حـارة الـقـنـاص

By SHorouk_Hassan

2.7M 188K 59.5K

كان عالقًا في مستنقع سحبه للأعماق، حتى باتت يداهُ مُلطخة بالدماء، يقتل ضحيته بلا رحمة؛ للثأر مِمن كانوا السبب... More

الـمقدمـة
الفصل الأول |مَنْ القاتِل!|
الفصل الثاني |وَسواس قَهْرِي|
الفصل الثالث |إتفاق|
الفصل الرابع |من أجل أمـي|
الفصل الخامس |طريق الهلاك|
الفصل السادس |خِطبة|
الفصل السابع |الجاثوم|
الفصل الثامن |أنت بطلي|
الفصل التاسع |ذكريات موجعة|
الفصل العاشر |أخيك الكبير يا مغفل|.
الفصل الحادي عشر |مريضة كتمان|
الفصل الثاني عشر |الجاثوم مرةً أخرى|
الفصل الثالث عشر |تخطيط بالدمار|
الفصل الرابع عشر |إختطاف|
الفصل الخامس عشر |عَـــزَاء|
الفصل السادس عشر |كشف الخائن|
الفصل السابع عشر |كتمان مُزمن وصدمة|
الفصل الثامن عشر |عَدالة السَماء|
الفصل التاسع عشر |هَدية لطيفة|
الفصل العشرون |حقائق غامضة|
الفصل الواحد والعشرون |زواج|
الفصل الثاني والعشرون |رحلة علاج|
الفصل الثالث والعشرون |أسوأ كوابيسها|
الفصل الرابع والعشرون |لقد قُتِلَتْ|
الفصل الخامس والعشرون |كفاءة|
الفصل السادس والعشرون |أَكرَهُكِ أُمْي|
الفصل السابع والعشرون |قُنبلة موقوتة|
الفصل الثامن والعشرون |الخَائِنْ يُقْتَل|
الفصل التاسع والعشرون |إلى أين؟|
الفصل الثلاثون |أُريدها|
الفصل الواحد والثلاثون |سينيوريتا أَهِلَّة|
الفصل الثاني والثلاثون |خطة غادرة|
الفصل الثالث والثلاثون |الثُلث لقلبي|
الفصل الرابع والثلاثون |مُؤامرة مُضحكة|
الفصل السادس والثلاثون |ليلة هادئة|
الفصل السابع والثلاثون |اختطاف|
الفصل الثامن والثلاثون |اللعنـــة|
الفصل التاسع والثلاثون |تم كشفهم|
الفصل الأربعون |قلبي المُغفل|
الفصل الواحد والأربعون |صاعقة مُميتة|
الفصل الثاني والأربعون |رمضان مُبارك|
الفصل الثالث والأربعون |استعادت وعيها|
الفصل الرابع والأربعون |رحلة وداع|
الفصل الخامس والأربعون |أعلن إسلامه|
الفصل السادس والأربعون |صاعقة كُبرى|
الفصل السابع والأربعون |أصابها في مقتل|
الفصل الثامن والأربعون |لقت مصرعها|
الفصل التاسع والأربعون |كُتِبَ عليهم الفراق|
الفصل الخمسون |يُــونــس|
الفصل الواحد والخمسون |هروب|
الفصل الثاني والخمسون |وصيتها الأخيرة|
الفصل الثالث والخمسون |عـوض المـولـىٰ|
الفصل الرابع والخمسون |أبله كـأبيه|
الخاتمة |لـيـلـة الـعـيـد|
اقتباس من الحلقة الخاصة
حلقة خاصة 1 (ذُريـة صالحة)

الفصل الخامس والثلاثون |تَوفاها الله|

38.9K 3.2K 1.1K
By SHorouk_Hassan

تفاعلوا ووصلوا الفصل لـ 700 فوت.♥✨
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلامُ عليك يَصاحِبي.

جاهد الأ يَشتكيك أحدًا  إلى الله، فإن اشتكاك وكان له مظلمة، تيقّن بأنك هُلكتَ :))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

#الفصل_الخامس_والثلاثون.
#حارة_القناص.
#توفاها_الله.

أحيانًا أسأل الفؤاد ما الذي أصابه، ليُجيبني بأن العشق قد اخترق أبوابه.

_الكلمة اللي أقولها تتنفذ، هتفضلي قاعدة في العربية لحد ما أخلص، عندك شيكولاتة في صندوق العربية اشتريتهالك مخصوص وأنا جاي كُلي منها بس متخلصيهاش كلها، اتفرجي من بعيد وملكيش دعوة بأي حاجة تسمعيها، متفتحيش العربية لأي حد، تحافظي على هدوءك ثم هدوءك ثم هدوءك، لو كلامي متنفذش يا "أهلة" هساوي وشك بالأسفلت ومحدش هيحوشك من تحت إيدي.

أومأت "أهلة" له ببراءة زادت من ريبته، وبعد دقائق قليلة وصلوا إلى منطقة مُظلمة بعيدة، وما كاد "قاسم" أن يفتح الباب؛ حتى وجد الكثير والكثير من الأسلحة التي تُوجه نحو رؤوسهم من رجال مُلثمين!

حوَّل "قاسم" نظره لـ"أهلة" التي تُراقب الوضع ببرود، ثم أردف بعبث:
_عارفة كل الكلام اللي أنا قولتهولك من شوية دا؟!

أومأت له "أهلة"، ليُكمل "قاسم" حديثه قائلًا:
_انسيه.

لم تفهم إلى ما يرمي إليه حتى أخرج من جيب بنطاله سلاحين، أخذ واحدٌ ورمى لها الآخر، ثم ألقى لها قُبلة عابثة في الهواء أثناء حديثه الماكر:
_اللي يقابلك شوطيه.

تحولت نظراتها من التعجب إلى الخبث وهي تلتقط السلاح بين يديها، ثم تحدثت بقولها المُشاكس:
_That's my type.

ارتسمت ابتسامة خبيثة على ثُغر "قاسم" ثم أردف بجدية أثناء وضعه ليده على مقبض السيارة:
_هعد لتلاتة ونفتح الباب سوا، عايز كل حاجة تتم بهدوء.

أومأت له بثقة، وبالفعل بدأ العد حتى أتى عند ثلاثة وفتح باب السيارة رافعًا يده المُمسكة بالسلاح أمام الرجال المُلثمين وهي فعلت المثل، وما كادا أن يطلقا؛ حتى وجدا "صهيب وآلبرت وجميع أخواته" قادمون خلف المُلثمين ثم قاموا بلوي رقبتهم في آنٍ واحد حتى وقعوا جميعًا صرعى على الأرض.

إلتوى ثُغر "قاسم" بسخط ثم نظر لهم قائلًا بتشنج:
_مسيبتوش ليا واحد ليه؟!

اقترب منه "صهيب" ضاحكًا ثم غمز له بخبث قائلًا:
_يوجد أمامنا الكثير بالداخل أخي العزيز.

كاد "قاسم" أن يرد عليه، لكنه توقف عندما استمع إلى صوت "آلبرت" المُتسائل بتعجب شديد:
_لِمَ جلبت زوجتك معك إلى هُنا؟!

وكأن الجميع انتبه إلى "أهلة" الآن والتي كانت تُتابع الجثث ببرود يشوبه الإشمئزاز، لم يظهر عليها الخوف أو التردد، بل كانت جامدة إلى أقصى حد وكأنها مُعتادة على مثل تلك الأشياء من قبل!

هز "قاسم" كتفيه بيأس ثم أجابه بتنهيدة:
_هي اللي شبطت فيا.

تشنج وجه "صهيب" من تدليله لها بتلك الطريقة المُبالغ بها، ليتحدث ضاجرًا:
_شِبطت فيك تقوم جايبها هنا؟! أنت بتهزر يا "قاسم"؟!

طالع "قاسم" جميع الأوجه الغاضبة المُوجهة إليه ببرود، وببرودٍ أشد عاد خطوتان إلى "أهلة" الصامتة ليُحيط بها من كتفيها قائلًا بتدليل أكثر لها:
_لأ مش بهزر، هي طلبت مني وأنا مش بحب أزعلها، صح يا "هولا"؟!

انصهر الجليد الذي كان على وجهها منذ قليل لتُجيبه بإبتسامة واسعة:
_صح يا كبير.

جعد "چون" وجهه بضيق ثم تحدث قائلًا:
_أنا أيضًا كنت أريد جلب "لوسيندا" إلى هُنا.

رفع "آلبرت" حاجبيه بإستنكار واليأس يتملكه، ليتحدث بعدها قائلًا:
_حسنًا فلندلف للداخل جميعنا الآن.

أومأ له الجميع وكُلٌ مُتأهبًا للقتال، ليسير "آلبرت" على رأسهم بخُطى بطيئة وغير مسموعة وتبعه الجميع عدا "صهيب" الذي وقف لإنتظار شقيقه، بينما "قاسم" ابتعد عن "أهلة" قليلًا ثم رفع ملابسه وقام بخلع واقي الرصاص الذي كان يرتديه حتى يُعطيه لها، اقترب منها للغاية وأحاط بها من خصرها ثم ألبسها إياه فوق ملابسها نظرًا لضيق الوقت، وبعدها أحاط بوجهها بكلتا كفيه هامسًا:

_متسيبنيش وخليكِ ورايا ماسكة في هدومي على طول.

استشعرت "أهلة" القلق في نبرته لكنها أماءت له بالإيجاب بوجهٍ ثابت حتى لا تُقلقه، لكن قلقه لم يقل بل يزداد تدريجيًا، فأمسك بها من كفها بكل قوته ثم سار بها وهي خلفه وأمامهما "صهيب" الذي جهز سلاحه هو الآخر.

دلف الجميع إلى مكان مُظلم أشبه بسرح عملاق لامع، رفعوا أنظارهم ليروا مبنى الشركة الضخم العالي، وأمام الشركة يقبع ثلاثة حراس بأجساد ضخمة يقومون بحراستها، غير الموجودين في الداخل بالطبع! أشار "آلبرت" لـ"ستيفن" بعينه ليفهم الآخر اشارته على الفور ويقوم بإتباعه، بينما وقف الباقون خلف حائط سميك يختفي عن الأنظار.

تسلل "آلبرت" بسرعة رهيبة مُلتصقًا بالحائط الذي يُجاوره، و"ستيفن" استغل سرعة ركوضه ودار حول الشركة ليقف بجانب الحائط من الناحية الأخرى، نظر "آلبرت" لساعته التي أنارت بضوء أحمر طفيف ليعلم أن شقيقه قد وصل للجهة المُقابلة كما اتفقا مُسبقًا، تشكلت ابتسامة خبيثة على ثُغره قبل أن يقوم بضغط الضوء الأخضر لتصل الإشارة للآخر على الفور، وقبل الثانية التي تليها كانا قد هجما معًا على الحراس يطلقون على رؤوسهم بأسلحتهم الكاتمة للصوت، قبل أن يسقطوا صرعى فاقدين للحياة بأكملها.

ضرب "آلبرت" كفه بكف "ستيفن" قبل أن يهتف بإطراء:
_أحسنت صُنعًا يا فتى.

رد عليه "ستيفن" بثقة:
_تعلمته منك يا أخي.

سدد له "آلبرت" نظرة فخورة وكأنه ابنه، قبل أن يرفع ساعده ويضغط على الزر الأصفر والذي وصل لجميع الشباب الذي اعتبروه إشارة للأمان كما اتفقوا من قبل، تقدم الجميع براحة وأمان، لكن "أهلة" كانت قد التقطت بعينيها خيالًا يأتي من خلف أحد الأشجار المزروعة، قطبت جبينها بتعجب ودققت النظر لكن لم تستطع رؤية شيء يظهر بوضوح، لذلك مالت على أُذن "قاسم" هامسة له بهدوء:

_"قاسم" شايف الشجرة اللي على شمالك دي؟!

كاد "قاسم" أن يستدير بوجهه بأكمله؛ لكن "أهلة" أوقفته بإمساكها لوجهه فجأة هامسة بتحذير:
_بُص بعينك بس.

هام "قاسم" في عينيها ليردف بشرود وحالمية:
_لأ أنا هبُص لعينك أنتِ.

ضحكت "أهلة" بخفة ثم تحدثت بصوتٍ جاد يشوبه الخجل من مغازلته لها:
_يابني بتكلم بجد والله، أنا لمحت خيال بيتحرك وبيستخبى ورا الشجرة دي.

استشف "قاسم" من صوتها القلق حتى وإن كان متواري خلف صوتها الجاد، ليفعل كما طلبت منه وينظر بعيناه ناحية الشجرة التي أشارت لها، لم يرَى شيئًا لكن حركة أوراق الشجر العنيفة أوحت له بوجودِ شخصٍ ما بالفعل خلفها، عاد بأنظاره لها ثم همس قائلًا:
_تعالي ورايا وهنتعامل كأننا مشوفناش حاجة.

أومأت له "أهلة" موافقة ثم رفع ساعة معصمه وضغط بها على زِر الإنذار الأبيض والذي وصل للجميع، كانوا قد سبقوه بمسافة كبيرة نسبيًا، ليرفع الساعة إلى فمه ويهمس لهم بالروسية:
_يوجد دخيل يا رِفاق خلف أحد الأشجار، أكملوا طريقكم وأنا سألحق بكم لاحقًا.

نظر الجميع لبعضهم البعض بتردد، ليتحدث "آلبرت" بصوتٍ خبيثٍ ماكر:
_تعهدنا على السير معًا يا فِتيان، لذلك لن نتركه وحده بالطبع.

نظر الجميع لبعضهم البعض بمكرٍ شديد، ليتحرك "صهيب" أولًا تجاه شقيقه أثناء فحيحه الغاضب:
_أُقسِم إن مَسَّه أي ضرر لن أتهاون في إحراق العالم بأكمله.

في تلك الأثناء.. كان "قاسم" قد أخذ "أهلة" خلف أحد الأشجار مُستندًا بذراعيه على جانبي وجهها، فزعت "أهلة" من حركته المُفاجئة لتردف بخضة:
_إيه اللي أنت بتعمله دا يا "قاسم" أنت اتجننت؟!

غمزها "قاسم" بمشاكسة قائلًا:
_اتجننت من جمالك يا جميل.

فرغت "أهلة" من ردة فعله في هذا الموقف، وما كادت أن تفتح فاهها للتحدث حتى وجدته يقول بهمس خافت للغاية بالكاد سمعته:
_خليكِ واقفة هنا ومتعمليش أي حركة، وأنا هلفله من الناحية التانية.

ابتلعت "أهلة" ريقها بتوتر ثم هزت رأسها بالإيجاب، وبالفعل استدار "قاسم" من جهة غير مرئية خالعًا لنعليه، ثم تسلل من خلف الرجل ببطئ شديد حتى وصل إليه، في تلك الأثناء كان الآخر يبحث ليأتي بأحد الأرقام حتى وجده أخيرًا، وبالفعل ضغط على زِر الإتصال لكن لسوء حظه لم تكتمل خطته بسبب ظهور "قاسم" المُفاجيء والذي تشدق بخبث:
_مفاجأة.

قال كلمته ثم رفع كفيه مُحيطًا برأسه لاويًا إياها على بغتة، ليقع الآخر صريعًا على الفور فاقدًا للحياة، انحنى "قاسم" بجذعه قليلًا ليلتقط هاتفه عله يجد شيئًا يُفيده ولم ينتبه إلى ذلك الشخص الآخر الذي يبتعد عنه بأمتار كثيرة بعض الشيء!

رأت "أهلة" ذلك الرجل المُلثم والذي يأتي من جهتها ذاهبًا ناحية "قاسم"، لتتسع عيناها برعب قبل أن تهرول له حتى تمنعه من الوصول إليه!

توقفت "أهلة" أمامه بإبتسامة واسعة قبل أن تُحييه بعبث وهي تُحرك أصابعها قائلة بمكر:
_هاي!

طالعها الرجل بنظرات نارية قبل أن يرفع ذراعه على آخرها في نية لضربها على وجهها، لكن أوقفته لكمة "أهلة" له على وجهه بقوة مما أدى إلى رجوعه للخلف بعنف، وتبعها قولها الساخر:
_اعلم مع مَن تلعب أيها الخنزير قبل أن تُجازف.

قالت جُملتها ثم دارت حول نفسها رافعة قدمها لتضربه في معدته بقوة أدت إلى سقوطه أرضًا بعنف، وقع على ظهره ولم يكد يعتدل للأخذ بثأره؛ حتى وجد كعب حذائها يضغط على وجهه بعنف وكأنه حشرة حقيرة، مما أدى إلى صراخه بقوة أتى على أثرها "قاسم" فُزعًا ظنًا منه بأنها قد أصابها أي مكروه.

_"أهلة" حصلك حاجة؟!

تسائل بقلق لتستدير له مُرجعة خصلاتها للخلف بغرور اكتسبته منه ثم أجابته قائلة:
_كله تحت السيطرة لا تقلق.

حوَّل "قاسم" أنظاره إلى الرجل فوحده قد فقد وعيه بسبب ضربها له بحذائها على رأسه، التوى ثُغره بإبتسامة عابثة قبل أن يغمز لها قائلًا:

_كفاءة.

اتسعت ابتسامتها بقوة من تلك الكلمة التي أصبحت تُمثل لها طاقة كامنة داخلها وكأنها باتت أسيرة لكلمة واحدة! استداروا على صوت الشباب الذين أتوا من خلفهم، ليتسائل "صهيب" مُسرعًا:
_حصلك حاجة يا "قاسم"؟!

هز "قاسم" رأسه بالنفي ثم أجابه قائلًا:
_لأ الحمد لله محصلش حاجة، المهم عايزين الراجل دا عايش معانا، أظن هيفيدنا.

قال الأخيرة مُشيرًا إلى ذلك المُتسطح أرضًا بجروح عديدة في وجهه، تجعد وجه "إيغور" الذي تسائل بشفقة على هذا المسكين:
_أوه يا رجل ما تلك القسوة التي حلت بك؟! لِم ضربته بتلك الطريقة البشعة؟!

أيد "آندريه" قول شقيقه بقوله الحزين:
_كان عليك قتله لا ضربه، العنف آخر همنا.

_يا رِفاق أنا جائع.

ولا داعي لذِكر صاحب تلك الجُملة التي كادت أن تُصيب جميع الموجودين بذبحة صدرية، نظر "فور" إلى نظراتهم المُتشنجة بإبتسامة متوترة ثم أردف بمزاح:
_لِـ.. لِمَ تنظرون إليّ هكذا؟! أنا فقط أمزح. 

دفعه "آلبرت" أمامه بغيظ ثم أردف قائلًا بنفاذ صبر:
_هيا لنقضي تلك المهمة اللعينة، لن نظل هنا طوال الليل.

أمسك "قاسم" بكف "أهلة" وسار بجانبه من الناحية الأخرى أخيه "صهيب" الواجم، ليتحدث بلطف أثناء سيره وكأنهم أطفاله:
_خليكم مؤدبين يا ولاد ومش عايز دوشة، لو حسيتوا بأي حاجة قولولي وأنا هتعامل وأحلها.

نظر له "صهيب" ضاحكًا أثناء مُشابغته له بقوله العابث:
_خليك في اللي معاك وأنا هاخد بالي من نفسي ياخويا.

كتم "قاسم" ضحكاته حتى لا ينكشف أمره فأردف ضاحكًا:
_اسمع الكلام وأنت ساكت يا ولد ومتعبنيش.

هز "صهيب" رأسه بيأس وهو يضحك، فتركه "قاسم" ثم مال على أُذن "أهلة" هامسًا:
_خلي بالك من نفسك يا عسلية وخليكِ هادية، هداريكِ في مكان مش متشاف وأنا هروح أكمل معاهم المهمة.

كان يُمليها أوامره كأنه يُحدث طفلة صغيرة، لكنها وكالعادة عاندته وقامت بهز رأسها بالنفي أثناء قولها الضاجر:
_لأ مليش دعوة أنا هاجي معاك، أنا بعرف أدافع عن نفسي كويس.

_اسمعي الكلام يا "أهلة" الحاجات دي مفيهاش هزار، وبعدين أنا أصلًا غلطان إني سمعت كلامك وجبتك معايا، المكان هنا خطر عليكِ واحتمال كبير يحصل اشتباك وحد فينا يتصاب.

نفخت بسخط وبعدم اقتناع قامت بهز رأسها بالإيجاب، مما أشعره بالراحة ولو قليلًا.

دخلوا من الخلف في مكان أشبه بالمخزن الكبير مليء بالصناديق الكرتونية والمعدنية المليئة بالبضائع والأدوية الغير مشروعة ومنتهية الصلاحية، أوقف "قاسم" زوجته أمامه ثم أردف بنبرة جادة للغاية:

_هتفضلي هنا متتحركيش من مكانك ها! متتحركيش من مكانك يا "أهلة" عشان نخرج كلنا بسرعة.

أومأت له ببرود شديد صقيعي أثار تعجبه، قطب جبينه بتعجب لكن لم يكن هناك وقتًا لسؤالها، لذلك أخذها إلى أحد الأركان المليئة بالصناديق المُتراصة فوق بعضها البعض وأجلسها خلفها، وقبل أن يذهب انحنى عليها مُقبلًا إياها من جبينها بشغف وبذرة من القلق بدأت تنبت داخله من تركه لها وحدها.

شعر بمن يجذب ذراعه فاستدار ليجد "آلبرت" يهمس له بصوتٍ خافت:
_هيا بنا "قاسم" علينا الإنتهاء بسرعة قبل أن يُكشف أمرنا.

نظر "قاسم" لـ"أهلة" بتردد ويعز عليه قلبه بتركها هُنا وحدها، استشفت "أهلة" قلقه فاصطنعت على ثُغرها ابتسامة طفيفة قائلة:
_روح يا "قاسم" متقلقش عليا أنا خبقى كويسة.

زفر "قاسم" بضيق أثناء إيمائته لها، ثم رحل مع "آلبرت" تاركًا "أهلة" تنظر لأثرهم بشرود هاديء، لكن عيناها تعكس نيرانًا ستقوم بإحراق العالم بأكمله بسبب ما تنتوي فعله!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذلك الليل الهاديء كاذب، فكم من قلوبٍ أعلنت استسلامها به! وكم من روحٍ فضَّلت انتحارها فيه! كأنه عبارة عن أمواجٍ هادئة تُغريك بسكونها، وعلى بغتةٍ تتحول تلك الأمواج إلى أعاصير هائلة ترتطم بالأحجار مُسببة تناثرها، والمقصود بالأحجار هُنا هو فؤادك المسكين!.

تقلبت "يمنى" بإنزعاج على جانبها تشعر بالأرق والقلق الشديد! لا تعلم ماهية ذلك الشعور المُفاجيء، لكن ما تتيقن منه بأنه شعور مُزعج!

انتفضت من مكانها عندما استمعت إلى صوت جرس الباب يصدح في تلك الأثناء، قطبت جبينها بتعجب وهي تنظر لساعة الحائط لتجد الساعة قد تعدت الثانية والنصف منتصف الليل! مَن ذلك المُغفل الذي أتى بتلك الأثناء الآن!

خرجت من الغرفة تزامنًا مع خروج والدتها من غرفتها هي الأخرى، لتتسائل "نبيلة" بقلق أثناء وضعها لحجابها على رأسها لتُخفي به خصلاتها:
_مين اللي جاي في الوقت دا؟!

هزت "يمنى" كتفيها بجهل ثم أردفت وهي تتجه نحو الباب:
_معرفش يا ماما، استني هشوف مين دا.

سبقتها "نبيلة" للباب ثم أوقفتها خلفها وكأنها تحميها من الطارق أثناء قولها القَلِق:
_لأ خليكِ ورايا أنا اللي هفتح.

أومأت لها "يمنى" وبالفعل وقفت خلفها لتفتح "نبيلة" الباب وترى الطارق، وهُنا كانت الصدمة عندما رأت "يمنى" المدعو "وليد سعيد فريد" يقف أمامهما بإبتسامة بلهاء، بل وبدأ حديثه بغباء شديد بقوله:
_صباح الخير يا جماعة صحوا النوم.

تشنج وجه "نبيلة" وبدون وعي صاحت به غاضبة:
_نامت عليك حيطة يا عديم الإحساس، أنت مين يا بني آدم أنت!!

تحول وجه "وليد" إلى الإمتعاض أثناء قوله الساخط:
_مالك يا خالتي بس ليه الغلط دا؟!

تلك المرة أخذت "يمنى" مهمة الرد عليه فتسائلت بضجر قائلة:
_أنت جاي في الوقت دا بتعمل إيه؟!

أخرج "وليد" من جيب بنطاله مظروف مُغلف ثم أجابها بإمتعاض:
_"قاسم" بيه هو اللي بعتني وبيقولك خُدي يمكن يطمر في أهلك.

فرغت "يمنى" فاهها بصدمة وهي تتسائل:
_هو قالك تقولي يمكن يطمر في أهلك؟!

هز رأسه نفيًا مُجيبًا إياها ببساطة وكأنه لم يسبها منذ ثواني قليلة:
_لأ هو بيقولك خُدي الظرف دا، يمكن يطمر في أهلك من عندي أنا.

كزت "نبيلة" على أسنانها بغيظ ثم تشدقت بحدة:
_أنت بني آدم مش محترم وقليل الذوق، وأنا هقول لـ"قاسم" يشوفلنا حل معاك.

ضرب "وليد" على صدره بربتات خفيفة ثم رد عليها بسماجة:
_الله يخليكِ يا خالتي، بالإذن أنا بقى.

قال جُملته ثم تركهم يقفون يُحدقون بأثره يطمر بغيظ شديد، وما زاد الطين بلة هو دندنته بأغنية باتت حمقاء بالنسبة إليهم ومزاجه الرائق على عكس مزاجهم المُتعكر تمامًا، وكأنه لم يتسبب في إيقاظهم وإزعاجهم مثلًا!

أغلقت "نبيلة" باب المنزل بحدة وهي تنفخ بغيظ، ثم تمتمت بغضب وهي ترمي حجابها على الأريكة:
_يارب ارحمنا من الكائنات اللي تحرق الدم دي.

لم تهتم "يمنى" بحديثها، بل فتحت الظرف المُغلف الذي بيت يديها أثناء حديثها الخافت لوالدتها:
_استني يا ماما تعالي نشوف "قاسم" بعتلنا إيه!

توقفت والدتها عن الندب والصراخ ثم اتجهت إليها لرؤية محتوى الظرف المجهول، قطبت "يمنى" جبينها بتعجب مما هو مكتوب فرفعت أنظارها لوالدتها قائلة بتعجب:
_تمليك مطعم؟! أنا مش فاهمة حاجة.

طالعتها والدتها بعدم فهم ثم تسائلت بجهل:
_مطعم إيه دا؟!

هزت "يمنى" كتفيها بعدم فهم ثم أردفت قائلة:
_مش عارفة يا ماما.

فركت "نبيلة" جبينها بصداع ثم تحدثت يائسة:
_خلاص الصباح رباح وبكرة نبقى نتصل بـ"قاسم" ونسأله إيه دا.

أومأت لها "يمنى" بنعاس وهي تتثائب أثناء قولها الحنون وهي تُربت على كتف والدتها:
_ماشي يا ماما، ادخلي يا حبيبتي أنتِ ارتاحي دلوقتي علشان متتعبيش أكتر.

وبالفعل دخلت "نبيلة" لترتاح قليلًا و"يمنى" اتجهت نحو غرفتها واضعة المظروف داخل دُرجها الخاص، تمددت على الفِراش بإنهاك أثناء إغماضها لعيناها براحة، لكن فتحتهما مُجددًا عندما استمعت إلى صوت هاتفها يهتز في مكانه مُعلنًا عن اتصال ما، اعتدلت في مكانها بضيق بوجهٍ ساخط وهي تُمسك بهاتفها، لكن ثوانٍ ما احتلت البسمة وجهها عندما لمحت اسم "يحيى" يُنير بشاشته، لذلك أجابته على الفور ناطقة بإسمه:

_"يحيى"؟!

_افتحي الشباك.

كانت تلك أول جُملة يقولها، لتنتفض من مضجعها وتُسرع ناحية شباك غُرفتها لفتحه، وجدته يقف بهيئته الخاطفة لفؤادها مُستندًا على صفيح سيارته أثناء وضعه ليده في جيب بنطاله الأسود، واليد الاخرى يُمسِك بها الهاتف، وكان أول حديث يصعد من فمه أثناء رؤيتها هو سؤاله الشغوف عنها:
_كيف حالكِ يا قُرة عيني ولُب فؤادي؟!

أدمعت أعيُن "يمنى" حُبًا له ولمكانته التي تزداد رُقيًا يومًا عن الآخر في قلبها، وبعدها أجابته بصوتٍ عاشق:
_الحمد لله بخير، وحشتني.

استغفر في سره ثم أجابها بإحترام:
_استوحشتكِ الجنة وخالقها عزيزتي.

نفخت "يمنى" بغيظ من رده ثم أجابته بإنفعال:
_"يحيى" أنت بتدعي عليا؟!

قطب "يحيى" جبينه بتعجب مُتسائلًا:
_احلفي؟! هو أنا كدا بدعي عليكِ؟!

مطت "يمنى" فاهها بتفكير وهي تُجيبه بغباء:
_تصدق مش عارفة!

قهقه "يحيى" عاليًا حتى أنها سمعت صوت ضحكاته في الأعلى، وبعدها تسائل بصوتٍ حنون:
_صليتي النهاردة؟!

احتل الحماس وجهها ثم هزت رأسها بالإيجاب أثناء قولها السعيد:
_أيوا صليت كل الفروض ومفوتش حاجة.

هلَّل فؤاده طربًا وسعادة مما سمعه، ظن بأنها ستتكاسل مثلما فعل هو أول مرة أو ربما تتجاهل حديثه ونُصحه لها لكنها لك تفعل هذا، أخبرها بأنه يُريدها شريكًا في جنته قبل دُنياه وهي فعلت بنصيحته، وكأنها كانت تنتظر مُحفزًا للمضي قدمًا في طريق الصواب!

وهُنا جال بباله "بادر" وأقوله ونصائحه التي أهداها له لمدة شهر تقريبًا، وكأن الله أرسله كمصباح الهداية له، أنار بصيرته وأزال الغمامة التي تُخفي عنه حقيقة وجودنا، نحن خُلقنا لنتعبد ولا شيء غير هذا.

استفاق من شروده على صوت "يمنى" التي تحدثت بتعجب:
_سِكت ليه؟!

أجابها بإنتباه وهو يهز رأسه نفيًا، ثم تحدث قائلًا:
_"وليد" بعتلك الظرف؟!

تعجبت "يمنى" من معرفته بالأمر فتسائلت بإستغراب:
_أنت كنت عارف إنه جاي؟!

هزَّ "يحيى" رأسه ضاحكًا مُتحدثًا بمشاكسة:
_اوعي تقولي إنكم كنتوا نايمين وإحنا أزعجناكم!

ابتسامة جانبية ساخرة تشكلت على ثُغر "يُمنى" وهي تُجيبه ساخطة:
_لأ يا جدع استغفر ربنا ومتقولش كدا!

ضحك "يحيى" بخفة وبعدها عاد لجديته وهو يسألها بإنتباه:
_وأنتِ إيه رأيك؟!

_أنا أساسًا مش فاهمة حاجة، مطعم إيه وتمليك مين!!

سحب "يحيى" نفسًا عميقًا ثم زفره على مهل مُجيبًا إياها بهدوء:
_بُصي.. أنا و"قاسم" والشباب اشتركنا كلنا مع بعض وعملنا مطعم كبير جدًا وراقي يكون لُقمة عيش بالحلال لينا كُلنا، وفي الوقت الحالي أنا وأنتِ و"رائد وملك" المشرفين عليه لحد ما هُما ما يرجعوا بالسلامة، والمطعم دا مكتوب بإسمنا كُلنا.

دُهشت "يمنى" للغاية من الأمر بأكمله، فتسائلت بصدمة:
_وليه التعب دا كله؟! ما كل واحد فينا عنده شُغله الخاص.

أجابها "يحيى" موضحًا:
_أولًا بعد ما تخلص المهمة أنا هسيب شغلي مع "مختار الأرماني"، وأكيد أنا مش هفضل آخد مُرتبي الحلال من "قاسم" على شُغلي، تاني حاجة "رائد" هيسيب شُغله اللي في المطعم اللي شغال فيه وهيجي يشتغل معانا، تالت حاجة أنتِ هتسيبي شغلك و...

قاطعته شاهقة بصدمة:
_شُغل إيه دا اللي هسيبه؟!

لوى شفتيه مُستنكرًا من صدمتها، ثم تخصر في مكانه رافعًا أنظاره لها في الأعلى قائلًا:
_شُغلك أنت يا عين أمك، ما هو أنا مش هسيبك بين شغالة بين المُجرمين وقتالين القُتلة وأنا واقف أطبخ في المطعم! وبعدين أنا الراجل وأنتِ الست يعني أنت ملزومة مني، ومش معنى كدا إن أنت هتقعدي في البيت لأ، أنتِ هتيجي تشتغلي معايا في المطعم ونطبخ وناكل مع بعض يا عسل.

كادت أن تُعنفه وترفض ما قاله، لكن استماعها لحديثه الأخير جعل قلبها يميل ويقتنع بما قاله، خاصةً بأنها ستظل معه أكبر وقتٍ ممكن لتروي عطش فؤادها اللاهث بعشقه، لذلك خرج صوتها خافتًا خجولًا:
_خلاص اللي تشوفه يا سي "يحيى".

هامت نظرات "يحيى" بحالمية عقب استماعه لنبرتها الخاطفة، وبدون وعي قام بإحتضان الهاتف أثناء قوله الشغوف:
_يا خرابي على جمالها ورقتها يا ناس!

قهقهت ضاحكة ثم تسائلت أثناء ضحكها:
_طيب وهنبدأ الشغل دا من إمتى؟!

اعتدل في وقفته في تصنع الصرامة والجدية فأردف:
_من بكرة يا أخت "يمنى"، أرجو منكِ عدم التأخير أنت وشقيقتك، والسلام.

قال كلمته الأخيرة ثم غمزها بعبث قبل أن يفتح باب سيارته ويصعد بها، وقبل أن يغلق معها الهاتف نظر للأعلى من نافذة سيارته بعدما فتح زجاجها، ثم تشدق بحب:
_تصبحي من أهلي يا كُل ناسي وأهلي.

لم تجد "يمنى" ما تُجيبه بها سوى كلمة واحدة صعدت من فاهها تلقائيًا:
_بحبك.

أجابها والإبتسامة تُزين ثُغره:
_كدا اجابتك وصلتلي، سلام عليكم.

_وعليكم السلام.

ردت عليه بهمس ثم أغلقت الهاتف وعيناها تُتابع سيارته التي بدأت بالتحرك بعيدًا عن منزلها، ظلت أنظارها مُتعلقة به حتى اختفى من أمامها تمامًا، لترفع عيناها للسماء تدعو بنبرة راجية:
_يارب اجعله من نصيبي واجمعني أنا وهو في بيت واحد بالحلال يارب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذلك الشر المُنبعث من الداخل لم يكن سوى نتيجة لأفعالهم، لن أنسى تلك الليلة التي استمعت بها إلى صوت تحطم فؤادي، حينها تملكني الإرهاق والإستسلام، تطلعت إلى روحي المُنعكسة فرأيتها شبح من الماضي، رمادٌ من روحٍ بريئة نالت مصرعها على أيدي الذئاب، ذلك السواد المُحيط بحدقتاي كان نابعًا من التراكمات اليافعة، وشحوب وجهي كان خير دليل على مُعاناتي، ورغم مرور الشهور والسنين لم أستطيع النسيان أو الإقدام، اقتحم الشر أبوابي وأنا لم أُقاوم، فإن قاومت فالنتيجة تظل ثابتة ومعروفة، وكالعادة سأُهزَم.

اتجهت "أهلة" نحو الخارج على عكس ما أمرها "قاسم"، وببرود شديد وخُطى رتيبة اتجهت نحو أحد الأكواخ الموجودة في الجزء الخلفي من مبني الشركة رأته أثناء قدومها من هنا، اقتربت حتى توقفت أمام هذا الكوخ فوجدته قديمًا مليء بالغبار مُخالفًا لبقية الشركة، اتجهت أنظارها نحو الأصفاد الحديدية فوجدته مُغلقًا بأقفال قديمة بعض الشيء، لذلك انحنت مُمسكة بإحدى الأحجار القوية وقامت بالضرب عليها عدة مرات، لكن ولأسفها الشديد بائت مُحاولاتها بالفشل، اعتدلت تنهج في مكانها ثم أرجعت خصلاتها للخلف أثناء انحنائها لتلتقط عصى حديدية كانت مُلقاه على أحد الجوانب، وبعدها ظلت تضرب بها على القفل الحديدي حتى انفتح أخيرًا!.

ارتعشت أطرافها عندما خطت الخطوة الأولى للداخل، المكان مليء بالغبار ويظهر عليه القِدَم وهذا ما كانت تبحث عنه، أخرجت هاتفها من جيب بنطالها ثم أنارت مصباحه ليُوضح لها المكان أكثر، اقتربت بأقدامها فرأت الكثير من الصناديق الكرتونية المُتهالكة مرمية بكل مكان، وكثيرًا من الأوراق المجهولة بالنسبة لها موضوعة على كومود غابر لكنها لم تُلقي لهم بالًا.

ظلت تبحث عن شيء معين في بالها لبعض الوقت لما ما يقرب العشر دقائق حتى اتسخت ثيابها بالغبار، نفخت بيأس من إيجاد ضالتها وهي تُنفض ثيابها المُتسخة، لكن جذب أنظارها ذلك المظروف المخفي أسفل أحد الصناديق، اقتربت بترقب ثم انحنت تلتقطه بتوتر حقيقي تلك المرة، وبعدها قامت بفتحه، وياليتها لم تفتحه!

ما إن رأت محتويات ذلك المظروف احتضنت عيناها الجحيم واشتعل الغضب بفؤادها يحرقها بلهيب الإنتقام والحقد المُتزايد يومًا عن الآخر، أمسكت بأحد الأوراق ضاغطة عليها بقوة حاقدة، قبل أن تهمس بفحيح:
_نهايتكم قربت.. قربت أوي بس الصبر.

نظرت خلفها بسرعة عندما شعرت بحركة مجهولة تدور حولها في المكان، لتقوم بدس المظروف داخل ثيابها قبل أن تُهرول نحو الخارج وتتجه إلى مكانها الذي من المُفترض أن تختبيء به قبل أن يعود "قاسم" ومَن معه.

جلست بنهيج واضعة يدها على وجهها تُخفي بهما معالمها، وبعد ما يقرب من الخمس دقائق خرج "قاسم" والشباب مُسرعين من الداخل، وما كادت أن تفتح فاهها وتتحدث حتى أمسك بها من كفها وهرول بها مع الجميع إلى الخارج.

ظلوا يركضون بعض الوقت حتى وصلوا إلى سيارتهم التي تبعد بمسافة لا بأس بها عن موقع الشركة، وقفوا كصفٍ واحد يُطالعون الشركة بأعين غاضبة، ولم تمر سوى ثوانٍ معدودة حتى انفجرت الشركة بأكملها وانتشرت شظاياها المُحترقة في الأنحاء، لينعكس لهيبها في أعيُنهم الشامتة ويبرد غضب فؤادهم المُحترق قليلًا!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انقضى الليل على الجميع بهدوء _نسبي_ وصدح النهار بيومٍ جديد مليء بالصدمات والآلام!

ارتدت "سهيلة" ثيابها مُسرعة ثم اتجهت إلى جامعتها، وصلت بعد نصف ساعة تقريبًا فوجدت كُلًا من "عائشة ومريم" تقفان على ناصية الطريق في انتظارها، اتسعت ابتسامته بسعادة عند رؤيتهن ثم اتجهت إليهن مُحتضنة إياهم كُلًا منهما على حِدة أثناء قولها المُشتاق:
_وحشتوني أوي أوي بجد.

عانقتها "عائشة" بقولها الودود:
_وأنت أكتر والله يا "سهيلة"، طمنيني عنك أخبارك إيه؟!

تمتمت "سهيلة" بالحمد مُردفة:
_الحمد لله أنا بخير يا حبيبتي، وأنتِ أخبارك إيه يا "مريومة"؟!

أجابتها "مريم" بإبتسامة ودودة:
_الحمد لله يا "سـو"، تعالوا بقى نقعد في مكان هادي علشان أنا دماغي صدعت النهاردة.

قطبت" سهيلة" جبينها وهي تتسائل بتعجب:
_إيه دا مش هناخد الدرس النهاردة؟!

نفت "مريم" ضاحكة:
_لأ للأسف أنا اعتذرت النهاردة، لكن أوعدك بكرة بمحاضرة طويلة بإذن الله.

صفقت "سهيلة" سعيدة ثم تشدقت ببسمة فَرِحة:
_الله حلو أوي بجد، يلا بينا نقعد في أي مكان.

اتجه الثلاث فتيات إلى منطقة نائية مليئة بالأشجار في الجامعة ليختفوا عن أعين الطُلاب ويجلسوا براحة أكثر، تربعت "عائشة" على الأرض العُشبية ثم تسائلت بإهتمام:
_ها بقى احكيلي! كنتِ متضايقة ومخنوقة وأنا بكلمك ليه إمبارح.

تحول وجه "سهيلة" إلى التردد ثم حمحمت بجدية شديدة لكن الكلمات لم تُسعفها للخروج، ضيّقت "مريم" عيناها بشك ثم تسائلت بفحيح:
_أنتِ عارفة لو اللي في بالي صح هعمل فيكِ إيه؟!

ردت عليها "عائشة" قائلة بنفس النبرة المُرعبة:
_لأ سيبيلي الطلعة دي يا "مريم" وأنا هتصرف.

نفخت "سهيلة" بيأس ثم صاحت بهم بنفاذ صبر:
_أيوا بسبب "فور" ها.

تراجعت "عائشة" في جلستها ثم صاحت بها ضاجرة:
_تاني يا "سهيلة"؟! برضه مش عايزة تسمعي الكلام؟!

أدمعت عينيّ "سهيلة" بأسى وهي تُجيبها بحزن:
_أعمل إيه يعني يا "عائشة"؟! الحب مش بإيدي ومش عارفة أطلعه من قلبي، أعمل إيه علشان يكون ليا بس بالحلال.

تدخلت "مريم" في الحديث قائلة بصوتٍ ودود:
_مش أنتِ اللي تعملي يا "سهيلة"، الحل في إيده هو، يا إما يأسلم وتتجوزوا، يا إما انتوا الاتنين مش هتنفعوا لبعض.

انحنت "سهيلة" مُستندة بوجهها على كلها لتُخفيه ودموعها تهبط في صمت شديد، حديثهم صحيح وقد يأسوا من إقناعها وإرجاعها عما برأسها، لكن فؤادها السليط دائمًا ما يُعاندها ويُعاند ظروفها.

طالعته "عائشة" بحزن، فقامت بجذب رأسها لها تحتضنها بحنان وبعدها أردفت قائلة:
_عليكِ وعلى قيام الليل، ادعي لاربنا يهديكِ للصواب ويهديه للإسلام، ولو كان خير ليكِ هيبقى من نصيبك رغم أنف الجميع.

بكت "سهيلة" بشهقات خفيفة وهي ترد عليها بحزن:
_أنا خايفة يكون مش من نصيبي ويكون لحد تاني ويسيب قلبي متعلق بيه بالطريقة دي!

ربتت "مريم" على قدمها بحنان أثناء قولها الداعم:
_«لو اطلعتم على الغيب، لإخترتم الواقع»، ربنا عمره ما هيأذي عباده الصالحين أبدًا، وأنتِ نضيفة وجواكِ نضيف يا "سهيلة"، ادعي ربنا يرزقك بالزوج الصالح وسيبي نتيجة استجابة الدعوة على ربنا.

ابتلعت "سهيلة" ريقها ببطئ ثم اعتدلت من أحضان "عائشة" تقول بترقب:
_يعني بجد ربنا ممكن يقبل دعائي في حاجة زي كدا؟!

أجابتها "مريم" بإبتسامة واثقة:
_ممكن جدًا، بس أنتِ خلي ثقتك في ربنا كبيرة.

مسحت "سهيلة" دموعها المُتعلقة بأهدابها وفي داخلها بدأ ينمو أمل جديد وثقة جديدة في المولى عز وجل، سر الإجابة في اليقين، وسر التقبُل هو الدعاء، لذلك هي ستلتزم الدعاء بكثرة تلك الفترة تحديدًا.

شهقت بفزع أثناء شعورها بـ"عائشة" تهجم عليها من ثيابها وهي تُقربها له، ثم أدرفت بأعين ضيقة:
_مش أنتِ قولتي إنك هتتحجبي يابت أنتِ؟!

أومأت "سهيلة" بتروٍ قائلة:
_والله الموضوع لسه في دماغي بس خايفة أوي من الخطوة دي.

ردت عليها "عائشة" بإصرار:
_إلبسيه يا "سهيلة" صدقيني هتحسي براحة كبيرة وإنك جوهرة من جواهر الدنيا، هتحافظي على نفسك من عيون الرجال أولًا، وهتعلي في عيون نفسك دا ثانيًا، والأهم إنك بترضي ربنا، مش عايزة ترضي ربنا يا "سهيلة"؟!

أجابتها "سهيلة" مُسرعة:
_عايزة أرضيه والله بس مترددة شوية، بس والله أنا كنت هروح بكرة علشان أشتري كام طرحة كدا وأجربهم في البيت وأتشجع أكتر معاكم.

أمسكت "مريم" بكفها تضغط عليه قائلة بإبتسامة طفيفة:
_ربنا يهديكِ ويثبتك، وخليكِ واثقة إن أنا و"عائشة" هنفضل جنبك طول الوقت بإذن الله لو احتاجتينا.

طالعتهم "سهيلة" بإمتنان، وبنبرة شاكرة أردفت:
_ربنا يديمكم ليا والله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القلب يشكو تألمًا يا روح الفؤاد، فهل لي بعناقٍ يُداوي جُرح قلبي المُلتاع!
ركضتُ إلى أحضانك أُشددُ، لأُزيل أثر الماضي المترددُ.
كُن لي حاميًا أكُن لك أميرة، فواللهِ قلبي المسكين يسجنني كالأسيرة.

تقلبت "أهلة" على الفراش لتجد يد غليظة تُحيط بخصرها تمنعها من التحرك، لا تعلم متى أتت وكيف أتت إلى غُرفتها، كل ما تتذكره بأنها استندت برأسها على زجاج السيارة ليلة أمس وبعدها تشوشت الرؤية من حولها.

استغلت الفرصة ودارت بأنظارها على معالمه الرجولية الخلابة، بدايةً من بشرته الخمرية المائلة للإسمرار، وذقنه النابتة بتهذيب، كذلك تفاحة آدم الموجودة على عُنقه، ملامح رجولية شرقية عادية للغاية، لكنها باتت مُهلكة بالنسبة إليها!

رفعت كفها بتردد واضح إلى أعلى، وببطئٍ شديد قامت بتمريرها على وجهه وكأنها تحفظه أو ما شابه، صعدت يدها صعودًا وهبوطًا على ذقنه النابتة بإستمتاع، ثم ارتفعت تدريجيًا إلى خصلاته تُبعثرها بمشاكسة وكأنها طفلة تكتشف معالم وجه أبيها للمرة الأولى.

انتفضت بضجر عندما أمسك بكفها بقوة وكأنه ثبتها بالجُرم المشهود، فتحت عيناها بفزع أمام سؤاله العابث:
_كنتِ بتعملي إيه يا "هولا" يا قليلة الأدب؟!

وبغباء شديد وبدون وعي أجابته:
_كنت.. كنت بفليك.

تشنج وجهه سخطًا وهو يُردد كلمتها:
_كنتِ بتعملي إيه؟!

توترت معالمها بقوة فردت عليه بتلعثم:
_مـ.. مكنتش بعمل حاجة.

ابتسم بحنان على توترها فقربها منه أكثر دافنًا وجهه داخل عنقها يستنشقه براحة، سرت القشعريرة داخل جسدها بعنف وقررت الإبتعاد، لكن ما إن دفعته قليلًا حتى استمعت إلى صوته الخافت يهمس بحزن:
_النهاردة هعمل العملية لماما.

لان جسدها وتوقفت عن دفعه شاعرة بالحزن لأجله، خاصةً عندما أكمل حديثه بخوف قائلًا:
_أنا بكرة هعمل العملية لأهم شخص في حياتي، أنا لو فشلت فيها روحي هتتسحب مني بالبطيء ومش هستحمل.

مدت كفها واضعة إياه خلف رأسه تُربت على خصلاتها بحنان، ثم صعد صوتها ودودًا داعمًا:
_أنت بقالك أكتر من خمسة وعشرين بتدرس وتتعلم علشان توصل للحظة اللي أنت فيها دي، متخليش لحظة خوف أو توتر تدمر أحلامك، أنا واثقة فيك يا "قاسم" وواثقة كمان إن قدها.

رفع أنظاره إليها يسألها بتيهة:
_بجد؟!

أومأت له بإبتسامة صغيرة مُشجعة إياه:
_أيوا بجد، ويلا قوم علشان نلبس ونروح لمامتك من الصبح علشان نبات معاها ومنسيبهاش لوحدها.

اتسعت ابتسامته بسعادة من دعمها ومُساندتها له، ثم هب من مكانه مُقبلًا رأسها على بغتة هامسًا:
_ربنا يخليكِ ليا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعلى غير العادة مر اليوم سريعًا دون أي أحداث تُذكر!

المهم في الأمر أن صراعات "آلبرت ومهرائيل" لم تقل ولو بنسبة ضئيلة على الإطلاق!

"فور" كان يأكل بنهم لينسى همه وحزنه بسبب مُعذبة روحه وحبه المحرم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بينما "قاسم" كان يجلس أمام والدته مُمسكًا بكفها مُستندًا به على وجهه ودموعه تهبط خوفًا بصمت!

وخلفه تقف "أهلة" التي تضغط على كتفه لتُقويه وتقف بجانبه في محنته، كانت "حياة" في تلك اللحظة مُستيقظة لترى خوف أولادها عليها، ابتسمت لهم بحنان ثم تشدقت بصوتٍ واهن:

_"قُل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا".. متخافوش يا حبايبي كل حاجة ربنا كاتبها واحنا أكيد مش هنعترض.

هبطت دموع "قاسم" أكثر أثناء محاولته لقتل تلك الغصة المؤلمة المُتشكلة في حلقه، بينما اقترب منها "صهيب" ثم جلس على الفراش متحدثًا بتحشرج:
_هتقومي لينا وتبقي وسطنا من تاني، بس علشان خاطري حاولي وقاومي علشاني أنا و"قاسم".

جاء في تلك اللحظة الطبيب مُتحدثًا بلباقة:
_لقد تم تجهيز غرفة العمليات دكتور "قاسم".

سيطر "قاسم" على نفسه بصعوبة ماسحًا وجهه من الدموع بعنف، ثم أردف بنبرة حاول جاهدًا جعلها ثابتة:
_حسنًا أنا سأجلبها وآتي على الفور.

أومأ له الطبيب بعملية ثم تركهم وغادر، بينما جلب "قاسم" السرير المُتنقل وقام بحمل والدته على مهل وببطئٍ شديد ثم وضعها عليه، وللمرة التي لا يعلم عددها انحني يُقبل جبينها بخوف وفزع شديدين.

اقترب منه "صهيب" مُردفًا برجاء:
_ماما يا "قاسم"!

أومأ له "قاسم" بصمت ثم دفع الفراش واتجه نحو الخارج حيث مصيره ومصير شقيقه ووالدته!

كل ذلك وكانت "حبيبة" تُتابع خوف زوجها الغريب بتعجب شديد، يتحدث عنها وكأنها والدته بالفعل، وفي تلك اللحظة أتى لها رسالة نصية من رقم مجهول مُدون بها كلماتٍ هبطت عليها كالصاعقة:

_"صهيب جوزك اللي أنتِ فرحانة بيه دا ميبقاش ابن عمك يا حلوة، دا لعبة عاملها عليكِ علشان يلهف بيها فلوسك وثروتك، وأنتِ اللي زي المُغفلة صدقتيه".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعلى صعيدٍ آخر..

كان "جون" يسير بسيارته على الطريق بعد أن قضى المهمة الذي أخبره بها القائد، لكن ما أثار حفيظته هي تلك السيارات التي تُلاحقه بطريقة مُريبة، حاول الإسراع لكنهم حاصروه من كل الإتجاهات، وما كاد أن يُوجه إليهم سلاحه؛ حتى شعر برصاصة تستقر داخل صدره بقوة!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهت "سهيلة" من محاضراتها كالعادة واتجهت نحو المسجد الذي تذهب إليه هي و"عائشة" دائمًا، وصلت إلى هُناك وأخرجت هاتفها ثم أتت برقم "عائشة" لمُهاتفتها، لكن ولسوء حظها وجدته مُغلقًا، نفخت بضيق وقررت الدخول لحين أن تأتي هي كما تفعل دائمًا، وانتظرت قليلًا حتى اجتمع الفتيات وبعدها أتت "مريم" ولكن حتى الآن لم تأتي "عائشة"، مما سبب الضيق والإختناق لها، جلست "مريم" في مكانها المُعتاد ثم قامت برفع نقابها، وللعجب الشديد ظهر أثر البُكاء جليًا على وجهها، أثار ذلك انتباه الجميع وخاصةً "سهيلة"، وما كادت إحداهن بسؤالها عن حالتها، حتى تحدثت هي بصوتٍ مبحوح واهن أثر البكاء:

_يؤسفني قَوْل هذا لكن! صديقتنا الغالية "عائشة" توفاها الله ليلة أمس.

#يُـتْـبَـعْ.
#حارة_القناص.
#شروق_حسن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأيكم في البارت أحبائي!♥✨

Continue Reading

You'll Also Like

1M 60.1K 65
تـلك المـرة كانت رجـفَـة مُختـلفة!، من نوع خاص! دق معـها قلبـها، تدفـقت الدمـاء إلى وجـنتيـها، ارتسـمت أبتسـامة خجـولة على وجـهـها، حـاولت مُـدارات خ...
10.1K 809 31
هُناك مُعتقلين بالسجون يقضون فترة عقوبتهم، يعلمون ما اقترفوا من أخطاء، يعلمون متي تنتهي فترة محبسهم أو حتي متي يُعدمون وتنتهي المعاناه، وهناك سجون مغ...
1M 76.7K 20
عَالم مظلم مغمور بالغموض حكاية خطت ورُسمت بالوان الغموض والخفية سَنشاهد التقاء روحين للتصدي للماضي الأليم والمواجهة مع التحديات الجادية هل ستجد ال...
2K 115 4
قبل مئات السنين والعصور يوجد عصر يتميز بالسحر والتعاويذ من بين ثلاث ممالك ضخام تمتلك كلاً منها قدراتها الخاصه التى يستخدمونها فى تدريب الأشخاص ذوى...