من قريت الشعر و انتي اعذبه

By HaboOoshy

1.1M 10.2K 4.5K

من قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة 🍃🌺🍃 .. للكاتبة : فاطمة صالح تجميع : storykaligi More

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
40

39

22.9K 210 125
By HaboOoshy



أبتسمت بوجع الجادل وهي تشد على طرف الشيلة بكل قوتها وهي تناظر لنسيم وبعيونها لمعة .. لدرجة إن نسيم فزت من مكانها بخوف وجلست قدامها : تحسين بوجع ؟
هزت رأسها بإيجاب وهي تغمض عيونها بكل قوة .. وهنا عرفت نسيم إن الوقت حان .. وفي أسوء توقِيت ..!
ولا ألتفتو كلهم إلا على شهقة بشرى اللي كانت تتهاوش مع ضحى كالعادة ولكنها من سمعت كلمة نسيم قال : الجـادل بتولد بقمة جبل !
لحظات قلِيلة .. كانت قادرة بنفض كُل من بالمجلس ..
ولأن جلسة الرجال كانت بعيدة عنهم ماقدرو يسمعون إنتفاضتهم !
حكمة اللي وقفت وهي تتكأ على عصاتها : قلت لكم .. قلت لكم يابني كهنة (يادلوعات) هالجبال كبيرة عليكم مهيّب هينة .. ظهوركم بالبلاء ما تحملون .. وإلا غصب أنتو الصح .. ذلحين علموني من اللي بيولدها ؟
قالت سحابة بخوف : وش نولدها ياجدة ؟ خلينا نناديهم نلحق نوديها المستشفى !
رحمة هزت رأسها بالنفي وهي تناظر للجادل : ماراح نلحق .. من وجهها واضح ولادتها قريبة .. وإن راحت بتولد وهي تنزل من طريق السودة وفي السيارة .. تولد هنا أبرك لها
إشتدت صرخات الجادل لدرجة إنها صارت تبكي بلا وعي من شدة الوجع وحياة ومنى شادين على يدها ويبكون معها بخوف
بينما المزن متوترة .. قالت نسيم : ليه واقفين بمكاننا ؟ تحركو إدعو عبدالعزيز يأخذها
حكمة قالت وهي تتقدم للجادل : إن درو الرجال ماراح يزيدون إلا الطين بله .. جيتها هنا من أساسها غلط وقدني دارية إنه بيصير فيها كذا مير إلا تسوون اللي في رؤوسكم.. وإن رجعت وهي في ذي الحالة وعلى ذا الطريق عز الله ضاع الخليفة
المزن اللي كانت تبكي مع الجادل قالت : أجل وش نسوي ياعمة ؟ الوضع كايد
حكمة اللي ولأول مرة تنطق كلمة "يابنتي " للمزن واللي بسببها ذُهلت رغم صدمتها : إسمعي يا بنتي .. الوضع مهب سهل .. ولكن ماهيب أول مرة أحضر ولادة مرة ..
ألتفتت لأم سعد وقالت : و صفيّة مهيب أول مرة تولد مرة!
إنفجعت صفية واللي كانت أكثر شخص متوتر كون الجادل بمنزلة بنتها .. وصرخاتها كانت تربكها .. لا تختلف مع حكمة بكلامها وفعلاً ولادة صُهيب وأخوه الصغير كانت على يدينها بسبب عدم مقدرة أمهم على التحمل إكثر .. ولكن ولادة ولد الشيخ .. وبقمة جبل وفجأة بدون ترتيب ؟
كان شيء غير تماماً عن اللي تعودت عليه
إشتد وجع الجادل وبدأت تستنجد والأنظار موجهه لـ أم سعد .. كانت خايفة ومتوترة ولاهي بس .. الجو كان مشحون بالقلق والإرتباك والصراخ اللي غاب عن حِس الرجال بسبب عود سند اللي صوته عالي ولكن لأنها كانت تبي ينتهي وجع الجادل .. رفعت أكمامها وهي تِشمرها .. ومشت بإتجاه الجادل وهي تِسحب المركى .. بعدته عنها وطلبت منها يحطون شيء تحت رأسها .. فسخت وصايف الفروة من على كتوفها وحطت تحت رأس الجادل .. وبعدها طلبت منهم يحطُون شيء تعض عليه عشان ما تتوجع أسنانها وفعلاً فسخت رحمة شيِلتها وتركتها بفم الجادل اللي أنكتم صوتها
ماكانت بحاجة لأدوات كثير ولا كانت بحاجة للشيء الكبير ..
بوسط الفوضى الكبيرة والصراخ وجو التوتر .. وحكمة اللي كانت تهاوش وبشرى اللي تبكي مع حياة ومنى ووصايف اللي واقفة مع رحمة جنب جنبهم بعيدين أتم البعد عن صفية اللي جلست قدام الجادل
والمزن اللي كانت واقفة على رأسها وتهديّها وتمسح جبهتها من العرق .. أما نسيم كانت واقفة على جنب مع ضحى وورد وتدعي من كل قلبها يعديّ الموقف على خير !
لحظات معدودة .. أطلقت فيها الجادل صرخة مكتومة من شدة وجعها ظنّت إن روحها بتخرج من جسدها .. وبسبب هالصرخة إندفع الجنين بشكل كُلي .. وأنسمع صوت بكاءه بأنحاء المكان وسط صدمة وذُهول كل من بالمكان وأولهم أم سعد اللي تجمدت مكانها وبقت مذهولة والهيّثم بيدينها
ولا وعت إلا بسبب أصواتهم العالية اللي رجعتها للرشاد .. كانت تناظر بقمطة وكأنها أول مرة تتبرع وتوّلد أحد .. ولكنها فعلاً أول مرة تشهد خروج طفل بكل خِفة .. كانت غافلة تماماً عن تسعة أشهر قضتها الجادل تتقلب ما بين دعاء وآية وما بين قِيام وذكر بإن الله ييسر ولادتها ويجعلها برد وسلام عليها .. ومثل ماكلنا ندري ما تواجد الدعاء بشيء إلا وتيّسر .. أستعادت وعيها الكُلي وبدأت تتذكر خطُوات الولادة بعد خروج الطفل .. بدأت تصرخ عليهم يوفرون لها الأشياء اللي تحتاجها ويدبرونها من تحت الأرض من مقص عشان تقُص المشيمة .. لخيط لأجل تربط السر .. لمنشفة نظيفة لأجل يبقى الهيثم فيها .. ولسبب يجهلونه كان كل شيء متوفر داخل حدود هالمخيم !
وبينما بدأ الكل يستعيد توزانه .. ويرجعون لوضعهم الطبيعي بعد هالموقف اللي أهلكهم وأستنزفهم كل طاقتهم إبتداءً من الجادل اللي من حطو الهيثّم بحضنها حتى بكت وهي تقبّل رأسه .. ومثل ماقالت نسيم " هان كل التعب "

دموع الخوف إنقلبت لدموع فرح وبهجة .. وضحكات عالية ومصدومة من اللي قاعد يصير .. واللي صار خلال دقائق بس !
وعلى إثر ذلك تخلت بشرى عن الجلوس بالمخيم .. وركضت بسرعة وبيدها كشاف .. حالفة إن الخبر بيوصل لهم بسببها .. وناسيه تماماً وجود رجال غريبين عنها بالمكان
كانت تركض بلا وجهة .. ولكن وقفت بخوف وهي تشوف أحد يرفع كشاف بوجهها واللي بسببه ما أنتبهت للصخر اللي تحتها وتقلبت عليه بلا وعي
-

{ الليّث }
اللي كان قريب من مخيم الحريم .. بسبب إنه كان متوتر ويحس بشيء غريب بقلبه لذلك كان ناوي يتطمن بس .. ولايقرب أكثر ولكن وجود ضوء كشاف يتزعزع بالمكان تركه مذهول وتركه خايف .. وكان يبي يتأكد من اللي يركض بإتجاهه ومن وجه الكشاف على وجهها حتى عقد حواجبه وهو يتذكر إن هالوجه مر عليه : آوه الذهب والألماس
شهق بصدمة لما طاحت ولكنه رجع لورى خطوة وهو يحاول يلاحظ هل ماتت والا عاشت ..

بشرى كانت ميتة خوف ووجع بنفس الوقت .. ماكانت تعرف من هو أو إيش هو بالأحرى ولكنها وقفت وهي تترنح وعاقدة حواجبها وقالت بصوت مرتجف : إن كنتم جن وبقعى من أهل جبّال السودة فإرفقو بي وإبعدو عني
لحظات بس .. وصلها صوت ساخر مضمونه : وإن كنا إنس الله يقربنا منك والا شلون؟
قطّبت حواجبها وهي ترفع الكشاف ووجهته على وجهه الليّث وبقت تتأمله للحظات شهقت بإرتباك وهي تقول بإحراج : الجادل هنا
ضربت جبهتها بنفس اللحظة .. وهي تتذكر إنه الليّث وركضت وهي تتخطاه من الخوف والتوتر اللي صابها
أما هو كان حدّث ولاحرج .. مايعرف كيف يتصرف ولا يعرف وش وضعها جمّد بمكانه وهو مرتبك
ولما أستعادت وعيّها رجعت تركض من جنبه وكانت بترجع للمخيم ولكنها وقفت للحظات
وهي تصرخ وتقول : الجـادل ولدت .. والهيّثم صار بين كفوف جدته
وركضت بعدها وهي منحرجة .. ليه تصرفت كذا ؟ وليه بقت تركض كذا بدون وجهة .. وليه هي متوترة أصلاً .. وقفت جنب المخيم وهي تضرب وجهها : الله يقلعك يا بشرى .. الحين يظنك بقعى (جنية) ويتعوذ من الشيطان منك ولا ألومه .. وبعدين وش جابه هنا ؟ صدق اللي استحو ماتو
ميّلت شفايفها وهي ماتدري وش تقول أصلاً .. بس كل الكلام اللي طلع منها كان بسبب التوتُر
دخلت المخيم وهي تناظر لهم يجهزون الجادِل ويتجهزون عشان كلهم يرجعون بنفس الوقت .. ويتطمنون على الهيّثم اللي ولد ولادة غريبة عجيبة
بينما الليّث اللي من أستوعب كلام بشرى صرخ بآعلى صوته وهو يضحك بصدمة وبدأ ينط ويركض بالمكان بشكل عشوائي وهو يترنح وينط بخطوة وخطوة يآخِرها .. وقف بوسط الجلسة وقال وهو يوجه أنظاره لعبد العزيز اللي يناظره بإستغراب : تخبُرون إني مثل المطر .. ما أهب إلا وأجيب كل البشائر
سعود ألتفت وقال لفهيد بهمس : هذا نسخة بشرى الفرع الرجالي .. عبارة عن فواجع صدقني
ضحك فهيد وعبدالعزيز قال : إسلم
أبتسم الليّث بتوتُر وهو يتنحنح .. ولا ظن بيوم من الأيام إن هالبشارة بتكون من ثغره هو .. ولاظن إنه بيعرف عن ولادة ولد أخته قبل أبوه لذلك التوتر كان الضِعف
جسّار اللي توتر وخاف : إنطق يابن عناد نشفت حلوقنا
وسند ضرب كتف سعد وقال : كله من الشايب خربه علينا وعلمه البرود
قبل ما يرد سعد على حلطّمة سند قال الليّث بهدوء وإبتسامة لطيفة على وجهه : الهيّثم بن الشيخ عز أقبـل !
لحظة صمت عمت المكان .. وإستغراب وإستنكار للموضوع .. تلاها ضحكة سعد اللي قال : حياه الله .. قلطّه على فنجال قهوة ورطب وتمر
وراجح عقد حواجبه وقال : صادق أنت ؟ وش اللي أقبل على رأس جبل .. أظنك أنهبلت
ضحك الليث وهو فعلا توه يستوعب غرابة الحدث ولكن أجزم إن الخبر فعلاً صحيح بسبب شعوره اللي بقلبه : والله إني صادق .. الحين سمعتهم يقولون
إلتفتو كلهم لعبدالعزيز اللي كان جامِد ويناظرهم بهُدوء وكل شعور غريب مرّه الهيثّم بن عز أقبل هاللي دار وبدأ يتردد صدى صوته بعقله حقيقي والا هو من وحي الخيال ؟
بلع ريقه ومسح على وجهه بكل خفة وهالخفة ماكانت إلا بكفوفه المرتجفة بس أما كل شيء بجسده ثقيل حتى قلبه وقع الخبر عليه كان يحمل هيبته وين بيتخذ التصديق بقلبه طريق
بوسط عتمة الليالي وعلى قمة جبل السُودة مابين سحاب وغيم ينولد الهيثم شبية الصقر
كان شيء صعِب عليهم تصديقه !ولأنه أحتاج وقت طويل عشان يستوعب هو والحاضرين واللي تركها لهم الليّث بكل راحة فز بكل قوته وهو يركض بلا وعي وكلهم وقفو بخوف ومشو وراه لا ماكان المشي التعبير الدقيق هجو بكل سرعة وراه ووقفو على عتبات المُخيم وهم يسمعون صوت صراخ الحريم تنحنح عبدالعزيز وهو يجمع كفوفه ببعض ونطق بصوته العالي الجهوري : ييمه وش اللي صاير!
خُفتت أصوات البنات وألتزمو كلهم الصمت ولحظات معدُودة سمعو فيها أصوات خُطوات تتقدم نحوهم



على إثرها أبتعد فيّاض والبقية بعيد جداً عن المخيم ومن أستقرت المزن وبعيونها يفِيض الدمع البارد من شدة فرحها قدام عبدالعزيز اللي هاللحظة قلبه يرتجف ومهب بس قلبه جميع خلاياه ترجف حتى رموش عينه ماكان قادر يسيطر عليها من قوة رجفته وكل خليه تتتسائل عن اللي تشوفه عيونه عن الكائن اللي بلحاف أبيض بيدين أمه هو حقيقي اللي يشوفه وهذا اللي بين كفوفها الهيّثم ولد الحمامة !
تقدم وهو يمسح دموعها بكفوفه ثم أبتسم وهو يقبّل رأسها ثم أنحنى وهو يأخذه من يدينها ومن إستقرت عيونه على ملامحه الطفولية حتى ضحك بلا وعي وهو يحس إنه بيفيض من قوة مشاعره وإن اللي بين يدينه ماهو إلا قلبه وروحه متجمعين سُوى !
ألتفت لأبوه وأخوانه إللي إقتربو منه .. وناظرهم بإبتسامة وعيونه تضحك من شدة فرحته .. نطق بإنشراح وهو يقول : اللي صاير حقيقي يا عزوتي .. هاللي بين يديني ولدي صح !
ضحك سعود وفهيَد أبتسم وهو يعرف عن هالشعور بينما راجح شد على كتفه وهو يتأمل الهيّثم بحنية : إي بالله صدق واللي بين يدينك ولد الشيخ عز
إستوعب عبدالعزيز وبدأ يضحك بصدمة وإخوانه فرحانين من فرحته .. اللي وصلتهم بأبهى صُورة !
وعلى إثر ذلك ماكانت إلا دقائق معدودة إخترقو سكُون الليل ولمو كل أغراضهم وهم مُعلنين رجعتهم للمنطقة ولوصولهم لأقرب مستشفى لأجل يتطمنون على سلامة بن عز والحمامة
والحمد لله ماكانت ولادتها الغريبة إلا يسر وفضل من الله ولاكان الطريق العسير والصعب إلا خطوة لذلك!
.
.

وعدّى يوم .. عدّى شهر .. وعدّت سنة وألحقتها سِنين مُتتابعة .. مشاعِر تغيرت .. وآخرى تعمقت
ناس عدُو .. وناس إنخلقو .. وناس فارقُونا وماتوا !
وعلى إثر هذه الِـمشاعر .. وعلى كثر هالسِنين
ورغم مُرور العابرين .. وإمتحانات السِنين .. يبقى الودق والفجـر العذب متعمِقين !
وبعد ما مرت .. وكان لهم النصيب الأكبر من السعادة بعد سِنين عجاف .. كانت مستندة بكتفها على طرف الشجرة .. وتأشر للهيّثم على الشجرة بضحكة : الهيثم .. أقولك أنا صاحبة الإسلوب الرقِيق .. عيب عليك تكذبني
الهيثم .. أبو السِت سنين .. خلِيفة الشيخ عز .. خلقاً وخُلقا قال بحماس : والله إني أدري إنه أنتي ياعيوني .. ولكن تعرفين لازم نلعب على قلب الشِيخ
رفع حاجبه عبد العزيز .. واللي كان يضحك على تعابير الجادل لما نسّب كلامها الرقِيق له وقال : عيّب عليك يا بن عز .. اللي تقوله مهب عين العقل
أبتسم الهيّثم بورطة وبعدها خرج عن نطاق الهواش وقال وهو يمرر يدينه على الكلام اللي أنحفر على هالشجرة من سِنين طويلة .. لما كان في رِحم أمه .. قال بإبتسامة : صعبة اللي تحكونه .. كيف تبقون بقلبي وأنتم قلبِي !
ضحكت الجادل بإعتياد على منطُوقه اللي يكبُره بسنين طويلة .. وأبتسم عبد العزيز بحنيّة وهو يلعب بشعر الهيّثم بخفة ألتفت الهيّثم وقال : أشوف خالي ماعاد جاء للخسوف من سافرت عمتي بشرى تدرس هناك .. يعني من لقى أحبابه نسى أصحابه
ضرب عبدالعزيز جبهته بخفة وقال : اوزن كلامك .. بشرى للحين مهيّب زوجته عشان يلقاها
حك جبهته بوجع وقال : إسلم يابن راجح .. قصدي إنها صارت هناك قريبة منه
ضحكت الجادل .. وهي تتذكر نفيّ ورفض الليّث الكبير لما تطرقت للموضوع معه قبل سنتين " لا .. قطعياً لا .. مستحيل .. الذهب والألماس ؟ قفلي السالفة وإسحبيها من مخك قبل أعصب .. ولا تفتحينها أبد " كان الرفض القاطع رده .. كونها كانت بباله شخصية ماتِدل للعقل درب .. وهو عاد من الله مهبول .. كيف لاصارت زوجته مجنونة مثله ؟
الجادل فعلاً قفلت الموضوع .. ولكنها ماكانت تدري إنها فتحت سبيل لا ينقطع في رأس الليّث اللي كان منتهي من دراسته وفعلاً صار مُحامي عن حق وحقِيق .. واللي بسبب هالفرحة وهالخبر .. أشعل عبدالعزيز بمساعدة سعد الخُسوف نيّران فرح وبهجة وفخر.. بشخص شدُو ظهرهم فيه وما خان هالثقة .. ولكن أثبت إنهم ما غلطو لما شدُو ظهرهم فيه !
ويوم ورى يوم .. وشهر ورى شهر .. ماكان يدري وش اللي يحس فيه .. ورغم كثافة شغله .. وكثره قضاياه اللي كان يساعد في حلّها كانت يشغل الموضوع جزء بسيط من عقله .. وفعلاً نال الموضوع منه لما رجع يفتح الموضوع مع الجادِل !
واللي ضحكت بخفة عليه .. مع ذلك كانت كلمته سيف بقلبها " ظنك الشيّخ بيرضى بي ؟"
ما نسى شدها على كتفه وإبتسامتها الحنُونة واللي قالت بعدها " أخبر إنه مابه أرجل منك لأجل يناسب شيخ الخُسوف .. وأخبر إنك تتعدى الرجولة بمئات السنين حتى .. وشخص مثلك ينشرى بدمع العيّن يا بعد حييّ وميتي "
وكانت هالجملة محفورة مثل وسم بقلب الليّث اللي زادت ثقته بنفسه أضعاف وفعلاً خاب ظنه ومن أول ما نطق الكلمة .. قال راجح إنه " موافق "



وهالمرة رغُم حضور فهيّد وسعود وعز للمجلس محد أعترض منهم .. كونه كان إبن راعي ! ولأن كل شخص منهم أيقن فعلاً إن كل شخص يمثل نفسه .. وإن العيب كل العيب يحكم على شخص ويستصغره بسبب مهنة أهله .. لأن لو مشو على هالموال فالإحترام كل الإحترام للمحامي الليّث !
-
وعت من سرحانها على شّد عبدالعزيز بيدينه على كفُوفها وإبتسامة علِيلة على وجهه : وين وصلتي ؟
ضحكت وهي تهز رأسها وقالت : لين المحامي ومعلمة العربي
ضحك معها وهز رأسه بآسى وهو فعلاً يفكر كيف بيكونون سوى : تعالي .. المزن جابت دلة القهوة بيدينها الكريمة .. هالمرة حالِف أكمل فنجال القهوة بُدون مشاكل
وفعلاً تقدمو وجلسو جنب إسطبل جدِيلة .. وقُرب حديقة الورد وتوسطو جلسة كان عِمادها راجح والمِزن جنبه وبيدينها اللي يكسُوها الحِناء دلة القهوة اللي بطعم كل السنين اللي هنأها"قرُبها" واللي من مدت الفنجال لراجِح أبتسم : من يدين لا عِدمتها
أبتسمت بخجل وهي تلف وجهها عنه وهو ضحك وهو يمسح بيدينه على ذقنه : مشينا درب سنين ما تنعد يالمزن عُقبها للآن الحياء والخجل موجود !
ناظرته وهي ترمش بإتزان وإبتسامة هاديّة على وجهها وقالت بركود:والمرأة إيش بدون حياءها يابن جبّار ؟
هز رأسه بِضحكة وقال : صادقة صادقة أخبر كلام أمي عليها رحمة الله "إن ضاع من وجه المرأة السحاء(الحياء) لاعاد تشبح(تناظر) فيه "وأخبر إن كلامها عيّن العقل لأن اللي مخليني ما ألتفت عنش سنين طويلة هو سحاش(حياءك)اللي يهذّب قلبي ويربك روح يا بنت نجد
أبتسمت بعُذوبة من لطف كلامه واللي لازمها طُوال سنين زواجها منه ورغم كثرة السنين سوى وكثرة الناس حولهم وكثرة القلوب المغرمة لهم إلا إن حبه لها وحبها له كان صامد وثابّت بكل قوة وبكل ثبّات ولأنها لازمت دعواتها سبع سنين كاملة كانت الخمسة والثلاثين سنة سوى ما تنعد من كثرة حلاوتها !
إنقطعت أصواتهم لما أقبل الهيّثم وقبّل رأس المزن اللي أبتسمت بحب ومسكت كفوفه وهي تملأها بالحلاوى واللي ضحك بسببها كانت دائماً هالحركة اللي تسويها أول ما تشوفه واللي هو يحبها كثير !

أبتعد عن المزن بعدها .. وأقترب
وهو يقبّل كتف راجح وجلس بمكانه المُعتاد .. بحضن جده وقال : ضحكات ترد الروح
ضحكت المِزن وناظرت لعز اللي جلس جنبها بعدما قبَل كتف أبوه ورأسها وقالت : سبحان اللي أوجد عزيز ثاني من عائلة وحدة .. محد بينافسك غير ولدك ياعزيز
ضحك عبدالعزيز وهو يناظر للهيّثم اللي يضحك مع راجح في حُضنه وقال : خير منافس .. وخير شريك وخوي يا يمة .. والله إنه أخيّر مني بعد الله يجعله أعز من عز
أبتسمت الجادِل اللي رقص قلبها طرب من كلماتهم .. وهي فعلاً مُوقنة إن هالحِكي صحيح .. وكأن الزمن يكرر عز بن راجح .. في خليفته
-
-
وصايف اللي كانت واقفة جنب المُرجيحة اللي فيها راجح الصِغير وتلعب معه بضحكة وقفت وهي تشُوف فهيد ينحني وينزله ويركب هو .. وسط صرخات راجح الساخطة واللي قال : يايبه قدك شايب .. إنزل وفك فينا من حركاتك
ضحك فهيّد من كلامه وقال : دفني وأنت ساكت بس .. قبل أتوطأ ببطنك
ناظره راجح بسخط وقال : والله إني مظلوم في ذي العايلة حتى المُرجيحة وكفين أمي لي شريك فيها ..
مشى عنهم بسخط وسط ضحكة فهيّد وإبتسامة وصايف السمحة .. اللي فعلاً بدأت تدف فهيد وهو يضحك .. حاوط يدينها اللي مثبتتها على طرف المِرجيحة بكفوفه وتنهدت براحة وقال : لولاش .. ماكنا نضحك .. ماكنا بالراحة ذي !
أبتسمت بهدوء وهي ترمش برقة .. وهو أبتسم لما تِذكر كلامها الكثِيف .. والكثير خلال سنين طويلة .. خلال ليالِي كثيرة كان تِغرس بقلبه حب أهله .. كانت تعلمه طريقة الحب دون مقابل .. كانت تفهمه إن لو حبّ بدون ينتظر شيء من الطرف الثاني راح تهل عليه المشاعر من كل جهة .. كان تزرع بنفسه حب أهله .. كانت تزرع فيه الرُجولة .. والثقة والكفاءة .. كانت تفهمه إن معدنه أصيل معدنه ثقيل ولا يستاهل يعيش حياة بعيدة عن حفاوة أهله فيها .. كانت كلما لقت فرصة تفهمه إن له الأحقية في الإستقلال بتفكيره .. وبرأيه وإن له كل الحق في السيطرة على حياته بنفسه وإنخاذ قراراته بنفسه .. ومحاولاتها الكثيرة واللي ما تعبت منها تكِللت بالنجاح ! ففهيَد بعد كل مرة يحكُون سوى يبدأ يفكر في كلامها .. وفعلاً البذرة الصغيرة أثمرت وحولت عقل فارغ وأرض جدبة .. لأرض خضرة وحوالينها ورد وريحان !
ورجعته للصواب .. لأهله .. لثقتهم وحبهم !
ورغم إن هالموقف .. كان تحت أنظار نعمة .. اللي كانت جالسة على الفرشة الحمراء وبيدينها فنجال القهوة .. تناظرهم بهدوء .. وكبدها مشتويّة .. لأنها كانت تتمنى هالمنظر يكون بوسط بيتها وجنبها زوجها .. ولكن بسبب فعايّلها غابت وخرجت منه مطرُودة !

ورغم كل اللي حصل لها من مساوىء .. مازالت مثلما هيّ .. ومثل ما ينقال "رجعت حليمة لعادتها القديمة " سلِيطة لسان .. خبيّثة وتتمنى الشر لغيرها .. ولكن شرها صار بحدُود ديرتها وأهلها بس .. بعيد جداً عن آل جبار !
فهيّد اللي ناظرها وأبتسم بضيق .. وكأن وده ينلّف قلب أمه بلطف ورضا .. وتصير أم قلب حنون للغير مثلما هي معه .. ولكن هيهّات .. ورغم هذا كله .. كان حريّص أشد الحرص هو و نسيم .. يكونون عندها أغلب الوقت .. رغم كل اللي حصل
-
-
وببيت أم سعد .. البيت اللي أستئمنو فيه البنّات حياتُهم دون علمهم عن صاحبته أو عن الحياة اللي بيعيشوها فيه .. واللي فعلاً إستئمانهم ماخاب .. لأن هالبيت صار .. ملجأ ، مأمن ، وطن يحتضن صُدورهم المُنهكة .. واللي صارو يقُصدونهم لا نوو يبقون مع بعض بعد أيامهم اللي صارت ما بين شد ورخِي بسبب عيالهُم
أرتخت الجادِل بجسدها على فخذ أم سعد وهي تضحك من كلام حياة اللي كان مضمونه " وأنتي متى ناويه تعرفينا على خالك الجديد ؟ والا مسويه حداد على موت جدك "
واللي بعدها ناظرتها وقالت : جدي صار له سنتين يا حياة .. الله يرحمه وجعل بقبره نور .. ولكن خالي الجديد هذا للآن ما تقبلته .. خصوصاً خلال ثلاث سنين ما شفته إلا مرتين .. كيف تبغيني أعرفك عليه وأنا ما أعرفه
منى ضحكت من ضحكتها ومدّت لحياة البُرتقالة وهي تقول : روقِينا ياحياة .. وش تبغين فيه يعني ؟ تسحبينه لبنتك يعني عشانه شِيخ من أخذ أول نفس بالحياة ؟
ناظرتها بطرف عينها بعدما كشرت وقالت : ولد شروق .. زوج لبنتي ؟ يعقب إلا يعقب والله لو هو شيخ الجبِلين ما خذاها
قالت أم سعد اللي أبتسمت وهي تأخذ فنجال الشاي بيدينها : نصِيب أنكتب لشُروق تكون أم شيخ .. أظنها ما جاء في بالها ذا الشيء أبد
قالت الجادل بلامبالاة : يعني حتى لو ما جاء خليفة مساعد .. كان وهب الشيّخة لسند .. كونه صار معه شخص ثاني وتغير جذرياً من صخرة لنقطة ماء من الرقة .. الله يالدنيا بس
تنهدت منى من طاريهم وقالت : خلونا منهم .. يعني الله يرحم مساعد بس اتركو الباقين بحالهم

أم سعد بعقلانِية قالت : شلون نسكت عنهم .. وأخت الشيّخ أم الجادل ؟
حياة رفعت حاجب ووقالت : بالإسم ياخالة .. عدّت سنين وهي بالإسم معقولة يعني بعد هالسنين بتصير أم ؟
أم سعد اللي عرفت بمُعاناة الجادل مع أمها ومن يومها وهي متضايقة من هالشيء مع ذلك ما وضحّت .. لِذلك أبتسمت وقالت : سهّالات .. المهم حس أمها موجود بالحياة .. والا الحب حنا وأم الشيّخ عز نكفي ونوفيّ .. ولا يا بنيتي ؟
رفعت الجادل ناظرها لأم سعد وأبتسمت بهدوء وهي تهز رأسها بإيجاب .. كونها تعودت على أمها .. ولاعاد بقلبها لها لا شرهه ولا عتب ولا حتى ضِيق .. حررتها من كل شيء يخصها .. وكل اللي تبيه منها تكُون بخير .. وبما إن أخوها ولد شُروق ملأ عليها حياتها بعد وفاة مساعد وصارت مشغولة فيه وسعيِدة معه كل السعادة .. فهالشيء كان يكفيها
منى لاحظت ضِيقة الجادل اللي حاولت تخفيها ولكن فشّلت .. فحبَت تغير الجو : يا شينكم .. يعني عيّالنا رميناهم على أباءهم عشان نستكن على الشاي .. تقومون تفتحون مواضِيع تضيق الخِلق ؟
حياة ضحكت وهي تقول : عيالك أنتي شبيهين الشايب الخبل رميتيهم .. أما بنتي بسم الله عليها بكل هدوء مع أبوها
الجادل اللي ضحكت على ملامح أم سعد المصدومة قالت : وأنا ولدي ما يبي لنا اثنين يحكون في رجاحة عقله وهدُوءه
ضحكت منى وهي تقول : محد أكلها غيري يعني ؟
ضحكت أم سعد هالمرة وهي فعلاً مؤيدة كلامها .. كون عيال سعد مأخذين كل الأطباع منه .. لازال في بالها اللي سواه من درى بولادة منى ("أنتي صادقة يمه ؟ بتولد ذلحين ؟"
ردت عليه أمه وهي تلبس عبايتها : أخلص علينا ياسعد .. مهب وقت فغارتك "فهاوتك"
سعد اللي أنتفضت كُل خلاياه حتى بلع ريقه صار صعب عليّه .. ما وعى إلا بضربة العصا على ظهره واللي أستعاد وعيه بسببها .. وكُل طاقة العالمين بُثت بجسده .. ركض لغرفة منى .. وفتح الباب وناظرها وهي تتوجع وكاتمة صرخاتها أقترب بسرعة وهو ينِحني منها وهو يعطيها ظهره : أركبي على ظهري بسرعة
أم سعد اللي دخلت مسكت رأسها بصدمة : أنهبلت ياسعد ؟
رمش بعدم إستيعاب وقال : منتِ قلتي نأخذها بسرعة ؟
هزت رأسها بآسى وهي تمشي وتدفه برجلها لين طاح على وجهه وسط صدمته : أفا يالعلم
ضحكت من قوة التوتر .. ومن فهاوة ولدها اللي بيجيب آجلها بسببها .. وساعدت منى اللي كانت شوي وتذبّح سعد على خفة دمه اللي مو وقتها : السيّارة ياسعد .. بسرعة !
وقف بلا وعي وسحب شماغه اللي طاح .. وركب سيارته بعد ما ساعدهم
ساعة بس .. بقت فيها منى بغرفة الولادة نفّض فيها سعد الخسوف عن بكرة أبيها لدرجة كل أهل الديرة إجتمعو بالمستوصف ..



وكل أهل الديرة شهِدو على ولادة "فايز بن سعد" واللي أخذ طبع أبوه بالشيء الكثير )
رجعت للواقع على صوت منى اللي رفعت الطبّل بيدها .. وبيدها الثانية رادُيو أم سعد الأسود : باللحظات هذي .. تحتاجون الفنّانة منى تغير عليكم جوكم ولا ؟
حيّاة اللي رمت قِشرة البُرتقال ضحكت وقالت : تعالي بس .. سوى فينا خير الشايِب لما علمك شلون تدقِين
ناظرتها بطرف عينها وقالت : ترى بمسكش هنا وأذبّحش.. حدش ولا سعد .. ما يكفي موسيقي الفلس!
ناظرتها حياة بصدمة .. والجادل رفعت رأسها من حضن أم سعد وهي تضحك وقالت : تكفون .. خلو الجِدال ينتهي لأن صدق نحتاج شيء يغير جونا
جلست منى وهي مبتسمة بِضحكة .. ورتبت الطبّل بين يدينها وهي تشغل الراديُو ومن صدع صوت سعد سكتو بصدمة تلاها ضِحكات عالية فجرو طبَلة إذن منى بسببها
حياة اللي مسحت دموعها وقالت : ومالقيت إلا صوته يشاركنا ؟
أبتسِمت بضحكة وقالت : خليه يعلمنا اللحن .. خليته يسجِلها غصب لأني أضيع بسبب صعوبة لحنها
غمزت لها الجادل : تضيعين بسبب لحنها ولا بسبب صوته
رمت عليها نظرات ساخرة وضحكو عليها حتى بدأت تتغنى " فوق النخل فوق .. يابا فوق النخل فوق "
لحظات معدودة .. بعدها شاركوها البنات بيدينهم .. وصُوتهم اللي بدؤو يتغنون فيه معها .. ولاوقفت كذا .. إشتّد الحماس لما شاركتهم أم سعد وبدأت تتِمايل بعكازها بالجو وسط ضحكهم وحماسهم !
-
-
{ جسّار }
سنيّن عدت .. مرت .. ولكن مُرورها كان مثل النسِيم .. ولأن حياته كانت مُحاطة بالورد من كل حدب وصوب .. كان دائماً يتنفس الجمال !
وعلى أعتاب حدِيقة بيتهم .. دخل بهدوء وهو يختِلس النظر للي بيّن الورد يحملون نفس الصِفات بكل شيء .. الثُوب الزاهِي واللي تعلُوه مريّلة باللون البنفسجي الغامق ! والشال بنفس اللُون ملتف بطريقة إحترافية على شعرهم واللي رغم إلتفافه بإحكام مازال هناك خُصلات متمردة !
القُفازات التي تعلو كُفوفهم .. خشيّة من خشُونة التربة ! .. أستند على الجدار وهو يكتِف يدينه .. ويناظرهم بهُدوء .. كان يتأمل طريقة زرعهم للورد .. وكيف هم مُنهمكيِن في الزراعة والسُقيّا .. أبتسم وهو يكتف يدينه ..ويناظرهم كيف يتحاورون عن أنواع الورد .. والمكان المُناسب لكل شتلة جديدة !
قالت ورد وهي تُزيح خصلة الشعر عن وجهها : يُمة .. صدقِيني .. هالنوع يحتاج إضاءة شمس خفيفة والا راح ينهار
نسيم اللي وضعت يدينها على خصرها وهي تتنهد وتتأمل الشتلة بِضياع : إننا نغامر ونجيب نوع جدِيد .. كانت فكرة سيئة
ضحكت وهي تأخذ الشتلة .. وتخرجها من العلبّة السوداء الدائرية .. وبدأت تحفر لها حفرة صغيرة .. واللي بعدها بدأت تثبّت جُذورها وترمي عليّها التُراب وتطبطب بكل خفة .. لترتفع بعدها وهي تبتسم : خُذيها من ورد ..هالِمكان مكانها يُمة !
أبتسمت بهدوء .. ثم ضحكت وهي تشُوف ياسِمين تتقدم بخطوات مُتعثرة وبيدينها سلة فيها من الورد الجُوري الكثِير .. أنحنت لها وهي تناظرها : ماشاء الله .. جمعتي كل الورد لميّن ؟
أبتسمت ياسِمين بطُفولية .. ورمشت ببراءة وهي تأشر لجسّار
ألتفت نسيم وناظرته ثم أبتسمت .. وبنتها الصغيرة تخلت عن الوقوف قدامها ومشت بإتجاه أبوها وسلة الورد بيدينها بتنورتها الحمراء .. والشال اللي على خُصلات شعرها باللون الأحمر وبيدينها إسوارات ذهبِية حول معصمها الصغير .. كانت تمشي وقلب جسّار يضحك بكل خطوة تخطو إتجاهها له .. وقفت قدامه وسحبت وردة وكانت بتعطيه .. ولما كان بيأخذها تراجعت ورجعت الوردة بالسلة وهو أستغرب .. ولكن سُرعان ما ضحك وهو يشوفها تمد له السلة كُلها
حمل السلة بين يدينه .. وبيده الثانيّة شال بها ياسمين وهو مبتسم .. وناظر لنسيم اللي تتأملهم وقال : ما قُلت لك ؟ محد يحليّ الحياة غير البنات ؟
ضحكت وهزت رأسها وناظر لورد اللي تخصرت وقالت بعتبّ : ياسمين خذت كل الحُب يا أبو ورد .. عسّاك نسيتنا ؟
أبتسم بضحكة .. ونزل سلة الورد وقال : تعالي .. بدال ما أشيل أشباهك .. بشيلك أنتي !
ضحكت بفرحة من كلمته .. وفعلاً تقدمت وحضنت جنب أبوها اليمين وهي تبتسم .. هالأب كان كثِير عليهم .. لدرجة إن نسيم كانت خايفة كثِير عليهم .. كيف يستوعبُون إن الدنيا خاليّة من شخص يشبه أبوهم وحنيته ؟ وإن العالم الخارجِي غير العالم اللي رسمه لهم أبوُهم ؟
ومن بين تأملها لهم .. أبتسمت مُجبّرة .. وهي موقنة رغم كل هالأفكار .. إن زعزعة ثبّات بنت خلفها أبوها يسندها .. صعبة حيل !
تخلت عن الوقوف بمكانها ومشت من بين الأزهار وهي تتجه لهم .. وهو مبتسم ويناظرها " ‏هي غافلّة
‏بس المكان اللي تمرّه منتبه"

ومن بين كل هالمشاعِر اللي فاضت .. تذكرت حُلمها البسِيط .. تِذكرت إن كل اللي كانت تبيّه وتتمناه السعادة والراحة والطمأنينة اللامشرُوطة .. كانت تتمنى تمُارس هوايتها بدون رقِيب .. كانت تتمنى تتحرر من التفكير الجاهِل اللي حولها .. كانت تتمنى تتصرف بحياتها بالطريقة المنُاسبة لها دون إجبارها على شيء هي ماتبيه .. ورغم إنه حقها الشرعي ! إلا إن المحيط اللي كانت عايشة فيه أجبّرها يكون حلمها .. وفعلاً تحقق ! ومثل ماكان حُلم بالنسبة لها قبل سنين صار واقِع لكل بنت بالوقت هذا !
جسَار .. اللي كان بين يدينه شتلات ورد .. وقدامه أمُهم بيوم من الأيام ماكان يظن بيكون بالموقف هذا ! لما صارح أخوه وقال له .. " ليه مُصر تكون بنت الشيخ زوجتي ! ورغم الإختلاف بيننا وأنت تدري هي وين وأنا وين !"
وكانت إيجابية أخوه له " لأنها معروفة بقوتها يا جسّار .. وما تلِيق إلا لك .. رفضت شيوخ وفُرسان وأسياد قبايل كثير .. هي ما تنتظر مال وجاهة يا جسَار .. في ذمتي إنها تنتظرك .. وأنت تنتظر شخص قوي مثلها ! " وفعلاً
جسّار كان محتاج شخص قُوي بحياته مثل قـوتها .. رقيق بنفس رقتها .. جسّار كان يحتاج ليدِين نسيم لأجل تحجب عن نظره كل مساوىء هالدنيا وضيقها ! وكأنه يستعين برِقتها وقوتها بكل وقت " أخاف أحلم حلم مو زين .. خلي إيدك على عيوني "جسّار كان محتاج لـنسيم .. ونسـيم كانت تتمنى جسّار ! وفعلاً نال المُحتاج مطلبه .. والمُتمني أُمنيته !
-
-
وبما إننا متعودِين نخطو خطواتنا على الأرض .. بُشرى كانت عكسنا تماماً .. كانت تترنح بزعزعة على غصُن الشجرة القوي .. واللي صراخها الغاضِب يعلو المكان : والله يا فهيّدان .. لو ما تنقلع من هالمكان لأذبحك
فهيّد ( ولد سعود إبن الأربع أعوام ) واللي كان مجمع الحجر بين كفوفه الصغيرة .. ويرميها على بُشرى اللي من كثر ما ركضت عشان تبتعد عنه .. مالقت سبيل للنفاذ إلا إنها تتسلق الشجرة العاليّة واللي كانت بوسط البِيت .. ولكن أوراق الشجرة وغصونها ما حجبت الرؤية عند فهيَد الصغير اللي كان مستمر برمي الحجر وهو يضحك
ومن بين صراخ بشرى اللي قاطعه حُضور رحمة وبيدينها صحن التمر .. واللي رمته بكل صدمة على الأرض وحطت يدينها على رأسها بلا وعي .. تقدمت وهي تناظر بُشرى وبدأ فصل الحلطمة : نعنبو حيّش جننتينا .. شعري الأسود صار كله شيب بسببش .. طقيتي العشرين وأنتي للحين غرير وخبلة .. حتى ضحى بنت إخيش فهيّد عقلت وتسنعت وصارت بنت عقلها يوزن بلد وأنتي مثلما أنتي .. لاوالله وزدتي خبالة !
ميّلت شفايفها بعصبية من طاري هالبنت اللي كل شوي يعايرونها فيها .. وقالت بعدما تخصرت وهي ترتفع وتوقف على الغُصن : أول شيء أنا مانيب هبلة .. السبب في ولد إبنك اللي يرقعني(يرميني) بالحيد(الحجر) وأنتي تشوفينه وساكتة .. وبعدين لا تجيبين طاري ذي الضحى عشان ما أضرب مسافة عشرين ساعة للخسوف وأذبحها .. ترى غثيتونا فيها
رحمة هزت رأسها بيأس وهي تقول : الشرهة مهيَب عليش .. الشرهة علي أنا .. تاركه ديرتي وزوجي وهليّ وجايه معش عشان تكملين دراستش .. لو إني باقية ببيتي أصرف لي .. والا أنتي من اللي يصدق إنش بتدرسين وتعقلين
ضحكت بسخرية وقالت : تكفين يمة لا نلعب على بعض .. أنتي جيتي عشان حبيب قلبك سعود اللي تطوع يجي معي .. والا من كان يقول " قلدت صوت أمها " ماله داعي تكمل دراسة هذي مامنها رجاء
كتمت رحمة ضحكتها وهِي اللي أعترضت بداية الأمر من دراسة بشرى للجامعة ..ولكن كلام عز .. وإقناع سعود إنه بيكون معها خطوة بخطوة خلاها ترضخ وتوافِق وتجي معهم حتى !: وأنا الصادقة .. والا من يصدق إن وحدة تدرس عربي فوق الشجرة معلقة .. درستي ذا التخصص عشان الجادل ياليتش جيتي مثلها بس
ضحكت بصدمة وهي تحط يدينها على فمها : يالصدمة .. صرتي تبغيني أجي زيها
ضربت يدينها ببعض بعدم رجاء وقالت وهي تمشي : الكلام معش ضايع
صرخت بشرى وهي تناظر لأمها : طيب خذي ولد سعود المجنون لأجل أنزل على الأقل !
-
{ سعود }
واللي كان مستند على دُرج المطبخ .. وبيدينه الورقة اللي تحتوي على الخبّر .. اللي بيبثه في نشرة الليلة .. واللي بعد سنين طويلة خاضها في الركض بميادين السبّاق .. قرر يستريح على كرسي المذيّع واللي أفتقده لسنين طويلة .. ناظرته سحابة وأبتسمت بهدوء .. وهو رفع رأسه عن الورق وناظرها وهو يميّل شفايفه : للآن مرتاحة ؟
ضحكت وهي تهز رأسها بإية : إتق الله بنفسك .. هذا السؤال رقم مية بالأسبوع هذا بس ..



رفع كتوفه بضيق وقال : مدري .. مرت سنين على وجودنا هنا .. ميّر من رحنا للخسوف قبل شهرين ورجعنا حسيتك منتي على بعضك ! أحس ماودك تكُونين هنا .. علميني وصارحيني لو إحساسي صحيح يا سحابة .. تعرفين إن كل شيء يهون عندي إلا خاطرك .. والله إنه أكبر وأهم من كل شيء
أبتسمت بهُدوء .. وهي موقنة إن خطأه بحقها لمرة وحدة اللي كلفه أيام طويلة من الضيق والأرق .. كان قادر على صقّله .. وعلى توضِيح من هي سحابة عنده .. ورغم كل السِنين اللي مرت .. واللي تخللها أكيد مشاكل لا تعد ولا تحصى .. واللي ماكانت الا سبب لتقوية العلاقة .. إلا إنه بكل مرة يحاول ما يقسى .. ولا يطول الزعل .. لأنه جرب صدها مرة
ومستحيل يقدر يعيشه مرة ثانية ! .. أيقنت إن العشرين سنة اللي قضتها في حُبه دون علمه .. راح يعوضها لها بضعف أضعافها .. وسؤاله عن تقبلها للمكان .. عشانه يلمح نظرات الشوق بعيونها لأهلها ماكان إلا من خوفه عليها .. لذلك كانت مُمتنة : مكاني هنا .. في كل مكان يتواجد فيه الصحفيّ .. أنا مثل الخبر اللي تبّثه ياسعود لازم أكون أقرب لك من نفسك .. ومثل الكاميرا اللي توثق الحدث لازم أكون أقرب لك من كفوفك .. يعني لاتخاف وجودي هنا ممتنة منه .. وبالعكس الموضوع فيه خير لشخص هنا .. وتحقيق حلم وبناء جيّل .. لاتنسى إصرارها على كونها تصير معلمة عربي مثل معلمتها اللي ألهمتها وحبّبتها في المادة
ضحك بفرحة من كلامها .. ومن مكانه بشرى بقلبها واللي ماكانت قليلة .. وضحك أكثر وهو يقول : مو إحنا تغربلنا من خسوفنا لأجل تصير معلمة عربيَ .. ولأجل تدرس وتتعلم وتعقل .. ولكن ما ظنتي العقل في جهة وهي في جهة
أبتسمت بضحكة وبتشييّد كلامه لأن فعلاً هالبنت بتبقى نفس ماهيَ ويمكن لأن طبيعة شخصيتها كذا ؟ ما تحب تكُون عاقلة بالشكل اللي بيخليها ترتبط وتترك هوسها الحلو بالحياة وجنونها وهبالتها اللي كانت مصدر فرحة لها وللي حولها
سمع صوت الباب ينّدق .. وفز وهو يقول : الليّث .. عزمته على الغداء .. تخبّرين ماعنده غيرنا هنا
هزت كتوفها بعشوائية وهي تقول على مضض : ولو .. صرنا له أهل
رفع حاجبه بعدم إعجاب وقال : لا والله ؟
ضحكت وهي تتنحنح وقالت بهدوء : تخبر .. عندنا له روح ببيتنا
نزل الأوراق على الطاولة وقال : ماعندنا له شيء .. من أشوف على مكتبه لقب المحامي وراه إسمه .. ذاك الساع ( ذاك الوقت) نقول الله يتمم
أما الحين خل يكمل .. وهالهبلة تعقل
ضحكت وهي تهز رأسها بطيب .. وهو طلع من المطبخ وعلى طول أتجه للباب بدون ما يلتفت للحوش .. فتح الباب ورحّب بالليث اللي أبتسم وقابله بروح طيّبة .. ودخله للحوش .. واللي وقفو الإثنين بصدمة بوسطه .. وهم يشوفون بُشرى تفسخ جزمتها "أًكرم القارىء " وترميها على فهيد وهي تصرخ بعصبية : الله يشلك ياهالنشبة .. فارق قبل أنزل وأصيدك بالحيد على رأسك.. مثل أبوك نشبة وثقيل دم
رفعت عيونها وناظرت لسعود وعلى طول أُستجدت فيه : سعود تكفى تعال شل فهيدان ......
شُل لسانها عن الكلام .. وتراقصت كل مفاصلها وهي تِحس بالعرق يسِيل من كل جزء منها بسبب الإحراج .. كانت تتمنى يختل توازنها وتطيح عن الشجرة وتموت .. أو يلتوي الغصن على رقبتها ويخنقها .. أو يرميها فهيد الصغير بحجرة على رأسها وتفقد ذاكرتها وترتاح من العار اللي شافته بعيون الليّث باللحظة ذي .. واللي على طول صد وهو كاتم ضحكته قد ما يقدر .. وخرج على طول من البيت .. بينما سعود غرق بثوبه من فشلته
تقدم وهو معصب وسحب فهيّد الصغير وهو يقول : تبيني أصفق وجهك .. ليه ترقع عمتك ؟
فهيّد اللي ميل شفايفه بطفولية وقال ببراءة: شربت عصيري غصب
هز رأسه بيأس وقال : روح لليّث يافهيد .. وإجلس معه وبجيك
أبتسم وهز رأسه بطيب ولحق الليّث وهو حط يدينه على رأسه بتعب وقال : يعني ما تهنيتي إلا بفضيحتك قدام الليّث صح
غطت وجهها بيدينها وهي للحظة بتبكي وقالت : تكفى إنطم .. يكفي شعوري
تنهد بضحكة وهز رأسه بيأس وهو يرفع ذراعه ويقول : تعالي تعالي .. غربلتينا الله يهديك يا فاجعة .. حتى الرجل هج !
نزلت يدينها عن وجهها وهي تحبّس دموعها بإنحراج ومسكت كفوفه وبعدها نطت لحضنه وهي تستقيم بوقفتها : تكفى وش بيقول يعني ؟
ضحك غصب عنه من ملامح وجهها واللي لأول مرة يشهد على إنحراجها للدرجة ذي وقال : مدري .. يمكن إنه راح لأبلة العربي الأصلية وبيقول خلينا نفكر زين قبل نتورط بالبنت هذي
ضربت كتفه بعصبية وقالت : يتوكل ويفكر .. محد بميت عليه ترى !
هز رأسه وهو يقول : صدقنا صدقنا .. روحي توكلي بس للبيت قبل يدخل مرة ثانية ويسمع كلامك ويكنسل صدق ..



تنهدت وهي تمسح على وجهها محاولةً بذلك تطرد شعور الإحراج اللي مو قادرة بسببه تتحرك وبعدها قالت بضيق : سعود .. أنا فاجعة صدق ؟
ناظرها سعود وهو يتأمل نظراتها المُنزعجة وكان بيصير للحظة لطيف معها .. ولكنه خرب شعرها بضحكة وقال : إيه والله فاجعة .. والا من تستقبل ضيوف أخوها بالشكل الرهيب ذا ؟ صدقيني لو كان فهيّد كان الحين نأكل مفطح بعزاك.. إحمدي ربك إنه أنا الشخص اللي يعذرك على كل هبالك
ميّلت شفايفها بعدم رجاء وهي تضحك : كنت أنتظر تمدحني يا سعود .. مو تمدح نفسك
ضرب جبهتها بخفة وقال : توكلي بس .. من زينك لأجل نكتب فيك أبيات مدح !
ضحكت وهي تمشي للبيت وقالت : رح يجي يوم وتقرأ دواوين شعر عني .. خل هالكلام ببالك
كتف يدينه وهو يناظرها بإبتسامة .. وللحظة تمنى تبقى عنده طول العمر .. مو متخيل يمر يوم من حياته وما يلقاها تطفشّه وتحارشه على أتفه شيء .. كثر ما يتمنى تبقى بذراه سنين طويلة .. وتبقى معه تونسه وتسعده بتصرفاتها كثر ما يتمنى سعادتها .. مع الشخص اللي شيّد عز فيه ذراه وساعد في بناءه وكفله .. والليّث كان غني عن التعريف فعلاً
شخص بيعطي أكثر مما يأخذ وهذا اللي مطمنه كثير على مستقبل بُشرى معه ! واللي محصور الحين بسبب جامعتها اللي ما أنتهت .. ولأن الليّث رفض الزواج قبل يستقر بوظيفته !
خرج من البيت ونادى عليه وهو يبتسم بإحراج : إقلط من جديد وحيّاك يا بن عناد .. وإعذرنا
الليّث اللي كان وجهه أحمر من كثر الضحك اللي فرط فيه أبتسم وهو يمسح الدموع من عيونه ومسك يد فهيّد وقال : لاعادي يا أبو فهيّد .. سهالات والدنيا بخير !
أنحرج سعود أكثر من ملامح الليّث مع ذلك ماعلق ودخل والليّث وراه على طول .. مبتسم بهدوء وموقن إنه محتاج شخص فعلاً مثل بشرى اللي أخذت الجادِل قُدوة لها .. واللي لسنين طويلة كانت تكره مادة اللغة العرِبية بشكل كبير .. ولكن بعد حُضور معلمة مُحببّة .. تعطي المادة بكل حب وتفانيّ .. همها الأساسِي والكبير توصيل المعلومة بأفضل طريقة يتقبلها الطالب .. معلمة قلبها على قلوب طالباتها ورغبتها الكبيرة تخرِيجهم من تحت يدها وهم نابغِات في هالمادة .. وفعلاً هذا اللي حصل .. الطالبة اللي كانت تمقُت المادة مُقت شديد أصبحت الآن من أشد المعجبين لها .. ومن كثرة حبها تخصّصت فيها ..وماباقي لها إلا القليل عشان تصير مُعلمة العربِي بُشرى !
-
-
{ الجادِل }

رتبت كُتبها بيّن بدينها وهي تبتسم ودخلت متوجهة لغرفتها .. ومن دخلت حتى ألتفت وهي تشوف ولدها مُستقر قدام المراية .. وعُيونه تقلب ما بيّن الصور اللي قدام وجهه .. تقدمت وهي توقف مكانه . . وهو من لمحها أبتسم وقال : هلا والله
ناظرته بهدوء وهي تتأمل قامته القصِيرة .. وعيُونه اللي تنطق بشيء أكبر منه .. تعلمه المنطُوق العذب .. والمرجلة اللي تتعدى عمره .. ماكان إلا شيء متوقع من ولد الشيّخ عز واللي يشاركه صدُور المجالس .. ومعلمة العربي !
أقتربت وهي تقبّل رأسه وقالت : هلا بك يا بن عز
أبتسم وهو يأشر على الصُورة وقال : أحب ضحكتش يمة .. أحس الدنيا بخير لاضحكتي !
ضحكت بخُفوت وهي تسمعه يردف ويقول : ودي أحكي لش نفس القول اللي حكاه أبوي عز .. والا نفس اللي حكاه خالي الليّث لأجل تضحكين مثل الصور
أبتسمت وهي تقترب وتضمه بهدوء وقالت وهي تأشر على صورته معها وهو بعمر السنة : إسمعني زين يالهيّثم .. أنت ما يحتاج تنطق بشيء لأجل أضحك ويبتهج قلبي .. أنت وجودك لحاله يسعدني .. أنت عطيّة ربي بعد شهور من وجع ..
قطّب حواجبه بعصبية وقال : من أوجعش ؟
ناظرته بهدوء .. وأبتسمت روحها وتوهجت قبل يبتسم ثغرها .. للحظة صارت مثل الحمامة اللي تفرد جناحيّها بكل بهجة ! معقولة كلمتين من ثغر طفل ما تعدى الست سنيّن قادرة تخليها تشيَد لها مبانيّ من فرح : محد بيوجعني وعندي ولد مثلك .. ياويلهم منك
هز رأسه بتشييّد وقال : ياويلهم مني .. وقبلي أبوي وخالي
ضحكت بإبتسامة وفعلاً .. محد بيطولها وحولها هالقوة !
وبعدها قبَل رأسها بإحترام ومشى وكان بيخرج بس وقف وهو يسحب فروة عِناد ويثبتها على كتوفه .. ضحكت وقال : ياولدي .. يالله بعظامك تشيل لحمك وش تبي بالعناء ؟
أبتسم وقال : أبي أوديها لأبوي على كتوفي
هزت رأسها بطيب وما أعترضت وهي تتقدم وتثبَتها على كتوفه والباقي تلمه وتثبته بيدينه : والحين تقدر تروح وأنت مستأمن
أبتسم لها بهدوء ومشى وهو يتعثر بالفروة مع ذلك مستمر بمشيَه ..

خرج من البيت متجه لِـ مجلس الديّرة و وقف جنب عبد العزيز اللي مسك كفوفه بهدوء .. ألتفت عبدالعزيز وناظر للصغير اللي واقف جنبه وأبتسم بهدوء وهو يتأمل عصبّته وثُوبه الأسود وعليه فروة عناد المشهورة .. شد على كفوفه ورفع رأسه وهو يسمع ضحكة سند العاليَة واللي كانت نتيجة قدوم سعد وعلى رقبته مثبّت بنته أم السنتين وقال : الله يالدنيّا .. من اللي كان يضحك عليّ قبل سنتين وما بقى سبّة ما سبني إياها عشان بنتي على رقبتي مثبّتها .. والحين تقلدني ؟ صدق إنك بديت تميل للقبر وتخرف بزيادة
ناظره سعد بطرف عينه وقال : وش عليك بيني وبين بنتي ؟
ضحك ورفع كفوفه بلا مبالاة : ما عليّ شيء .. ولكن لاتحشُر أنفك في شيء ما يخصك مرة ثانية .. أنت مثل ذولاك اللي يضحكون على شيء ثم يقلدونه .. يالشايب العايب
سعد سكت للحظات ثم ضحك وشاركه بالضحك عبد العزيز وهم يسمعون صرخة سند واللي بسبب عضَة ولد سعد لكفوفه واللي بعدها ركض وتخبى ورى ظهر أبوه : تستاهل .. أنا أشيل يدي عنك .. مالك إلا عياليّ يأخذون ثاري منك
سند اللي مسك يدينه بوجع ورفع إصبعه بوعيد لولد سعد واللي قال : الله يرسل عليّ صبر من عنده عليك وعلى عيالك
سعد ضحك وقال : تستاهل .. كان بقيت بمهنتك وفكيتنا من وجهك شهور طويلة
ناظره بطرف عينه .. وسعد مشى عنه وهو يضحك ويناظر لعبد العزيز اللي سلم عليه بهدوء وإحترام كعادته وبعدها دخل للمجلس
بينما سند وقف وهو يتنهد وقال : عطني من طولة بالك القليل .. باقي شوي وأحرقهم
ربت على كتفه وقال بضحكة : إستعن بالله ياسند .. أعصابك صارت محروقة كثير
ميّل شفايفه ثم تنهد بضحكة وبعدها ألتفت للهيّثم وقال : أرحب يا بن عز !
أبتسم الهيّثم بهدوء وقال : الله يبقيك
قرب وسلم عليه وحبّ خشمه وبعدها وقف سند وقرب وهو يهمّس لعبدالعزيز : هالولد ولدك .. لو يضيع بين قبايل المجرة عرفنا إنه ينتمي لك
ضحك عبدالعزيز بتأييد لكلامه .. وقال : إيي بالله .. ذاك الشبّل من هالأسد
ضرب كتفه بضحكة وقال : يا شينك .. خذيت من طبع سعد كثير
ضحك من كلمته ودخل للمجلس .. اللي توسّطه وجلس بصدره وجنبه ولده اللي شاركه بالفروة وهو مبتسم ..
-
ومن توسط القمر السمّاء شدُو رحالهم لبرى المجلس .. بالجلسة اللي يتوسطها شبّة النار .. واللي كان الحضُور فيها ما يقتصر على الثلاثي وعيالهم بس .. كان فهيَد وجسار وبقية الفرسان موجودين
وراجح اللي كان بكره على يمينه ويسولف معه بهدوء .. فمثلما أنعرف إن الخوي الجديد لراجح هو ولده فهيَد .. واللي صارت خطوة راجح بخطوة ولده .. واللي ترك فهيَد كل اللي حوله وألتفت لأبوه وصار أقرب أخوياه وضحكه معه وسوالفه معه .. أيقن إنه هالعلاقة كان المفروض تكون كذا قبل سنين طويلة .. ولكن لابأس ما فات الفوت
تنحنح سعد .. وهو يقول بضيق : أشتقنا لشاهِي ولدنا الشمالي
أبتسم عبد العزيز من طاريّه وقال : قريب بيشرف .. ماهو بمطول المحامي
سند ناظر سعد بطرف عينه وقال : يعني مسوي نفسه ينحَب ذا الثقيل الدم
ضحك سعد وأشر على ولده " فايز" : والله بحول عليك فايز يعض يدك الثانية
رفع يدينه برجاء وقال : أمزح ياسعد .. لف ذيبك عني
ضحك سعد وسكت وسند ناظر للجلسة اللي ماكانت تحتاج إلا أجواءهم اللي أشتاقو لها كثير .. خصوصاً بحضور شبَة النار لذلك رفع يدينه وبدأ يصفق بهدوء الين التفتو له .. بعدها بدأ يقول : ياطارشي هات الأخبار زينة .. والبحر ماشال هم السفينة
لحظة صمت بس بسيطة وبعدها بدؤو يشاركون كلهم معه في جلسة أشتاق لها ..
.
.
ومابيّن صخّب أطفال سعد .. واللي كانُو نسخة منه .. بالأسلوب والشكل
كانت أمه مستمتعة وحيّل .. كون هالأيام هي الأيام اللي تمنتها لسنين طويلة .. ضحكت وهي تشوف فايّز ولد سعد يسحب شِيلتها وهو يقول : شعرش حلو ياجدة .. لا تخربينه بالشيلة خليش مثل أمي
صفيّة اللي أنحرجت وخصوصاً لها فترة طويلة ما تشِيل الشيلة من على رأسها غطته بيدينها وهي تقول : سعد هات شيلتي عشان ما أكسر عصاتي على ظهرك
سعد وقف وهو يضحك وقال : عزتي لسعد .. طار والا وقع مصير هالعصا تنكسر على ظهره .. حتى ومعه ولد
ضحكت منى وهي تشوف يلحق فايّز ويسحب الشيلة من يدينه .. وفايز تكتف بعصبية وهو يناظره .. بينما سعد كان يمشي وهو ماسك الشيلة من طرفها .. ومحرر آخر طرفها واللي ألتفت حول ساقه وتعثر فيها وبشكل غرِيب مالقى نفسه إلا يهوي على الأرض .. تراقصت كل ضلوعه إحراج لما عمّ المكان الصمت .. إلا من صوت ضحكة ولده العالية .. واللي كان يضحك من كل قلبه على شكل أبوه واللي ركض لأمه وهو يقول : شفتيه ؟ طاح

Continue Reading

You'll Also Like

96.1K 1.7K 17
بداية حكايتنّا المُبهمه والحُب الصعب ، حكاية اكتبهّا وسط العاصمه نجد العّذيه ، بتشهد على جميع المّشاعر والقصص ، حكايه طويله تنتطر ، رفيّق الليل العت...
333K 3K 5
عندما يحين الصباح تتجلى جميع افكار الليل الحزينه ، نعيد ترتيب انفسنا لنبدأ من جديد ، نلملم اشتاتنا لنتعامل مع اشخاص مجهولين وغير مجهولين ، لكي لايشعر...
1.8K 133 14
فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها فقدت كل شيء قبل عشر سنوات،أمها،قدرتها على المشي و حتى صديقاتها،باتَت فتاةً محطمة. و شاب في السادسة و العشرين جعله...
180K 5K 56
أتمنى أن تنال أعجابكم🩵🩵