حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

By is17rr

198K 16.3K 12.9K

يؤسِفُني انه في الوقت الذي كُنتُ انظر لكَ فيه على انك مُعجزةً ما جميعُ الاهلِ والاصدقاء الشمسُ والقمر الفجرُ... More

1-طيفٌ زائِل
2-البريد
3-طريحُ الشوق
4-رفيق الباب المجاور
5-قائمة الامنيات
6-لائحة امنياتي
7-سمكتي ذهبية اللون
8-نفحات مِن الماضي
9-تَنمُر
10-هدية مرفوضة
11-نادم
12-البصارة والفتاةُ الصهباء
13-اُمنيتي الأُولى
14-إرسُمني جونغكوك
15-عِراك
16-سجين
17-هروب
18-نَفس
19-نَدبة
20-كفالة
22-مُقلتاي
23-لأنَك أحببتني
24-عِناق
25-مُحاكمة
26-حتى الأزَل
27-خائِب
28-تجاهُل
29-آخِرَ مكاتيبي
30-الحَقيقة
31-كاذِب
32-أَنانِيّ
33-خَشبة المَسرح
34-عَبَقُ ذِكراك
35-دَنِف
36-انتَ وأنا
37-عَتيقُ ليلانا
38-تَلاَق
39-ثَمِل
40-ليلَ قَلبِهِ وغَيثُ عيناي
41-تَهْويدة
42-مَنسي في كَنَف الشجون
43-لنهايتنا بداية يا شَمسي وقَمري
آراء..

21-فريزيا

3.3K 334 260
By is17rr

اشتقت لكم واعرف طولت عليكم عاذريني صح؟

لا تقصروا بالڤوت والكومنت عشان اصير أحدث اسرع
استمتعوا بالقراءة 3>.

-

مَرحباً لك ايه البعيد ، مَتى يُصبِحُ الحُبَ مَرضاً علينا التعافي منه برأيك؟
حين يصلُ الى مرحلة تؤذي الآخرين ، أم حين يصلُ الى مرحلةٍ تؤذي ذاتنا؟

ارتَدْيتُ الى الخلف خطوتين مُبعداً يداي عنها ، أنفي برأسي بقوةٍ وأنا أنظرُ الى عيناها المُضطربة لِما فعلتُ تَواً ، فقد قبلتُها وفي ذات الدقيقة دفَعتُها بعيداً عني
يالي من وقحٍ لعين ، يالي من شخصٍ سيء..

"ويحي ما أنا بفاعل ، أنا لم..لم أقصد هذا ، أُ-قسِمُ لكِ..أنا آسف ، آسفٌ جداً ، لم أعي ما فعلت ، إنني فقط خشيتُ رحيلك ، هذا لأن تايهيونـ..."

لم أُكمل ما كُنتُ سأقوله من عُذرٍ أقبح من ذنب ، فقد أخرستني بصفعةٍ استحقيتُها شعرتُ بألمِها حَط على قلبي قبل وجنتي التي تلقت ما يكفي من الصفعات خلال هذين اليومين

"ليلعنك الاله جونغكوك ، ليلعنك"
هسهست هذا في وجهي بِدموعِها التي لم تجِف لِلَحظة
وكم كرهتُ نظرة الخيبة التي رمقتني بها قبل أن غادرت راكضةً من المكان
غادرت..

سقطتُ على الرصيف الذي تكسوه الثلوج
والدموعُ غطت عيناي التي تنظرُ لذاك الجسد الذي يبتعد
الدموع مُتشبثة بأهدابي وتأبى السقوط ، فسارع جسدي لاخذ دورها

تساقطت الثلوج فوقي وامام عيناي تُذكرني بسقوطي ، تذكرني بانهزامي
كل ما هو حولي يشمتُ بقلبي ، كل ما هو حولي يسخرُ مني انا

"ارجوكِ لا تبكِ ، فالتمسحي دمعكِ ،أنا لا أستحِق ، لا أستحقُ أي شيء"
ظللتُ أُتمتم بهذه الكلمات التي لم تسمَعها
وتسابقت الدموعُ تنزلُ على وجنتاي تُدفئُها
وايقنتُ مُتأخراً أن لا صديقاً حقيقياً لي سوى دمعي
إنهُ يرافقني دائماً ويرفضُ تركي
إنهُ يُخالِفُ طبعك الممقوت تايهيونغ

رفعتُ كفوفي أُغطي وجهي بِهما خَجِلاً مِما فَعلت
وسريعاً شرِب الشاشُ دمعي مُحاولاً إخفاء ضعفي عني
ولكنهُ واضحٌ لا يخفى إنهُ يقفُ كالرجُلِ امامي

جلستُ متقرفصاً بين ثلوج الرصيف البارد ، انزلت رأسي أنظرُ الى بياض الثلج أسفلي
ووضعتُ كلتا يداي على رأسي أشدُ خصلات شعري بخفة بينما جسدي يهتزُ الى الامام والخلف باضطرابٍ شديد لم استَطِع السيطرة عليه
"لم أقصد ما فَعلتُه ، أنا لم أقصد ، لا تذهبي"

انهمرت دموعي هاربةً من حُزن جوفي وحَطت على الثلجِ تُذيبهُ لِشدة حُرقتها

تذكرتُ ذلك اليوم الذي ذهبتَ فيه ، وتذكرتُ اليوم الذي يليه ، وتذكرتُ حُزن الليلة التي بعدها ، ووجع السنة التي رافقتها ، وشوق باقي ما مضى من السنين

وظللتُ جالساً على الرصيف الموحِش بين ثلوج هذه الليلة المظلمة
ابكي واشتكي كالفاقدِ عقله ، ولكنني لم أكن فاقداً لعقلي ، كُنتُ فاقداً لأحدٍ اُحِبُه.

بين جميع تلك البيوت الهادئة التي تضمُ قصصاً يجهلُها الكثير ولا تؤلِمُ سِوى اصحابها
كُنتُ أنا اختبئ من خيبتي بين هذه الثلوج ، اُريدُ منها ابتلاعي ، اُريد منها ان تُخفيني من هنا
تارةً أُغطي عيناي خَجِلاً من روحي ، وتارةً أشُدُ شعري حُزناً عليها

حزيناً أنا ، لاشيء اُحِبُهُ يبقى ولا شيء أُريدُهُ يدوم
هذا ما يجعلني الان أتكورُ حول نفسي ناظراً لِحُزني الذي يقفُ أمامي ويبتسمُ بِخُبثٍ لي

اين أنت تايهيونغ؟
أنا أحتاجُ اليك في وقتٍ كهذا ، أحتاجُ لدِفئك الذي كان يغمُرني
فأنا أشعُرُ بالبرد والكثير من الحُزن.

سمعتُ خُطى مُسرعة فَرفعتُ عيناي الدامية أنظرُ باتجاه صوت وقوعها
رُبما تكونُ لك ، من يدري ، لعلّ قلبك قد رق لي وإن كان قد تأخر قليلاً

ولكنها كانت تعودُ للعمةِ ايليت والفتى مارسيل ذو السابعة عشر من عُمره
ولا شيء يعودُ لك هُنا ، سوى حُزنُ كُلِ عام ، انهُ معي دائماً يارفيق ، انا احافظ عليهِ جيداً

"جونغكوك ، مابِهِ حالك هكذا؟؟؟"
لا تسألي عن حالي ارجوكِ ، لا تسألي

قاما بانتشالي من بين الثلوج التي جاورتني
وهما يسألانني الكثير إلا أنني لم اجاوب ، سوى بدموعي التي تنهمرُ قبل محاولاتي للامساكِ بها

امشي بخطى مُتعبة نحو منزلي وانا استندُ على عجوزٍ وفتى
متى خارت قِواي بهذا الشكل؟
في اي يومٍ بِتُ هكذا هشاً ليناً؟
في اي وقتٍ بالضبط تمكنت مني تايهيونغ؟

أنظرُ في زواية البيوت والشوارع ، رُبما تكونُ تختبئُ في احداها عني
تلعبُ معي لُعبةً أحببتَها ، فظللتَ تلعبها لِمُدة سبعِ سنوات

ولكن لا اظنُ ذلك لانني اعلمُك تَمِلُ ما تُحِبه بسرعة
الالعاب ، الطعام ، الملابس ، وانا

اجلساني امام المدفئة ووضعا فوقي العديدُ من الاغطية لتدفئتي
اغمضتُ عيناي بخفة لرجفة قلبي التي زارتني ، لا برداً وانما شوقاً

كُل حركةٍ تُذكرُني بِك ، كُل فعلٍ وكُل كلمة ، عالقٌ انت في جميع الاشياء حولي
انت محور كُل شيءٍ في حياةٍ تخُصُني انا

جلس مارسيل القرفصاء امامي ونظر في عيناي بدموعهِ يسألُني
"الم تقُل لي أن الِرجال لا يبكون؟ لما عيناك تُخالفُ قولك الآن همم؟"

رفعتُ يدي التي تضمُ شاشها ببطئ وغلفتُ وجنة مارسيل بها فمال بوجهه لِدفئها مُنتظراً ما سأقولُ بدمعِ عينيه ، فَتحدثتُ بِبهوت صوتي الحزين قائلاً
"لا سُلطة لي على عيناي ، لستُ أنا من يتحكمُ بها ، إن الحاكم الوحيد هُنا هو قلبي ، إن اشتاق فاضت ، وان حن هَطُلت ، وان حزن تبعثرت على مُحياي، ان دموعي هي ترجمة لِما يحملهُ قلبي من شعور ، إن كان حُلُواً أو علقمياً ، ستدمعُ حينها فرحاً أو حُزناً"

تنهدتُ بعدها ناظراً الى المدفئة وراء مارسيل لاُكمل قولي بصوتٍ مبحوحٍ حزين

"لِنبكي مارسيل ، عَل الدموع تكونُ نافعة بأمرٍ ما ، عَلني أكونُ قد أخطأتُ فيما قُلت سابقاً، لَرُبما يَعلمُ من كان سببها بِدموعنا فَيَرِق قلبُه ويعود ، او من ينوي المغادرة يبقى ، او من أخطأ يعتذر ، هي تكونُ نافعةً بوسيلة نجهلها ، وإن لم تكن كذلك ، دعنا نبكِ عوضاً عن ظلم ما نشعر بهِ عند البوح همم
لنبكي مارسيل ، لنبكي"

قوس شفتيه بقسوةٍ وقد القى بحرُ عيناه لآلئ تتدلى من أهدابه ، ونظر لي نظرة أخيرة قبل أن يقف من مكانه ويخرج من المنزلِ مُغادراً بسرعةٍ هو الآخر

وَقفت العمةُ ايليت بجانبي ووضعت كفها الدافئة على كتفي لتنبيهي
رفعتُ عيناي  اليها ، ومن ثَم أعدتُها الى نار المدفئة بهدوء

بدأت دموعي تجفُ شيئاً فَشيئاً ، وأشعرُ بأن ذات الشيء يحدُثُ مع فؤادي الساكنِ هُنا

"لستِ السبب صدقيني ، ارجوكِ لا تتحدثِ بشيءٍ مما حدث ،لنتفادى الامر وحسب"

جلست على الاريكة بجانبي في حين أنني لا أزال انظر الى نيران تلك المدفئة
وتنهدت مُشابكةً أصابعها الرفيعة ببعضها ، وسألتني سؤالاً أرجف قلبي
وجعلني انظر اليها بسرعةٍ مُجعداً حاجباي بصدمة وكأن ناراً من تلك المدفئة شبت في وسط صدري تُحرقني وتُعيدني الى نُقطة البداية
نقطة الشوق الذي أهلك كُلُ ما بي
حين قالت دون سابقِ إنذار

"مَن يكونُ تايهيونغ؟"

ابتلعتُ رجفتي ومسحتُ بقاية دمعي بضاهرِ كفي ، مُلتفتاً بكامل جسدي نحوها وفتحتُ فاهي كي اسألها عن كيف عرفت بشأنهِ الا انها سرقت الحديث من فاهي تسألني من جديد

"أهوَ من كُنتَ تَقصِدُهُ في حديثك مع تِلك البصارة؟"
نظرتُ الى الارض مُرتبكاً ، انا لم اُفصح يوماً عن تايهيونغ سوى لسمكتي التي ماتت ، وربما ما كان يجعلني اتحدث لها عنه هو استماعها لي دون مقاطعة او دون حتى تعليق ، هل سأكونُ مُرتاحاً إن افصحتُ عنهُ لشخصٍ رُبما يسيءُ الظن بي ، او حتى يلومني على أي شيءٍ مُتعلقاً به؟
هل سأكونُ راضياً إن علق بشيءٍ لا يُرضيني؟
والاهمُ من هذا ، هل سيكونُ في بوحي راحةً لي ام ندماً لن ينتهي؟

"كيف ، كيف عَلمتي بشأنه؟"
سألتُها مُبللاً شفتاي دون النظر في وجهها مُترقِباً ردها ورفعتُ عيناي لوجهها حين اطالت صمتها ، فاسترسلت قائلةً بعدها

"منذُ أن اصابتك الحُمى في ذلك اليوم ، ظللت طوال الليلِ تُهلوسُ باسمِ تايهيونغ ، فاتني ان اسألك بشأنِهِ فيما بعد ، ولكن زياراتك للبريد في طقسٍ كهذا ، وتغير طبعك الرقيق الى شخصٍ لا اعرِفُه ، وصولاً الى فقدانك السيطرة على مشاعرك واضطرابك خارجاً بشكلٍ هستيري ، كل هذه الاشياء تجعلني ارغب بمعرفة من اجرم بك بهذا الشكل ، اخبرني ما همُك يا ولدي ، قل لي من ذا الذي ظللت تنتظرهُ طوال تلك السنين؟"

عبس كياني وتزلزلت روحي ، لا اريد ان اسمع حقيقة غيابه الذي طال ، انا اعلمُ بها ولكن ان اسمعها من شخصٍ آخر يوقنُ حقيقتها ، تجعلني خائفاً مرتعباً

التفتُ ناظراً بعيوني اللامعة اثر ذِكرِ عزيز قلبي
الى النافذة هناك ، حيثُ تقبعُ زهرة الفريزيا خاصتي

نهضتُ ارمي الاغطية عن اكتافي ، ومشيتُ بخطاي الخائبة نحو تلك الزهرة حديثة النمو
فتحتُ النافذة لالتقطها وقد لفح وجهي نسمات باردة كَبرودة حُزني هذه الليلة

التقطتُ أصيص زهرة الفريزيا بنفسجية اللون
وقد كان بارداً على دفئ باطن كفوفي
عُدتُ بخطواتٍ هادئة اجلِسُ في مكاني
وقد كانت العمةُ ايليت تُراقِبُ كل خطوةٍ اخطوها

نظرتُ الى الزهرة بين يداي وشبح ابتسامةٍ ارتسم على وجهي
داعبتُ اوراقها برقة أخافُ عليها من الاذى وفتحتُ فمي مسترسلاً بالحديث بأمرٍ أتحدثُ عنهُ لاول مرة داعياً الله ان لا أندم على أيّ كلمةٍ تخرجُ من فاهي عن طيب خاطر

"كُن مُمتناً لشخصٍ قدم لك الأسباب فـَ اتفقا عقلك وقلبك على حُبِه ، وَقدِم أسبابك للآخرين ولا تنتظر المِنّة"
رفعتُ عيناي من على زهرتي أنظرُ في وجهِ العمة ايليت ويبدو أنها لم تفهم ما قُلته ، لاهمس لها
"إنها رسالة الفريزيا"

لمعت عيناي أُعيدُ النظر الى زهرتي الجميلة وقلتُ مُميلاً وجهي وأحنُ لِما يجول في روحي
"للفريزيا قناعة بأن الأصدقاء الدائمين هُم فقط الذين تُبنى علاقتنا بِهم على الثقة المريحة ، والصِفة الأوجه في هذه الثقة هي المِصداقية ، فَسأُصدقك ولن أُسيء بِك الظن حتى لو كُنتُ أعلمُ أنهُ كَذِباً ، والمقصد هُنا أن الصديق ليس مُضطراً لتبرير تصرُفاتهُ لنا لاننا نثِقُ في نواياه..حتى يتحدث لنا بِنفسه"

رمشتُ عِدة مرات مُتذكراً تلك الخيبة القاسية ، وأظُن بأن عيناي قد أدمعت من جديد

"الصداقة التي تُبنى على أقصى درجة من الثقة هي لُغة الفريزيا ،هي الصديق الذي يكترث للعطاء ولا يكترث للجائزة ، ولهذا هي الزهرة التي لا تُهدى إلا لصديقٍ دائم ، في القلبِ والفكر"

بِتُ لا أرى ألوان زهرتي جيداً فقد دثر عيناي غطاءٌ زُجاجي يجعلني لا أُميزُ ما حولي
وأكملتُ حديثي في هدوء هذا المساء ناطقاً لإسمٍ اشتقتُ للفظهِ على لِساني ،وانفضح شوقي عِند نُطقي اياه
"تايهيونغ...مالذي سأحكيهِ لكِ عنهُ ايتها العمةُ ايليت؟
إنهُ لا يُحكى ،فإن حكينا بهِ ظَلمنا كثيراً منه ، إنهُ السلامُ والامان ،ليس شخصاً عادياً البتة، إنهُ موطِنٌ كامل ، يستطيعُ غمر قُبح هذا العالم بطارف مبسمه ، لأنهُ في تلك النقطة بالذات يقبعُ سلام العالمِ أجمع ، يملِكُ حناناً في صدرهِ يفوقُ حنان الأُمِ على ولدها ، رقيقٌ تؤذيه نسمة الهواء ، وفي ذات الوقتِ صلبٌ لا يردعهُ رادع ، لطالما ظلمهُ الجميع ونظروا الى ما يحمِلُ من قسوة وجفاء ،سواي انا ، انا من رأيتُ جانبهُ اللين مُتغاضياً عن ما دون ذلك ، وكثيراً شردتُ بهِ يا عمتي خائفاً من فقدانه ، وكثيراً جداً أخبرتُهُ بِمخاوفي ليُطمئنني، إلا أنهُ لم يكترث لها ، وقد تلاشى بِلحظةٍ من بين يداي وكأنهُ لم يكُن يوماً ، جاعلاً مِني أفِزُ مِن نومي كل ليلةٍ وكأنهُ قد غادر تواً ، لا قبل سبع سنين ، سبعة لم ترحم شوق فؤادي ولا قلة حيلتي ، وإنّي لا ألومُ تايهيونغ على غيابه كُل تلك السنين ، أنا ألوم الحياة ، وحدها السبب في كُل مُرٍ قد ذُقته"

بدأت نارُ المدفئة تخمدُ رويداً رويدا ، بينما النار في صدري تتأججُ  بقلبي يزيدها حَطباً في كُل ذكرى تؤذيني

"هُناك أُمنيةٌ خَطيتُها على ورقةٍ صغيرة ، وقد كانت أُمنيتي الثانية من تلك اللائحة الصغيرة حين كُنتُ فتاً في السابع عشر من عمري ، وقد كتبتُ بها
'2-أن أُهدي صداقتنا شيئاً رمزياً'
فكرتُ طوال عامين بِما ستكونُ تلك الهدية ، لا أُريدها أن تكون شيئاً عادياً
ارتدُها أن تليق بِصداقتنا ، أن تليق بتايهيونغ
وقد قرأتُ ذات مرةٍ بالصدفة في كتابٍ عن الزهور عن هذه الزهرة
وشدني عُمق ما تعنيه ، وكم كُنتُ فَرِحاً لإيجادي ماكُنتُ أبحثُ عنه كُل ذاك الوقت ، وقرأتُ عنها أكثر فأكثر ، وعلِمتُ كُل ما تحتاجُه زهرة الفريزيا للنمو بشكلٍ صحيح ، وفعلتُ ما فعلت لاوفر البيئة التي تحتاجها
وقد كُنتُ أُخفيها عن تايهيونغ إلى حين نُموها متشوقاً لإهدائه إياها وتحقيق تلك الامنية التي رَغِبتُ بها كثيراً ، الهدية التي ستُعبر عن صداقتنا التي ستدومُ الى ما بعد الأبد"

انهمرت دمعة وحَطت على ورقة تلك الزهرة جميلة اللون تسقيها
ورفعتُ عيناي أنظرُ في عينا العمة ايليت التي ملئتها الدموع لأُكمل قولي هامساً برجفة صوتي

"إلا أنهُ رحل وهي لا تزالُ بِذرةً"

سالت دموعها الشفافة على كلتا وجنتيها التي ملئتها آثار الزمان من تجاعيد خفيفةٍ وغيرها ، في حين أنّي ابتسمتُ بجانبيةٍ أُخفي حُزني قائلاً

"وها أنا أزرعُها كُل شِتاء إلا أنها تأبى العيش معي فتُغادرني كُل صيف ، لا شيء حولي يتحمل حزني ، كُل شيء يولي هارباً مني قبل أن يبتلعهُ حُزني ، ولكنني لا احزنُ على ذلك ، ولم أيأس زِراعتها كُل شتاء ، أنا أنتظرهُ أن يعود لاُهديه إياها ، عليه أن يعلم بها ، عليه أن يفهم عُمق ما يحويه قلبي له ، فقد كان الوحيد الذي يحويني حين ماتت عائلتي وتخلى عني أقاربي ونبذني جميعُ من حولي ، كان هو كالمصباح في عُتمة عالمي..
هذا هو تايهيونغ الذي تسأليني عنه
إنّهُ في صميمِ قلبي وفي ديارٍ أجهلُها في الوقتِ ذاته"

وضعتُ الاصيص على الطاولة أمامي وشابكتُ يداي كما تفعلُ العمة ايليت ونظرتُ الى جمر المدفئة قائلاً بصوتي الباهت
"هو لم يُقدم لي اسبابه في المغادرة ، ولن أُسيء ظنهُ لانني أثِقُ بمن يكون ، لن أُفكر بسبب مغادرتهُ إلى أن يتحدث لي بنفسه
انتظره منذ أن كُنتُ في التاسع عشر من عُمري ، وها هو عمري قد شارف على دخول السادس والعشرون وهو لم يظهر بعد ، إن العُمر يفنى في انتظاره وأنا لا أعلمُ أي شيءٍ ولو بهذا الحجم عنه"

اقتربت العمةُ ايليت مني تمسحُ دمعها ، ومدت يدها الدافئة تفكُ عقدة يداي وتلتقطُ كفي بين كفوفها ، نَظرت إلي ونظرت ومن ثَم قالت مالم يروق لقلبي
حين همست ببحتها العتيقة قائلة
"بُني جونغكوك ، جميع من في العالم لديه عزيز ، وكُل واحدٍ مِنا يملك شخصاً يُحبه ويضعُ روحه فِداءاً له ، ولكن في بعض الاحيان على الانسان مُراجعة ذاته ، ويقسو على قلبه قليلاً ليرتاح بعدها ، هذا إن كان فيمن يُحِبُهُ ألماً أكثر من الراحة والسلام ، وقد يُدرك الانسانُ هذا مُتأخراً ويجلسُ واضعاً كفاً على وجنتهِ ويتحسرُ لما قد أضاعهُ في سبيل من يُحبه ، لا أعلمُ كيف الطريقة التي ستفهمُ بها كلامي ولكن..أظُنُ أنك قد وصلتَ الى تلك المرحلة ، التي يجب عليك فيها الوقوف وأخذ نفسٍ طويل ، والتي يجب عليك الانهاء فيها جميع ما يشغل قلبك ويُحزنه"

جعدتُ حاجباي لِما اسمعهُ منها لاقول هامساً
"ماذا تعنين بِكلامكِ هذا؟"

شدت على كفي التي تُحاوطها ونظرت في مُقلتاي قائلةً ما شذب روحي واهلك كياني وخلق للدمعِ سبيلاً على عيناي
"أعني أن سبع سنينٍ كانت أكثر من كافية لإنتظار أحدهم ، لو كان عندهُ نية عودة لعاد ، ولكنهُ سيستمرُ بالغياب في حين أنك تستمرُ هنا في انتظاره ، لا أرغبُ في أن أقسو على قلبك بكلامي ، وكل ما أرغبُ بهِ هو إنتشالُ هذا الهمِ من وجهك ، أنت لا تزالُ شاباً من المؤسفِ ضياع المزيد من عُمرك بين حُزنٍ وألم ، أنت تستحق أن تكون سعيداً جونغكوك"

وبدأ الندمُ يتسلقُ على قلبي لبوحي بهمِه وكم اخبرتني ذاتي أن لا أبوح وبُحت ، وقد ظننتُ أن في بوحي راحةً ، إلا أن البوح لم يزد حزني إلا حُزنا

ولم يكن هذا فقط ما جعلني أبتأس وأغرقُ في خيبتي الا حين أكملت قائلةً بحنان صوتها
"أنا أُرى أن تعلقك في صديقك الغائب تعلقاً هوسي ، فلا أحد ينتظرُ غائباً ويبكي عليه كُل يومٍ سوى من تعدى حاجز الحُبِ لِمن يُحب ، ولكن عليك إيقاف هذا الحُب جونغكوك فقد بدأ يؤذيك أكثر مِما ينفعك ، ولن تستطيع إيقافهُ بنفسك فأنت غريقٌ لا محالة
فـما رأيُك يا بُني أن تزور طبيباً نفسياً عَلّهُ يساعدك في تخطي من تنتظره حتى لحظتك هذه همم؟"

وتبعثرت الخيبة في طيات نفسي ، ومشاعراً مُظلمة دنست صدق مشاعري
مريض؟أوَهذا ما استنتجتهُ من سابق قولي أنني مُعتلٌ نفسي؟
أوَأصبح الحُب مرضاً علينا التعافي منه؟
اوَلا يجب ان يُعالج من لا يملكُ الحُب في قلبه لا من يملكه؟

ولكن أحقاً أنا مريضٌ وعليّ التعافي من حُبك يا صديقي؟
أم أنهُ مُجردُ حُباً استحقيتَهُ ونلتهُ؟
وإن كان هذا أو ذاك أنا باقٍ أنتظرك
وحتى تشرق الشمسُ من مغربها.

طمنوني على عيونكم؟

Continue Reading

You'll Also Like

713K 15.1K 45
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
3.2K 663 14
لم يكونوا اصدقاء كان يكرهه فى بدايه الامر لكنه اصبح نصفه الاخر ولا يكتمل يومه بدونه... Kim Taehyung Min Yoongi خاليه من العلاقات المثليه "مكتمله" ...
944 93 6
مَرحبًا فِي مَساحَاتِي ..هُنَا سأسِرد لَكُم قَلِيلاً عَن جُنونِ رِحلتِي فِي إيجَاد نفسِي التائِهَة .. وذاتِي .. وشِفائِي ، عَاليًا .. فِي أُفِق السَ...
5.9M 168K 109
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣