طالت الأحاديث بينهما فايڤان بدأ بثرثرته وإخبار دارلا عن اينوس ولما كان يستحق الضرب ، ضحكت دارلا على كلامه المليء بالشكوى عن اولاد عمومته لتقول
" أأنت مُتأكد انك لم تَقم بِضرب اينوس؟"
" لا لا انا لست غبي لِأورط نفسي بشيءٍ كهذا "
-
اتفقت دارلا ان تذهب مع ايڤان لعائلته حتى تشهد معه وتساعده على تبرئه نفسه امامهم ، في الليل واثناء محاولة دارلا النوم شعرت انها غبية للحظة ، وكأنها عادت الى وعيها ، كيف تذهب مع قاتل الى منزله؟ حاولت اقناع نفسها واعطاء ذاتها توكيدات انه لطيف.. ولكنها وبطريقة ما اقتنعت بكلامها ونامت براحة ذلك اليوم.
في صباح اليوم التالي وفي القصر ذهب ايڤان إلى غرفة الزعيم يطرق الباب ليدخل بعدما استأذن بالدخول
وضع يداه خلف ظهره موجهاً نظره بحدة نحو الزعيم
" لدي شاهد على غيابي اثناء تعرض اينوس للهجوم"
" حقاً؟ هذا رائع احضره واثبت نفسك امام عائلتك"
" ليسوا عائلتي"
نطق ايڤان بهدوء ليرفع الزعيم نظره نحو ايڤان ويرجعه الى اوراقه
" انا اعلم ان ليس لك علاقة في ما حدث لاينوس " قال الزعيم قبل ان يخطو ايڤان خارج المكتب ليلتفت له بذبول متسائلًا عن هدف قول الزعيم لذلك ، كان يَشعر ان كل ما يفعله الزعيم تجاهه هو جعل مشاعره اكثر تخبطاً،
" لا تشغل بالك بالأمر كثيراً " اضاف الزعيم ليكمل عمله المكتبيّ ليقاطعه ايڤان ويردف بِجمود
" اذاً؟ لما لم تساعدني لاثبت برائتي امام عائلتك"
سأله ايڤان بِحدة يَبحث عن جواب لافعال الزعيم هذه ، وضع الزعيم الختم على الطاولة وارجع ظهره للخلف وقال بعد صمت طغى الاجواء بينهما لعدة ثواني
" لتثبت نفسك امامهم بنفسك ، لن اساعدك للأبد اليس كذلك ايڤان؟" انهى كلامه ليخرج ايڤان بغضب دون ان يقفل الباب حتى ، واللعنة اهذا تدريب الان؟
-
قبل غروب الشمس بعدة ساعات اتصل ايڤان على دارلا بعدما اخذ معلومات اتصالها بالامس لسؤالها اذا ما كانت جاهزه ام لا لِإحضارها
لكنها رفضت ذلك وقالت انها ستأتي بسيارة اجرة ، اصرّ عليها لكنها كانت اعند منه ، وايضا.. هو يعلم انه من غير المريح ان تَركب السيارة معه فهما لم يلتقيا سوى مرتان..او ثلاثة اذا حسبنا ذلك اليوم في الحانة.
أنهت دارلا عملها بعد غروب الشمس لِتُغيّر قميصها فَقط وَتلبس حذائها ، أنطلقت للخارج تَبحث عن سيارة أجرة تُقلها.. وصلت دارلا لحدود القصر مُنبهرة بضخامته ، تفتيش شديد واسأله كثيرة سالها الحراس لها ليتقدم ايڤان بِبدلته الرسمية تِلك مِن خلف الحُراس مُشيراً لهم بالسماح لها بالدخول.
" ها حقاً هذا منزلك؟"
" نعم انه منزل عائلتي"
" هذا رائع " قالتها بدهشة وفمها مفتوح من الصدمة مع انها بطفولتها كانت تنعم بحياة رائعة وتأكل افضل الطعام وتذهب لاحسن المدارس الا انه الڤيلا التي سكنت بها مع عائلتها الصغيرة لم تكن تصل الى ربع هذا القصر العظيم.
دخلا الى باب القصر العملاق ليتجه نظر جميع من في الصالة الضخمة لهم ، ايڤان يُحضر فتاة يا للمرح.
شعرت دارلا ان جميع الانظار حولها لم تستطع تحديد ما نوع هذه النظرات ، لكنها كانت متاكدة من شئ واحد... الا وهو انه هذه النظرات لا تُبشّر بشئ جيد.
-
جلس ايڤان ودارلا على الكنبة مع الزعيم واخاه والد اينوس وامه ، اما رئيس الخدم ليوناردو كان يقف وراء الزعيم
" اذاً عرفينا عن اسمك انسة؟"
" انا دارلا سيدي " انهت دارلا حديثها بتوتر شديد
" دارلا فقط؟ ماذا عن عائلتك "
" دارلا مالاسبينا " اكملت بعد القليل من التفكير.. وكأن جميع من حولها سيحاسبها على كل كلمة ستنطقها هُنا.. وهي بالفعل مدركة لذلك فهي ليست بين عائلة عادية.
" مالاسبينا؟ اليس والدك المتوفي هو رئيس شركة مالاسبينا للاسلحة؟" نطق الزعيم وعلامات المُفاجأة واضحة على وجهه
" نعم هو كذلك..." نظر لها ايڤان بعدما انهت كلامها باستغراب ، الزعيم يعرف والدها؟ اذا لا بد انه شخص معروف ، اين ورث والدها اذا كان ميت؟ولما تعيش بهذه الطريقة؟
" اذا اخبرينا ما لديك انسة مالاسبينا" تكلمت والدة اينوس بتعجرف
" اوه نعم سيدتي ، لقد كنا انا وايڤان على الشاطئ بعد منتصف الليل لذلك لا اظن ان له علاقة باصابة ابنك "
" هل لديك دليل؟ "
" سيدتي.. اتريدين دليل من دليل؟"
خرجت قهقهة صغيرة من ايڤان بسبب جراءة دارلا التي لم يتوقعها،
" اخلاقك سيئة " قالت السيدة ليرمقها الزعيم بنظرة تأمرها بالصمت.
الزعيم قد صدقها ، هو يعرف والدها فكانت الشركة الوحيدة التي يأخذ منها الاسلحة وبينه وبين السيد مالاسبينا علاقة وطيدة قبل موته.
-
خرجت دارلا من القصر مع ايڤان تمسك انفاسها لتبدأ بالتذمر عن اخلاق عمته السيئة وعن صدمتها لعلاقة والدها مع زعيم هاينث ، خاب ظنها قليلاً من والدها ، كانت تظنه يتعامل بطريقة شرعية مع جيوش الدول لكنه كان يُصّدر بعض الاسلحة للمجرمين.
" دارلا هل درستي في مدرسة ماريا الابتدائية؟" سالها ايڤان متاكداً من اجابتها لتخبره بنعم! لقد عرف ذلك فكان وجهها مألوف جداً.
" هل كنت تدرس بها ايضاً؟"
" نعم ، لذلك سالتك لاني ظننت انني رأيتك في مكانٍ ما!"
" هذا رائع " حماسها اللطيف مع كل كلمة تقولها كان يجعله يبتسم بدون ارادة منه
" ساوصلك انا الى منزلك ، فمن الصعب انتظار سيارة اجرة هنا "
" لن ارفض على اي حال "
اوصلها الى منزلها وكانا صامتَيْن طوال الطريق.
-
ايڤان كان سعيد اليوم.. لم يشعر بالفراغ كالعادة ، عاد الى القصر وغط بنوم عميق لساعاتٍ طويلة دون تفكير.
اما عن دارلا فوصلت الى المنزل بسيارة رياضية فخمة تحت انظار الجيران لتبدأ عمتها بشتمها واهانتها لتاخرها ، فاضافت لها وقت اضافي للعمل مما حرمها من النوم ليومين متواصلان.
لم تأبه لما حدث فهي سعيدة اليوم لسببٍ ما ، فقد وجدت قطة خارج المطعم اثناء قيامها بالتنظيف ، فقامت باطعامها واخذتها للاعتناء بها في غُرفتها الصغيرة على السطح ، ووضعت لها غطاء صغير نيليّ اللون في سلة ووضعتها على زاوية الغرفة حتى لا يراها عمها او زوجته ، على اي حال هما لا يدخلان غرفتها.
نزلت دارلا للاسفل الى مكان المطعم الذي يقبع في اسفل المنزل العتيق ، هما لم يشتريا منزل اخر من ورث والد دارلا ، فقط اكتفيا بتخبئته في البنك.. على اعتقاد دارلا فهي لم تشم منه اي فلس حتى.
-
انقضت الايام سريعاً ، وايڤان كان يقضي يومه يتنقل من حانة الى حانة ومن شقته الى القصر ومن مشكلة الى مشكلة اخرى.
دَخل ايڤان شُقته بِخطوات بَطيئة مُتعبة متوجهاً الى أحد الادراج في الصالة حيث كان يَضع الملف الذي أخذه مِن آل بريمور ذَلك اليوم ، فَتح المَلف المُغلق بِإحكام وَوضع سيجارة في فمه يَنظر للأوراق والصور في المَلف.. هذا مُمتع بِحق.. كانت تِلك الصور تستحق عناء ابادة اولئك الاوغاد.
هذه الاوراق إن لم تُسبب حَرب ستكون مُعجزة بالتأكيد.. فَضيحة لِأحد الرؤوس الكبيرة في ايطاليا.. سيكون من الرائع العبث بالسياسية قليلاً.
انريكو دي غاسبيري ، هذه الصور تُبين قيامه بِاغتيال بَعض الاشخاص الذي ماتوا فجأة.. وهذه بِضع اوراق تُوضح قيامه بمعاملات خارجية وَنقلها لدول اجنبية أخرى.
روسيا ، المانيا.. أعتلت هذه الدولتان رأس هذه المعاملات ورغبتها في الانقلاب على ايطاليا بمساعدة بَعض العهرة الذين يُحاولون خيانة الوطن.
وَضع ايڤان تِلك الاوراق ارضاً واخذ علبة سجائره المحشوة بالهيروين وخرج نحو الشرفة ليستمتع باستنشاقها يُفكر بما سيفعله وكيف سيقوم بكشف انريكو الابله.. هل يَنشرها للعلن وترك الباقي للإعلام؟ ام الذهاب وتهديده بنفسه؟
عيناه بدأتا تنقلب للون الاحمر وبدأ يشعر بالهدوء بعد استنشاقه للسُم الذي بيده ، ارخى جسده نحو الحائط ينظر للسماء وبرودة الهواء الخريفي تضرب وجهه ، كان لا يزال يفكر بها.
اخرج هاتفه ببطئ من جيبه ليرى الرسائل القصيرة التي حدثت بينهم ذلك اليوم ، تنهد مُلقي هاتفه بعيداً عنه وترك السيجارة بيده جانباً قبل ان يُنهيها وذهب الى الشاطئ يأمُل رؤيتها مرة اخرى هناك.
ركب درجاته تحت تأثير المخدرات ، وكان تهوراً منه لكنها ليست المرة الاولى فجسده كان قوي يتحمل هذا النوع من المهدئات وجرعته لم تكن كبيرة كفاية لتأخذه لعالم اخر ، تَمشّى قليلاً بين الاشجار ليصل نحو الشاطئ ، وبجانب سور الحجارة كانت تجلس تلك التي سرقت قلبه وامواج البحر السوداء العاكسة من عتمة الليل تقترب من اقدامها.
اقترب منها وجلس بِجانبها دون ان تشعر به ، لم تشعر به حتى دقائق فكانت تستمع لبعض الموسيقى بسمعاتها المُهترئة ، سحب ايڤان طرف السماعة لتجفل دارلا وتنظر اليه بصدمة
" لقد اخفتني.."
" انا اسف لم ارد ازعاجك "
اخذت دارلا هاتفها من جيبها لتوقف الاغنية وتخبره بابتسامة تخفي الكئابة التي كانت تعتلي وجهها
" لا بأس ، اتريد مشاركتي ، انها اغنية جميلة بحق "
" اريد ذلك"
ايڤان الشيطان عديم المشاعر نسيَّ حياته السابقة وجرائمه الشنيعة وعاش اللحظة معها ، هذا ما اراده حقاً ، شخص ينسيه كل ماضيه ويفتح له صفحة بيضاء جديدة ، هذا ما فكر به تجاه دارلا التي لا تفقه شيئاً من المعروف الذي قدمته لايڤان وهي لا تدري.
And I will gladly break it
I will gladly break my heart for you
And I will gladly break it
I will gladly break my heart for you
It's so sweet, knowing that you love me
Though we don't need to say it to each other, sweet
Knowing that I love you, and running my fingers through your hair
It's so sweet
اشرقت الشمس وبدأ الضوء ينقشع على وجهيهما لتظهر اعين ايڤان المرهقة لدارلا
" ما بها عيناك حمراء مُتعبة؟ " سالته دارلا بقلق ليتوتر ايڤان فهو حتماً لا يريد منها ان تعرف انه يتعاطى المخدرات ايضاً
" لم انم منذ يومان "
" انا اعرف اثر النعس على الاعين ، فقط دائرة سوداء تحيط بعيناك وليس عينان حمراوتان" ابتسم ايڤان ولم يجب على سؤالها مرة اخرى
ليقف ويسالها اذا كانت تريد ان يوصلها الى منزلها ام لا ، وهي قبلت بكل سرور ظناً منها انه سيوصلها بسيارته.
مشيا ببطئ نحو الشارع ليأخذ ايڤان خوذة احتياطية من اسفل مقعد الدراجة ويمدها لها ، حدقت دارلا قليلاً بها ثم رفعت نظرها نحوه قائلة
" ساعود وحدي.."
" لما؟ فقط جربي ركوب الدراجة انها ممتعة حقاً!"
" انا لا احب ذلك.. وداعاً اراك لاح—"
لم تُنهي جملتها ليسحبها ايڤان واضعاً الخوذة على رأسها قسْراً
" سوف اوصلك بالدراجة"
" ما باليد حيلة " تنهدت دارلا راكبةً ورائه على الدراجة ليوصلها نحو منزلها ، ولأن ايڤان واقعٌ بالحب قام بسلك اطول طريق حول المدينة ، لن يدع فرصة كهذه تُفَوْت.
-
السماء كانت بِصف ايڤان في هذه الاثناء ، فالمَطر بدأ بالهطول ، بدايةً كانت زخات مطر خفيفة لِبعض دقائق وانقطع بعد ذلك لِلحظات لِكن عاد المطر بعد ذلك وِبقوة أشد مِن سابقها جاعلاً مِن ايڤان يَقود دراجته بتمايل وضحكة هستيرية خَرجت مِن ثَغره..
بعد دقائق أوصل دارلا الى مكان عيشها لِتنزل هي بترنح لِتقول وَشعرها المبلل المنسدل على جبينها يُغطي عينيها
" انتَ.. متهور لِلغاية "
" هذا ليس بجديد علي على اي حال " قال ايڤان بِفخر لتتنهد دارلا وتقول
" إنتظر قليلاً تحت هذا الحائط.. سأحضر لَك منشفة " ذَهبت دارلا للداخل بِخطوات بطيئة تَتجنب إصدار أي صوت قد يُيقظ عمها ويكتشف أمر تسللها الى الشاطئ ليلاً ، أحضرت مِنشفة مِن خزانتها وسلمتها لايڤان الذي ينتظرها خارجاً وسيجارة بِفمه.
رمى ايڤان السيجارة ارضاً وَالقى المنشفة على رأسه وانطلق بِدراجته الى شُقته وكان قد جدد طاقته في تقضية وقته بهدوء مع دارلا.
-
And you've gotta do the right thing
Do the right thing baby
You're the white swan in my photograph
Do the right thing
Do the right thing baby
You're the white swan in my photograph