أحمـَـر || RED

By wagarishere

1.3K 110 166

"سَوف أجعَل أيامَك دامِيه مِثل أحمَر شعرك." "أرجوكِ أجعليها!" - في العصور القديمة تدور صراعات بين ثينا أيفِير... More

| مَدخل
١| جُنود مُتوحِشون
٣| مُحترِقاً بِالكامل
٤|جنازة
٥| المَحكمة العليا
٦|هجِين
٧|أغارثا

٢| جَسد بِلا روح

164 13 43
By wagarishere


......

"حَقاً؟!، سيدي!"، قلت بعدم تصديق بعد أن خَرجت مِن البِركة وقد كبحت ذهولي حين رأيت القائد أوستن يعبث مع شخصٍ آخر  والذي كان بالتأكيد قائد المجموعة تلك، ولأنه يرتدي ذات الزي الخاص بِقائدنا والذي كان عبارة عن قميص مِن القماش المرِن لونه أسود أكمامه قصيرة وبِنطال أسود وأحذية الجنود المعتادة، وأيضاً لأن صِفاته كما كانَت تتكلم عنه الصحف والناس..

عرفت إنه هو القائد جولِيان.

لَقد كان شاباً بِعكس قائدنا الذي يبلغ الثالثة والأربعون مِن العُمر، شعره أسود وعَيناه بُنية شاحبة وبَشرتِه تَميل لِلسمار، ذو بُنيه قويه تُخبرك أنه خبير بِهذا المجال بالضبط كما تقول الأخبار عنه.

نَظر كلاهما لي بعد أن قاطعت عبثهما، حيث عادت ملامحهما للجد، "سَيدي هَل كُنتَ تعلم بِهذا؟"، قلت أخفي أنزعاجي، نَظر لِي بِأبتسامه، "بِالطبع أعلَم، وهَل يستطيعون فِعل شَيئاً بدون إذني؟"، حَول نظره إلى القائد جوليان وثوانٍ حتى أرتفعت ضحكته بِصوت ضخم.

أنهم يسخرون مِنّا.

قلت مُنزعجة من السخرية، "الجنود جَميعهم مُصابون فَوق هذا الجرف، سيدي."، أشرت بِيدي إلى فَوق الشَلال، نهض يتقدم ثم وضع ثُقل يَده على كتفِي لِيقول وهو يَبتسم بِطريقة مُريحة مع ملامحه مُتوسطة العمر، "أنتِ لَم تُصابِي أليس هذا كافِياً يا ثِينا؟"، نظرت له بِحيرة، "أنا لَم أُصاب أجل لكِن الآخرين.."، قاطعني القائِد الآخر، جوليان، أيضاً ينهض من مكانه وهو يقول مُقدماً لي رِداءاً، "حَسناً لا يبدو لِي أنكِ مِن النوع الذي يَهتم لِرفاقه أيتها الجُندية."، أخذت الرِداء أضعه فَوق ثِيابي المُبتله، لَقد كانَ مُحقاً نوعاً ما أنا لا أهتم، على الأقل لا أهتم لِلجميع.

لقد أعطاني تقييماً بِهذه السرعة ومن دون مُقدمات.

نظرت له مُطولاً ولم أفكر بِقولي الذي خرج من فمي دون أرادتي، "أحترامِي سيدي لكن لا أعتقد إنني بحاجة إلى تقييم لعلاقتي مع رفاقي من قائد آخر، خصوصاً لو كانَ قائداً لفرقة قد عاملتني وفِرقتي كالفرائِس الحيوانية، سيدي." قلت بِهدوء، أنهيت كلامي وقد مشيت مُتوترة قليلاً لأنني أعلم أن قولي كانَ مُبالغاً به، في النهاية هو قائِد ويستطيع طردي بأي لحظة.

تقدمت مِن صخرة متوسطة الحجم أجلس عليها وأحتضن يَداي لأن الجَو بدأ يبرد أكثر بِسبب ثيابي المُبتلة، لقد رأيته يتقدم بأتجاهي وحيث مَر بريقاً على عرض عَيناه عِندما قال ينظر إلى الأسفل، لِي، "أنتِ مُنزعِجة لأننا عاملناكِ أنتِ كالفريسة، وليس لأننا عاملنا رفاقكِ."، أعتقد إن هذا سبب قيادته للسنة الثالثة وهو بِهذا العمر الشاب، لأنه للمرة الثانية يصر على إنه لا توجد رابطة قوية بيني وبين رِفاقي.

ولقد كان مُحقاً.

لا أهتم لأنهم خسروا أو لأن المجموعة الأخرى عاملت مجموعتي مثل الفرائِس الذليلة، لقد أهانونِي، وهذا ما يُزعجني بِشدة.

رفعت رأسي بِهدوء، "هل هناك أي أختلاف؟، بالتالي أنا من ضمن فرقتِي يا سيدي."، قلت بِهدوء، أن كنت قد أنزعجت على نفسي أو على فرقتي لا يوجد أي فرق بيننا لأننا بالفعل فرقة واحدة وأن أنزعجت لذاتي هذا يعني إنني قد حسبت حساباً لِفرقتي، هذا ما سوف يفكر به الجميع عند سماع قولي السابق لكن هذا القائد أمامي لم يكن يفكر كذلك.

ما زال ينظر من الأعلى، "أُصبتِ أم لا؟"، لم يرد على قولي السابق، ولم أهتم حقاً لأنني بالفعل أردت تغيير الموضوع، نهضت ثم أستدرت حول نفسي، "هل ترى أي جرح، سيدي؟"، قلت ثم رد عليَّ يُسايرني بِملامح مُتململه، "أبداً."،  وحينما كنت على وشك أن أرد عليه أيضاً، بِطريقة هزلية مرةً أخرى، "إذاً.."، قاطعني بِتهديد، "هل تريدين أن تستمر عطلتكِ إلى الأبد؟"، وَبخني، وهذا ما كُنت أنتظره بالفعل لأن طريقتي بالحديث كانت هزلية، وأيضاً.. لقد تم تهديدي بالطرد للتو.

للأسف أستوعبت إنه قادر على طردي في المستقبل لو حقد عليَّ، أدركت ذلك بوقتٍ مُتأخر، بلعت ما بِثغري ثم قلت بعد أن وقفت بأحترام، "كلا سيدي، لكنَّ سؤالك غير منطقي أنتَ بالفعل لا ترى أي جرح."، رفع حاجباً بِسخرية، "أنتِ من نسل أيفِيريا كيف تريدين مني أن أصدق أنكِ لستِ مُصابة فقط من الرؤية؟"، حسناً لقد كان الموضوع السابق أفضل، ولِتحل اللعنة على هذا النسل المشؤوم، دعني فقط أعطيك دليل على صدقي، "هذا ليس مِقياساً لعدم قولي للحقيقة سيدي، لقد ظننتك قائد ذكي، أنا أرتدي ثياباً تغطي جسدي بأكمله، لو جُرِحت جرحاً صغيراً سوف تتمزق الثياب، هل هذا دليلاً كافياً على صِدقي؟"، نظرت له بِلا تعبير مُعين لكن حاجباي أشعر بهما قد أنعقدا من دون أرادتي بِسبب أنزعاجي.

أستطيع أن أكذب لو جرحت ولم أريد قول الحقيقة، لكنني لست مُولعه بالكذب، رفع حاجباه ثم تنهد قبل أن يُقيمني تقييم آخر، "كان بأمكانكِ الرد على سؤالي بِنعم أو لا، وكان قد أنتهى هذا الحديث، لكنكِ لا تملكين أيَّ سلطة على أنفعالاتكِ."، الآن هو يُقيّم تحكمي بأعصابي، وقدوم القائد أوستن يحمل كوباً من الشاي يقف بِجانبنا جعلني أتمهل بالرد، لقد أردت أن أعبر له أنني أريد أن أتدرب تحت قيادته بالمستقبل، وبِنفس الوقت أردت أن أُبيّن أن لا سلطةً له عليّ الآن لكي يُقيمي، "أذاً يُمكنك أن تعلمني السيطرة على أنفعالاتي عندما تدربني سيدي."، لقد ضننت إنني أتلاعب بِقولي وظننت إنه لن يُلاحظ ذلك، لكن هذا لم يكن بِصالحي لأن بعد ما قاله لقد علمت إنه من الصعب التعامل معه، "أنا حقاً مُتأسف لِكوني لست قائدكِ وإلا لكنتِ مطرودة الآن."، قال من خلف كتفه وهو يعود لمكانه، هنا لقد تأكدت أنه فهم قولي بِشكل خاطئ وليس بالطريقة التي أردته أن يفهمها..

أعني لقد كانت جملتي توازن بين الرد عديم الأحترام والرد الذي يُبين له إنني أريد أن أتدرب على يده في المُستقبل، لكنه ركز على الرد عديم الأحترام أكثر... أساساً لم يُركز على المُتبقي من قولي وربما حقاً من الصعب التعامل مع قائد مثله.

أيضاً الآن هو يكرهني.

ولا بأس بِذلك.

لو كُنت تستطيع لكنت طردتني الآن، التهديد شيء باهت وسخيف، وهو ليس إلا بضع كلماتٍ فارغة بِحق إن لم يتم تنفيذها بالحرف الواحد.

وضع القائد كأس الشاي بِيدي، "لا يُمكنكِ الحديث معه بهذه الطريقة إنه قائد. مَسكت الكوب بَين يداي أتخذ مِن دفئه ملجأ لأطراف أصابعي الباردة، "لم أقل شيئاً هو من أتخذ قولي بِشكل سلبي، سيدي."، رفع حاجباه بِأبتسامه خفيفه، هذا العجوز.. هو يعلم إنني لقد كُنت متقصدة بِذلك قولي، "يُمكنكِ أن تخدعي زملائكِ فقط بهذا الكلام."، زملائي.. لا أهتم بِخداعهم لأنني لا أتحدث معهم كثيراً إلا بِموجب المُهمات التدريبية.

قربت الكأس من شفتاي أرتشف من الشاي قليلاً، "هل عرفتِ من هذا؟"، تحدث يسألني، "نعم، أليس هو القائد جولِيان؟"، لقد كان القائد أوستن أكثر من يعلم بِرغبتي في التدريب لدى هذا القائد.. لقد كان مُتواجداً حين تم سؤالي عن رغباتي في سنوات التدريب.

"نعم، أنه قائِد جنود السنة الثالِثة، جولِيان ستورد." قالَ يتكأ بِيده على فخذه، "لولا نقاشكما الحاد لكُنت عرفتكِ عليه بِشكل أفضل."، قال بِأبتسامه مُجعدة بِلحيته البيضاء، "لا يوجد داعي سيدي، سوف يعرفني عِندما يصبح قائدي."، قلت وقد نظرت له من مكاني، حيث كان ينظر بأتجاهنا هو أيضاً من مكان جلوسه، أنا واثقة إنني سوف أحصل على تقييم جيد يُدخلني إلى فرقته، هل من الممكن أن يطردني بِسبب عدم أحترامي له؟، أظن إنه متعود على الجنود الذين على شاكلتي، يجب أن يُدربني لكي أُحسّن كل شيء سلبي قد قيمه بي قبل قليل، أليس كذلك؟.

أنتقل نظري خَلفه وقد كانَ الشخص الذي كانَ يُلاحقني في الغابة يَتقدم إليه، وبِفعل نظري للخلف رأيته يحوّل نظره للخلف أيضاً، أعاد نظره حينما وصل ذلك الشخص بِجانبه، "رِيو يبدو أنك سَوف ترسب هذه المرة."، قال يسخر مِنه بِجملة مُختصرة، يبدو إن أسمه ريو، ذلك المُتعالي الذي أستمر بِقول إنني فريسة، تناول الفريسة الآن أيها الخاسِر، تقدم المُسمى ريو يُبعد القلنسوة عن رأسه وقَد تَناثرت خصلات شعره الخَضراء مِن تحتها "أرسب؟، فِي أحلامك يا سيدي!" قالَ يَرد على سخرية قائده بأبتسامة وتحدٍ، وما زلت أتسائل ماذا يفعل روتشيلد هنا مع الجنود.

ماذا أفعل أنا مع الجنود؟، أنا أيضاً من المُفترض أن أكون سيدة نبيلة، أرتشف الشاي في غُرفتي الآن.

"لَقد كنتَ تُثرثِر مِراراً بأنك سَوف تصطاد الأفضل بَينهم!"، القائِد حدثه وهو يعقد حاجِبيه بِسخرية ثم أشار لِي برأسه.. لقد رأيته يُشير لي بٍرأسه.. نظرت بِجانبي للقائد أوستن ولقد أنعقد حاجباي بِتساؤل
وشك، لماذا يُشير لي عند قولة الأفضل..

"لقد أعطيته بعض المعلومات عنكِ بينما كنتِ تخرجين من بركة المياه."، عندما أجابني القائد، فقط عندما خرجت من البركة.. رد ذو الشعر الأخضر يجيب على سخرية قائده بِغرور، "لَم أصطاد الفريسة الأفضل أجل، لكنني أصطدت ثاني أفضل جندي."، نَظرت له بِوهن، أصطاد من؟ نحن حتى لا نَعلم نتائج تدريباتنا، فقط يستمرون بِقول أنني الأفضل، لماذا يستمر بتلقيبي بالفريسة، هل يريد الموت حقاً.

ويبدو إنني الأفضل بِمجموعتي كما كُنت أظن.

والآن تم الحديث عن ثاني أفضل جندي.

أظن أن القائد أوستن قد شاركهم بِتقييمنا بالفعل، التقييم الذي لم نراه نحن لقد رآه جنود السنة الثالثة، الذين يحاولون أصطيادنا لتقييمهم الخاص، يا للسخرية، عدت أنتبه لحديثهما، "أصطدت من؟"، سأله القائد جوليان بِحاجب مرفوع، "أعتقد أنها تُسمى ميا؟، لَقد كانَت مختبئه بِمكان ما ويبدو أن الأختباء هو الشيء الذي تجيده بغزارة، كما رأينا في ملفات تقييمهم." قال وقد صُدِمت، لكن الصدمة تلاشت بِنفس السرعة التي أتت بها، لقد صدمت لأنني تذكرت إنني لم أرى ميا منذ بداية الهجوم، لقد ظننت أنها مع القائد لكن الآن يقول إنه وجدها، ولقد تلاشت الصدمة لأنني تأكدت من فكرة أنهم رأوا تقييمنا.

ميا هي ثاني أفضل جندي.

لَقد كنت أعتقد أن أيثن أو رِيغان سَوف يكونان الأفضل لكن ميا؟، "أجل ثينا، مِيا هي ثاني أفضل جندي لأنها لا تَتشابك مع قوات العدو وتفكر بحكمة، تنتظر أن تعرف أوضاع العدو، بعدها تظهر نفسها مُتجهزة."، لقد فسر لي وكأنه أستطاع أن يرى علامات الأستفهام تدور فوق رأسي، القائد أوستن يعلم كيف يتحدث مع جنوده بالفعل، "لكنها خسرت، هذا لا يعطيها أي أفضلية."، قلت بِهدوء أحاول أن أفهم شيئاً ما، ثم إنني لم أحتمل لذا سألته مُباشرةً، "هل أستراتيجية الأختباء أفضل مِن الأشتباك مع العدو ثم الفوز؟، أنا لقد فزت كما ترى."..

تنهد قبل أن يجيب، وكأنه يعلم إنني كنت سوف اسأل  هذا السؤال، "بينما كُنتم مُحاصَرين من قِبَل العدو، تحت قلق هجومهم عليكم، لقد أختارت ميا مكاناً للأختباء إلى أن يخف الهجوم، هي لقد علِمَت إن هؤلاء الجنود هم أختبار لا أكثر، أما بالنسبة للشخص الأفضل في الأستراتيجية، الأثنان تقريباً لهما ذات المخاطر، فوزكِ كان به مخاطر، حتى إن الجنود الذين معكِ قاتلوا وخسروا، لذا القتال ليس سلاحاً كاملاً للفوز، إنه لِعديمين الصبر لكي ينتهي حدث القتال بسرعة وبِأي نتيجة كانت، فوزهم أم خسارتهم، فوزكِ كان أستثناء."، نظرت له بِتمعن أركز مع شرحه، أضافةً لهذا الشرح المفصل للأستراتيجية، وأضن أن هذا هو فقط وجهة نظره عن الأشتباك والقتال ضد العدو.

عدت أقول إلى القائد أوستن، أصر على إن الأختباء ليس من الأستراتيجيات التي من الممكن أن أجربها، ولن أفكر بها حتى، "لا أعتقد إنني سوف أُحب تجربتها في يومٍ ما."، أجابني بأختصار، "ليست الأفضل لكنها جيدة جداً، ليس وكأنكِ سوف تختبئين خوفاً، أنما تختبئين لكي تخرجي وتقاتلي بِالوقت المُناسب."، مع ذلك لن أحب أن أمر بِموقف يجبرني على الأختباء.

حَولت نظري إلى الجانب وقَد كان جنود السنة الثالثة ورِفاقي 'المُصابين' يقتربون، نهض القائد وقد تحولت ملامحه إلى شيء أكثر جدية، "ضمدوا جِراحكم." أمر بِملامح غير راضية، وقَد بانَ الأنزعاج على مَلامح جنود فرقتي، أتفهم أنزعاجهم، لقد أتفق قائدهم مع جنود آخرين لكي يهجم على جنود فرقته والآن هو مُنزعج لأنهم مُصابين، وكأنهم يقولون هل تجعلهم يُصيبونا والآن تأمرنا بتضميد الجراح وأنتَ المُنزعِج؟.

بينما أمامنا، "عِندما نعود إلى القاعدة سَوف تقدموا لِي تقريراً عن كل جندي أصبتموه لِكي أقيمكم أيّها الصِغار."، لقد كان القائد جولِيان يطلب منهم تقريراً بكل أريحية عن الجنود المُصابين وأنا معهم أيضاً عدى إنني لست مُصابة، أخرَج طعاماً من حقيبة سوداء بِجانبه على الأرض، "والآن لِيتناول الجميع طعامه، لقد كُنتم جيدين."، بدأ بأعطاء حصة لكل جنوده من ذلك الطعام، الذي كان عبارة عن قطعة مُستطيلة بحجم كف اليد من الطعام الغني بالبروتينات والمُكسرات معاً، مُغلفة بِغلاف حديدي رقيق ومعها علبة مشروب حلو غني بالكاربوهيدرات، وأخيراً عُلبة مياه.

على عكس القائد الآخر، كان القائد أوستن ينظر إلى جنود فرقتنا جالسين بِتعب على الأرض ينظرون إلى الجنود الآخرين يتناولون الطعام، "كفوا عن النظر إليهم، أنتم لا تستحقون حتى الماء على أدائكم السيء هذا، لكن كأنكم سوف تنتقلون إلى الآخرة إن لم تتناولوا شيئاً الآن، خذوا هذِه."، ألقى بِوسطهم حقيبة سوداء مُشابهة لتلك التي لدى القائد جوليان، مَسكها جندي ينظر بِداخلها، أخرج علبة من الطعام، لقد كانت تختلف عن طعام جنود القائد جوليان، هذه النوعية تكثر بها البروتينات والمواد الغذائية المُفيدة، ويكون طعمها غالباً مُر، صاحَب الطعام عُلبة من الماء، نظر الجندي للمحتويات بِيده وهو يبحث عن شيئاً آخر بالحقيبة، الجميع ينظر له، "هل سوف نأكل هذا الطعام بِلا شيئاً حِلو سيدي؟"..

أعتدنا تناول الطعام ذلك عِندما يكون أدائنا سيء في المهمة، في بعض الأحيان كان القائد يشفق علينا ويضع لنا معه مشروباً حلو المَذاق، عصير مثلاً، "ما هذه الدنيا الرائعة، أتريدون عصيراً على أداء العجائز ذلك؟"، وبخه، وكما أرى لا توجد أي شفقه بِعينيه الآن، وقد شبه أداء ذلك الشاب بأداء عجوز ولقد كان مُحقاً بعض الشيء، حسناً لا بأس بذلك من الجيد إنه يوجد ماء مع هذا الطعام الذي بالكاد يوجد به طعم جيد، بدأوا بتوزيع علب الطعام فيما بينهم، كُنت سوف أحصل على حصتي لكن نداء القائد أوقفني، "حصتكِ هنا أيفيريا."، الجميع ينظر لي الآن.

لقد أعتدت على هذِه النظراتطوال فترة التدريب عندما أتفوق في تدريب ما أو عندما أقترح فكرة جيدة، لا أحب أن أجذب نظرات الجميع نحوي لكن ذلك يحصل الآن مرةً أُخرى بِسبب القائد أوستن.

نهضت أتقدم من القائدان، لقد سلمني قائدي من حصة جنود السنة الثالثة وأشار لي أن أجلس معهم، حيث ذو الشعر الأخضر وقائده ويوجد أيضاً جنود السنة الثالثة المُتبقين، جلست على العشب وكان يُقابلني صاحب الشعر الأخضر، تناول قضمة يبتسم وهو ينظر لي، وفجأة ألقى القائد جوليان كعكة صغيرة، مُغلفة جيداً، "أنها مُكافئة، ربما."، أشار بأبهامه إلى القائد أوستن وهو يقضم مِن طعامه، تمت مُكافئتي بِكعكة للتو.

روتشِيلد يستمر بأضهار هذِه الملامح الغريبة، ليست غريية جداً لكنه يستمر بالأبتسام، "أستمتعي بها أيتها الفريسة." قالَ بأبتسامة خَفيفة، "نعم سوف أستمتع بها جيداً، أيها الخاسِر."، سخرت بِلا تعابير واضحة، ثم وجهت نظري إلى القائِد أوستن أتحدث مَعه عن المدة التي سوف نبقى بِها هنا، "القِطار يَذهب مَع غروب الشَمس وأنا حقاً لا أُريد البقاء أسبوع آخر هنا."، قلت أُحدِث القائد وقد أجابني بِنفس الوقت، "سَوف نتناول الطَعام ونعود أدراجنا."، لقد كُنت رافِضةً لِهذا.

لكن ليس بيدي حيلة.

جَلست بَين فرقتي اتكأ بِكوع يدي على رُكبتي بِملل "أنظري ثينا، أنها الزهور ذاتها على الطريق." قال جَايك، يُشير إلى زهور بَيضاء مثل التي رأيناها على الطريق.

"أجل، أنها جَميلة جداً."، قلت بِهدوء أنظر إلى الزهور اتأملها ولكن قاطع تأملي رِيغان تَقول بِهدوء وهِي تنهض، "لَقد نفذ الماء سَوف أذهب إلى النهر أُحضر بعضاً."، ثوانٍ بعد ذهاب رِيغان أستقام جَايك يلحقها، "سَوف أذهب وأساعدها."، قال بِهدوء.

"أجل أجل ساعدها لما لا!"، قال أيثن بِصوت مُرتفع جَعل الجَميع ينظر له وقَد مَر لوناً أحمر على خَدين جَايك، "أخرس أيثن، أرجوك أذهب وأحضر الماء لِي لأنني لا أُريد أن أشرب من رِيغان."، قال آليكس وهو يضع تعابيراً مُشمئزه على وَجهه.

"ما دخل رِيغان أنه من النهر لَيست هي من صنعته."، قلت بِهدوء. "أخافُ أن تَضع جمود وجهها بِه وأصبح مِثلها."، قال بِجدية وقد أنتابتني موجة من الضحك، لكنني أبتسمت فقط، آليكس يستغل جميع الفرص لكي يسخر منها.

لقد كنا ننتظرهما.

ولقد مَر وقتاً طويلاً من أجل أحضار الماء فقط، وإلى الآن رِيغان وجَايك لم يعودا، "يا رِفاق ألم يتأخر كلاهما كثيراً؟"، قالَ أيثن يُحدثنا وقَد كانَ مُحقاً لقد أخذوا وقتاً طويلاً، "سَوف أذهب إليهم." قال مرةً أخرى يتوجه إلى النهر.

وبعد عدة دقائق فقط..

عادَ أيثن يَركض بِسرعة وملامحه غير مُطمئنه، "لا يوجَد أحد على النهر!"، نَهض القائد أوستن، "هل أنتَ مُتأكد؟"، "أجَل لَقد بَحثت بِما يجاور النهر أيضاً لكن لَم أجد شَيئاً."، قال بِقلق وقد أرتفع صوت الجنود،  يحللون الوضع مِن عندهم، حتى أن بعض الجنود قالوا أنه يجب أن نعود إلى القاعِدة لأن المكان أصبح غير آمن، جَميعهم يثرثرون بِلا عِلم أو فِهم، قاطعت ميا جَميع الثرثرات بِصوتها، "هل مِن الممكن أن يكونوا قطاع طرق قد أختطفوهم؟"، عَم الهدوء.

"هَل سَوف نعود ونُرسل جنوداً مختصين بالبحث أم ماذا؟"، قلت آمل أن يكون الجواب نعم لكن، "لا، لن نعود حتى نَجدهما،" قال القائد أوستن بِأصرار.

"سَوف نجدهم، إنهم جنود وليس أطفال لا داعي للقلق."، قال القائِد جوليان وكان يقصد أنه سَوف يساعد هو وفرقته بالبحث ولَم يجرء أحد على فَتح فمه والأعتراض لكنهم لَم يكونوا راضين تماماً عن هذا الموضوع، وكذلِك أنا، الآن الوقت ضهراً لو بَقينا نبحث عنهم لوقت متأخر لن ألحق بالقِطار.

حسناً لو حدث ذلِك سوف أدخل بِمزاج سيء جداً..

"ثِينا!" تَوجهت إلى القائد أوستن حالما سمعت نِدائه لي، "نعم سيدي."، أمر، "سَوف تَكونين تحت قيادة القائد جولِيان"، لزمت الصمت ثواني، نظرت للقائد جوليان يتحضر هو وجنوده، "ماذا؟، لماذا لا آتي معك؟"، قلت أنوي أن أرفض الذهاب، أقصد حقاً لماذا يرسلني مع جولِيان وليس معه، أريد العودة إلى القاعدة ثم ركوب القطار والعودة إلى منزلي.

"ثِينا أنه أمر."، تباً، قال قاطعاً أعتراضي وجميع أفكاري وكلماتِي التي كنت سَوف أقولها لأعترض، 'أنه أمر' أنتهى لا نِقاش، "حاضر."، قلت بِهدوء لأذهب إلى القائد جولِيان الذي كانَ يُحضر سلاحه ويرتدي رِدائه.

"يبدو أنكِ لستِ مُمتنة لقدومكِ معي أيفيريا."، قالَ بِهدوء، وقد كان يستمر بِقول أسم عائلتي وكأنه يقول أنتِ مُختلفه عن الآخرين، وجودكِ هنا لا معنى له أيتها السيدة النبيلة، لقد كان يبدو أنه يسخر مني طوال الوقت، لا أُريد الذهاب معه لكنني مُجبرة، "لستُ كذلك، أنها مُهمة ونحن مجبرون على العمل عليها، أنا فقط لا أعرفكم جيداً."، قلت بِهدوء ثم رد عليّ أخضر الشعر، "حسناً دعيني أُعرفكِ علينا، مارِيو روتشِيلد وجولِيان ستورد العظِيم قائِد الجنود المتوحشون!" قالَ بِأبتسامه وكانَ واضِحاً أنه يمزح، يمزح في هكذا موقف..

إنه لَيس وقت المُزاح.

وهو قد فهم ذلِك حينما نظر له القائد نظرة حقاً لقد كانَت 'هل تريد أن يتم طردك؟' حسناً لكن أستفدت من مزاحه لأنني علمت أن أسمه ليس ريو، أتخيل أن أناديه ريو ويظن أنني أختصر أسمه بِسبب أننا أصبحنا زملاء أو ما شابه ويظن أنه شيئاً ما ذلِك المجنون، "إلى أين سوف نتجه؟" قالَ مارِيو بِجدية يحاول تغيير الموضوع.

"سوف نَدخل عمق الغابة"، قال بِهدوء.

كان القائد أوستن يُقسم الجنود الآخرين إلى فرق مكونه من ثلاث أشخاص، وقد كنت أنا وماريو والقائِد جولِيان بِنفس الفرقة.

"ثِينا ومارِيو معي الآن."، أمر القائد جولِيان، وقَد أرتَفع نَبضي عِندما نادى أسمي، سَوف أمر بِحدث جديد، حدث مِن الممكن أن يتسبب بِمقتلي أو من الممكن أن يُعلمنِي شيئاً.

حَدث مِن المُمكن أن يجعلني أفوّت القِطار.

كُنا على وشك الذهاب لكنه توقف يُحدِث الفتاة الشقراء التي سخرت من ماريو في الغابة، وقبل أن يَذهب، "أعتني بأصابتكِ سَوف نتحدث عنها عِندما أعود."، قال بِهدوء ولم أعلم بالضبط عن أي أصابه يتحدث.

نَضرت الفتاة بِتوتر، لَقد كانَت ملامحها مُتوعكة وفقط حينما فتحت فمها تحاول التبرير، "أيها القائد أنا.." ذَهب دون سَماع شيئاً منها.

سِرنا لِمدة لا تقل عن النصف ساعة.

كانَ مارِيو يُضّبط قوسَه، "مارِيو تَسلق هذِه الشجرة أنظر مِن أي جهةٍ النهر."، أمَر القائِد، "حاضِر سيدي."، رد الآخر لِيبدأ بِتسلق الشجرة ونَحن ننتظره بِالأسفل.

ثوانٍ فقط..

"النهر مِن اليَمين أي أننا سَوف نتجه لِليسار."، تَحدث مارِيو وهو يَقفز مِن الشجرة، فوراً أتجهنا إلى اليسار سِرنا لِثلاث ساعات تقريباً، بحثنا بِكل ثغرة فِي الغابة وكل زاوية وخلف كُل صخرة ولَم نجد حتى أثراً لِريغان وجَايك.

بَينما نَسير فٍي الغابة وقَد أصبحت الشَمس غامِقه على وشك أن تغرب بعد ساعة مِن الآن كانَ يُحلق طيراً فوقنا، كُنت أرى أجنحته وكَيف يُحلق بِها، وأنكسار أشعة الشمس على أجنحته، تَوقفت عَن التأمل عِند رؤية مارِيو يصوب السهم نَحوه، وبِسرعة رَمى السَهم وسَقط الطائر يُعلن أنتِهاء حَياته بِتوقف أجنحته عَن التحليق.

أمسكه مارِيو من رَقبته بَعد أن أخرج السَهم مِنه وهو يتقدم، "لِنتناول الغداء، أيها القائد أستخرج لنا مهارتك بالطبخ!"، قالَ يَبتسم بِخبث، أستدار القائد ينظر له بِجانبية لِيتقدم ويَضع يَده على كتفه ويقول بِنفاذ صبر وكأنه إن تحدث بكلِمة واحدة أخرى سوف يطرده، "أذهب وأجمع الحطب يا روتشِيلد وكف عن تفاهاتك أذا أردت البقاء مَكانك، نحن فِي مهمة.".

نظر لَه مارِيو يقول بأستسلام يَرفع يَداه، "حاضِر سيدي."، في الواقع، أنه لا يتصرف بجدية أبداً نحن في مهمة وهو مُستمر بالثرثرة، لا أحب هذا النوع من الأشخاص أبداً، ذهب إلى جهةٍ ما يجمع الحطب، "سَوف أذهب أحضر بَعض الحطب أيضاً." قلت أتجنب الحديث مع كليهما لأني حقاً لست جيدة بِتبادل الأحاديث مع الآخرين، وخصوصاً الآن، وفكرة أن القطار سوف يفوتني ولن أذهب لرؤية عائلتي مُتواجدة بزاويةٍ ما في ذهني.

ذَهبت مَع مارِيو أجمع الحطب لِكي نطهو 'الطير' الذي تم أصطياده قبل قلِيل، "لَقد أستمريتي بالنظر إلى الطير وكأنكِ لن تأكليه، أم أنكِ حقاً لن تأكليه؟!"، نعم هذا الوقت المُناسب، يتحدث وكأنه يرى الموضوع الذي أُفكر به حيث قال هكذا يَستهزء بِأنني لن أتناول الطير بِسبب رؤيتي لِموته.

يالسخافة.

أراد أن يتحدث مرةً أخرى، لكن صوتاً ما جعلني أضع أصبعي على شَفتاي آمره بِالسكوت،"هل سمعتَ هذا؟" قلت بِشك لست مُتأكدة مِن سماعي لِلصوت، وضعت الحطب بِيده وقد تذمرت ملامحه لأنني فعلت هذا، تجاهلته وذهبت إلى مَصدر الصوت بِبطئ لا أصدر ضجيجاً بخطواتي.

صوت مَخنوق وبَكّاء يقول، "أنا آسفه، أنا حقاً آسفه.. لَم أكن أعلم أنني أنا من سوف يتسَبب بِموتك .."، صوت كَسر غصن أصدَره مارِيو وهو يتقَرب مِن الصوت "تَباً لك ماذا تفعل!"، همستُ بِغضب بِسبب فعلته الغبيه، ليس وقت الغباء حقاً، أشار لي بِيده يعتذر مني، ما هذه السخافة.

تَنهدت بِغضب أتقدم أكثر مِن مكان الصَوت وقَد كانَ مُنخَفض كالحفرة وبه شخصان، وقد عرفت من هما، أنا فقط أحاول أن أستوعب.. تَقدم مارِيو ينظر مِن الأعلى "أنتِ!، أليست هذِه من فرقتكِ؟"، قالَ مارِيو يُحدثني، عندها رفعت رِيغان رأسها وقد كانَ شعرها مُلطخا بالوحل أو.. الدماء..

لقد كانَ وجهها مُلطخاً بالدماء

رَقبة جايك مَذبوحه مِن الطرف

كانَت تَجلس واضِعة رأس جايك بِحضنها والدموع عَلى وَجهها، لَم أراها تبكي قبلاً.. لكن هَل يعترض أحد على بُكائها؟ والمَنظر بِيديها.. رَقبة جايك مَذبوحه والدماء تُغطي جثته، نَظرت بِجمود وقد تَيبست حنجرتي بِسبب المشهد، "كَيف حدث هذا؟!"، سألتها وفقط عِندما قلت هذا أنفجرت الدموع مِن عَيناها وأنزلت رأسها على جثته.

عَمّ الهدوء وفقط صوت بُكائها.

"حسناً شاءَ القدر أن يُميته ويُبقيها على قيد الحياة دعينا نخرجهم أولاً."، قال مارِيو بِملامح باردة وكأنه لم يحصل شيئاً.. لَقد كُنت شارِدة، "ماذا؟ هل تقول أنه ميت؟! فقط هكذا! ميت بِسهولة!"، قلت بِأنفعال لا أعلم حقاً كيف يأخذ الأمر بِسهولة، "ما خطبكِ ألا تَرين حالتها؟ على الأقل أنتِ لا تفعلي ذلِك."، قال بِهدوء وعِندما نظرت إلى رِيغان وكَيف تَشهق فَوق جثته، كانَ يَجب أن اهدأ..

أعني لا نعلم ماذا حدث وتَم قتل جايك بهذه الطريقة الشنيعه وهو الذي كانَ أقرب شَخص لها بِمجموعتنا وإذا حزنتُ أو صرختُ الآن لن أُزيد من حالتها إلا سوءاً، لكن على الأقل سَوف أشعر بِالأرتياح.

الصُراخ وتوبيخ شخصاً ما يجعلك تَشعر بِالأرتياح.

لكن فقط لَزمت الهدوء وتجمدت مَلامحي بِلا أي شعور، أحاول أن أستوعب أنه ماتَ حقاً، وكَيف قبل بِضع ساعات كانَ بَيننا والآن هو فقط..

فقط جَسد بِلا روح.

شَيء خالٍ مِن أي دليل على الحياة.

بَلعت ما بِجوفي أستعيد وَعيي وتقدمت أُساعِد مارِيو على أخراج رِيغان مِن الحفرة وقَد أخرجناها بِصعوبة بِسبب كَسر ساقها، هَبط مارِيو داخل الحفرة يُخرج جايك منها وريغان كانَت فقط مُنكمشة على نفسِها تَقف بِصعوبة.

ذهبنا إلى القائد الذي كانَت يداه مُلطخة بِدماء الطير، نَظر لنا وإلى مارِيو الذي يحمل جثة جايك، "لَقد وجدنا المفقودين."، قلت بِجمود أقف على جهة بعيدة قليلاً، أُكتِف يَدي وأتكأ على جذع شجرةٍ ما، نظر القائد بِهدوء قليلاً لِيترك ما بِيده يَمسح الِدماء بِخرقة، "أترك الجثة هناك، وأنتِ رِيغان علينا الحديث عن ما حصل."، قال القائد يُشير لِريغان أن تجلس أمامه.

وفعلت كما طلب، "أجل تَحدثي أشرحي كَيف حصل هذا؟"، قال بِهدوء، "هَل رأيتي وجه الشخص الذي فعل هذا؟، أي شيء مُميز؟، هل كانوا مجموعة أم ماذا؟"، سألَ يُريد أي ثغرة أو دليل يوصلنا لَه أو لهم، لا نعلم حقاً كانَت تنظر لِلأرض صامِته بِلا جواب، "رِيغان أنا آمركِ أن تتكلمي."، أمر بِهدوء بِالرغم من أن غضبه وحزنه قد بانَ على ملامحه عندما نَظر إلى جثة جايك.

لَقد بَقيت على حَالها صامِته لِمدة لا تقل عن الخمس دقائِق، نَفذ صبري وقد كنت أمسك نَفسي بِصعوبة كي لا أصرخ بِوجهها "رِيغان ما رأيكِ أن تَتكلمي أنه ليس وقت صمتكِ، جايك ماتَ ولا نعلم كَيف حدث ومَن فعلها والآن سوف يَهربون من أيدينا بِسببكِ." تَكلمت بِهدوء.

لأُكمل وأنا أتقدم منها، "أيضاً.. لقد سمعتكِ تقولين آسفه وأنتِ تبكين ما الذي حصل، هل يمكنكِ أن تشرحي قبل أن أفهم شيئاً بشكل خاطئ!" أنهيت بِجدية وأنا أقِف أمامَها، رَفعت رأسها تنظر لِي.

"أهدئي أيفِيريا." أمر القائد بِصرامة، نظرت لَه وبَعدها نَظرت لِحالة رِيغان، "هَل تَشكين أنَني أنا مَن قتلته!"، قالَت ودموعها بدأت تَسقط بِكثرة وتَتكلم بِحرقة، "أنظري، أعتذر لكن أن لَم تتحدثي سوف يتم فهمكِ بهذه الطريقة."، قلت أشرح لها أن عدم حديثها سوف يُزيد الأمر سوءاً.

لَقد كانَت جملتي صريحة بِشكل حارق لكن حقاً لا أهتم يوجد شخص مَقتول هنا، ليس وقت اللِين.

"حسناً عندما ذَهبت أشرب الماء مِن النَهر عِندها أتى شَخصاً هَجم عَلي، عِندما قاومته بِقتال ضَربني على ساقي أُصبت بِكسر والألم قَد أصبح يجري معي، عِندها قَيدني وسِرنا كل هذه المسافة مِن النهر إلى هنا، أصبح الوقت ضهراً، رَماني بِتلك الحفرة لِكي لا أهرب وأخذ قيلولة بالقرب منها،

كنت أعاني لكي أفتح القيود عندها أتى جايك لقد قال أنه كان يتبعنا وينتظر من الرجل أن ينام أو يغفل عني لكي يأتي وينقذني، وفقط عندما كانَ على وَشك أن ينزل لِلحفرة مَسكه ذلك الرجل وبِسبب مقاومة جايك له.. ذَبح رقبَته ورَماه فَوقي وعِندما صَرخت بِسبب فَجعتي قال أنه لا فائِدة تُرجى مِني وذهب تاركاً الجثة مَعي فِي الحفرة."، قالت تُخرِج الكلِمات بِصعوبة والدموع قَد بدأت تَهطل على خديها.

لِتقول وهِي ترفع رأسها تنظر لي، "لَقد كُنت السَبب بِموته.. لَقد كانَ يحاول أنقاذي ثينا كَيف سَوف أسامح نَفسي على ذلِك!"، قَالت وشعورها بِالذنب قد بانَ كثيراً، "حسناً أهدئِي لم أعلم ما حدث"، قرفصت بِجانبها أربت على كتفها.

"سَوف نعود إلى القاعدة"، القائد أمَر يُنهي النِقاش، لَقد كانَت الشَمس تغرب، أشعة الشمس أصبح لونها مُكثفاً والأشجار تمنع وصولها إلى بشرتنا بشكلٍ تام.

لقد فاتَني القِطار..

لَن أعود إلى المنزل، هذا الأسبوع سَوف ينقضي بالقاعدة نوفَا، جَايك مات، لا نعلم مَن الذي أستهدف جنودنا وقَتله، أنه أسوء يومٍ.

جَميع الجنود في غرفة الطعام، يتناولون الطعام بِهدوء فقط أصوات الملاعِق والصحون.

حسناً هذا ما كُنت أتوقعه.

لكن الجَميع يُثرثر وكأن شيئاً لم يحدث، ليس وكأننا فقدنا جُندياً قبل عدة ساعات، ما عدى طاولَة واحِدة التي كان بِها أنا وأيثن ورِيغان التي لَم تَتناول الطعام، مِيا الهادِئة وآليكس الذي كانَ مِن المُفترض أنه هنا، لكنه لَم يحضر لِغرفة الطعام أساساً.

جنود السنة الثالِثة كانوا سَوف يقضون الليلة فِي قاعدتنا، عودتهم إلى قاعدتهم سوف يكون فِي الصباح المُبكر.

نَظرت إلى باقِي الجنود الذي يبدو عدم الأهتمام واضحاً فِي ملامِحهم، تَركت المِلعقة التي كُنت أحرك الطعام بِها والتِي لم أدخلها فَمي فعلاً.

لَيست لدي أية شهية بَعد ما مَررنا به اليوم.

نَهضت أشعر بالأشمئزاز لِعدم أهتمامهم، وقد شعرت بِنظرات البعض لِضهري وأنا أذهب، خَرجت إلى الساحة الرملية خَلف البِناية وقَد وجدت الهواء بارداً بِسبب أقبال الشِتاء لَقد كان الطقس مُعكراً.

كانَ حَاراً فِي النهار وبارِد في اللَيل، أحضرت بَعض الحَطب وقُمت بِأشعال النار وجَلست أُقابِلها لِكي أشعر بِبعض الدِفئ.

شَردتُ بالنَظر داخل النَار.

كَم كانت جَميلة..

لكنها تُحرِق مَن يلمسها أو حتى يقترب مِنها لَقد كانَت تبث الخوف بِداخلي كما كانَت تبث الدِفئ.

نظرت كَثيراً حتى شعرت أن المشهد يتلاشى من عَيناي بِسبب تركيزي بالنَظر، رَفعت عيني بِسبب صَوت القائِد جولِيان الذي أتى مِن أمامِي.

"أنتِ ما زلتِ في القاعدة ولستِ في المنزل أتبعي القوانين وتناولي وجبتكِ."، كان يُحضر صحناً بِه طعاماً ساخناً والبُخار يَتطاير مِنه، "حسناً أعتقد أنه يجب أن تقول هذا الكلام لآليكس."، قلت آخذ الصحن مِنه، وقد جلس أمامي.

"أنه يَحتاج بَعض الوقت بِمفرده، هَل هما مُقربان جداً؟"، سأل وقَد بدأت أُقلب الطعام بِالملعقة، مرةً أخرى لَيست لدي شهية، "أنهما مُقربان مُنذ الصغر." قلت أنظر لَه.

حرك رأسه بأتجاه الطعام يُشير لِي بِأن أتناول، وقَد حاولت أن أتناول قليلاً وكانَ لا بأس بِذلك، تناولت أحدث نفسي أنني لن أتضور جوعاً فقط بِسبب موت صديقٍ لِي.

لَم يكن صديقاً بالضبط لكنه كانَ قريباً مني أكثر من باقِي الجُنود، "هل تَعلمين كَيف تحدّين السَيف؟" قاطع تفكيري القائد وهو يُخرج سَيفه مِن خُصره.

"لا أعلم.."، قلت بِتردد أضنه سَوف يستهزأ أو ما شابه، لكنه فاجئني عِندما رَد يَشرح لي، "تَحدّين السيف عِندما تُمررين عليه صخرة صغيرة وقوية، هذه أبسط طريقة." قال لِيُسير نظره على المَكان كأنه يَبحث عن شَيئاً ما، "مثلاً تٍلك الصخرة هل يُمكنكِ أحضارها." قال ينظر إلى صخرة مَرميه خلفي بِبضع خطوات.

صخرة رمادية كروية وسطحها فوضوي حجمها بِكف اليَد، تَركت صحني جانباً ونَهضت مِن مكاني أُحضرها له وقَد بدأ هو بِالكلام، "تُمررين هذِه الصخرة على طَرف السَيف بِحدة وتضغطين عَليها هكذا."، كانَ يَشرح لِي كَيف أحد طرف السَيف.

لِيقول لِي بعد أن علمني كيفية فعلها بالطريقة الصحيحة، "هَل تُريدين أن تجربي؟"، نَظر لي، أومئت بِرأسي وأخذت السَيف مِن يده وضعته عَلى قدمي لأبدأ بِتمشيط الصخرة عليه، قال يَنظر لِلسيف، "أقوى وأسرع لِكي يصبح حاداً، كلما كانَت الصخرة أقوى وأسرع على السَيف سَوف يُحدّ أكثر وأسرع."، نَفذّت، أقوم بِتسريع حَركة الصخرة وأضغط بِها على طرف السَيف أكثر

"جيد أنتهى، الآن الطرف الآخر."، قال وهو يؤشر لِي بيده أن أحدّ الطرف الآخر مِن السَيف، وعندما أندمجت مَع حد السَيف وقَد كُنت مركِزةً على حركة الصخرة ضِد طرف السَيف.

كُنت أُمرر الصخرة بٍقوة وسرعة وجُثة جَايك تأتِي بِناظري، أحدّ بِقوة وأتذكر شناعة الطريقة التي قُتِل بها، ولِماذا شخصاً مِثل جَايك قَد تكون نِهايته بِميتة سيئة كهذِه.

قال بِهدوء يُقاطع تركيزي يَنظر لي، "أنتِ، أنتم الآن كَالسيوف التي لم يَتم صَقلها جيداً."، تركت حد السَيف وقَد أصبَح جمّ تركيزي على ما يَقوله، أنظر له، مُنتظرةً مِنه أن يُكمل كلامه لأستَمع.

"أنتِ لَن تخلدي لِلنوم حتى، أنتِ خائفة وغاضبة بِسبب ما حدث وما سَوف يحدث مُستقبلاً."، أردت الأعتراض عِندما سمعته يقول خائِفه، أردت القول أنني لست خائفه أنا فقط غاضبة ولأول مرةٍ يموت جندياً ولا يوجد شيئاً يمكننا فعله، لأن القاتل مجهول.

لكنه رفع يده يَرفض أن أتكلم، "أنا لَم أنم لِمدة ثلاثة أيام عِندما عُدت مِن أول معركةِ لي، الخوف ليس شَيئاً مُهيناً، الجَميع يَشعر بِالخوف فِي مرحلةٍ ما، أنتِ قوية لكن تحتاجِين أن يتم حدّكِ تماماً كما حدّيتِ السَيف الآن، وهذِه الأحداث التي تمرين بِها أنتِ وجميع فرقتكِ سَوف تحدّكم جَيداً كالصَخرة التي بِيدكِ."، "لكن لِماذا؟"، قلت بِهدوء، "لِماذا جَايك هو من أتخذ موضع الصخرة!".

"جايك لم يكن الصخرة، هو فقط كانَ سيء الحظ بِسبب لطفه."، "أنا.. أنا لم أفهم ما دخل لطفه؟" قلت بِوهن أنتظر أن يشرح لي،

لأنه وبِالتأكيد يبدو أنه يعلم شيئاً أنا لا أعلمه.

رَد عليّ والنار قد أخذت أنعكاسها على عيناه الرَمادية، وبَشرته أصبحت ذَهبية بِسبب أنعكاس النَار عليها "عِندما تَفهمين ما قلت لكِ أيفِيريا، عِندها سَوف أسمح لكِ بِأن تسأليني ما تشائين وسَوف يكون الرد حاضِراً."

نَظرت له بِهدوء وبعدها نَظرت للسيف الذي بِيدي، "أنه جميل..، سَيفكَ جميل"، قلت بِهدوء أنظر إلى مِقبض السيف المُزخرف بالأحجار السوداء التي يُحيطها الفولاذ القوي وبعدها نصل السيف الحاد، لقد كان أخّاذاً، "لقد كانَ للقائد أوستن"، قال بِأبتسامة ضَهرت بِها أسنانَه البَيضاء.

"أنا سَوف أفهم ذلِك بِأقرب وقتٍ لذا أتمنى أن تكون جاهزاً لِلرد." نَظر وتلك الأبتسامة الخفيفة تُغطي مَحياه وقَد عمّ الهدوء بَعد ما قُلته.

"شكراً لكَ سيدي."، قلت بَعد ثوانٍ وأنا أقدم له السيف بِيداي، "على ماذا؟"، قال وهو يأخذ السَيف ويضعه بِخصره كأنه لَم يضعني بِدوامة تفكير بِشأن ما قاله قبل قليل، "لأنكَ علمتني كَيف أحد السَيف؟" قُلت أُماشِي الموقف وأنا أستقيم

"على الرحب يا جُنديتي المُستقبلية."، قال يَبتسم بِهدوء، أبعدت نَظري عنه أتقدم آخذ الصحن لِكي أدخل البناية، "هل سوف تبقى هنا سيدي؟"، قلت أخفي التوتر، أجل لَقد توترت بِسبب 'جُنديتي المستقبلية'.

حسناً يبدو أن القائِد أوستن لَم يمسك لِسانه وقَد أخبره عن رغبتي بِالدخول لِفرقته.

لكن لِما هو واثِق أنَني سوف أدخل فرقته، حسناً أنا أُريد ذلِك لكن ماذا لَو مُت قبل أن أصِل إلى السنة الثالِثة، مِثل جَايك؟

قاطع تفكيري قوله، "أجل، هل يُمكنكِ أن تُنادي مارِيو لي؟"، قالَ ليس وكأنه ذلِك القائد المُزعج صباح اليوم.

كانَ مُزعِجاً لكن مهما كان يَبقى قائداً وقَد درب العديد مِن الجنود، ذو خبرة.

أومئت له وتَوجهت إلى الداخل، كانَ المكان مُظلماً، ضوء القَمر الخافت الذي يَدخل مِن النوافِذ فقط ما يُضيء المَكان.

تَركت صَحني على جانِب ما وأخرجت شَمعةً أُضيئها بِعود كبريت، ألتقطتَها وبدأت أصعد السُلم بِهدوء أتوجه إلى الطابق الذي كانَ من المُفترض أن يُقيم بِه جُنود السَنة الثالِثة.

لَقد كانَ الهدوء يَعم المَكان ولم أعلم كَيف أجد غرفة مارِيو، كُنت أسير شارِدة بِذهني وأصطدمت بِآريا "ماذا تفعلين هنا" قالَت بِهدوء لأرد عَليها بِنفس النبرة "هَل تعلمين أين غرفة مارِيو؟"

"أعتقد أنها بِنهاية الرِواق"، "شكراً لكِ" قلت وقد لَوحت بِيدها قبل أن تَذهب بِمعنى لا بأس، حسناً شكرتها ولكن كلمة 'أعتقد' بِجملتها لا تساعد بِشيء لَو دخلت على الغرفة الخاطِئة وقاطعت نوم جُندي مِن السنة الثالثة سَوف أقابل أكثر نظرات غاضِبة ومليئة بالسخط

أعني مَن يُلقي اللوم عليه؟ فِي نهاية يومٍ مُتعب وفي سرير مُختلف ومكان مُختلف ويأتي جندي يقاطع نومه الذي أستغرقه ساعة كاملة لكي يُحضره، لا أحد سَوف يتوقع ردة فعل روتِينيه ولطيفه

كُنت أسير وأتخيل ردة فعل الجندي الذي سَوف أقاطع نومه بِلا شك، ورأيته يُغلق بَاب دورة المِياه يَضع منشفة حول رقبته ويَرتدي قَميصاً ذو أكمام قصيرة وفضفاض لقد كانَت ثِياب نوم واضحة

حمداً لله، هذا يعني أنني لن أقاطع نوم أحد

كان شَعره رطباً يدل على أنه قد أستحم مُسبقاً، أستدار بَعد أن أغلق الباب، نَظر لِي لِيتقدم بِتلك الملامح الهادئة، "هل تَبحثين عن أحدٍ ما؟"

"أبحث عَن أفعى خَضراء" قلت وأنا أنظر له بِبرود "أحذري كَي لا تلدغكِ" قال بِهدوء يُكتف يداه ويتكأ على الجدار بِجانب النافِذه وملامحه أتضحت أكثر بِسبب ضوء القمر الذي أنعكس على شعره الأخضر "حينئذ سَوف أقطع رأسها" قلت أتقدم إليه وأكتف يداي، وقد أصبحت المساحة بيننا بحجم النافِذة

لِيقول بَعد أن تَنهد طويلاً "فِي الواقع أنها نائِمة بِمنزلي الآن" عَيناه بِها بَريق لا أعلم هل كانَت هكذا قبلاً أم أنه فقط ضوء القمر

"مَن؟" أسترسلت بِهدوء نظر لِي لِيقول وهو يحرك يَداه بِحيرة "الأفعى؟" هل فقد عقله أو ما شابه عقدت حاجباي بأستغراب هل هو ثمل؟ أم أنه كانَ يتعاطى فِي دورة المِياه "القائِد جولِيان يُناديك أذهب" قلت أطلب منه الذهاب كَي يستعيد وعيه رُبما، نظر لِي قليلاً لِيذهب

لكنه توقف عِندما قلت أجبر نفسي على أخباره "أرتدي شيئاً الهواء بارداً فِي الخارج"، "لا تقلقي فِي بعض الأحيان أُسمى رجل الثلج" قال بِهدوء يَمزح "أياً كان فقط أغرب عَن وجهي" قلت وأنا أدفع كتفه لكي أمر إلى السلم

تَوجهت إلى غُرفتي فِي الطابق الذي يسبق هذا، دخلت لها وقَد كانَت صغيرة تبعث لوناً بُنياً، يوجد مَكتب صغير مِن الخشب المُهترء على يَسارها، مَقعد خشبي صغير يُقابل المكتب، أنا حيث تُقابلني نافِذه تطل ألى الخَارج والسَرير بِجانبها مِن اليمين، خِزانة الثياب تقبع فِي زاوية الغرفة اليُمنى

أتجهت إلى المَكتب أضع الشمعة على سَطحه وأسحب المقعد وأجلس بِهدوء، فَتحت الدُرج أُخرِج رسائِل أخي ألتي يُرسلها كل أسبوع يُطمئنني على حالَه وعائِلته المتكونة مِن زوجته ذَات الشعر الأحمر فِيكتوريا وأبنه الصغير فِيكتور، لَقد كنت أذهب وأزورهم كل شهر بِأجازة الجنود الشهرية

هذا الشَهر لَم تكن هناك أجازة أعود بِها إلى عائلتي، بِما أنه الشهر الأخير مِن السنة الأولى كان من المَفروض أن نعود عطلة لمدة شهر كامل وبعدها نعود إلى إلى قاعدة التدريب كَجنود من السنة الثانية

لكن حَصل ولَم نذهب بِسبب الضروف المُعادية، بِسبب مَوت جَايك المجهول، أو ربما...

سَطع ضوئاً فِي رأسي

تَوسعت عَيناي بِسبب تِلك الفكرة..

لا يُمكن ذلِك، على كلٍ أعتقد أن أخي سوف يرسل رسالة غداً.. لا أعلم، أم أنه مُنتظراً قدومي، لكن لابد مِن أنه يعلم بِذهاب القِطار وأنني لَم ألحق الرِحلة

كُنت على وَشك الذَهاب لِلسرير ولكن توقفت حِين سَمعت طرقاتٍ على الباب "أُدخل" قلت بِهدوء لِلطارق أنفتح الباب وقَد كانَت رِيغان "هَل يُمكنني الدخول؟" قالَت بأستئذان، "بالطبع أدخلي" أذنت لها لِتتقدم وتجلس على حافة السَرير

"لَقد وصلت بَرقية مِن عائِلة جَايك إلى القائِد أوستن تَقول أن الجنازة غداً"، "يَبدو أنهم يُريدوه أن يَرقِد بِسلام بِسرعة" قلت أتحدث مَعها بِهدوء لِتتنهد وتَضع يَدها على عَينها تتكأ بِمرفقها على رُكبتها

"لَقد كُنت أُحبه،.. جداً" قَالت بِتعب وحُزن وعَينها الأُخرى تَلمع تدل على تَجمع الدموع داخِلها، "البُكاء لَيس حلاً لأي شيء رِيغان" تَقدمت أقرفص أمامها وأنظر داخِل عَيناها بِجمود "أنتِ سَوف تَعيشين لكِي تَنتقمي مِن الذي قَتل جَايك أليس كذلِك" نَظرت لِي بِنظرة مَذعورة كأنها رأت شيئاً

كما لو أن وحشاً يجلس أمامها وكأنني قَد مَسكت وتراً رفيعاً بِها

"أجل بِالتأكيد سَوف أفعل هذا" قَالت بِهدوء شديد تَنهض مِن مَكانها والنظرة تِلك تعتري وَجهها وكأنها مُنومة مُغناطيسياً توقفَت عِند أمساكِها لِمقبض الباب لِتُدير رأسها وتَقول "شُكراً لِمُحادثتي بِهذا الوقت لَم أحضى بِحديث مِثله قط" أستقمت لأقول بِهدوء مُبتسِمة لها بِخفة "فِي أي وقت"، خَرجَت وأغلقَت البَاب خَلفها

أصبحت تراودني أفكار لكنني فقط لستُ مُتأكدةً مِنها،
نَشرت جَسدي على السَرير وحاوَطت ذاتِي بِالملاءات أستعد لِلنوم، أُفكر فِي ما سَيحدث غداً وكَيف سَيكون شَكل عائلة جَايك بِدونه، أنهيارهم أو بُكائهم على رَحيله..

أدخلت رأسي تَحت يَداي أستمع لِلهدوء صوت تَراطم وَرق الأشجار فِي الخارج بِسبب الهَواء الخَفيف، وصَوت جَريان النَهر الخافِت، جَميعها كانَت أصوات لكنها كانَت أصوات هادِئة، هادِئة بِطريقةٍ ما

على الأقل أنها هادِئة أكثر مِن الأصوات داخل رأسي

لقد كنت أحاول أن أجبر نَفسي على أغلاق عَيناي والنوم، لَم أستطع.. بَقيت أتحرك بِمكاني أستدير لِليمين واليَسار الجو كانَ مُنتقلاً لِلشتاء، كان بارداً لِلتو، كنت أستشعر البَرد الخافِت وغَفوت أخيراً..

لكن لَقد كُنت أشعر بِالحركة حولي لا أعتقد أنَني نائمة لكن أشعر بِالنعاس كَثيراً وعَيناي مُغلقتان "ثٍينا هيا أستيقظي أنه الصباح" نَهظت مِن مَكاني على صَوت أيما توقظني، يبدو أنني نِمت قليلاً

أرتدينا وتوجهنا إلى جنازة جَايك كُنا نَقِف بِأعتدال نَرتدي الزَي الرَسمي، بَدلة رَسمية لَونها أزرَق غامِق وعلى الكتِف توجد الرُتبة الخاصة بِنا وألتي كانَت فارِغة لأننا فقط تَحت التدريب ولسنا جنوداً رسميين

السُترة مُغلقة ويوجد حِزاماً على الخُصر، قُبعة بِاللون نَفسه تتقدم مِنها مُقدمة صغيرة لِلأمام وفوقها يوجد سَير مِن الشريط الذهبي، وقفازات بَيضاء، القائِد كان يَرتدي الزَي ذاته لكن اللَون أسود ورُتبته ووسومَه تَتخذ مَكانها على كَتِفه مَع سَير مِن السِلسال الذهبي ألذي يُثبتها مَكانها

أيدينا مُعتدلة ورؤوسنا قائِمة وثابِته، عامودِي الفَقري كانَ مُنتصباً وقَد سَرت قُشعريرة عَلى طولِه حِين سَمِعت خِطاب آليكس بِنبرته المُرتجِفه "كُنا سَوف نَعود إلى مَنازِلنا وإلى دِفئ عوائِلنا لِمدة شهرٍ كامل بَعدها سَوف نعود إلى مَقر نوفَا كَجنود سنة ثانية رَسمياً، ولَكن حدَث وكان هناك حدثاً.. أو حادِثة مُفتعلة وكريهة.." قالَها بِحرقة

"فَلم نَعُد لِمنازلنا ولا لِدفئها" أكملَ

بَلع رِيقه لِيُكمل بِصوت مَخنوق وحَزين "عَدى جُندي واحِد قَد عادَ.. ولكنه عادَ بارِد الجُثة وقَد جعل دِفئ مَنزله يَتلاشى مَع تلاشِي رُوحه مِن جَسده، جَايك لَقد ماتَ وهو يُحاول أنقاذ جُندية مِن فِرقته، كانَ لِيكون جُندي يُعتمد عليه، والآن ها هُنا أُقسِم أنَنِي سَوف أبذل جُهدي لِكي أقتل كُل قاتِل، أُقسِم أنني سَوف أحمِل رُوحه على كَتفي وأًقاتل!" أنتهى بِحرقة وأنفِعال

أطلَق تَحية وهو يَقف أَمام قَبر جَايك الصخري الذي كانَ وسط المَقبرة ألتي تملئها الحشائِش، أنزَل يَده لِيعود يرفعها ويَخلع قُبعته العسكرية ويَضعها بَين يَده اليُسرى وأضلاعِه لِيتقدم بِهدوء مِن عائِلة جَايك والِده ووالِدته وأخيه الذي يَبلغ العاشِرة مِن العُمر

أحتضن والِده الذِي كانَ الحُزن مُعتري مَلامحه، بعدها والِدته التِي تَبكي بِحرقه، أبتعد لِينظر إلى الفتى الصغير الذي يقف بِهدوء بِجانب والدته، جَثى أمامه بِرُكبه واحِده وقَد كان الفتى هادِئاً أحتضنه آليكس وقَد أصبح وجه الفتى بِين كتف آليكس ورقبته

ثوانٍ وسَمعنا شَهقات صَغيرة تَخرج مِن الفتى وهو يُبادل الحضن بِيداه الصغيرتان ويَبكي، أبعده آليكس مِن حضنه وَرَبت عَلى رأسه ثُم جعله يَرتدي القُبعه، يُغطي بِها وَجهه الباكِي

"أهتَم بِوالِدتك دَع جَايك يَكون فَخوراً بِك هَل فهمت أيها الصَغير؟" قالَ بِأبتسامه لِيومئ الفتى بِرأسه ويَعود لأمساك يَد والِدته قَرص خده قبل أن يعود بَين صفوف الجنود

صرخ القائِد أوستن "أعتدال!" أعتدل آليكس والآخرون بِوقفتهم "تحية!" أمر مرةً أخرى لِيصَرخ الجنود وهُم يؤدون التحية والقائِد أمامنا مِن اليَسار يُحييّ عائِلة جَايك وقَبره

لَقد كانَت التَحية أن نَضع يَدنا اليُسرى خَلف ضَهرنا، الساقان قائِمتان بِجانِب بَعضهما، واليَد اليُمنى نَطوي أبهامنا ونَضع كفنا بِأعتدال عَلى قلوبنا، لَقد كانَت التَحية تعني أننا نُضحِي بِقلوبنا مِن أجل المَلِك والشعب

لكن هُنا كانَت ذو مَعنى مُختلِف، كانَت تَقول أننا سَوف نُضحي بِقلبنا مِن أجل أصدقائنا الجُنود، المتواجِدين والراحلِين مِنهم

"أسترخاء!" صَرخ القائِد مرةً أخرى يأمرنا أن نسترخِي، خَلعنا قُبعاتنا وَوضعناها بأيدينا اليُسرى، ونصف آخر وضعها بَين يده اليُسرى وأضلاعِه

أياً كان

حَمِلت الزهور البَيضاء ألتي قَد وَضعتها مُسبقاً بِجانبي على الأرض، الزهور البَيضاء التي رأيناها بِالغابة يوم أمس، لَقد حرصت على أحضارها، كان يُحيط بِها غِلاف وَرقي بُني باهِت اللَون، نَظرت وقَد وَضع الجَميع زهوراً عَلى قَبر جَايك ويُواسِي عائِلته

تَقدمت مِن قَبر جَايك، أخذت زَهره واحِدة وَضعتها عَلى قَبره بَين الزهور الكثيرة، وأخذت باقِي الباقة أُقدمها لِوالدته "لَقد كانَ مُعجَب بِهذه الزهور البَيضاء" قُلت بِهدوء لِتأخذه مِن يَدي بِبُطئ تَنظر لِلزهور وعادَت دموعها تَسقط بِلا توقف تَقربت أحتضنها وأبتعد صافحت الأب

وجَثوت أقترب مِن الطِفل الذي بدأ يُغطي وَجهه بِثياب والِدته ويَتمسك بِها بِيديه والقُبعة تُغطي أغلب وجهه بِسبب كُبر قِياسَها

"لَقد كُنت فِي المدينة ودَخلت إلى مَتجر دُمى خشبيه ورأيت هذِه" أخرجت تُحفة خشبية مِن جَيب بِنطالي والتي كانَت على شكل زهرة، أبعدَ ثِياب والِدته يَنظر بِفضول "لَقد كُنت سَوف أعطيها لِجايك لأنه يُحب الزهور، أعتقد أنها مِلكَك الآن" قلت بِأبتسامه خَفيفه

أخذها مِن يَدي بِتردد لِيقول بِخفوت "شُكراً لكِ" أقتربت أقرص خده وأقول بِهمس وأنا أبتسم "جَايك يُحبك كثيراً، لا تبكِ لِرحيله ولا تَحزن لأن عندها سَوف يَحزن جَايك أيضاً"، أومئ بِرأسه بِهدوء

وأنا أعلم أنه لَن يُفيده شيئاً مِن كلامِي سَوف تَبقى نُدبة بِقلبه حتى لو لَم يحزن

نَهضت أعود مَكانِي وعِندما كانَ القائِد يُريد أن يبدأ مَراسيم الرَحيل قاطعته رِيغان "أعذرني أيها القائِد، أُريد أن أقول شَيئاً أيضاً" أومئ لَها القائِد لِتتقدم مِن قَبره عَلى وشك أن تَقول شَيئاً

"أنا الجُندية التِي كانَ جَايك يُحاول أنقاذها.." كانَت تَتكلم ولَكن قَاطعها قدوم أحداً لَقد كُنت أعرفه أنه مُرسِل البرقيات الخاص بِعائلتنا، كانَ على ضَهر الحِصان الأسوَد يَركض بِسرعة وعِندما وَصل إلى خط الجنود تَوقف وهَبط مِن ضَهر الحِصان

"أعتذِر جِداُ عَن المُقاطعة لكنها برقية مُهمة جداً" قالَ وهُو يَلهث "إلى مَن؟" أسترسَل القائِد لِيرد "ثِينا أيفِيريا"

"حَسناً أعطني البَرقية ويُمكنك الذَهاب" نَظر لَه المُرسِل لِيعترض "سَيدي لا أستطيع، عَليها أن تقرأها الآن أنها مُهمة"، يبدو أنها حقاً مُهمة بِما أن المُرسِل قد أتى بِنفسه ولَم يُرسل أحد أتباعه

"سيدي أرجو أن تَسمح لِي" قلت بِهدوء "حَسناً تقدم" قالَ القائِد بِقلة حيلة لِيتَقدم يُعطيني الظَرف الورقي، وَضعت القُبعة تَحت يَدي وأخذت خَنجري وفصلت بَين الشَمع والضَرف الذي كانَ خَتم عائلتنا عَليه وبدأت أقرأ وأنا قلِقة مِن محتوى الرِسالة

سَقطت قُبعتي عَلى الأرض، وأنا أقف بِجمود أحاول أن أستوعب ما قرأته لِتوي...

........

أجلل شنو تتوقعون محتوى الرسالة؟

توقعاتكم عن القائِد جولِيان✨️؟

مارِيو الأخضر✨️؟

رِيغان وجايك؟

بالأنستا تسريبات وثيمات الأبطال تعالوا هناك!
@_wxzoi حساب الأنستا

دُمتم سالمين♡.

Continue Reading

You'll Also Like

9.1K 929 30
سبق و أن ذكرت قصصهم و عرف الجميع بوجودهم و لكن ألا يحق لهم أن يجتمعوا معا و يعيشوا كأي مملكة مجاورة ؟ ماذا لو حدث هذا ؟ فكما تكونت مملكة الهجناء على...
306K 21.5K 156
Tác phẩm: Toàn thế giới đều đang đợi người động tâm. Tác giả: Tố Tây Người gõ: Mia của bạn nè Beta: Hoa Hoa của bạn đây Ý là truyện này gõ nhanh quá...
205K 10.4K 89
Being flat broke is hard. To overcome these hardships sometimes take extreme measures, such as choosing to become a manager for the worst team in Blu...
310K 18.5K 40
You live in a different time zone Think I know what this is It's just the time's wrong