حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

By is17rr

198K 16.3K 12.9K

يؤسِفُني انه في الوقت الذي كُنتُ انظر لكَ فيه على انك مُعجزةً ما جميعُ الاهلِ والاصدقاء الشمسُ والقمر الفجرُ... More

1-طيفٌ زائِل
2-البريد
3-طريحُ الشوق
4-رفيق الباب المجاور
5-قائمة الامنيات
6-لائحة امنياتي
7-سمكتي ذهبية اللون
8-نفحات مِن الماضي
9-تَنمُر
10-هدية مرفوضة
11-نادم
12-البصارة والفتاةُ الصهباء
13-اُمنيتي الأُولى
14-إرسُمني جونغكوك
15-عِراك
16-سجين
17-هروب
18-نَفس
19-نَدبة
20-كفالة
21-فريزيا
22-مُقلتاي
23-لأنَك أحببتني
24-عِناق
25-مُحاكمة
26-حتى الأزَل
28-تجاهُل
29-آخِرَ مكاتيبي
30-الحَقيقة
31-كاذِب
32-أَنانِيّ
33-خَشبة المَسرح
34-عَبَقُ ذِكراك
35-دَنِف
36-انتَ وأنا
37-عَتيقُ ليلانا
38-تَلاَق
39-ثَمِل
40-ليلَ قَلبِهِ وغَيثُ عيناي
41-تَهْويدة
42-مَنسي في كَنَف الشجون
43-لنهايتنا بداية يا شَمسي وقَمري
آراء..

27-خائِب

3.1K 288 502
By is17rr

مَرحباً..تايهيونغ
هَل ما قيل عنك حقيقيٌ يا صاحبي؟ قُل لا..هذا رجاء

اجلِسُ وقِبالتي المُحامِ جيمس اللذي يتحدثُ لي عن ما حدث في الخارج طوال الاسبوع اللذي انقضى وانا في السجن

لا اُعطي اية ردة فِعل ، لم اتحدث بأي شيء معه ولا مع من كانوا يشاركوني السجن ، لقد كُنتُ اجلِس في الزاوية فقط دون فعل شيئ

جالِسٌ وافكر ، بِكم كانا والداي يُحبان المقهى الذي لم اُحافِظ عليه ،وكم كان الاصدقاء المُسنين يبعثون الدفئ في ارجائِهِ ويملئون بِضحكاتِهم كل المقاعِد الخالية ، وبِك..فكرتُ بك كثيراً تايهيونغ

ستقول الان بأنك دائِماً ماتفكر بي وما الجديد؟
الجديدُ أنني ولاولِ مرةٍ اُفكر بِك من منظورٍ آخر ، بعيونٍ غيرَ عيوني ، وبِقلبٍ غيرَ قلبي ، لاراك إن كُنت تستحِقُ هذا الانتظار ،وتستحقُ ان اُحرق كُل ليلةٍ واتقلبُ بِنارِ شوقي لاجلك ، وما ظَنُك كانت اجابتي؟

ولاولِ مرةٍ لا تكون اجابتي بالتأكيدِ هو يستحق فَهو تايهيونغ!
وكانت...لا اعلمُ ما كانت ،فَلم أعثُر على اجابتي هذهِ المرة
وانتظرتُ ان تُجيبني الايامُ عليها
او ان تُسابِق الايام وتأتيني
فأبصُقُ على سابِقِ تفكيري
واضَعُك في مُقلتاي

"وإن القيامة قد قامت في الخارِج على الرقيبِ ابراهام هل تفهم ما يعني هذا!!
هُناك من أخرج الكثير من الشائِعات التي تقولُ بأنهُ خائِنٌ للوطن!
وذات الشخص يُحرض الشعب على أن يطالبوا بِعقوبةٍ للرقيب الاول ابراهام، إن خُطتنا تنجحُ جونغكوك هذا لا يُصدق!!!"

هَمس المُحامي جيمس ضاحِكاً وهو يستندُ بيديه على الطاولة امامنا ويحركهما في كُل الاتجاهاتِ اثناء كلامهِ كنايةً على انفعاله

اما عني ، فَلم ارُد بِشيءٍ اشابِك اصابعي من اسفلِ الطاولة واُميل  رأسي بِخفةٍ مُنشَغِلاً بالتفكير بسوءِ بختي

"ظننتُ أن هذا سيُفرحك ، لقد..لقد كان أكثرُ ما اردته هو أن يُعاقب المُجرِمون ،وها نحنُ قريبون جِداً من مُبتغانا.."

رفعتُ عيناي الذابِلة اُريحها في عيناه ، وهمستُ قائِلاً بعد اسبوعٍ من الصمتِ بصوتي الباهت الذي لم آلفه
"وددتُ لو أفرح أيه المحامِ ، ولكنني نسيتُ كيف يكونُ الامر..
ولا أظُنهُ شيئاً يليقُ بي بعد سنينَ طويلةٍ من التزينِ بأشكالٍ وانواعٍ لا تُحصى من الحُزن"

أنزلتُ عيناي التي انعدم بريقُها على الطاولة امامي بعد أن اختلفت تعابير المحامي من واحِدة سعيدة ، الى اخرى لم استطع تفسيرها
وقد لُمتُ نفسي لِسلبهِ سعادتهِ بحزني اللذي طغى وفاض
فما شأنهُ هو بِما احمله من شعورٍ لاشاركه اياه
انني فقط افسدُ كل جميلٍ بِقبح حزني..كما فعلت دائماً

"ستخرُجُ قريباً جونغكوك ، لقد وعدتُك بذلك..وانا عِندَ وعدي!"

"انتهى وقتُ الزيارة"
صاح الشرطي بذلك لاقِفَ بِدوري ناوياً المغادرة
وظُنُ أن حُزني هذا بسبب الحكم عليّ بالسجن ، غيرَ عالِمٍ بِما يُحزنُ قلبي حقاً
اومأتُ للمُحامِ مودِعاً وسَمحتُ للشرطي أن يُعيدني إلى زنزانتي

أعلَمني المحامي جيمس بأن موعد محاكمتي القادمة ستكونُ بعد يومين
وَلم أفعل شيئاً حيال ذلك ومضيتُ اجلِسُ في زاوية زنزانتي كما اعتدتُ لاسبوعٍ مضى

وها انا جالِسٌ الآن بِبذلتي على احدى مقاعد المحكمة بينما يفصِلُ بيني وبين كُلاً من العمةُ ايليت والبصارة ،لونا ومارسيل ،والاصدقاء المُسنين عدة مقاعِد

لا أنظرُ الى احد ولا اكلم احد ، شعرتُ بأن جوفي خالياً لدرجة انني اسمعُ صوتَ صدى مشاعري في الداخل ، وما هي إلا مشاعِرُ حُزنٍ وشوق

وهذهِ المرة كانت جميع مقاعد المحكمة ممتلئة بالناس الذين يترقبون حكم القاضي ، ومن العجيب أن الرقيب ابراهام موجودٌ ايضاً رُغم أن قضيتهُ قد انتهت بالفعل ، الا انه على ما يبدو يسعى لتحسينِ سمعته بين العامة بعد ان افسدتها الشائِعات ،ليريهم انهُ يهتمُ لأمرِ الاجانب ايضاً لا الفرنسيين فقط
يالَ النُبلِ الذي هو فيه

إنها لحظةُ إصدارِ الحكم ، وقفنا جميعاً لنسمعه
ولم انظر هذهِ المرةَ الى القاضي واترقبُ منه شيئاً يرضيني
لم اكن انظر الى اي شيءٍ اساساً فما عاد شيئاً يهُم قلبي

"بعد طلب استئناف الحكم من المحامي جيمس والموافقة عليه ، تم النظر بشأنِ قضية السيد جيون جونغكوك من جديد ، وقد حكمت المحكمة حضورياً على اِعفاء السيد جيون جونغكوك من عقوبة الحبس لستة اشهر الا ان عقوبة المصادرة لم يتغير حيالها شيئاً ، واما بالنسبة للشرطي الذي قام بدفع الفتى مارسيل فقد تم سحب رخصة الشرطة خاصته بالفعل ، رُفعت الجلسة!"

ضحك من حولي فرحين بهذا الحكم الذي لم يُغير من حالي شيئاً
وضع المحامي يديه على كتفاي يهزني بِخفةٍ قائِلاً بأنه نجح في اخراجي كما وعدني في حين أن مارسيل هَجم يعانقني بِشدةٍ بالجميعِ يلتَفُ حولي فَرحين بأنهُ تم اخراجي من السجن ، وكأنهم لم يسمعوا الحُكم الثاني ،واللذي كان اصعبُ عليّ من ان اُسجن

مسحتُ على شعرِ مارسيل كي لا اُشعِرهُ بالذنبِ او بأنهُ هو السببُ بِما حدث
ولكنني لم افعل شيئاً غير هذا

بدأ الجميعُ فجأةً يلقي بالشتائمِ على الرقيب الاول ابراهام الذي كان ينوي المغادرة إلا انه لم يجد مجالاً لتنقلب قاعة المحكمة فجأة من هادئة لاخرى تملئها الفوضى

صنع رجال الشرطة مجالاً للرقيبِ الاول ابراهام كي يخرج من هنا
في حين ان انظاره الحادة ترتكِزُ على المُحامِ جيمس

خرجنا من قاعة المحكمة بعد ان اخرجوا الجميع منها
بي أضعُ يدي على كتف مارسيل الذي يعانقني ،وبالمحامِ يمشي بجانبي يتحدثُ ببعض الامور

طلبتُ من مارسيل ان يتركنا وحدنا فَقد اردت ان اُحادث المُحامِ بأمرٍ ما حين تذكرتُ نظرات الرقيبِ المُخيفةِ له
وافق مارسيل على مضض ليذهب ماشياً نحو البقية

بللتُ شفتاي ونظرتُ الى المُحامي اسأله
"هل ستكونُ بأمان؟"
فَهِم مقصدي ليبتسم بِخفةٍ واضِعاً يدهُ على كتفي ليقول
"لا تقلق هو لن يستطيعَ فِعلَ شيءٍ لانه إن فعل ستتحول الشكوكُ حولهُ الى يقين وعندها ستكونُ خسارتهُ محتومة"

اومأتُ لهُ مُطمئِناً واجبت
"شُكراً لك على مُخاطرتك"
أومأ بِرأسِهِ مُبتسِماً
"مِن دواعي سروري..لقد كُنتَ رَجُلاً ذو حظٍ وفير فَقد كانت قضيتك هي اولُ قضيةٍ يأخذها القاضي لهذا كانت مُسجلةً وتُبَثُ لِلعلن وقد تعاطف الكثير مع قضيتك وخرجت الشائِعاتُ بأن القاضي قد أخذ رشوةً ليحكم عليك بهذا الحكم ، لذالك تم قبول استئنافُ الحكمِ على الفور وتغيرت الامور على ما هي عليه الان كي يُثبِت القاضي انه لم يأخذ اي رشوة،وزيادةً على هذا الجميع يطالب الان اعدام اولائك الرجال واخذ الرقيب عقوبته لحمايتهم ، ان العامة لا يهدأون وكلما فعلوا هناك من يسخنهم ويخرج المزيد من الشائعات على الرقيب ابراهام ! ،

حتى لتنظر الى جرائد اليوم في اول صفحة قد كُتِبَ عنوانٌ بالخطِ العريض :
الرقيب الاول ابراهام وَولده ارثر ابراهام يتعديان على رَجُلٍ في السجن بالضرب عن طريق مُجرمين يُخبئونهم عن العدالة ، هل سوف تصمتُ الحكومةُ يا ترى ام ان العدالة سوف تأخذُ مجراها حتى على رجال الامن!

وَقد كُتِب بعدها:
ما هي العقوبة التي يستَحِقُها رَجُل امنٍ فرنسيٌ خان ارضهُ وفسح للمجرمين المجال للعيشِ عليها ،هل الاعدام؟"

فتحتُ فاهي مُنبهراً لِما سمعتهُ لاقول
"انهُ حقاً لا يُصدق!! ، هَل كشفَ عن هُويته؟"
قوَس المحامِ شفتيه مُتفكراً ليقول
"لا ، لا أحد يعلم حَتى الان من يكون ، بالتأكيد أن ابراهام الان قام بالبحثِ عنه في كل بقاع الارض ، لن يدعه يُحرض الشعبَ عليهِ اكثر"

هزيتُ رأسي مُتفهماً اُجيب
"لا يُهمُ من يكون المُهم أنهُ شَخصٌ نبيل مِن قِلة النُبلاء في زمانِنا هذا!"

"انهُ كذلك..حسناً إذاً ،نلتقي فيما بعد"
همس في بادئِ كلامِه ليودعني فيما بعد ويرحل

بينما انا عُدتُ لِمَن يقفون بعيداً ويتهامسون فيما بينهم
وصمتوا فور رؤِتِهم لي اقترِبُ منهم..

"اذاً يا رفاق..على ما يبدوا انه لا مزيد من الايام الدافئة في مُنتصف الشِتاء ، لقد كُنتُم شيئاً بغايةِ الجمالِ تجعلون من المقهى بهياً في حين أنهُ كان بالياً بعض الشيء ، يبدوا ان الشتاءَ سيعودُ قارِصاً مِن جديد ، خالياً من شِجاراتكم اللطيفة..خالياً من حديث البصارة بشأنِ مُستقبَلكُم ، وخالياً من مجادلات مارسيل ،وايضاً خالٍ من احاديثِ لونا التي لا تنتهي"

نظرتُ الى لونا امازِحها في قولي لِتُقهقِه والدموعُ في عينيها
بينما الباقي كان الحُزنُ بادٍ عليهم لِما حادثتُهم بهِ لاهمسَ ناظِراً بعيداً وانا اقول
"سيعودُ قارِصاً وموحِشاً كما كان.."

"اُقَدِرُ مجيئكم جميعاً لاجلي ، انا شاكِرٌ لِكُلِ واحِدٍ منكم حقاً ،انتم كُل ما اُريدُ ان املكه.."

اندَفَعتُ اُعانقهم واحِداً وراء الاخر وهَل تَعلم مالذي تغير هذهِ المرة تايهيونغ؟
انني لم ابحث عنك بين الجميع ، ولم انظر الى أيّ زِقاقٍ عَلهُ يكونُ يحويك
لأنهُ كان هُناك شعوراً في قلبي يقولُ انك لستَ هُنا
لن اخذِل عيناي هذه المرة ايضاً ، فَقد مَلت خِذلانها

"احتاجُ ان ازورَ المقهى لِلمرةِ الاخيرة"
قُلتُ لِلعَمةِ ايليت التي فركت يداها بِبعضها تعبيراً عن توترها لامرٍ تُريدُ قوله
لاهمِس سائِلاً بِنَظرةٍ قَلِقة
"هَل حدثَ امرٌ ما؟"..

واقِفٌ امام بابِ المقهى بعد ان اخبرتني العمةُ ايليت بالتغيُرِ الذي طرأ عليه
أنظرُ اليهِ بِجمود وجهي وفكي الذي احتد مُبتلعاً حسرتي قبل ريقي الذي جف

ناظِراً الى اللوحة التي رُكِنَت جانِباً والتي كانت تظمُ اسم المقهى
"مقهى نوستالجي"
وَوُضِع بَدلاً عنها لافتةً كُتِبَ عليها
"مَلهى سان هونوري"
مُخَيبٌ للقلبِ اليس كذالك؟

هل تتذكر تايهيونغ اول مرةٍ فتحنا بِها باب المقهى معاً؟
حين كانَ كُلُ شيءٍ يملئهُ طبقاتٌ مِن التُراب فَقد مرت سنيناً لم يدخل المقهى فيها احد

تشائمتُ مِن مَنظَرهِ في بادئِ الأمر قائِلاً أنهُ يحتاجُ للكثيرِ من التنظيف
وقد نَظرت إلي بحاجبيك المعقودين قائِلاً بصوتٍ جاد
"بالتأكيد أنتَ لن تَدخُل هذا المكان وهو بهذه الحالة جونغكوك!
هذا سيؤثِرُ على رئتيك ، لن اسمحَ لك بِذلك"

خطوتَ بعدها ماشياً الى الداخل ورفَعتُ قدمي لالحق بك
الا انك التفتَ اليّ فوراً مشيراً بِسبابتك
"لا تلحق بي!"

انسبلت كتفاي واشرتُ بِكلتا يداي الى زواية المقهى اقول
"ولكن علينا ان نُسرع تَنظيفه تايهيونغ سيكونُ مَصدرَ رِزقنا بعد اليوم!"

استَندتَ على إحدى رفوفِهِ مُجيباً
"حسناً ، سأقومُ بفتحِ جميعِ نوافذهِ وانفضُ الغبارَ من جميعِ زواياه الى ان يختفي تماماً ، وعِندها ستدخل انت ونقومُ بِغسلهِ بالماء والصابونِ وترتيبهِ سوياً
صَفقةٌ عادِلة اليس كذلك؟"

عقدتُ حاجباي بِخفةٍ اُجيبُ بِدونِ تفكير
"كلا؟"
"هذا يُعجبني"
همستَ وانت تمشي ناظِراً في ارجاءِ المكان لاتنهد مُستَسلِماً امام طبعك الذي اُحِبه ، امام دِفئ اهتمامك باصغر التفاصيل

قُلتَ بأنك ذاهِبٌ لِجلبِ المساعدة كي ننهي التنظيفَ قبل المساء
طلبتُ مِنك ان ارافِقك الا انك ابيت ، فَظللتُ جالِساً في مكاني انتظِرُ عودتك

وقفتُ على قدماي مُبتَسِماً حين لمحتُك قادِماً من بعيد
وتلاشت ابتسامتي عند رؤيتك تبتَسِمُ مُنصِتاً لمن معك!
وكم اكرهُ ان تكون بسمتك سببها احداً غيري ،كم اكره..

فتاةٌ ممشوقة القامة ، بِشعرٍ اسودَ حرير يصِلُ الى شحمةِ اُذُنيها
تحمِلُ في يدها دلواً وخِرقة تنظيف
تمشي بجانبها والدتها التي تحملُ دلواً يضمُ مُستلزماتٌ للتنظيف

"اهلاً جونغكوك ، هل تأخرنا؟"
نفيتُ بِرأسي وانا أنظرُ الى الفتاة التي تقِفُ بجانبك
عَرفتنا على بَعضِنا سريعاً ، وَدخلتم سوياً لِتُباشِرون العمل

شمرتَ عن ساعديك والتقَطتَ احدى الممسحات بادِئاً بالعملِ عِند الرفوف
بينما انا أقِفُ مُراقِباً اياكم وانا مُكتفاً يداي واستنِدُ بكتفي على خشبة الباب

"جونغكوك! لِما تَقِفُ عند الباب هكذا إن الغبار يتجِهُ ناحيتك ، لِتنتظِر خارِجاً!"
نَدهتَ انت مُستاءً،لاكز على اسناني وانظر اليك بعينانِ باردة للمرةِ الاخيرة قبل ان امضي للجلوسِ خارِجاً

اجلِسُ على الرصيف قاضِماً اضافري التي لم يتبقى منها شيئاً مُترقباً انقضاء الوقت ، لِتغادر الامُ وابنتها

انتهيتم مِن نَفضِ الغبار فَدخلتُ سريعاً الى المقهى ، غادرت الام لتُعِد شيئاً نأكله فَبقيتُما سوياً ، نظرتُ وإذ بِكما تجلِسان على الارض وفي يدِ كُلاً مِنكما خرقةً تمسحون بها الارض وتتحدثان بانسجامٍ شديد

مشيتُ سريعاً انفثُ انفاسي الساخِنة وشعورٌ ممقوتٌ في قلبي
سحبتُ الخرقة من يدها بفضاضةٍ أقول
"سأُكمِلُ انا ، لتأخذي قِسطاً من الراحة"

نظرت الفتاة بعدمِ فهمٍ لتقول بِتلكؤ
"لا بأس انا لم اتعب ابداً استطيع ان اكمل عملي"

نظرتُ اليكَ وإذ بك تنظرُ الي بعينانِ تحاول فهم تصرفي
واشحتُ عيناي عن خاصتك سريعاً انظر الى الفتاةِ قائِلاً
"لابد ان اعمل انا ايضاً ليكون لي مِلحٌ في الحساء ،سأتولى الأمر"

جَلستُ بعدها على الأرض بسرعةٍ مُشمراً عن ساعِداي
واضِعاً الخرقة في يدي بِدلو المياه ومن ثم أعصره بشدةٍ كما يُفعَلُ بِقلبي
ماسحاً بقعة الارضِ أمامي تحت انظارِك التي أشعرُ بها تحيطني

وقفت الفتاة قائِلةً انها ستستنشِقُ بعض الهواءِ خارِجاً قبل ان تعود لاكمال العمل ومن ثم غادرت

لازلتُ أشعرُ بانك لم ترفع عيناك عني بعد لذا رفعتُ عيناي بترددٍ لأتأكد من الأمر
وإذ بك تنظرُ الي فِعلاً
"مابِك جونغكوك؟"
"وهل بي شيء؟"
اجبتُ سريعاً بامتعاضٍ وانا اشد بمسحي ارض المقهى
"هَل انت..وبالصدفة..شعرت بالغيرة؟"

نظرتُ سريعاً اليك فاتحاً فاهي بعيناي المذهولة لانكر بسرعةٍ قولك
"ولِما سأشعرُ بالغيرةِ يا هذا كل ما فعلتماه هو التنظيف!!"

رفعتَ حاجبيك متكتفا ً وابتسامة شكٍ نمت على شفتيك قائِلاً
"لا أدرِ ، لربما قد غِرت مني لكون الفتيات تنجذبُ الي دوماً همم؟"

هدأت ملامحي لِفهمك غيرتي بهذهِ الطريقة
وأعدتُ مسك الخرقةِ مُكملاً تنظيفي بقسوةٍ لاقول
"امم ليسَ الأمرُ كذلك ولكن..أتذكرُ آخِرَ مرةٍ ابتسمت لي فيها كانت في رأس السنة وأنا من لَعِب بوجهك ارغمك على الابتسام ، لقد ظننتُ انك تعاني من مشكلةٍ ما في وجهك تمنعك من الابتسام ، الا انه على ما يبدو ان مشاكلك تُحلُ عِند تعلُقِ الامرِ بالفتيات!!"

اشتهقتَ بِدراميةٍ تقول
"انت تُبالغُ حقاً! ، كم اتضح أنك ناكِرٌ جونغكوك!!
الم ابتسِم لك ايضاً في يوم ميلادِك دون ارغامي على ذلك؟؟"

تنهدتُ قالِباً عيناي اجيبُ هامِساً
"هذا لانك كُنتَ ناسياً انهُ يومُ ميلادي ولم تَعلم مالذي عليك فعلهُ حيال الأمرِ سوى الابتسام"

"اووهه جون"
وقفتَ تاركاً مافي يدك وانت تقول
"هذا لأنني لا اؤمِنُ بهراء اعياد الميلاد انها تُنقِصُ عاماً من عُمرِ من نُحِبهم لما سنحتَفِلُ بشيءٍ سيءٍ كهذا؟"

"هذا منطقي"
قُلتُ اُجاريك بِقولك ولم انتبه على انك تتقدمُ ناحيتي
"مالذي تفعله؟"
سألتُك رافِعاً حاجباي لِتقول
"لا اسمحُ لك بأخذِ وظيفتي في عَدم الابتسام فنحنُ نتقاسمُ الادوار..انا لا ابتَسِمُ ابداً وانتَ تَبتسِمُ دوماً هذا ما يجِبُ حدوثه من اجل التوازن الكوني!"

"انت معتوه لِتبتعد"
قُلتُها لاشتَهِق مُتفاجِئاً حين دَفعتني بخفةٍ على ارض المقهى جالِساً على معدتي تُدغدِغني وانت تقول
"هَل ندهتني بالمعتوهِ توك همم؟"

لم استَطع السيطرة على ذاتي فسارعت ضحكاتي بالخروج لتصدح عالياً وانا ارجوك من بين ضحكاتي ان تتوقف إلا أنك نفيتَ من بين ضحكاتك التي انسجمت مع خاصتي لِتُشكِلَ معزوفةً عذبة لازلتُ اسمع صدى ترانيمها يترددُ في مسمعي

"لِتضحك دائِماً جون ، الضحكُ يليقُ بك كثيراً"

فتحتُ عيناي عائِداً الى حاضري اللاذع
مُتسائِلاً كيف لي ان انتشل تلك الضحكات من الماضي ، فَقد غابت مع غيابك
وكل ما جاء بعد غيابك من ضحكٍ كان للروحِ زائِف

سَلبو ذكرياتنا تايهيونغ ، مسحوا اثرها من على ارضِ المقهى
ابدلوا النوافِذ التي اصلحناها معاً ، واغلقوا في وجهي الابواب التي فتحناها معاً ، تاركين قلبي يقِفُ خلفهُ مُنكسراً ، على ذكرياتٍ كانت تَعِزُ عليه كثيراً

نظرتُ الى المقهى لآخرِ مرةٍ مودعاً
"سلامٌ على ذكرياتك يا صاحبي ، وإن حاولوا مسحها من على الجدران والارصفة ، فهي عالِقةٌ في فؤادي هُنا لا يُزيلها زائِل ، ليطمئن قلبُك.."

مشيتُ مُغادِراً مكاناً كان يوماً يعني لي الكثير
دون البكاء عليه دمعةً واحِدة ، رُغم ان البكاء كان يرتكِزُ في حلقي

لم اتعود ان اغادر الاشياء التي احبها ، ولكنها دائماً ما كانت تغادرني

فتحتُ باب شقتي ناوياً الدخول ، الا ان صوتَ العمة ايليت اوقفني قائلة
"بُني هل عُدت؟ تعال لِنتشارك طعام الغداء،لقد كُنتُ انتَظِرُك"

اومأتُ لها مُعيداً اقفال الباب داخِلاً شِقتها
قُمتُ بغسلِ يداي وخلعتُ نظارتي ارميها جنباً
رشقتُ المياه الباردة على وجهي اُلملِمُ شتاتي
ومن ثَم جففتهُ مُعيداً ارتداء نظارتي
ناظِراً الى وجهي في المرآة
مُتأكِدٌ من انه شخصٌ اعرِفه ، ولكن لا اعلمُ من يكون
انهُ مجرد بقاية منك جيون جونغكوك

جلسنا على المائِدة نتناولُ الطعام بهدوءٍ تام
مضى القليل من الوقت الى ان شبعت
نظرتُ الى الاريكة وإذ بأن عليها طردٌ ما فسألتُ العمة قائلاً
"أهي طلبيةٌ جديدة؟"
اومأت مُبتلعةً تقول
"نَعم لقد طَلبها شابٌ منذُ ثلاثِ أيام وقد جهزتُها ،سآخذها لهُ اليوم"

ارجعتُ شعري الى الوراء مُتكئاً بيداي على الطاولةِ من جديدٍ اقول
"اخبريني ما عنوانه سآخذه لهُ عِندَ خروجي من هنا"

نفت بِرأسها مُجيبةً بصرامة
"لن تأخذه هذه المرة ايضاً انت مُتعبٌ وعليك أن ترتاح"
اجبتُ بصدقٍ قائِلاً
"صَدقي أن هذا لا يتعبني ابداً ، علاوةً على ذلك إنني مشتاقٌ للخارج بعد تسعِ أيامٍ من المكوثِ في زاوية السجن..احتاج ان استنشِق بعض الهواء"

جادلتني وجادلتها الى ان انتهى نقاشنا بموافقتها التي رغبتُ بها حقاً
"لقد كان طعاماً لذيذاً سَلِمت يداك ، اسمحي لي ان اُعِد الشاي لنا"

ابتسمت بِدفئٍ لِطلبي هذا ووافقت عليه لاقِفَ بِدوري مُتجهاً نحو المطبخ لاصنع الشاي امتناناً لطبخها لنا طعام الغداء

اخذتُ الطرد بعدها وخرجتُ من المنزلِ مودعاً ، وقد كان العنون يبعد عن بنايتنا ب خمسٍ واربعون دقيقة سيراً على الاقدام ، من الجيد أنني من سيأخذه فالجو قاسٍ على العمة ايليت ، لتبقى قرب المدفئة وتنعمُ بالدفئ قليلاً

مشيتُ على الارصفة وعبرتُ الشوارع ودخلتُ الكثير من الازِقة قاصِداً شقة الرجُل صاحِبِ هذا الطرد ، ولا أعلمُ لِما هُناك شعورٌ سيء يفرضُ نفسه في صدري..

وقفتُ آخذُ استراحةً قصيرة وانا استَنِدُ على إحدى الاعمِدة
وان كُنتم تتسائلون لِما لم اذهب بسيارة اجرة
فأنا اُحاوِلُ ان اتمسك بِكُلِ قِرشٍ الان ، الى ان اجِد عَملاً اُخرِج منهُ قوت يومي
وانتم على عِلمٍ أن من هُم مثلي من الصعبِ عليهم وجودُ عَملٍ في ديارٍ كهذه

اكملتُ سيري بعد استراحتي التي دامت خمسَ دقائِق
وها انا الآن أقِفُ امام بابِ صاحِب الطرد
وشيئاً ما يخبرني ان لا أطرق بابه
إلا انني تجاهلتُ سخافةَ قولِه
وطرقتُ الباب عِدة مرات..

لم يفتح أحدهم الباب ، لذالك رحتُ أطرقهُ مرةً اخرى بعد
سمعتُ صوت خُطى نحو الباب لابتعِد خُطوةً الى الوراء
نظرتُ مُترقِباً فتحه وانا اشدُ قبضتي على الطردِ في يدي

ابتلعتُ ريقي عِند سماعي لصوت شابٍ غليظٍ يقول
"قادم.."
ومِن ثم فتح الباب لتظهَرَ لي هيئتُه..!!

نظر إلي بِصمتٍ يتفحَصُ وجهي ، ومِن ثَم اتسعت عيناهُ بشكلٍ واسعٍ يربِكني
لاتدارك الوضع قائِلاً
"مساءُ الخير انا اُدعى جـ..."
"جونغكوك!!!"

عقدتُ حاجباي مستغرباً معرِفتَهُ لاسمي ، وقلتُ مُتسائِلاً
"عفواً ولكن..هَل التقينا قَبلاً؟"

ضَحِك يمسحُ على شعرهُ مُتفاجِئاً يقول بانفعال
"أحقاً لم تتعرف عليّ؟؟؟ لِتُركز جيداً!!"

زادني كلامه فضولاً لمعرفة من يكون ، ولكنني حقاً لم اعرفه
نظرتُ جيداً في تقاسيمِ وجههُ الوسيم مُتأمِلاً أن اعرفه
ولكنني فشلتُ في ذلك

"بِحقك! ، حسناً...مَرحباً ايتُها الحسناء ، هَل لي بِرقصةٍ مَعك؟"
انحنى بِخفةٍ كالنُبلاء قائِلاً جملتهُ تِلك ووقفَ بعدها سريعاً غامِزاً لي وهو يضحك

طَرَقَ قلبي فجأةً بِقوةٍ مبالغة ، وسريعاً ذُهِلَت عيناي وضحكت شفتاي سائِلاً اياه
"ادريان؟؟؟؟"
"نَعم ايه الوغد!!تعال الى احضاني!!!!"

اندفعتُ لاحتضانِهِ غيرَ مُصدِقاً هذه الصدفة نادرة الحدوث
وانا اسمعهُ يتمتمُ قائِلاً
"لَقد اشتقتُ لِحماقاتِك كثيراً..انا اُقسم"

هدأ الجو قليلاً ، وطلب مني ان ادخل الى منزلِهِ وقد فعلت
مد يديه يأخذ الطرد مني لِتلمحَ عيناي وشمهُ الصغير على ساعِدهِ والذي كان بِرسمةِ مِرساة

ونظر إلي يسألني
"اذاً..هل بِت تعملُ بامورِ التوصيل؟"
نظرتُ اليه نافياً وانا اخلعُ مِعطفي كون المدفئة مُتقِدةً اُجيب
"كلا..انهُ مجردُ عملٍ انساني"

همهم متفهماً يضعُ الطرد جانباً وسألته
"اذاً..كيف عرفتني فور رؤيتك لي ، انما انني لم اتعرف عليك فقد تغيرتَ كثيراً بِحق"

ضحك بِخفةٍ يسكبُ المياه لي قائِلاً
"ومن ذا الذي سينسى الآسيوي الجميل ذو العيون الدعجاء"
ضحكتُ بِخفةٍ لقولهِ ليهمس مُكملاً وهو يناولني الكأس
"والضحكةِ البلهاء"
"ويحك"
قلتها مؤنباً امازحه وانا التقطُ كأس المياهِ شارباً القليلِ منه

"اذاً جيون جونغكوك.. ، اخبرني كيفَ سارت حياتُك خلال السبع سنيناً الماضية؟"
ولا انكرُ ان سؤالهُ قد أخجلني ، فهي لم تسير ابداً مُذُ رحيلك تايهيونغ
لذا اكتفيتُ بالابتسام لهُ متفادياً الاجابة واختصرتها بكلماتٍ جعلته يعقِدُ حاجبيهِ لها
"سارت بشكلٍ جيد"

قوس شفتيه واومأ مُبتسماً يقول
"على ما يبدو انك لازلتَ لا تحب مشاركة معلومات حياتك كما السابق"

"ربما الامرُ كذلك...لتحدثني انت فأنا املِكُ الكثير من الفضولِ حقاً..وبالمناسبة كيفَ هو حالُ آلبرت؟أين يعيشُ الان؟"

اختفت اِبتسامَتهُ وبرِقت عيناه بِحُزنٍ اعرِفه جيداً
لاقولَ سريعاً بتأسُفٍ
"هَل قلتُ شيئاً ما كان عليّ ان اقوله؟"

نفى بِرأسهِ قائِلاً بصوتهِ الذي شحب وهو يلتقِطُ عُلبة الكحولِ التي فرغ نصفها
"كلا..ولكنني لم اسمعِ اسمه منذُ فترةٍ طويلة..بدا اسمهُ غريباً لمسمعي"

"ماذا؟..لِما..مالذي حدث معه؟"
سألتُ مُستغرباً ما سمعته ، فهما لم يستطيعا الابتعاد عن بعضيهما بضعة مقاعِد ، فكيف يقولُ الآن انهُ لم يسمعِ اسمهُ منذ فترةٍ طويلة؟

"هل تُشاركني الشرب؟"
اومأتُ لهُ موافِقاً لشعوري بأنه يريد أن يشارك حُزنهُ مع احدهم وبالتأكيدِ لن امانع ذلك مع من شاركني الكثير من ذكريات فترةِ مراهقتي

مد لي كأس الكحولِ فالتقطته منه مترقباً حديثه
سكب لنفسهِ واحِداً وجلس من جديدٍ بقربي متجرعاً  القليل منه
في حين أنني اراقبه بترقبٍ لما سيقوله

"آلبرت..البطل الخاص بـ ادريان.."
رفع عينيه من على كأسهِ ناظِراً في عيناي ليُكمل هامِساً يسألني
"الم يكُن هذا لقبهُ في أيامِ الميتم؟"
اومأتُ له موافِقاً ليعيد عيناه على كأسهِ يرتَشِفُ منه

"عاهدتُ نفسي أن لا اذكر اسمهُ مُجدداً على لِساني ، وان لا اُعطي مجالاً لذاكرتي كي تُفكر فيه ، إنهُ لا يستحق شيئاً ابداً..وحين أقولُ ذلك فأنا أعنيها!"

رمشتُ عِدة مراتٍ استوعب ما قاله تواً عن صديقه الذي كان يوماً يميزه عن الجميع ،عن آلبرت الذي كان يرافقهُ كـَ ظِله!
لم أظُن يوماً أن اسمع كلاماً غير المدحِ والتبجيل من ادريان عن آلبرت
ولم اتمنى ذلك قط!

"لقد كانت صداقتنا شيئاً خيالياً اليس كذلك جونغكوك؟"
واحياناً بعضُ الاسئلة لا تنتظرُ مِنا جواباً ، انا تُسألُ لتذكير الذاتِ بحقيقتها،لذا هو أكمل قائِلاً دون ان ينتظر جواباً مني
"في الوقت الذي اخترتُ فيه انا صداقتنا ، اختار هو فيها ذاته..
ظللتُ كالمُتشردين ابحثُ عن عملٍ جديد بعد ان تركتُ العمل في المصنع الذي وضفنا فيه الميتم لنعيش منه ، الى أن وقفتُ ذات يومٍ أمام البحر الواسع أنظرُ اليه وكأنهُ موطني ، شعرتُ بالانتماء اليه بشدة ، وقررتُ ان أهجُر ارضي وما قاسيتُه عليها ، والتجئُ الى البحرِ الذي يناديني بعالي صوت امواجه،
فَنظرتُ الى احدى الباخرات الصغيرة التي ارتاحت عند ميناء السفن
فرأيتُ رَجُلاً مُسِناً بشوش الوجهِ وندهتُه
"ايه العم ، هل تُريد عامِلاً يا تُرى؟"
ضحك بِخفةٍ ونده بصوتٍ عالٍ لاسمعه وهو يشيرُ بيدها قائِلاً
"لِتصعد"
لم أظُن أن الأمر سيكونُ بهذهِ السهولة ولكنهُ كان
وكأن الحياة ارادت ان تبدأ معي صفحةً بيضاء جديدة
خاليةً من جميعِ أكاذيب آلبرت التي أشعرتني بالتُخمة"

اجترع ما تبقى من كأسهِ دُفعةً واحدة ، وراح يسكُبُ لِنفسهِ كأساً آخر
يقول
"لقد كان عزيزاً على قلبي ، كان عائلتي الوحيدة ، لم اُرِد صديقاً غيره وقد كنت أبذلُ جهدي لاسعاده ولكنه مالذي فعل بالمقابل؟..داس على كل ذكرياتنا واكمل سبيله!"

حزنتُ لحزنه الذي شابه كثيراً حزني
لأسألهُ هامِساً وانا انظر اليه
بعيونٍ ذابلة لما آلت إليه صُحبتُهما التي كان الناسُ جمعاً يحسدونها
"مالذي فعله؟"

تنهد بِعمقٍ مُرجِعاً ظهره الى الوراءِ يستَنِدُ على ضهر الاريكة مُغمِضاً عينيه وكأنهُ يتذكرُ امراً ما
اعاد فتح عينيه واستند برأسهِ على باطِن كفهِ ينظرُ الي قائِلاً
"لم أظن انه سأتي يوماً ويسألني احدهم هذا السؤال ، لذالك لستُ مُستعداً للاجابةِ عليه بالشكل الصحيح ، بالشكل الدقيق والمناسب ، الذي يشرح مالذي فَعله..مالذي فعلهُ ياترى...هل تُصدقني إن قُلتُ لك أنني الآن أُدرِك أن ما فعلهُ لم يكُن خاطِئاً؟ كُلُ اللومَ عليّ انا..انا المُلام الوحيد.."

بدأ صوتهُ يثمل وعينيه تنعس ، الحُزنُ طغى على قلبهِ يُذكرهُ بِماضٍ اليم
وانا لم افعل شيئاً حيال ذلك ، انظر اليه واستمعُ الى بؤسِهِ بقلبٍ يهتمُ لامرِه

فَ في بعضِ الاحيان ، الاشخاصُ لا يتحدثون عن حُزنِهم لك لتجد لها حلولاً ، فالاحزانُ لا حُلول لها سوى النسيان ، ف يصبح كل ما عليك فعله هو الانصات بهدوءٍ وصمت ، الامر بهذه السهولة

"كُنا نتمشى سوياً على الرصيفِ بعد أن خرجنا من المصنع الذي عملنا بهِ ، الثلوجُ كانت تهطل واقِفةً في طريقنا ،ولكننا دُسنا عليها عابرين من فوقها كما فعلنا مع أي شيءٍ اعترضَ طريقنا يوماً..

أخبرني أنهُ سيرحل..لم أُصَدِقهُ في بادئ الأمرِ وظَننتُهُ يمزحُ كعادتهِ في المزاح ، ضحكتُ بِخفةٍ اخبرهُ انها مُزحةٌ مِن العيار الثقيل بغير عادتهِ في المزاح ، إلا أن ملامحه جامدة لا تُبشر قلبي خيراً
نظرتُ اليه للحظاتٍ طويلة مُنتظراً إياه أن يتكلم أو يعترف بأنها لم تنطلي عليّ هذه المرة ، ولكنه لم يفعل ، وتنهدَ مُبعِداً عيناهُ عني قائِلاً
"انا لا امزحُ في هذا ادريان ، انني حقاً سأرحلُ من هنا"

توقف قلبي عن الخفقان ، وتوقفت قدماي عن السيرِ لهولِ ما سمعتهُ اذناي
مشى خُطوتانِ امامي ، والتفت الي فور شعورهُ بأنني توقفتُ عن السير
نظرتُ في عينيه الناعسة بعيناي المُضطربة ، وتحدثتُ بصوتي الحاد ناطِقاً وانا أنظرُ بعمقِ عيناه
"توقف عن قولِ هذا البرت ! انهُ ليس مُضحِكاً البتة!"

ابتلع ريقهُ مُنزِلاً رأسهُ أرضاً ليتساقط شعرهُ على جبينه
تقدمتُ نحوه وكوبتُ وجنتاهُ بقسوةٍ ارفعُ وجهه جابراً إياه النظر الى عيناي الدامعة أقولُ برجفة صوتي
"لما انت صامتٌ آلبرت !!! ، قُل أنك تمازحني!!!!"
ولكنه لم يفعل

ونظر في عيناي بِذبولِ عينيه من هذا القُربِ قائِلاً يتصنعُ الحدة
"اخبرتُك بأنني لستُ امزح لِما لا تفهم هذا؟؟، ستكونُ هذهِ آخِر مرةٍ أراك فيها لوقتٍ لا اعلمُه.."

ارتجفت يداي وتلاشت قوتها لتنزلِق من على وجنتيه بإهمالٍ وعيناي تراقب جدية كلامه بِصدمتها
خرج اسمهُ منكسراً بصوتي الذي خالجهُ البكاء ، لانده عليه وانا اُميل وجهي بانكسارٍ شديدٍ اقول
"آلبرت..؟"
واكملتُ قائِلاً بِعقدة حاجباي التي شابهت عقدةُ قلبي
"انت..انتَ لا تستطيع تركي أَنسيت! ، فلا وجود لآلبرت ان لم يكن ادريان موجوداً ، ولا وجود لادريان ان لم يكن آلبرت موجوداً ، هذا ما كان عليه الامرُ لسنينَ طويلة!"

"لن يعودَ كذلك بعد الان ادريان ، ارجوك لا تُصعب الامرَ عليّ ، لقد فكرتُ في هذا الأمرِ طويلاً ، لستُ مُرتاحاً في وضعٍ كهذا ولن اكون ابداً ان استمريتُ عليه انا مُدركٌ ذلك اشدَ إدراك.."

رفع يديه يمسِكُ عضداي يشدُ عليهما بِخفةٍ ويقولُ بصوتٍ منخفض
"هَل تتذكر الحلم الذي لطالما حدثتك عنه ادريان همم؟
ان اُصبِح يوماً ذا شأنٍ بين الناس ، وان تصبح لي سُمعتي ومكانتي الكبيرة!
كيف لي ان اُحققه وانا اعملُ في مصنعٍ وضيع اغلَب يومي من اجلِ قرشين لايُسكِتانِ جوعنا؟
عليّ ان امضي في سبيل هذا الحلم ، ارجوك لا تكن عارِضاً يقِفُ في طريقه ، وكُن الداعِم الاول لي كما كُنتَ دوماً!!"

انتَفضتُ من بين يديه ادفعه عني عائِداً خطوةً الى الوراء
وسمحتُ لمحاجِر عيناي ان تُفجِرَ دمعها
لينساب بسهولةٍ وغزارة على وجنتاي بعد أن ادركتُ ان ما يقوله حقيقيٌ لا مُزاح فيه
فَصرختُ في وجههِ قائِلاً
"مالذي تقوله بِربك!!!!! ، أيَ حُلُمٍ هذا الذي تريدني ان ادعمك لتحقيقه!!!!!!هل الذي سيأخذك عني بعيداً!!!!!هل تنتظرني أن اصفق لك قائِلاً أحسنتَ القرار؟؟؟هل جُنِنتَ آلبرت؟؟؟؟ اتعلمُ من تُحادث الان هممم!!!!! انت...انت أكثرُ من يدرك ان لا حياة لي دون وجودك...لِما تفعلُ هذا الان قُل!!!!"

مسحَ على وجههُ بِكلتا يديه مُتنهِداً بهوانٍ شديد لاخفِض صوتي مُقترباً من جديدٍ نحوه فَلم أعتَد هذا البُعد عنهُ قبلاً
وحدثتهُ بِرقة صوتي قائِلاً
"آلبرت..صحيحٌ أن ما نأخذهُ عِدة قروشٍ لا تُسكِتُ صمت جوعِنا ولكن..ما يُهِمُ هو أننا بخيرٍ قُرب بَعضِنا بَعضاً كُلَ واحدٍ منا يعلمُ حال الآخر وكُلُ واحدٍ منا يفدي الاخر بِروحه ، ما المكانة والشأن الذي تبحثُ عنهما بِربك همم؟
الا يكفي أنك الاعلى شأناً في قلبي؟
الا يكفيك أنك كُل العالمين بِالنسبة لي؟؟"

التقطتُ كفهُ بِرجفة يدي اسحبهُ وانا اجبر نفسي على الضحك قائِلاً
"لِننسى ما خُضناهُ مِن حديثٍ الان ، أعلمُ ان ضغط العملِ قد أثر على نفسيتك ولكن لا بأس ، لتذهب الان وتأخُذ قِسطاً من الراحة ، سأشتري لك القهوى التي تحبها ايضاً ما رأيك؟"

ولكنهُ لاولِ مرةٍ لا يشدُ على يدي ، وانما سحبها بِهدوءٍ من يدي يُغادرها
ووقف في مكانهِ من جديدٍ لأغضب لأفعالهِ التي لم تروق لقلبي قائِلاً
"ما بالك آلبرت!!! ، لِما لا تُساعدني لنتجاوز الأمر هل ما اطلبه صعباً!!
كل ما اريدك ان تفعله هو احتساء كوباً لعيناً من القهوة والنوم لبضع ساعات!!!!"

عادت الدموع تنساب على وجنتاي لهذا الشعور المرير
وازحتُ تبريري له جانباً انقض على ياقتهِ مُهسهساً في وجههِ قائِلاً
"إياك آلبرت!!!!!!!! إياك وأن تغادرني أتفهمُني!!!!!!!!!!!!!!
لا أسمحُ لك بِذلك ولو على موتي!!!!!!!!"

ولكنهُ دفعني بِقسوةٍ هذه المرة يبعدني قائِلاً
"ومن تَظُن نفسك لاطلب منك الإذن يا هذا!!!!!!!!!
لقد ظننتُك أولُ من يفرحُ من أجلي ولكنك أولُ من وقف في طريق سعادتي!!!"

نظرتُ بِصدمتي وخِذلاني الى صراخه الذي يحملُ كَلِماتٍ جارحة لاهمس راداً عليه
"انا ادريان..صديقك!"

"إن كُنت تظنُ بأنك بِمُجرد ان تكون صديقي يمكنك التحكم بحياتي ومستقبلي فأنت مُخطئٌ تماماً!"

تجمدتُ في مكاني حُزناً لا برداً ، وانا ارى صديقي الوحيد..بل عالمي الوحيد يهجرني ، فأين أذهبُ بي إن حدث وهجرني حقاً ، ياويلَ قلبي من أمرٍ كهذا!

"لا تجعل مِن الأمرِ صعباً ادريان ، انت تعلم بأنني لن اسامح نفسي إن ذهبتُ وتركتك خلفي حزيناً ، ارجوك دع وداعنا يكونُ جميلاً يليقُ بِصداقتنا الطويلة"
نطق هذا بصوتٍ خافتٍ بعد أن هدأ غضبهُ ورَق صوته
ولكن أصدَق الكلامِ يُقالُ عند الغضب ، وما قالهُ في لحظةِ غضبه
لا يزالُ يأكُلُ قلبي من الداخل

وظللتُ واقِفاً بِجمودي أنظرُ اليه ودمعي يجري
لاهمس بِخفوتٍ اسأله
"الى اين سترحل؟"
فأجابني قائِلاً وهو ينظرُ بعيداً عني
"الى الولايات المُتحدة الامريكية"
ليسقط قلبي

لم أظُن ان المكان الذي سيرحلُ اليه سيكونُ بهذا البُعد ، ومن المُستحيلِ أن أقدِرَ على تحمله!

"لقد ورِثتُ القليل من المال عن والداي ، أرغبُ في أن اُكمِلَ فيهِ تعليمي ،
وأنا مُغادِراً مِن أجلِ هذا"

"وإنّي لا اُسامحك إن فعلت وهجرتني ، وإني لا أعفو عنك ما حييت ، لا تفعل هذا آلبرت ، لا تفعله!.."
نطقتُ صادِقاً في قولي اُراقِبُ حيرتهُ وتخبطه في هذهِ المشاعر

ابتلعتُ بُكائي قائِلاً باحتراقِ قلبي
" انظر آلبرت..سأقومُ بالعدِ حتى خمسة..وستكونُ قد قررت عند وصولي الى الرقمِ خمسة..إما أن تُحقِق رغبتك وترحل ولا تُريني وجهك ثانيةً ، وإما أن تستعيد رُشدك..وتعود معي نحتسي قهوتنا الساخِنة ونراقب هطول ثلوجِ الليلة كما اعتدنا ان نفعل"

"ادريان...ارجوك!"

"واحِد"

"ادريان..لا تجعل من الأمرِ بغاية الصعوبة!"

"اثنان"

"إن طائِرتي مساء هذا اليوم ادريان..ارجوك اسمح لي أن اودعك بشكلٍ جميل"

"ثلاثة"

"سيكونُ تايهيونغ ينتظرني في المطارِ أيضاً!
لديهِ حُلُمٌ يُشابِهُ حُلُمي ويسعى لتحقيقه!
اولم يكن هو وجونغكوك صديقين مُقربين ايضاً!
ولكن انظر لجونغكوك لم يعترض طريقهُ ولم يقف أمام أحلامِهِ ابداً!"

صَمتُ بضع دقائِقٍ اسمحُ له باتخاذِ القرار وانا اتشبَثُ بِدموعي واتصنعُ الثبات والقوة ، لانطِق بعد نظراتٍ متوسلة منه لان لا أتبرأ من صداقته
ونظراتٍ مُتوسلة مني لان لا يهجرني ويمضي وراء حُلُمٍ سخيف

"اربعة"

"ابقى بخيرٍ ادريان وسامحني لِاختياري هذا...الوداع"
وغادر

ارتجفت شفتاي وخارت قواي تسقطني على ركبتاي
لاظل أنظرُ الى السيارات التي تتجاوزني كما تجاوزني شخصي الوحيد
هامِساً بانكسار صوتي أقول
"ولكنني لم أعد حتى خمسة بعد!"

ارتجفتُ بِكُلي واستدرتُ أنظرُ الى جسدهِ الذي يبتعد
واصطرختُ اطالبهُ بالعودة وأنني سوف أمنحهُ المزيد من الوقت ليفكر
إلا انهُ لم يستدر نحوي أبداً

"أُقسِمُ أنني لن اسامحك آلبرت هل تسمعني!!!!!!!!
إياك والعودة يوماً ما إياك فَلن يكون هُناك ادريان الذي يحتويك!!!!!!!!"
وتكورتُ حول نفسي ابكي بانكسارٍ شديدٍ وانا اُتمتم
"ارجوك عُد آلبرت ، فالعالمُ شديد البرودةِ دونك.."

ولكنني وعدتُ نفسي بعدها ان لا افكر فيه ما حييت وان اعتاد حياتي دونه
وها انا املكُ الان قاربي الخاص وحياةً مُستقرة وحبيبةً رائعة دون ان ينقصني أيُ شيء"

لم أسمَع شيئاً مِما قالهُ بعد حديثهِ عن تايهيونغ
وكأن الوقت قد تجمد بعدها
ولم أشعر بشيءٍ بعدها سوى الخدر الذي يسري في أطرافي

"هل أنت بخير؟"
سألني ادريان بعد أن رأى شحوب وجهي المفاجئ ونظرةُ عيناي الغيرِ مُصدِقة

"مـ..مالذي قُلتَهُ بشأنِ تايهيونغ؟"
نَظر إلي مُستغرِباً يقول
"أنَهُ سافر مع آلبرت الى الولايات المتحدة؟ اهه انت تعلم بأمرِ تِلك المنحة التي أخذها ، لقد سافر للدراسة على حساب الدولة كما تعلم"

ارتجف قلبي وطرق بقسوةٍ وصرخت روحي تطلبُ توضيحاً
لاقول بكلماتٍ مُتقطعة وصوتٍ خائِف
"هذا..هذا لم يحدث! فقد أخبرني تايهيونغ أنهم لن يُعطوا احدهم منحةً لهذا العام وانما لطلاب الثانوية من العام القادم! ، هذا ما قاله!"

ضحِك بِخفةٍ يعيدُ وضع كأسهِ على الطاولةِ يقول
"لَقد كَذِب عليك ببساطة ، وسافر في التاريخ الذي سافر بهِ آلبرت
تاريخ ثلاثون مِن ديسمبر"

انقضيتُ على ياقتهِ أدفعُه على ضهر الاريكة صارِخاً في وجهِهِ بِجنونِ قلبي
"مالهُراء الذي تتفوهُ بهِ ايه الوغد!!!! ، تايهيونغ لم يكذِب عليّ قَط إنما آلبرت من كذب!!!! ، نعم نعم هذا مؤكد..إن آلبرت من كَذب عليك!"

شخر ضاحِكاً يسخرُ من قولي مُجيباً باستهزاءٍ من قولي
"نَعم أنت مُحِق ، آلبرت من كذب!"

نَفثتُ أنفاسي الغاضِبة على وجههِ وأفلَتُ ياقتهُ بقسوةٍ واقِفاً بِجذعي وانا أنظرُ اليه بِنَظراتٍ كادت أن تُحرقه
ليلتَقِط كأسهُ مِن جديدٍ يرتشِفُ مِنهُ هامِساً
"لم أظُن أنني سأعثرُ على صديقٍ أسوأ من آلبرت ، على الأقلِ آلبرت حاول توديعي ، ولكن على ما يبدو أن تايهيونغ لم يُبلغك بأمرِ رحيلهِ حتى ، هذا مُحزِنٌ بعض الشيء.."

"إن لم تَصمتُ...أُقسِمُ وأُقسِم أنني سأقوم بتهشيمِ وجهك!"
هسهستُ بهذا أنظرُ اليه للمرةِ الاخيرة
والتقطتُ مِعطفي بِقسوةٍ خارِجاً من منزله

مشيتُ بِسُرعةٍ بِخطى غاضِبة ، أنفي بِشدةٍ ما سَمِعتُه
إنهُ مُجردُ هُراء ، هُراءً وحسب!!!

وأُقسِمُ أنني لم أدرِ كيف استدليتُ طريق منزلي وهذه الافكارُ تُهاجمني من كُلِ حدبٍ وصوب ، أشعرُ بي مُختنِقاً وأركضُ بحثاً عن مكانٍ أتنفسُ فيه
إلا أن كُل الديارِ قد كان خانِقاً

أخرجتُ بخاخي ابخُ في فمي عِدة مرات
وضعتُ يدي على قلبي استشعرُ جنونه
وقد نشأت حَربٌ مُدَمِرة بين عقلي وقلبي الذي يصارعه
لن أقبل بأفكارٍ كهذه ،لن أقبلَ أبداً

وصلتُ إلى بناية سكني بعد دربٍ كان ثقيلاً على فؤادي
ومشيتُ مُهدِئاً نفسي قدر الإمكان

راحت عيناي تنظرُ الى صُندوقِ البريد أمام البناية
تخطيتُهُ هذه المرة لِرغبتي الشديدة بالوصولِ الى شِقتي
ولكن شعوراً في قلبي همس لي قائِلاً
ما المانِع من أن تتفقدهُ جونغكوك؟

ومشيتُ نحوهُ ، وامسكتُ بمقبضِ بابِهِ الصغير اُديره
لاتجمد في مكاني مصعوقاً ، فَلم يكُن هناك غُباراً وشِباكٌ للعناكِبِ فقط
انما كان يوجدُ فيه ظرفٌ لِرسالةٍ ما

اشتعل لهيبُ الاملِ في قلبي ، ومددتُ يدي المرتجفة التقِطُ ذاك المظروف
ليرتسم شبحُ ابتسامةٍ مُشتاقة على وجهي ، ودُموعاً رقدت على اهدابي تُعيدُ بريق عيناي

لقد انتظرتُها كثيراً تايهيونغ ونِلتُها أخيراً
وانا على يقينٍ بأنني سأنالُ عودتك بعد انتظاري الذي امتد كثيراً

وان انتظرتُك سنيناً بعد ستعود في النهاية ، لذالك أنا أنتظرك بخوفِ قلبي وشكوكِ عقلي،مُتجاهِلاً هُراء الجميع ، وباقياً عِند وعد انتظارك

حتى تشرق الشمسُ مِن مغربها .

-

آلبرت وادريان واقعة بحبهم مثل وقوعي بحب تايكوك
لذلك اظن اني باخذهم معي لرواياتي القادمة كلها لان الاستغناء عنهم صععب.

Continue Reading

You'll Also Like

363K 17.3K 24
مًنِ قُآلَ أنِهّآ لَيَسِتٌ بًآلَأمًآکْنِ کْمً آشُتٌآقُ لذالك المكان الذي ضم ذكريات لن تعود
20.7K 2.6K 22
« لِمَا أَنْتَ غَـارِقُ بَيْنَ ثَنَايَـا رَوْحِي حَتَّى بَعْدَما عَلْمتُ أَنَّكَ سَـفَاحٍ؟» 18/9/2021 11/10/2021 Cover by: kim rossy12
527K 39.3K 63
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
2K 1.7K 13
" فَلـ تَعُود حُباً بالَرب . . فَقد ارهَقني شَوقِي لمُقلتاك" ∆للكَاتب جُونَاثّان ∆ ∆الغلاف من صُنعي∆ ∆لا أحُلل السَرقة ∆ تنويه: بطل روايتي شرير مما ي...