حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

By is17rr

198K 16.3K 12.9K

يؤسِفُني انه في الوقت الذي كُنتُ انظر لكَ فيه على انك مُعجزةً ما جميعُ الاهلِ والاصدقاء الشمسُ والقمر الفجرُ... More

1-طيفٌ زائِل
2-البريد
3-طريحُ الشوق
4-رفيق الباب المجاور
5-قائمة الامنيات
6-لائحة امنياتي
7-سمكتي ذهبية اللون
8-نفحات مِن الماضي
9-تَنمُر
10-هدية مرفوضة
11-نادم
12-البصارة والفتاةُ الصهباء
13-اُمنيتي الأُولى
14-إرسُمني جونغكوك
15-عِراك
16-سجين
17-هروب
18-نَفس
19-نَدبة
20-كفالة
21-فريزيا
22-مُقلتاي
23-لأنَك أحببتني
24-عِناق
25-مُحاكمة
26-حتى الأزَل
27-خائِب
28-تجاهُل
29-آخِرَ مكاتيبي
30-الحَقيقة
31-كاذِب
32-أَنانِيّ
33-خَشبة المَسرح
34-عَبَقُ ذِكراك
36-انتَ وأنا
37-عَتيقُ ليلانا
38-تَلاَق
39-ثَمِل
40-ليلَ قَلبِهِ وغَيثُ عيناي
41-تَهْويدة
42-مَنسي في كَنَف الشجون
43-لنهايتنا بداية يا شَمسي وقَمري
آراء..

35-دَنِف

2.7K 288 302
By is17rr

لتنجلي الأحزان ، لتتصافح الافئدة ، لينقضي شتاءَ عُمري ، وليولي كُل ما يحولُ بيني وبين صاحبي

انفثُ انفاسي الغاضِبة بعد ان ضربتُ بقبضتي طاولة مكتبي بكامِلِ ما تحويهِ من قوةٍ وغَضب ، بَعد ان أتى لي الضابطُ  بخبرٍ لم يُسَرَ لَهُ فؤادي ابدا

لأصرُخ في وجههِ بِحدةٍ اجعله يُغمض عيناهُ بقوةِ لسوء مواجهة غضبي
اللذي يمقتهُ جميعُ من عاشرني

"ماهذا الهُراءُ البحت!!!!!! ، مالذي ينتظروهُ بَعد كي يُنفذو حُكم الإعدام!!!! ، الم يحملوا بأيديهم كافة الادلة التي تُدينُه!!!! ، أينتظرون مِنهُ أن يجد من يقوم بتهريبهِ او تزويرُ ادلةٍ تُبرأهُ ام ماذا؟؟؟؟؟"

ابتلعَ الضابطُ ريقهُ يُجيبُ بصوته الغليظ محاولاً تهدئتي
"سيدي كُل ما علمتُه أن الحُكم لن يُنفذ في هذه الفترة ولا عِلم لي بأي شيءٍ آخر،ارجوك لِتهدأ ان القانون سيأخذُ مجراهُ عاجِلاً او آجِلاً"

"سيأخذُ مجراه!!!! ولِما أخذ مجراهُ على اولائك المُجرمين ونُفِذَ عليهم حُكمُ الإعدام في حين ان ابراهام لايزالُ يعيشُ يومهُ في السجنِ كمثلِ أيِ سجينٍ آخر!!"
صرختُ مُشيراً بيداي بعشوائيةٍ ، لاصمتُ بعدها قليلاً ماسِحاً على وجهي بِحدةٍ أقولُ بعد نفاذِ صبري
"لتغرُب عَن وجهي خارِجاً"

القيتُ غضبي عليهِ ليفر هارِباً بعد ان ضرب التحية العسكرية ، لانهار على مقعدي ماسحاً على وجهي بسوءٍ يسكنني لكل ما يحدث هُنا

وضعتُ مُسدسي في حزام خصري والتقطتُ قُبعتي من على الطاولة اضعها على رأسي خارِجاً من مكتبي

مشيتُ في الرواق غاضباً الى ان خرجتُ من المركز بكبرهِ
للبحثِ عن هواءٍ يدخلُ صدري بعد ان ضاق عليّ المكانُ بِوسعه

قبل ان يعرقل أحدهم حركتي بدفعهِ إياي على الجدار الخشن
مُتشبثاً بياقة بذلتي العسكرية بِكلتا يديه

وكردةِ فِعلٍ مِني اخرجتُ المُسدس مِن حزامي اصوبهُ ناحية معدتهِ
ناوياً ضغط الزِناد ولكنّي توقفتُ عِند آخِرِ لحظةٍ مِن اللَحظات
حين ادركتهُ من يكون..

اجتمع حارِسان حولهُ مصوبين السلاح ناحيتهُ يأمُرانه بِحدةٍ أن يبتعد
إلا أنني رفعتُ يدي ناحيتهما اُشير لهما أن يُنزِلا السلاح في حين ارتسمت ابتسامةٌ رفيعة على وجهي الباهت عند تلاقي عيناي الساخِرة بِخاصته الغاضبة
اُعيد وضع مُسدسي في خصري بِهدوءٍ شديد

"هَل أنت!!!!!"
هسهس في وجهي بنبرتهِ الباكية ونظراتهُ المضطربة
لاوسع ابتسامتي الباهتة دافِعاً إياهُ مِن صدرهِ بعنفٍ ليرتد الى الوراء بضع خطوات

هندمتُ ثيابي أقولُ وانا انفضُ لمساتهُ عنها
"لتشكر الإله أنني لستُ بمزاجٍ رائق ولستُ بمتفرغٍ لك
وإلا لكنتُ قد افرغتُ الزناد برأسك دون ان يلومني احدٌ على ذالك ولو بِكَلِمة!"

قوس شفاههُ غاضِباً يقولُ متلعثماً وهو يُشير الي بسبابتهِ
"هَل حقاً تكونُ أخي هاه؟؟أم انك مُجردُ كاذبٍ ينصبُ الشباك لوالدي بِفعلِ الكُره الذي يكِنهُ له!!!"

اشحتُ وجهي عنهُ مبتسماً واعدتُهُ لِيُلاقي وجهه قائِلاً
"اخي؟اظنُ انها كلمةً كبيرة لا تنطبقُ علينا ، الا تظنُ ذلك ايضاً؟"

كز على اسنانهِ يقول
"لتجبني!!!!
لقد سألتُ والدي عن حقيقة الأمر ولم يجبني ولو بحرفٍ واحد!
هل تلعبانِ معي لُعبةً بهذا المعاير الثقيل ام ان الامر كابوسٌ حقيقي!!!"

وضعتُ كلتا كفوفي بجيوب بنطالي الخلفية أقولُ بعد ان هدأ الجوَ قليلاً وانا ارفعُ حاجبيّ تزامُنها مع هزِ رأسي بِخفة
"انت تُضيع وقتي!"

ضحك فاتحاً يديهِ على وسعها يُجيب مشدوهاً
"انتَ...اذاً انت كاذبٌ لا محالة ، لِما اخترت اللعب مع والدي بالتحديد..انت تُدمر حياتي اتعي هذا...والدتي قامت بتصديق هُرائك وهجرت المنزل طالبةً الطلاق من والدي..كُل الامورِ تبعثرت بسبب ظهورك في حياتنا فجأةً!!!"

جعدتُ حاجباي بشفقةٍ زائفة وقوستُ شفتاي اهزُ رأسي بالاتجاهين قائِلاً
"تؤ تؤ تؤ..هَل حقاً كل هذا حدث لحياتك يافتى..واحسرتاه!"

عاد البرودُ يسكنُ ملامحي والهوانُ يسكنُ نظراتي
لاقول ناظِراً في وجههِ قبل ان التفت مُغادِراً إياه
"لِتُخبر والدتك ان لا تتسرع بِطَلب الطلاق...
ستصبح ارملةً عن قريبٍ على كُلِ حال"

عاد يسحبني من عضدي يجبرني على الإلتفات اليه
وجههُ يُقارب وجهي واعيننا متشابكة بكرهٍ عظيم

ليقول برجفةِ صوته
"لِما؟؟؟؟لِما سَخّرتَ حياتك لتفسد علينا حياتنا؟؟
لما لم تبقى بعيداً عنا ليهنئ كلينا بالسعادة؟؟؟؟"

برقت عيناي بِحُزنِها لاجبرها على تدثيره كي لا تفضحني
لانطق قائِلاً بغضبي البارد اسأله
"عن أي سعادةٍ تتحدث ايه الإبنُ المُدلل لِتُخبرني؟"

اطلتُ النظر في عينيه العسلية المُماثِلة لِلونِ عيناي دون قول شيء
نقرتُ بسبابتي على صدرهِ عدة مرات واكملتُ حديثي بذات نبرتي البارِدة

"في الوقت الذي كُنتَ انتَ تملكُ فيهِ اباً واُماً ، كُنتُ انا اقفُ مُرحِباً بالامِ الجديدة التي ستهتمُ بي ، وما هي الا عدة اشهر حتى اقفُ مودعاً إياها!
لم يحملن جميعهن الحُب لي ولم يتحملن اخطائي كَطفلٍ كُلَهُن..
ففي حين تُخبرني واحدة بأنهُ لا بأس في أني ارقتُ الطعام على ثيابي..
كانت الاخرى تصفعني بكامِلِ كفها لِفعلي هذا..وتجرني الى دورة المياه من اذني بِعُنفٍ وقسوةٍ لا شبيه لها مُلقيةً إياي تحت المياه البارِدة في صقيع الشتاء عِقاباً لي على اشقائِها معي..
لم استطيع حتى البكاء بصوتٍ مُرتفع وقد كُنتُ اكتمُ صوت بُكائي بِكفاي الصغيرتين ، ولم استطع اخبارها بأنّ تتوقف عن ما تفعله فهناك شعور في قلبي لا يعجبني لِمُعاملتها تِلك..وزيادة على ذلك انا اشعر بالبرد...
لم اُخبرها لمرةٍ لِما تفعلُ هذا معي
لأنني اُدرك ان العِقاب سيكونُ وخيماً حينها!"

عضضتُ على شفتي لاشعر بألمها واتجاهلُ هيجان حُزني
"كان من المضحك ان اعتبرها اُماً لي اليس كذلك؟
ظللتُ اُفكر في انهُ لِما املكُ العديد من الاُمهات؟
كيف استطعن المشاركة في انجابي؟
الى ان جائتني الإجابة على هيئة صفعة لروحي!"

ابتسمتُ اُكملُ قائِلاً
"في الوقت الذي قضيتهُ انت في الملاهي الليلة تستمتعُ بوقتك ، كنتُ انا مُغترباً في ارضٍ قصدتُها للدراسة اخوضُ معارك مع نفسي اولاً...
ومع اشخاصٍ اراهم لاول مرةٍ في حياتي ثانياً..
فقط لأن قادتنا اخبرونا انهم اعداءٌ لنا!"

رمشتُ امسحُ الحُزنَ عن نافِذة قلبي اقول
"شخصٌ واحِد..مَن أحبَني بِصدقٍ ولَم يؤذيني يوماً..
مالذي فَعلتُهُ لَهُ بالمُقابل؟
دُستُ على فؤادهِ بكاملِ قَسوتي قاصِداً دَرب الانتقام..
شخصٌ واحد ما هان عليهِ حُزني..صَببتُ فيهِ حُزن العالمين بِسوئي!"

زممتُ شفاهي بِكُرهٍ اُكمل مُثبتاً سبابتي على صدرهِ بسكونٍ شابه سكونَ وجهِه
"لذا لا تُحدثني وتتهمني بأنني عشتُ يوماً من السعادة آرثر ، مُجرد فكرة ان الدماء التي تمشي في عروقي تُماثل دماء والدك..تجعلني اغرقُ في تعاستي!!"

حدق بِوجهي وكأنهُ يُحاوِلُ قِراءةَ امرٍ ما من بين تعابيرهِ ، ليقول بخفوتٍ شيئاً جعل مِن الضحكة تنسابُ مِن ثغري دون قصدٍ مِني
"لتكُن أفضلَ مِنهُ ايُه النقيب..مهما يكُن إنّهُ يضلُ والدك الستُ على حَق؟..
لتفعل شيئاً وتنقذهُ مِن يدا الموتّ..ارجوك!"

ضحكتُ مُقهقهاً حتى أدمَعت عيناي ، في حين انهُ يراقبُ ردة فعلي بحواجبَ معقودة ، لاقول بعد ان استندتُ على رُكبتاي احاولُ ايقاف ذاتي عن الضحك
مُستقيماً بعدها بجذعي أمسحُ دمع اهدابي بسبابتي
"لَقد أفنيتُ عُمري كامِلاً في سبيل الإنتقامِ مِنه ، أتراني اسامح واصفحُ عَنه لأنك رجوتني بذلك؟..لِتودع والدك فإن الحُكم سيُنفَذُ عليهِ عن قريبٍ لا محالة!"

تحولت نظرتي لواحِدة جادة وانسحبتُ من أمامهِ مُكملاً طريقي تارِكاً إياهُ ورائي بعيونٍ دامعة لحقيقة انقلاب حياتهُ بهذا الشكل المُفاجِئ

أما أنا فمشيتُ نحو سيارتي والهَمُ يلتهمُ راحة بالي
لا أدرِ بِما اُركزُ تالياً ، هَل في سير القضية بشكلٍ اسرع نحو ما ابتغيهِ منذُ سنين ، أم بالبحثِ عن جونغكوك اللذي هَجرتهُ منذُ سنينٍ ايضاً؟

اين انت جونغكوك ، اختفائك يُقلقني

صعدتُ سيارتي أقودُ نحو أي مكانٍ أتوقعُ وجودَهُ فيه ، أيَ شخصٍ يعرفهُ يعطيني ولو معلومةً لا تُفيدني عنه ، اي شيءٍ صغير يخصه

أما مِن نهايةٍ لدربي الطويل؟
إلامَ أسيرُ لأي غاية أجرُ السنين وما مِن وصول؟

تُرى لِما أجري وماذا اُريد؟أقلباً أُريد وصاحب يقصد بابي دون غيري؟
أم انتقاماً اريد؟ودمعاً وحُزناً وندماً شديد؟مالذي اُريد وماذا اُريد؟
وما يكون اصعب من ان يتخبط الانسانُ بين ما يُريد وما يُريد؟

مُتعبٌ انا وابتغي لحظةً فيها راحة لِفؤادي
ولكنني كنور الشمس احترق
وكُلما مشيتُ عِند ظلٍ لارتاح اسفله ، اختفى

وصلتُ عِندَ المكان الذي يُشقي قلبي ، ووقفتُ من هذا القرب أنظرُ الى باب البناية علّني اُمسكُ بهِ مُتلبساً حين يخرج مِنها ، إلا ان قلبي يخبرني ان امضي بِهدوء ، هو لم يَعُد هُنا

امشي شارِد الذِهنِ على الرصيف البارد ، اخطو عليهِ خطوات عالِقٌ أثر أقدامهِ عليها ، انها تُشعرني بالامان ، تُشعرني أنني أسيرُ على الطريق الصحيح

اوقفتُ سير خُطاي ناظِراً الى عربة المشروبات الساخِنة فما يفصلُ بيننا مُجردُ شارِع ، وكُلي مُتضادٌ إن كان علي المُضي قدماً او التراجع من حيثُ اتيت

إلا أنني سِرتُ بِخُطىً ثابِتة نحوها ، غير عالمٍ ما عليّ قولهُ او فِعله

وقفتُ قِبالة نافِذة العربة لينام النور المنبعث منها على مُحياي وتظهر صورتي للواقفةِ خلفها

"مَرحباً"
ألقيتُ التحية لِتُجيب بصوتها الدافئ
"اهلاً ، ماذا تُحِبُ ان تشربَ سيدي؟"

"كوباً مِن القهوة ، لتكون مُرة"
ولا أدرِ لِما طلبتُ القهوة وانا لا اُحبها ولا احتسيها
ولكنّي لم أجد شيئاً آخر أقوله

نظرتُ الى تحرُكاتها وهي تُعِدُ طلبي
اهذهِ الفتاة التي قبّلها جونغكوك خوفاً مِن ان تهجره؟
وقامت هي بالمُقابل بصفعهِ على وجنته؟يالَ قسوةِ فؤادها بِه!

"تفضل سيدي قهوتك"
اخرجتني مِن شرودي بِقولها ، وهي تمدُ لي الكوب الورقي الذي ينبعثُ منهُ البخار ورائحة القهوة التي تُذكرني بِه

مددتُ كفي الباردة التقطُ ماتمدهُ يدها  ليتسلل الدفئُ الى مفاصِلِ أناملي

نظرتُ الى كوب قهوتي اللذي حدودهُ أجفانك
وكأن عينانا قَد تلاقت وسَكن العالمُ يُبجِلُ اللَحظَةَ حينئذ
رُبما هذا ما يُفسر سبب رفضي الدائم لاحتساء القهوة
أخافُ لُقيا عينيك وإبصار مافي جوفها مِن مُرٍ انا زارِعُهُ

اخرجتُ مِن جيبي ثَمن كوب القهوة واعطيتُها إياه..
لا ثَمَن عيناك فأنا لا أملِك مِن المُقابل سوى روحي..
وهَل الروحُ تكفي؟

رفعتُ احداقي ناظِراً الى الصهباء
ونطقتُ اسألها بُكُلِ شفافية وبدونِ مُقدمات
"اين رَحل جونغكوك؟"

رأيتُ الغرابة ترتسمُ على وجهها ولكنّي لم أرى ملامح العشقِ لذكرِ اسمه اتراها توقفت عَن حُبِه؟

"لا أَعلمُ شيئاً بشأنهِ سيدي ، إنني لا أعلمُ حتى بأمرِ رحيله"
اجابت وهي توضب الاكواب لاعاود سؤالها لأعلم إن كانت تكذب فيما تقولُ ام لا
"متى آخِر مرةٍ رأيتيهِ فيها؟"

قوست شفتيها مُتذكرةً تُجيب
"قبلَ ثلاثة عشر يوماً؟رأيتُهُ حين اتى قاصِداً البريد ولم يأتِ بعدها"

اومأتُ لها مُتفهماً والحُزن بوجهي يقبعُ
كيف اختفيت هكذا كالاشباحِ جونغكوك؟
اين عساك تكون في هذا الوقت مِن المساء؟

"هَل هو مُتهمٌ بأمرٍ ما؟"
سكنت تضعُ يديها بهدوءٍ على حافة النافِذة تسألني بهدوء نبرتها

فكرتُ قليلاً لاُجيب
"إنهُ كذلك..إن عَلِمتي أي شيءٍ بشأنهِ اين يكون لِتُعلِمينا فوراً..
إن لم تفعلي سوف تُحاكمين قضائياً!"

عقدت حاجبيها تُجيبُ بهمسٍ وهي تفكُ مِإزرها
"سأفعل"

رفعتُ كوب قهوتي لأتذوق مُرها ، ولكنها سريعاً ما أحرقت شفتاي بِلهيبها
حين رأيتُ وجه القادم مِن قريب وهو يبتسمُ لِلفتاة الصهباء التي تُلوحُ له بعينيها التي تلمعُ مِثلَ النجوم

توترتُ واضطربت عيناي تنظرُ في كُلِ الأرجاء وزاد توتري
اقتراب المُحامي جيمس الى حيث وقوفي
وعِند تلاقي عيناي بخاصتهِ ازدادت ضرباتُ قلبي لاقول سريعاً واُعيدُ وضع كوب القهوة على زاوية النافِذة قبل ان انصرف مُبتعداً بِخَطواتي العجولة
"لِتُعلِمينا فور معرفتك اين يكون كما اخبرتك..وداعاً"

اسندتُ ضهري على جذع شجرة مُغمِضاً عيناي،اتراها تسندُ بؤسي وتحملُ ثقل أحزاني أم أنّي كثيرٌ عليها؟

اجولُ الارض بخطواتي اشعرُ بثقلي على شوارِعها ، ودائماً ما كان التفكير فالامرِ يُرهقني،هَل وجودي عليها حملٌ زائد؟هَل انا زيادة عدد بين الناس؟هَل انا مُجرد طفرةٌ وخطأٌ شاسع؟

ادوسُ على الارضِ متقدماً للامام خطوةً فأخافُ ان آلمها
اتراجع عائِداً خطوةً الى الوراء فأدوسُ نملةً دون قصدٍ مني
اُغلق الشرفة فأمنعُ عصفوراً من الولوج عن صقيع الخارج
افتحها مِن جديدٍ فيتجمد العنكبوت في زاوية غرفتي مِن البرد
لا استطيعُ ان اقدم على حركة واحدة دون ان آذي بها احدهم
انا ارتكب الكثير من الاخطاء عند حرصي على ان لا اخطئ ابداً!

جلستُ على المقعدِ اعلى الرصيف استندُ بيداي على رُكبتاي واضعاً رأسي بين كفوفي ليتخلل شعري بين اصابعي

اغمضُ عيناي واُفكرُ بالكثير ، منذُ لحظة ولادتي وحتى هذهِ اللحظة ، اوازنُ الامور ، واضعُ الحسابات ، الومُ نفسي على ردة فعلي في احدى المواقف،والومها على انعدام ردة فعلي في احدها

واتخيل..كيف كان سيكون شكلُ حياتي لو أنني لم اُغادر تِلك الليلة؟
كيف كان سيكون شكلُ حياتي لو أنني أحرقتُ الرِسالة عوضاً من جعلها تحرقُ عمري؟
كيف كانت لتكون هيئة قلبي لو أنني انشغلتُ ذاك اليوم باللعب عِوضاً عن قِراءة تِلك الورقة؟
كيف كانت لتكون هيئة صداقتنا لو أنني لم أكُن مُثقلاً بِكُلِ تِلك المشاعر؟

كُنتُ سأردُ لهُ الابتسامة في لِقائنا الاول ، لاستأذنتهُ في ان اجاوره المقعد في الفصل ، ولساعدتهُ في دراسة جميع ما فاتهُ مِن دروس ، كُنتُ سأقاسمهُ وجبتي ، واشاركهُ آلتي ، اعانقهُ في كُلِ مرةٍ اراهُ بِها ، واطلب منهُ ان يغدو صديقاً لي منذُ اليومِ الاول

كم كان سيكون كُل شيء جميل حينها..لو انني انشغلتُ في ذاك اليوم في اللعب عِوضاً عن قِراءة تِلك الرسالة؟

اقمتُ ظهري بسرعةٍ حين شعرتُ بحركةٍ عند قدمي
ابتسمتُ بِذبولٍ فور رؤيتي لجروٍ ابيض صغير يمسحُ برأسهِ على ساقي بحثاً عن الدفئ

مددتُ يداي اليهِ احملهُ ليصدر صوتاً يدلُ على انهُ خائف
فتحتُ ازِرة سُترة بِذلتي العسكرية ، ووضَعتُهُ ناحية صدري أُعيدُ وضع جانبي السُترةِ عليهِ وكفوفي ترتاحُ فوقهُ تمسحُ عليهِ ليشعر بالقليلِ مِن الأمان
"هشش كُل شيء سيكونُ بخير..الشتاءُ على وشك ان ينقضي"

بدأ صوتَهُ يخفتُ شيئاً فشيأً ، وكأن شعور الدفئِ أعجَبه ، نظرتُ اليهِ اسأله
"هل انت ضائِعٌ يا صغير؟ام ان والدتك قد تخلت عنك ايضاً؟"

لَم يُجبني لارفع عيناي على الطريق هامِساً
"لا بأس ، سنعرفُ ذلك معاً"

وقفتُ مِن على المقعد البارد اُحيطُ الجرو بيداي لئلا يقع
ومشيتُ بهِ بين الأزِقةِ الضيقة بحثاً عن والدتهِ
إلا أنني لَم أجدها في أي زاوية
وقد استمريتُ بالبحثِ عنها طويلاً جداً حتى آلمتني قدماي
فأنا أعلمُ شعور العيشِ بدون اُمٍ مِن الصغر ، أعرِفهُ جيداً

امسكتُ بأصابعي جانب سُترتي وازحتهُ قليلاً لرؤية ماحدث للجرو الصغير..وقد كان يغفو بسلام

ابتسمتُ بِدفئٍ لِما حدث ، وأعدتُ وضع القُماشِ عليهِ كي لا يتسلل البردُ اليه
وفكرتُ وانا في طريقي الى سيارتي بِكم ان الحياة مُنصفة!

فَحين كان عُمري يوماً واحِداً وتركتني والدتي على الرصيف المُثلج،الجراء هُم من أحاطوني بالدفئ ، وها قد مرت السنين لتترك الحياة لي جرواً صغير
ارد لهُ الجميل

"ماذا عليً أن اُسميك هُمم؟"
سألتُهُ بِخفوتٍ وانا اضعهُ على المقعد المجاور للسائق
"سنُفكر في ذلك لاحِقاً"

قُدتُ عائِداً الى منزلي ، وقفتُ امام صُندوقِ البريدِ افتحُه ، مامِن رسائِل اليومَ ايضاً ،وهذا يزيدُ الخوف في أعماقي

لَم استطع النوم كما في سابقِ أيامي الأرقُ يسكنُ ليلي
والحُزنُ يسكنُ الفؤاد والاجفان

أتيتُ بِصندوق الرسائِل خاصتي..
لقد جمعتُ كُل الرسائِلِ فيه
وكُل ردودي عليها أيضاً

اخرجتُ رسالتهُ المُحببة الاولى لاقرأ مِنها سطراً يقولُ فيه
"لم اشعر بشيء بعدها سوى لكمة حطت على وجنتي بعد ان دفعني هذا الجسد عنه بعيداً لاسقط بقسوة على الارض الباردة"

فأمسكتُ بالرسالةِ التي كتبتُها لهُ رداً عليها إلا أنني لم أُرسلها
"الا لعنةُ الالهِ عليهِ لِتُكسر يَدهُ ذلك الوضيع ، اعدُك بأنهُ عِند عودتي اليك سأظلُ ابحث عنهُ الى أن اُعيد لهُ اللكمة عشر!.."

وضعتُها جانِباً وامسكتُ برسالتهِ الثانية قارءً سطراً مِنها
"قد قررت في النهاية ارسالها الى سيول الى الشركة التي كانت امنيتك العمل فيها كمدير واراهن على انك قد فعلت"

فتحتُ الرسالة التي اجبتُ عليك فيها إلا أنني لم اُرسلها اقرأُ مِنها سطراً
"لَقد خَسِرت الرِهان يا صديقي..ماكنتُ إلا كاذِباً في اُمنياتي التي اخبرتك بها...كانت لدي اُمنية واحدة فقط..إلا أنني خبأتُها عنك طويلاً..طويلاً جداً"

وقرأتُ سؤالاً مِن الرِسالة التي تَليها لم يفشَل ابداً
في ايذاء قلبي في كُلِ مرةٍ قرأتهُ فيها
"هل الاصدقاء يؤذون بعضهم بعضاً؟"

واجبتُ عليك بِمكتوبي ذاك قائِلاً
"إن الأصدقاء هُم أكثر مَن يؤذون بعضهم بعضاً جون..
ليكون اختباراً لِعُمقِ صداقتَهُم ليس إلا"

وَقد قُلتَ بالرِسالة التي يليها تسألني
"هل الهجر سهلاً لتلك الدرجة تايهيونغ؟
لما الجميع يغادر هل في الفرار راحة؟"

فأجبتُ عليها بِحُزنٍ اُخبرك
"مافيهِ من الراحةِ شيئاً وماهو بِسهلٍ على الفؤاد ابدا
ماهو إلا أمرٌ ثقيل فَرضتهُ الأقدار علينا ، وحُزنٌ مرير طَلب المرور في أفئدتنا ففسحنا لهُ الطريق"

تنهدتُ بِعُمقٍ مُغمضاً عيناي لِتلك الرجفة التي تُخالجني كُلما قرأتُ مكاتيبه
أعدتُ لملمة كُل تِلك الرسائِل اُعيدها في الصندوق الخشبي مُقفلاً إياهُ بِمُفتاحهِ الصغير لأن ما يحويه هو كُل ما املكُ من دُنياي

الأيامُ تمضي ثقيلةً ومُخزية بِدون كلماته التي اعتدتُ عليها ، وإن كانت قاسيةً مُعظم الاحيان ، إلا أنها تظلُ مِن جونغكوك!

جونغكوك اللذي أجهلُ الطريق الذي يقودني اليه ، أجهلُ ما دار في عقلهِ ليُلملم اشيائهُ ويُغادر المكانَ كي لا يُلاقيني!

وهَل يُعقلُ انهُ بات حقاً يمقتُني كما افترى عليهِ لسانه
فكيف للروحِ ان تمقُتَ الروحَ والروحُ بالروحِ تُقيمُ؟

وعُدتُ وحيداً مِن جديدٍ كما قبلَ ظهورهِ في حياتي
فَقد صار هو دُنيتي اهلي واصدقائي ، كيف علّني العيش بدونهِ..الا يعي؟
الا يعي بأنهُ الوحيدُ الذي ابتغي وجوده دونَ غيرهِ
الا يعي بأنهُ كُلُ العالمين في عيناي؟
مُخطئٌ انا ، ولكن الا تشفعُ لي احزاني؟
الا تُعيد لي ما سُلِب مني كما اضاعته؟

آثمٌ انا بِحقه ولكن ماكان يجدر بي فعلهُ حين كان الكونُ عالِقاً في حلقي؟
ماكان يجدر بي سوى الهرب..
الهرب مِنهُ لئلا آذيه من سوئي الذي يكبرُ يوماً بعد يوم ويتفاقمُ في نَفسي

-

وَلى فصلُ الشتاءِ جونغكوك ، وقَد تفتحت الزهور وحلقت الطيور وتراقص الناسُ بين ازهارِ الربيع فَرحين ، عداي انا ، فقد مَر شهرانِ ونصف في البحثِ عنك والتربص في الجميع عَلهم يسيرون بخطىً تأخُذني اليك

إلا أنك لستَ بالديار
وهذا ما يجعلُ ادمعي تتجمعُ على اهدابي في هذا الوقت من الصباح تحت اشعة الشمس التي اُحِب..
الا انها لا تشعرني بشيءٍ من الدفئِ في غيابك
فالشتاءُ يسكنُ الروح وتتجمدُ لهُ الاطراف
هذا ما يُفسر ارتعاشي في كُلِ مرةٍ اُفكرُ فيها بِك

جلستُ عِند باب العمةِ ايليت لِليالٍ طوال ولكنها ابت ان تُشفق على حالي وتُدلني على طريقٍ يأخذني اليك،وما انت بزائِرٍ لها لالقايك

ذهبتُ الى الفتاة الصهباء بحجة القهوة وكُل ما اريدهُ هو سؤالها ان كانت قد قابلتك خلال الايامِ الماضية ، الا ان اجابتها دائماً ماكانت تُحزنُ قلبي سِراً

سألتُها عن مكان اقامة مارسيل عَلّك تكونُ قد زُرته احدى المرات
وقالت انها تجهلُ اين يُقيم الا انها تَعلمُ اسم المدرسة التي يدرسُ بها

ذهبتُ لِتلك المدرسة وطلبتُهُ بالاسمِ وواجهتُه ، سألتُهُ عنك وقد قال انهُ لم يرك منذُ اشهُرٍ ايضاً وكم كان هذا مُخيباً لروحي!

وكأن جميعهم قد اتفقوا على ان لا يرأفوا بحالِ قلبي
وانا مُتعبٌ هاوٍ ثقيلٌ لا اقدرُ على جر خطواتي

اهلكني تخليك عني واضعفَ حالي
فإني آمنتُ بتشبثك بي مهما جرى
وقد كَفَر بي إيماني!

بِتُ هزيلاً شاحب المُحيا لا انا بنائمٍ ليلي ، ولا انا بِمُعترف بصُبحي
اُنكِرُ ضوء الشمس ، وابغضُ ضوء القمر
فلا أيٍ منهما يُنيرُ عُتمة روحي
وكُلُ الليالِ في غياب رفيقي هي مُظلمة قاتِمة مافيها مِن النورِ شيئَ

اخذتُ اجازةً مِن عملي ولاولِ مرة ، فلا طاقة لي بالحديثِ حتى لدرجة انّي نسيتُ كيف يكونُ صوتي!

مُستلقٍ على سريري اضمُ رسائلك الى صدري بشوقٍ عتيق . وها انا عِند اغماض عيني بعد بُكاءٍ دام طوال الليل ، فزيتُ من نومي لِتَخيُلي اياك ارسلت مكتوباً الي ، ارتديتُ نعلي أمسحُ ادمُعي بِكُمِ قميصي وركضتُ خارِجاً افتحُ صندوق البريد باناملي النحيفة
لتُكسر روحي كما كُلِ مرةٍ افتحهُ فيه واجدهُ فارِغاً سوى مِن ذرات الغبار

لِتُرسل شيئاً جونغكوك ، كلمةً واحِدة وإن كُنت تنهرني بها ، يكفيني انها مِنك
استحقُ فُرصةً للتبرير ، استحقُ لقاءً وإن كان اخير
استحقُ الدفاع عن نفسي وإن كانت اعذاري واهية..
استحق!

فما أنا بسيءٍ ولكن الحياة كذلك
هي من تَعمدت إيذائنا يا رفيقي ، هي مَن فَعلت وليس انا.

-

"مَعنى دَنِف:ثَقُلَ مَرَضَهُ ودنى مِن الموت"

-

Continue Reading

You'll Also Like

189K 18.1K 22
جونغكوك عاشق القهوة والمقاهي، عندما يسمع عن مقهًى ما هو فوراً سيذهب إليه وما أثار فضوله هو ذلك المقهى "مجهول" سمع عنه كثيراً هو لم يصدق أن هذا اسمه ح...
2.3K 101 9
أصدقاء منذ الطفوله ولكن عندما توقفنا عند منصه الشهره لا نعلم هل ستستمر صداقتهم كما هي او سيتخللها الشك و الحسد و الغيره؟؟!! مكتمله
944 93 6
مَرحبًا فِي مَساحَاتِي ..هُنَا سأسِرد لَكُم قَلِيلاً عَن جُنونِ رِحلتِي فِي إيجَاد نفسِي التائِهَة .. وذاتِي .. وشِفائِي ، عَاليًا .. فِي أُفِق السَ...
363K 17.3K 24
مًنِ قُآلَ أنِهّآ لَيَسِتٌ بًآلَأمًآکْنِ کْمً آشُتٌآقُ لذالك المكان الذي ضم ذكريات لن تعود