من قريت الشعر و انتي اعذبه

By HaboOoshy

1.1M 10.2K 4.5K

من قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة 🍃🌺🍃 .. للكاتبة : فاطمة صالح تجميع : storykaligi More

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40

11

22.7K 265 223
By HaboOoshy


{ الجادِل }

أبعدت خُصلة شعرها لخلف إذنها وهي تثبت مِرفقها على طاولة مكتبها ، أخذت نفس
وهي تناظر لِإطار الصورة وهي تبتسم بضيق
رفعت كفها وهي تمرر بإصبعها على ملامح وجهه
وتمردت دمعتها غصب عنها ، ولا ملجأ لها من كمية هالحزن إلا بين أوراق دفترها !
فتحت الدفتر وأخذت القلم الأزرق وهي تفتح أول صفحة فارغة قدامها ، أخذت نفس وزفرته بكل ضِيق وهي تبدأ تخط بيدها مشاعِرها ، كعادتها تنثر جميع حِزنها بين أوراق دفترها ، ثم بعدها تِمثل السعادة ! " من قال أن الألم يختفي أو يتوقف ؟
من قال أن الألم يرحل !
من قال أن شوق فراقهم يبقى لفترة ثم يودعنا؟
من قال ذلك فقد كذبو علينا !
من قال أن القلب يلتئم فقد إستغفل بكلامه عقلنا كي نتوقف عن الدمع
أبداً لن يرحل ذلك الألم .. ألم الشوق لهفة الرغبة في الإرتماء في أحضانهم ، الحاجة لصراخ بأعلى صوت "لقد اشتقت لكم "
الشعور بالألم في ذلك القلب الصغير الهش،
الألم الغريب..
الإحساس بأن القلب قد انشطر
ذلك الجرح أبدا لا يرحل او يختفي ..
إنه مجرد إعتياد لحياة أصبحت تخلو منهم
وفي ذات الوقت تنتظر عودتهم
تنظر إلى أماكنهم
تتأمل صورهم
تسترجع ذكرياتهم
و صوت خافت داخل القلب يقول : متى يعودو أو متى أذهب لهم !
صوت خافت يأتي ليقول لي
ليذكرني أن قلبك الصغير المنشطر على فراقهم
لن ينسى الألم أبدا فقد سيعتاد الحياة بذلك الألم .. "غ.ا"

بُتر كلامها ووضعت القلم على الطاولة بخوف وهي تِلفت لمنى اللي تتنفس بسرعه وتناديها : الجادِل بسرعة تعالي
وقفت بقلق : وش صاير ؟
أبتسمت بلهفة وحماس : تعالي مطر ، حتى مرا قوي
الجادل أخذت نفس براحة : خوفتيني يا منى ، على بالي صاير شيء
دخلت وهي تسحبها : تعالي بالله عليكِ اخرجي للحوش ، تعبتي نفسك بالبكاء كل ليلة
هزت رأسها بطيب وهي تمشي ورى منى اللي تسحبها
ومن وقفو بالحوش الصغير لفت لحياة اللي واقفه بنصه وضامه يدينها لصدرها ، قال الجادِل : يوم انك تبردين وش اللي حادّك تبقين تحت المطر
ألتفت لها وناظرتها بنص عين : وأنتي وش عليك ؟ أبقى بالمكان إللي أبيه
منى ضحكت وهي تقول : ماعليك منها جاءتها الحالة
ضحكت الجادل بخفوت وهي تتذكر انها بكل مرة تعصب فيها حياة ، تقول هالكلمة
هزت رأسها بهيّن وهي تدخل تدخل المطر ، ولكنها أنحنت بسرعة للأرض وهي ترمي الموية بيدّها على حياة اللي عصبت : الجادل اتركي الجنون عنك ، طفلة أنتي ؟
ضحكت وهزت رأسها بإية : طفلة وش عندك ؟
ناظرتها بطرف عينها للحظة ثم أنحنت بسرعة وهي ترشها : تفضلي ، إن كان عقلك صغير فبصغر عقلي مثلك !
بدؤؤ يرشون بعض وسط ضحكاتهم العالية ، وإستمرار نزول المطر ولعبهم تحتهم ، وكأن هالليلة كانت رحمة من ربي عشان ينسون كل معاناتهم المُرة !
بعد ما حسّو بالبرد ، لجئو للبيت وبدلو ملابسهم على عجل ، وإجتمعو بالصالة الصغيرة
جلست الجادل وبيدها كوب الشاي اللي يتوسط كفينها بهدف تدفئتها، وبدأت تشرب بهدوء
قطع صمتهم حيـاة إللي قالت بعدما تنهدت وهي تِسند رأسها على الجدار: للآن مصرين على سالفة تعييّنكم بالجنوب ؟
ألتفت لها الجادل وناظرتها للحظات ثم هزت رأسها بإيجاب :لو وافقو ، راضيّه وبمشي أنا ! وبنفس اليوم
منى : وأنـا بعد رايحة ، ذاتاً هالمكان مش مكاني
تأفتت حياة : يعني ببقى هنا لوحدي والا شلون؟
الجادل ناظِرتها بهُدوء وهي تنزل الكوب من يدها : لا طبعاً ، راح تجين معنا ! ووصيّة جدي ماراح ننقضها
مثل ما قال "إبقو سوى ولا تخلون الفراق يدخل بينكم" راح نبقى !
-
-
{ سند }

مسح على وجهه وناظر للمِيناء اللي رسو على مّتنه
نزلو المرسّاة ، وسحبو الأشرعة
أبتعد عن الدِفة وهو يتنهد براحة ، رحلة جديدة كُللت بالنجاح وهذا يعتبر إنجاز مو قليل بالنِسبة له !
ألتفت للقبطان المساعد اللي رفع يده ودق له التحيّة بفرحة وبإبتسامة : كفو يا كابتن ، والله انك كفو
ضحك سند وربت على كتفه : لحد يسمعك يظن إني بالرحلات السابقة رميت بكم في جبل ولا غرقنا
أبتسم بإحراج : ولو ما قصدي كذا والله
سند سحب الراديو وقال : ولا يهمك
فتح على المحطة اللي تبّث السبِاق ولا لحِق الا على سماع صوت مراسيم التكريم ، وهذا كافي يكفيه بحد ذاته ، أبتسم بفرحة وهو يوقف لما سمع صوت عبد العزيز يشكر القائمين على السباق والمشجعين ، ويخص بالشكر ديرة الخسوف
ضحك وهو يرجع الراديو مكانه ويتنهد براحة ، صار له من وجه عبدالعزيز أكثر من سنة
بسبب رحلاته اللي تطول ، وكانت أطول فترة إفترقو فيها عن بعض
ولكن رغم هالفراق كله ، كان يداري البعد والفراق ..

وكل لُوعاته بين أمواج البحر ، اللي إن علت لفوق خذت كل همومه وهبطت بها كلها لين أعمق نقطة بقاعها ، وهذا السبب الوحيد اللي خلاه يترك كل شيء ممكن ينشغل به ، ويتوجه للسفينة لأجل يكون قبطانها !
ألتفت للمساعد وقال : هالرحلة راجعين بعدها للبلد صح ؟
هز رأسه بإية : أبشرك إيوة والحمد لله ، هذي آخر محطة نرسى فيها ، وبعدها محطتنا اللي بنأجز فيها
تنهد براحة وجلس بكُرسيّه وهو يشرب قهوته أبتسم وهو يتذكر إن بكل مرة يمسك الفنجان بيده يتذكز مقولة عبد العزيز له " كثر قهاويّك وقلل هقاويّك "
وفعلاً من طبقها صار مريّح رأسه عن هم ونكد ماهو بقليل !
-

{ نسِيم }

كعادتها ، هالوقت من العصر تختلي بنفسها وورد حدِيقتها ، وتبدأ تتفنن بزرع كل اللي يعجبها تقص هالجذور ، وتزرع هالنوع الجديد
وتسقي الباقيّة ، ناسِيه نفسها بينهم
دخل جسّار وهو يدندن ويلعب بالمسبّحة بين يدينه
ووقف وهم يبتسم ، براحة ، بطمأنينة ، وبسعادة ماهي بقليلة !
يحلف إنه بكل مرة يدخل البيت ويلقاها بهالمكان يحس إن الدنيا مازالت بخير في عينه
ولو تخرب كل البلدان وتنهد ديرته على رأسه ، ويرجع لبيت ويلقاها كذا ، ليرتاح قلبه ويهدأ نفسه : والله اني تعبان ومُنهك من الوجع وغِيره
ودايما أنا لاجىء لطمأنينة وجهك !
سبحان من خلق هالرحابة كلها بشخص واحد !
وقفت وهي تنفض التراب من على المرّيلة البنية
ومن ناظرته أبتسمت حررت فُستان النيّلي من المريّلة وفسختها على طول وهي ترميّها ، مشت له بخطوات سريعة وهي تِسحب الوشاح الأبيض من على شعرها ، اللي تناثر على كتوفها بطريقة أربكت قلب جسّار ، وقفت قدامه وهي تبتسم : رجعت بدري
بلع ريقه وناظرها وهو يبعد خصلات شعرها : على هونك يا بنت راجح ، وش هالكِثرة كلها ؟
ضحكت بخفوت وبحياء وهي تمرر يدها على كتفه : أشتقت والا !
ميّل شفايفه للحظات ثم أبتسم من ضحكتها وسحب يدها من على كتفه وهو يبوسها : الشوق ؟ وش هالكلمة عند الشعور اللي احس به !
سحبت يدها وهي تضحك : زين تعال يالله ، أقهويّك أحلى قهوة !
أبتسم ومشى وراها ويدينه بجيبّه ، مُمتن لكل شيء قربها منه ، حتى للورد ممتن
مثل ما قالو إنها تحتاج شخص لأجل تصنعه وتتفنن بخلق شخصية مهيبه منه ، هي فعلاً صنعت !
جسّار قبل نسِيم ، كان غير تماماً عن جسّار بعدها !
صار مُهيب وقوي ، وكلمته تِنسمع بالمجالس ورأيه ينوخذ به ! وتِجارته يقصدها القاصِي والداني !
وهالشيء مهوب بس يعرفه جسّار ! هالشيء يتفاخر به
-

{ الجادل }

أخذت نفس وزفرته بكل ضيق ، وهي تغمض عيونها وتهز نفسها بتوتر ، كل ليلة تحس بهالشعور اللي يكتم على صدرها ، ولا تقدر تنجو منه الا بالبكاء
بدأت تبكي بضيق وهي لامه يدينها لبعض
شعور سيء جداً ، تحس إن اللهفة للحياة معاد هي بموجودة عندها !
كيف لا ؟ وهي فقدت أحبّ رجل لقلبها
رفعت رأسها على خروج حياة من غرفتها ، ومسحت دموعها بسرعة وهي تحاول تخفي انها ما كانت تبكي ! لأن حياة ما تحب تشوف احد يبكي وتبدأ تعصب عليه ! ولا هي برايقة للصياح بهالليل !
ولكنها رفعت رأسها بذهول وهي تشوفها تنحني وتجلس بنص ركبة قدامها ، رفعت يدينها وهي تمسح على رأسها بهدوء ، وكانت هالحركة كفيلة بأنها تفتح شلالات البكاء بعيونها !
شهقت وهي تشد على بلوزة حيـاة بضيق : ليه الحياة لا عفّت عني ورأفت بحالي ورضت عليّ ! وأعطتني شيء بطيب خاطر ، تأخذ بداله أشياء كثير !
حياة ما تكلمت والجادل أردفت : عطتني ايـاه عطتني الوطن ولكن ضريبته كانت الإبتعاد عن حضن أمي ! عطتني حلمي بين كفيني ولكن ضريبته كانت الغربة عن الوطن ! عطتني تحقيق هالحلم والسعي له ولكن الفقد والموت كانت أكبر الضرايب
حياة مسحت على رأسها بتعب : إرحمي حالك يالجادل ، سنتين وهذا حالك
كل ليلة تبكينه كل ليلة ما تجف دموعك !
سكتت شوي وبعدها بكت أكثر : تدرين ليه ابكيه كل ليلة على مدار سنتين ؟ لأنه طول حياته كان خايف انه يموت وحيد ، كان يخاف انه يكون بوحشة القبر لوحده بدون دعوات ولد او حفيد تؤنسه ، كان يخاف يموت مقطوع الذكر ما يدري انه بيترك وراه حفيدة تبكيّه ليل ونهار ! ما يدري ان الجادل تبكيه عن امه وعن زوجته وولده وكل قبيلته
بلعت ريقها وقالت ببحة: حياة ، كان يبكيني قبل ما يموت ، كان يقول خايف عليش من هالدنيا بدوني ، صحى بنص الليل بخوف وهو يدخل غرفتي صحاني من نومي وهو يضمني بقوة لصدره مسح على شعري وطبطب على يدي كان يقول لي : وهبّت لش ما تبقى من عمري ، بس والله اني خايف ! خايف نهاية هالعمر قريبة ، خايف اني أبتعد عنش باللحظات هذي وتبقين وحيدة بهالمكان ، خايف اني بفعلتي هذي ما حققت لش حلمش بل زدت اضعاف وجعش ..

ربت عليه وانا اضمه وأطمّنه إنه الشخص اللي ببقى ممنونة له طول حياتي ، لأني عوضني عن حنان الأب اللي فقدته تدرين وش سوى ؟ عايض القوي الجبل بكى
بكى مثل الطفل وهو يطبطب علي يقول : خايف تبقين هنا بدون عزوة وسند ، وانا اللي جبتش لهنا معي خايف ترجعين بدوني ! قلبي يوجعني يا بنتي ماهوب علي يشهد الله ! ولا خوف من الموت انا عشرين سنة انتظره صبح ومساء اتشهد قبل ارقد واحط رأسي على المخدة أنتظره ، ولكني اليوم صرت خايف من الموت ، لاني خايف على حياة تعيشينها بدوني !
غمضت عيونها وهي تبلع ريقها : يقول انه خايف عليّ ولكنه بعد فجر ذاك اليوم توفى ! وش هالخوف تكفين ياحياة ! يخاف علي ويتركني والله اني ما عهدت هالشيء
أقتلب وجهها وميلت شفايفها بخوف : أستغفر الله العظيم يارب ، اللهم لا إعتراض على حكمك الحمد لله على كل حال ، الحمد لله وبس
حياة سكتت للحظات وهي منغبنة على حالهم ماهيب بس الجادِل اللي تبكيه ! حتى هم لأن ثلاث سنين وهو معهم ماهي قليلة ! وان كان للجادل اب فهو كان يعني لهم الكثير
مستحيل تنسى هالشايب اللي كسّى عمره الشيب
وأنحنى ظهره ومازال يركض وراهم من كلية لكلية ومن مكان لآخر ، كان يدور لراحتهم لين آخر يوم قضاه بهالحياة.
تنهدت وأبتسمت وهي ترفع رأس الجادل وتمسح دموعها بكفها : إستهدي بالله الحين وقومي صلي ركعتين ، بعدها بيأذن الفجر
اليوم راح يوصل خبر تعيينك من عدمه ، لازم تجددين النفسية
ناظرتها للحظات ثم هزت رأسها بطيب : العمّد على الله ثم على خبر هالتعييّن على رجوع الحياة للجادل !
-
-
{ عبد العزيز }
وصل لحدود الديّرة ، ولكنه وقف السيارة
وناظر لسعود اللي راكب جنبه بنظرات هادية
وسعود رفع حاجبه وقال : وش صاير ؟
لف نظره للمراية وناظر لسعد اللي راكب الشاحنة اللي تنقل جدِيلة
أشر عليها وقال : عندي مشوار هاللحين ، اركب مع سعد !
سعود تأفف : وين المشكلة لا رحت معك !
عبد العزيز : مالي حيل للأخذ والعطى يا سعود ، شفني يومين وأنا على حيلي
ناظره للحظات ثم تنهد ونزل وهو يتجه لسيارة سعد ، ركب بهدوء
وسعد ناظره وعرف ان عبد العزيز طلب منه يبقى لحاله
كعادته ، من يرجع من أي سِباق يختلي بنفسه ويرجع لوحده للديرة ، يروح لمكان الكل يجهل موقعه الا هو
لذلك حرك بدون ما يتكلم !
أما عبد العزيز اللي غيّر وجهته ، ومشى بسيارته وهو يناظر للطريق بهدوء ظاهِري ، ويخفي في داخله مليون بركان
مر من حقل الورد الأصفر ، وتضايق حيل لما لاحظ إنه ذبل وأصحابه ما صارو يهتمو فيه أبداً
وهذا حاله خلال الفترة اللي راحت ! من ذبول لذبول
وقف قدام باب بيت عايض ، ونزل وهو يجر خطواته
دق الباب في خوف ، من إن أحد بيرحم حاله وبيفتح له هالباب
ولما ما لقى رد أخذ نفس وزفره بضيق وهو يدخل يدينه بثوبه الأسود ويناظر بتشتت للمكان
خمس سنين ، يظنون إنه نساها وهو لين هاللحظة يسامر طيّفها كل ليلة ! يدق على عود الجفى والفراق لسند ! ويدق على عود قلبه الوجع والشوق : مشيت أنا ولا عثرت إلا على بابك
‏وأنا والله وقوفي وقوف .. وعثرتي عثره وهالطيّحة ماكانت الا على بابها ، القاسِية
اللي حفظتها سر ما يظهر على العالم ولا ينقال وزرعتها بين تنهيد الضلوع وبين غربالي !
ضحك بسخرية وبضيق على حاله ، اللي كل ما ظن انه طاااب ونسى ، يلاقي نفسه يغرق أكثر وأكثر
رغم إنه يحاول يتناساها ويكمل حياته مثل ماهي قررت تنسااه ! الا انه يفشل
وبكل مرة يرجع لنقطة البداية ، يدور عليها ويقصد كل شهر بيتها لعلها رأفت ورجعت ، ولكن هيهات !
تنهد وهو يمشي بخطوات متثاقلة لسيارته وهو يعاتبها على قسااها : اللي بقى منّك هنا ، جرح ومعاناة و قصيـد
ركب السيارة وتوّجه للدِيرة ، وما إن دخل حدود الخسوف
تهلل وجه بالسعد ، لأنه وإن كان يخبي في قلبه جبال من الحزن ، الا إنه جبال الفرح تنافسها
كيف لا ؟ وحلمه اللي سعى له يشوف واقع بين يدينه !
خطى على أراضيه ، وأبتسم بخفوت وهو يناظر لأهل الديرة اللي يمشون بإتجاهه وسعود واقف معهم وبيده رسّن جدِيلة ، وهذي إحتفاليتهم فيه بكل مرة يفوز فيها !
نزل من السيارة مُلبياً لرغبتهم ، وأشر لهم يقصرون صوتهم وهو يضحك : صلو على النبي !
ولكنه بحركته ذي هيّضهم أكثر وزاد علو صوتهم بأهزوجتهم المعتادة ، أخذ جدِيلة من سعود وهو يركب على ظهرها ، وبدأ يمشي بشوارع الخُسوف
وهو يناظر لأهل ديرته من وراه وجنبه وقدامه !
يهتفون بإسمه وإسم جدِيلة ، ومن رفع الكأس بيده حتى زاد حماسهم !
وهو مبتسم ومبسوط لفرحتهم ، وصل لين باب بيت الشيخ ونزل وهو يضحك من وصولهم معه لين البيت : حياكم الله على قِل الكلافة !
إقلطو بمجلس راجح الجبّار ، لبو طلبه ودخل وهم وراه

ومن ناظر لراجح اللي جالس بصدر المجلس وفنجانه بيده تقدم بخطوات سريعة وهو يبوس كتفه وراجح أبتسم بوقار : حيا الله عز الودّق !
"الودق بمعنى المطر"
ضحك : الله يحييك
راجح هز رأسه : خليتنا نتخلى عن الجبّار في سبيلك
ابتسم وهو يجلس جنبه ويطبطب على يده : بسيطة يا ابو الخسوف ، هالودق ماكان من فراغ وراه بلاوي ماهي بسهلة
راجح أبتسم وهو يناظره بطرف عينه ، ثم صد عنه وهو يرحب برجال الديرة ! يظن انه عبدالعزيز مستغفله ، وان هالسر اللي بقلبه محد يعرفه بينما يجهل تماماً ، ان العذاب والانتظار اللي يعيشه الحين
عاشه راجح قبله بخمسة وعشرين سنة ! وهو أكثر واحد يعرفه أتم المعرفة
دخل للبيت وبيده الكأس ، وأبتسم بخفوت وهو يسمع زغردة أمه ، قرب وبأس رأسها : ارحبي ياعيوني
أبتسمت وهي تناظره : الله يطعني عنك ياعزيز ، والله انه من قوه حماسي كان بجيك من الشاشة !
ضحك وهو يكاتفها : صلي على النبي ، لو قايله لي كان خذيتش معي دون تدخلين من الشاشة
ابتسمت بضحكة : ماهيب مشكلة ، المرة الجاية موعدنا
هز رأسه وهو يجلس بالصالة جنب حكمة اللي منسدحة وتناظر له بإبتسامة باهتة : هلا بعز
أبتسم : هلا بك ياجدة
حاولت تعتدل بجلستها وهو ساعدها ، ومن جلست ربتت على فخده وقالت : ماباقي الا اربع سنين وتصك هالثلاثين ، وتلحق اخوك سعود وتبقون معنسين طول عمركم ، وما بقى في عمر هالعجوز الا القليل
ما ودكم ترضوني
سكت للحظات ..
سكت للحظات متضايق من هالسالفة اللي تنفتح بكل مرة وهو اللي حلف انه مستحيل يتزوج هالفترة !
هو بحبه ما قضى الا نص سنين انتظار راجح ! ولكنه ماهو براجح ، ما يقدر يتقبل احد في مكانها ابداً : ياهالسيّرة اللي تخرب الجلسة ياجدة ، طالبك تفكيني منها يعني جايك منبسط وضحكتي تشق وجهي ، تقومين تغربلين جوي ؟ واذا علي فعادني في العشرين ، كلمي سعود يعرس
وقف وهو يستأذن ودخل غرفته يريّح بعد التعب
ونظرات نعمة الحادة والشرارية تتبعه ، كانت دائماً لا شافته سواء سعيد او حزين ، تدعي عليه بالضيق والحزن لأنه فرقها عن ولدها اللي خمس سنين مغترب من ديرته ، ولا وطت له قدم فيها ، حتى حفيدها اللي ولد وترعرع بأرض ماهيّب أرضه
وكل ماكان بيعاند ويكسر كلمة عبدالعزيز تحلف عليه نعمة بخوف عليه !
تدعي عليه من حُر ضيمها على اخوها اللي كمل حياته بيد وحدة ، والثانية مدفونة تحت سابع قاع !
ولا بيدها شيء غير تكسره بالدعاء ، لانها ضعيفة كثير بالنسبة له ، وفعلتهم وغدرهم خلاهم صغار حيل قدامه !
التفت على دخول نسيم وبيدها شتلات ورد حطتها على الطاولة وهي تبتسم : شحالكم !
المزن : هلا ياعيوني ، طيبين وينك عننا !
ابتسمت اكثر وجلست : اليوم جايه زيارة خاصة لعز
ناظرت نعمة بطرف عينها للورد : والتاجر كانت هديته لولد الشيخ هالشتلة ؟
تنهدت وناظرت لامها بضيق ، على مرور الفترة ذي كلها ، كانت لازالت ما تقبلت جسّار أبداً وهالشيء يضايقها كثير ! : هالوردة من نسيم يايمه
وعز يستاهل هالرقة وهالورد !
ميّلت شفايفها بعدم إعجاب للوضع الراهِن وناظرت لرحمة اللي تجلس جنبها وماكانت أقل منها من الكره ، لأن عبدالعزيز تمّلك الخسوف
ولو إنه ماهو بشيخها بالإسم ، إلا إنه بأفعاله الكل يظنه شيخها ، رغم ضغينة نعمة اللي معروف سببها
إلا إن رحمة حاقدة عليه بسبب سعود ، لأن ولدها صار شغله الشاغل رِضا عبد العزيز وهالشيء ماهو بعاجبها أبداً !
-
-
{ فهيد }
ناظر لضحى اللي تلعب بالطين وعصب وهو يمشي بإتجاهها ويسحبها : وش تسوين بين الخُلب "الطين" غبية انتي ؟
بكت بخوف وهي توقف وتنفض يدينها وهو عصب أكثر ودخل ورماها على الأرض جنب الباب : ياويلك اشوفك برى وتلعبين بالطريقة الهمجية ذي لعنبو حيّك ، هذا لعب حفيدة شيوخ ؟
وصايف سارعت خطواتها وبيدها ولدها إبن الأربع سنين لما سمعت صوت بكاء بنتها ، وتأففت بضيق وهي تشوف فهيد يهزئها ، كعادته حرته تطلع دائماً على هالمسكينة
وعليها ، لأنه ما يقدر يخفف من غبنته بالطرد الا عليهم ، صحيح إنها تحاول تتفهمه وتبلع أفعاله ولكن كل شيء له حد !
.
.

{ الجادِل }
ناظرت لمديرة المدرسة وأبتسمت : يعني فيه مدراس تطلب تعيّن مدرسات صح ؟
هزت رأسها بإية وهي توقف وتعطيها ملفها وتسلم ملف منى لها : أول ما طلبنا التعييّّن وافقو لحاجتهم الكبيرة للكادر التعليمي ، وللنقص الكبير فيه
أول ما ذكرت عن رغبة معلماتنا بالنقل لهم ، وصلت الموافقة
ناظرت الجادِل لمنى بفرحة وهي تشد على يدها : طيب وش إسم المدرسة ؟ ومتى نقدر نمشي لهم


المديرة شبكت يدينها ببعض : ذكرو لي الاسم بس والله غريب عليّ ومعاد تذكرته حالياً ، ولكنه مجمع دراسيّ يضم كل الفئات التعليمية ، زيادة على كثر وصلني خبر من ان اول ما توصلون حدود المنطقة راح يتكفلون بتوصيلكم وراح يحرصون على راحتكم بما اني ذكرت إنكم معلمات لحالكم دون وجود أهلكم معكم
عضت شفايفها الجادِل بضيق من كلام المديرة ولكنها قالت معتذرة : والله ما قصدي شيء سيء ! إنما لمصلحتكم ، لأنهم قالو إنهم راح يوفرون لكم المكان اللي راح تبقون فيه !
هزت رأسها الجادِل بشكر ، والمديرة قالت : تقدرون تودعون طالباتكم
طلعو من عندها وناظرو لبعض بفرحة وهم يضحكون
الجادل : الحمد لله ، بدأت تزين
منى ضحكت : وانا مدري وش أحس فيه ، مبسوطة إني رايحه للجنوب رغم اني مو جنوبيه
ابتسمت الجادل : الله يسبق بي ، والله ان ودي احب خشم الحجاز عشانك
ضحكت منى وقالت : روحي توكلي على الله ودعي طالباتك ، قالت تبوس خشم الحجاز
هزت رأسها بضحكة ومشت وبيدها ملفها ، ومن دخلت لفصلها تفاجأت من باقات الورد اللي بإنتظارها ولا هو بس الورد اللي ينتظرها حتى الدمع
حطت يدينها على فمها وهي تناظرهم بضيق : تكفون لا تبكون ! يكفينا بكاء
إقتربت وهي تضمها وتقول : إستاذة الجادل تكفين لا تروحين ، أنتي أول إستاذة أحبها
ضحكت بضيق وهي تمسح على رأسها ثم تنهدت ولكنها ألتفت على صوت الثانية اللي تقول : مو لازم يكون آخر لقاء لنا مُر ، استاذة خلي الوداع حلو ويكون ذكرى ما ننساك بعدها ابداً
جلست على الطاولة وهي تمسك الورد بإيدينها : كيف حابين نودع بعض !
ردت وحدة وقالت : نعرف انك تحبين الدكتور غازي القصيبي ، ودائماً تكررين أبيات شعره ، خلي آخر الكلام له !
أبتسمت وهزت رأسها بطيب : لكِ ذلك
وهالأبيات عميقة ، تذكروها دائماً وإمشو على ظِلالها طيب؟
هزو رأسهم بالإيجاب وهي أبتسمت وهي تسحب ورده من الباقة وتلعب بها بإيدينها وهي تحكي لهم أبيات قصيدته المفضلة كثير لقلبها ! دائماً تستشعر كلماتها اللي كانت بمثابة طبطبة على قلبها المُتعب وتستمد الأمل من بين حروفها :
وتشاءُ أنت من البشائر قطرةً
ويشاءُ ربُك أن يُغيثك بالمطر
وتشاءُ انت من الأماني نجمةً
ويشاءُ ربُك أن يُناولك القمر
-

{ عبد العزيز }

عدّل عُصبته ، ولبس خاتمه وساعته وسحب مسبحته من على درجه وهو يطلع من البيت
وتوجه على طول للمنطقة التعليمية ، وقف قدام المجمع وهو يناظر لدخول الطالبات للمدرسة ومبتسم ، دائماً هالمنظر كان رثّاء لقلبه
وتعب الأربع سنين الماضية ماكان هباء أبداً !
تُوج بالنجاح ، والحلم صار على أرض الواقع ونصب عيونه !
مثل ما وعد بالتغيير للخسوف ، وفى بوعده !
وكل حمامة كانت تتمنى تطير من على سُور الخسوف ، صارت تجي وتستقر عليه بنفسها !
غير المجمع اللي بناه بإسم الخسوف ، وفّر صندوق دعم مالي للراغبات بإكمال دراستهم الجامعية برى المنطقة ، بحيث هالصندوق يتكفل بجميع إحتياجاتهم الدراسية والمعيشية مع وجود مرافق لكل طالبة راح تستقر برى الديرة ! ولاهو بس كذا أعاد إحياء المستشفى الرثّ ، وأرسل طلب لتعيين طاقم طبي يتكون من دكتور ودكتورة وممرضتين وممرض ، وطلب أجهزة طبية حديثة بحيث تناسب التطور الحضاري بعصرُهم ، ولاهو بس كذا
من إنتهى من هالأمور ، ألتفت للزراعة وأجتمع بأصحاب المزارع ، وطلب منهم إنه يكون المحصول محليّ ، بحيث ما يحتاجون أي ديرة عشان توفر لهم هالمنتجات ، ولو بعضها ..
ولكن رغم هالنجاح كله ، ماجاء بالساهل !
ياما هددوه وياما لقى عواقب ماهي بسهلة ، ياما حلفو ان يهدمون هالمجمع على رأسه وياما أعترضو على كل فعل يسويه سواء من ديرته والا من برى ولكنه كان لهم بالمرصاد كلهم ! وحقق اللي يبيه طرق عن خشومهم ، وهالمجمع ماصار لبنات الخسوف بس ، صارو يقصدونه من جميع الديّر اللي جنبهم ! وعلى إثره صارت الخسوف أقوى وأغنى عن قبل ! بسبب كثره الناس على أراضيها يقصدون المجمع والمستوصف اللي يلبيّ أغلب الإحتياجات صار تُجارها أغنى تجار بالسوق ، وسوقها الشعبي صار مقصد كل اللي حوالينهم ! خسوف العز صارت عزيزة والكل يتمنى يحصل عليها !
ألتفت لسعد اللي وقف جنبه وهو مبتسم : يريحك هالمنظر صح ؟
تنهد : كثير كثير ياسعد ، هالمنظر ما جاء عبث بعد تعب ماهو بهيّن ، واللذة اللي تجي بعد هالتعب ماهي بقليلة
أبتسم : والله انك صادق
ألتفت له وقال : وش صار على طلب تعيين المعلمات !
هز رأسه : أبشرك إنهم راح يجون بكرة الصباح وبأخذهم أنا ، ولا هو بس وحدة ثنتين!

تنهد براحة : الحمد لله ، باقي على الله تزهر الخسوف أكثر لأجل يقصدونها المعلمات لبقيّة الفئات التعليمية وننتهي من أزمه الكادر التعليمي
ربت على يده : قريب ان شاء الله
سكت شوي ثم لف له وقال : وفرتو لهم المكان اللي بيبقون فيه وعلمتوهم ان كل طلباتهم بتتنفذ لأجل ما يتراجعون !
هز رأسه بإيجاب : لا تخاف ، نبهت على المديرة هالشيء ، وبيتي جاهز لإستقبالهم
ناظره عبد العزيز وميّل شفايفه : ولا هو بعاجبني الموضوع ، تطلع من بيتك عشاني
ابتسم وقال : الوالدة تبقى لوحدها ليالي طويلة بسبب شغلي ، هالموضوع كان في صالحي لا تخاف
ميّل شفايفه بخفوت وهو يرفع نظراته تِجاه المجمع ويتأمل اللوحة الكبيرة اللي على بابه" مُجمع الخسوف التعليميّ" ثم أبتسم ..
-
-
{ الجادِل }

ناظرت نظرة أخيرة .. للمبنى اللي ضمّ حكايتها لأكثر من خمس سنين ، المبنى اللي عاشت فيه مشاعر
ماهي بقليلة أبداً ! ضحكت فيه ، بكت وتضايقت وحزنت وهلّت عبارتها فيه ، عاشت أشياء كثير ويعّز عليها فراقه ، ولكنه أنتهى الوقت اللي لازم تقضيه فيه ، وحققت الشيء اللي بقت بهالمكان عشانه !
والحين حلمها وشغلها الشاغل، ترجع لديرتها وهي رافعه رأسها ، وتحقق الحلم لكل بنت تعيش نفس قصتها !
" راح تكون عايض لكل بنت جدها مساعد "
لفت لأصوات حياة ومنى العالية واشرت لها يسكتون : بنات بنركب السيارة ترى ، عيب وطو أصواتكم !
منى بعصبية : شوفو هالقليلة الادب ، للحين مو مقتنعة بالروحة معنا !
حياة تأففت : يعني للآن مترددة ، شلون أترك نجد وأجيكم ؟ ما ابي
ناظرتها بطرف عينها وسحبتها وهي تركبها السيارة : اقول إركبي وأنتي منطمة ، من لك غيرنا لاجل تبقي عنده ؟
ميّلت شفايفها بضيق وهي تتنهد
والجادل أشرت لمنى : يالله تعالي
ركبت بضيق وناظرت للسواق وزوجته اللي بيوصلونهم الجنوب
ومن تحركو قالت حياة : مو بس كذا ساحبيني على وجهي ، وبعد رايحين سيارة وبناخذ أكثر من يوم على بال نوصل ، يعني فوق الهم همّين ! أنا ليه أعرف وحدة تخاف تركب الطيارة !
منى ناظرتها بنص عين : حياة أسكتي قبل اجيك اعطيك كفوف
ضحكت الجادل وهي ترجع رأسها لورى ، وتناظر للدريشة
حالياً تعيش مشاعر كثيرة ، مُهيبة ولاهي قادرة توصفها ! من بينها " الشوق " اللي نهش عظامها على مدار خمس سنين كاملة ، راجعّة للجنوب مسقط رأسها ورأسه ! والجنوب اللي كان يتباهى ويتغنى بحبه ، واللي هاجرت منها لأجل أحلامها وفارقته لأجل تنال اللي وصلت له ، والحين بعد هالكم الهائل من المشاعر المتلخبطة ، وشلون ما تعيش هالصراع ؟
-
{جسَار}

كعادته بسوق الدِيرة ، المُكتظ بالناس
من كُل الدير المجاورة والقريبة منهم ، خصوصاً إنه صار المقصد الأول لكل التُجار ، فتح باب دُكانه : يا فتاح ياعليم يا رزاق يا كريم !
ناظر للعامل اللي كان واقف عند الباب ينتظره وأول ما فتح الدكان بدأ بشغله ، بترتيب أساور الذهب ، والخواتم وتنظيف المُتسخ منها ! وتبديل الطقم اللي يكون بالواجهة
أخذ دلة القهوة وجلس قدام باب دكانه وهو يجلس على الطاولة ويعدل الكرسي ترك الدلة على الطاولة وبدأ يصب له ويتقهوى ويناظر للرايح والجايّ دون وجهه ، وويشرب من هالقهوة ومِستكن ، ولا خرب عليه هاللحظة الا الهمس اللي يسمعه من وراه !
تعود عليه ماهنا خلاف ، ولكنه صار يستفزه ! وحيل لدرجة ان ماعاد وده يطلع برى بيته أبد ، سواء من كلامهم إنه أستغل بنت الشيخ لأجل الغِنى والجاه ، واللي يقول يتباهى بحلال ماهو بحلاله ! واللي يضحك عليه ويقول ماصار كفو وقدّ إسمه إلا لما خذى بنت الشيخ ، أو من نظراتهم اللي يظنون إنهم مِستغفلينه فيها
جاهلين أسرار عاشها لخمس سنين ومحد يعرفها غيره ، جاهلين تعب وطريق سفر يقصده لوحده ببرد كان او حر ، بضيق او متسع ، جاهلين انه بنى نفسه بنفسه ، ولو انه اخذ رأس المال منها ولا ينكر ! ولكنه دفع اضعاف اضعافه لها ! وان مارد المال بـ المال فهو ردّه بالشعور ولا يخفى عليها ذلك ، بل مُمتنة !
-
-
{ سند }

يلتفت يمين ويسار بعيونه ، ويتأمل كل شبر تطيح عليه عُيونه ، شعور غريب .. وكأن النفس عاد لروحه
وكأنه كان ذابل طوال السنتين الماضية وتوه الساقِي يحن ويسقيه ! ثلاث سنين كان يتردد من خلالها على الخُسوف ، ولكن لأنه ما حس بالفرق فيها قرر يقطع جيّته لين يبرد قلبه
آبى إنه يكمل طريقه بالسيارة ، طلب من السواق يوقف ، وأعطاه أجرته
ثم نزل وبيده قبعة القبطّنة ، لبسها على رأسه
ودخل يدينه بجيبه وبدأ يمشي وهو يوزع نظراته للمكان


حالياً شعوره ماهو بسهل ! خمس سنين بعيد أتم البعد عن ديرته .. حلف ما تطب رجله هالمكان لين يشفى كل جرح بقلبه
دخل وهو يتبختر بمشيّته ، ونظرات الشموخ بعيونه طلع منكسر ، ومخذول وما بيده الا قلبه الجريح
ولكنه رجع ، شامخ وعيونه تنِطق هِيبه وبيده حلمه اللي بنّاه على حزنه وعلى رأسه قبعه الحلم اللي سعى له
كان باللحظة ذي يتمنى إن أبو ساجي قدامه ، لأجل يتباهى ، لأجل يعلمه إن كلمته بمجلس الشيخ راجح
وتقليله من شأنه قدام الكل ما كانت إلا حافز لأجل يحط رجله عليه ويصعد لحلمه ..
ما ترك الكلمة السلبية اللي سمعها بحقه تكسره او تثبّطه او تخليه يبقى بنفس النقطة اللي هو فيه ، بل عطته حافز لأجل يصعد أعلى وأعلى ويكسر عينهم ! ولا ترك حزنه يسيطر على باقي سنين حياته ..
صار يلتفت بإبتسامة بسيطة تزيّن ثغره ، وملامح وجهه الأسمر هاديّة ، يسلم على كل شخص يقبَل عليه بكل روح طيبة ، مشتاق كثير لكل شيء بالخسوف
سماها ، ماءها ترابها وحتى أشخاصها
دخل لبيته ، وسمع زغاريد امه وشهد على دموعها اللي ما أنتهت من عتابها له ! صحيح إنها تسافر له ولكنها أنحرمت من حضوره لبيته سنتين كاملة بسبب كِثرة رحلاته!
وأبوه يناظره بإبتسامة وعلى طرف عينه دمعة فخر
تنهد براحة وهو يبوس رأسه ويطبطب على قلبه بلطف كلامه ؛ وبعد ما أرتاح طلع من البيت
وكمل مشيّه بشوارع الخسوف ، وكل مكان يمر من جنبه ، يخرجون أصحابه يرحبون بحضوره !
وقف وهو يضحك بخفوت وينزل القبعة من على رأسه وأبتسم بفخر ، بعز
وهو يأخذ نفس ويزفره بكل راحة ، أقترب بخطواته
وهو يناظر للمبنى الدراسي ، يحس بشعور غريب
ولكنه يجهل معناه ، ميّر إنه سعيد ! كثير
ألتفت على إقتراب خطوات عبدالعزيز وصوته اللي يقول فيه :
سلامي على اللي ما تغيّر مع الايام
ولا زال يذكرنا ولا زال صاحبنا
ضحك بخفوت وهو يقترب منه ويضمه بشوق : يوه يا كثر الشوق يا عز
أبتسم وهو يشد عليه ويربت على كتفه : كنت أظنك ناسينا يا سند !
أبتعد عنه وهو يناظره : سند ، ينسى عز ؟ الا والله قامت القيامة
تأمل عبد العزيز نظراته للحظات ، ثم بانت على ثغره إبتسامة خفيفة وهو يصد ويمشي بخطواته تجاه المبنى
وسند عقد حواجبه ووقف جنبه وهو يناظره : وش صاير ؟
سكت للحظات ثم ألتفت له وتنهد براحة : كنت تضم الحزن بعيونك يا سند
ميّل شفايفه للحظات ثم جلس على الأرض وهو يقارب رجلينه لبعض ويناظر بتشتت للمكان : كان
قطار الحزن .. لا مرّني شالني وياه ‏​‏ وقطار الفرح دايم كراسيّه مُزدحمه ، مير ‏ماعدت أحن يا عز
‏لو غلبني الحزن مره دندنت جراحي و غنيت
سكت للحظات ثم أخذ نفس ورفع عيونه وناظر بنظرات رِجاء لعبدالعزيز لأجل يعتقه من هالموضوع وقال بنبرة مختنقة : ‏ثلاث سنين وأنا أغسل وجهي من البكاء وأسمع قلبي يتأسف لي ولكني الحين ما احس اني حزين
او اصدقك القول ماقمت اميّز بين الحزن والفرح أبحر بين موجه وموجه وعلى ربك باقي المشاعر !
غمض عيونه وصد بضيق عنه ، هو قوي دايماً ولكن ليه لا ناظر لسند تجدد جروحه ؟ وكأنه عاشها من لحظات قليلة بس ؟
أبتسم سند ومسح على وجهه وهو يسحب ثوب عبد العزيز عشان ينتبه له : خلنا من الجروح ، يشهد الله تعبنا منها ! قل لي ، هالمجد اللي قدام عيني وش كلّفك ؟ أخر سنتين كنت مهاجر عن جروحك دخيل الله تعذرني
جلس جنبه وهو يبتسم ويربت على كتفه ؛ معذور الحين وبكره ، وحتى لو تخطي قبل تخطي أعذرك
أبتسم أكثر وهو يقول : ولاشيء بالساهل جاء يا سند ، معك شخص كل ما قام وبنى حاولو يطيحونه
ولكن تظن طاح ؟
هز رأسه بلا : ما يطيح بعون الله
كتف يدينه وهو يناظر للسماء والجبال اللي تِحد حدود الخسوف وواضحة من مكانهم :حنا نعاني لكن نعاني وقوف مثل الجبال اللي يذري ذراها
ضحك بخفوت وهو يتنهد : أنا أول شخص بنى مجده من أوجاعه
سند لمح نبرته وتضايق ، خمس سنين .. عدّت وعدى كل شعور ! حتى سند عدى شعوره ولكنه ليه للحين ما تخطاها ، ليه للحين بنفس النقطة اللي بقى فيها : ‏سولف ترى محدٍ سلم و أنا خويّك بالجروح
ميّل شفايفه بخفوت وهو يزفر رفع يده وهو يعدل غترته وبين كفينه مسبحته ، ضغط عليها وهو يوقف ويناظر لسند بضياع : اية ماني بمكابر قدامك أنا جريح للحين ‏ ولكن داري إنها والله إن قلبها جريح و والله أن نفسها حزينه ‏و والله أنّها مثل ما أعاني .. من الفرقا تعاني أنا شخص لا فارق أحد يبقى أثري بقلبه ياسند ماني بسهل ، ولاني أمر مرور العابرين أنا عز بن راجح ..


أبتسم وهو يتنهد ويوقف جنبه ، رغم قوة حبه وعدم مكابرته ، للان الهيبة تكسِيه .. رغم معرفته القوية فيه ، للآن يجهل مشاعر هالشخص
عميق و غامض لحد لا معقول ! : اية منت بعابر ولا انت بغريب ، أنت الودق ! ولا جاء هالإسم عبث
ولا صرت خيّال عبث
شتت نظراته للمكان بضياع ، وهو يعض على شفايفه بضيق ، إية ماجاء هالإسم عبث ! ولا صار خيّال لأجل يملأ فراغ وقـته .. كله لأجل سبب

ألتفتو على حضور سعد ، اللي بعدما سلم على سند
قال لعبدالعزيز : رايّح أجيب المعلمات
ودك بشيء قبل أروح ؟
ناظر لساعته وشافها أربعة العصر : أبي يوصلون بالسلامة ، وأبيك تستعجل بتغرب الشمس قريب
هز رأسه : أبشر
مشى عنهم وناظر سند وقال وهو رافع حاجب بغيره ؛ مجهول هاه ؟
ناظره بضحكة : قبل خمس سنين هالكلمة يا سند هالشخص أجودييّ ، والله إن له من إسمه الكثير وعلى كثر الشيب اللي برأسه ، إلا إنه يحترمني وكأني أكبر منه ! وهالشيء مخليّ مكانته بعيوني فوق
كشر بوجهه بعدين قال : من هالمعلمات
رفع كتوفه بعدم معرفة : ماني بعارف ، طلبنا تعيّينهم من نجد
سند : الله ، تاركين نجد العذيّة وجايين للخسوف
ناظره بطرف عينه وقال : إية !
ضحك بخفة : امزح معك يارجل ، والله ياحظهم بجنوبنا ياحظهم
-
-
كانو واقفين بسيارتهم ، تأففت حياة بعصبية : هذا وينه ؟ يعني متأكدة هالمكان اللي طلبو مننا ننتظر فيه !
منى بطفش وهي تهّف بالكرتون على وجهها : تكفين اسكتي ، ترى حالنا مثلك وأردى
السايق عصب وقال : ما يصير كذا ، لنا ساعتين ننتظر
وأنا وش اللي جابرني أوقف لكم ! إنزلو من سيارتي بسرعة
أنصدمو البنات وناظروه بخوف وحياة قالت : مو على كيفك ، إتفاقنا مو كذا
السايق : إتفاقنا ينتهي عند هالنقطة ، إنزلو من سيارتي بسرعة
منى ألتفت بخوف لزوجته وهي تقول : تكفين كلميه ، على الأقل ننتظر مدة أطول !
رفعت كتوفها بعدم إهتمام وهي تتقدم إتجاه الدريشة ومنى عصبت منها الجادل قالت: يعني ماعندك نخوة تخلي بنات لحالهم هنا ؟
السايق ناظرها بحدة : إذا أهلكم ما عندهم هالنخوة ، الغريب بيكون عنده ؟ إنزلو بسرعة
حياة عصبت وفتحت الباب وهي تقول : بلا فيك أنت وسيارتك هالمكسرة ، عاد مع شينك لك وجه تقول إنزلو ، إحمد ربك أحد رضا يركبها
ناظرت للمكان بحدة : إنزلو بسرعة
ناظروها بخوف وهي عصبت وصرخت بحدة : إمشو والله ما نبقى بسياره هالخسيس
نزلو ومنى قفلت الباب بقوة وهو نزل بعصبية وفتح الخانة اللي ورى وهو يرمي شنطهم ، ثم ركب سيارته ومشى عنهم
الجادل تأففت وهي تناظر بضياع ومنى واقفه وراها خايفة : يعني لو جيناه بالطيب كان رضى نبقى بدال الجلسة بالشارع كذا
ناظرتها بطرف عينها : أقول إنطمي ، جالس يذلك على سيارته وأنتي راضيه
تنهدت الجادل : يعني جلستنا بالشارع أفضل ؟
مسحت على وجهها وهي تتأفف : لا طبعاً بس كل شي ولا يذلنا ، يكفي طوال هاليومين ماكلين تبن بسببه
سعد كان يمشي على مهل ، وهو يدندن مع الأغنية اللي مشغّلها ، ورامي غترته على كتفه بعشوائية
ناظر للوحة اللي ما تغيب عن سيارته أبد ، لأن دائماً يلفته شيء ويأبى يتحرك من مكانه الا قد وضع بصمة هالجمال بلوحته ! وفعلاً بطريقه لهم شدّه منظر الوادي اللي يحفه من على يسّاره جبال يكسِيها الضباب وعلى يمينه مزارع خضراء
غلبّه الوقت وهو يرسمه لين خذى حدود الساعة ولما أستوعب لملم أغراضه على عجل ، وركب سيارته وأنطلق مرة ثانية ، بدأت الشمس على وشك الغروب ، فزاد السرعة إلين أستوقفه منظر ثلاث بنات جالسين على الرصِيف
وحدة متنقبة والباقين صادين عنه ، عصب وأستفزه الموضوع لما ميّزهم أنقهر إنهم بالشارع ولوحدهم ، وقف بسرعة وهو يمشي ويناظرهم بعصبية : معلمات التعيّين ؟
ألتفت له حياة وهي رافعه حاجبها : عسى ما شر وش هالعصبية ؟
ناظر وجهها بصدمة ثم صد على طول بإرتباك
ما كان يظن إنها محجبة بس
منى عقدت حواجبها وقالت : شلون تدري إننا المعلمات !
سعد قفى بهم بضيق وهو يمسح على وجهه لأن عيونه لِلحظة تمردت وناظرت لهم ، وقال وهو يفرك يدينه بتوتر : لأنه مكان اللقاء ولأنكم بنات
مير اللي حيرني وجود شخص ثالث معكم وحنا ندري إنكم ثنتين بس
حياة كانت بتتكلم بس اشرت لها الجادل وهي توقف : طيب اخوي ، ممكن بدال هالنقاش نمشي
سعد سكت وقال : جيتو لوحدكم مع غريب من نجد ؟
منى ناظرته بضحكة وقالت : وانت أخونا يعني ؟ منت غريب حالك حاله
سعد عض على شفايفه وقال : أنتم مثل الدخِيل وصرتو في حِمى الخسوف ، يعني في حمايّ
حياة ناظرته بطرف عينها ومشت وهي تركب السيارة بعدم إهتمام والجادل لحقتها ..


ومنى ناظرته للحظات وهي تشوفه يفرك يدينه بتوتر ومقفي بهم ويناظر للجهة الثانِية دون ما يحرك رأسه ، سكتت شوي وهي تناظره ثم قالت : مشينا ياللي مو غريب
ألتفت على طول وناظرها وهي تركب السيارة
تنهد للحظات ثم مشى وهو يركب السيارة وأنطلقو
وصلو حدود الخسوف ، وناظرت للوحة الكبيرة
اللي أشرت عليه : أبشركم وصلنا ! هاذي هي لوحة كبر رأس منى تقول هنا الخسوف
شدها الأسم ، سمعته وكم مرة ؟ بس ليه خانتها الذاكرة باللحظة هذي !
منى ناظرت للفرسان اللي يمشون من جنبهم وألتفتت لحياة وهي تقول : هالديرة مليانه فرسان وخيول يا حياة ، أخاف الجادل تتأثر بها ووو..
قطع كلامهم صدمتهم وهم يلتفتون ناحية الجادل اللي أنحنت برأسها لين ثببّتها على رُكبها وأطلقت العنان لبكاءها ، لاهي قادرة تكتم أكثر ولا تمثل القوة أكثر
من وطت رجلها أراضي الجنوب ، هاضت كل مشاعرها ، وظهرت كل المشاعر اللي كانت تظنها ماتت ، هو وجع الفقد والا وجع الفراق ؟
هو شوقها لأمها ولديرتها ، والا شوقها لوطنها ، والا وجع فقد جدها ، ورجوعها لهالمكان بدونه
وهو اللي وعدها يرجع وهو اللي يحمل شهادتها بيده ؟ كتمت كل شيء من دخلت الجنوب
ولكن من سمعت صوت حوافر الخيول اللي مشت من حولها ، وصوت صهيّلها اللي ملأ مسامع إذنها ما قدرت أكثر ، وأنهارت كل مشاعرها من دموعها اللى صوت بكاها اللي كل ما حاولت تِكتمه يعلى أكثر
أرتبكت منى وقالت : ما كملت كلامي ، ما قلت لك أول ما تنتبه لوجود خيول تبكي ؟ والله اني ماعدت أفهمها
حياة تنهدت وأقتربت وهي تلف يدها حوالين كتف الجادل وهي تطبطب بيدها بخفة ، ما تنسى إنهيارها آخر مرة قدام التلفزيون ، لدرجة إن حياة عصبت ، ورمت التلفزيون برى البيت
وسعد ما هز بكاءها شعره من رأسه ، ولا أرتبك
بقى على نفس حاله ، يناظر بهدوء ويسوق على مهله وهذا كله هدوء ظاهِري بينما من داخله مرتبك وخايف ، ويبسمل ويدعي إنه يوصلهم بسلام بسبب توتره
ومنى تناظرهم وهي متضايقة ، ملّت هي من البكاء ، شلون هالجادل ما ملت؟؟

من وصلو لبيت سعد ، نزل قبلهم وهو يدق الباب فتحت أمه ، وناظرته بنص عين وعصاتها بيدها وقالت وهي تناظره : ماشاء الله تذكرت أمك ؟
ضحك بخوف وهو يقول : لا نفداش ! وربي ما نسيتش ياعيوني .. ميّر تدرين إني مشغول لين النخاع يشهد الله
خرجت من البيت وهي ترفع عصاتها وضربته على كتفه : خذى عقلك هالعز ! لكم والله لو هو غيره كان كسرت راسك
مسك كتفه وهو متفشل من ضربها له قدامهم قال بإحراج وهو يأشر عليهم : يمه دخيلش المعلمات جاءو لا تفشليني عندهم ، بيقولون رجل يخط الشيب رأسه وشنبه وللحين أمه بعصاتها على
ظهره ، روفي على إبنش لا تفضحينه أنا طالبش
ناظرته بطرف عينها ثم أشرت للبنات يجون
وهم ما رفضو ، تقدمو إتجاهها وهي أبتسمت : حياكم الله يا بناتي ، حيا الله العلم اللي بيحييّ الخسوف حيا الله بضيوف ولد الشيخ
منى تقدمت وهي تبوس رأسها : الله يحيك ياخالة
ناظرتهم بنص عين وهي تلتفت لسعد : ياويلي ليه فاتشه عن وجهش يابنتي ؟ عيب عيب سعد عاده"باقي" هنا
تفشلت منى ورجعت لورى حياة ، وحياة ضحكت وقالت : خلي وجهنا يتنفس يا خالة ، نحتاج الراحة الله يسعدك
هزت رأسها بطيب وهي تدخلهم ولكن أستوقفهم سعد اللي قال : ملفاتكم ؟
التفت له منى : وليه تبي تاخذها ؟ إحنا بنروح ونعطيها المديرة بنفسنا !
هز رأسه بالنفي : ولد الشيخ لازم يشوفها قبل المديرة
منى تأففت ودخلت وهي تفتح شنطتها وتعطيه
والجادل دخلت بعدم إهتمام وهي تأشر لمنى تعطيه ، وفعلاً أخذته من شنطتها ومدته لسعد اللي خذاه منها وهو صاد عنها
وكانت بتدخل بس قال سعد : هاللي معكم معلمة ؟
هزت رأسها بلا : مو معلمة ، ولكن ليه السؤال
ميّل شفايفه بإستغراب من حضورها ولكنه ما رد عليها ومشى وهو يركب سيارته
ومنى ناظرته بطرف عينها ومشت عنه : مالت عليك ..


عدّت أول ليلة لهم بالجنوب بيّسر صحت حياة وهي تفرك يدينها بتعب ، وتناظر للجادل اللي جالسه قدام الدريشة ويدينها على خدها وتناظر بعشوائية
ولمنى اللي ترتب شنطتها ، قالت وهي تحط يدها على فمها بعد ما تثاوبت : رايحين الحين ؟
منى قالت : بصراحة ما ودي نتأخر على الطالبات أكثر ، بما إن ملفاتنا باقي بيد هاللي يسمونه ولد الشيخ ، نروح اليوم نشوفهم
حياة : والله انك خبلة ، عظامي احس تغيرت أماكنها من الطريق لمدة يومين ، خصوصاً إن الطريق جبال ومرتفعات ، وأنتي فرحانة انك بتروحين توقفين طوال اليوم على رجولك ؟
ألتفت الجادل اللي أخذت عبايتها من على السرير ، وسحبت نقابها ومشت من جنب حياة : ما جينا نستريح ياحياة ، جينا نبني أجيال
حياة : يوه ياهلاجيال اللي بيهربون اذا نمتو اليوم
ضحكت منى وقالت : وربي انكم رايقات على هالصبح
التفتو بخوف على صوت ام سعد اللي تقول : عن هالهذرة الزايدة وسيرو للفطور
فزت حياة بخوف وقالت : اعتقد لو ما رحنا بتجي تكسر عصاتها على روسنا
وقفت منى بضحكة وهي تطلع من الغرفة وحياه لمّت شعرها بعشوائية وهي تمشي بإتجاه أصواتهم
ومن ناظرت للمزرعة الصغيرة بالحوش
والجلسة البسيطة أبتسمت وهي تقول : أعتقد إن الجنوب سحبو اللون الأخضر من جميع المناطق لمنطقتهم ! مو معقول
لفت لها أم سعد : اذكري الله على ديرتنا يابنت
ضحكت وهي تتقدم وتجلس جنب الجادل اللي تناظر للمسجل ، وقالت : ليه جالس معنا على السفرة ؟
ألتفت أم سعد للي تأشر له وقالت بإبتسامة : إية بما إنكم جديدين ، قلت أول صباح يكون غير لكم
جهزت هالفطور بهالجلسة الصغيرة ، وبشغل لكم من مواويلي قبل تتوكلون للمدرسة
قالت منى : الله عليك ياخالة ، ورينا الطرب
ضغطت على زر المسجل ، ومن بدأ يشتغل الموال ألتفتو كلهم لبعض ، وأنفجرو ضحك
كشرت وقالت : وش فيكم تتهامسون وتضحكون ؟
قالت حياة بضحكة : وش بداية الصباح هذا والله لو اننا رايحين حرب والا عزاء ، نبي اشياء حلوة نبي نسمع شيء يروقنا ياخالة ، تكفين ملينا بكاء وملينا وجع ..
سكتت شوي وهي تتأملهم ثم قالت : ايه هاللي تبونه عند سعد ، هاللي الشيب مليان براسه وكأنه مراهق ، جيبو لنا من الاشرطه اللي بغرفته
ناظرو لبعض بإستغراب وقالت وهي تطق عصاتها : اروح انا يعني ؟
منى وقفت بعجلة : وين غرفته ياخالة ووين الاشرطة ولا يهمك انا اجيبها
أبتسمت لها واشرت على اول باب وهي مشت بخطوات سريعة مسكت قبضة الباب ودفعته بقوة وأنفتح ، عقدت حواجبها للحظات وهي تناظر لغرفته وللحظة نست نفسها وبقت تتأملها بشرود ذهن وكأنها من عالم ثاني غير هنا ، لفتت إنتباهها وبشدة ولا صحاها الا صراخ أمه اللي أربكها ودخلت بسرعة للدرج اللي وصفته لها ، ناظرت للاشرطة اللي مرتبة على نمط معين ، وقرأت عناوينها وأبتسمت كان قريب جداً لجوها ، سحبت أول شرط لفت انتباهها وطلعت من الغرفة وهي تقفل الباب وراها
قالت وهي تاخذ المسجل بين يدينها وتناظر لامه : لايكون قطعنا على ولدك ، وماعد بيجي البيت عشاننا فيه ؟
هزت رأسها بالنفي : سعد ما يرجع البيت ينام الا مرة بالأسبوع ، يجي يتطمن خلال يومه ويروح هو طلب مني تبقون عندي ، وانا ما رفضت
والله اني متشفقة على وجود حياة بهالبيت
ضحكت حياة وقالت : شفتو ؟ جيتي منها خير طلعت الخالة متشفقه علي
ناظرتها الجادل بطرف عينها وهي كشرت : يعني الواحد ما يمزح معكم ؟
منى قطعت كلامها وهي تشغل المسجل ، وضحكت وهي تناظر لنظرات حياة بس ما عطتها وجه ، مسكت يد الجادِل وبدأت تتمايل على أصوات النغمات الهادية ، ورغم كل الصعوبات اللي واجهتهم ، واللي مضو من خلالهم ، كان بإمكانهم يبدون صباحهم بكل رحابة صدر
-
-
{في مجلس الشيخ راجح }

كانو جالسين يناقشون قضية جديدة من قضايا الديرة اللي ما تنتهي أبداً ، من يخلصون من قضية تبدأ وحدة جديدة بنفس الوقت
ولكن عبد العزيز حلف لايكون لها بالمرصاد ، ولا يخلي أي شيخ يبي يدبر عليهم " يخرب" ينال اللي يبيه
دخل راجح وبيده عصاته الخشبية ، اللي تحمل كل ثقله عليها ، ورغم إنحناءات ظهره وتقوسّه اللي مازاده الا هِيبة وشموخ ، والتجاعيد اللي بدأت تكسي وجهه ويدينه وشعره اللي كسى أغلبه الشيب إلا إنه رغم ذا كله ، كان للآن مهيب
للآن لاوطت رجله مكان ، وقف كل من فيه إحترام ومهابة له ، ومن دخل للمجلس ، وقفو على حيلهم ومن بينهم عبد العزيز اللي يناظر لأبوه اللي يتقدم نحوه ، ومن وقف قدام حبّ كتفه بوقار وهو يبتسم : صبحت بالرضا يا شيخ
جلس وهو ياخذ الفنجان من يد هادي : اشوفك جالس بمجلسي طول وقتك وهالشيء والله مرضيني .

Continue Reading

You'll Also Like

1K 96 6
"ديار البتراء ستشهد لقاء روحي بجسدي بعد فراق أربعة عشر عامًا" Tk.
3.2M 42.5K 35
اتهمت ظلم وتركوها عائلتها وبعد ما تطلع من السجن تنقلب حياتها رأس على عقب بسبب...... للكاتبه بلاك انجيل
211K 6.6K 27
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة
23.7K 898 12
رواية الغرفة الفاخرة/VIP room/ تدور احداثها حول جونغكوك أبن رئيس البار المشهور بمدينة سيئول، والبار الذي يلجأ له كبار المسؤولين والفنانين لخوض اعماله...