الكتـابات الكـاذبة

By roma_7m

7.3K 842 494

إذا كنت من عشاق الروايات الرومانسية و تبحث عنها دائمًا يسعدني أن أرحب بك في عالمنا الصغير السعيد.. للغاية. و... More

المقدمة..
الفصـ1ـل {جثتين}.
الفصـ2ـل {ماستها الرقيقه}.
الفصـ3ـل {سيارة محترقة}.
الفصـ4ـل {ليس في صالحك}.
الفصـ5ـل {بفعل فاعل}.
الفصـ6ـل {ألستِ القاتله؟!}.
الفصـ7ـل {سأثبت}.
الفصـ8ـل {تشبه والدتها}.
الفصـ9ـل {ستأتي}.
الفصـ10ـل {عم مدمن}.
الفصـ11ـل {إنتصار دَنِيءٌ}.
الفصـ12ـل {لذة مؤقتة}.
الفصـ13ـل {خبر حصري}.
الفصـ14ـل {تزييف الحقائق}.
الفصـ15ـل {ليمار}.
الفصـ16ـل {حديث فارغ}.
الفصـ17ـل {عوض في صورة مختلفة}.
الفصـ18ـل {عبث بعد الزواج}.
الفصـ19ـل {رسالة خفية}.
الفصـ20ـل {حقيقة مبعثرة}.
الفصـ21ـل {مصدر أمان، أم أذى!}.
الفصـ22ـل
الفصـ23ـل
الفصـ24ـل
تنويه هام صدقني
الفصـ25ـل {ليتك لم تصارحني}.
١- الكتـابات الأخيـرة .

٢- الكتـابات الأخيـرة .

239 25 15
By roma_7m

٢- الكتـابات الأخيـرة..

في المساء، تحديدًا في منزل "حمزة" الذي ذهب إليه "حاتم" برفقة أبنته لأنه لم يحبذ أبدًا الذهاب إلى منزله الخاص..
تأكد "حاتم" من نوم الصغيرة و خرج إلى غرفة المعيشة حيث يتواجد شقيقه و الذي كان يشاهد التلفاز في ذلك الوقت، بأعين متابعة لأحداث الفيلم و بعقلٍ شارد .

جلس "حاتم" بجانب شقيقه و هو يتنهد، نظر إليه قليلاً و تعجب من أن الآخر لم ينظر إليه أو حتى يلاحظ وجوده، لكزه في كتفه ببعض الحدة ليلاحظه الأخر ناظرًا إليه بإنتباه، تشدق "حاتم" بسخرية و هو يغمز له بمكر:
- إيه إلي واخد عقلك يا.. "حمزاوي" .

أعتدل "حمزة" في جلسته و هو ينظر إليه قائلاً:
- ولا حاجه عادي، أنت منمتش ليه لسه ؟!

نظر "حاتم" ناحية التلفاز ثم أجابه بهدوء:
- كنت قاعد جنب "ماسة" لحد ما نامت .
عاد بالنظر إلى شقيقه مجددًا و هو يردف:
- بعدين أنا مش خارج أنام، في مليون حاجه عايز اظبطها .
ثم تسائل بجدية قائلاً:
- متعرفش إيه أخبار المطاعم، بقالي كتير مش عارف حاجه عنهم .

ليجيبه "حمزة":
- إلي أعرفه إن "خالد" إلي ماسك كل حاجه دلوقتي، و الحسابات وكل حاجه تمام، بس لازم أنت تروح بنفسك تشيك على كل حاجه .

: ده كده كده، بكره هبقى أروح اظبط الدنيا كلها .

أردف "حمزة" متسائلاً:
- و بالنسبة لمراتك و بنتك هتعمل معاهم إيه ؟

تنهد "حاتم" شاردًا قليلاً ثم قال على مضض:
- كلام عم "صبري" فرق معايا جدًا الحقيقة، رغم إن فترتي في السجن كنت بحاول أفكر و أعيد حساباتي في كل شئ، بس هو خلاني أكتشف طريقة تفكير جديدة مكنتش واخد بالي منها، رتب لي أموري من مجرد كام جملة، عشان كده قررت إني هاخد بالي من بنتي على قد ما أقدر، و "ليمار" عايز أروح ازورها أتكلم معاها شوية بهدوء، و أتمنى هي مترفضش الزيارة وقتها .

ربت "حمزة" بيده على كتف شقيقه يؤازره في ما ينوي عليه:
- متقلقش أظن هي كمان هتبقى عايزه تتكلم .

تنهد "حاتم" قائلاً:
- أتمنى، المهم أنت إيه دنيتك ؟

أجابه بلا مبالاة:
- شغل عادي مفيش حاجه جديدة .

أومأ "حاتم" ثم قال بصبر:
- اممم، و "أمينة" ؟!

تصنع "حمزة" عدم الفهم و هو يقول بتهرب:
- مالها !

ضرب "حاتم" أخيه على قدمه و هو يقول بحنق منه:
- يا جدع اتلم بقا، البت هتخلل جنبك .

صاح "حمزة" بضيق:
- طب أعمل إيه يعني كنت أروح اتجوزها و أنت في السجن !

ضحك "حاتم" بصخب فجأة وهو يقول بنبرة منتصرة:
- أهو قولتها تتجوزها يعني في نية للجواز، في نية للارتباط و إنك تتلم وكده، معنى كده إنك بتحبها أو لسه بتحبها .

تنهد بسعادة و هو يريح جسده على المقعد:
- هكلمها و أقولها دي هتفرح أوي .

نظر إليه "حمزة" قليلاً بضجر ثم قال:
- أنا ليه بحسك من بقية أهلها هي مش من بقية أهلي أنا .

نظر إليه الأخر بتقزز قائلاً:
- عشان هي بت جدعه، إنما أنت حمار .

أشاح "حمزة" بيده و هو يوجه رأسه بعيدًا عن شقيقه:
- طب يا سيدي شكرًا .

رفع "حاتم" إصبعه بتحذير في وجه الآخر قائلاً:
- قدامك أسبوع يا أبن "مأمون" أكون ظبطت فيه دنيتي، تجيب الشبكة و نروح نتقدم للبت و تشوف لك صحيح مهندس ديكور محترم يظبط لك الشقة دي لو هتقعد فيها معاها أكيد مش هتقعدها في الشقة و هي بالمنظر العرة ده .

ضحك "حمزة" بعدم تصديق و هو يقول:
- ده أنت اتقمصت دور الحما بجد بقا

نهض "حاتم" و هو يقول بتكبر زائف:
- أنا خلصت كلامي .

توجه بخطواته نحو الداخل تحت أنظار الأخر الساخطه، توقف فجأة و التف لأخيه مرة أخرى قائلاً بهدوء:
- و صحيح بعد ما تخطب "أمينة" و أنا اظبط دنيتي، بفكر أنقل القاهرة مع "ماسة" .

عقد "حمزة" حاجبيه بعدم فهم ثم قال:
- فجأة كده أشمعنا ؟!

رفع "حاتم" كتفيه ببساطة و هو يقول:
- تغير مكان و أجواء، يمكن يفرق معاها شوية، و كمان أنا محتاج ده، مش حابب أروح بيتي الحقيقة و مظنش إن هي هترتاح فيه برضو، فـ هبيعه و هنقل لمكان تاني كويس هناك .

لم يحبذ "حمزة" تلك الفكرة كثيرًا كون أن شقيقه سيبتعد عنه، لن يستطيعوا الوصول إلى بعضهم إلا بعد ساعات من السفر من محافظة لأخرى، و هو للأسف يعلم أن ذلك في مصلحته، ولكن يصعب عليه الأمر..
: طب و حياتك و شغلك هنا ؟!

ليجيبه الأخر:
- شغلي هنا في زيه هناك كده كده، و بالنسبة لك أنت أنا مش هسيبك، أسبوع بأسبوع هيبقى لينا قاعدة محترمة مع بعض و التليفونات دايمًا مفتوحه .

تنهد "حمزة" بقلة حيلة و لكنه رغم ذلك أبتسم بهدوء و هو يقول:
- طالما ده هيريحك، و في مصلحتك أنت و بنتك، أنا معنديش مانع .

بادله "حاتم" الإبتسامة بخفة ثم قال بهدوء:
- تصبح على خير .

رد عليه الآخر بخفوت:
- و أنت من أهل الخير .
_____________________

صف سيارته أمام المطعم، ليرى حالة غريبة في المكان من الداخل، العديد من الأشخاص يدخلون و يخرجون بطاولات و معدات و أشياء أخرى، عقد حاجبيه بعدم فهم و هو ينزل نظارته الشمسية قليلاً للأسفل يتابع ما يحدث بتعجب، هبط من سيارته فجأة و هو يتمتم بعدما لم يستطيع تفسير أي شئ من ما يحدث هنا:
- إيه الجنان ده، في إيه!

توجه نحو الداخل مباشرةً ليرى أن ما يحدث بالداخل مختلفًا تمامًا، فالبعثرة التي بالداخل مضاعفة لما بالخارج بمراحل، لا يوجد شئ واحد على حاله و كأن المطعم أنفجر به قنبلة نووية، دلف إلى الداخل بخطوات بطيئة يرى ما يحدث بأعين فاحصة و شعور بالغضب ينمي داخله رويدًا رويدًا، فجأة شعر بجسد يندفع نحوه بعنف و هو يحتضنه قائلاً بسعادة:
- يا صاحبي، عاش من شافك .

أبتعد "حاتم" عن الشخص ليرى "خالد" الذي واضحًا بشدة عليه أنه يتصنع الود، صاح "حاتم" متسائلاً:
- إيه إلي بيحصل هنا يا "خالد" !

أجابه "خالد" و هو يمسك بذراعه:
- تعالى بس المكتب في الهداوه أقولك على كل حاجه .

أبتعد "حاتم" عنه بضجر و هو يقول:
- بلا مكتب بلا نيلة، عايز أفهم إيه إلي بيحصل هنا دلوقتي .

نظر "خالد" حوله بالقليل من الارتباك ثم أعاد بنظره إلى "حاتم" قائلاً على مضض:
- دي شوية تظبيطات كده عشان حفلة بليل .

تسائل "حاتم" بعدم فهم:
- و إيه حفلة بليل دي مش فاهم ؟!

أبعد "خالد" وجه عن الآخر بتهرب ليمد "حاتم" يده ناحية وجه و جعله ينظر إليه مجددًا قائلاً بصرامة:
- حفلة إيه يا "خالد" !!

أبتلع "خالد" ريقه بإرتباك و هو ينظر حوله يتأكد أن الأنظار ليست عليهم، ثم قال:
- حفلة يا "خالد" يعني حاجه كده للبلوجرز و الفنانين كدعاية للمكان .

لم يفهم، حقًا لم يفهم "حاتم" لما يقومون بحفلة خصيصًا لهولاء المشاهير، طالما يريد شخصًا منهم القدوم و تناول وجبة لذيذه في مطعمه، أهلاً به و سيعامل على أكمل وجه..
: معلش بس حفلة إيه إلي تتعمل مخصوص للناس دي، و دعايا إيه، هو إحنا محتاجين !!

أجابه "خالد" قائلاً:
- يا بني دول ناس عندهم ملايين الفولورز على الـ social media يعني الشخص الواحد لما يجي و يعرف الملايين إلي معاه على قد إيه المطعم جميل و راقي أنت متخيل كام شخص هيجي هنا و هنكسب قد إيه .

نظر "حاتم" أمامه قليلاً واضعًا يديه على خصره و كأنه يفكر في الأمر ثم قال:
- أممم دعايا كويسة يمكن كان في واحد كان عايش في كوخ طول الفترة إلي فاتت دي و ميعرفش لسه عن المطعم سبحان الله، و على كده بتكسب كام في الليلة دي ؟!

لم يجيبه "خالد" بل نظر بعيدًا و كأنه يتهرب من السؤال، ثم نظر إليه مجددًا قائلاً بإبتسامة مصطنعة حتى يخفي بها ارتباكه:
- بقولك إيه ما تيجي تشوف التحضيرات دي حاجه عالية أوي .

أبتعد "حاتم" عنه و هو يعيد سؤاله بصرامة:
- بنكسب كام يا "خالد" في الليلة دي ؟!

ليجيبه "خالد" و هو يدعي في داخله أن يمر الأمر على خير:
- نكسب إيه يا "حاتم" دي دعايا، يعني إحنا دافعين للناس عشان يجوا يقولوا المكان هنا كويس، المكسب لما الزباين يجوا بعدين، بعد الدعايا إلي هتتعمل .

تطلع "حاتم" إليه بصدمة و لم يتمالك نفسه أكثر من ذلك بل صاح به:
- يعني صارف على تظبيط المكان لشوية ناس تافهه عشان يجوا يقولوا قد إيه المكان تحفه، ما هو تحفه و دايمًا الـrate بتاعه عالي نقصنا إحنا شهادة الناس دي !! أنت بتضيع فلوسنا في تفاهات .

تحدث "خالد" بحنق تلك المرة من طريقة حديث الأخر:
- تفاهات !! التفاهات دي إلي هتجبلنا فلوس و هتعلي الـrate بتاعنا أكتر، بعدين وطي أم صوتك ده في ناس حوالينا .

تشدق "حاتم" بتهكم ثم قال بنبرة ساخرة:
- فارق معاك الناس صح !!
أومأ بتوعد قبل إن يقول:
- تمام أوي ..
نظر لهؤلاء الذين ينظمون المطعم لتلك الحفلة العبثية من وجهة نظره، ليقول بصوتٍ عالٍ:
- يلا يا جماعة المسرحية فركش، كله يغور في داهية من هنا .

تبادل الأشخاص النظرات المتعجبة و منهم من نظر لـ"خالد" بتساؤل و عدم فهم لما يحدث ليصيح "حاتم" مجددًا بهم:
- ما يلا يا عم أنت و هو من هنا، لازم أعيد كلامي مرتين !!

بدأوا جميعهم يلملمون أغراضهم و يغادروا من المكان تحت تمتمات و همسات ضجره من ما حدث و غيرها متسائلة و غير فاهمه..
و كان "خالد" يتابع كل هذا بأعين حاجظه و تضخم بداخله شعور بالضيق و الغضب إتجاه "حاتم" الذي ترك كل هذا و هاتف المحاسب ليأتي له و صعد في إتجاه المكتب الخاص به، ذهب خلفه "خالد" بغضب و هو يقول:
- أنت عبيط يالاا، أنت عارف أنا دافع كام في الليلة دي كلها .

ليجيبه "حاتم" بنبرة باردة:
- ربنا يعوض عليك يا غالي .

قالها "حاتم" و هو يدلف إلى غرفة المكتب ليصيح به "خالد" مجددًا:
- أنت بتخسر المطعم كده علفكره مش أنا، أنا كل إلي يهمني مصلحة المطعم .

نظر إليه "حاتم" قائلاً بهدوء شديد:
- لا يا "خالد" أنت كل إلي يهمك الـshow بس، و أنا جاي أصلح العك إلي كنت بتعمله، في الليالي دي لو كنت بتكررها كل شوية، شوف خسرنا قد إيه، و قسمًا بالله يا "خالد" لو عرفت إن كل ده كان على حساب المطعم متلومش إلا نفسك بعد كده .

أرتبك جسد الأخر في نهاية حديث "حاتم" و لكن لم يراه هو بسبب إنشغاله في شئ آخر، و لأجل إن يخفي ارتباكه صاح بهجوم عليه:
- بقولك إيه، متعمليش فيها السوبر هيرو الجامد إلي جي يصلح الدنيا، أنا لولايا كان زمان البيزنس بتاعك كله وقع أنا إلي صحيت الدنيا من بعد فضيحتك و قعدتك في السجن بالشهور .

نظر إليه "حاتم" قليلاً بتعجب و كأنه لا يعرفه، أين ذهب صديقه "خالد" الذي كان داعمًا له في كل شئ و كان الصديق الصدوق الوفي، من هذا الذي يقف أمامه و يقوم بإذلاله بهذه الطريقة، ظل هكذا ينظر إليه قليلاً بشرود فاجأه بسؤال:
- أنت إلي قولت لـ"ليمار" على حوار "شروق" ؟

عقد "خالد" حاجبيه بعدم فهم و عاد الإرتباك له من جديد ليقول:
- مش فاهم ، إيه إلي فتح الموضوع ده فجأة !

ليجيبه الأخر قائلاً:
- مكنش في حد غيرك عارف تفاصيل الحوار ده .

أبتلع ريقه بتوتر ثم قال بتلعثم:
- هي، هي ...

رفع "حاتم" يده يقاطعه في الحديث بصرامة:
- مش عايز أسمع منك حاجه، هي خلاص كده انتهت، أنت عملت أقذر حاجات تخليني مثقش فيك تاني، فاكر نفسك إنك إلي مصحي الدنيا، في داهيه أنت و مجهوداتك، أنا متنازل عنهم .

إنهارت حياة "حاتم" من حوله مجددًا صديقه خانه و خان سره و يذله على ما حدث له، و يقوم بفعل أشياء تافهه للترويج عن مطاعمه يرى أنها غير مجدية بتاتًا لأنه لا يحتاج لتلك الأشياء، هراء ما يحدث ما هو إلا هراءً..
و لكن لا وقت للإنهيار من الأساس، يجب إنقاذ كل شئ .

حتى و إن لم يكن "حاتم" مدركًا ما حدث بالتفاصيل مئة بالمئة، و لكن يكفي أن نكون مدركين أن نية "خالد" كانت سيئة من البداية و لم يكن بالملاك أبدًا .

جاء المحاسب و قاموا بفعل العديد من الأشياء و ظهر أن "خالد" كان يأخذ حقًا من نقود المطعم لتلك الحفلات العبثية، حتى أنه كان يختلس نقود لأجل حسابه الشخصي..
من ما جعل "حاتم" يوجه له تهمة اختلاس بدون خوف أو تردد للحظة واحده .
_____________________

يسير في ممرات مشفى المسنين الخاصة بـ"أمينة" متجهًا مباشرةً إلى غرفة المكتب خاصتها و على شفتيه ترتسم إبتسامة جذابة، يشعر بالسعادة من داخله لإقدامه على أخذ تلك الخطوة و قد كانت، طلب يدها للزواج .
أقتنع بحديث شقيقه و قرر إعطاء لعلاقتهم فرصة أخيرًا بعيدًا عن كل ما عاشوه و عانوه سويًا، ليقرر الزواج بيها و عيش ما تبقى في حياته من معاناة معها وحدها إلى الأبد .

دلف إلى الغرفة بدون طرق ليجدها تمسك بهاتفها و تعبث به و على ملامحها علامات الضجر بوضوح، أقترب منها و هو يبتسم بخبث قائلاً:
- إيه يا دكتورة، سايبه الدنيا و قاعدة على التلفون هنا !

رفعت نظرها له لتبتسم بإتساع و قد سعدت بشدة لقدومه، تلك الفترة التي كان بها "حاتم" بالسجن كانت الفترة التي قربتهم من بعضهم أكثر بسبب اعتنائها بـ"ماسة" في وقت إنشغاله، لذا تعتبر من أجمل فتراتها التي عادت علاقتهم تتحسن بها مجددًا و أخيرًا، اعتدلت في جلستها و هي تترك الهاتف جانبًا ثم قالت:
- وه البشمهندس هنا فجأة كده، ياترى جاي في مصلحة إيه .

جلس على مقعد أمامها قائلاً بضحكة خافتة:
- مصلحة يا معفنة !

لتجيبه قائلة بمشاكسة:
- أصل كان بقالك شهور بتيجي في مصلحة .

ضحك بخفة و هو يقول:
- ده من إعتاد القلق بقا..
ثم قال بإبتسامة هادئة:
- عمومًا يا ستي لا مش جاي في مصلحة .

غمزت بمرح و هو تقول:
- الكلام على إيه يا "حمزاوي" .

تنهد "حمزة" ثم قال بإبتسامة:
- "حمزاوي" لقى بنت الحلال إلي تناسبه و إلي حبها بجد، و قرر يكمل نص دينه .

و في الحقيقة كانت ردة فعلها عكس المتوقع تمامًا !
تهجم وجهها و تحولت فجأة تعابيرها المرحة إلى أخرى حانقة و هي تضرب بيدها على سطح المكتب بغضب و غيرة تملكت منها لإعتقادها أنه يتحدث عن أخرى:
- تكمل نص دينك إيه يا معلم أنت كنت ملحد! بعدين جاي تقولي ليه ما تروح تقولها، و لا أنا بقيت في مكانة البيست فريند بجد، أنت صدقت نفسك! ما تصطبح يا باشا على الصبح و متخلناش نقول كلام غلط .

أعتدل في جلسته و هو ينظر إليها بصدمة ليقول بتلعثم:
- "أمينة" أهدي، أنتِ فاهمه غلط .

أشاحت بيدها بضجر و هي تقول:
- بلا غلط بلا بتاع بقا ياعم .

قاطع حديثها بحزم قائلاً:
- "امينة" أنتِ البنت إلي قصدي عليها، أنتِ نص ديني، أفهمي يخرب بيتك .

تهدلت تعابير وجهها ناظره ناحيته بعدم إستيعاب، أشارت ناحيتها ببلاهة ثم قالت:
- أنا نص دينك !

ضحك بخفة و هو يقول:
- أيوه أنتِ .

وقف من على مقعده و سار ناحيتها مخرجًا من جيب معطفه علبة صغيرة باللون الأزرق، فتح تلك العلبة و وجهها إليها ليظهر خاتم براقًا من داخله، وقفت قابلته و عينيها متسعة و مازالت غير مستوعبه لما حدث، وضعت يديها على فمها و عينيها تلتمع بإعجاب شديد له و لما يحدث، نظرت إليه و إلى الخاتم عدة مرات بعدم تصديق، أزالت إحدى يديها من على فمها لتقول بخفوت أثر صدمتها:
- ده بجد ؟!

أومأ بإيجاب و هو يبتسم بإتساع، ضحكت بسعادة عندما أخذ يدها و قال بنبرة عاشقة لها وحدها:
- تقبلي تكملي معايا حياتي إلي مفيهاش ولا أي حاجه مظبوطه ولا صح، و تكوني مراتي و أكون أنا آمانك إلي باقي من عمرنا .

ضحكت بعدم تصديق لتقول فجأة ما جاء في عقلها و لم تستطيع كبته في وقتٍ كهذا:
- أنت بقيت رومانسي كده أمتى !

أغمض عينيه بيأس من حديثها الأبله الذي دائمًا ما يأتي على غير معاده ليضحك هو الأخر قائلاً:
- عديها و عيشي اللحظة الله يحنن عليكِ، أسكتي .

أومأت عدة مرات و هي تضحك بمرح، ألبسها هو الخاتم بحنان و رقة لتبتسم بإتساع و مازالت مصدومة من ما يحدث من حولها، أمسكت بيده ثم قالت:
- يا ربي مش مصدقة نفسي يخرب بيتك .

ضحك بخفة و هو يقول:
- بتدعي عليا ليه دلوقتي!

ضربته في كتفه و هي تقول ببعض الحنق:
- طلعت عيني يا أخي ده أنت مستفز .

جلست على مقعدها و هي تنظر إلى الخاتم بإعجاب شديد برونقه الجذاب لتجده يقول بمرح:
- أنتِ عجبك الخاتم و سيباني!

في الحقيقة، بعيدًا عن أمر الخاتم و لكنها حقًا تشعر بالخجل لم تكن تتوقع أبدًا إن يحدث ذلك، حتى أنها فقدت الأمل و تناست الأمر و لكنه فاجأها بطلب يدها للزواج!، لتدرك أنه لم ينساها، هو فقط كان منتظر الوقت المناسب لذلك، لم تضيع دعواتها بإن يجعلها الله في حلاله هباءًا؛ و ما لم تدركه تلك البلهاء، أنه كان يدعو إن تكون له مثل ما كانت تفعل تمامًا، أو ربما أكثر .

أستمعت إليه و هو يقول بنبرة دافئة:
- بحبك .

قالت له بضيق تحاول أن تداري به خجلها:
- بس بقا بجد مش بحب الكلام ده .

ضحك بيأس على تصرفاتها ليعتدل في وقفته و هو يقول:
- كنت واثق إن ده إلي هيحصل .

نظرت إليه و ضحكت هي الأخرى؛ بينما هو كان سعيد بشدة، بل يكاد يطير من شدة سعادته، ما ظنه في يومًا ما مستحيلاً أو حتى صعب الحدوث، حدث و يستطيع القول إن أصبحت لحياته معنى الأن فقط .
_____________________

يجلس على إحدى المقاعد في تلك الغرفة الواسعة الكبيرة المخصصة للزيارات في السجن و حوله العديد من الأشخاص الذين أتوا لزيارة أهلهم و أقاربهم أيضًا، يجلس منتظرًا مجئ زوجته إليه، حتى يتحدث معها فيما يريد، يهز قدميه شاعرًا ببعض التوتر من إن يحتد ذلك النقاش بينهم بأي طريقة كانت، هو فقط يريد مقابلتها قبل إن ينتقل إلى القاهرة رفقة أبنته، دقيقتين فقط و ظهرت أمامه لينظر إليها ببعض اللهفة فوجدها تنظر إليه بتقزز قائلة:
- هو أنت !

أبتسم بتهكم و هو يقول:
- كنتِ مستنية حد تاني ولا إيه ؟!

جلست أمامه واضعه قدم فوق الأخرى و هي تقول بنبرة باردة:
- أميرة كانت بتجيلي كل شوية ففكرت هي، لو كنت أعرف إن أنت الحقيقة مكنتش جيت .

أومأ بخفه و هو يضحك بسخرية قائلاً بخفوت بينه و بين ذاته و هو ينظر إلى الأسفل:
- أمر متوقع .

قالت بتساؤل:
- خرجت أمتى صحيح ؟؟

إجابها بنبرة هادئة:
- من أسبوع، بس كنت محتاج اظبط كذا حاجه قبل ما أجي أشوفك .

لم يجد منها ردة فعل فقط تنظر ناحيته بهدوء و فجأة اقتربت منه قليلاً قائله بوقاحة:
- وأنا مطلبتش منك تيجي و مكنتش مستنياك أصلاً .

ضحك بسخرية مرة أخرى فماذا كان يتوقع منها على أية حال، ليقول بوقاحة أشد:
- طب ما تفكك من جو الاسترونج إلي أنتِ فيه ده و إلي قادرة على التحدي و المواجهة عشان من وشك باين إنك مش بتنامي أصلاً و خسيتي كتير، خلينا نتكلم زي أي أتنين عاقلين متحضرين .

تهجم وجهها و كادت أن تصرخ في وجه و لكنه قاطعها بصرامة:
- متفكريش تعلي صوتك عشان إحنا هنا مش في بيت أبوكِ، إحنا في سجن حضرتك .

تنفست بغضب فطريقتها الوحيدة للتعبير عن غضبها لن تستطيع فعلها الآن، كل ما يجب عليها فعله كبت المشاعر التي بداخلها رغمًا عنها..
: العقل و التحضر ده أنت محيته ما بينا، و دلوقتي كل إلي أقدر أقوله لك، طلقني .

قال ببساطة و هدوء شديد:
- مش مطلق .

نظرت إليه بغل و غضب ليقول بتهكم:
- إيه هترفعي عليا قضية خلع !

قالت بغيظ:
- أنت بقيت سخيف علفكره .

تنهد يستعيد ثباته ثم قال:
- مبدأيًا كده عدي الفترة بتاعتك على خير عشان تطلعي بدري بدري، بنتك محتاجه لك .

عقدت حاجبيها بقلق ثم قالت بتساؤل و هي تعتدل في جلستها:
- مالها "ماسة" ؟!

: دخلت في حالة اكتئاب، بُعدنا إحنا الأتنين عنها أثر فيها بشكل كبير، مش بتتكلم مع حد، مش راضيه تقعد مع حد، بقت منعزلة جدًا .

أتسعت عينيها بصدمة و هي تنظر إلى الأسفل قائلة بشرود:
- "ماسة" كانت اجتماعية جدًا، منعزلة إيه !!

قال لها بهدوء:
- أنا هخدها و نروح القاهرة و هعرضها على كذا دكتور نفسي و أتمنى تتحسن وقتها شوية .

نظرت إليه بصدمة لتقول بحدة:
- القاهرة، أنت بتبعدها عني !

ليجيبها قائلاً:
- لا طبعًا بس هي لازم تغير المكان ده هيفرق معاها و أنا نفسي مش حابب أفضل هنا، هبيع شقتنا و أمشي بعد خطوبة "حمزة"، لكن مش معنى كده إني ببعد عنك أو ببعدها عنك، ده مش هيحصل .

زفرت بضيق ثم قال:
- طيب أنا عايزه أشوفها .

: حاضر، بس على الأقل بلاش دلوقتي .

زفرت مرة أخرى و هي تضع يديها على وجهها، ظلت هكذا قليلاً حتى رفعت وجهها و نظرت إليه قائلة:
- "حاتم" أنا دلوقتي مش عايزه منك حاجه غير إنك تاخد بالك منها، أنا مش عارفه ممكن أشوفها تاني ولا لأ، ولا حتى إيه ممكن يحصلي هنا، عشان كده لو سمحت، متسبهاش لوحدها، نفذ دورك و واجبك اتجاهها بس .

أومأ "حاتم" بإيجاب ثم قال بنبرة دافئة، يحاول بها إن يطمئنها:
- صدقيني أنا مفيش حاجه في دماغي دلوقتي غيرها، متقلقيش، و كل أسبوع هبقى عندك .

لتقول بحنق:
- أنا مش عايزه أشوف وشك غير عشان أعرف أخبارها مش أكتر، و المره الجاية تجيلي بورقة طلاقي، جو الزوج الحنون ده مش جوك، ديل الكلب عمره ما يتعدل .

أقترب بها قليلاً ليقول بخفوت و هو يجز على أسنانه بغيظ:
- أنتِ قلة أدبك دي كبرت في دماغي أكتر فكرة إني مطلقكيش، و مش هطلق و إلي عندك أعمليه .

أنهى حديثه و نهض يغادر تاركًا إياها تنظر في أثره بضيق و غيظ، في الحقيقة هو لا يريد الطلاق ليس لأنه متملك أو أناني أو أي شئ من هذا القبيل، و لكنه فقط متمسكًا بها بعدما أدرك قيمتها، متأخرًا !
أدرك أن ما كان يفعله كان بلا معنى و بلا قيمة، و ما كان غير مكترثٍ به هو الذي كان ذو قيمة حقيقة، لذا لن يطلقها، علها تخرج في يوم من الأيام و يستطيع الفوز بقلبها من جديد..

أما هي، فهي لا تطيقه، لا تحبه، و لكن ذلك التغير البادي على وجه يجعلها تشعر بالإرتياح و لو قليلاً..
و الثنائي مشاعرهم متأخرة بشدة .
_____________________

توقف قلمها عن تدوين أي شئ، توقفت يديها عن الكتابة، توقف عقلها عن إبتكار أو الإبداع في أي فكرة جديدة تخطر على خاطرها، و دعونا نقول أن بتوقف كل شئ، توقفت حياتها، الكتابة بالنسبة إليها كانت الملجأ الوحيد لها، كانت جزء من حياتها إذا لم تكن حياتها بالكامل، و لكن ما عاشته جعلها تفقد ذلك الشغف إتجاه ما تحب، و ببعدها هذا فقد نُسيت من قبل معجبيها الذين كانوا مهوسون بها و بكل ما تكتبه، أصبحت متضهده منهم بشكل كبير بسبب تأخرها، و بعضٍ منهم فقط البعض من يختلقون لها الأعذار و يدافعون عنها و عن غيابها .

كانت تجلس على فراشها أمامها الحاسوب المحمول تفتحه على البرنامج الذي تكتب عليه، تنظر إليه فقط بشرود بينما تضع يديها أسفل ذقنها و تسند ذراعيها على فخذيها و هي مربعة القدمين، زفرت بضيق و هي ترفع رأسها للأعلى قائلة بتنهيدة:
- يارب .

إقتحمت عليها شقيقتها الغرفة لتنظر إليها بتعجب من حالتها تلك لتردف قائلة:
- في إيه مالك ؟!

نظرت إليها و وجهها منكمش بضيق:
- بحاول أكتب يا "رحمة" مش عارفه، الأفكار زيرو، مفيش .

جلست بجانبها "رحمة" و هي تقترح عليها أمرًا بجدية:
- طب جربتي تقرأي الفصول إلي قبل كده ممكن يجيلك منها أفكار !

أومأت "شروق" بخفة و هي تقول:
- أمم عملت كده، بس مش عارفه برضو أعمل حاجه .

أغلقت "رحمة" الحاسوب ثم نهضت قائله و هي تجذب يد شقيقتها:
- طب قومي .

حاولت "شروق" جذب يدها من بين يدي شقيقها و هي تقول بحنق غير راغبة في النهوض بأي شكل:
- عايزه إيه !

لتقول "رحمة" :
- أنتِ طول الفترة إلي فاتت دي مش عايزه تعملي أي حاجه حتى تغير من مودك شوية عشان تعرفي ترجعي لحياتك، مش فاهمه إيه إلي مغيرك كده .

هزت "شروق" كتفيها بحيرة قائلة بيأس:
- معرفش، بس فاقدة الشغف .

اقتربت منها "رحمة" قائلة بإبتسامة حنونة:
- مفيش حاجه تستاهل إنك تضيعي حياتك عشانها، يلا روحي الحمام خدي دوش محترم و هنخرج أنا و أنتِ .

و لم تترك لها المجال للإجابة بل ذهبت مسرعة نحو خزانتها و أخرجت منها بعض الملابس، ثم أخذت منشفة و وضعتها فوق الملابس التي بيدها و توجهت مجددًا نحو شقيقتها و وضعت في يدها الثياب و الأخرى تنظر إلى ما تفعله بتفاجئ، أجبرتها "رحمة" على النهوض و دفعتها خارج الغرفة و تحديدًا نحو الحمام الملحق بمنزلهم .

لم تترك لها فرصة للاعتراض حتى و أغلقت خلفها باب الحمام، أبتسمت بخبث و هي تضع يديها في خصرها و تنظر أمامها و فكرة ما تجول في خاطرها، نعم، نعم ستفعلها .

ذهبت إلى غرفة "شروق" و أخذت هاتفها و إستطاعت فتحه بسهولة بسبب بصمتها التي على الهاتف بالفعل، فتحت إحدى مواقع التواصل الإجتماعي و بدأت في تكتب شيئًا ما على حساب شقيقتها الخاص و هي تبتسم بخبث وحماس، ثوانٍ حتى انتهت و قامت بنشر ما تريد و قامت بعمل إشارة للجميع حتى تصل للجميع رسالة بذلك المنشور، أغلقت الهاتف و وضعته في محله مجددًا لتجد شقيقتها تقتحم الغرفة و على وجهها علامات التهكم و هي تتجه ناحية الطاولة التي تحتوي على أدوات العناية ببشرتها وجسدها:
- يعني هاخد دوش من غير حتى الشامبو إزاي يا مؤمنة .

أخذت ما تحتاجه و ألتفت و كادت أن تخرج من الغرفة مجددًا و لكن استوقفها صوت اشعارات عديدة من هاتفها حتى شعرت بوجود خطب ما لأن صوت الاشعارات كانت متتالية و سريعة، ذهبت سريعًا إلى هاتفها و هي تضع اشياءها جانبًا لتمسك به، فتحته لتجد الاشعارات ليست إلا تعليقات قادمة من إحدى منشوراتها على إحدى البرامج، فتحت البرنامج و هي تتمتم بعدم فهم بعدما جلست على الفراش:
- في إيه أنا منزلتش حاجه !!

دخلت على المنشور لتجده قد مر عليه خمس دقائق فقط من وقت نزوله و كان المنشور بكل بساطة عبارة عن:
|I'm back|

أتسعت أعين "شروق" بصدمة و هي تضع يدها على فمها، وقعت عينيها على التعليقات لتجد العديد منهم المشجع بشدة لها و السعيد بعودتها، و منهم من يستهزئ بالأمر و يظن أنها ستعود يومين فقط و ستختفي مجددًا، و منهم من لم يكن يدري أو داريًا بإختفائها من الأساس !!

لم تتأثر بأي تعليق بل كل ما كانت تشعر به الأن هو الصدمة فقط، أبعدت يدها عن فمها و هي تصيح بهلع:
- باك إيه أنا مابكتش مين قال إني باكت إيه ده، مين نزل الـpost ده !!

رفعت "رحمة" رأسها للأعلى و هي تتصنع الشرود في سقف الغرفة، نظرت "شروق" إلى شقيقتها بشك للحظات، رمت الهاتف جانبًا بحدة و هي تقبض على يديها حتى لا تهجم عليها و تضربها، أغمضت عينيها تحاول تمالك نفسها ثم قالت:
- "رحمة" please متقوليليش إنك أنتِ إلي نزلتي الـpost ده و كمان من ورايا .

لم تجد إجابة منها غير نظرة جانبية من عينيها، لتصيح "شروق" بحدة مجددًا:
- ما تردي على أهلي .

صاحت "رحمة" بإرتباك من صراخ الأخرى بها بتلك الطريقة:
- ما أنتِ بتقولي مقولكيش إني عملت كده فـ مش هقول .

ضحكت "شروق" بعدم تصديق لتقول بتهكم دون وعي منها:
- آه و أنتِ كده الأخت الجامدة إلي مفيش منك إلي بتحط أختها قدام الأمر الواقع صح !!

نظرت إليها "رحمة" قليلاً بدون إجابة فقد شعرت بالضيق من حديثها قليلاً ثوانٍ و أجابت عليها:
- آه بحطك قدام الأمر الواقع، عشان لو مكنتش عملت كده مكنتيش هترجعي و يمكن نعدي سنة كاملة كمان و أنتِ مكتبتيش حرف و هتفقدي حياتك أكتر ما أنتِ فقداها بسبب إنك سايبة الكتابة ورا ضهرك، أنتِ مش شايفه نفسك يعني و مش شايفه حالتك دي، يا ستي يخرب بيت أي حاجه تدايقك و تخليكِ في الحالة دي، مستقبلك و إلي بتعمليه أهم من كل نيلة تانية في حياتك، متفرطيش فيهم عشان شوية زعل ولا حاجات أنتِ ملكيش علاقة بيها أصلاً .

صاحت بها "شروق" بغضب:
- لأ ليا أنا عيشت فترة في كدبه وحشة أوي يا "رحمة" و أثرت فيا للأسف .

: لا يا "شروق" أنتِ إلي مخليه نفسك تفكري في الموضوع ده و عامله فيها متأثرة و مش عارفه تتخطيه، لا اتخطي و عيشي، و في ستين داهية أي حاجه تانية .

تشدقت "شروق" ثم جلست على الفراش واضعه رأسها بين يديها ثم قالت:
- الكلام سهل يا "رحمة" مش كده !

أدركت "رحمة" أن شقيقتها تسخر منها فقط الآن لتجلس بجانبها واضعه يدها على كتفها قائلة بلطف تلك المرة:
- آه يا "شروق" الكلام ساهل، بس التنفيذ مش مستحيل ولا صعب، أنتِ مش واخدة بالك إن عشان تنجحي في تخطي كل إلي حصل مفيش حاجه هتساعدك ولا تداوي كل جراحك دي غير الكتابة، ملجأك الوحيد و حياتك كلها زي ما كنتِ بتقولي دايمًا، هتستغني عن الشئ الوحيد إلي بيخفف عنك كده ببساطة، كلام الناس و رأيهم في كتاباتك هو إلي هيخرجك من كل إللي أنتِ فيه، مش قعدتك على السرير و انعزالك عن العالم خالص علفكره، مش بقولك تفتحي بفصل علطول عشرتلاف كلمة، لا مجرد خواطر ولا نصوص واحدة واحدة حاجات بسيطة تحيي روح "شروق التهامي" من تاني جواكِ و تعيد ثقة الناس فيكِ، حتى لو بخواطر حزينة لكن يكفي إنك تكتبي و ساعتها شوفي هيحصل فرق ولا لأ، يمكن غلطك إنك لما جيتي تكتبي جربتي بفصل علطول، لأ واحدة واحدة صدقيني كله هيجي و هتحسي بتحسن جامد جدًا .

صمتت قليلاً ترى تأثير حديثها على وجه شقيقتها لتبتسم بعدما رأتها قد بدأت التفكير في الأمر بشرود، لتسترسل حديثها بنبرة المرح:
- و آه بحطك قدام الأمر الواقع لمرة تانية .

أمسكت هاتف "شروق" الذي كان مرمي جانبًا بعشوائية و فتحته على المنشور مباشرةً لتمد يدها بالهاتف إلى شقيقتها قائلة بنبرة حنونة:
- عشان لما الناس تشوف إنك راجعة و تشوفي أنتِ تعليقاتهم تتحمسي إنك ترجعي و بقوة، أنتِ بجد في ناس كتير بيحبوكي .

أمسكت "شروق" الهاتف بتردد و بدأت تقرأ التعليقات الجميلة و اللطيفة من معجبيها، ظلت هكذا قليلاً و قد بدأت عينيها تدمع بسعادة و شبح إبتسامة يطوف على شفتيها، دقائق على هذا الحال حتى تحولت الإبتسامة إلى ضحكات و هي تضع الهاتف جانبًا و تحتضن شقيقتها فجأة قائلة و هي تحاول التحكم بدموعها:
- شكرًا، بجد شكرًا أنا بحبك أوي .

بادلتها "رحمة" العناق و هي تربت على ظهرها بحنان، ثم ابتعدت عنها قائلة بتساؤل:
- هترجعي ؟!

أومأت "شروق" بإبتسامة واسعة و هي تقول بتأثر:
- هحاول .

صاحت "رحمة" بسعادة و هي تحتضن شقيقتها مرة أخرى، أبتعدت عنها قائلة بمشاكسة و هي تنهض:
- يلا قومي خدي دوش كده، عشان مجهزالك خروجة عسل .

أومأت "شروق" بإيجاب و هي تقول بخبث:
- من عينيا، بس أشيل بصمتك من على تلفوني الأول .

تنهدت "رحمة" بأسى و هي تقول:
- أمر متوقع، يلا مش مهم هبقى احطها بعدين من وراكِ .

انعقدت ملامح "شروق" بإنزعاج و هي تقول:
- ده أنتِ واطية .

قهقهت الأخرى بمرح و هي تخرج من الغرفة بينما "شروق" عادت لتبتسم مرة أخرى و هي تقرأ التعليقات اللطيفة من معجبيها مجددًا و تحاول قدر الإمكان الاجابه على كل شخص .

بعد ما يقارب الساعتين؛ وصلت هي و شقيقتها إلى إحدى المقاهي الكلاسيكية، لتدلف مع شقيقتها إلى الداخل و ما إن خطت قدماها المكان حتى أستمعت إلى صوت فرقعة عنيفة بجانب أذنها تليها تصفيق حار و مشجع من العديد من الأشخاص و قصاصات زينة تتطاير من حولها، فزعت في بداية الأمر و وضعت يديها على قلبها بهلع، ثوانٍ و فاقت من حالة الفزع التي تلبستها تلك و نظرت حولها لتجد العديد من الأشخاص حولها ينظرون إليها بإبتسامة واسعة و يصفقون لها بشدة حتى شقيقتها التي جاءت معها تفعل مثلهم، ماذا.. ما الذي يحدث هنا !!

هدأ التصفيق لتنظر هي إلى شقيقتها التي كانت تنظر إلى ما يحدث بفخر و سعادة و إبتسامة واسعة مرتسمة على شفتيها بأعين دامعة لتقول بعدم إستيعاب:
- إيه إلي بيحصل هنا !

اقتربت منها "رحمة" لتحيط كتفيها قائلة بخفوت في أذنها:
- لازم عودتك تبقى لائقة بيكِ جميلتي .

أبتسمت "شروق" بعدم تصديق و سعادة كبيرة و لم تكد تجيب عليها حتى أبتعدت عنها "رحمة" من الأساس سامحه لكل شخص بالإقتراب منها و الترحيب بها و إبداء إعجابهم الشديد بها و بكتابتها و هي تستقبلهم جميعًا بإبتسامات و سعادة حقًا حقيقة رغم أنها ما زالت غير واعية لما يحدث من حولها، و لكنها سعيدة، سعيدة بشدة .

و الأمر حدث كالآتي، كان كل شئ حدث بإتفاق سابق من قبل "رحمة" و صديقة "شروق" المقربة من بداية المنشور حتى ذلك التجمع..
هذا التجمع الذي تم بصعوبة قليلاً حينما حاولت "رحمة" و صديقة شقيقتها في جمع أكبر عدد من معجبي "شروق" في هذا المقهى و استعانوا قليلاً بمساعدة من دار النشر التي تتعامل معها "شروق"، في الخفاء على هذا الأمر، و تم كل شئ كما أرادوا و يبدو أنهم نجحوا و لو قليلاً في تغيير أي شئ بها للأفضل، حتى تعود إلى حلمها و التركيز على مستقبلها مرة أخرى و هدفها من جديد، نظرات الفخر في أعين "رحمة" إلى "شروق" تجعلك تدرك أن ما دام أحدهم خلفك فيما تهدف إليه، فلا قلق من أي شئ .
_____________________

قصصٍ يبدع فيها كل كاتب، و حكايات و روايات عديدة بمختلف أنواعها يقرأوها الملايين منا يوميًا بكل شغف وحب، منهم من يقرأ و يصدق كل حرف يقال و منهم من يقرأ بعقلٍ مدرك أن كل هذا ما هو إلا خيال، و جميعها ما هي إلا حديث كاذب خلقه الكاتب لنا لنستمتع به، من أنت بين هؤلاء.. من يقرأ و يصدق أم من يقرأ و يرمي خلفه أخذًا المفيد من ما قرأه فقط؟!
و لكن يا عزيزي دعنا نكون مدركين أن لا وجود للخيال في حياتنا الحقيقة إلا بمعجزة من الله، لذا أقرأ و خذ المفيد حتى و لو كان سطرًا واحدًا و دعنا نرمي الباقي خلفنا..
"كتابات كاذبة" كتبتها أنامل مبدعة و عانى منها قلوب بريئة تبحث عن الدفئ.
____________________
تمت بحمد الله .
         2/8/2023 م
____________________

هذه المرة أنا في غاية الحماس لرؤية آراءكم.. اتحديت نفسي و نجحت إني أخلص الرواية قبل ما تتم سنة، و فعلاً كل ده بتوفيق من ربنا، أول عمل روائي مكتمل ليا، و طلع أحسن من ما كنت عايزه كمان الحمدلله بجد، مريت بأوقات كتير أوي و أنا بكتب الرواية، و عيشت معاهم بتفاصلهم بكل حب حتى لو كانوا أشخاص مش بيرفكت بس حبايب قلبي دول .

و بشكر كل شخص داعمني و وقف جنبي و وثق فيا و في كتاباتي، حقيقي عمري ما هنسى أي حد فيكم، و أنكم كنتم سر سعادتي لما أفتح الواتباد و ألاقي vote أو comment من حد فيكم، كنتم أخواتي إلي دعموني بجد .

صعب عليا فراق الرواية دي بس مبسوطة إني قدرت اخلصها، إلي هو والله فراقك صعب يا أم يزيد😂..

عايزكم تنقشوني كده و تقولولي رأيكم بصراحة في الرواية و لو كنتوا استفدوا منها حاجه، حابه أعرف استفدتم إيه .

و إلى اللقاء مع أصدقائنا الجدد الذين جمعهم ميتم، لنتعرف عليهم و على حكايتهم في "حكاية أطفال الميتم" .

Continue Reading

You'll Also Like

7.2M 608K 34
ماذا لو كان الدم هو لونها المفضل..؟ 𝐓𝐇𝐄𝐘 𝐒𝐀𝐘 𝐌𝐀𝐅𝐈𝐀 𝐈𝐒 𝐌𝐘 𝐌𝐈𝐃𝐃𝐋𝐄 𝐍𝐀𝐌𝐄!
3.1K 437 5
©️جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة لكاتبتها: إيمان قنديل هل الرؤى قدرة ؟ هل هي نعمة ام نقمة عليه ؟ ستعرف كل هذا هنا والآن السلام عليك يا قارئ الر...
9.2M 612K 51
عَالم مظلم مغمور بالغموض حكاية خطت ورُسمت بالوان الغموض والخفية سَنشاهد التقاء روحين للتصدي للماضي الأليم والمواجهة مع التحديات الجادية هل ستجد ال...
3.2K 352 7
« الأشياء ليست كما تبدو، وكذلك الأشخاص.» نظر إلى الجملة التي قد دونتها في دفترها وعلى شفتيه إبتسامة ساخرة. لقد ظن للحظة أن المُدللة تمتلك موهبة الكت...