تعود اليمامة للاعلى لتجد والدتها في غرفتها تغرق في الدمع و الالم
تنظر لها بغضب و عتب : اخرجي برا
يجلس في المجلس الداخلي و لا يعرف حجم الحريق المشتعل في الخارج بسببه يصرخ تميم في وجهه تركي : كيف مخليه معاه داخل ؟؟
يجيب تركي بتعب : زوجته امنعه عنها ؟
يدخل فارس : ابوي طالبكم بالمجلس يقول ابطيتوا
يلتفت تميم قائلًا : اتفاهم معاك بعدين ، انا مدري عقلك ملحوس كذا ليه
و يخرج بغضب
يتنهد تركي بتعب واضح على ملامحه و هيكله يقول : محمد اسألك بالله انا غلطت ؟
يجلس بجواره و هو يشد يديه : عدلت الغلط بغلط ثاني ، ما كان المفروض تتركه معاها لوحده
يلتفت اليه قائلًا : بياخذها معاه اصلًا
ينتفض محمدًا : انت انهبلت صح ؟ الا الا انهبلت !! وش اللي ياخذها معاه ذلحين
يقول تركي بغضب : تعبت اشيل المسؤلية خلاص انهلكت ، كل يوم اشوفها تذبل و تموت قدامي ، انت تظن انها تهون عليّه ؟ انت تظن انها تهون ؟؟ والله ما عرفتو قدر اليمامة لين ذلحين ، انا ما سمحت له ياخذها الا عشان يعالجها منه هو اول عشان اقدر اوصلها انا
انا كل ما جيت اتقرب منها و استسمح اشوفه واقف بيني و بينها اشوف وجعها مني في عيونها كل ما جيت امسحه الاقيه قدامي واقف كل ما لمستها احس اني المس حاجز بيننا ، اليمامة م ترجع اليمامة الا هو يعالجها اول .. " يتنهد و يجلس : محمد لعد تزيدها عليه فكني
يتركه محمد و يخرج يلتقي بمهاب خارجًا برفقة اليمامة التي لا تحمل في يدها شيئًا يقول بغضب : على وين ؟ ارجعي داخل
تقول اليمامة : ماني نجلاء تراها داخل
يصرخ محمد : اقولك داخل
يخرج تركي بعد أن سمع الاصوات في الخارج : يمامة ارجعي جوّا لين يروحون العرب و نتفاهم
تلتفت الى تركي : انت اول واحد رميتني عليه ليه ترجع في كلامك
يأتي سلطان و هو حاملًا دلال القهوة من المجلس الكبير يقف مذهولًا : خير وش صاير ؟
يلتفت الجميع على صوته يكمل : يمامة ارجعي داخل ، و انتوا استحوا على وجيهكم و ارجعوا عند الرجال
يقول مهاب بصوتٍ قويّ : باخذ زوجتي و اتوكل مالي حاجة في الرجال
ينهال عليه محمدًا و يعترك الاثنان معًا
تعود اليمامة للداخل برعب تجلس خلف الباب واضعةً يديها فوق اذنيها
يحاول تركي و سلطان أن يحلا الشجار القائم بين الاثنين
يدفع مهاب محمدًا عندما لمح طرف اليمامة
يذهب لها و يسحبها معه : زوجتي و انا حر اخذها متى ما ابغا عندك اعتراض قدمه لابوك يجر اليمامة و يخرج
يلتفت محمدًا على تركي يود لو يفجّر دماغه الان
يعود لبيته يبدل ثوبه و يجد النجلاء بجوار اولادها يقبل سندًا و يحتضنه بقوة : يا كبر قدرك يا هالولد اي والله ، الله يكفيك من كل شر و يحميك
يلتفت لزوجته بعد أن قبل رأسها : وش فيك جيت بدري ما جلستي مع عمتي؟
ترد بوهن: تعبانه مالي خلق اتشاد بالكلام مع تركي
يحتضن كتفها ليهمس لها : زوّجها الكلب و راحت معاه
تنهمر دموعها بوجع : حسبي الله و نعم الوكيل
يتركها قائمًا : بروح للرجال باقي شوي ما راحوا ماني مطول شوي و برجع ارتاحي
" انا اخذت زوجتي و مشيت ، خذ الولد معك لا تتركه هنا"
فتحها همام بصدمة يضغط الهاتف بيديه يتمنى لو مهابًا مكان هاتفه
يلتفت مهاب لها و هي ثابتة في مكانها دون حراك يهمس : وش صار؟
تلتفت عليه مجيبة : اسكت ماني طايقتك ترا
يقول بانتصار : ليه جيتي معي ؟
ترد بصدق : عشان اعذبك
يلتفت عنها قائلًا : زين همام اخوي بياخذ الولد معه و بعدين بنروح له
ترد بجمود : كلزق انت وولدك و اخوك
يشد يدها بقوه و يلفها بين يديه : تتمادين عليّ اقبلها و اتقبلها برحابة صدر حتى الولد اللي ماله ذنب بمشيها لك لكن همام تغلطين عليه والله لادفنك
تفك يدها منه : ادفني يكون احسن
يتنفس بسرعة و توتر ادرك هنا أنها مصابةٌ بعقدٍ نفسية و صدمة كبيرة ، قرر السكوت بدلًا من الكلام ، لكن كيف يسكت و اليمامة بجواره ؟
همس مرةً اخرى : بستأجر هنا اليوم و بكرا بنطلع الرياض
ترد عليه : وطيب انا وش يهمني؟
يجيب : اللي يهمك انك معي
تقول بصوتٍ مهزوز : كارهه نفسي معاك تصدق؟
يرد بوله : اكرهيني قد ما تبين يكفيني انك جنبي
اتمنى أن يطول بنا الطريق و لا نصل
أن نمشي طويلًا
ألا تقترب المسافة
أن يختفي الطريق أسفل المركبة
ألا نصل
ألا نصل
يقطع الصمت بصوت اغنيةٍ : " كثير اشتقت
كثير احتجت لوجودك
عدد ما تهت في بُعدك
كثر ما خفت من بَعدك
تمنيت إني لوجودك ملكت الوقت
كثير اشتقت "
أمد يدي لأقطع الصوت المزعج ، كنت انعم بهدوء الجوّ رغم ضجيج أفكاري ، لم قاطعني ب أغنيته ؟
أمسك بيداي بسرعة و خبئها في يده
شددتها بقوة ثم احتضنت كفّايّ ببعضها البعض : ابعد يدّك و سكر ذا صجيتني
يلتفت بكامل رأسه إليّ : إي بالله اني كثير اشتقت
التفت برأسي ناحية النافذة أكثر ما أكرهه فيه عيناه الماكرة
يمسك المقود بكامل يديه و ينفث الهواء من فمه قائلًا : وش سوّت بك الحياة ؟
احتضن كفّاي أكثر أشعر أنها تجمدت من شدة البرد حولي : تطمن ما سوت كثر اللي سويته انت
يلتفت بنصف عينٍ : سنتين اتصل عليك و جوالك مقفل ، و الحيوانه ذيك تزوجت و اختفت ما لقيت لك طريق .. تصدقين اني جيت عزيت تركي يوم وفاة ابوك لعل و عسى المح لك علم!
يوم وفاة والدي ، هو اليوم الاول الذي واجهة فيه الناس
ف بعد ولادة النجلاء بشهرين أو أكثر توفيّ والدي و عدت أنا للمنزل
انتهى الطريق هنا
شعرت بقلقٍ يتصاعد في قلبها منذ أول دقيقة وصلنا بها
أطفأت السيارة و نظرت لها ، كانت تدعك يديها ببعضها البعض
نزلت و بقيت هي
وقفت ببابها أنزلها فترددت
كلما امسك بيدها تُفلتها
شددتها بقوة و ادخلتها معي
في أول لحظة أقفلت الباب علينا جلست أمامه ببكاء مرير : تكفى رجعني ، اذا باقي لي معزة عندك و تحبني زي ما تقول رجعني ، ابغا اميي
تركتها خلفي في الممر و دخلت لداخل الغرفة
دخّنت واحدةً ، ثم الأخرى و توالت بعدها لا اعرف كم انتظرت حتى تأتي و لم تأتي
هدء بكائها سوى من شهقاتٍ متباعدة بين الحين و الحين
خرجت إليها بعد الوقت الطويل
كسرني منظرها الأليم ، تلتف حول بعضها البعض شاخصة النظر أمامها
جلست أمامها و أمسكت بيديها
شددتها نحوي و ارتفعت شهقاتها تشكو من كل شيء
تشكو من شتائم تميم
و عتاب سلطان الصامت
و نظرات نجلاء العاتبة
و نُبذ والديها حتى ولدت
مجيء والدتها لأجل الصغير لا لأجلها ، و مجاملاتها التي لم تنتهي كما تزعم
شكت من سوط تركي و نفيه لها في منزلٍ مهجور
حتّى سند و كيف يُذكرها بيّ بسبب ملامحه التي تُشبهني
حملتها برفق ، أخاف أن تُكسر بين يديّ
أخاف أن أكسر عظامها بعد أن كسرت روحها
جلست و هي تتوسد ذراعيّ هامسًا لها : وش باقي بعد موجعك علميني ؟ هاتي لي وجعك و ارتاحي
قالت و بصوتٍ مهزوزٍ : تهمك راحتي ؟
طبعتُ قبلتي ب اذنها قائلًا : كثييييييرررر تهمني كثير
رفعت رأسها بقوة و قالت : طلقني و خذ ولدك و لعد اشوفك لا انت و لا هو
أعدتها بقوةٍ لصدري : و الله لو تلمسين سهيل ما طلقتك
تحاول أن تفلت من يداي : والله لاخلعك
انتفضت بقوةٍ و رميتها بجواري لأمسك فكها بي يدي : و الله و اللي رفعها سبع بدون عمد إن تجيبين ذا الطاري مرة ثانية اذا ما خليتك تبكين بدل الدمع دم
تهمس بصوتٍ ضعيف : أكرهك
اقتربت بوجهي ناطقًا بهدوء : كذابه