًا وهي تشد من احتضان كفها .. "لذلك أطلب منك المجيئ والمكوث معي!" ..

عقدت آيلي حاجبيها لترفض قائلة بحزن .. "لا يُمكنني ترك شقيقي وحده بالإضافة إلى أنني سعيدة في القرية الجديدة!" ..

"ولكنني أريدك إلى جانبي!" .. همست ريدآ بإصرار وهي تخفض رأسها بحزن لترفع آيلي يدها الحرة تُربتُ على خصلاتها الفحمية ..

"لا بأس عزيزتي سأتي لزيارتك طلما سنحت لي الفرصة .. وأيضًا أصبح لديك زوجٌ الآن ما يعني بأنه قد يتم نسياننا قريبًا!" .. ضحكت في نهاية حديثها بعبث لتضرب ريدآ يدها بحنق ..

رفعت آيلي فنجان الشاي ترتشف منه ببطئ وعيناها تحدق في البيئة المخضرة من حولها بإعجاب لتتسع عيناها وتتشردق بقوة ..

أدارت ريدآ رأسها فورًا لتربت على ظهرها تصيح بقلق .. "آيلي هل انتِ بخير؟!" ..

سعلت بخفة لتمسح شفتيها قائلة بإنبهار  .. "من ذلك التمثال المنحوت؟!" ..

عقدت ريدآ حاجبيها لتحدق بدورها في المكان الذي اشارت إليه آيلي لترى كريغ يسير بهدوء في الأرجاء عائدًا من مكانٍ ما لتُدير رأسها قائلة ببساطة .. "إنه السيد كريغ صديق رآيغال!" ..

شهقت آيلي بقوة لتضع كأس الشاي تُردف بأعين هائمة .. "يا إلهي ما أجمله .. هل الجميع هنا بهذه الوسامة؟ .. هل تتعايشين بطبيعية وحولك كل تلك الكُتل العضلية؟!" ..

ابتسمت ريدآ تهز رأسها يئسًا لتضحك عينيها فور رؤيتها برآيغال ينضم لكريغ بعد مدة يسيران بمحاذاة بعضهما ..

شهقت آيلي مجددًا لتصيح بتفاجؤ .. "مهلاً .. هل هذا رآيغال .. هل إزداد ضخامة؟!" ..

قهقهت ريدآ على قولها ليُحرك رآيغال رأسه ناحيتهما قبل أن يتقدم مبتسمًا لإلقاء التحية ..

قفزت آيلي من كرسيها تصافحه مبتسمة بمرح .. "مرحبًا يا زوج صديقتي!" ..

عضت ريدآ شفتيها إحراجًا في حين إبتسم رآيغال بهدوء مُرحبًا بها ..

"آيلي تشرفت بمعرفتك!" .. تمتمت بخفوت وهي تمد يدها لمصافحة كريغ والذي إرتفع حاجبه قليلاً ولكنه سرعان ما مد يده يصافحها بدوره ..

أشار رآيغال للطعام بعينيه بنظراتٍ ذات مغزي لتومئ ريدآ بالإيجاب تبتسم بلطف ..

وبعد تناول وجبة الفطور والتحدث طيلة الوقت قررت آيلي المُغادرة قائلةً بأنها تركت شقيقها وحده ويجب عليها العودة ووعدتها بزيارة أخرى قريبًا فقد أعجبها المكان هنا جدًا ..

لوحت لها ريدآ مودعة بأعين دامعة وهي ترى العربة تخرج من أسوار القصر لتتنهد بحزن وتتدفق دموعها الحبيسة ..

اقتربت روسيل قلقة قائلة برفق وهي تلمس كتفيها .. "أميرة هل أنتِ بخير؟!" ..

أومأت ريدآ إيجابًا وهي تمسح دموعها بكف يدها .. لقد أصبحت حساسة للغاية هذه الأيام ..

دلفت للقصر لتعود لغرفتها وتخبر روسيل بأنها ستستلقي قليلاً ..

عقدت حاجبيها عندما فجأة اهتزت نظراتها وأصبح كل محيطها مزدوجًا لترمش بعينيها سريعًا تدلك صدغها بأناملها ..

وقبل أن تعود للفراش إندفع شيئ ما لحلقها لتضع يدها على فمها وتركض لدورة المياه بسرعة ..

جثت على ركبتيها لتتقيئ كل ما تناولته للتو .. ارتجف جسدها لتتقيئ دفعة أخرى أعنف من السابق لدرجة جعلت دموعها تتساقط لا إردايًا ..

ظلت جالسة على الأرض بإعياء تستند على الحائط تأخذ أنفاسها بصعوبة ..

وضعت يدها على معدتها لتتقلص ملامحها بألم وتغمض عينيها بلهاث ..

لم تدرك كم مضي من الوقت وهي جالسةٌ هكذا إلى أن شعرت بطاقتها تعود مجددًا لتتحرك ببطئ وتغسل وجهها عدة مرات  ..

خرجت من دورة المياه لتستند على الحائط وتعود لغُرفتها ببطئ ..

خلعت حذائها واندست تحت غطاءها السميك ترتجف ببرد وصدرها بعلو وينخفض بوتيرة سريعة ..

هل أكثرت من تناول الطعام اليوم؟ ..

تسائلت داخليًا بشكلٍ محموم فهي لا تتذكر أنها تناولت أي طعام غير صحي ..

تأوهت بألم عندما شعرت بوخز آخر في معدتها لتعض على شفتيها بقوة تمنع صرخاتها المتألمة وهي تتلوى ..

تحركت في الفراش لتشعر بإندفاع آخر يعبر حلقها لتُبعد الغطاء بسرعة وتنهض عن الفراش ..

لم تستطع الصمود أكثر ليتداعي جسدها تستند بيديها وتتقيئ على الأرض بضعف ..

و سرعان ما رفعت رأسها بإنهاك عندما اقتحم شخصٌ ما الغرفة ..

رفعت رأسها لتتلاقي عينيها المتعبة بخاصة رآيغال المتفاجئة والذي وقف ممسكًا بقبضة الباب بجسدٍ متصلب..

-------

رأيكم بالبارت؟؟💜💜

               
                   
                      تحياآتي اللطيفة'ة 

WËŇŤĒŘ 🖤🍫.