حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

By is17rr

223K 18.2K 15.1K

يؤسِفُني انه في الوقت الذي كُنتُ انظر لكَ فيه على انك مُعجزةً ما جميعُ الاهلِ والاصدقاء الشمسُ والقمر الفجرُ... More

1-طيفٌ زائِل
2-البريد
3-طريحُ الشوق
4-رفيق الباب المجاور
5-قائمة الامنيات
6-لائحة امنياتي
7-سمكتي ذهبية اللون
8-نفحات مِن الماضي
9-تَنمُر
10-هدية مرفوضة
11-نادم
12-البصارة والفتاةُ الصهباء
13-اُمنيتي الأُولى
14-إرسُمني جونغكوك
15-عِراك
16-سجين
17-هروب
18-نَفس
19-نَدبة
20-كفالة
21-فريزيا
22-مُقلتاي
23-لأنَك أحببتني
24-عِناق
25-مُحاكمة
27-خائِب
28-تجاهُل
29-آخِرَ مكاتيبي
30-الحَقيقة
31-كاذِب
32-أَنانِيّ
33-خَشبة المَسرح
34-عَبَقُ ذِكراك
35-دَنِف
36-انتَ وأنا
37-عَتيقُ ليلانا
38-تَلاَق
39-ثَمِل
40-ليلَ قَلبِهِ وغَيثُ عيناي
41-تَهْويدة
42-مَنسي في كَنَف الشجون
43-لنهايتنا بداية يا شَمسي وقَمري
آراء..

26-حتى الأزَل

3.4K 325 227
By is17rr

مَرحباً وإن لَم تَرُد التحية ، فأنتَ يارفيقَ فؤادي مُرحَبٌ بِك في كُلِ وَقتٍ وحين

صوتُ موسيقى كلاسيكية نُدندِنُ معها فَرحين رافقها صوتُ اِصطدامٍ عَنيف..
صرخاتٌ خائِفة ،أنينٌ مكتوم ، مَنظرُ الدِماء ، صوتُ تَنفُسي الثقيل ، الطنينُ في اُذني ، لَفظي لآخر كلماتي قبل أن افقد وعيي مُختنقاً والتي كانت
"اُمي..ابي...انا اتألم.."

اشتهقتُ جالِساً بِذُعرٍ على سريري اتنفسُ بِذُعرٍ وقطراتُ العرق تشكلت على جبيني اثناء نومي ، لَقد عادت الكوابيسُ لي مُجدداً
والداي لم يموتا مرةً واحدة فقط ، بل كانا يموتان كُل ليلةٍ في رأسي
الحادِثة تتكررُ في كُلِ مرةٍ اُغمِضُ فيها عيناي لاستيقظ مذعوراً كما كُلِ مرة
باكياً بعدها الى ان يؤلمني رأسي لاعود للنومِ مُجدداً بعيناي الرَطِبة وقلبي الواجِم

"هلِ الكوابيسُ مُجدداً؟"
سألتني لانظُرَ اليك بِسُرعة واذ بِك تمُدُ كأساً مِن الماءِ لي
نظرتُ في وجهك الناعِس بعيناي التي اجابتك على سؤالك
ومن ثم ابتلعتُ ريقي امُد يدي مُلتقِطاً كأس الماء اوقِفُ شهقاتي المذعورة باجتراعي لهُ

اغمضتُ عيناي بقسوةٍ اُحرِكُ رأسي عَلّ تِلك الافكار تخرج مِنهُ ولكن بِلا فائِدة
مَددتُ يدي الى الدُرجِ جانِبَ سريري والتقطتُ مِنهُ بخاخ الربو خاصتي استنشِقُ مِنهُ عِدةَ مرات ، هدأ الوضعُ لثوانٍ لأسألك بِصوتي الذي خالجتهُ بحةُ مابعد الاستيقاظِ مِن النومِ
"هل تَسببتُ في ايقاظك اليومَ ايضاً؟"

نفيتَ بِرأسِكَ جالِساً على السريرِ قِبالتي جاعلاً مني اطوي ساقاي خالِقاً مجالاً لك لترُد قائِلاً بِصوتٍ خافِتٍ مُسالِم وانت تنظرُ بعيناك الناعِسة
"لقد كُنتُ مُستَيقِظاً قَبلاً"

اشحتُ عيناي عَنك لاقول ناظِراً الى اصابعي التي اشابِكها
"لقد..لقد ظننتُ بانني استطعتُ تجاوزَ الأمر ،بعد جلساتٍ مُكثفةً من الطب النفسي الذي كان يقنعني بالتجاوز ، بعد كل تلك الادوية التي لاتزالُ مرارتها عالِقةً على طرفِ لساني ، كان يجِبُ ان اتجاوز الامر بعد كل ما عشتهُ من الم الا انني لم افعل..اتضح ان التجاوز أصعَبُ مِما ظننت ، ليسَ أمراً يستطيعُ طبيباً مع بعض النصائح التحفيزية وبعضاً من عُلب الادوية حله ،ولكنني لم اتجاوز ابداً بل أنني لا ازالُ واقِفاً عند ذات النقطة ،امام ذاتِ المشهد الذي يعيدُ نفسهُ دون توقف يحرِقُ أعصابي ، ان التجاوزَ امرٌ عسيرٌ تايهيونغ ، عسيرٌ للغاية.."

صمتنا لثوانٍ باتت طويلة قبل ان ارى يدك الرفيعة تَحُطُ على كفوفي لينتشر في عروقِها الدفئ ، رَفعتُ عيناي الى عيناك بِهدوءٍ مُتعجِباً فِعلك ولم اشهد عيناك بهذا الحُزنِ قَطاً ، رفعتُ حاجباي بِخفةٍ حزيناً لِما رأيتهُ على مُحياك قبل ان تَنطِق انت قائِلاً
"انا أكثرُ من يعلم ان التجاوز صعباً ، أشعرُ بِذاتِ ما تَشعر انت بِهِ ،بل ورُبما اشد سوءاً مِما تشعر ، انه مثل ان يكون الطريق امامك حقلٌ مِن الزهور ،الا انك تَقِفُ على أشواكٍ سامةً تَشِلُ حركتك ،وبقدرِ شوقك ان تمشي قدماك على رِقة تِلك الزهور بِقدر حسرتك على انك لا تستطيعَ ذلك!"

اجتمعت الدموعُ في عيناي لحقيقة ما قلته وكم انه صحيح
لِتبتلع انت ريقك مشيحاً عيناك عني قائِلاً
"لا تبدأ البكاء من جديدٍ هذا لا يليقُ بالرجال"
وظلت جُملتك هذه عالِقةً في ذهني تايهيونغ
هل قُلتها لانك تعنيها حقاً؟
ام قُلتها لآنك تكرهُ رؤيتي ابكي؟
هذا ما ظللتُ اسألني اياهُ طويلاً

"هل تشعرُ بالرغبةِ في الخروج لاستِنشاقِ بعض الهواء؟"
سألتني نَظِراً الى طريقةِ تنفسي التي بانت ثقيلةً بعض الشيء
واومأتُ موافِقاً اسألك
"ولكن كيف؟"
"لاعليك"
اجبتني تَقِفُ من على السريرِ عائِداً نحو سريرك داساً الورقة التي كانت موجودةً مُسبقاً في يدك الا انني لم انتبه لها اسفل وسادتك

وفي كُلِ مرةٍ كُنتُ اراكَ بِها تحمِلها ، كان يأكُلُني الفضولُ لِمعرفةِ ما قِصتُها

"لِترتدي شيئاً دافِئاً"
همستَ وانت ترتدي قُفازاتك و مِعطفَك فوقَ بِجامتك ، لاهز رأسي ماسِحاً ادمُعي بِكم قميصي ووقفتُ بِهدوءٍ مِن على سريري اُرتِبه لِتقول
"لِتدعه مامن داعي لترتيبه الان"
نظرتُ اليك وقمتُ بِرفع يداي عن الغِطاء بِتردد ، اكرهُ ان يظل سريري بشكلٍ فوضاوي ولكن لا بأسَ هذهِ المره

ارتديتُ مِعطفي الثخين وخفاي بِسرعة واومأتُ لك انني جهزت
ومشينا ناحية الباب لِتقول عِند وصولنا اليه
"اتتذكر خُطتنا في سرقة الادوية ذاك اليوم؟ ان تُلهي الممرضة وانسلُ انا الى الداخل؟ الان سنتبادلُ الادوار ، سأقومُ بالهاء الام المناوِبة الى ان تنسل انت مِن الرواق وتنتظرني عِند الدرجِ في نهايته اتفقنا؟"
نظرتُ في عيناك التي ينعَكِسُ عليها ضوءُ الخارِج الذي تسلل من النافذة اسألُك
"هل انتَ واثِقٌ مِن نجاحِها؟"
اومأت لي بِذلك قائِلاً
"لاذهب انا اولاً، وعِند رؤيتك اشارتي تخرج من هنا متجهاً الى ذاك الدرج"
وافقتُ قولك لتنظر الي مرةً اخيرة قبل ان تخرج مُتجهاً ناحية المُناوِبة التي خرجت تواً مِن غُرفة الاولادِ قِبالتنا فقد كانت تَطمئِنُ عليهم

لاسمعها تقول
"تايهيونغ؟ لَقد زُرت غرفتكم قبل قليلٍ وكُنتَ نائِماً مالذي ايقظك؟"
لِتذبُلَ عيناي لتأكيدها ظني ، لقد كَذِب في قولِهِ انه كان مُستَيقظاً
ولكن لِما فعل ذلك ، هل قال ذلك كي لا يجعلني أشعرُ بالذنبِ او الحرج؟
وان كان كذلك فَلِما يفعلُ ذلك ويأبهُ لِما أشعرُ بِهِ، هل يا تُرى غدونا صديـ...

قطع حبلُ افكاري رؤيتي لِيدهِ يُشيرُ لي بأن اخرُج اثناء الهائِهِ للام المُناوِبة
لافعل ذالك واخرُجُ ماشياً نحو ذاك الدرج بخطىً سريعة
وطوال الطريق كُنتُ كاتِماً انفاسي خوفاً ان تَسمعها
ولم التقِطها الا عِند وضعي قدمي على اولِ عتبة من ذاك الدرجة
ومشيتُ بعدها عِدة درجاتٍ اقِفُ في زاويتِهِ خوفاً من ان تراني
نظرتُ الى الدَرجِ امامي ليُمسحَ وجهي مِن تعابيره
إذ كانت نهايته تَلُفها السلاسل التي يوضعُ عليها قُفلاً في نهايتِها

"هَل تأخرت؟"
قُلت لاشتهِق بِخفةٍ مُلتَفِتاً اليك لاقول بعد أن علِمتُ انه انت
"كيف استطعت المجيء؟"
وضعتَ يداك في جيوبك قائِلاً
"أوهمتُها انني عُدتُ الى نومي الى ندخلت هي الغُرفة بجانِبنا تطمئِنُ على الاولاد لآتي الى هُنا سريعاً ، وها هي الان تقِفُ في الممرِ تُدوِنُ بعضَ المعلومات ، لن تعودَ لتفحُصَ حُجرتنا مرةً اخرى فقد اوشك الفجرُ ان ينقضي"

اومأتُ لكَ مُتفهِماً لاقول
"ولكن كيف سنعبرُ هذا انهُ مُقفل"
رفعت يدك امام وجهك واذ بها تحمِلُ مِشبكاً لتبتسم بجانبيةٍ قائِلاً
"كما كُنتُ أعبُرهُ دوماً"
لاقول مذهولاً
"هل سرقتَهُ مِن الام المناوِبة؟"
اجبتَ وانت تفتَحُ القُفل بهِ قائِلاً
"لا عليك ، انا اُعيدُهُ في الصباح"

"انتَ حقاً شيءٌ لا يصدق...كيف تستطيع التقاط الاشياء بِخفةٍ دون ان يشعر بِك أحد؟ كالورقة التي اخذتها من درج مقعدي ذلك اليوم ، او كالمشبك الذي سرقتهُ من شعر المربية قبل قليل..هذا عجيب !"
رفعت عيناك ناظِراً الي لِتهمس بِتفاخر قبل ان تُدير المشبك فاتِحاً القفل
"انهُ فقط القليل من ما لدي مِن مواهِب"

ضحكتُ بِخفةٍ على نَرجسيتك التي تليقُ بِك ومن ثم تقدمتُ اساعدك في ازالة السلاسل بِخفة خالقين منها مجالاً صغيراً لِعبور كِلينا

حَطت اقدامنا على ارضِ سطح المبنى المُبلل بِمطر صباحِ البارحة لأقِفَ في مكاني مَذهولاً لِشدة جمالِ ما أراه ، أضواء الأبنية التي تُحيط بالميتم ، تلك المصابيح الكثيرة التي تملئُ البيوت أمامنا ، وأخيراً بُرجُ ايفل الذي يرفعُ يدهُ مُلوِحاً لنا مِن ذاك البُعد
"هل أعجبَك؟"
سألتني وانت تَقِفُ بِدورك مُتأمِلاً بهاءَ ما هو امامنا
لاهمِس بِخفوتٍ وصدقٍ قائِلاً
"كثيراً!"
"حينما تُشرِق الشمسُ مِن هُناك يكونُ المنظرُ جميلاً بِحق ،ولكن دِفئُها سيغيبُ طويلاً فالشِتاءُ يدُقُ أبوابه.."
قُلتَ هذا بشيءٍ مِن الحُزنِ لارفع اكتافي مُجيباً
"وما يُدريك؟لرُبما تُشرِقُ اليوم أيضاً لايزالُ لديها فُرصةً للاشراق"

مشيتُ بعدها برويةٍ ناظِراً الى انحاءِ السطحِ وعلى ما يبدوا أنهم يُهمِلونَهُ بعض الشيء
هُناك عِدة مقاعدَ مركونةً جنِباً ولكن بدت لي انها مُهترئة لِبقائِها هُنا في الأمطارِ وربما غيرها من الطقوس!

نظرتُ اليك وإذ بِك لازلت تَقِفُ في مكانك مُتأمِلاً البُرج لابتسم قائِلاً
"هل تُحِبه الى تِلك الدرجة،اعني هروبك ليلاً لرؤية اضوائِه الجميلة تُثبِتُ لي ذلك"
ولكنك نظَرت الي بنظراتٍ غريبة لتختفي ابتسامتي عِند قولِك
"على العكسِ تماماً ، أنا أكرهُه ، اكرهه للدرجة التي تجعلني كل يومٍ أقِفُ هنا ناظِراً اليه أُذَكِرُ نفسي بكم أنني أكرَهُه!"

رمشتُ عِدة مراتٍ أفهَمُ ما تقول ، لِتبتسم انت شبح ابتسامةٍ على وجهِك تُديرُ عيناك على البُرجِ من جديد

وشجعتُ نفسي مُتقدماً ناحيتك وانا اسألُك بِتردُدٍ شديد
"هَل لِتلك الورقة علاقةٌ بالامر؟"
نظرت الي مُتسائِلاً
"مادام الفضولُ سكينَ قلبك نحوها ، لِما لم تحاول اخذها لمعرفة قصتِها؟"
عقدتُ حاجباي واقِفاً بِجانِبك لاقول
"ولِما افعلُ ذلك؟إنها ليست بشيءٍ يخُصني!"

قوستَ شفتيك مُفكِراً لِتُجيب بِهمس
"اليس كذلك؟"
ومن ثَم أكملت حديثك ناظِراً الى البُرجِ تقول
"كان على الجميع التفكيرِ مِثلك في ذالك الوقت بأن الأمرَ لا يخصه..
والا لما اُضطِرِرتُ لدفع ذاك الفتى من هُنا بِقسوةٍ لِيسقُط وتُكسَرُ ساقه وينامُ في المشفى ليومين.."

نظرتُ في جانب وجهك بِصدمتي أبحثُ عن المُزحةِ فيه
الا أنك كُنتَ جاداً لدرجةٍ كبيرة ، بل وكانت أكثر مرةٍ تكونُ فيها جاداً لهذا الحد

"لَم اُرِد فِعل ذلك بِه ، هو من اختار ذلك
لقد كُنتُ في عُمر التاسِعة فقط ، توقفتُ عن اللعبِ مع أحدِهم ، قليل الطعام ، قليل النومِ وكثير البكاء..
كُنت أقِفُ كل يومٍ في ذات النقطة التي أقِفُ عليها الآن
أُعيد قِراءة تلك الرسالة كما اعتدتُ مُنذ أن حصلتُ عليها
قرئتُها فَجراً وظُهراً وحتى أطراف الغسق ، الى أنُ نُقِشَت كَلِماتُها في عُمقِ ذاكرتي
كُنتُ صغيراً جداً على تِلك الكلِمات التي تفوقني حجماً
لم أفهمِ الكثير منها في ذاك الوقت ، والآن انا أكثر مِن فاهِمٍ لها
وأكثرُ مِن كارِهٍ لِكُلِ حَرفٍ نُسِج فيها!"

صببتُ كُلَ تركيزي على ما تقولهُ محاوِلاً فِهمُهُ قدر إمكاني
لِتُكمِل قائِلاً
"سَئِم الأولادُ رؤيتها تسلبني منهم بهذا الشكل ، وساقهم الفضولُ على أن يأخذوها مني ليقرأوا ما كُتِب فيها ، ولكن كيفَ وهي تُلازِمُ يدي ليلاً ونهاراً؟
كُنتُ جالِساً على سريري بِشبحِ حُزني يجلِسُ جانبي وبالدموع التي تجلِسُ على وجنتاي
قبل أن يَسحَبَ أحدهم الورقةَ مِن يدي فَجأةً وَيَفِرُ بِها هارِباً الى الخارِج
شُلَت حركتي لِهولِ صدمتي التي ملئها الغَضب ، فما كُتِب فيها لم اُرِد أن يعرِفهُ أيُ مخلوق ، لم أُرِد أن أعرِفَهُ أنا نَفسي..
ركَضتُ ورائه لآخذها مِنه ،اركض ويزيدُ هو في ركضه ،في حين ان باقي رِفاقه يركُضون ورائي
صَعد على هذا الدرج المؤدي الى سَطحِ المبنى ، وَتَبِعتُه
رأتنا إحدى المُربيات فاشتَهقت تَتبَعُنا
ولكن بعد أن دخل الاولادُ ورائي وَقف بعضهم يَسنِدُ الباب بِكامِل قوتهم مانِعين المُربية من الدخول خلفنا وسندوا الباب أيضاً بِبَعضٍ من المقاعد ليصعبوا عليها فَتحه ، مُعتَبرين أن ما فَعلوهُ لُعبةً ما ، فقام البعض الاخر منهم بالامساكِ بي يَمنعوني مِن اللحاق بِذاك الفتى الذي فتح طيات الرِسالة لِيقرأها
مُسبِباً إنزِلاق الدموعِ من عيناي ، أنظُرُ الى البُرجِ خلفه ،مُتَذَكِراً ما كُتِب فيها
لاشتهِق باكياً مِن عُمق قلبي ، قلبي الذي كان عُمرَهُ تِسع سينينَ فقط،ولكنه كان بِحُزنِ مُسِنٍ اشترى الحلوة لأحفادِهِ يُخبِئُها في جيبِه ، إلا أن أحداً مِنهم لَم يَزُره.."

نَظرتَ إلى الأسفلِ مُكمِلاً ما بدأت بِهِ من حديثٍ قائِلاً
"قرأها ذاك الفتى مُسرعاً في قرائتِها دونَ أن يدع حَرفاً واحِداً ، وبينِ كُلِ كَلِمةٍ وأُخرى ، كان ينظُر إليّ بِصدمةٍ كبيرة ،بينما ابتسامته التي كانت على وحهِهِ بدأت بالتلاشي بِخفةٍ الى أن مُسِحَت تماماً مِن على وجهِه ،ومن على وجوهِهِم أجمَع ، ليُدرِكوا أن الأمر لم يكُن لُعبةً ما تُسَليهم ، ولن يكون ذِكرةً يَضحكون عليها لاحِقاً،
جُنَ جُنوني لِتعديهِ على خُصوصيتي وكَشفِه لشيئٍ أُريدهُ أن يَظل مَطموراً..
لِذاً وعِندما ارتَخت ايدي الاولاد التي تُثَبِتُ يداي ، بِكامِلِ قهري وكُرهي لِما حدث
رَكضتُ ناحية الفتى الذي تَجمد مُرتَعِباً من الهيئة التي أبدو عليها
وبِكُلِ ما لدي مِن قوةٍ دَفعتُهُ مِن صَدرِهِ ليَقعَ مِن على المبنى ذو الطابقين مُرتَطِماً بالأرضِ بقسوة ليشتَهِق جميعُ الأولادِ مُرتَعبين مِن هولِ ما رأوني أفعَلُه بينما بكى البعضُ الآخر فور فتحِ المربين للبابِ بقسوةٍ ، لينزل الأولادُ راكضين من على الدرج وصوتُ صُراخِهم يترَددُ في أُذني
أمسكتُ بالورقةِ التي طارت ساقِطةً على أرض السطحِ بيداي المُرتَجِفة أدُسها في جيبي ، في حين أن المُربين أخذوا بيدي يُنزِلوني من على الدرج
وسمِعتُ بعدها صوتُ الإسعافِ الذي أتى لِيُقِل الفتى الى المُستشفى
ونقلوني أنا إلى مركزِ إعادة التأهيل لأعودَ بعد شهورٍ وأجِدُ كُل من حولي يخافُ جنوني ،وكُل من حولي يعلمُ بِما كُتِب في الرسالة ، مِن مُربين الى مُعلمين ومُدراءَ وغيرهم ،وقد علِمتُ بأنهُ تم نَقلُ الفتى الى ميتمٍ غيرَ هذا بِرغبةٍ مِنه ، وأنهُ يعتَذِرُ مِني لِما فَعله ، ولا أعلمُ إن كان حقاً قد اعتذر ام انهم قالوا لي هذا كي اُسامِحهُ على ما فعل ، ولكنني اُقسِمُ أنني لن اسامحه ،وإن كانت حياتَهُ مُتوقِفةً على أن اُسامِحهُ فَ تِعساً لهُ ولحياةٍ هو فيها!!!"

حدقتُ بِك بعيناي المهزوزةِ لِما سَمِعتُهُ مِن اُمورٍ لم أتخيل يوماً أن تفعلها
لَقد كُنت في نَظري بريءٌ رقيق لدرجة انهُ لا يهونُ عليك دعسُ نملة
صَحيحٌ أنك كُنتَ قاسٍ أغلَب الأحيان ، إلا أنني أُميزُ القُلوبَ جيداً

لَم يكذِبوا حين قالوا بأن العيون نافِذةُ الروح
فَـ في كُلِ مَرةٍ نظرتُ فيها لعينيك تايهيونغ ، كُنتُ أرى صَفاء وبهاء مافيك مِن روح ، لِلدرجة التي بِتُ أرى كُل روحٍ في حضرَتِها قَبيحة
وكأنها ملاكٌ نَزل مِن السماء ، بينما هُم شياطينَ خرجوا مِن جُحرِ الأرض

ضَحِكتَ بِخفةٍ قائِلاً وانت تَلتَفِتُ الي
"لَقد انتظَرتُك طويلاً أن تسألني ما قِصَتُها ، ألن تسأل؟"
قُلتَ هذا بعد شرودي الذي دام طويلاً دون أن أنطِق حرفاً لاُجيبك
"ولكنك قُلتَ بأنهُ شيئاً يخصك ولا ترغبُ بالتكلُم فيه مع أحدهم ، لِذا لا لن اسأل"
ابتسمت والحُزنُ بادٍ على وجهك الذي أشَحتَهُ بعيداً لِتقول بِهمسٍ أكادُ أسمَعُه
"ولكنك لستَ كأحدهم جونغكوك.."

وَسعتُ عيناي لِما سَمِعتُهُ وشَككتُ بأن ما سَمِعتُه كان خاطِئاً ، لِتمنعني من السؤال او التفكير اكثر عِند التفاتِك ماشياً بضع خطواتٍ نحو الامام

ذبُلت عيناي لِذبول ملامحك ، ولم أكُن مُستَعِداً لِما سأسمَعهُ عن ماضيك
جَلستَ على بقعةٍ جافة من الارضِ تَسنِدُ ضهرك على الحائِطِ ورائك
وطبطبتَ بيدك على الأرضِ جانبك تدعوني للجلوسِ قُربك ،وفعلت

ننظرُ الى اضواءِ باريس الهادئة ونسماتُ الهواء البارِدة تُداعبُ نعومة وجنتينا
لا يُسمعُ شيءٌ من فجرِ هذهِ الليلة سوى اصواتُ مُرورِ السيارات وصوتُ حُزنِ أحدهم

افرك يداي ببعضها لامدها ببعضٍ من الدفئِ بعد أن تجمدت مفاصلي
ونظرتُ اليك وإذ بِك تخلعُ إحدى قفازاتك ،وتمُدها الي قائِلاً
"لنتشارك الدفئ"

ونظرتُ في عينيك التي ينعكسُ عليها انوارُ باريس في هذه الليلة الهادئة
مُلتقطاً مافي يدك البسها ،لينتشر الدفئ في عروقي وكأنني لم أعرف البردَ يوماً
رُغم أنهُ كان قُفازاً واحداً ، وعلى ما يبدو ان العبرة ليست بدفئ الاشياء
وانما بدفئ الاشخاص

ضمَمت قدميك الى صدرك تلف يداك عليهما ومن ثم أزلت عيناك عني ليهرب نصفُ الدفئِ من بدني ، وكم كنتُ حاسِداً لما يُشغِلُ عيناك عني
وكل ما يسلب تفاصيل اهتمامك الصغيرة مني

"مِن والِدتك التي لن تعرِفَ يوماً اسمَها..
اليك يا تايهيونغ الصغير..
اكتِبُ لك كلماتي هاتهِ بِدموعي قبل حبري ، اكتبها والحسرةُ تلتهِمُ أطراف أصابعي ، والشعور بالذنبِ يقطعُ اربطة طمئنينتي وأماني ، اكتبها بقلب اُمٍ حُرِقَ قلبُها على ولدِها الذي لم تَعِش معهُ إلا ساعاتٍ عُدت على الاصابع ، لم تلحق فيها حِفظُ رائحتهُ كيف تكون ، ولا معرفة لونُ عينيه الحقيقي، ولا حتى سماعَ صوت بُكائهِ..

أنظرُ اليك الان تايهيونغ وانا اكتبُ رسالتي هذهِ ، تُشيح وجهك عني ولا يصدُر مِنك أيُ صوت ،وكأنك تخاصمني..

هل كان قلبك يشعرُ بأنني سأهجُره يا صغيري لِيُعرِضَ عني هكذا؟
لِتحرمني مِن رؤيةِ عينيك او سماعِ صوتك ، وحتى أنك تَرفُضُ إطعامي إياك؟

أم أنَك كُنتَ رحيماً بي أكثرُ مِما أنا كُنتُ رحيمةً بِك ولا تريد أن تريني شيئاً من برائتك كي لا أظلَ أتحسرُ على رؤيةِ شيءٍ منها مُستقبلاً؟

يحِقُ لك مَعرِفة الحقيقة تايهيونغ ان تعرف أن والديك أحياءاً ولكن كليهما كانا مُذنِبين ولا يستحِقان ملاكٍ نقيٍ مِثلَك

قَد جِئتُ مِن كوريا بِفضل المنحةِ الدراسية ، التي تكفلت بدراستي واقامتي في باريس ، الحُلم الذي لطالما حَلِمتُ بِهِ رُغم انفِ الضروفِ المحيطة بي التي كانت تصفعني حقيقتها كُل ليلة ، الا انني تشبثتُ بهذا الحُلُمِ بأسناني ،وعاديتُ الجميع لاجلِهِ ، وسَهِرتُ ليالٍ لا تُحصى أقرأُ الكُتُب وإذا غفوتُ أغفي بين السطورِ والمسائل الرياضية ، هاربةً الى حُلُمٍ جميل ، فتاةٌ كورية تعيشُ مُستقلةً في شقتِها في وسطِ العاصِمة باريس،حُلمٌ جميل اليس كذلك؟

رفض والدي بصرامةٍ في بادئ الامر ، ولكن بإقناع والدتي له وافق على ذهابي
بِشرطِ أن أعودَ لِلزيارةِ كُلما اُتيحت لي الفرصة ، وقد وافقتُ على الفور ودموعُ الفرح تهُل من عيناي
وبالفعل أتيتُ الى باريس وأشعر أنني اتجولُ في الارجاءِ بِجناحاتٍ لا على قدماي
ومرت الاسابيعُ الاولى هادِئة كُل ما اركز عليه هو دِراستي كما كنت أفعلُ دائماً

ولكن ما المانع من حضور احدى الحفلاتِ لِمرةٍ لاكتشفَ كيف تكون؟
التقيتُ بِوالدك في إحدى النوادي الليلية ،وانجَذبتُ لهُ كما فعل هو
لِدرجة انهُ تَبِعَني وعَرفَ مكان سكني ، لاركض بقلبي نحو تراهات الحُب الذي ظَننتهُ يوماً شيئاً حقيقياً ، فتاةٌ كورية يعرضُ عليها الزواج شابٌ فَرنسي عِند أشهَرِ بُرجٍ في العالم،حُلمٌ جميل اليس كذلك؟

لِتكون قُبلَتُنا الاولى اسفَل بُرجِ ايفل ، لِتتطور الامورُ بعدها بأيامٍ واستيقظ وإذ بي في إحدى الغرف الفندقية ، ولكن والدك ليس موجوداً هُنا...

بحثتُ عنه لايام ولم اجِده ، ولم أكن أعرِفُ شيئاً عنهُ سوى اسمه ،الذي اشكُ ان كان حقيقياً هو الآخر ، انهرتُ عِند ادراكي بأنني حامِلٌ منه ، وفوتُ الكثير من مُحاضراتي ،ذارفةً الكثير من ادمعي على تدهور حياتي بهذا الشكل

ذهبتُ الى ذات النادي الذي جَمعنا و وجدتُهُ هُناك يرقصُ ضاحِكاً ، وفور التفاتِهِ لي صفعتُهُ بكامِل قوتي ، ليُمسِك بيدي غاضِباً يجرني وسط ثمالتِهِ الى إحدى زواية المكان بعيداً عن الضوضاء

وَصرختُ بِوجهِهِ قائلةً أنني حامِل ، ليتجمدَ في مكانه ، اخبرتُهُ بأنهُ علينا أن نتزوجَ بأسرَعِ وقتٍ مُمكن إلا أنهُ رد علي بثلاثِ كلماتٍ أخرستني
"عليكِ أن تُجهِضيه!"

ولكنّي رفضتُ تماماً وجادلتُهُ طويلاً اسأله عن سبب تغير رأيه بِزواجِنا
ليصرخ بي قائِلاً بِصوتهِ المخمور
"لانني مُتزَوِجٌ ولدي طِفلٌ في عامهِ الأول يا هذهِ!!!!!!!!!!!.."

جُن جُنوني عليه ورُحت انهرهُ قائلةً أنني لن اجهض طفلي واشتمهُ بأشنعِ الالفاظ
وسريعاً امسك بِشعري بقبضةِ يدهِ  يؤلِمني ، واقترَب يُهسهس بِمكرٍ عِند اُذني
بِكلماتٍ لم يعي أنَهُ يقولها لِشدةِ سُكرِه
"إذاً لِتدعيه يعيشُ مُختبئاً عن العالمِ كالجِرذان ، مع عشيقة والِده الذي لا يعترِفُ بهِ ، عريفٌ أول يسعى الى أخذِ ترقيةٍ من الدولة التي لطالما افشى اسرارها وفضح خُططها وتستر على مُجرميها مُقابِل المال..والكثيرِ مِن المال!!!كم ستكونُ حياة هذا الطفلِ سعيدةً حينها همم؟؟"

لا اعلم كيف كانت الطريقة التي خَرجتُ فيها من ذاك المكان الذي رأيتُ فيهِ والدك لآخرِ مرة ، لانقطع بعدها عن الذهاب الى جامعتي واتوارى عن الخلق كُلما ازداد حجمُ بطني
حبستُ نفسي بعدها في غُرفتي لا اخرُجُ ابداً
بدأت رسائل عائلتي تتراكم يطالبون بزيارتي
ولكنني اخبرتهم بأنها فترةُ امتحاناتٍ فورَ انقضائها سأعود

لأفقد صبري ذات مرةٍ لشدة هذا الضغط ، وحاولتُ إجهاضك ولكنني فَشِلت
فقد تشبثَ في هذهِ الحياة بجميع اطرافك الرقيقة ، وها قد نِلتَ الحياة التي رغبت بها تايهيونغ

ستكونُ طائرتي غداً الى قريتي ولن اعودَ هُنا مُجدداً،اتيتُ وفي قلبي حُلمٌ جميل ، وسأغادِرُ بعد تحولِ هذا الحُلُمِ لِكابوسٍ فضيع
تاركةً روحاً مِن روحي على ارضٍ ظالِمة
لأنني أعلمُ لو أنني عُدتُ معك
سأُقتَلُ في ذات اليوم الذي أصِلُ فيه
وأنا أُريدُ أن أعيش ، وابدأَ حياةً جديدة
لقد منحتُك الحياة ، ومن حقي أن احيى أنا ايضاً ، صفقةٌ عادِلة اليس كذلك تايهيونغ؟

اسفة يا صغيري ،اسِفةٌ جِداً  لأنني لم استطع اعطائك شيئاً سوى اسمك وبشاعة هذه الكلمات بين يديك ، سامحني تايهيونغ ان كُنت تقرأ رسالتي هذه ، سامحني لانانيتي التي جعلتني اختارُ حياتي بدونك على الموتِ لاجلِك ، سامحني انت على الاقل فأنا لن اسامح نفسي مهما حاولتُ جاهِداً لذلك ، اِفعل.."

وَسكتت انت لاعلم بأن الرسالة انتهت هُنا
وكانت دمعتك التي سَقطت هي النُقطة التي انهيت بها تلك الرسالة

"ظلَلتُ اُطالِب الام شيري بأن تُخبرني كيف أتيتُ لهذا الميتم
وبعد اصرارٍ شديدٍ وإعراضِ عن الطعام وجِدالاتٍ لا تُحصى
حدثتني بِكُلِ ما جرى في تلك الليلة..
فَقالت بأنها استيقظت في تلك الليلة ابكَرُ مِن المعتاد على صوتِ نُباح الكِلابِ خارِجاً، فشعرت بِرغبةٍ في ان تخرج لاطعامِها ، ارتدت مِعطفها وحملت ما وجدتهُ من طعامٍ وخَرجت من الميتمِ قاصِدةً المكان المُعتاد الذي دائماً ما كانت تجلِبُ اليه الطعام لاحدى الكلابِ وجرائِها ، ركض احد الكلاب اليها قبل انت تَصِل الى المكان ، وبدأ يدورُ حولها وكأنهُ يريد اخبارها بأمرٍ ما ، وَقد أسقَطتِ الطعام من يدها فجأةً لتركض نحو ذلك الصوت ، حين سَمِعت صوت بكاء طفلٍ رضيع ، وقفت بِصَدمةٍ مفجوعةً لِما رأتهُ ، إذ كان هُناك طِفلٌ بالفعل ، يُشَكِلون اولائِك الجراءُ دائِرةً حوله لِتدفئته
وعلى ما يبدو انهم تعمدوا اصدار تلك الجلبة في هذه الليلة من أجلِ أن يأتي أحدهم وينقذ الطفلُ من قسوة ذاك الشتاء الذي جمد رِقة أطرافِه ، حَملتني بسرعةٍ الى صدرها ونظرت في المكانِ عَلها ترى من الذي ألقاني هناك ، الا انه لم يكن بالجوارِ أي أحد..لِنعلم هُنا أنهُ من الممكن ان تكون الحيواناتُ أكثَر شفقةً ورحمةً من الانسان ، فبينما والدتي القتني في الشارِعِ وانا رضيعٌ واستقبلتني الحياة بيومي الاول بهذه الطريقة البشعة ، ضمتني ام تلك الجراءِ مع صِغارِها تحميني من الثلوج المُحيطة بي ، وبذلت جُهدها في أن تَجلِبَ أحدهم ليساعدني..

عادت بي ركضاً الى داخل الميتم ، وايقظت كُل من فيه من ممرضين ومُرضعاتٍ وغيرهم ، امسكت بتلك الرسالة التي وجدتها في ثيابي،وقد كُتِب عليها
"اسميتُهُ تايهيونغ ، وُلِد بِتاريخ ثلاثون من ديسمبر ، لا اريدُ من أحدٍ قراءة هذه الرسالة سِواه ،اعطوه اياها عند اول تعلمه القراءة ،واهتموا بهِ جيداً
مِن والدته"
...قِصةٌ لا تُصَدَقُ اليس كذلك؟ "
ضَحِكتَ بِخفةٍ تتسَترُ على حُزنك المكشوفِ لي

لم اشعُر بِنفسي حين كنتُ اذرفُ دموعاً صامِتة طوال حديثك
لِتلتفت إلي وتتلاقى عينانا الباكية ، وعقدت حاجبيك تنهرني بارتجافة صوتك وعيناك التي احمر لونُها قليلاً لانهمار دموعك المالحة قائِلاً
"الم اُخبرك أن الرِجال لا يبكون؟؟لما تستمرُ بالبكاءِ كالاطفالِ دائِماً؟؟؟توقف.."

واندفعتُ حامِلاً بُكائي معي اضمك الى صدري ،عاقِداً حاجباي بأسى
استَنِدُ بِذقني على كَتِفك
والف يداً حول ضهرك ، وكفاً غرستها بين خصلات شعرك الشقراء اسحبك بِخفةٍ اُرغمك على ان تضع ثقل رأسك على كتفي ،وثقل حزنك على قلبي

ولم تفعل انت شيئاً ، كُنت مُنسبلَ الكتفين وخائِر القوى ، تركت يداك على الارضِ بِإهمال ، وكل ما يُسمع مِنك هو محاولة كبحِك لصوتِ بُكائك الذي تحاول السيطرة عليه

ابعدتُك بِخفةٍ بعد دقائِق بدت ثقيلةً على قلبِ كلينا
نظرتُ في عيناك العابِسة بعيناي التي لا تقلها عبوساً
ارحتُ كفاي على كتفيك
واملتُ رأسي بِخفةٍ اقول بِصوتٍ خافت
"اُريد أن أكون عائِلتك تايهيونغ...أرجوك لا تدفعني عنك فيما بعد كما فَعلتَ لِمراةٍ عديدة ، واصغِ لِقولِ ايسرك وكُف عن قسوتك عليه فلا ذنبَ لك فيما حدث ،لِنُصبِح اصدِقاءً ما رأيُك،هذا ما يليقُ بِنا ان نكونَ عليه.."

برقت عيناك لِقولي ورَق صوتك ليتهمس مُعيداً قولي
"اصدِقاء؟"
همهمتُ لك مُجيباً
"نعم أصدِقاء...لا أعلمُ الكثير عن الصداقة ولكن أظُن أنهُ من الكافي أن تكون موجوداً عند حاجة صديقك لك ،وأن لا تتخلى عنهُ أبداً مهما أجبرك الزمان.."

نظرتُ ورائك وإذ بالغيومِ تنكشف سامحةً بِبزوغ الشمس التي نَشرت شُعاعها ليتشكل قوسُ قُزحٍ يسلبُ الانفاس ، لاكمل وانا أُحدِقُ بِبهاء الشمس التي تُشابهك
"اظُن أن الصديق الحقيقي..هو الذي تُشرِقُ الشمسُ في حَظرتِه ، وإن كانت الدُنيا غائِمة..بالتأكيد هذا ما تعنيه الصداقة!"

إن كُنت تظُنُ ان ذاك اليومَ قد سُلِب مِن ذاكرتي يا رفيقي فقد اخطأت وظلمتني ظُلماً عظيما

فـ حاشا لِقلبي أن انسى يوماً من أيامي معك  ، وحاشا لِصداقتك أن تبهُت وإن طال عليها الزمان ، وحاشا لروحي أن تُعرِض عن ذِكرك الذي يُلازمني مع كُلِ نَفسٍ يُجرُ بِحربٍ مع رِئتاي

وحاشا لِكُلي أن اسأم انتظارك يارفيق الفؤاد
وسأنتظرك حتى الأزل
وحتى تشرق الشمسُ مِن مَغرِبها.

Continue Reading

You'll Also Like

2.9M 87.6K 59
قصة رومانسية بقلمي ملك إبراهيم
24.5K 2.6K 6
ذكرى تركك لي بينما كنت طفلا لا زالت عالقة بذكرياتي، أكملت حياتي بعدك راكضا خلف أحلامي..، الحقيقة التي أجهلها خلف تركك لي دائما ما كنت أحاول معرفتها،...
193K 18.4K 22
جونغكوك عاشق القهوة والمقاهي، عندما يسمع عن مقهًى ما هو فوراً سيذهب إليه وما أثار فضوله هو ذلك المقهى "مجهول" سمع عنه كثيراً هو لم يصدق أن هذا اسمه ح...
1K 198 15
ما فائدة جهاز تحديد المواقع إن كانَ بارك جيمين موجودًا! 'من القمر إلى جيميني، حوّل انتَ وجهتي الصحيحة بعد الكثير من الضياع! انتَ جانبي الأزرق وسكاكر...