مُعَانَاة كَالسُكَر | Sufferi...

By EekaUa

88.1K 7.1K 2.5K

رُبما خانني الشعور بقول أنني كافية.. لم أكُن يومًا كافية قبل وجودكَ؛ بل كُنتُ كـتائه في بحر الخِذلان، كُنتَ... More

«اقتبـاس»
1_ الفصل الأول "قَـرار!"
2_الفصل الثاني "مشاعر"
3_الفصل الثالث "إدراك"
4_الفصل الرابع "شِفاء!"
5_الفصل الخامس "مَصيـر"
6_ الفصل السادس "مُعالجة"
7_ الفصل السابع "موافقة"
8_الفصل الثامن "فُرصة!"
9_ الفصل التاسع "رِحلة!"
10_ الفصل العاشر "إستعداد"
11_ الفصل الحادي عشر "تشابُه!"
12_الفصل الثاني عشر " مراسم"
13- الفصل الثالث عشر "سؤال وأجابة"
14- الفصل الرابع عشر "وقتٌ مُمتع"
15- الفصل الخامس عشر "وقعت بالخطأ!"
16- الفصل السادس عشر "محاولة"
17- الفصل السابع عشر "كارثة"
18- الفصل الثامن عشر "لم يتخطىٰ بعد!"
19- الفصل التاسع عشر " احتواء"
20- الفصل العشرون "بلا سكر!"
21- الفصل الواحد والعشرون "ندوب الماضي"
22- الفصل الثاني والعشرون "يوم الميلاد"
23- الفصل الثالث والعشرون "انفجار!"
24- الفصل الرابع والعشرون "تغييرات مرئية"
25- الفصل الخامس والعشرون "أهلًا رمضان"
26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"
28- الفصل الثامن والعشرون، الأخير " زفاف!"
- ما ناقشته الرواية. ✓
إضافي¹ " عائلة"
إضافي²: " كفرحة الأعياد!"
منورة في معرض القاهرة للكتاب الدولي!

27- الفصل السابع والعشرون "عيدٌ مُبارك!"

1.9K 200 25
By EekaUa


على مدار الأيام المتبقية بالشهر الكريم، كانت "حور" تذهب في موعدها عصرًا إلى الشركة للدراسة، و "كرم" و "يونس" يتولون أمر التجديدات التي ستتم بالمعرض الفترة القادمة، اجتاز "يونس" الكثير حيث أنه تمكن أخيرًا ان يتخلى عن الكسل ويتعلم العديد من الأشياء الخاصة بتصليح السيارات، يستطيع الآن أن يقول بأنه أصبح كقدوته وأبن عمه "كرم"، وبالحديث عن الخبرة، "إسلام" أيضًا اكتسب العديد من تجربته في ما هو به الآن، استطاع إدارة المقهى الجديد بلمساته الخاصة، وغير ذلك قام بدفع الدفعة الأولى لصديقه "طارق" وهاوده فالأمر حتى لا ينزعج، ووسط التحضيرات الخاصة بالعيد، كان هو وسط المقهى يطالع كل تفصيلة به وكأنه يقول لنفسه أخيرًا بأنه استطاع أن يحقق جزءًا من أحلامه..

وبالحديث عن الأحلام.. استطاعت كل من "رَوان" و "سما" و"سمر" العبور بأول قارب لشق وجهتهم الدراسية، أما عن "سلمى" فهي مازالت تدرس بجد في جامعتها للوصول إلى مرادها، وغير ذلك.. لقد تغير الكثير والكثير من طباع نساء عائلة "المهدي" فقط استطاعوا أخيرًا أن يتخلوا عن بعض العادات السيئة بهم، وسلكوا الطريق الصحيح لنجاة أولادهم.. أما كل من "أحمد" و "خالد" و"يوسف" تمكنوا أخيرًا أن يتحدثون بالماضي، وقاموا بحل سوء الفهم بشكل ودي واحترامي جميل، وعادوا الإخوة إلى أحضان بعضهم بعد طول إنتظار..

وعبرت أيامه بسرعة البرق، ومرت وكأنها رمشة جفن، كم هي دفيئة لياليك يا رمضان!، وكم هو مؤلم توديعك..

-ليلة عيد الفطر-

ببيت "خالد المهدي"، أنهت "حور" وأختها أخيرًا نظافة البيت، وبالتحديد، كانوا يغيرون مفرش طاولة الطعام الخاص برمضان إلى آخر عادي تم شراءه لليلة العيد، وعند فرشهم له غمغمت "أمل" من الخلف بصوتٍ متهشرجٍ:
-"جريت أيامه بسرعة"

-"يا ماما أبوس إيدك بقى دي المرة الألف من الصبح تقوليها"

ردت عليها "سما" بينما تحدثت "حور" بحبٍ:
-"معلش يا ماما، هيجي تاني بسرعة متقلقيش، وبعدين بكرة العيد بقى مش عايزين نكد"

_وفي الوقت ذاته ببيت "أحمد المهدي" _

تفوهت ن"نهال" بضيقٍ:
-" أنا نكد يا بومة أنتِ؟"

أجابت عليها "سمر":
-" انا بومة يا ماما؟، الله يسامحك دا أنا سكر البيت"

-"ايوة ايوة قضوها نكش وسيبوا السجاد كده مش لاقي اللي يفرشه"

تفوه "يونس" عقب دلوفه من باب المنزل، لتطلق "سلمى" صفيرًا عاليًا وهي تقول بإعجابٍ:
-" أيوة يا سيدي على الشعر المسبسب والدقن المتحددة"

حرك عنقه بدرامية وهو يقول:
-" إيه رايك؟، أنا بقول برضو حَلّقة العيد غير"

ردت بتفخيمٍ:
-"اومال!!، يلا يا أبو السوس يا حبيبي تعالي شيلي السرير عشان افرش السجادة تحته"

تقدم يسمكها من كحكتها وهو يقول بعلوٍ:
-" بقى بطبليلي وقلبهاها فرقة رضا عشان اشيلك السرير يابت أنت؟، وكام مرة اقولك متقوليش الاسم ده؟ كام مرة!!"

قامت بأصدار أصوات عالية وهي تحاول فك يديه من خصلاتها، وحينها خرج والدها من الغرفة وهو يقول:
-" في إيه؟"

تركها "يونس" عقب خروج والده وقال:
-" بنتك أنا ومعدي كبت عليا مية"

-"كداب هو جه مسكها من شعرها عشان بتقله يساعدها ففرش السجاد"

قالتها"نهال" وهي تخيط الثياب التي بيديها ليقول هو بصوتٌ حانق:
-" بقى كده يا ماما؟، بتيجي مع سلومة وأنا لا؟، الله يرحم"

تفوه والده:
-"بس ياواد وادخل استحمى من الشعر اللي على رقبتك ده"

-"داخل داخل"

نثر وهو يدلف إلى غرفته وقبل أن يعبر بابها تراجع وهو يقول:
-"تعالي وريني عايزة تفرشي إيه، هساعدك مش لأجل عيونك لأ، لأجل أننا في ليلة عيد وكده"

-"طب يلا يا حنين"

قالتها له بضحكاتٍ متقطعة ثم دلفت معه إلى غرفتها ليساعدها في فرش السجاد..

___________

وفي بيت "يوسف المهدي"، كان كل من "إسلام" و "كرم" و"رَوان" و "كريمة" يحاولون فرش تلك السجادة الضخمة بالصالون، ولكن لا جدوى بسبب ثقل وزنها وكِبر حجمها، فغمغم "إسلام" بنفاذ صبرٍ:
-" يا ناس حرام عليكم كتفي اتخلع"

بينما تفوه"كرم":
-"دي سجادة دي يا ماما ولا برج القاهرة؟"

وحينها تفوهت "روان" بألم:
-" ياجماعة بسرعة مش قادرة اتحمل"

بينما قالت "كريمة":
-" مش عارفة كنت مغيبة وقت مجبتها ولا إيه!"

-"لا لا مش قادر، نزل يعم نزل على الأرض"

قالها "إسلام" ليقوموا بتنزيلها أرضًا، بينما قوس "كرم" يداه على خصره وهو يقول:
-" مينفعش نقصها؟"

ردت والدته:
-"لا طبعًا دي غالية أوي"

-"مش أغلى من كتفي اللي اتخلع يا ماما!"

نظرت إليه بحنقٍ وقالت:
-"ماتنشف ياض يا إسلام في إيه؟، خلاص إحنا عدينا الصعب، يلا نفرشها بقى"

سأل "كرم" "رَوان":
-" أمك ناوية تخلينا نعيد عند دكتور العظام يا روان"

ضحكت هي ثم أكملوا معهم فرش السجادة...

_في منزل "حسين عمران"_

كانت "عبير" تضع آخر قطعة أثاث منزلي بالركن الخاص بالصالون، فتذمرت "تالية":
-" يماما دي المرة الألف نحرك الكرسي ده من الركن ونرجعه تاني"

فأجابت:
-"خلاص دي آخر مرة"

طالعت والدتها بأستغراب وهي تتعجب على تحريك الأساس كل خمس دقائق بهدف التغيير من ثم ترجعه إلى المكان ذاته!..

وحينها أتى"طارق" برفقة "سيف" وهم يمسكون حقائب بلاستيكية بها حلوى العيد، ثم قاموا بوضعها على السفرة وحينها غمغم"طارق":
-"وادي الكحك يا ست عبير"

-"شاطرين، هاتي بقى يا تالية الحافظات من المطبخ وروصوه فيها، وحاسبوا ليتكسر منكم"

وعندها دلف "سيف" غرفته بسرعة على صوت الهاتف وهو يرن، فأجاب عليه ببسمة متسعة:
-" كل سنة وأنتِ طيبة يا حورية قلبي"

ضحكت على الجانب الآخر وهي ترد له بحبٍ، ثم وبعد أن أنهى حديثه معها خرج ليساعد أخوته ووالدته في التحضيرات..

___________

فالوقت ذاته، كان كل من "يونس" و "عصام" و"إسلام" يقفون أمام المقهى الشعبي ينتظرون مجيء "كرم" وما إن أتى، تجولوا بالشوارع وهم يتحادثون إلى حين وصولهم محل الخياطة القريب، وما إن دلفوا حتى قال لهم العم "مُسعد":
-"مـا لسه بدري يا بهوات!، أنا عايز أقفل"

تقدم "كرم" يقول بنبرة معتذره:
-"آسفين والله يا عم مُسعد بس اتأخرنا عند الحلاق"

ضحك "مُسعد" وهو يعيرهم الجلابيب قائلًا:
-"طب يلا يا بشوات قيسوا الجلاليب عشان نشوفها مظبوطة ولا لا"

قاموا بأخذها من يده وبالفعل بعد ثوانٍ خرجوا وهم يرتدونها، كانوا مبهجين حيث اعتمدوا اللون الأبيض جميعهم بأستثناء التصاميم التي اختلفت عن بعضها قليلًا، أما بالنسبة إلى "إسلام" فطالع نفسه بالمرآة بتقززٍ وهو يقول:
-"يَع!، شكلي زي شكوكو!"

ضحكوا عليه بعلوٍ، فهو يكره الجلابيب هذه طيلة حياته، خصوصًا أن طوله لا يساعد في رؤية نفسه جميلًا فيها كمثل روية أبناء عمه وأخاه، فتفوه "كرم" بعد أن استغرق وقت في التفكير:
-" والله يواد شكلك عسل، بصو كده الاستايل دا فالجلاليب هياخد من إسلام حتة"

وافقه الرأي "عصام" بينما قال "يونس":
-"والله ياض شكلك أحلى مني فالاستايل دا، ياريتني عملت بتاعتي زيك"

ارتخت مقاسم وجهه حين اطمئن أنه ليس بالسوء الذي ظنه، ثم قال بهدوءٍ:
-"لا لا شكلك حلو متقلقش"

فاستمعوا إلى صوت العم من الخلف وهو يغلق إنارة المحل:
-"طب يلا يا شاطر منه لُه، كل سنة وأنتوا طيبين"

ابتسموا له ثم بعد دقيقة كانوا يتجولون كعادتهم وهم يطالعون تلك الأجواء بحبٍ وهُيام وخصيصًا حين دقت أغنية "ياليلة العيد" أرجاء البلدة، ولكن على حجم سعادة القلب بسماعها، مثلها وأكثر قليلًا حُزنًا على رحيل الجميل " رمضان"، يأتي ويرحل برمشة وكأنه لقطة بثلاثون ثانية وليس ليلة!، وعلى كُلٍ، جميعها شعائر الله وعلينا أن نُعظمها دائمًا، فاللهم بحق هذه الأيام القليلة المفترجة، أن تسعد قلوبنا، وتُهدئ عقولنا، وتمحي جروحنا، وتلملم شتات أرواحنا، وتُرمم بقايا عبثنا بنا، وترحمنا وتردنا إليك ردًا ترضى به النفس، ويرتاح بها الجسد..

°°°°°

وبالانتقال مرةً أخرى إلى مبنى عائلتنا العزيز - عائلة المهدي- كانوا يعظمون ليلة العيد بطريقتهم الجميلة والخاصة، بالتحديد أن نظرنا داخل البوابة سنجد مبنى المهدي بعائلته بأكملها خلفها يساعدون بعضهم بصنع الكحك الخاص بالعيد، الفتيات سعيدات، بل أكثر، ولكن الأمهات تُمتم بحزنٍ على مرور الشهر بسرعة وكأنه لم يأتي من الأساس..

نعم تلك هي مشاعر الأمهات اللواتي يعانون من فرطٍ زائد بخصوص رمضان، يحبون روائحه ولمته وأيامه المباركة، ولكن على كل حال، سينسون مرارة رحيله بفرحة العيد بالتأكيد، فالفتيات قاموا بصنع أجواءٍ تطيب لها النفس وتشرح القلب بالبهجة والسرور، وبعد إنتهاء الليلة أتى صباح العيد يحمل في حوزته شعائره الجميلة والمحببة لقلب المسلمين..

رَنت أصوات المساجد بأعلان الصلاة، والفتية خرجوا لصلاتها مع آباءهم، أما الفتيات بأمهاتهم اتجهوا إلى مسجد النساء، بعد أن قضوا الأمر عادوا وسط فرحة الأطفال بالملابس المهندمة، والطبعة الجديدة للورقة النقدية التي كانت كل من "رَوان" و "سلمى" توزعها عليهم، أما "حور" فقامت بتوزيع أكياس بلاستيكية صغيرة تحتوي على حلوى وورقة نقدية و ورقة ملونة كُتب عليها بخطٍ مُنمق وجميل "تهادوا وتحابوا"، وأكمل جمال الأمر ولطافته ما كتب على الكيس من الخارج "عيد فطر سعيد"؛ وهذا ما شغلت حالها به أمس..

وبعد قليل، كانوا يجلسون بالمدخل الواسع أمام البناية، كلهم أجمع، وللحق هم اعتادوا هذا الأمر، أن يتجمعون سويًا برفقة بعضهم، يتبادلون الأحاديث والجلسات الطيبة، صِلة القرابة التي تمليء قلوبهم أصبحت أقوى وأجمل الآن، ووسط الضحكات والأحاديث الشيقة، أتت عائلة "عمران" لتشاركهم فرحة العيد وجلساته..

ووسط حديث الأمهات جلست "نهال" وبيدها اطباق وهي تقول:
-" وطبعًا القعدة متكملش من غير التِرمس!"

وحينها نثرت "أمل":
-" طبعًا وخصوصًا تِرمس نهال"

قهقهن برفقة الفتيات وحينها استغل "يوسف المهدي" الأمر حين قال وسط الجميع:

-"بما أن النهاردة عيد، حابب أتكلم في حاجة "

عقد "خالد" و "أحمد" حاجبيهم بأستغراب ليتحدث "يوسف" موجهًا حديثه إلى"أحمد":
-"أنا عايز أطلب أيد بنتك سلمى لابني إسلام يا أحمد"

اندهشوا الشبان بسعادة وهم يطالعون "إسلام" الذي وجه بصره إلى"سلمى"، والتي كانت تطالع بنات عمها ووالدتها بصدمة حملت في طياتها الخجل، أما عند "يوسف" فتساءل بفضول:
-"ها قلت إيه؟"

ابتسم "أحمد" بخبثٍ وهو يطالع "يونس" كونه علم بالأمر قبلًا منه، ثم طالع بنته وقال بعبثٍ:
-"طب مش ناخد رأي العروسة؟"

إتسعت حدقتي "سلمى" برهبة وخجل لثوانٍ ولكن شقت زغرودة "كريمة" المكان وبعد أن انهتها قالت بسعادة:
-"يخواتي ألف مبروك، العروسة موافقة"

ضحكت "سلمى" بدهشة برفقة والدتها والجميع، أما "إسلام" فحرك عنقه بخجلٍ طفيف من تصرف والدته، ثم ضحك "أحمد" بسعادة بالغة وهو يقول:
-" يبقى نقرأ الفاتحة"

ابتسم "يوسف"وبحب وهو يصافح أخاه بسعادة، ثم شرعوا برفع يديهم وهم يتمتمون بكلمات سورة "الفاتحة" سائلين البركة والتوفيق فيما هو آتٍ، وبعد أن أنهوا قراءتها نظر هو إليها لتخفس هي نظرها أرضًا بخجلٍ، فتلاقت بالاحضان من الفتيات وأمهاتهم، وعند "إسلام" تناول ضربة بقبضة "يونس" في كتفه ثم تعانقوا وهو يقول بحبٍ وسعادة:

-"الف مبروك عليك يواد، ربنا يكملكم فرحتكم على خير يارب"

ووسط التهنئات آتاهم صوت "خالد" وهو يقول:
-" بالمناسبة، يومين كده وهبقى اجيلك البيت يا حسين أنا وعصام، أهو نشرب الشاي سوا"

قال بمقصد التقطه "حسين" بتفهم ثم رد عليه مرحبًا:
-" أكيد يا حبيبي مستنيكم"

بينما فالوقت ذاته تمتمت الفتيات لـ "تالية" التي احمرت خجلًا بكلمات التهنئة المقدمة، وحينها تلاقت أبصارهم فجأة ثم انتشل هو عيناه من عليها وهو يتلقى تهنئة "إسلام" الخافتة:
-"مبروك مقدمًا يا عصومة"

ابتسم له ثم رد عليه بحبٍ:
-" ومبروك عليك يا إسلام"

ثم قال بصوتٍ عالٍ:
-"طيب حابب أقول حاجة كمان"

نظر إلى أخته "حور" ثم أكمل بسعادة:
-"طبعًا كلنا عارفين أن أختي حور من فترة اتقبلت كمتدربة في شركة اسمها your design بتاعت الفاشون ديزاينر وكده، المهم أنها خلصت تدريبها و الأسبوع اللي ورا الجاي في مسابقة عبارة عن عرض أزياء ع الضيق فالشركة كده، كتنفيذ للي اتدربت عليه هي وزمايلها هناك، ف أن شاء الله كلنا هنحضر الشو دا عشان نشجعها وبأذن الله تفوز بيه وأنا واثق ف دا"

ابتمست بخجلٍ من حديثه وانهالت أصوات أقاربها وأبناء عمها عليها بالتشجيع، ثم نظرت داخل عينه التي تلهمها دائمًا الأمان والسعي في أن تكمل طريقها به..

ليأتيهم صوت أبيها وهو يقول بفخرٍ:
-"إحنا هنروح كده كده عشان نكون جمبها فالتجربة دي، فازت أو مفازتش مش مشكلة بالنسبالي أنا من غير إثبات فخور بيها وعارف أنها شاطرة فكل حاجة"

ضحكت وبعينها الدموع على والدها الحنون، ثم أرسلت إليه قبلة فالهواء بأمتنان وحب، ثم أكملوا حديثهم الشيق في مواضيعهم الروتينية..

°°°°°

كان الأسبوعان في غاية الصعوبة بالنسبة إلى "حور"، حيث أنها قررت أن تذهب لشراء الأقمشة الخاصة بالتصاميم التي سيتم تنفيذها بنفسها، وكانت تساعدها في ذلك "تالية"، وهذا لأنها على دراية كبرى بالاقمشة وأنواعها، ومن وجهة نظر "حور" فهي تثق في رأيها كثيرًا، اعتمدت "حور" في تصاميمها البساطة والهدوء والرقيّ، وخصيصًا أنها أصرت بأن الفتيات التي سيتم عرض التصاميم عليهم بارتداء الحجاب بشكلٍ جميلٍ ومرتب، تعمدت هي ذلك حين قامت بالاهتمام بالعارضات بنفسها، والإلتزام في المكوث بالمشغل فترة طويلة مع العاملات حتى يتم ما كانت تريده بالشكل المناسب..
أصبحت تدور عليهم وهي تُعدل الحجاب وتضيف اللمسات الأخيرة؛ وهذا تحديدًا قبل بدء العرض بخمسة عشر دقيقة..

تنهدت بهدوءٍ يحمل معه بعض حرارة التوتر وهي تقف خلف الستار تطالع الحشد المهم برفقة عائلتها بالصالة، أومأت لنفسها بالتشجيع وهي تكرر بعض الآيات القرآنية لتبعث داخلها بعض الطمأنينة، ثم لاحت ببصرها عليه، فأشار لها كدلالة على رؤيته لها، ثم اختفت سريعًا، أخذت تتابع التنفس بهدوء إلى حين ظهوره أمامها، انتفضت هي بزعرٍ منه وقالت:

-"خضيتني يا سيف!"

مال برأسه بأسف وقال:
-"مكنتش أقصد بس أنتِ متوترة أوي كده ليه؟"

حركت رأسها بالنفي:
-" مش عارفة بجد مش عارفة، ممكن التصميم متعجبش اللجنة والأستاذة سهيلة يا سيف صح؟، في ناس كتير برة!"

-"ششش، في إيه مالك أهدي، سواء في ناس كتير برة أو لا هتعملي إيه يعني اجمدي كده!"

أومأت هي وهي تحاول أن ترخي من أعصابها المشدودة ليقول هو:
-"وبعدين يا حوري الأستاذة سهيلة عجبها شغلك أو لا مش هتفرق بالنسبالي أنا وعيلتك، لأننا واثقين بأنك مش محتاجة اللي يقيمك، أنتِ من وجهة نظري عديتي مرحلة التقييم دا من زمان، ها!"

ابتمست له وهي توميء برأسها، ليغمغم هو بحبٍ وخفة:
-"يبقى إيه بقى نجمد كده ونبقى شاطرين، وبأذن الله اليوم هيعدي، أنتِ حاولي على قد ما تقدري متسيبيش نفسك للتوتر ولو فكرتي كتير اقرأي قرآن، تمام؟"

ابتمست بسعادة:
-"اوك تمام"

-"آنسة حور المهدي، ممكن تيجي تشيكي على الـ dresses؟"

قالتها إحدى المسؤلين عن العرض لها، لتوميء هي لها وهي تقول:
-"أكيد جاية حالًا"

ثم نظرت إليه وقالت:
-"شكرًا إنك موجود، أشوفك بعد العرض"

وانسحبت فورًا من أمامه ليضحك هو على حالها وتمتم بخفوت:
-"ربنا يحفظك"

_______________

(3°°° 2°°° 1°°° 0)

هذا ما ظهر بصوت تشويقي على الشاشة الضخمة التي بالصالة الخاصة بالعرض، بالفعل كانت ممتلئة بالكثير من المصممين الكبار والبعض منهم بجنسيات مختلفة من الخارج، وبأكبر منصة جلس رجلين واحد منهم لبناني والآخر فرنسي، وبالمنتصف هي ، ما تسمى بِـ "سهيلة الشافعي"، على اليمين وسط المدعويين عائلة "المهدي" و"عمران" وهم يطالعون تلك التصاميم الخاصة بزملاء "حور"، عارضة تلو الأخرى، ولجنة التحكيم تطالع بترقب وتسجل بأهتمام، وبعد مرور نص ساعة أخيرًا أتى دور عارضات "حور"، بدأ عرضها وهي خلف الستار تراقب مجهوداتها بهدوءٍ وفخر، شعور آمن تسلل داخل قلبها تحديدًا عند رؤيتها إلى داعمها الأكبر؛ عائلتها، وبعد ما أن تم عرض "9" فساتين تليق بالمحجبات، أتى دور التصميم الأخير والغريب كما كان ظاهر أمام الجميع.. ولكن يبدو أنها كانت تخطط لهذا..

استغرب الموجودين من التصميم الأخير والذي كان يشف قدم العارضة واكتافها، ولكن تملك الصمت القاعة وهم ينتظرون أن يتم تفسير سبب اختلاف التصميم الأخير عن البقية، وعلى حين غفلة قامت العارضة بسحب شريط خفيّ من الوسط أدى إلى انتشار تنورة سوداء لامعة ممتزجة باللون الزمرديّ بالتدريج، ومرة أخرى وهي تدور لأظهار ظهر التصميم قامت بسحب الشريط العلوي الذي أدى إلى فَك وشاحان خرجا من ياقة الفستان المرتفعة وتدلوا على ذراعيها واكتافها، كان المشهد والتصميم والفكرة كافيين لجعل من بالصالة يصابون بالصدمة والإعجاب في آنٍ واحد، فقط انتظرت ثوانِ معدودة بعد ما حدث واستمعت حينها إلى أصوات التصفيقات المعجبة والتصفيرات وغيرها..

لا تعلم هي ما يحدث الآن، أهم جناحات تم رفعها من أرضها بهما، أم سعادة لا حصر لها، أم فخرٌ وعزة وامتنان كبير لهذا الحلم الذي لم يتخلى عنها كما فعلت هي..

أُفيقت على صوت إحدى العارضات وهي تحثها على الخروج من خلف الستار وتحيي الموجودين، وبالفعل أمسكت بيد العارضة الأخيرة وتقدمت معها بالمنتصف ومن الجهتان باقي العارضات وهي تصفقن لها، طالعت الجميع بأعين دامعة وخصيصًا أبيها ووالدتها التي تدلت من عينيها شريطان لامعان من الدموع الفرحة والفخورة، طالعت حبيبها وصديق أيامها البشعة "سيف" بنظراتٍ حملت جميع معاني الشكر والتقدير لما قدمه لها من دعم كانت تحتاجه وايقنت الآن أنها كانت تستحقه..

انتهى العرض وأصبح حفلة موسيقية هادئة راقية، حيث جلس المدعويين والحضور على المقاعد والطاولات، حينها خرجت هي من وسط الستار وهي توميء للجميع الذي ما أن رأوها تمتموا لها بكلمات التهنئة والتشجيع، اتجهت إلى الطاولات التي تحوي عائلتها وأصبحت تحتضن أقاربها ووالدتها والجميع، ثم وقفت إلى جواره وهو يرمقها بنظرات فخر وسعادة على ما حدث منذ قليل، حمحمت بتوترٍ بينما هو قام بأصتناع غمزة خبيثة وقال:

-"إيه ياعم الحلاوة دي، دا أنا يا بختي بجد على رأي بيرو!"

ضحكت بخجلٍ طفيف وردت:
-" دا أنا اللي يا بختي يا سيف والله"

ابتسم لها بحبٍ انغمرت هي به حين قامت بألتقاطه، وحينها انتبهوا إلى لجنة التحكيم التي صعدت على المسرح للتو، وعلى ما يبدو أنهم سيقومون بإعلان اسم الفائز..

نثرت تلك السيدة التي تسمى "سهيلة الشافعي":
-" الصراحة أن دي أول مرة من خمس سنين أحضر fashion show - عرض أزياء- فالشركة واستمتع بيه، يعني من حيث الأسلوب والطريقة اللي تم تقديم بيها الـ dresses، فَـ أنا فخورة بكل البنات اللي شاركت، بس للأسف الفايز شخص واحد بس منهم وهي؛ حور خالد المهدي"

أصوات التصفيرات والتصفيقات التي نبعت من فتيان وفتيات العائلة والعائلة كانت كافية لأفاقتها من الصدمة التي زُرعت داخلها، اندهشت بتوترٍ وخجلٍ داعبه بعض الفخر ودموع السعادة على ما حدث اليوم، ها هي الآن تقف على منصة التكريم تمسك بالشهادة والمنحة التي فازت بها، هي اليوم أثبتت لنفسها أولًا أنها تستحق، واليوم أيضًا اكتسبت ثقة وسعادة وشغف كافيين لرسم خريطة أخرى من خرائط المستقبل..

حلم وأصبح حقيقة، أمنية خفية في وحي خيالها وأصبحت واقع جميل تعيشه وتفتخر به، تنظر إلى عائلتها ولأعينهم التي امتلئت بالفخر بها، حققت ما كانت تتمناه طيلة حياتها أخيرًا، ثم تدحرجت مقلتيها إلى نقطة خفية لا ترى غيرها، نعم تلك الأيام المتعبة والشاقة التي عاشتها، تلك الأحاسيس الصعبة التي لم يمر أحد بها غيرها، ولم يشعر بها أحد حينها، حمدت الله على كل ما مر وكل ما حدث تزامنًا مع إسقاط الدموع من عينها، ثم أومأت للجميع وكأنها ترد على التهنيئات التي حلت بالارجاء عليها...

____يُتبع____
♡«مُعَانَاة كَالسُكَر»♡
مـــنار نجـــدي

Continue Reading

You'll Also Like

809 80 2
إحترس منطقة المحتالين!! في العالم النقيض للمدينة الفاضلة ما بين الظلام و النور، و القوة و الضعف، ما بين السماء و الارض، و ما فوق الارض و أسفلها، حيث...
2.3K 230 6
_يظنون بأن الشخص الثري هو من يملك ثروة ضخمة من المال لا تنفذ، كلا، فما فائدة المال وصاحبه يجهل قيمته ولا يعلم كيفية إدارته؟ الغني الحقيقي هو الذي يد...
15.4K 1.9K 21
الحيَاة مَلِيئَة بِالتَّحدِّيات فَحَياة بَطلتِنا مَلِيئَة بِالْجروح، فموْتُ وَالدِها وَهُو أعزُّ مَا تَملِك والْهروب مِن أُمهَا وَلكِن يُعَوضهَا اَل...
9.3K 737 26
«الاختيارات هي التي تُحدد ماهية الشخص الذي ستصيره فإما أن تُصبح أفضل نُسخة منك، أو تُصبح صورة مُكررة لشخص يبعد كل البعد عنك.» تقرر "سلمى" أن تُغير من...