حـارة الـقـنـاص

By SHorouk_Hassan

2.7M 188K 59.5K

كان عالقًا في مستنقع سحبه للأعماق، حتى باتت يداهُ مُلطخة بالدماء، يقتل ضحيته بلا رحمة؛ للثأر مِمن كانوا السبب... More

الـمقدمـة
الفصل الأول |مَنْ القاتِل!|
الفصل الثاني |وَسواس قَهْرِي|
الفصل الثالث |إتفاق|
الفصل الرابع |من أجل أمـي|
الفصل الخامس |طريق الهلاك|
الفصل السادس |خِطبة|
الفصل السابع |الجاثوم|
الفصل الثامن |أنت بطلي|
الفصل التاسع |ذكريات موجعة|
الفصل العاشر |أخيك الكبير يا مغفل|.
الفصل الحادي عشر |مريضة كتمان|
الفصل الثاني عشر |الجاثوم مرةً أخرى|
الفصل الثالث عشر |تخطيط بالدمار|
الفصل الرابع عشر |إختطاف|
الفصل الخامس عشر |عَـــزَاء|
الفصل السادس عشر |كشف الخائن|
الفصل السابع عشر |كتمان مُزمن وصدمة|
الفصل الثامن عشر |عَدالة السَماء|
الفصل التاسع عشر |هَدية لطيفة|
الفصل العشرون |حقائق غامضة|
الفصل الواحد والعشرون |زواج|
الفصل الثاني والعشرون |رحلة علاج|
الفصل الثالث والعشرون |أسوأ كوابيسها|
الفصل الرابع والعشرون |لقد قُتِلَتْ|
الفصل الخامس والعشرون |كفاءة|
الفصل السادس والعشرون |أَكرَهُكِ أُمْي|
الفصل السابع والعشرون |قُنبلة موقوتة|
الفصل الثامن والعشرون |الخَائِنْ يُقْتَل|
الفصل التاسع والعشرون |إلى أين؟|
الفصل الثلاثون |أُريدها|
الفصل الواحد والثلاثون |سينيوريتا أَهِلَّة|
الفصل الثاني والثلاثون |خطة غادرة|
الفصل الثالث والثلاثون |الثُلث لقلبي|
الفصل الرابع والثلاثون |مُؤامرة مُضحكة|
الفصل الخامس والثلاثون |تَوفاها الله|
الفصل السادس والثلاثون |ليلة هادئة|
الفصل السابع والثلاثون |اختطاف|
الفصل الثامن والثلاثون |اللعنـــة|
الفصل التاسع والثلاثون |تم كشفهم|
الفصل الأربعون |قلبي المُغفل|
الفصل الواحد والأربعون |صاعقة مُميتة|
الفصل الثاني والأربعون |رمضان مُبارك|
الفصل الثالث والأربعون |استعادت وعيها|
الفصل الرابع والأربعون |رحلة وداع|
الفصل الخامس والأربعون |أعلن إسلامه|
الفصل السادس والأربعون |صاعقة كُبرى|
الفصل السابع والأربعون |أصابها في مقتل|
الفصل الثامن والأربعون |لقت مصرعها|
الفصل الخمسون |يُــونــس|
الفصل الواحد والخمسون |هروب|
الفصل الثاني والخمسون |وصيتها الأخيرة|
الفصل الثالث والخمسون |عـوض المـولـىٰ|
الفصل الرابع والخمسون |أبله كـأبيه|
الخاتمة |لـيـلـة الـعـيـد|
اقتباس من الحلقة الخاصة
حلقة خاصة 1 (ذُريـة صالحة)

الفصل التاسع والأربعون |كُتِبَ عليهم الفراق|

41.9K 3.1K 938
By SHorouk_Hassan

الفصل دا إهداء للجميلة (هدى محمد) بمناسبة يوم ميلادها، كل عام وأنتِ طيبة وبخير يا جميلة.♥

متنسوش تفاعلكم.♥
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال لي: تعبنا!
فأجبته:
حفت الجنة بالمكاره.. أنت على الطريق الصحيح.

إحنا بنكره تعب المذاكرة،
بس بالنية التعب دا عليه أجر ودا اللي مصبرنا،
فمتنسوش النية".

(تشجيع لأبطال تالتة ثانوي)🥺♥
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

#الفصل_التاسع_والأربعون.
#حارة_القناص.
#كُتِبَ_عليهم_الفراق.

إن كنت تظن أن المعاناة ستنتهي حين زوال المصدر الأساسي؛ فأنت مُخطى، سيظل هناك وشوم محفورة داخل فؤادك بسنٍ حاد لن تُمحىٰ بسهولة، تلك الأيام الحالكة التي مرت على قلبك أخذت حيزًا لا بأس به بين ثنايا فؤادك، صرخاتك المُتألمة لم يسمعها أحد سوى نفسك المُنكسرة، إن كنت تظن أن الأمور جيدة، فلا شيء جيد.

_أنتِ و"حبيبة" أخوات مش ولاد عم.

جُملة نطق بها "قاسم" بهدوء لكن نتيجتها كانت كالصاعقة بالنسبة لكلتيهما، نظرت "حبيبة" لـ"أهلة" بصدمة، بينما "أهلة" نظراتها كانت مُتجمدة في الفراغ من هول ما وقع على مسامعها، وكانت أول من تخرج عن الصمت هي "حبيبة" التي تسائلت بصدمة:
_إ.. إيه؟!! إزاي؟!

حمحم "صهيب" وحاول التوضيح لها بطريقة بسيطة:
_اللي أنتِ متعرفهوش يا "حبيبة" إن "أهلة" هي بنت "مختار الأرماني".

رمشت "حبيبة" بأهدابها عدة مرات ومازالت لا تستوعب الحديث بأكمله، وللمرة الثانية تُحوِّل أنظارها نحو "أهلة" التي ألجمتها الصدمة، وبتلعثم وغبطة تسائلت "حبيبة":
_طب.. طب إزاي؟!! عمي.. عمي "مختار" كان عنده بنت واحدة بس و.. وماتت، إزاي هي تبقى بنته وأنا أختها؟!! أنا مش فاهمة حاجة!!

كانت نظرات "قاسم" ترتكز على "أهلة" المُتصنمة في مكانها، دارت نظراته نحو "صهيب" الذي بدأ بالحديث عند محاولته بقدر الإمكان في انتقاء كلماته حتى لا يجرح زوجته وزجة أخيه:
_والدتك "صوفيا" كانت بتخون "رفعت" مع "مختار"، الموضوع كان مستمر تقريبًا من قبل جوازهم، ودا اللي سمعته منهم بالصدفة وأنا رايح لمكتب "مختار الأرماني" لما كنت عايش معاهم.

هبطت دموع "حبيبة" بعدم تصديق وهي تهز رأسها بالنفي، لا يكفي بأن والدتها كانت قاسية للحد الذي جعلها تكرهها، بل كانت خائنة أيضًا لوالدها، أو للذي كانت تظنه والدها!! التوىٰ ثُغرها بضحكة خافتة تعكس مقدار الألم الذي ينمو تدريجيًا داخلها وهي تقول:
_أنت.. أنت أكيد بتهزر صح؟!!

ابتلع "صهيب" ريقه بصعوبة ولم يجد الإجابة المناسبة للرد عليها، يريد أن ينفي كل ما قاله ويذهب لها ويأخذها بين أحضانه ليُداوي جُروحها، لكن لا بُد أن تعلم الحقيقة، بينما "حبيبة" أكملت حديثها برجاء وهي تبكي بعنف:
_عشان خاطري يا "صهيب" قولي إنك بتهزر وإن دي كدبة، متوجعش قلبي أكتر من كدا.

مدَّ "صهيب" كفه ليُمسك بكفِ "حبيبة" ثم تشدق بحنان:
_اهدي يا "حبيبة" عشان خاطري.

أخذت "حبيبة" أنفاسها بصعوبة ثم تسائلت بتيهة:
_طيب.. طيب إزاي "حبيبة" بنت "مختار"؟! إزاي أنا مش فاهمة حاجة!! طب هي بتنتقم منه ليه؟!!

زفر "صهيب" باختناق وهو يُجيبها:
_إزاي وليه بقى دي "أهلة" اللي هتجاوبك عليها.

انتقلت "حبيبة" بأبصارها نحو "أهلة" والتي قررت أخيرًا تحرير الدموع المُنهمرة داخل مقلتاها، يبدو بأن الألم لن يزول أبدًا، يبدو أن الذكريات لن تتركها وشأنها، يبدو أن الحياة بأكملها تتفق ضدها، وهي المسكينة المُحتجزة بين كل هذا، ترتطم بين أمواج الماضي والحاضر وفيما بعد المستقبل، المشاهد القديمة تلتف حول عنقها فتتسبب في اختناقها، فلم تجد مفرًا من اللاشيء سوى بالبكاء الصامت، تحررت دموعها كشلالاتٍ تتسابق على صفحة وجهها، ورغم بأنها دموع سائلة فهي تتسبب في إحراقها.

شعرت بمن يقترب منها ويُحيط بها من خصرها أثناء وضعه لرأسها على صدره موضع قلبه، ربت "قاسم" بحنان على ظهرها وشفتيه تستقر على خدها الأيمن يُقبلها بحنان، لم تصدر صوتًا أثناء بكائها، بل كانت عبراتها تصعد على هيئة شهقات خافتة وكأنها تصعد من فم طفلٍ صغير، ارتعش جسدها حينما كانت تتذكر رؤيتها لوالدها في وضع مُخِل مع زوجة عمها، كانت صغيرة ولا تفقه شيء لكن الأمر حفر داخلها ألمًا لم يزول حتى الآن.

وعلى عكسها تمامًا طالعتها "حبيبة" ببكاء وحزنًا لحزنها، استدارت لـ"صهيب" الذي يُطالع الوضع بأكمله بألم شديد، ثم انطلقت إلى أحزانه تبكي بعنفٍ وكأنها لم تبكي من قبل، كانت تتحدث من وسط بكائها بكلماتٍ غير مفهومة، لكن الجُملة الوحيدة التي وصلت إلى مسامعه هي قولها الحاقد:
_أنا بكرههم أوي، بكرههم ونفسي كلهم يموتوا.

احتضنها "صهيب" بقوة وهو يهمس لها:
_كلنا بنكرههم أوي ونفسنا يموتوا، ربنا هيجيب حقنا كلنا منهم.

نظر الشقيقان لبعضهما البعض بقلة حيلة، كُلًا منهم يرى ضعف زوجته وآلامهم، آلامٌ لا يستطيعوا محوها بسهولة كما كانوا يظنون، لكنها محفورة بجدارة داخل أفئدة كل منهم.

خرجت "حبيبة" من أحضان "صهيب" بعد أن مرت دقائق كثيرة في البكاء، ثم اتجهت نحو "أهلة" التي يُحيط بها "قاسم" بعناية ليُهدأها بعد أن زادت في البكاء، راقب "صهيب" زوجته التي وقفت خلفها بيأسٍ ولا تعلم بما تتحدث أو تقول، كل الذي فعلته هو أنها وضعت كفها على ظهر "أهلة" وتطلب منها برجاء:
_خلاص متعيطيش.

كان جسد "أهلة" يهتز بخفة نتيجة لبكائها الصامت، فاستكملت "حبيبة" حديثها بنبرة مُرتعشة:
_أنا.. أنا مليش ذنب، مليش دعوة بيهم.

هدأ بكاء "أهلة" قليلًا وخفت تدريجيًا، وعندما طال صمتها سحبت "حبيبة" كفها وعادت الدموع لتتشكل داخل مقلتاها مُجددًا، ضمت قبضتها وأبعدتها وهي تشعر بالعجز، جميع الحروف قد توقفت على طرف لسانها، نست جميع كلمات المواساة وشُلَّ لسانها عن الحديث، عادت خطوتان إلى الخلف فاصتدمت بصدر "صهيب" الذي أحاط كتفها بحنان، رفعت أنظارها الدامعة إليها ثم تسائلت بصوتٍ مبحوح مُرتعش:
_هي مبقتش تحبني؟!

هز "صهيب" رأسة بالنفي على الفور وهو يقول:
_لأ طبعًا، هي بس لسه مصدومة والصدمة كانت شديدة عليها.

ارتعشت شفتي "حبيبة" وهي تُجيبه بنبرة باكية:
_بس أنا مليش دعوة.

الأغلب سيظن بأن ردة فعلها مُبالغ بها بعض الشيء، لكنها كانت طبيعية للحد الذي يبث الرعب في كل مَن ذاق مرارة الوحدة طيلة حياته، لقد عانت كثيرًا حينما كانت تُحتبس بين جدران غُرفتها الأربعة ولا تجد رفيقًا يُهوِّن عليها رحلتها، و"أهلة" هي مَن قامت بهذا الدور ببراعة منذ أن تعرفت عليها، كانت تُعاملها كطفلة رقيقة تخشىٰ خدشها، والآن مُرتابة من فكرة تغيرها أو ابتعادها عنها.

اقترب منها "صهيب" أكثر ثم قبَّل جبينها وهو يقول بصوتٍ حنون:
_أنتِ ملكيش دعوة يا "بيبة"، متقلقيش يا حياتي.

مرت خمس دقائق أخرى وهم على نفس الوضع، "قاسم" يعمل على تهدئة زوجته التي خفت بكائها قليلًا، فيما تقف "حبيبة" بجوار زوجها تُراقبها بأعين دامعة، وأخيرًا قررت "أهلة" قطع هذا الصمت والابتعاد عن أحضان "قاسم" أثناء تجفيفها لوجهها، انتقلت بأبصارها نحو "حبيبة" التي ابتعدت عن "صهيب" فور رؤيتها والتي تفرك كفيها بتوتر وإمارات وجهها تدل على البكاء، ظلت تنظر إليها بصمتٍ لعدة ثوانٍ قليلة ثم خطت بأقدامها إليها حتى وقفت أمامها، ابتلعت "حبيبة" ريقها بتوتر وشُلَّ لسانها عن التحرك أو الحديث، فتحت فاهها للتحدث؛ لكنها شهقت بخفة عندما جذبتها "أهلة" إلى أحضانها بقوة شديدة، وهُنا انفجرت كلتاهما في البكاء معًا.

علت صوت شهقاتهم في المكان كُلٍ منهن تُعانق الأخرى وكأنها آخر أمل لها في الحياة، "حبيبة" تبكي على الموقف بأكمله ويزداد حقدها على عائلتها الحقيرة، و"أهلة" تبكي حسرةً على كل ما مرت به، لا يكفي بأن الحياة أعطتها دروسًا قاسية من قبل! بل مازالت مُستمرة في إعطائها حتى الآن، وهي الضعيفة الهشة التي نفذت قدرتها ولم يعد بوسعها التحمل، والطريقة الوحيدة التي ستُطفيء من نيرانها المُشتعلة؛ هي احتضانها لشقيقتها التي اكتشفتها للتو!

اقترب "صهيب" من "قاسم" الذي يُراقب بكاء عزيزته بأعيُن دامعة مُتألمة، ربت على ظهره بحنان وهو يُسدد له ابتسامة صغيرة أثناء قوله الداعم له:
_متقلقش كل حاجة هتعدي وهيكونوا بخير.

آمن "قاسم" على حديثه برجاءٍ نابع من قلبه، ليستمع بعد إلى استكمال شقيقه للحديث بنبرة مازحة:
_وبعدين احنا المفروض نخاف منهم مش عليهم، أنت عارف اجتماع مراتك ومراتي مع بعض يعني إيه؟!! يعني بالصلاة عالنبي مش هنشوف وشوشهم تاني غير ما ربنا يفرجها.

ضحك "قاسم" بخفة وهو يقول:
_ربنا يسترها علينا والله.

وبالعودة إلى الفتاتين، ابتعدتا عن بعضهما البعض، فمدت "أهلة" يدها لمسح دموع "حبيبة" بحنان، وبعدها أردفت بصوتٍ مبحوح مُرتعش من أثر البكاء:
_خلاص كفاية عياط، هما ميستاهلوش إننا نعيط عليهم.

استمعت "حبيبة" إلى حديثها وهي تهز رأسها بالإيجاب تُوافقها على كل كلمة تتفوه بها، وبعدها مدت يدها هي الأخرى تمسح عبراتها وهي تقول بألم:
_وأنتِ كمان متعيطيش، ومتزعليش مني.

أدمعت عيني "أهلة" التي حاولت السيطرة على ذاتها بقدر الإمكان وعدم البكاء مُجددًا، فسحبت نفسًا عميقًا ثم زفرته على مهلٍ، وابتلعت ريقها بصعوبة حتى استطاعت أخيرًا العودة إلى حالتها الطبيعية، نظرت إليها "حبيبة" بترقب وكأنها طفلة تنتظر حُكم والدتها عليها بعد أن أخطأت دون قصد، لتجد "أهلة" قد طالعتها بابتسامة هادئة قبل أن تقترب منها مرة أخرى وتقوم باحتضانها، لكن تلك المرة لم يكن حُزنًا، بل اشتياقًا!

وبعدها خرج صوت "أهلة" تُخبرها بصوتٍ حنون:
_أنا مش زعلانة منك، أنا مبسوطة إنك طلعتي بعد دا كله أختي ومن دمي بعد الوجع اللي مرينا بيه دا كله، دا بعيدًا إن مصدر الدم دا فاسد أصلًا.

قالت الأخيرة بمزاحٍ، لتضحك "حبيبة" بخفة وهي تُشدد من عناقها أكثر، كان المشهد يُشبه احتضان الأم لصغيرها، وازدادت واقعيته خاصةً وأن "أهلة" تفوق "حبيبة" في الطول بحوالي سبعة سنتيمترات كاملة، فكانت تقوم بدور الأمِ وببراعة.

في تلك الأثناء؛ دخلت عليهم بوجه أحمر وعينان مُنتفختان من شدة البكاء، ابتعدت "أهلة" عن "حبيبة" وطالعتها باستغراب، ثم اتجهت نحو "مهرائيل" تسألها بقلق:
_مالك يا "مهرائيل" بتعيطي ليه؟!!

مسحت "مهرائيل" دموعها ثم طالعت الأربعة بملامح حانقة وهي تقول بغيظ:
_انتوا بتعملوا إيه هنا؟! هو الواحد ميعرفش يعيط في مكان براحته؟!!

طالعوها بعدم فهم، لتتقدم منها "حبيبة" هي الأخرى وتسألها:
_بتعيطي ليه مالك؟!!

عادت أعيُنها لتدمع من جديد ثم أجابتها بصوتٍ خافت وهي تنفي بوجهها:
_لأ مفيش حاجة، دا بغل دخل في عيني.

ضيَّق "قاسم" عيناه بشك وهو يتسائل بعبث:
_أي بغل قصدك؟!!

ردت عليه بنبرة مُتعصبة لتُداري بها حزنها:
_بغل حقير ربنا يهده، المعفن الجربان اللي يحمد ربنا ويبوس إيده ليل نهار إني عبرت اللي خلفوه.

التوى ثُغر "قاسم" بابتسامة ماكرة وهو يقول:
_طيب خلي بالك عشان البغل واقف وراكِ.

وتلقائيًا التفتت "مهرائيل" بسرعة لتنظر خلفها، فوجدت "آلبرت" يستند على باب المطبخ بكتفه واضعًا كفيه داخل جيب بنطاله ويُطالعها بنظراتٍ باردة، جعدت وجهها بقرف وهي تُطالعه باشمئزاز، ثم أشاحت بيدها أمام وجهه وهي تصرخ به:
_أنت إيه اللي جابك هنا؟!! مكفاش اللي أنت عملته جاي تنكد عليا كمان؟!!

رد عليها "آلبرت" بنبرة باردة بعد أن اعتدل وتقدم عدة خطوات، ثم أزاحها بيده جانبًا وهو يُجيبها باستفزاز أثناء تحدثه بلغتهم الطبيعية:
_ياختي اتلهي على عينك أنا جاي أشرب.

رمشت "مهرائيل" بأهدابها عدة مرات بعدم فهم، ثم ضربت بقدمها في الأرض وهي تصرخ به بغضب:
_طيب بما إن الحلو طِلع بيفهم عربي مش جاموسة زي ما كنت فاهمة، فخليني أقولك إنك بني آدم حلوف وقليل الذوق وبارد، والحمد لله إن ربنا عرفني حقيقة إنسان حقير وعديم المشاعر زيك، وحقيقي أنا ندمانة على كل لحظة قضيتها معاك.

أنهى "آلبرت" تجرع المياه الموجودة في الكأس ثم وضع الكأس مكانه مرة أخرى، وبعدها أجابها بهدوء بعد أن طالعها بنظرات ثاقبة تسببت في توترها:
_ماشي.

اكتفى بكلمته تلك ثم توجه نحو الخارج بوجهٍ جامد، بينما هي نظرت لأثره بدموعٍ عادت لتتشكل مرة أخرى داخل مقلتاها وهي تهمس:
_آه يا جرو يا حقير!!

اقتربت "حبيبة" من "مهرائيل" ثم ربتت على ظهرها بخفة وهي تواسيها بقولها:
_متزعليش يا "ميهو"، أكيد هتلاقي حد أحسن منه.

طالعتها "مهرائيل" بضعف ثم أجابتها بغباء وهي تهز رأسها بالنفي:
_أنا مش عايزة حد أحسن منه، أنا عايزاه هو.

ضربتها "أهلة" على ظهرها بقوة ثم صرخت بها:
_أنتِ كدا مش مُخلصة، أنتِ كدا عديمة الكرامة.

نفخت "مهرائيل" بغيظ وهي تُجيبها:
_بقولكوا إيه سيبوكوا مني وقولولي انتوا كنتوا بتعيطوا ليه انتوا كمان؟!؛

هز "قاسم" رأسه عدة مرات بالرفض من حديث النساء الذي لا ينتهي، فجذب ذراع أخيه خلفه ثم خرج من المطبخ نهائيًا وهو يقول:
_تعالى يابني نمشي احنا أصل رغي الستات دا مش بيخلص.

وافقه "صهيب" في الحديث وهو يتبعه، لكن قبل أن يخرج نهائيًا؛ غمز لـ"حبيبة" بمشاكسة فابتسمت بخجل على أثرها، وبعدها جلس الثلاث الفتيات حول الطاولة الموجودة في المنتصف، وكلٌ منهم بدأت بقص حكايتها البائسة للأخرىٰ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

_أومال فين أبوك يا "يعقوب"؟!

تسائل "رائد" بتلك الكلمات وهو يدور بأنظاره في أرجاء المنزل، ليُجيبه "يعقوب" الذي يأكل من طبق الحلويات خاصته:
_راح هو وأمي يزوروا قرايبنا، صلة رحم بقى وكدا.

تنهد "رائد" بارتياح هامسًا:
_طب الحمد لله.

تثائب "بادر" وهو يميل برأسه على الأريكة، ليتشدق "يحيى" مازحًا:
_أتمنى نكون مش متقلين عليكم يا جماعة، دول هما أربع خمس ساعات اللي قعدناهم معاكم.

رد عليه "مدثر" نافيًا:
_لأ يا حبيب أخوك خُد راحتك البيت بيتك.

قذفه "بدران" بالمزهرية البلاستيكية في وجهه وهو يقول حانقًا:
_بيت أبوك هو يلا صح؟!!

التقط "مدثر" المزهرية قبل أن تصل إلى وجهه، ثم طالعه بنظرات غاضبة بعد أن انتفض في مكانه صارخًا:
_كانت هتيجي عليا وتبوظ وشي الوسيم يا حيوان!

وكالعادة تنمر عليه "مصعب" ضاحكًا وهو يقول بمكر:
_وسيم إيه يا عنيا؟! دا أنت تحمد ربنا إن مراتك رضيت بواحد شبه القرد زيك.

وتلك المرة لم يصمت "مدثر" عن حقه وأصرَّ على ردع حقه بعد أن أخطأ في وسامته، هجم عليه لاكمًا إياه في وجهه بقوة، ليُطلق "عمران" صفيرًا عاليًا وهو يُشجِع:
_إديله كمان المُتنمر اللي مترباش دا.

طالعه "مصعب" بغضب أثناء ضرب "مدثر" له، ثم صرخ به ينهره بحدة:
_أنا أخوك يا حيوان قوم انقذني.

أشاح "عمران" بيده بلامبالاة ثم استدار جهة أخيه "يعقوب" ومد يده تجاه طبق الحلوى التي يأكل منها، لكنه انتفض بفزع عندما صرخ به "يعقوب" بغضب:
_إيدك يا حرامي.

تشنج وجه "عمران" والذي تشدق بغيظ:
_لأ ما هو مش كل ما نجيب بسبوسة أو أي حلويات تاكلها لوحدك، حضرتك معاك بني آدمين غيرك.

رد عليه "يعقوب" بفظاظة أثناء حمله للطبق وأخذه بين أحضانه:
_غور يلا من هنا، مش مكسوف على دمك وأنت جاي تاكل معايا وبجح كمان؟!!

رفع "عمران" حاجبيه بدهشة وهو يردد بعدم تصديق:
_وهو أنا لحقت آكل حاجة يا عم أنت؟!!

طالعه "يعقوب" بقرف وابتعد عنه ذاهبًا لأريكة أخرى، فرغ "عمران" فاهه بعدم تصديق أثناء تثبيته لنظراته على شقيقه، لقد وصل مع الأمر إلى درجة إدمان الحلوى، فحين يجلب لهم أباهم عُلبة كبيرة؛ يقوم بإلتهامها بأكملها، وإن اعترض أحد يقوم بتوبيخه كما لو أنه لص سارق.

نفخ "سليمان" والذي يتمدد على الأريكة ويضع رأسه على قدم "عدي" الذي غلبه النوم:
_يا جدعان إحنا هنروح المُهمة دي إمتى، أنا بنام على نفسي وعهد الله.

رد عليه "يحيى" الذي يجلس بجانب "سيف وبدير" اللذان يُشاهدان فيلمًا من الرعب:
_لما الساعة تيجي اتنين كدا، عشان لما نهجم؛ نهجم بقلب جامد وناخدهم على غفلة.

هبَّ "حمزة" من مكانه والذي أردف بتثاؤب وهو يفرد ذراعيه كُل منهم في جهة:
_على كدا احنا قدامنا ساعتين!! هدخل أريَّح أنا شوية بقى.

_خُدني معاك.
هتف بها "رائد" الذي ذهب خلفه، ليضحك "حمزة" بصخب وهو يلف ذراعه حول كتفه:
_تعالى يا حبيبي، ما أنت بقيت صاحب بيت بقى.

وبالفعل دخل معه "رائد" ليتنعما بنومٍ هاديء بعيدًا عن هؤلاء الثيران.

أمسك "سيف" في ذراع "بدير" الذي ينكمش على ذاته رعبًا، ثم همس له بخوف:
_اقلب يلا الفيلم دا وهاتلنا كرتون ولا أي نيلة تانية.

ورغم خوف "بدير" وفزعه، إلا أنه هز رأسه بقوة قائلًا:
_انشف ياض متبقاش طري كدا!! خليك راجل زيي ومتخافش.

ابتلع "سيف" ريقه بريبة وهو يُشدد الإمساك في كُم ملابسه، وفجأة فتح عيناه بفزع عندما رأىٰ ذلك البشري يأكل لحم صديقه!! وبعدها قام بإخراج أمعائه ثم قام بطهيها وتلذذ في أكلها وهي ساخنة!!

صرخ كلاهما بفزع عندما انغلقت أنوار الشقة بأكملها، لينتفض "سيف" لاطمًا على وجهه وهو يُولول:
_هياكلــــــــونا، هياكلـــــــونا.

أمسك "بدير" في ثيابه بقوة وهو يصرخ بعلو صوته:
_يا "يعقــــــــوب" يا "عمــــــــران" إلحقــــــونا.

انتظر الاثنان قليلًا علهما يستمعا إلى صوت أحد الشباب، لكنهما ابتلعا ريقهما برعب عندما لم يسمعا سوىٰ الصمت الذي يغلب على المكان، اقترب منه "سيف" ثم همس له برعب:
_تفتكر هيكون ماتوا ولا هياكلوهم؟!!

أجابه "بدير" بارتعاش:
_افرض كانوا اتلبسوا؟!

_يا مصيبتي؟!!

هتف بها "سيف" بفزع، بينما أكمل حديثه بنبرة باكية:
_أنا عايز ماما.

ليهتف بعده "بدير" مباشرةً بنفس النبرة:
_وأنا كمان.

كتما أنفاسهما برعبٍ عندما استمعا إلى صوت يأتي من جانبهم، عادا للخلف وبالطبع لم يروا بسبب العتمة فاصتدما بجسد عضلي ضخم من خلفهم، صرخ "بدير" عاليًا وهو يهتف برعب:
_إلحقـــــــوني، يا أم "رفعـــــــت"، يا ست "حليـمـــــــــــة".

دفعهما ذلك الجسد على الأرض والذي لم يكن سوى "يعقوب" الذي هتف بتأفف:
_يا جدع غور من وشي بقى جتكم البلا.

وقع "سيف" أرضًا من أثر الدفعة وفوقه وقع "بدير"، وفي تلك اللحظة أنارت الأنوار وظهرت فضيحتهم أمام الجميع!!

لوى "رياض" شفتيه يمينًا ويسارًا وهو يتحدث بصوت خافت:
_إخيه على رجالة اليومين دول، عليه العوض ومنه العوض.

هبَّ "بدير" من مكانه واقفًا وهو يصرخ به:
_اتلم ياض واحترم نفسك، أنا "بدير" آه بس راجل أوي.

مصمص "يحيى" على شفتيه والذي أردف بحسرة:
_حتى أنت يا "سيف"؟! شكلنا اتخدعنا فيك يا صاحبي.

ترك "وليد" ذلك الاجتماع التافه ثم هبَّ من مكانه هاتفًا:
_أنا نازل أجيب سجاير، دا انتوا عالم دماغكم تعبانة.

سار من وسط ذلك الحشد الكبير حتى وصل إلى أعتاب المنزل أخيرًا، وقبل أن يخرج كُليًا استدار نحو "سليم" وتسائل:
_تيجي معايا؟!!

_تؤ.
حركة خرجت من فمِ "سليم" الذي أجابه بلامبالاة ونعاس، فأومأ له "وليد" بصمت قبل أن يهبط لشراء ما يُريد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلست "يمنى" على الفراش بانهاك بعد يومٍ طويل قضته مع شقيقتها لاستذكار دروسها، ولكم أثارت غضبها بسبب غبائها الذي لا تنفك عن إظهاره، تثائبت مكانها بنعاس لكنها حاولت المقاومة حتى آذان الفجر لتقوم بتأدية فرضها وتنام براحة.

لكن تلك المرة غلبها نعاسها وأغمضت عينيها وذهبت في ثُباتٍ عميق، وهذه المرة لم ترىٰ حُلمًا أو كابوسًا، بل رأت حقيقة بشعة لاتزال تلحق بها حتى الآن، مرت ذكرياتها مع أبيها ووالدتها بكلِ لحظة حتى أنها شعرت بأنها حقيقة!

عاد "شاهين" من العمل وعلى وجهه يظهر الإنهاك بوضوح، لكنه ورغم تعبه لم ينسى حلوى صغيرته الجميلة والتي طلبتها منه، دخل للمنزل ولكن تلك المرة كان هادئًا على غير العادة! قطب جبينه بتعجب ثم دار بأنظاره في المنزل عله يلمح زوجته أو حتى ابنته، لكن لم يجد شيئًا.

ذهب نحو غرفة نومه ثم فتحها وكانت النتيجة ذاتها، فذهب نحو غرفة صغيرته لكن كما سبق لم يجد أحد، لكنه لاحظ حركة غريبة بالغرفة! تقدم أكثر حتى بات في المنتصف، وفجأة عاد للخلف خطوتان بفزع عندما وجد صغيرته تخرج من الخزانة صارخة بوجهه وهي تُقهقه بطفولية.

وضع يده على صدره بخضة ثم تشدق بعتاب:
_كدا يا "يُمنتي" تُخضي بابا؟!

انطلقت "يمنى" الصغيرة مُهرولة إلى أحضان والدها وهي تضحك بسخط، فالتقطها أبيها حاملًا إياها بين أحضانه وهو يُقبلها بحب:
_حبيبة قلب بابا، فين ماما راحت فين؟!

قبَّلته الصغيرة من وجنته بحب ثم أجابته بطفولية:
_خرجت.

قطب "شاهين" جبينه بضيق ثم ردد بهمس لم تفهمه حينها:
_خرجت إزاي؟! أنا قايلها 100 مرة متخرجش وتسيبك لوحدك.

لم تُبالي الصغيرة بحديثه، بل جعدت وجهها مُتسائلة بحنق طفولي لذيذ:
_بابا فين الشيكولاتة؟!

تصنع "شاهين" الصدمة وهو يقول بنسيان زائف:
_يا خبر!! دا أنا نسيت!

نظرت له عدة ثواني وكأنها تُقلب حديثه داخل عقلها، وبعدها تحدثت مُبتسمة بعد أن قبلت وجنته بحب:
_مش هزعل منك المرادي عشان أنت بتجيبلي كل يوم وأنا بحبك.

احتضنها "شاهين" بقوة مُقبلًا جانب وجهها، تلك الكُتلة من اللطافة يُريد أن يلتهمها لبرائتها، ابنته حنونة ولديها من الحب ما يكفي للجميع، وهذا ما حاول جاهدًا أن يزرعه داخلها طيلة سنوات عمره، أطال فترة عناقها فاستعجبت "يمنى" حالة والدها العجيبة لذلك تسائلت وهي تُربت على ظهره بحب:
_مالك يا بابا أنت كويس؟!

أخرجها "شاهين" من أحضانه واضعًا إياها أرضًا واستند هو بركبتيه أمامها ثم أخرج قطع الحلوى من جيب حلته التي يرتديها وهو يقول:
_بابا حبيب "يُمنته" مستحيل ينسى حاجة بنته قالتله عليها أبدًا.

التمعت عينها بشغف واتسعت ابتسامتها بقوة، ثم قفزت داخل أحضان والدها وهي تُقبله في جميع أنحاء وجهه وهو يضحك بصخب، لطالما كان والدها هو حبها الأول ومصدر بهجتها الذي سيظل عالقًا داخل ذاكرتها طيلة حياتها، فكيف لأبٍ عاش حياته بأكملها يُدافع عن عائلته أن يُمحىٰ بتلك السهولة؟!

في تلك الأثناء دخلت عليهم "هبة" والدة "يمنى" وزوجة "شاهين" وهي تحمل بين يديها حقيبة بلاستيكية بيضاء، وقف "شاهين" من مكانه واعتدل واقفًا أمامها وهو يردف بضيق:
_كنتِ فين يا "هبة"؟! مش قولتلك متسيبيش "يمنى" في البيت لوحدها تاني!

أخذت "هبة" أأنفاسها والتي كان يبدو عليها بأنها أخذت الطريق بأكمله بخطوات سريعة، وبعدها أجابته بيأس:
_واللهِ كانت نايمة وأنا سيبتها وروحت أجيبلها العلاج علشان الكُحة اللي عندها دي.

تصنع "شاهين" الضيق فأردف بملامح مُقتضبة:
_مش مُبرر لأ يا "هبة"، وغير دا كله أنتِ بقيتي مُهملة البت وأبو البت ودا غير مسموح أبدًا.

ابتسمت "هبة" بخفة عندما علمت بأنه يمزح، فاقتربت منه مُحيطة خصره بذراعيها ثم وضعت رأسها على صدره وهي تقول بحب:
_البت وأبو البت في عيوني من جوا، حقكم عليا والله عارفة إني مقصرة اليومين دول بس مبقتش ملاحقة على شغل البيت.

أحاط بها "شاهين" بعد أن قبَّل رأسها بحنان، ثم أردف بحب:
_متقوليش كدا يا غالية، دا بسبب اللي بتعمليه دا أشيلك فوق راسي العمر كله.

وعقب حديثه شعر "شاهين" بضربة خفيفة على ركبتيه من الأسفل، نظر فوجدها "يمنى" تنظر إليهم بملامح واجمة وهي تقول بغضب:
_وأنا يا بابا؟!!

قهقه "شاهين" بمرح وشاركته "هبة " في الضحك قبل أن ينحني قليلًا ويحملها على ذراعيه أثناء تقبيله بقوة لخدها المنتفخ، وبعدها تشدق بحنان:
_أنتِ روح قلب بابا من جوا يا "يُمنتي".

اتسعت ابتسامة الصغيرة بسعادة، وهكذا مرت عليهم الأيام حتى مرَّ عام كامل تعيش مع عائلتها الصغيرة بسعادة شديدة، كان منزلهم مليء بالدفئ والحب حتى أتى ذلك اليوم الذي رحل عنه الدفئ تمامًا، وذلك اليوم كان يوم وفاة والدتها الحبيبة!

حينها رأت ظهر أبيها قد انحنى بضعفٍ، تسمع بكائه الذي كان يُمزق نياط فؤادها رغم صغر عمرها، وكعادتها منذ وفاة والدتها كانت نائمة بجانب والدها، حينما أُصيبت بانهيار وهي ترى رحيل غاليتها أمام عيناها الدامعتان، لكن تلك المرة كانت رحيلًا للأبد ليس بضعة دقائق كما اعتادت، وقتها استمعت إلى حديث أبيها والذي كان يهمس ببكاءٍ خافت وهو ينظر لصورة والدتها:

_حقك عليا يا "هبة"، حقك عليا يا حبيبتي سامحيني، أنا عارف إن أنا السبب بس وغلاوتك عندي حقك هيجي لحد عندك، هتوحشيني لحد ما أجيلك يا نور عيني.

لم تكن تفقه شيئًا سوى أن أبيها كان السبب فيما حدث لوالدتها بطريقة غير مُباشرة، سنواتها العشر لم تُسعفها في فهم ما يدور من حولها، لكنها أرادت معرفة كيف ماتت والدتها، نعم أعوامها كانت قليلة للغاية، لكنها كانت من نوعية الأطفال شديدي الذكاء وهذا ما أتعب والدها معها كثيرًا.

مرَّ عامان آخران وأتى ذلك اليوم المشؤوم، حينما أخذها والدها معها ليلهو معًا كإعتذارٍ منه على انشغاله بعمله عنها، وفي طريق العودة شعروا بالكثير من السيارات المُصفحة تُحيط بهم، وبعدها قاموا بخطفهم معًا دون النظر إلى صراخ "شاهين" لترك ابنته، وبكاء "يمنى" خوفًا منهم، تم أخذهم لمكان قديم أشبه بالمخزن وقاموا بربط قدم ويدي "شاهين"، لكنهم استخفوا بوجود الصغيرة وتركوها دون رباط.

انكمشت "يمنى" بخوف وظلت نائمة على صدر والدها تبكي بصمت، ناداها "شاهين" بفزع فطالعته هي بأعين دامعة، فأمرها بصوتٍ منخفض:
_"يمنى" بُصيلي يا حبيبة بابا متخافيش أنا معاكي.

نظرت "يمنى" لأبيها بارتعاش فاستمعت إليه يُكمل حديثه:
_هاتي أي خشبة وافتحي الشباك الصغير اللي فوق دا، واجري بسرعة واستخبي ورا أي حاجة المهم محدش يشوفك.

هبطت دموع "يمنى" فارتمت بين أحضانه وهي تهتف ببكاء عنيف:
_طيب وأنت يا بابا؟!

اقترب منها أبيها مُقبلًا جانب وجهها بحنان، ثم أردف بسرعة:
_أنا معاكِ يا روح بابا، المهم يلا بسرعة روحي اعملي اللي قولتلك عليه.

تحاملت الصغيرة على ذاتها ثم وقفت مُسرعة ونفضت الغبار عن فستانها الوردي الجميل، ثم أمسكت بعصىٰ خشبية وفتحت الشباك الموجود على بعد ضئيل منها، وبعدها هرولت لإحدى الأركان واختبئت خلف أريكة مُتهالكة بعد أن أشار إليها والدها، ولم تمر سوى دقائق واستمعت إلى صوت خطوات تبعه صوت غليظ يهتف بحدة:

_فين بنتك يا "شاهين"؟!

رد عليه "شاهين" بابتسامة مُستفزة وهو يُشير نحو الشباك المفتوح:
_هربت.

أجابه الآخر بغلاظة بعد أن سحب زناد مسدسه:
_قولتلك يا "شاهين" إن اللعب معايا وحش، وأنت شوفت غضبي من سنتين لما مراتك اتسممت ومعرفتش تثبت أي حاجة ضدي.

اشتعلت عينيّ "شاهين" بنيران الحقد ثم أجابه بغضب:
_هيجي اليوم اللي هنتقم فيه منكم يا "مختار"، صدقني هتندموا أشد الندم.

ابتسم رجلٌ آخر معه بخبث وهو يقول:
_دا لو عيشت لحظة واحدة بعدي دي يا "شاهين"، اللي يقف في سكة "صادق مهران" و"مختار الأرماني" يستاهل الموت.

ومن بعدها شهقت "يمنى" بفزع والتي كانت تُتابع كل ما يحدث بأعين مُرتعبة، هبطت الدموع من عينيها بكثافة عندما رأت جسد والدها يقع صريعًا عندما سدد له "صادق" طلقة غادرة استقرت في منتصف رأسه أنهت حياته على الفور!

انتفضت "يمنى" من نومتها وهي تشهق بفزع، وضعت يدها على وجهها لتفركه فوجدت الدموع تُبلل وجنتاها بقوة، يبدو بأنها لم تبكي في كابوسها فقط! ارتعشت شفتيها ببكاء وحاولت السيطرة على ذاتها، لكنها ولأسفها الشديد لم تستطيع، فعلت صوت شهقاتها بحسرةٍ على فقدانها أغلى الغاليين على فؤادها، وقفت من مضجعها ثم اتجهت إلى شرفة غرفتها وفتحتها، فتركت نسمات الهواء الباردة تضرب وجهها علها تُخفف من وجعها.

كل الذكريات الجميلة التي مرت مع أبيها وأمها تتأرجح أمام عيناها، فتُزيد من لوعة قلبها ونزيف عيناها، شعرت بجميع جدران الغرفة تطبق فوق صدرها، أرادت أن تشكي لشقيقتها "أهلة" الآن لكنها خافت من فكرة كونها نائمة، لذلك قررت اللجوء إلى مصدر أمانها الثاني وهو "يحيى"، أمسكت بهاتفها ومازالت دموعها تهبط بصمت، وكأنها فقدت القدرة على السيطرة على عينيها، أتت برقم هاتفه وقررت الاتصال به مرة واحدة فقط حتى لا تُزعجه إن كان نائمًا، ولم تمر سوى ثانتين واستمعت إلى صوته الذي تحدث باشتياق:

_"يمونة" قلب "يحيى".

ابتسمت شفتيها عكس بكاء عيناها، وبصوتٍ مبحوح نادته بقهر:
_"يحيى"؟!

انتفض "يمنى" بفزع وترك مجلس الشباب مُبتعدًا عنهم، حتى وقف في الشرفة هو الآخر وتسائل بقلق بالغ:
_"يمنى" مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه؟!

ابتلعت "يمنى" ريقها بصعوبة ثم تشدقت بهمس باكٍ:
_بابا.. بابا وحشني أوي يا "يحيى".

تأثر "يحيى" من على الجهة الأخرى ولم يعرف بما يواسيها، لم يجد سوىٰ الكلمات المُعتادة التي تُقال في مثل تلك المواقف، لكن كانت كلماتٍ من نوعٍ خاص:

_حبيبتي ربنا يرحمه يارب، وأكيد هو في مكان أحسن، كفاية إنه سايب بنت عظيمة زيك فاكرة كل ذكرى ليه ومش بتنساه في دعائها، حقيقي يا "يمنى" أنا نفسي يكون عندي بنت زيك تفتكرني حتى بعد موتي، أنا فخور بيكِ أوي يا "يمنى"، وأكيد باباكِ فخور بيكِ هو كمان، متقضيش ليلك في البُكا يا عيوني، خففي على قلبك وهوني على نفسك وروحي صلي ركعتين لله وادعيله.

وهذا كل ما كانت تحتاجه، دعمه المُغلف بالحب والاحتواء، لقد أحسنت الاختيار عندما انتقته من وسط ملايين من الرجال، هو رجلها الثاني الذي حصل على كلِ الحب بعد وفاة والدها، جفت دموعها وابتسمت بحب وهي تقول:
_أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا "يحيى"؟! حقيقي أنا محظوظة بوجودك وعايزة أقولك إني بحبك أوي ومن كل قلبي.

ابتسم "يحيى" باتساع ورغم طرب قلبه قرر مُشاكستها والابتعاد عن أحاديث الحب والغرام حتى حين زواجهم، فقال بعبث:
_أقولك نكتة؟!!

تصنمت الابتسامة على شفتيها وهي تتذكر نكاته البائسة والثقيلة، فأردفت بتثاؤب مصطنع:
_لأ خلاص مش قادرة أنا هروح أنام.

ضحك بصخبٍ وأردف من بين ضحكاته:
_ماشي هعديهالك المرادي ها؟! يلا سلام يا حبيبي.

ردت عليه بابتسامة مكتومة:
_سلام، خلي بالك من نفسك.

أجابها بهيامٍ بعد أن تنهد بعشق:
_نَفسي معاكِ فخلي بالك أنتِ مني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هبط "وليد" درجات السلم وهو يُدندن ببعضِ الألحان، خرج من البناية بأكملها ثم مدَّ يده في جيب بنطاله وانشغل في اخراج الأموال منه، ولم يعي لذلك الجسد الضعيف الذي اصطدم به إلا عندما صاحت به الفتاة بنبرة غاضبة:
_ما تُبص قدامك يا اخويا هو انتوا ماشيين تخبطوا وخلاص في خلق الله؟!

قطب "وليد" جبينه بتعجب فرفع عيناه ليرىٰ صاحبة ذلك الصوت المُزعج والنبرة العالية، رأىٰ أمامه فتاة ذو بشرة بيضاء شاحبة وجسد نحيل، عيناها سوداوتان واسعة وكحيلة، يوجد أعلى شفتيها شامة (حَسَنة) سوداء صغيرة أضافت مظهرًا رائعًا لوجهها، بالإضافة إلى طابع الحُسن الذي كان يُزين ذقنها، في النهاية هي جميلة.

ارتسمت ابتسامة جانبية صغيرة على ثُغر "وليد" الذي اعتذر منها باحترام أحرجها:
_بعتذر منك يا آنسة مكنش قصدي.

حمحمت بجدية وهدأ غضبها بسبب احترامه المُبالغ به، ثم تشدقت بنبرة هادئة:
_ولا يهمك يا أستاذ، عن إذنك.

قالتها بُسرعة ثم ذهبت مُسرعة عندما استمعت إلى نداء زوجة أبيها تُناديها بغلظة:
_بت يا "نرجس" اخلصي يا بت.

ظل "وليد" مُتابعًا لأثرها حتى اختفت عن أنظاره حينما دخلت إلى أحد المنازل، لوىٰ شفتاه بمكرٍ وهو يُهمهم بتفكير:
_مممم.. "نرجس"؟!!

انتفض في وقفته عندما شعر بيد غليظة توضع على كتفه من الخلف فجأةً، استدار بسرعة فوجد "سليم" يُطالعه بنظراته الخبيثة وهو يقول بمشاكسة:
_بتعمل إيه يا "وليد" يا حبيبي؟!!

أجابه "وليد" بثبات وهو يهز كتفه بلامبالاة:
_بجيب سجاير.

وعقب إجابته تسائل "سليم" بشغب:
_وحلوة السجاير؟!

غمزه "وليد" بضحك:
_قمر السجاير.

قهقه "سليم" بصخب أثناء ضربه لكفه بكف "وليد" الذي بادله المُصافحة وهو يُشاركه الضحك، فتسائل "وليد" بعد أن أخذ أنفاسه قليلًا:
_إيه اللي نزلك مش قولت مش جاي؟!!

وتلك المرة غمزه "سليم" أثناء قوله المُشاكس:
_مهانش عليا أسيبك تنزل لوحدك ياض.

ابتسم "وليد" بامتنان وكاد أن يتحدث؛ لكنه قطع حديثه عندما استمعوا إلى صوت "مدثر" المُغتاظ يأتي من خلفهم:
_يعني انتوا نازلين وسايبني لوحدي مع شوية التيران اللي فوق دول؟!!

أحاط به "سليم" من كتفه ثم سار ثلاثتهم بجانب بعضهم البعض في طريقهم نحو الكشك، ثم أردف "سليم" بخبث:
_تعالى أحكيلك على حلاوة السجاير بتاعة "وليد".

تشنج وجه "وليد" بغيظ، فضربه على صدره بقوة هاتفًا:
_ما تتلم يلا إيه بتاعة "وليد" دي؟!!

وصلوا إلى الكُشك الصغير فأعطى "وليد" الأموال للبائع وطلب مطلبه، وبعد دقيقة عادوا من نفس الطريق الذي أتوا منه، وطيلة الطريق كان "سليم" يروي لـ"مدثر" عن (حلاوة السجائر الخاصة بوليد)، و"وليد" يُتابعهم بملامح حانقة.

أخرج سيجارتان من العُلبة فمد يده بواحدة لـ"سليم" الذي أخذها منه، والأخرىٰ لـ"مدثر" الذي رفض هاتفًا باشمئزاز:
_لأ يا عم مش بحب القرف دا.

أشعل "وليد" سيجاره وهو يقول بلامبالاة:
_براحتك، دي مزاج.

طالعه "مدثر" باستخفاف وهز رأسه بيأس وهو ينظر إليهم، فكيف لإنسانٍ عاقل أن يحب السجائر ويستلذ بها؟!! فهي بالرغم من سوء رائحتها يوجد عليها إقبال كبير بشكلٍ مُخيف من الشباب، ولحُسن حظه هو ليس منهم.

انشغل "وليد" للمرة الثانية بسجائره ولم يعي لذلك الجسد الذي اصطدم به للمرة الثانية، شهقت الفتاة بخفة ليرفع "وليد" يديه باستسلام وهو يقول بمشاكسة:
_مش ذنبي المرادي، أنتِ اللي كنتِ بتجري.

تأففت الفتاة بضيق أثناء قولها الساخط:
_لأ أنت اللي غلطان، ولو سمحت وسَّع من وشي بقى بدل ما أطلَّع غُلبي كله عليك.

ضيَّق "وليد" عيناه بخبث وهو يستنشق من سيجارته ثم نفخ دخانها في وجهها أثناء قوله العابث:
_طب ما تطلعي غُلبك عليا وناخد ونِدي بشكل وِدي لحد ما نوصل لحل سِلمي.

طالعته باشمئزاز من رأسه لإخمص قدمه، ثم قررت تجاهله والابتعاد عن طريقه كُليًا حتى لا تصعد الأقاويل عنها خاصةً وأنها في حارة شعبية، خطت خطوتان بعيدًا عنه؛ لكنها صرخت بفزع عندما استمعت إلى صوت طلقات النيران تصعد في الأرجاء!!

أمسك "وليد" بكف "نرجس" ثم هرول بها إلى أقرب بناية له ثم دفعها بها وهو يصرخ:
_يخربيت فقرك يا بومة، اليوم كله كان تمام ولما قابلتك كشفوني.

فرغت "نرجس" فاهها بصدمة وهي تُطالعه بعدم تصديق، أغلق باب البناية الرئيسية عليها ثم عاد إلى "سليم ومدثر"، لكنه لم يجد سوى "سليم" يقف حوله بتيهة بعد أن تركه "مدثر" وهرول إلى المنزل؟!!

لاحظ "وليد" وقوف "سليم" وحده، فهرول إليه بأنفاس ناهجة ثم جذبه راكضًا إلى طريق بعيد عن المنطقة بأكملها وهو يقول:
_تعالى نبعد عن هنا عشان محدش يتأذي.

أومأ له "سليم" موافقًا إياه، وبالفعل هرولوا بعيدًا خلف البيوت حتى وصلوا إلى منطقة زراعية يغشيها الزرع والأشجار من كل مكان، وقفوا يلتقطون أنفاسهم عدة ثوانٍ، فاستدار "وليد" لـ"سليم" مُتسائلًا بجدية:
_بتعرف تمسك سلاح.

ورغم عدم فهم الآخر إلا أنه أومأ بالإيجاب، ليجد بعدها "وليد" قد أخرج سلاحين من جيب بنطاله وأعطىٰ له واحدًا وهو يغمز له:
_هنلعب في وشهم خريطة يا حبيب أخوك.

التوى ثُغر "سليم" بابتسامة ماكرة أثناء قوله العابث:
_أبويا هيفرح بيا أوي لما يعرف.

اختبأ كلاهما خلف الأشجار كُل منهم خلف واحدة مختلفة والتزما الصمت، شعرا بصوت أقدام تدهس على القش فُتسبب صوت خفيف يتسبب في التوتر، لكن بالنسبةِ لكلٍ من "سليم ووليد"؟! فالأمر لم يؤثر بهم بالمرة!

أشار "وليد" لـ"سليم" بإشارة للهجوم، فأومأ له "سليم" بثقة قبل أن تمر ثلاث ثواني ويخرجا من خلف الأشجار موجهين أسلحتهم نحو أجساد المُلثمين الضِخام، لكن مهلًا؟! أعدادهم تفوق العشرة وهم اثنان بسلاحين فقط! الأمر محسوم ونهايتهم قد قاربت لا محالة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء خبر وفاة "ريمانا صفوت الأرماني" إلى "مختار" الذي لم يؤثر به الأمر بأي شكل من الأشكال، فلقد جائه منذ قليل جواب من البنك يُخبره بتسديد الأموال التي قام بقرضها، والتي من المُفترض أن يُسددها من أموال الشُحنات التي قام بتأجيلها بسبب كشفه لهم!

صرخ "مختار" بانهيار وهو يُدمر كل ما تطوله أيديه في المكتب، لقد أصبحت ثروته ومركزه كرجل أعمال على المحك، وكل ذلك بسبب "قاسم وصهيب طاحون" ومَن معهم؟!!! احمرت عيناه بحقد وهو يهمس بفحيح:
_آه يا ولاد الـ***، وديني لأقتلكم واحد واحد.

دخل عليه في تلك الأثناء شقيقه "نادر الأرماني" والذي صاح به بغضب:
_فلوسي فين يا "مختار"؟! قولتلي استنىٰ يومين وأديني استنيت اسبوع بحالهم ومفيش جديد.

طالعه "مختار" بحقدٍ قبل أن يُصيح به بصراخ:
_سيبني في حالي يا "نادر" أنا مش ناقصـــك.

ذهب إليه "نادر" بخطواتٍ سريعة ثم لكمه في وجهه بعنف وهو يصرخ به باهتياج:
_فلوســـــي يا "مختار"، ضيعت شقــىٰ عمري؟!!

طالعه" مختار" بنظراتٍ زائغة وكلمات شقيقه تتردد داخل أذنه كالسوطِ دون أن ترفق به، لقد ضاع كل شيء من بين يديه بالمعنى الحرفي، عالمه ينهار أمام ناظريه ولا يستطيع فعل شيء، أفعاله القديمة تُرَد إليه الآن بعد أن أفنىٰ حياته بأكملها في تجميع الأموال بطريقة غير شرعية، بعد أن سرق، نهب، وقتل، واستباح أجساد النساء! وليس هو فقط.. بل جميع أشقائه أيضًا طالتهم تلك اللعنة، فـ"رفعت الأرماني" قد قُتِلَ، و"صفوت الأرماني" مات بذبحة صدرية، وهو فقد جميع أمواله وأوشك على إعلان إفلاسه، بينما عقاب "نادر" ظهر مُسرعًا عندما وجد الخادمة تدخل عليهم الغرفة وتتشدق برعب:

_إلحق يا "نادر" بيه! "أنس" بيه ابن حضرتك أُغمىٰ عليه فوق وقاطع النفس.

_ابنــــــــي؟!!
صرخ بها "نادر" برعب ومن ثَم هرول إلى غرفة ابنه بسرعة مهولة!

بينما "مختار" نظر لأثره بصمتٍ وهو يُفكر في أقذر خطة قد يفعلها إنسان طيلة حياته ليجلب الأموال، وهو أخذ جُثة ابنة شقيقه "ريمانا" وبيعها لتجار الأعضاء!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان "محروس، جيهان، وسهيلة" يجلسون على الأريكة يُشاهدون إحدى البرامح الدينية التي تُعرَض على التلفاز، لتخرج "لواحظ" من الغرفة ثم وقفت أمامهم لتمنع عنهم الرؤية، جعدت "سهيلة" جبينها بضيق وهي تهتف قائلة:
_ابعدي شوية يا تيتا عايزة أتفرج!

لم تُبالي "لواحظ" بحديثها، بل قررت إخبارهم عن شيءٍ أثار حُزنها، لقد كُتِبَ على حُبهما الهلاك لذلك أردفت بصوتٍ خافت مُتأثر:
_أنا و"عبده" فركشنا الخطوبة.

#يُـتْـبَـعْ.
#حارة_القناص.
#شروق_حسن.♥

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هستنى رأيكم في البارت يا قمرات.♥

Continue Reading

You'll Also Like

3.6K 187 7
السلام عليكم انا نيجار فتاةٌ مُقبلة على منتصف العشرينات خُضت و اخوض الكثير في حياتي و لكن لم أصل إلى النضج الا بعد خذلان البعض هنا بدأ عقلي بإستيعاب...
515K 30.7K 58
قصه من أرض الواقع.. بقلمي أنا آيات علي ها أنا قد خلقتُ من الظُلم و العذاب الذي جار علي من وحش جبار فہ لقد وقعت بيد من لا يعرف معنى الرحمه و انهُ ذو...
222K 14.6K 21
عائلة دافئة فتاة تتمنى ان تعيش بسلام مع والديها واختها وسط حبهم وحنانهم وتحقيق امنياتها واسعادهم ولاكن هناك من يخالف هاذا الرئي .......
10K 617 39
• بعد إنهاء المكالمه سهيله بتذهب الي مكان تواجد فارس عند الاستدج وبتصفعه صفعه قويه علي وجهه تحت نظرات تعجب من الجميع... • وقال بنبره مخيفه وساخره : ا...