إنه اليوم الموعود، أشعر بتلك الضجة بالفعل، الناس يتوافدون إلى شارعنا، أعني بهذا الناس من المخلوقات الغير بشرية.
كنت أرى مصاصي الدماء لأول مرة، أجسادهم نحيفة وبشرتهم شاحبة، يبدو أنهم ليسوا خصوم سهلة.
كنت بعيدة عن حلبات المسابقة برفقة أصدقائي، خالي كان يمسك بيدي ويعطني آخر النصائح "كما أخبرتكِ يا تارا أنتِ أقوى منهم جميعاً ولا تستخفي بنفسك"
ابتسمت بعفوية "خالي لا داعي لذلك أخبرتك أني هنا للمتعة فقط!"
"أنتِ لن تفوزي يا تارا كما أخبرتكِ تماماً!" قال روب ليتلقى ضربة على رأسه من أرتيم "لست أنت من تقرر ذلك"
ربع ساعة وسوف يبدأ التحدي الأول، حيث أن كل شخص يتبارى مع بني جنسه إلى حين المباراة التاسِعة حيث يجتمع جميع الفائزين في سباق نهائي.
المباراة الأولى بدأت، جميع السحرة اجتمعوا في مكان واحد، مشيت نحوهم إلى ساحتنا الخاصة، لا أستطيع إخفاء توتري، أستطيع سماع بعض الفتيات تتحدثن عني، الجميع هنا يعرف بقِصّة النبؤة.
كان أصدقائي يلوّحون لي من بعيد ويحاولون تشجيعي، أخذت نفس عميق لأتمتم "أستطيع فعلها"
"سوف نرى يا تارا" تقدم روب نحوي وحادثني باِبتسامة خبيثة، كأن هذا الفتى اشترك في هذه المنافسة فقط ليزعجني، ليت أرتيم هنا ليلقنه درساً.
شخص من بين الحضور ارتفع في السماء بمساعدة الساحرات، كان رداؤه أزرق كأنه يحاول الإمتزاج مع السماء، أخذ يصيح "الجولة الأولى سوف تبدأ مع إثنا عشر متسابق من فريق مستعملي السحر_"
قطع المُعلِّق جملته فقد تمّ لفت انتباهه وأخذ يحدق في مكان ما، هناك فتى مراهق يركض ويندفع بين الناس ويحاول الوصول إلى المعلق، كان يصرخ ولكني بالكاد سمعته، عندما اقترب أكثر لاحظت وجود دماء على ملابسه بينما يصرخ بملئ صوته "غوستاف سيهاجمنا!"
بدأ الناس يشهقون واشتدت الضجة كثيراً، كان أرتيم يحاول القفز من بين الناس حتى يصل إلي. كنت أشم رائحة احتراق قوية.
كان بعض الناس من حولنا تحترق أجسامهم بنار زرقاء، لقد رأيت شيء كهذا من قبل، أشكالهم تغيرت فجأة ووجوههم اختلفت تماماً، شعرت بمن يسحب ذراعي للخلف، أرتيم كان يصيح "دعينا نرحل من هنا!"
أخذني من يدي من بين الناس الذي يركضون ويحاولون الهرب، كان شيء ما يحدث خلفنا ولكن لم أجرؤ على النظر، خالي ويليام ركض إلينا وصنع حقل طاقة غير مرئي ليصدّ عنا ضربات السحر القادمة من كل مكان، هؤلاء الأشخاص المتنكرين كانوا يوجهون ضرباتهم علينا فقط من بين الجميع.
لم أكن أجيد التفريق بين الناس العاديين والمُعادين لنا فالجميع يركض، نزعت يد أرتيم عني ووقفت بجانب خالي حتى أسانده، كان الحقل من حولنا يتحول إلى نيران وأغلب الناس لاذوا بالفرار وبعضهم يحاربون بصفنا ضدّ هؤلاء، نحن لا نعرف حتى ماذا يريدون.
"تارا أهربي!" صاح خالي وشعرت بيد أرتيم تسحبني مجدداً، لم أستطع التركيز بعد الآن بصنع درع لنا وخالي بدأ يتزعزع بينما رفيقي يسحبني خلفه.
ضربة سحر قوية أصابت درع وليام ما جعله يندفع للخلف ويسقط، كنت أصرخ بإسمه وأحاول التملص من أرتيم لكنه لم يسمح لي وحملني فوق كتفه، كان يحاول الركض باِتجاه الغابة حيث قطيعه، كنت أستطيع رؤية الفوضى هناك.
أُناس يحاربون أُناس، روب وماكستون يقاتلان ساحِر غريب بكل قوتهم، توقف أرتيم عن الجري فجأة ووضعني أرضاً "لا تتحركي"
رفع رأسه عالياً ودوى صوت العواء من الذئب في داخله، الغابة كانت بعيدة ولكن رغم ذلك سمعت صوت قطيعه يلبّي النداء.
عاود أرتيم إمساك يدي، كان يتجه إلى سيارته، فتح لي الباب الجانبي لأبتعد خطوة للخلف "إنتظر مهلاً فكر بالموضوع، يجب أن أساعدهم، خالي هناك ملقى على الأرض"
"لا تناقشيني تارا!" قال ودفعني بالإكراه إلى السيارة وأغلق الباب علي، اتجه للجانب الآخر ولم يسمعني بينما أصرخ له "إنتبه!"
شخص ما أدخل شيء في ظهره، حُبِسَت أنفاسي وأنا أحدق به منتظرة أن ينتقم لنفسه أو أن يلتئم جرحه ولكنه سقط.
اندفعت للخارج وكانت نار مجهولة تنتشر على الأرض وتحرق الرجل الذي طعن رفيقي.
جثوت على ركبتيّ ووضعت يدي على جرحه النازف "أرجوك... قُل شيء..."
أرتيم، لم يكُن يتنفس...
من وجهة نظر الراوية:
تارا كانت تمسك وجه رفيقها الملطخ الدامي وتبكي، تصرخ ولكنه لا يجيبها، خائفة لا تعرف كيف ستساعده، كانت تشعر بالحرارة تنمو في جسدها، كل شيء حولها بدى بطيء جداً، الجميع يتقاتلون وغوستاف يحاول الوصول إليها.
قبّلت عيني رفيقها لتنهض وتمسح دموعها بعنف، كانت تتنفس بسرعة وتشدّ على قبضتيها لتشتعل النار في شعرها لكنه لم يكن يحترِق... كانت تارا لأول مرة تُطلِق العنان لنيرانها.
كانت قدميها ترتفع وحدهما في السماء حتى صارت تطفو فوقهم جميعاً والنيران تكبر في ظهرها لترفع يديها عالياً وتتمتم "هذه لأجل أرتيم!" أسقطت يديجها لتشتعل الأرض وتسود الفوضى، الجميع يهربون خائفين من النبؤة، تارا كانت تحرق كل شخص تراه عينيها وتبحث عن غوستاف بين الدخان.
"ها أنت ذا" قالت وهبطت على الأرض، مشت نحوه بينما يحترق كل شيء تلمسه، كان غوستاف يحمي نفسه بحقل من الطاقة، وقفت تارا أمامه وأدخلت يديها في ذلك الحقل كما لو أنه غير موجود وأمسكت رقبته.
رفعته عالياً وهي تخنقه وتصيح "تذكر كيف فعلت هذا بي؟"
كانت في كل مرة تضغط فيها على عنقه يشتد غضبها وتنفجر الحُمم من الأرض، قطيع أرتيم كانوا يقفزون من فوق النار ويحاولون العثور عليه. ماكستون وروب كانا يحاولان البقاء على قيد الحياة والوصول إلى ويليام المُلقى أرضاُ.
هبط ماكستون إليه ليجده يهمس بصعوبة "أوقفوها"
إن لم تتوقف تارا عما تفعله في الحال، سوف تدمر المدينة.
أرتيم فتح عينيه وهو ما يزال يشعر بجسمه يحاول محاربة السم بسبب تلك الطعنة. شاهد كل ما حوله يحترق بينما رفيقته قد ظهرت لها أجنحة من النار وهي تخنق غوستاف وكل شيء حولهما يتدمر.
كان يحاول النهوض عندما التقطت مسامعه صوت ماكستون يصرخ راكضاً "عليك أن توقفها! إنها ليست بوعيها وسوف تدمر كل شيء"
ثبت أرتيم ذراعيه أرضاً ليدعماه في الوقوف، نهض بالرغم من كل الألم الذي يسير في دمه وركض نحو رفيقته وهو يبذل آخر جرعة من طاقته.
ارتمى إليها بعدما خارت قواه وعانقها من الخلف حتى يخبرها أنه هنا رغم معرفته أن أجنحتها ستحرقه، انقشع ضوء قوي أجبره على إغماض عينيه، سمع صوت انفجار وكان هذا آخر ما شَهِده قبل أن يغمى عليه.
***★****★***
فتح أرتيم عينيه والذكريات تندفع في رأسه، عثر على نفسه في غرفته، كان من الواضح أن قطيعه عالجه ووضعه هنا ولكن لم يفهم لماذا غاب عن الوعي بعدما بدأ جسمه بمحاربة السم بالفعل.
نهض من مكانه فورما تذكر تارا وأجنحتها النارية، اندفع خارج الغرفة ونزل السلالم بينما يتجاهل نداء الآخرين عليه.
وصل إلى غرفة المعيشة ليجد وليام، ماكستون ورفيقته وحتى روب يجلسان هناك ويحدقان في المكان.
ماكستون قفز من مكانه وصاح بذهول "ألفا أرتيم! هل أنت بخير" كان يبدو مختلف، فشعره احترق أثناء تلك الكارثة والآن يملك تسريحة غريبة جداً.
عقد أرتيم حاجبيه "بالطبع أنا بخير، ماذا حدث؟ أين هي اللونا"
"إجلس معنا قليلاً" قال ويليام بهدوء غريب بينما يرسم رموز السحر بالطباشير فوق الطاولة الخشبية أمامه.
أرتيم جلس معهم وقال بنفاد صبر "إختصروا! أين هي تارا!"
كانت الرموز التي رسمها تتوهج بالضوء، ويليام أمسك يد أرتيم فجأة ووضعها فوق تلك الرموز ما جعلها تخمد بشكل مفاجئ.
"ماذا تفعل!" قال باِنزعاج ليجيب ذو الشعر الأبيض "هل كنت تعرف من قبل أنك دِرع للسحر بكل أنواعه"
حرك رأسه برفض وزاوية شفاهه مرفوعة "ما الذي تتحدث عنه!"
أشار وليام نحو تلك الرسومات فوق الطاولة قائلاً "هل ترى هذه، لقد بطل مفعولها سرعانما لمستها بيدك"
"هذا لأني مسحت الطباشير وخرّبت الرسمة بالطبع"
حرك الآخر رأسه برفض "هل تذكر تلك الفتاة أكاديا عندما تجسّدت بشكل تارا؟ كانت تستطيع من ذلك القرب أن تقتلك بالسحر لكنها لم تفعل، أنت لا ينفع معك السحر يا أرتيم، أنت مستذئب مميز"
طقطق أرتيم بلسانه باِنزعاج "هذا مستحيل! لا يوجد شيء اسمه درع للسحر، توقف عما تفعله وأخبرني أين هي تارا"
تنهد وليام بإرهاق ليستطرد "عندما يكون الساحر في قمة غضبه وقوته في أقصى صحوتها ويأتي شخص ويقاطعه فجأة ويعكس كل تلك الطاقة التي بذلها… هل تعرف ماذا يحدث عندها؟"
"ما الذي تعنيه؟"
ماكستون وروب كانا يتبادلان النظرات الغريبة، وليام يحدق بهم كأنه يقول "النجدة"
ماكستون حرك شفاهه "لقد حدث انفجار كبير أيها الألفا"……