وما فائدة الحياة اذا لم يكن لدينا الشجاعة لتجربة كل شئ*
_فان_جوخ
عدتُ إلى المنزل بعدما اتفقت مع نور وأشرقت اننا سوف نذهب إلى التسوق بعد الانتهاء من الدرس لشراء ملابس جديدة لي ثم نذهب بعدها إلى صالون التجميل...
حاولت كلاً منهما إقناع مريم بأن تأتي معنا لكنها لم توافق في البداية ولكن مع اصرارنا وافقت في الاخير.
في الحقيقه كنت خائفه من التجربه ولكن بعدما اقنعتني نور وأشرقت تشجعت لأخذ الخطوه الاولى..خطوة التغيير!
دلفت إلى غرفتي وامسكتُ فرشاتي و بدأت بالرسم، رسمت لوحه جميله تُعبر عن الاختلاف حيثُ مزجت الألوان ببعضها كي تكون مميزه ومختلفة...!
وبعدما انتهيت وضعتها بجانب لوحاتي، فكل لوحة تُعبر عن ذكرى لي، سعاده، حزن، حماس، حب!
فجميع مشاعري أعبر عنها في لوحاتي، حيثُ كل لوحة تنطق بما تشعر به...!
اخذتُ تنهيده طويله ثم تسطحت على فراشي وأنا افكر ماذا سوف يحدث غداً؟! وكيف سوف أبدو عندما اتغير؟! وهل سأكون جميله حقاً؟!...أخذت الافكار تدور في عقلي، حتى تعبت من كثرة التفكير، وغرقت بعدها في نوم عميق...
وفي صباح اليوم الثاني، استيقظت من النوم على صوت والدتي وهي تحثُني على الاستيقاظ كي لا اتأخر على الدرس...
سألتها في تعجب عن الساعه الآن، وصُدمت عندما قالت أنها الواحده بعد الظهر "يا الله تأخرت كثيراً!"
فهذه كانت المره الاولى التى أنام فيها كل هذه الساعات؛ فأنا من عادتي الاستيقاظ مبكراً!
تجهزت في عجله، وأخذت حقيبتي ثم انطلقت مسرعه كي لا اتأخر...
واثناء وانا اجري مسرعه، اصطدمت في احد بقوه مما جعله يقع على الارض..نظرت خلفي بصدمه وجدتها فتاه شابه تطاير من عينيها شرارة الغضب ثم صرخت في وجهي وقالت لي بغضب: مش تفتحي يا حمااااره انتِ
نظرت لها بأسف وقلت: اسفه، ماكنش قصدي...شهقت الفتاه بصدمه وهي تنظر إلى ساعتها الذي كانت ترتديها في يدها فإنها تحطمت فور وقوعها...
نظرت لي وهي تقول بغضب وصراخ: يخربيييت اهلك ده انتِ كسرتيلي الساعه الجديده ثم همت بالوقوف واتجهت ناحيتي وشرارة الغضب تنطلق منها وامسكتني بغضب من يدي وقالت بوقاحه: بقى واحده جربه وسوده زيك تعكرلي مزاجي على الصبح ده انتِ يومك اسود معايا
شعرت بمدى الإهانه وقتها فكيف تجرؤ على نعتي بهذه الألفاظ! مما جعلني اشعر بالغليان والغضب من هذه الوقحه، امسكتُ يدها بقوه واعتصرتها بيدى مما جعلها تصرخ متألمه ثم اقتربت من اذنها وقلت بفحيح : احسنلك اجري قبل ما تشوفي الجربه السوده دي هتعمل فيكي ايه....
ارتجفت الفتاه من الرعب فكان وقتها مظهري لا يبشر بالخير!
تركت يدها مما جعل الفتاه تفر هاربه، و وجدت جميع من في الشارع ينظر لي، اردتُ في هذه اللحظه أن اندفن مكاني، مشيت في سرعه حتى ابتعدت عن هذا الشارع...
اخذتُ افكر بحزن شديد هل حقاً يروني الجميع بهذه البشاعة؟!!...هل انا قبيحة للدرجة؟!!...أخذت الافكار السلبيه تسيطر عليّ، مما جعلني أصر على التغيير فسوف اتغير ولن اصبح قبيحة بعد الآن...!
وصلت اخيراً إلى البنيه التي آخذ فيها الدرس، ولكن ترددت ان اصعد؛ فأنا لن أتحمل إهانه من الأستاذ على التأخير يكفي إهانات في هذا اليوم...
بعثتُ رساله إلى نور واخبرتها انني سأنتظرهم في مكاننا المعتاد ثم غيرت مقصدي وذهبت متجهه إلى الكافيه...
جلست في مقعدي المعتاد وطلبت قهوه، احبها ان تكون ذات طابع فرنسي..ليست ساخنه ولا بأس أن تكون بارده فأنا لن أتركها ابداً بكل الأحول..تأملت ملامح الجالسين حولي منهم من هو حزين، وهناك من هو بلا مشاعر أعتقد، لا أستطيع أن اتبين من ملامحه شيئاً...
عدت نصف ساعة تقريباً وانا جالسه مكاني حتى اتت نور وأشرقت ومريم، نظرو لي ثلاثتهم بخضه وظلو يتسائلو لماذا لم آتي الدرس وما الذي حدث؟...
ظلو يسألوني وانا اتطلع لهم وكان كل ما يدور في عقلي هو شئ واحد...وهو أن اصبح جميله الآن وحالاً...!
أخبرتهم انني فقط غفوت في النوم، ولم أخبرهم عن تلك الفتاه الوقحه وعن الشتائم التي نعتتني بها، لأن وقتها لم أرد ان أتذكر هذا الموقف ابداً...!
بعدما انتهيت من احتساء قهوتي..اتجهنا إلى التسوق لشراء الملابس، حقاً كان أذواق صديقاتي في الملابس جميل جدا، فأنا كنت لا أهتم كثيراً فيما يدعى "الموضه" أو غير ذلك ، كنت دائماً أحب البساطه في كل شئ...
اختارت لي أشرقت فستان ابيض بورود رقيقه يتعدى الركبه بقليل، حقاً الفستان كان غايه في الروعه، أمسكته وانا اتأمله بإعجاب ثم دلفت لغرفه تغيير الملابس وارتديته وفور ان خرجت من الغرفه شهقت نور وقالت: الحقو...نظرت كلاً من أشرقت ومريم عليَّ من ثم تحولت تعابير وجههم إلى الإعجاب...
قالت أشرقت وهي تصرخ بفرحه: واااااو تحففففه عليكي اوي يا جوهرة...شعرتُ بالخجل قليلاً فهذه كانت اول مره أحد يقول لي انني جميله!
نظرتُ إلى مريم التي كانت تقف في الزاويه منتظره ماذا ستقول فكانت ملامح وجهها جامده، وجدتها تقترب مني ثم أمسكت يدي وقالت: كنت اتمنى ان التغيير ده يكون لنفسك مش عشان حد...ثم صمتت لحظه وتركت يدي وقالت مبتسمه:بس الفستان حلو عليكي، وتركني و وقفت في نفس الزاويه التى كانت تقف فيها بينما انا كنت انظر لها بحزن فشعرت وقتها أن لديها حق، ولكن فور تذكر ذلك الموقف اللعين من تلك الفتاه الوقحه، اصريت في داخلي انني سأخوض التجربه بأكملها...!
بعدما انتهينا من التسوق ذهبنا إلى صالون التجميل، وأثناء ونحن ذاهبون اطلق هاتفي رنين معلناً اتصالاً، نظرت على المتصل وجدتها امي "يا الله ماذا سأفعل الآن " فأنا لم أخبرها شئ عن التغيير المفاجئ، اخذتُ تنهيده طويله ولكن حزينه ثم أجبت على الهاتف: الو
_.....
_ما تقلقيش يا ماما، انا مع صحابي قاعدين في الكافيه
_.....
_حاضر مش هتأخر.. سلام
وكانت هذه اول مره أكذب فيها على امي، طالما أخبرتها كل شئ بكل صراحه، ولكن لا يدوم المرء على ما هو عليه!
جلستُ على المقعد ونظرت إلى المرآه بشرود بينما صديقاتي يتحدثن مع خبيرة التجميل..وجدت نور تقترب من أذني وتخبرني بهمس: جاهزه يا حجه؟....ضحكت، حقاً جعلتني اضحك وانا كنت اريد البكاء في هذه اللحظه!
_جاهزه يا ابني
وبدأت خبيرة التجميل بوضع على وجهي أشياء غريبه منها سنفرة وماسكات وأشياء لا اعلم عنها شئ ثم اخذتُ جلسات تنظيف وجه وبعدها وضعت مساحيق على شعري لفرده وجعله ناعم ومتسرسل...
وكان بعد حوالي اكثر من ٣ ساعات، خرجت إلى أصدقائي بعدما انتهيت وانا مرتديه الفستان الأبيض الرقيق الذي يبرز معالم جسدي بشكل مثير ويتدلى عليه شعري الذي صبغته باللون الأصفر الذهبي الذي كان غايه في الجمال والذي اضافه جمالاً اكثر هو سماري! فكنت مازلت سمراء ولكن بشكل جميل ومثير فكان وجهي خلاب وعيوني العسليه التي زادتني جمالاً اكثر واكثر!!!
نظرو لي ثلاثتهم وفمهم فارغه يحدقون بي بصدمه غير مصدقين ان هذه انا!!!...
وجدتهم يقتربو مني ويلتفو حولي بصدمه وإعجاب شديد...هتفت أشرقت ونور و مريم في الوقت ذاته: جوهرة!!!!
قلت وانا اضحك على تعابير وجههم: ايه يا عيال شكلي حلو؟!
قالت أشرقت بإعجاب شديد: حلو بس؟! ده انتِ بقيتي قمر...ثم هتفت نور: ايه يا بت الحلاوه دي بجد...ثم قالت مريم وهي تنظر لي بإنبهار: قمر يا جوهرة
فرحت كثيراً في هذه اللحظه، بل كنت غايه في السعاده، فأخيراً تغيرت وأصبحت جوهرة جميله...!
عدت إلى المنزل و طرقت على الباب طرقات خفيفه وانا خائفه من ردة فعل امي وابي...وبعد ثوانٍ فتحت لي امي الباب و وجدتها تنظر بإستغراب ثواني وأدركت انها انا..ابنتها جوهرة!
شهقت امي بصدمه: جوهرة؟!!!!
قلت في سرعه: لحظه وهفهمك كل حاجه...وجدتها تمسك الفستان بيدها وتلتف حولي وعلامات الصدمه والدهشة مازالت على وجهها ثم اردفت بذهول: تفهميني ايه؟!!!...ايه اللي انتِ عملاه في نفسك ده!!!
قلت وانا أفرك يدي بتوتر: ده صحابي اول ما عرفو اني هسافر..قالو يودوني الكوافير عشان انبسط وما اضايقش..
وجدتُ تعابير وجهها تحولت للغضب ثم اردفت: طب وليه كدبتي عليا وقولتي أنكم قاعدين في الكافيه؟!!
توترت في هذه اللحظه ولكن اردفت في سرعه: حبيت اعملها ليكي مفاجأه...ايه رائيك في شكلي الجديد؟
وجدتُ امي تركتني ودلفت إلى المطبخ دون أن تُجبني!
دلفت ورائها في سرعه وسألتها مره اخرى: مش بتردي عليا ليه يا ماما؟!
قالت وهي لا تنظر لي منشغله في غسل الأواني: جوهرة اللي اعرفها عمرها ما كذبت عليا وكانت في نظري احلى البنات دايما بأخلاقها..لكن انا دلوقتي مش شايفه جوهرة دي...!
حقاً ردها صدمني وجعلني احزن من نفسي كثيراً...تحايلت عليها أن تسامحني لكنها كانت تتجاهلني...
وهذه كانت المره الاولى التي أشعر فيها بالوحدة الحقيقيه فدائماً كانت امي هي أفضل صديقه لي، احكي لها حزني، وفرحي، وكل شئ يخصني..لم اكذب عليها يوماً، ولكن الآن..لم تعد!!!
بكاء، وحده، ندم، هذا ما شعرت به وقتها، وكما تعلمون امسكتُ فرشاتي كعادتي وبدأت بالتعبير عن ما بداخلي في هذه اللوحه المسكينة الذي ستحمل كل هذا الألم من عليَّ، رسمتُ لوحه سوداء..نعم سوداء! ومزجت بها بعض قطرات الألوان التى تعبر عن الندم و الوحده ، اقسم ان لو كانت اللوحه تنطق، فكانت صرخت من كثرة التعذيب الذي بداخلها...!
بعدما انتهيت وضعتها بجانب لوحاتي أو دعني أقول بجانب صناديق المشاعر المبعثرة...!
وجدتُ هاتفي يصدح برساله من أحد، تناولت هاتفي وفتحت الرسالة وجدتها نور تسألني " هل مستعدة للخطوه الثانيه؟"
بعثتُ لها رسالة وسألتها عن أي خطوه ثانية تتحدث؟!...وجدتها ترسل لي قائله
*سوف نبدأ خطوة الاعتراف بالحب...!*