السلام عليكم ورحمة الله
____________
داميان
تجمد تفكيري لما قالته بصوتها الهامس المرتعش؟
كيف لهذه الصغيرة ان تتسبب بقتل أحد أفراد القطيع؟
كيف وهي بهذه الرقة واللطافة؟
هل ربما دافع عنها وقُتل؟
هذا الشيء الوحيد الذي قد يخطر في بالي..
شعرت بقلبي يبكي لأجلها فقد بدت متخوفة لردة فعلي ومع ذلك أعجبني قرارها بالتحدث بصراحة.. ربما تريد أن تحدد علاقتنا منذ البداية..
فقد ارفضها او احاكمها..
لكنها رفيقتي.. وهذا مستبعد كلياً طبعاً..
قالت بصوتها الهاديء ببحته الموسيقية..
"كل ما فهمته من والدي حينها انه ارتعب من ان يطالب باعدامي.. كنت بالثامنة فقط لم أعلم إلى ما دفعني لفعله او سببه؟
لكنني اعلم ان ما حدث جريمة فلا يجب أن نؤذي الناس دون سبب..."
شعور صادق بالذنب غزاني من صوتها.. شعورها وصلني عبر الرابطة..
هجائني يريدون مني مواساتها وإيقاف اسألتي التي تسبب لها الحزن..
*خذها بين ذراعيك داميان.. رفيقتنا تحتاجنا.."
قال دان الجني حزنا على جوزفين.. لان موقفها لشرح ما حدث معها ليس بهين.. فقد كانت صغيرة حينها..
قلت له بجمود..
*نحن في صدد معرفة ما يحزنها.. وان اخذتها بين ذراعي سأنسى ما نتحدث عنه..*
لملمت شتات مشاعري وابعدت هجائني لافهم ما تريد ايصاله لي لأنه غير مترابط بالنسبة لي..
كما اريد منها ان تخبرني بكل ما يحزنها ويقلقها لأعلم كيف اواسيها واداوي جراحها..
بعد التفكير..
لم أفهم كيف لعمي ان يعظم الأمر ويرحل هكذا... كان يجب ان يبقى ويعمل على تسوية ما...
في النهاية لقد كانت جوزفين طفلة..
لحظة هل قالت لا تعلم لما دفعها؟
"من الذي دفعك لذلك؟
عمي آدم؟"
هزت رأسها برفض قاطع تجيب بسرعة..
"كلا... بالطبع لن يكون ابي..
انه جدي روفوس.."
قطبت جبيني بتعجب..
"جدي!؟"
كل ما اعرفه عن جدي انه على خلاف مع جدي فابيان لكن لماذا ولأي سبب لا أعلم.. لكنه كان جيد بما يكفي معي ومع والدتي.. او ربما كان يتظاهر بذلك أمام ملك المستذئبين جدي فابيان..
في النهاية انا كنت طفلا أيضاً..
اعتدلت جالسا وكتفت ذراعي على صدري اأمرها بحدة..
"ما رأيك أن تخبريني بالتفصيل من البداية.. هذه المقاطع لا أفهم منها شيء.."
نظرت لي لبرهة ثم وقفت واقتربت لتقف أمامي مباشرة..
بدا كأنني أرى ببطء ما تفعله..
احاطت وجهي بكفيها لمستها اذهبت بعقلي.. ولتحيط بي رائحتها بقوة وهذا اكثر من كافٍ ليثير هجائني ويبعثر مشاعري..
تلاقت عيني القاتمة بخاصتها المتعبة لدرجة غلب الأسود على الفضة...
"لتفهم ما اريد قوله عليك رؤيته.."
وضعت جبينها على جبيني..
استنشقت عطر أنفاسها..
وبلحظة شعرت بغشاء ضبابي يغلف نظري وأشعر بروحي تقف بحيرة وسط الظلام.. حتي بدأت أرى بوضوح جدي روفوس يجلس على عرشه الذهبي يلاعب طفلة الرابعة تقريباً جميلة يحضنها بين يديه كأنها كنز ثمين...
"فتاتي الجميلة قولي لذلك الوحش ان ينحني لي فأنا جدك الملك.."
قال بسرور وابتسامة على وجهه..
ادرت رأسي حيث صبي صغير شعره يغطي وجهه المنحني للأمام أنفاسه متثاقلة كأنه خاض سباق لعدة ساعات وهو مقيد بسلاسل الذهب المخلوط بعدة معادن.. وقد عرفت انها مغمسة بسحر اسود يمنعه من المقاومة.. كما عرفت من يكون!
"جدي انه ليس وحش انه ظلامي لطيف..
تاينوس اسمع ما يقوله جدي..
انه الملك.. انحني احتراما له.."
قالت بصوت لطيف ببراءة.. انه صوتها الطفولي الذي يسحر ايا كان لأمره..
لعجبي رأيت تاينوس الظلامي بكل هيبته يركع لروفوس.. ولم يفوتني انه غصبا عنه..
ضحك حينها روفوس بسعادة لتضحك معه الطفلة.. لكن نظرة الظلامي المهان لجدي تتوعد بالويل..
"اميرتي انتي جوهرة نادرة.. هل رأيت كيف تطيعك وتحبك الوحوش بأنواعها..
لأنكِ المعجزة.."
فجأة قاطعهم حضور ايف.. مما آثار امتعاض روفوس وترك الصغيرة لتجري لحضن والدتها..
من اول نظرة فهمت ايف ما يحدث لذا فكت سحر جدي عن تاينوس ذو الحادية عشرة وطلبت برقة من جوزفين..
"جوزفين حبيبتي اخبري صديقك الصغير ان يعود لعالمه بسلام.."
اومأت جوزفين لوالدتها بابتسامة مشرقة وجهتها لتاينوس وذراعيها مفتوحة إليه.. اقترب يحملها بين ذراعيه بكل ود..
"تاينوس لابد أنك اشتقت لعائلتك اذهب الان وكن بخير اعتذر لأنني ابقيتك معي هنا.."
ضمته وقبلت رأسه بحنان..
"انا بأمرك اميرتي.."
قال تاينوس بصوته العميق ونظرته القاتلة موجهة لروفوس المتجهم الوجه خلفها..
أعادها لوالدتها التي تنظر باعتذار له قائلاً..
"ليس ذنبك أميرة ايف.. لا تهتمي.."
اخذ يغوص تحت الارض ببطء وعينيه على روفوس بقهر وقبل ان يختفي قال متوعداً..
"سوف نلتقي يوما روفوس.."
شخر روفوس ساخرا يرفع رأسه له بتحدي حتى اختفى تاينوس..
قالت ايف بلطف يتضمن الحدة..
"لا أقبل ما تفعله بابنتي ملك روفوس.."
أجاب بعجرفة بينما يضع رجل على رجل بغرور ويسند ذراعيه على مسندي عرشه..
"انها حفيدتي أيضا.. وهذه القدرة مع جوزفين تخدمنا كي نبقى الأقوى.."
"اي قوة تبحث عنها روفوس؟
انت ملك ولديك شعب ينتظر اهتمامك ليكون كل شيء بخير.. وهذا اسمي ما يجب أن تفكر به.."
مع اختفاء صوت ايف الغاضب انتقلنا لذكرى أخرى..
كانت جوزفين اكبر بقليل وتلعب في الغابة مع الحيوانات وتتحدث معهم كأنها تفهمهم .. تجري وتقفز وتحمل بعضهم على اكتافها بكل حنان..
فجاة هربوا خوفا لوقوف روفوس بجانبها ليهمس في اذنها..
" انظري لذلك الذئب الجميل ما رأيك أن تناديه وتلعبي معه قليلاً.. يبدوا ان لا أصدقاء له لكونه ضخم جدا.."
التفتت تنظر حيث أشار جدي.. ابتسمت له بحب شع في عينيها..
هنا شعرت بالزمن يتوقف لديً انه ذئب جدي فابيان... اي حيلة يتبعها الان ذلك الخبيث.. جدي وحيد وبلا أصدقاء.. انه الالفا..!
نادته برقة بصوتها السحري..
"مرحبا.. تعال اليّ ذئبي الجميل.."
وكالمشتاق هرع إليها الذئب البني بجسده الضخم ومسح برأسه معدتها وصدرها ولعق وجهها بينما تداعبه بكلمات حنونة وبدت كمن تتحدث معه.. وللعجب انا افهم ما يدور بينهم..
جوزفين..
"ما اسم ذئبي الضخم القوي؟"
الذئب..
"انا فينس ذئب فابيان.."
جوزفين بتفكير..
"اعرف شخص بنفس الاسم.. فابيان اسم رائع وكذلك فينس..
انا جوزفين ابنة آدم وايف.."
فينس..
"لقد عرفتك أميرة جوزفين قدرتك مذهلة.. ولطيفة جدا.."
رفع الذئب رأسه فجأة كمن يلتقط رائحة او يسمع صوت..
ولم يكد يلتفت حتى أحاط بعنقه طوق من زهرة خانق الذئاب..
اخذ يتلوى كي يسقطها عن رأسه لكنه لم يستطع فاخذ يضعف وصوته يخفت شيئا فشيئا..
" أميرة.. جوز.. فين.. انز.. عي.. الطو.. ق عني.."
قال بانفاس متقطعة..
سكن جسده على الأرض والاميرة شعرت بالخوف عليه.. هرعت اليه تريد نزع الطوق لكن روفوس اوقفها بسحره وربطها بشجرة قريبة..
أصيبت جوزفين بالذهول فنادت جدها وهي تحاول الافلات من الجدائل الخضراء حولها..
"جدي ماذا تفعل.. دعني اساعد الذئب انه يتألم.."
جلجلت ضحكة روفوس في الغابة وقال سعيدا بإنجاز..
"لن اسمع ما تقولينه.."
وأشار لاذنه بسبابته وأضاف..
"لقد صممت اذني عن السمع بسحري.. لن تمنعيني من هذه المتعة التي انتظرتها منذ منعت سيلين سحرنا عن الذئاب النتنة.."
ضحك لصدمة حفيدته بما يفعل لكنه تجاهلها واقترب من الذئب الذي عاد لشكله البشري..
بدا رجل في بداية عقده الثالث بشعره الأسود القاتم وعينيه الخضراء كغابة نظرة بطبيعتها..
بشرته القريبة من السمرة اقتمت لانحباس الدم في وجهه..
كانت جوزفين تصرخ في روفوس الذي كان يتراقص فرحا حول جسد جدي.. دون أن يدير لها طرفا فهو لا يسمعها...
كان يركله ويلكمه ضاحكا حتى استل سيف المبارزة المرن الذي يبدوا كالابرة.. وبدا واضحا لي انه مسموم..
قال روفوس بغيض وحقد دفين..
"كيف سوف تخرج نفسك من هذا الفخ فابيان.. أرني ما بإمكان الوحش بداخلك فعله..."
توقف ليصرخ بأعلى صوته لينفر جميع الحيوانات التي تشاهد وتلتف حول جوزفين وبعضهم كان يحاول فك الحبال من جدائل الشجر دون جدوى لأنها تعود للتجدد وتضغط على جوزفين حتى شحب لونها...
"نحن وحوش فابيان ويمكننا حكم العالم ليس لنختبئ ونضع السيادة بين يدي البشر الضعفاء..
وانت ماذا فعلت؟
وحدت بين الفصائل كقوة واحدة واختبأت عن البشر كجرذ خائف.."
كيف يعقل ان مقتل جدي المستذئب كان على يد جدي الجني؟
طريقة قتله الغامضة اشهدها الان بعيني.. هذا فعلا امر صادم..
جوزفين تعتقد انها السبب بمقتله لكنها طفلة بريئة تم التلاعب بها بقسوة من قبل جدها.. طفلة خائفة ومع ذلك تحاول فك قيدها لتمنع الاذى عن جدي رغم ألمها..
شعرت بألم الطعنة الأولى التي غرزها روفوس في ظهر جدي فابيان ليتلوي يمنة ويسري حتي إستلقي على ظهره يشهق بألم..
همس له قائلا بصوت متقطع الماً.. ويديه تحاول أن تدفع عنه طوق النبته لكنه مثبت بسحر روفوس..
"كيفـ.. أمكنـ.. ـك.. تستــ.. ـغـل.. حفيـ.. دتك.."
وبما ان الاخر صم اذنه ليستمتع بقتل الالفا اقترب منه مرة أخرى وطعنه في خاصرته جهة اليمين وتعمق بغرز سيفه حتى أخرجه من ظهره..
كان داميان ينظر لجده يشهق بانفاسه دون مقاومة وقلبه يتقطع لاجله..
ابتسم جدي حين سحب روفوس سيفه بسرعة بدت مؤلمة..
" سيــلـ..يـــن.. سـو.. ف.. تـنــتــ.. قــم لي.."
ضحك روفوس بجنون وهو يغرز السيف في جانب قلبه وقال بعجرفة..
"كل ما أريده هو موتك.. ألفا فابيان بلاكين..
لتتكفل السماء بوصيتك الأخيرة عزيزي.."
وسحب سيفه ببطء معذب هذه المرة وأعاده في قلبه مباشرةً..
حاول الالفا ان يدخل الهواء لرئتيه لكنه لم يستطع..
أدار رأسه حيث جوزفين الباكية وصوتها العذب يتوسل لاجله بلا حول ولا قوة...
صرخت بأعلى صوتها بيأس حين شعرت بنهاية الالفا..
" امــي.. أبــــي.."
سمعت صوت جدي يتحدث لجوزفين عبر التخاطر..
"لا تلومي نفسك يا ابنتي.. فقط لا تضلي الطريق وتتبعي اهواء جدك انه فاسق قاتل.."
وعاد بطرفه لروفوس الذي اخذ يسحب سيفه ببطء وأعاده بقوة اكبر ليحفر ثقب قاتل في قلبه انهت حياة الالفا للأبد..
صرخت معترضا لما اراه..
موت جدي الغامض رأيته بأم عيني بطريقة لم أتوقعها..
كنت أحاول الحؤول بينهم ومنع روفوس من غرز سيفه المسموم بقلب جدي فابيان.. غضبت لعجزي ومنع ما يحدث من روفوس.. صدمتي بما فعله برفيقتي وجدي معا...
جعلني اصرخ متألماً كما لو ان جدي قتل الآن..
" لاااااا.. جدي.."
عيني ذرفت الدموع تترجم مشاعري العاجزة..
كيف لجدي روفوس ان يقتل جدي فابيان..
جدي.. أنهما جداي اعز من أحببت في عائلتي..
كان لردة فعلي الغاضبة وعينيي الباكية منظر رهيب لجوزفين.. بدا الارتباك والحزن عميقا في عينيها.. بينما تسأل هامسة بخوف..
"جدك؟.."
نظرت لها بحرقة قلبي على جدي فابيان اشعر بهلعها.. امسكت معصميها بقسوة اهتف بها صارخا..
"انه جدي ذلك الذئب... انه جدي الالفا فابيان..
لماذا قتله؟
اخبريني لماذا؟"
هزت رأسها مرتعبة من غضبي وهي تشاركني البكاء..
"لا أعلم.. والدي لم يخبرني اي شيء.."
اضافت بحنان وأسف...
"أنا أعتذر.. ليتني لم اخلق بهذه القدرة... ليت جدي قتلني بدلا من والدتي.. ليته فعل.."
ركعت أمامي تتأوه لانتبه لمعصميها الرقيقين في يدي.. أكاد اكسرهما.. افلت معصميها لاشد شعري وقلبي ينزف ألماً.. ألمها وألمي..
صورتها مقيدة تبكي وتصرخ بعجز معترضة على جريمة روفوس يبرئها تماما.. كانت طفلة ضئيلة الحجم ضعيفة القوى...
أمسكت بذراعيها ورفعتها قربتها من جسدي وضممتها لصدري.. كرهت رؤية دموعها فاخفيت وجهها في عنقي لاهنأ براحة عجيبة لا توصف..
كيف تتمني الموت وتتركني..
"انا اسفة.. لم أعرف من يكون كذئب كل ما عرفته ان والدي كان مرعوبا ووالدتي اصرت ان يبعدوني عن المملكة حتى لا يطالب بدمي وتقام حرب على مملكة جدي ليذهب ضحيتها الشعب البريء.. آسفة داميان كان يجب أن احاكم بذنبي.."
سمعتها تعتذر وتبرر وهذا جعلني انتبه بأن اي انفعال ابديه قد يجعلها تتألم وألمها يؤلمني ..
"هششش.. لا ذنب لكي فيما حدث كنتي طفلة انا أتفهم الأمر..
انا فقط غاضب لما فعله روفوس بجدي.. غاضب لانه وقف معي وواساني بموته وهو من قتله.. غاضب منه الان اكثر لاستغلال طفلة تكون حفيدته وجعلها ترى جريمته.. غاضب لان رفيقتي مرت بكل هذا وكنت بعيد.."
ابعدتها قليلا لأنظر في عينيها الدافئتين الدامعتين..
"جدي فابيان كان يعني الكثير لي.. كان كالاب والصديق.. كنت دائما ما التصق به لقد افتقدته كثيرا.. وطريقة قتله ومن قاتله صدمتني لكنني لا ألومك ابدا..."
اجلستها على فخدي ولازلت احتويها بين ذراعي..
عينيها المبتلة بدموعها نظرت لي بدهشة وخجل.. بشرتها الوردية تبهجني.. لست بموقع ان انسى ما رأيته من ذكرياتها...
لكن قربها يشعرني بالسلام والهدوء..
كانت لدي النية لحفر قبر جدي روفوس والتمثيل به كما فعل بجدي فابيان.. لكنها ابعدت تفكيري في اتجاه آخر..
ضممتها لصدري بحب فكان احساسي بأنفاسها على عنقي يثير غريزتي.. مسحت خدي على خدها حتى لثمتها برقة خلف اذنها.. شعرت برجفتها وزفرتها المثيرة على عنقي..
لم أستطع منع نفسي حينها عن تقبيل شفتيها.. فرفعت رأسها لأخذ شفتيها في قبلة جعلتني اجن لنعومة شفتيها..
قبل أن اطور القبلة دفعتني من صدري بيدها الصغيرة ووقفت بعجل تضع مسافة متر بيننا بوجنتين كالطماطم وجبين مقطب..
قالت وهي تنظر في كل مكان الا لي..
"أنا.. انا يجب.. انا ذاهبة للنوم.."
ركضت هاربة من غرفة الطعام وصوت خطواتها تتسابق على السلم..
هل دفعتني عنها وهربت فعلاً..؟
رفيقتي الخجولة سوف احتاج تعليمها كيف تكون جريئة معي..
---------------------
جورج مالون
لا أحد قد يدرك مبلغ سروري بعودة جوزفين ولا ذهولي بمعرفة انها ساحرة.. رؤية اشراقتها ذات الهالة المتفردة باللطف والصوت المخملي الحنون كان مفاجئة جميلة جدا..
كنت سعيدا بالعودة للمجموعة اخيراً.. لازال الأمر مؤلم العودة للمنزل الذي عشت به مع رفيقتي عمرا طويلا..
رؤية خيالها في كل زاوية يحزن ويسعد قلبي بنفس الوقت..
لدى دخولي القطيع الكثير سألوني عن اللونا وأمر وجودها.. هل هي إشاعة ام حقيقة..
بسعادة أكدت لهم ان حفل تتويج اللونا سيكون قريب جدا.. لتتهلل وجوه وتمتعض أخرى...
ما حدث خارج مبنى المجلس مدهش.. غيرة داميان من الجاكوار بدت ممتعة..
اخيرا ذلك الجبل البارد ظهر من هز قلبه..
والأكثر متعة انحناء نواه بأمر من جوزفين..
"هناك من يبتسم بسعادة مع نفسه.."
ادرت رأسي حيث تقف دانا بالباب..
ضحكت بسعادة ونهضت من خلف المكتب الخاص بي..
"هل تصدقين ما حدث؟
جوزفين ابنة الأمير آدم..
جوزفين ساحرة..
هي الأميرة ابنة الأميرة ايف..
والخبر المفرح لقلبي انها اللونا..
لا أعلم لماذا لكن بداخلي لم أرد غيرها لونا.."
تمتمت دانا عابسة..
"وانا ايضا فوجئت حين رأيتها صباحاً.. بدت رائعة الجمال لطيفة جدا مع حيوانات الغابة الصغار.. وأكثر ما افزعني ذلك المومو.."
ضحكت من قلبها وأضافت..
" كاد قلبي يتوقف حين رمت نفسها عليه تحتضنه.. وذلك النسر هو من اخبرها بحاجة الالفا لها في المجلس هل تصدق انها تتحدث مع الحيوانات؟ أحببت هبتها كثيرا..
لكنني الآن مستاءة لأنني لم أعلم حتى الآن كيف حدث ذلك فقد تحولت من بشرية لاميرة ساحرة.."
نقرت جبهتها المنبعجة باستياء.. تأوهت لكني تجاهلتها وقلت..
"سوف يكون لديكي الوقت لاكتشاف ما تريدين..
لقد امر الالفا بتحضير منزله الذي اعده لزواجه فوق التلة المشرفة على القطيع والحدود.. ذلك يعني ان جوزفين ستعيش في القطيع معنا.. "
ابتسمت بحزن..
" هي تستحق ان تكون بين عائلة وتستحق السعادة.. لدي شعور انها حتى قبل ختم ذكرياتها وقواها كانت غير سعيدة.."
"انتي محقة.. والدها أمير وكذلك والدتها لأي شيء سيتركون الحياة المرفهة في مملكتهم ويعيشون بوضع مادي صعب بين البشر؟
حتى ان مرض والدها غريب.. انه جني متميز في قوته وسحره لابد أنه استنفذ قوته بموت رفيقته وحماية الأميرة.."
دانا بحزن..
"بالتأكيد ما حدث ليس بالأمر الهين على عمي آدم كان سعيد بانني صديقة لجوزفين لا شك انه أدرك اني مستذئبة.."
"حسناً.. بما انها استعادت كل ذكرياتها وقوتها السحرية لابد أن الأمر إنتهى.. "
قلت بينما افكر واتمني ان يكون سبب رحيلهم لم يعد له وجود..
تبادلنا نظرة قلقة لنقول معا..
" آمل ذلك.."
___________
جوزفين
كيف تجرأت واقتربت منه هكذا..؟
منذ متى أصبحت منحرفة تهوى الالتصاق بالرجال؟
يا إلهي كيف سينظر لي الان؟
لقد تجاوبت معه بل كان جسدي مستمتع بين يديه..
كلما اتذكر احتضانه لي وقبلته احترق حرجاً وقلبي يقرع كالطبول..
لكنه وسيم بل فاتن الملامح قلبي يذوب لدى رؤيته فقط فكيف به حين يلمسني.. وهجائنه الذين يقدسون كل ما بي أجده امر محرج وبنفس الوقت يعجبني جدا..
حسنا جوزفين ركزي في أمر اخر.. ما الذي اردتي فعله ما ان تعودي للبيت؟
نظرت حولي بالمكان لالمح الكتاب..
تذكرت الليالي التي كان والدي يجلس أمامي ويكتب به خاصةً حين يزداد مرضه..
امسكته بين يدي استنشق رائحته لاشعر بدموعي تحرق جفني.. توجع قلبي لفقدان والدي..
ولما مر بنا بسبب ما منحتني اياه سيلين.. هل اعطتني هذه القدرات لتمتحنني ام لتجعلني اخسر عائلتي؟
شعرت بقدوم داميان لامسح دموعي قبل دخوله..
دون أن يطرق الباب دخل وتقدم ليقف أمامي دون كلمة.. رفعت رأسي لتلتقي عيني بخاصته لأرى العشق بها..
هل احبني بهذه السرعة فعلآ..
أتفهم ان الرابطة ستدفعه اليّ.. حسنا والداي خير مثال فقد كانا هكذا وأكثر..
ركع أمامي قائلاً بلطف وحدة معاً..
"لا حبيبتي لا للدموع بعد الآن..
اي امر يقلقك او يحزنك تخبريني به.."
أحاط وجنتي بكفيه الدافئين وأضاف..
"اتفقنا..؟"
وضعت يدي على كفه اليمنى وملت قليلا عليها..
"كلامك اللطيف وحده يجعلني ابكي من السعادة.. انت من تبقى لي من عائلتي.."
ابتسمت له من بين دموعي لأرى عينيه تشع بنور الشمس الذهبي.. تمتم هامساً..
"سأبقي بجانبك دائما أميرتي.."
اعلم كم هجائنه ثائرين لأخذ السيطرة منه.. لذا غيرت الموضوع..
ابعدت يديه عني بلطف واشرت للكتاب اقول والحسرة في قلبي..
"هذا كتاب والدي ترك لي به الكثير كان يكتب فيه حتى آخر يوم في حياته.."
جلس بجانبي ينظر للكراسة وقال..
" لقد تصفحتها من قبل ليس بها شيء.. هل تفتح لك بسحر ما؟
مع اني لم استشعر اي سحر بها قبلا.."
ابتسمت وقلت ضاحكة..
"بل بكلمة مرور.."
فتحت اول الصفحات لاقول..
"أميرة السحرة والجن."
بلغة الجن القديمة..
ذهل داميان لنطقي بلغة الجن وايضا لتضخم الكتاب بين يدي..
فتحته أمامه من حيث توقفت وقرأنا معا اول الأسطر بصدمة كبيرة..
( صغيرتي بما انه تم فك الختم سوف ينهض ابي روفوس من سباته ايضاً لأننا قمنا بتعويذة مضاعفة لحبسه في عالم النسيان وختم قدرتك وذاكرتك معاَ..)
جمدتنا الدهشة معا قائلين..
"ماذا؟
جدي روفوس ليس ميت؟!"
نظرنا لبعضنا بغير تصديق ثم اعدت عيني للكتاب لاستمر بالقراءة..
(ولا بد انه الان علم بكل ما جرى له وبأني انا من فعلها مع ايف..
اذهبي لعمك بلاكين اعطيه الكتاب حتى يصدق من تكونين..
واخبريه بأن والدنا من قتل الالفا فابيان وأراد قتل ملك مصاصي الدماء أيضا الذي يكون والد رفيقة اخي بلاكين.. وأننا هربنا بكى حيث لا نمكنه من فعلها لأنها ستجلب الحرب علينا..
انا وعمك لم نوافق على جبروت ابي ولن نقبل به.. لتعلمي ان ابي تغير بعد أن رحل اخي لمملكة المستذئبين وفضلهم على مملكته.. لهذا بقدرتك النادرة وجد انه يمكنه السيطرة على من يشاء.. لكن لم نكن نتوقع ان يصل الأمر للقتل..
ابنتي انتي ولدتي بهبة عظيمة بمباركة الحاكمة سيلين..
وقد جعلتكي ملكة على فصائل الخوارق كافةً إضافة للحيوانات...
وبيدك اخضاعهم لحكمك ما ان تطلقي هالتكِ المتميزة...
هذا ما خرجت به من كتب مملكة العنقاوات السرية قبل الحرب..)
التفت لانظر لداميان بصدمة.. لا أفهم لماذا اختارتني سيلين ملكة على الجميع.. والذي لا أفهمه ولم اتقبله بداخلي هو كيف لوالدي ان يفعل ذلك بنا.. كيف قبلت والدتي ان تفعلها معه؟ هل كانت والدتي لتبقى على قيد الحياة لولا الختم...؟
هذا يعني ان التعويذة انهت حياتها حقا فهي تتطلب روح تقف في المنتصف لفعلها.. لوهب ما تبقى من سحرها وطاقتها لي.. ولحبس روفوس بعالم النسيان..
هل كان ذلك خيارهما الاخير.. والدي حبيبي عاش مع بؤسه وحزنه على والدتي نظراته الحنونة لي كانت تشمل والدتي التي ختمها معي.. أشعر بقلبي ينفطر حزنا ودمعتي تغالب جفوني لتنتصر وتنهمر اكثر واكثر..
قال داميان يشد قبضته على ركبتيه بغضب بينما ينظر لي ابكي بعجز..
" روفوس مازال على قيد الحياة؟ تبا له من قاتل.. لن اعترف به كجد لي أبداً بعد الان..
سوف انتقم منه لكل ما فعله بعائلتنا.. أعدك جوزفين.."
__________
روبن
حياتي كانت سعيدة حين كنت طفلاً.. جدي الملك روفوس كان يدللني اكثر من اي شخص من احفاده.. طبعا غير الصغيرة جوزفين التي كانت صديقة طفولتي..
اخي ويس مغرور متكبر ذكي وغيور جدا خاصة من ابن عمي داميان.. وانا بعد أن ذهب جدي في سبات عاملني بسوء كخادم له وإلا كان العقاب مصيري..
كنت اتمرن ليل نهار لاضخم جسدي الضئيل واكل كثيرا لكن لم يغير ذلك بي شيئاً..
او فلنقل شيئا ما.. لقد أصبحت أقوى جسدياً.. ودرست بجد لاتقن تعاويذ السحرة قبل الجن.. فنحن كفصيلة الجن او السحرة نكبر بقوانا ذاتياً.. وقد فضل الملوك ان ننميها بالتمرين والدراسة...
اليوم وصلني خبر افرحني من اخي.. لذا ما ان وصلت للقصر سرت بعجلة لمكتب اخي لاقتحمه بقوة صارخاً..
"هل ما سمعته صحيح؟
هل استيقظ حقاً..؟"
" ايها الجني الغبي.. همجي احمق.."
تفاديت ما القاه أخي في وجهي وتقدمت امام مكتبه بلا مبالاة لغضبه من اقتحامي للمكتب بهذا الشكل..
" اجبني.... "
أصررت عليه بحدة.. وانا اميل بجسدي ويديّ تشتد في قبضة..
نظر لي أخي ممتعضا ثم ابتسم بخفة كعادته..
اخي الوسيم بملامحه المتكبرة أعين خضراء وانف شامخ كان مستقيم قبل أن يكسره له داميان ذات يوم.. وفم واسع بشفاه رفيعة..
"اجل ايها المدلل.."
رده المستفز جمدني بمكاني لاقف باستقامة والذهول يعتلي ملامحي وتحولت تدريجيا لسعادة أشرقت بها عيناي الفيروزية لأقفز ببهجة عارمة ارفع يدي للأعلى..
"يااااا.."
نظرت لاخي الذي مالت شفتيه بابتسامة لطيفة..
"لابد أنه في حالة صدمة.. سأذهب لرؤيته.."
قبل أن استدير مندفعا صرخ بي ويس..
"انتظر.."
نهض ويس من مقعده واستدار حول المكتب وضع ذراعه حول كتفي وسار بي لخارج المكتب بصمت دون أن يفسر لي كالعادة.. حتى وصلنا لغرفة كبيرة مزخرفة ببذخ من الصور والازدهار في كل زاوية والألوان المشرقة للأثاث..
حتى طاولة الطعام التي تتوسط الغرفة رخامية بيضاء... كل هذا لم يعد يلفت انتباهي لانه لا يعجبني اساسا..
"سوف يأتي لتناول العشاء الان لننتظره.."
قال ويس بلطف.. اخيرا..
شعرت بالقلق حين لم يسمح لي ويس بالذهاب لرؤيته بجناحه..
"هل هو بخير؟"
ابتسم ويس بنفس لطفه المعهود..
"بأفضل حال.. أخبرني الان..
هل اوصلت خبر زواج داميان المزيف لدالتون؟"
"مزيف..؟"
تمتمت هامسا بعينين ضيقة..
يعلم جيدا ان الزواج لا يبت للزيف بصلة.. لكن خبر اختفائها جعله يفكر بخطة جديدة..
كم هو خبيث.. انه نسخة مصغرة من جدي وهو من واصل بالتسبب بالمشاكل لمجموعة ابن عمي المستذئبين.. ويدفعني في المقدمة وهو يخرج منها ببراءة..
حتى مشكلة الشركات وتعريضهم للافلاس وتعمده ان يعقد الأمور على داميان حتى وصل لظهور الوصية المزيفة التي ابتدعها واستغل سبات جدي واخذ ختمه..
يعلم كم هي مهمة الشركات لداميان لأن الملك فابيان اسسها مع ملك مصاصي الدماء وملك الجن والسايرين والتنانين وغيرهم..
أرادوا تواصل اجتماعي بالبشر لمصلحة شعوبهم حتى تجاري العصر الحديث بكل متطلباته الدنيوية..
وكان الأمر ناجحا حتى قتل الالفا الملك بطريقة غامضة في الغابة...
لتتحول مسؤولية الأعمال لعمي بلاكين ليخلفوها لابنهم داميان حين يكبر..
اجبته بامتعاض..
"تعلم انني فعلت.."
انا اعلم انه يضع من يراقبني ومن يراقب رجال المجلس..
جلست في احد المقاعد انتظر بملل ظهور جدي لست أرغب بسماع رد لطيف اخر من ويس.. اعلم انه لا يهتم لي وما سعادتي بعودة جدي الا يأسا بوجود من يحبني ويهتم بي..
"انظروا من أصبح شابا..
الصغير روبن.."
لدى سماع صوته الجهوري الخشن توسعت ابتسامتي..
"جدي...."
_______________
نهاية البارت.. 💞
لستم مجبرين لوضع تعليق
نجمة تكفى 🙈