من قريت الشعر و انتي اعذبه

By HaboOoshy

1.1M 10.2K 4.5K

من قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة 🍃🌺🍃 .. للكاتبة : فاطمة صالح تجميع : storykaligi More

1
2
3
4
5
6
7
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40

8

29.5K 283 69
By HaboOoshy


بعدها رجعت للمدينة ، وكملت الاجراءات وبعدما تأكدت من تسجيلش ، كان ثاني مشوار لي إستئجاري لشقة زينة نسكن فيها انا وياش ، وتضبيط امورنا اللي بنحتاجها سواء كانت في السفر والا في البيت ، بعدها بِعت غنمي وناقتي للحكيم
وخذيت فلوسها وعربنت البيت ، ورجعت بعدما تأكدت من إكتمال كل شيء ، ولكن كنت منحرج من عز بن راجح ، عشان ما نقفي بوجهه قررت انتظر لين يرجع لدياره وهذا هو رجع ، والحين وش تقولين ؟ وش رايش ؟
كانت تسمع لكلامه ، وكلها ذهول وصدمة وحيرة من اللي قاعده تسمعه ، هل فعلاً حلمها صار بين يدينها ؟
ضحك وقال وهو يناظر ملامحها : قبل ذا كله ترا سجلتش معلمة أدب عربي ، وهذي كانت أمنية أبوش
تصيرين معلمة أجيال ، وبفضل الله حققت امنيتش وامنيته ، ف وش قولش ؟
بلعت ريقها ، وناظرت لجدها ودموعها كانت الجواب للي سواه لها ، لأنه بفعلته ذي حط العالم كله بين كفينها -
_
{عبد العزيز}

ركب كبكات ثوبه الأبيض ، وسحب الغتره الحمراء من فوق الدرج ، ثم نسفها وهالمرة كان العقال اللي يزين رأسه ، لف برأسه ناحيه سريره ، وتبسّم
من لمح الفروة ، اقترب وهو يسحبها ويلفها على كتفه ، صارت الوسيط الوحيد بينه وبين شوقه لها !
ولكنه سرعان ما ألتفت لصوت الباب اللي انفتح ودخلت منه أمه ، بيدها مبخرة وريحة العود والبخور تفوح منها ، واليد الثانية بها بِشت أسود
إقتربت منه وأبتسمت وهي تمد البشت : اليوم أنت عريس ، وهالفروة ما تفي بالغرض
ناظرها للحظات : ناويه على ضلوعي من برد الجنوب صح ؟
ضحكت : ماهيب مشكلة ، الليلة الجو ماهو ببارد حد الإنتفاضه ، ولكن هالبشت لأبوك وقال أعطيك إياه ، يبي يشوفه عليك هالليلة !
ابتسم : أوه الشيخ راجح قرر يضحي ببشته في سبيل عز ؟
هزت رأسها بإيه وهي تحط المبخرة على الدرج وترفع رجولها وهي تلبسه البشت ، وهو مبتسم على حركاتها وحنيّتها اللي تمكنت من قلبه
قالت وهي تسحب المبخرة وتبخره : الليلة ابيك تنتبه على نفسك ، ماغاب عن بالي خوف سند عليك ولا على كلمته ان سلامتك اولى ، انتبه لنفسك وخل عينك مفتوحة عشره على عشره ، هالمره لو تصيبك شوكه بس ، رح ينحفر قبري بنفس اللحظة
ماعاد اقوى على الوجع أكثر
تنهد ثم أبتسم وهو يبوس رأسها : انا والله ماني من اللي يخافون على نفسهم من الضرر ، ولكنّي خايف من انه يصيبني الوجع وانا داري انه يصيبش اضعافه لذلك خلي عندش يقين اني بحافظ على نفسي مهب عشاني ! عشانش انتي
ابتسمت وهي تناظره بفرحة ماهي بسهلة ، شلون تكون سهلة ! وهي اللي ما توقعت بعد اللي صار ان هالوجه الرضيّ راح يكون قبالها مرة ثانية !
خرج من غرفته وأمه على يمينه ومن وقف بنص الصالة لف نظره لابوه اللي جالس ينتظره وابتسم لما وقف له
راجح : حيا الله عز بن راجح
ضحك : تكفون ياعرب ربي ، خلو عنكم هالدلال اللي يجيني من كل صوب
حكيمة قالت وهي تناظره بإبتسامة : تستاهل ياعز تستاهله
ابتسم : شفتو ؟ حتى جدتي قامت تدللني و انا خايف اهج من كثره
ضحكت على كلامه وهو ألتفت على صوت حضور سعود للبيت ، تنهد وهو يناظره بدون ما يتكلم ، شاره وبقلبه عتاب إن الخبر عنده من الصبح ولا فكر يجي ويحييّه ؟ رغم احتزامه بإخوانه وقوته الظاهره الا ان بقلبه غصّة ماهي بقليلة من ناحية اخوانه ! ناظره بعتاب وقال : مهب من سلومك ياسعود تسمع عن خبري من الناس وتتجاهله
سعود كان يناظره بضيق وهالشيء واضح بوجهه لأنه يحس إن ماله وجع يطالع وجهه ، ماله وجه يناظر بعيونه ! مع ذلك جمع شجاعته واقترب منه وهو يضمه ويربت على كتفه : الحمد لله على سلامتك ياعز ، الحمد لله اللي حفظك لنا
غمض عيونه وتنهد وهو يلمس الضيق بصوته وقال : اذا هالضيق على خبر اعلانك موتي بلسانك فيعلم الله اني ماني بشاره عليك تكفى ياخوي يا ولد امي وابوي لا اسمع هالنبرة في صوتك عز الله ان قلبي امتلا ضيق
ابتسم له بتثاقل وقال : لا تخاف ماني بضايق ، في رجوعك فرحة ماهي بسيطة وين نلقى للضيق محل؟
ابتسم : زين التفت لراجح اللي قال : القبيلة تنتظر ما ودكم نتوكل على الله ونخرج؟
هز رأسه سعود وقال : توكلنا على الله
التفت عبد العزيز برأسه يدور فهيد بعيونه ولكنه خاب لما ما لقاه وتضايق كثير من التصرفات اللي جالس عقله يترجمها بشكل واقعي
ناظر سند للمكان اللي شيّدو به مخيم يسع لكل رجال القبيلة ، ناظر للفرش الأحمر المطرز بأسود
ثم للقهوجيين اللي مصطفين ويقهون الضيوف واللي يركض ويجهز العشاء لأجل ما يتأخرون عليهم
واللي بيدينهم المباخر وريحة البخور منتشره بكل الديرة لو كان زواج ماكان بهالقوة ولكن لأنه رجوع عز بن راجح الكل اشترك ولو بإصبع لأجل تكتمل هالليلة لأنه يستاهل ..

التفت سند لوقوف أهل الديرة كلهم من كبيرهم لصغيرهم بنفس اللحظة جميع من بالمخيم وقف على حيله واصطفو بمكانهم لما بان لهم حضور الشيّخ راجح وعياله وقف بمكانه ووقف عبد العزيز على يمينه وسعود على يساره
عبد العزيز كان ماسك بشته بيده اليمين ويده اليسار بيدين أبوه وعيونه على جموع القبيلة
كان مبتسم بفخر بهيبة بعز لهالقبيلة اللي لو يحكي في ذراهم طول عمره ما وفى حقهم لو بيبقى يعلم كل الديار اللي حوله عن تباهيه فيهم ما سكت ناظرهم بنظر عز وهو يتمتم" مثلك حن مغرورين ياطير شيهان يصعب طيور الرخمّ تاقف قبالنا اشهد انهم عز لعز بن راجح"
وقفو بعض الرجال وبيدينهم رشاشاتهم وبدو يطلقون في الهواء يعبرون عن فرحتهم وبدات تتعالى اصوات الالعاب الناريه وسط فرحتهم
فلت راجح يده من يد عبدالعزيز وهو يرفع يده اليمين وقال بصوت جهوري وعالي ونبره مليانه هيبة :أرحبوا يا متعبين الركايب يا آل خسوف كاسبين الجميل درعنا ومخلصين النشايب روس قوم تمنون الدخيل
تقدم أبو ساجي بعد ما نصبوه الجماعه للرد على الشيخ وقال :
سلام ياهل الجود والناموس مالاح المخيل وعداد ما اروت مدلهمات السحب وديانها
جينا على تشريف عز راعي الشبر الطويل قوم مباديها تشرف من زمن جدانها
وبينما الشيخ يرد على زاملهم ويقول : لا هنتو على المحبة والتقدير والتقدير والغلا ماهو من اليوم من قدام سنين من ذرى الجدان الاولين
بدؤو شباب القبيلة يطورقون "يمسكون خنجر الجنبية بيدهم اليمين ويبدون يساعبون قدام اهل القبيلة وقدام الشيخ وبين كل لحظة ولحظة يصرخون بـ (ارحب ياعز بن راجح في ملفاك ) وهذي رقصة شعبية ترحيبية بالجنوب

ابتسم عبد العزيز وقال : ياا مرحبا الف ، من ممشاكم لملفاكم ومسيّتو بالخير يالخسوف
و عقبها جعل وجيهكم ماتضام وضحكتكم ممتده
بعدها تقدم شاعر من شعار القبيلة وقال مستهل كلامه ؛ اول الحكى صلاتي على النبي خاتم المرسلين وثاني الكلام ولا بعده ثالث ، ارحب تراحيب المطر يابن راجح ويالجبّار الشيوخ اللي نتباهى بهم ونفخر بهم بين كل القبايل ، بعد الترحيب بعز اللي برجعته أحيّت أرض قد هي هِشيمة ، بستغل هالمناسبة وأقول لشيخنا عندي قصيده تخصك وقليل من كثير داري ولاني بأول الشعار ولا آخرهم اللي جاك يمدِحك وانت تستاهل وزود
يقول " من منطلق رد الجمايل لأهلها والا الثناء لأهل الفعول الجزيلة اللي يداري كل خصم زعلها وتحل وقفتها العبود المهيلة
الشيخ بن جبّار راجح زحلها مقرع حدود وراعي المستحيلة لا جارت حمول القبايل حملها
طرّق الحجاج وله شبور ذويله ناس لها يفزع وناس كفلها
شيخ المراجل والسلوم الجميله من صلب الخسوف الجبال وسهلها الصلب المرهفات الصقيله " تعالت الاصوات بين ونعم بالخسوف "
من صلب الخسوف الجبال وسهلها حد السيوف المرهفات الصقيله زين الجلاوي وارضهم من دخلها يامن من عدوه ويامن سبيله
وسلامتكم
بعدها تقدم وسلم على راجح اللي كان مبتسم وحبّ خشمه وسلم على عبدالعزيز ورحب به ، بعدها تقدمو راجح وعياله لين توسطو المُخيم وبدؤو يسلمو على رجال القبيلة ، ومن جلسو
بدأت الفرق الشعبية تدخل بالطبول ، وأحيت الليلة من بدايتها ، بدأت الرقصات الشعبية ما بين السعب وبين القزوعي ، وعبد العزيز جالس جنب راجح بوسط المجلس وجنبه سند اللي مبتسم ويناظر للمخيم ويرجع يناظر لعبد العزيز اللي ضحك وقال : اسالك بالله وش انت قاعد تسوي ؟
سند بضحكة : فرحان فرحان لدرجة ودي اساعب طول الليلة
ضحك وهو يوقف ويفسخ البشت ويحطه على جنب : قم لعنبو من يردك هالليلة !
وقف سند وهو يبتسم : والله ؟ تساعبني !
عبد العزيز : افا عليك ماله كلام
ومن مشى خطوتين معلن انه بيتوسط ساحة الرقص التفو عيال القبيلة حولهم على شكل دائرة وبدو يصفرون ويصفقون له وهو شوش" تحمس" وبدأ يساعب مع سند ، بخطوات متناغمة ومحسوبة وكأنهم شخص واحد ، سحب عبد العزيز غترته من على رأسه ورماها للسماء ، وسند مسكها قبل تطيح على الارض وحبّها وهو يضحك ، وبعدها تقدم وهو يرجعها على رأسه ، ولا انتهت الليلة بس عند سعبهم ، بل إستمرت طول الليلة
بحيث إصطفو عيال القبيلة صفين ، متكاتفين ويدينهم بيدين بعض ، وبدؤو يخطون خطوات القزوعي ، رجل تعلى ورجل تضرب بالأرض ، وهالرقصات ما دلّت الا على فرحتهم اللي ملأت قلب كل شخص حضر هالمجلس .

دخل فهيد وعلى يمينه ناصف وتقدمو وجلسو بدون ترحيب وبدون ما يلفتون الانتباه قال فهيد وهو يناظر لعبد العزيز اللي يضحك و متوسط القزوعي مع سند : ليه تخليني أجي ؟ ليه
تافف ناصف : والله انك غشيم ، تبغى تغيب عشان يلاحظون غيابك ويبدون ينبشون على سبب هالغياب ؟ خلك هنا حتى قم وقلطّهم على العشاء عشان ما تلفت الانتباه
تنهد بضيق ووقف وهو يناظر لسعود اللي جنب سند ويرفع يدينه ويصفق وهو يضحك
والواضح انه فرحته ماهي بقليلة ، تنهد بضيق لأنه أنحط بموقف اللي يزعل على عدم موت اخوه
قال بعدما انتهو من القزوعي : إقلطو حياكم الله على العشاء ولا هو من قدركم
قامو كلهم وقلطو على العشاء وبدو يتعشون في هدوء
بعدما أنتهو من العشاءَ وجلسو بالمُخيم قبل يرجعون البيت ، قال سند وهو يناظر للمركى اللي شاله عبدالعزيز من بينهم ، وهذي حركته المعتادة
أول ما يجلس سند جنبه يشيل المركى من بينهم
وهالمرة قال بضحكة : والله الود ودي اعرف ليه تشيل هالمركى من بيننا ؟
أبتسم وقال : ‏ما أحط مركى بيني وبين الرفيق ‏لا يحسب إن قلوبنا متجافيه
تلاشت ضحكته وبقت مكانها ابتسامة : والله لو تاخذ قلبي من مكانه ما حسبتك انك مجافيني ، ياشيخ روح الله يسعد هالوجه
ضحك من مشاعره اللي ماعرف يظهرها والتفت لناحيه ابوه ولكنه سرعان ما ألتفت لسند اللي قال : تعتقد انك وقته ؟
عبد العزيز استغرب : وقت لإيش ؟
سند اشر بعيونه على أبو ساجي : يجتمع القمر مع الشروق
رفع حاجبه وقال : ثقتك هذي بتخليني افجر راسك ، وش اللي قمر ، شايف وجهك انت ؟
ضحك : زين اجتماعي مع شروقي ، وقته ؟ لو تكلمت الحين بيكون الوضع من صالحنا ؟
عبد العزيز التفت لابو ساجي : اعتقد انه وقته فعلاً ، باجتماع الكل بيستحي يردنا و...
سكت وهو يعقد حواجبه ويناظر لابو ساجي اللي وقف وقال وهو يبتسم : يا وجيّه الخير ، يا خُسوف الجبل ، دام عز بن راجح بخير ورجع بسلامته والله ان ودي اخلي الفرحة فرحتين ، كنت بكتم الفرحة وبيبقى كل شيء على الصامت ، ولكن بما ان الفرحة منتشرة بالديرة خلوني اخليها فرحتين
حياكم الله جميعا من كبيركم لصغيركم على زواج بنتي لابن اخوي يوم الخميس ، والله انكم ترحبون كلكم
اقتلبت ملامح عبدالعزيز لدهشة والاهم لخوف بلع ريقه بصعوبة وهو يلتفت ناحِية سند اللي باقي على جلسته وباقي مبتسم ويناظر ببلاه ، للآن ما أستوعب كلام أبو ساجي ، للآن ما وقع الخبر على قلبه
عبدالعزيز رفع يده وهو يهز كتف سند بخوف : سند
سند انتبه لنفسه وقال وهو ياخذ نفس ويزفره بصعوبة : عز اللي اعرفه ابو ساجي ماعنده الا بنت وحدة وهي شروق ، تكفى نخيتك ، تكفى وانا اخوك قل ان اللي يدور ببالي خطأ قل اني فهمت خطا تكلم
عبد العزيز عض على شفته ، وسند من لاحظ سكوته ، وقف بسرعه وهو يمشي بخطوات سريعه برى المخيم ، وعبدالعزيز وقف وراه ومشى يجاريه بخطوات
وقف سند ورى المخيم وهو يستند على الجدار بيده ويتنفس بسرعه ، يأخذ نفس ويحاول يزفزه ويطلع من جوفه ولكنه كان ثقيل عليه ، وكأن الأرض على صدره ، ماعاد يقدر حتى يشيل نفسه من صدره حتى التنفس صار صعب عليه ، وكأن الحياة أنسحبت من روحه
عبد العزيز مشى وخوف العالمين بقلبه ، سحبه بإتجاهه وهو يمسكه من كتفه ويناظر لوجهه اللي بدأ ينسحب الللون منه : سند ، سند صل على النبي ، خذ نفس عميق وصل على النبي
سند ماكان مستوعب اللي حوله ، كل اللي يعرفه إنه أبو ساجي بكلمته نحره من الوريد للوريد ، حتى ماكان بقلبه مجال للإنكار ، سحب نفسه من عبد العزيز ، وهو يمشي بخطوات سريعه ناحية بيتها
مسك يده عبد العزيز بخوف : سند اصحى على نفسك يا رجل ، استهدي بالله وخلنا نفهم الموضوع
رفع عيونه الدامعة ناحية عبد العزيز وقال : ياعز شروق أنا ، تعرف وش يعني أنا ؟ يعني مستحيل أخون نفسي وشلون أصدق اللي قاله أبوها ؟ يستحيل يا عز تخون الكون كله ولا تخوني ، ولا تأخذ غيري وأنا اللي وعدتها اني راجع لأجل أجتمع فيها ، بروح اسألها بروح أتأكد ، بروح أطمن قلبي إنها على العهد بروح أقطع الشك باليقين تكفى يا عز -اخذ نفس وزفره بصعوبة - احس الارض على صدري احس اني مخنوق لدرجة الموت يا عز ابي اطمن قلبي
تنهد عبد العزيز وهز رأسه وهو يمشي معه ناحِية بيت شروق ، ولكن اللي خلى سند يوقف برأس الشارع ويناظر ناحِية بيتهم بعد ما لاحظ فعلاً ولد عمها واقف قدام الباب ويسولف مع أحد جنب الباب ، قُطع شكه باليقين ، ولاعاد عنده قوة يتقدم بخطواته ويسأل ، لأنه لو تقدم راح يكون عزاء لقلبه ماهو إطمئنان

غمض عيونه بقوة وهو يشد على قبضة يده ، ثم التفت وعكس طريقه وهو يمشي ، وعبد العزيز وراه ملتزم الصمت وهالمرة ولأول مرة يكون مقدر لوضعه وفاهم عليه ، بعدما طاح بهالدرب فهم كل مشاعر سند بهاللحظة هذي ، كيف لا ولو إنه بمكانه لكان أشعل النار بخطيبها وخلاه يحترق قدامه !

ولا وقف سند الا بمكانهم المعتاد ، برأس الجبل وحولهم الحجر والصخر الكبيرة ، جلس على مقدمتها وعبدالعزيز يناظره بضيق ، الين رفع سند يده وحطها على قلبه : عبدالعزيز أحس إن هالمكان يشتعل ، أحسه قلبي تحول لجمرة تشتعل في كل جسمي
تقدم وهو يجلس جنبه ، ويرفع يده لين لفّها على كتفه وهو يتنهد : يهون كل شيء يهون دونك
سند بلع ريقه : حتى عمري يهون ؟ عبدالعزيز شروق احلامي وحاضري وماضيّ ومستقبلي ، تظن لي حياة بعدها ؟
عبد العزيز تضايق من كلامه وقال : سنة الحياة يا سند ، ومصيرك بتكمل حياتك ، ولا يحق لك أبداً تطيح لأني بطيح وراك !
سند غمض عيونه ورفع كفه وهو يمسح دمعته بسرعه : عمري كله ياعز وأيديني عليها ظلال اغطيها عن الناس لا تنعجب فيها ، وبعدها يجي غيري ياخذها ؟ الا يا خيبتي المُرة
وتنهد وهو يربت على كتفه ، ولا بيده ولا بوسعه الا انه يمد له كتفه لأجل يبكي عليه وهو يسب التقاليد " ‏رحنا ضحايا سلوم وحطام عادات
لين استوى ذنب الوصل والقطاعه ."
بعد مامرت الساعات عبدالعزيز كان جالس جنب شبّة النار اللي شبّها لأجل يحتمون فيها من برد الجنوب ، ومقارب ركبه لصدره ولاف يدينه حواليها ، تنهد بضيق وهو يناظر لسند اللي مستند على الحجر الكبيرة ولاف جاكيته تحت رأسه ومغمض عيونه يحاول ينام ، وهذي حالته طوال الليل لين صلو الفجر ورجع لنفس جلسته
بدأت الشمس تشرق وتنشر أشعتها لأرجاء المكان
وهِنا فتح عيونه بثقل شديد وكأنه ماعاد وده يفتحها وناظر لعبد العزيز وهو يبتسم بضيق : هالمرة ماراح أمغثك "أغثك" بالشروق لأن ماعادها بشروقي
نزل عيونه للأرض وهو يشد على قبضة يده ، يتمنى لو بيده شيء يسويه ، لو يقدر يكنسل هالخطوبة من اساسها ، لو له كلمة على شروق ويقول ماراح تاخذين الا السند ، ولكن تظل هذي كلها أمنيات
بعد ما طلع الصبح وانتشرت اشعه الشمس بكل مكان وقف سند وهو يترنح بوجع من جلسته طول الليل على نفس الحالة
وعبد العزيز على طول طفى الناار ووقف وهو يسنده على كتفه ، بدون ما يتكلم
وصلو للديرة وعبد العزيز كان يمشي معه دون وجهة وين ما خذاه سند مشى وراه ، الين وقف قدام باب بيتها ، والتفت يمين ويسار في حيرة ثم ناظره : الحين لا وقفت على بابها ماعاد عليّ شرهه صح والا ؟
تنهد بضيق وسكت وسند فك يده منه وتقدم خطوتين وهو يدق الباب مرة ومرتين وثلاث
عض على شفايفه عبدالعزيز وصار يلتفت لا يقبلو اهلها بهاللحظة وما يكون عنده عذر لوجودهم هنا !
دخل عبد العزيز يدينه بجيبه وبقى يناظر لحال سند بحيرة وخوف ، ماذاق الا لذة الحب ولذة إنتظاره ، وجع الحب يسوي هالبلاوي كلها ؟
سند كان يدق الباب وينتظر لحظات قليلة ويرجع يدق ، يبي يطفي النار اللي بجوفه
وماكان يدري باللي ورى الباب تناظر له من الفتحة الصغيرة ، ويدينها على فمها تحاول تكتم شهقاتها
ودموعها مثل المطر ما وقفت طول الفترة الماضية ، والحين بحضوره ومظهره اللي بليلة بس انقلب مية وثمانين درجة وش اللي بيوقف دموعها ؟
صارت تتنفس بسرعه وهي تحاول تبلغ غصتها اللي استقرت بنص حلقها ولا رضت تبتعد عنها
ومن سمعت صوت امها وهي معصبة وتقول : شروق افتحي الباب ووجع ، تبين تلفين اهل الديرة علينا ؟ وش اللي يخليش منتظره

ارتبكت ومسحت دموعها بسرعه وقالت من قفى الباب وهي تحاول تغير نبرة صوتها المرتجفة لنبرة حادة ، لعّله يشهد على حدتها ويمشي دون ما يلفت انتباه احد ويفتح عيون ابوها عليه وهي اللي ما تبي له الضر : من اللي هنا ، ما تستتحي على وجهك ؟ العرب يدقون ثلاث مرات وان مالقو جواب انصرفو
أخذ نفس وزفره بضيق لما سمع صوتها اللي ولاول مره تستقبل بهالنبرة قال بعد سكوت ماطال كثير : انا سند
غمضت عيونها وكتمت بكاها وشهقاتها وهي تحاول ما تنهار باللحظة هذي همست بضيق وهي تمسح دموعها : ياويل حالي على اللي سويته بنفسي وفيك يا سندي ، ياويل حالي على أمانينا اللي دمرتها ،ولكن كله لأجل سلامتك يهون ، والله يهون
قالت بعدها بصوت عالي : هلا اخوي سند ، ابوي واخواني ماهم في البيت تلقاهم في سوق الديرة ؟
عض على شفته بضحكة وقال بسخرية : وانا من متى اجي لبيتكم لاجل اخوانك؟
قالت بعد تردد : اجل توكل على الله اخوي سند ، لأن ماعندنا شيء ينتمي لك



عقد حواجبه وفتح عيونه على وسعها من كلمتها ، كان منلخم ومنصدم بدأ يبسمل ويستغفر لأنه كان يظن إنه بدأ يهلوس قال بضيق : يا أخت العرب ، ما أبيك تردين علي أنتي أبي تخرج لي شروقي ناديها
أنهارت وحاولت تلملم ما بقى منها من مشاعر ومن حال وغمضت عيونها وهي تحاول يكون هالكلام الاخير بينهم لأجل يروح قبل يفهم اللي سوته ، ويخرب كل شيء ، ويعرف ابوها عنه ويقتله ! : مافيه الا شروق وحدة يا ولد ديرتي ، وصارت حرمة لولد عمها
قال سند بدهشة من صراحتها : انا غدار ؟ لاجل تخويني ؟ انا قصرت في حاجة
تضايقت وقالت : صحيح انك وفي وبري من تهمة التقصير ولكن ذي عوايدهم من أيام يثرب ، تكون البنت لإبن العم ورغبات الكبار تصير وتدري الأقربون أولى مع إنك للخفوق أقرب
وتدري للقدر كلمة ولعادات الأهل تأثير ، عشان كذا تكفى خلني وأنا من حياتك بأهرب
سكتت ومشت عن الباب ولا كانت تبي تسمع رده ، لأنها أيقنت إذا بقت أكثر راح تفتح الباب وترمي نفسها بحضنه وتطلب منه يهربّها من هالعادات ومن هالزواج اللي بيفرقها عنها
سند حسّ إن كلامها ماكان الا قصاص وأمر بالتعزيز والدنيا ضاقت به من مشرقها ليا مغربها
رجع بخطوات متثاقله وهو يبتعد عن باب بيتها
وغمض عيونه وفتحها وهو يبلع ريقه ، وعلى إلتفاتته حضرت سحابة اللي كانت تجهز لشروق أمور زواجها ومن لمحت عبد العزيز واقف ومستند على الجدار وسند يرجع بخطوات مخذولة لورى ، أحترق قلبها وضاقت بها الوسيعة ، هي اللي شهدت على عذاب هالاثنين
اقتربت وهي تسحب الرسالة اللي ما فارقت شنطتها ابد ومدتها لسند اللي وقف جنب عبد العزيز وقالت : هذه من شروق يا أخوي ، الله يعوضك خير
مشت بسرعه وهي تدق الباب ومن سمعت ام شروق صوتها دخلتها وقفلت وراها
سند ناظر للمكتوب بنظرات متعبة وكأن ماعاد له حيل للجرح أكثر ،يكفيه اللي ماجاءه يكفي ان هالليلة كانت مثل مليون سنه خاضها بهالحياة
تنهد عبد العزيز ومسك يده وهو يمشي معه ، ومن جلسو بوسط مكان خالي من أي أحد جلس سند وفتح المكتوب بإيدين مرتجفة وخايفة ، شلون لا ؟ وهذا آخر مكتوب بيكون بينهم
غمض عيونه لين حس من قوة ضغطه عليها إنها تستغيث ولا وعى الا على شدّ عبد العزيز على كتفه فتحها وزفر بضيق وهو يرجع يقرأ المكتوب بإرتجال وبعيون امتلأت بالدموع ، ما تعود على هالضعف
ولكن رؤية أحلامك تتلاشى بهالشكل المُهين والقاسي كسر ظهره
" لآخر لحظة معك أكتب هالمكتوب ، للسندّ المهيب اللي أستقر بصدري اكثر من خمس عشر سنة ، كبرنا على هالحب ضاربين بكل الديرة عرض الحائط ، كبرنا ناسين ان حبل العادات والتقاليد ملتف حول أعناقنا ومصيره يجي يوم ويشد نفسه ويخنقنا ويرجعنا للواقع ، وهاليوم جاء وهذا هو ألتف على عنقي وخنقني لين رجعت لواقعي وصرت حُرم لولد عمي ، أحلامنا كانت كبيرة علينا وعلى الواقع يا سند ، روح عسى الله يعوضك باللي تنسيك شروق "

ضحك ضحكة متحسرة على آخر كلامه : ووين هو درب النسيان لأجل أمشي له ؟
جلس عبد العزيز جنبه وهو يطويّ المكتوب ويدخله بجيب سند : وقال : انا ما بيدي غير اني اربت على كتفك ، ولا لي قدرة على شوفتك مكسور بهالطريقة ، تكفى لو ماعندي قدرة على ادخال السرور لقلبك ، خلنا نتقاسم هالوجع
تنهد : ‏تدري وش ذنبي ! ذنبي إن ثوب أحلامي طويل لدرجة لو أمشي يعرقلني وأطيح وأرجع للواقع لذلك كان هالشيء سبب من أسباب إنه قاااع عمري ما نبت فيه حلم والا أنا وغيومي أصبحنا مطر !
وقف وهو يدخل يدينه بجيبه ويمشي متجاهل مشاعره ، للحظة بس لأنه لو بقى عايش داخلها راح يحفر قبره بيدينه ، ناظر لعبدالعزيز اللي يمشي جنبه وقال : راجع للبيت ياعز ، بريّح عظامي أما قلبي فعليه السلام
تضايق عبد العزيز وقال : خلني معك ، ما ودي أروح من عندك هالوقت
ابتسم يطمنه وهو يربت على كتفه : انا انتهيت وما بقى مني رجاء ، وانت توكل على الله وكمل امورك ، واعرف غدارك وارجع لديرتها خذها قبل تطير من يدك ، ماودي تردد معي وتقول : راحت عسى الله لا يبارك في هوى بنت بدوي تقفّي بها العادات والمقسوم في تاسع لوا
تنهد بضيق وهز رأسه بطيب وسند مشى وهو يتجه لبيته ومن دخل للبيت التف عبد العزيز ومشى للبيت ، وبباله مليون فكرة ، وبقلبه يصارع الشعور السيء مع سند
وصل للبيت ودخل على طول ، وهو يتجه لإسطبل جديلة ، دخل جنبها ووقف وهو يمسح على ظهرها
ويناظرها ويناظر للخاتم اللي بين يدينه ثم تنهد بإبتسامة لما تذكرها وناظر لجديلة وهو يبتسم : جدِيلة ، دريتي عنها ؟ ‏دريتي عن اللي ضياها محاصر إعجابي بأعلى سور وأنا المعذور لو ماشوف من بعدها .. من يسوى بعد وجهها وهي وجه النور ؟



ابتسم وهو يبتعد عن جديلة ويقفل الباب ويناظرها : رايّح أشطب على أموري ، لأجل تكون هنا معي بأقرب وقت
دخل مجلس الشيخ راجح ، وناظر نظره سريعة للجالسين فيه ، تنهد وهو يقرب ويدخل وأول ماشافه راجح قطع كلامه ولف له وهو يبتسم
وعبد العزيز من لمح إبتـسامته تبسم داخله وأقترب وهو يحب كتفه : مسّيت بالرضا يا شيخ الديّرة
أتسـعت إبتسامة راجح وقال : عسى هالوجه ما يبلى يا عـز بن راجح
هز رأسه بإبتسامة وألـتفت وهو يناظر لأبو ساجي اللي يسولف ويضحك مع هذا وذاك ، ولا كأنه شيّع جنازه قلوب إثنين ليلة البارح ، تحسّب على العادات اللي ما يقدر يغير فيها شيء ، لام نفسه ان ماله قدره يقول والله ما يأخذها إلا سنـد ، ألتفت على كلام أبو سند اللي قال : عز يا بوي ، بديت تتحرى عن الغدّارين ، خبري ان الضباط اللي تولو المهمة قفلو القضية يوم انك رجعت
ناظره عبد العزيز وسكت للحظات بضيق من تذكر سند ، مع ذلك قال : جيّت أسلم على الشيخ ، وطالع من هالمجلس للمحطة اللي أعلنت خبر وفاتي ، بتقصّى عن اللي وصل الخبر لهم
ابو ساجي قال : سألوهم ، وحققو لين قالو آمين ، ولكن مديرها خسيس يقول ما يعرف من هو ، ولا رضى يقِر ويعترف
هز رأسه وهو يوقف ويعدل عصبة رأسه ، وهو يبتسم : أنا ماني والباقين سوى ، طرق على خشمه بيقول
أستأذن منهم ، ومشى على طول وهو يتجه لهـادي !

ركب مع هادي السيارة وتوجهو للمحطة ، ومن نزل
وقف وهو ينفض التراب من على ثوبه الأسود ، وعدل غترته السوداء وهو يعقد حواجبه ويناظر للنظرات من حواليّـه ، صحيح الخبر شاع بالديّر كلها ، ولكن وجوده كان كافي يخلق صـدمة !
ما أهتـم لهم ، دخل وهو يفتح باب المحـطة ، ويدور بعيونه لأخوه سعـود ، اللي كان شارهه عليـه إنه هو اللي أعلن خبر وفاته ، ولكن من درى إنه مشقوق حظ ، وعاش الصدمة والحدث غصب عنه تضايق وعاتب قلبه ، ليه يشره على أخوه ؟
عقد حواجبه وهو يلتفت ويقول لأول شخص لقاه : سعود بن راجح وينه ؟
أبتسم اللي وقف وناظره ثم قال : سعود ترك المحطة ، بعدما قطع البث وخرج يوم أنعرف خبر انك بخير
تضايق من هالموضوع مع ذلك طلب منه يدله على مكتب مدير المحطة ، بعدها وقف وهو يدق الباب بهدوء ، ومن سمع صوته يأذن له بالدخول ، دخل بهيبته المعتادة اللي تجبر اللي قاعد يوقف على حِيله ، قال المدير بعدما وقف بصدمة : عز بن راجح ؟ عز الله انك ترحب ملايين ولا يكفون ! أنت تدق الباب ؟ أنت تضربه برجلك وتدخل هذا بيتك ومطرحك
ناظره عبد العزيز وأبتسم مجاملة وهو يجلس : المرحب باقِي ، ولكنك أكيد تدري بسبب حضوري ؟
المدير جلس وهو يشبك يدينه ببعض : أدري ، وواضح من جيتك بهالوقت ، ولكن صدقني إللي قلته للشيخ والضباط ولخويّك برجع أقوله
أنا الخبر أستلمته من شخص ما أعرفه ، كان ملثم وترك المكتوب بيدي وانطلق بحال سبيله
أبتسم عبد العزيز وهو يرجع ظهره لورى ويناظره بهدوء : أنا مصـيري أعرف من هو الغدّار ، هالوقت والا بعدين ، ولكن لو عرفت إنك تدري وسكت عن الموضوع ، تعرف عز بن راجح وش بيسوي ؟ بقلب هالمحطة على رأسـك ، بشلها من جذورها وأنهيـها عن الوجود ، أنا أصلا أدور عذر بعد موقفك مع سعـود
عقد حواجبه وتقدم وهو يحط يدينه على مكتبه : حط عيني في عينك ، أنت ما تخاف الله ؟ مخليَ أخوي يعلن خبر وفاتي
المدير بلع ريقه وقال : هذا عمل يا عز ، لازم نفرق بين حياتنا الشخصية والعمل
هز رأسه : أنت والله تردّيت بهالحركة ، وانا ماهي من اطباعي ارد العيب بالعيب روحي جميله واكسب الناس بالطيب
وقف وهو يكتف يدينه : أنا بصدقك لأنه عيب أظن إنك كذاب والشنب يملىء وجهك ، ولكنّي حذرتك لو دريت إنك تعرف ، يشهد الله ان كلامي ماراح يبقى كلام وبيتحول لفعل
هز رأسه بتوتر وهو يقول : بدري ، زيارتك ما نبيها تكون خفيفة ، اشرب قهوتنا
رفع يدينه وقال : قهوتكم مشروبة وكثر الله خيـرك !
-

- { نسيم }
لابسه ثوب هادي بلون الزهر ، ولابسه عليه مريّلة تغطيه وتحميه من التراب ، ولامه خصل شعرها الامامية لورى بشال بنفسجي ، جالسه بين ورد بيتهم ، بوسط ويحفها من كل مكان وبيدها مجرفة صغيره ، وعلبة صغيرة ، داخلها
نوع ورد جديد ، كانت متكفلة بحديقة هالورد اللي ببيتهم ، مثل ما عز متكفل بمرزرعة جدِيلة
كل واحد متكفل بالشيء اللي يحبه ، مسكت العلبة بكفينها اللي لابسه عليها القفاز الاسود الكبير
وأخذت بيدها الثانية المجرفة وهي تشيل الوردة
رمت العلبة قريب منها وأنحنت وهي تزرعها بمكانها اللي فرغت التراب منه ، سحبت إبريق الموية وهي ترش على الورد ، ثم أبتسمت بفرحة وهي تترك الإبريق على جنب وتناظر للوردة : هلا بك ببيتك الجديد ياوردتي ..

{ جسّار وأخوه }
هالمرة أخذ جسّار بيده ومشى معه لين وقف جنب بيت الشيخ راجح
سحب جسّار يده وهو يقول : طالبك ياخوي ، خلنا نرجع ، أنا والله تعبت من كسر القلب من كلام أهل الديرة ، ولا من درى الشيخ إنك تخطب بنته لي قدام الخسوف كلها راح يمسح بنا ارض الديرة
ابتسم وقال : إزهلها ، بما إن الخبر أنتشر راح يعرف الشيخ إنك جاد في كلامك وصامل ، وهالشيء ماهو ضدك قد ماهو في صالحك ، هذا إذا أنعرف وش سوينا ، الجبّار مبتلشين برجعه ولدهم وقبلها بموته ، ووقتنا الحين صحيح يا جسّار ، لو تبيها اقرب وادخل لأنك ان ما دخلت باللحظة ذي راح تتحسر عليها طول عمرك
ناظره بتردد ثم تذكر ، أسلوبها ، قوتها ، صوتها نظراتها الحادة اللي لفتته ، شِعرها اللي تمنى محد يقراه غيره ، كان يتمنى يرتبط بشخص بهالقوة ، يرتبط بكاتبة وشاعرة لا طاحت بغرامه تكتب قصيدة بعيونه ، أبعد التردد من بين عيونه وناظر لأخوه بجدية وقال : أعزمها وتوكل ، ما ابيها تروح لغيري
أبتسم : زين يالله
دخلو من بوابة البيت الكبيرة ، اللي تجمع ال جبار كلهم ، وهالمرة ما توجهو للمجلس اللي يجمع اهل الديرة ، لا ، خصو بيت راجح بالذات لأن الموضوع كبير
لأن مطلبهم قوي ويبي له قلب قوي لأجل يقبلون به ، دلهم هادي على المجلس اللي ينتظرهم فيه الشيخ ، وطلب منهم الاستعجال لان اهل البيت ماكان يدرون بوجوده ألتفت جسّار بعيونه حوالين البيت بإعجاب مهيب ، تفاصيل البيت ماكان فيه إثنين يختلفون على هيبّتها ، وكأنها مأخذها من هيبه سكانها !
ناظر جسار بضيق وهو يقول : تراجعت ، تكفى من اللي بيقبل فيني أنا الراعـي ؟ راح تترك هالثراء وتلتجىء لي ؟ احلامي كبيره وماراح ‏يقص روسها ‏الا سيوف .. الواقع المأساوي ، خلنا نرجع خطوة لورى قبل تنحرني بالرفض
أخوه مشى للمجلس وهو يشدد على كلامه : الحقني وانت ساكت !
تنهد بضيق وهو ينزل عيونه للأرض ، ومن رفع عيونه وألتفت حوالينه بحيرة وتردد ، ومن أستقرت عيونه على اللي حاطه يدها على خصرها وبيدها الثانية تبعد خصلات شعرها اللي تمردت وطلعت من الشال ، بلع ريقه وأخذ نفس وزفره بسرعه
ومن ألتفت وناظرت له عقدت حواجبها ، وناظرت له بنظراتها المعتادة ، وهنا قطع الشك باليقين وعرف إنها هي ، وماهـي غيرها اللي خذت عقله !
ألتقت عيونها بعيونه وعرفته على طول ! الراعيّ صاحب بيتين الشعر ، ناظرته وعقدت حواجبها بحيرة من وجوده هنا ، ببيتهم ، ماهو بمجلس الديرة !
أستوعبت على نفسها وعلى حضوره لهالمكان دون ما تدري وبالتالي كشفها لوجهها وشعرها قدامه
شهقت وهي تنحني بسرعه وتتخبي بين الورد
وهو من اختفت عن ناظره بين الورد ابتسم بضحكة ونزل عيونه للأرض ، والخطـوة اللي كان بيتراجعها ، مشى بدالها عشرات الخطوات ! لأنه أيـقن باللحظة هذي إنها تستاهل اللي يصير له جسّار إسم على مسمى ! تستاهل اللي يترك جُبنه وأصله على جنب ويجيّها حامل بين كفيه قلبه ، دخل للمجلس والتردد اللي كان قبل لحظات صار بداله ثبات خُطى وخطوات
جلس جنب أخوه ويناظر لفهيد اللي عاقد حواجبه والواضح معصب وقابض على يدينه بشده وسعود جنبه ومكتف يدينه بلا مبالاه بينما عز على الجهة المقابلة لراجح وبيده الفنجان يحركه بهدوء، راجح جمعهم لأجل طلب أخو جسّار
ولا حب يكسر بخاطره وينقص من مقداره لذلك طلب حضورهم ، رفع راجح عيونه تِجاه أخو جسار وقال : اسلم
قال وهو يحط فنجانه على الأرض : المقصد سلامتك طال عمرك ، أكيد إنك دريت يوم حنا قصدنا بيتك ، إن جيّتنا فيها من الخصوصية كثير
دون أهل الديرة
قبل ما يتكلم راجح قال فهيد بحدة ، وهو اللي سمع الكلام اللي انقال بسوق الديرة ، ولكن ما رده عن ذبح جسار واخوه سوى ظنه إنه بيصير الشيخ ويعلمهم شلون المرجلة ! لذلك سكت عنهم هالفترة لحد ما يتولى الحكم ، ولكن بما انه الحين ما له لا ناقة ولا جمل بالشّيخه : والله انك ردي ، ومطلبك من الحين قبل نسمعه مرفوض ، ولا اللي يتكلم بعرض بنات خلق الله ينسمع له طلب وقبل ما تشره علينا احمد ربك اني خليتك تدخل لين نص بيتنا سالم ، والا لو علي ما دخلت الا وانت مكسر تكسير
عصب راجح ونزل الفنجان على الارض بعصبيه الين تهشّم من قوه ضربته ، رفع عيونه لفهيد وقال : الزم حدك بمجلسي يا فهيد ، ما يعلى صوت على صوتي هنا
قمط فهيد من حدة الصوت ، وتضايق ان ابوه فشله بالطريقة هذي لذلك قال مبرر لفعلته : يبه هالنكرة الراعي يركب حماره ويمشي بوسط سوق الديرة ، يصرخ باعلى صوته انه يبي يتزوج بنت الشيخ ترضاها على بنتك ؟



راجح التفت بسرعه ناحية جسار ورمقه بعصبية ، دون ما يتكلم وجسار نزل عيونه للأرض بضيق
عبد العزيز عقد حواجبه وقال في عتب : صدق هالكلام ؟ تمارون بأختي في سوق الديرة ؟ حنا راعيّن واجب ونقدر ، ولكن فعلتكم رديّة ، رديّة حد القصاص والتعزيز
ألتفت أخو جسار بخوف وقال : اسمعوني يا وجيه الخير ، وأفهمو مقصدنا وسبب جيّتنا لين حد بيتكم
راجح فك عقدة حواجبه وقال : قل ، سمعني التبرير لأجل ما يضيق خاطري عليك !
عض ع شفايفه وقال بسرعه : كل شيء الا ضيقة خاطرك يا شيخ ، المقصد سلامتكم ، وجايين نخطب بنتكم لأخوي جسّار على سنة الله ورسوله
تعالت ضحكة فهيد بأنحاء المجلس وقال مستصغر لجسار : الراعي ولد الراعي ، يبي يتزوج بنت شيخ القبيلة ! عز الله طالت وشمخت ، وصغار القوم صارو يرفعون رأسهم لفوق ويبون اللي اعلى منه !
الإحراج ملىء قلب جسار لدرجة انه تمنى يكسر رجوله قبل يخطي هالخطوة اللي بتكسر كرامته وبينهان بسببها ! ولو إنه جبان وخواف وورأس ماله شاه وناقة ، لكن تأبى المروءة بموقف الذل والهون الله ولا شيء يمس الكرامة ! إنسان والإنسان لو عاش دون كرامته ما يستحق احترامه ، جسار ما يملك الا الكرامة يالله وشلون ! ينقص غنى نفسه وينقص مقامه ! لو ماعرق وجهه وش بيكون ؟ اما دنيء النفس والا هلامة !
جسّار شد على قبضة يده بضيق اعتلى صدره من كثر الإهانة اللي حس فيها باللحظة هذي ولو حتى انها صارت داخل القلب مطبوعة ؟ عند الكرامه اكسر قلوب المحبين ، و ‏الغرام اللي كبر بين الضلوع وصار غايه لا وصل في مرحلة مس الكرامه طاح كله
وقف في شموخ وكأنه ما مسّه كلام فهيد بأذى وقال بضيق : جيّنا ببياض وجيهنا يا شيخ ، لكن والله ولا مس الكرام
تنهد راجح من أسلوب فهيد اللي ماراح يتعدل أبدا ، ومن شخصيته اللي دائماً بتظل تستصغر اللي أصغر منها، ناظر لعبدالعزيز وعز فهم نظراته على الطاير ، فوقف على عجل وقال : امسحها بوجهنا يالطيّب
قال جسار : وجهك أبيض ، ومُجار ياعز ، ولكن امسحوها بوجيهنا حنا ، تعدينا على الحد وناظرنا للي ....
قاطعه اخوه وهو يسحبه ويجلس : مقامك رفيع ياعز ، ولأجل وقفتك عشاننا نقصر اللي صار ونكمل كلامنا
ابتسم عبد العزيز وقال : ابيض وجه ، واكملو وبإذن الله ما تلقون الا الطيب
فهيد عصب : يا يبه ان كنت تبي تسمعهم فانا ما عندي اخت اعطيها لراعي
راجح التفت وناظر لفهيد بحدة وكأنه يتوعد به ، ماوده يصغر مقامه قدام الرجال ، ولكنه يحدّه على الضيق سكت فهيد بعصبية وهو يلتفت لسعود اللي جالس بهدوء وعلى جلسته من بدايه الكلام ، يناظرهم ويسمع كلامهم ولاهو مهتم كثير ، عصب زيادة وشد على قبضة يده وهو يهز رجله بتوتر!

قال اخو جسار : مقصدنا كان من نشر الخبر بالديرة عشان تدرون بجدّيتنا وخوفنا من رفضكم لنا لذلك اقدمنا على هالخطوة
راجح كانت عيونه على جسّار ، اللي يشتت انظاره للمكان وكانه متضايق من جلوسه ومن تقليل مقداره ، ومن طيّب قلبه وأصله ، ماحب يكسر بخاطره ولا يحب يقلل مقداره برفضه علناً ، ومن عادته ما يرفض اي خطيب الا بعد ما تطلع نسيم على حضوره ، ولأنه شيخ القبيلة فهو أب لجسار مثل ماهو أب لنسيم ، قال بإبتسامة : طلبكم على رأسنا ، وأبشرو نشاور الاهل وراعية العنيّة ونرد لكم خبر
اخو جسار تهلل وجهه وقال بفرح : من طيب اصلك يا شيخ والله انه يحق لنا نتمارى بك ونطلب القرب منك
وجسار رفع رأسه بصدمة ولاهو مصدق ، فهيد التفت ناحيه ابوه ولكنه انتبه لعبدالعزيز يأشر له بيده بمعنى " ماهو بوقت الكلام"
بعد ما شربو قهوتكم استأذنو وطلعو من البيت ، وراجح التفت لسعود وقال : ادع لي نسيم
هز رأسه بطيب ووقف يناديها
كانت للآن بحديقة الورد ، مِرتبكة من وجوده عندهم ، والفضول بدأ يلعب بحسبتها أول ما طلع وقفت وهي تنفض التراب عن ملابسها وتتلفت بحِيرة وهي تتسائل عن الكلام اللي تكلمُو فيه ووش زِبدة الموضوع ! التفتت بسرعة ناحِية المجلس لما سمعت صوت سعود يناديها ، وهِنا عقدت حواجبها ومشت بخطوات سريعة تِجاهه وقفت وهي تقول : وش صاير !
أشر للمجلس : تعالي أبوي يبيك
بلعت ريقها وبدأت الأفكار تغزو فِكرها ، ما سمحت لها تسود عيونها ، ومشت بسرعه وهي تدخل
وتوقف قدام أبوها وهي تنزل يدينها وتشبكهم ببعض وتناظره بإحترام : سم يا يبه
راجح ابتسم ووقف وهو يناظرها : سم الله عدوش يا نسِيم ، وش أقول ؟ جاءش خطيب وأنا ما أبى أحد يأخذش مني ، أنا والله ماني أكره بهالحياة إلا هاللحظة ، لكن وش أسوي ؟ سنة الحياة وطرق ع خشومنا تمشي
عقدت حواجبها بخوف وهو أردف وقال : جسّار بن رسلان جاء يطلبش مني ، وش تقولين ؟


فهيد وقف وهو يمسك رأسه بين يدينه بعصبية ظل كابتها طول الوقت : ياايبه هالموضوع ما يبي إستشارة الله يرضي لي عليك ، أنت شلون تمر الفكرة برأسك بس ؟ شلون راعي يطلب مننا القرب يا يبه تكفى ، كلنا ندري من هو جسّار
راجح : ولو ، لها حق تعرف من جاءها ، ولها حق ترفض او توافق ، انا ماني جابرها على شيء ما جبرتها قبل هاليوم ولا بجبرها بعده ، كلامها اللي يمشي بالموضوع
ناظرها بإبتسامة وقال : فكري بالموضوع ذا ، وبعدين ردي لي خبر
نسيم كانت دائماً ، من يفتح أبوها سالفة الخطبة وتعرف من اللي تقدم لها تقطع الموضوع من بدايته وتقابله بالرفض ، ولكن هالمره هزت رأسها بإيجاب بمعنى إنها بتفكر ، لذلك راجح ناظرها للحظات ثم مشى
-
نسيم خرجت وراه وكانت بتمشي لغرفتها ولكن أستوقفها فهيد وهو يقول : العربان يدورون للشهم الشجاع ، وان كان غير ذلك فيدورون للكريم اللي ينعرف بطيب أصله ، ولما جاءو ياخذوك رفضتي بدون تفكرين !!! والحين الحافي المنتف الراعي ابن الراعي اللي ماهو بماخذ من اسمه نصيب ، ولا عنده حبة هيل حتى لأجل يجي كريم عشانها بتفكرين بطلبه ؟ أنتي انجنيتي انهبلتي والا وش سالفتك
رفعت حاجبها ولا أعجبها تقليله من شأنه لسبب تجهله قالت : هالمرة الود ودي يافهيد أفكر وأستخير بالموضوع ، يمكن يكون بيننا نصيب
جن جنونه وقال : تخسين وتعقبين والله ما تأخذينه الا على جثتي ، والله لو يجتمعون الجن والإنس ما تاخذينه هالرخمة
أنصدمت من رده فعله وناظرت بسرعه لعبدالعزيز وسعود اللي خرجو من المجلس على صراخه ، وعلى وجود رحمة وبنتها ، ووراهم كوثر متخبية بشكل مباغت بهالمكان وبنفس اللحظة ، تمنت تسكته وتخليه ينطم لأنه رأس ماله تفكير وتقليب الموضوع برأسها ، ماكانت مبيته النيَة انها توافق : فهيد أبوي ترك لي حرية الاختيار ، واللي يخليك اترك هالهمجية عنك ولا تتدخل
قرب منها وهو يناظرها بحدة : لو تموتين ما خذيتيه ، لو على موتي ما أجي خال لولد راعي لو على موت هلي كلهم ما يرتبط إسمنا بإسمه هالخسيس
كتفت يدينها وقالت : ما ودي أكسر بكلامك ولكن ماهو بصاير الا اللي ودي به أنا !
عصب من كلمتها وتقليلها من شأنه وصقلها لكلامه وتصغيرها له ! وأقترب أكثر منها وهو يرفع يده وسط شهقة رحمة وخوف بشرى اللي التفتت عنه
ولكن قبل ما توصل يده ناحيه وجهها مسكها عبد العزيز وهو يسحب نسيم ناحيته ، وناظره وهو رافع
حاجب : تركتك تتكلم على هواك لأن رأس ماله كلام ، ولكن تمد يدك عليها ! هنا خط أحمر يا فهيد
سحب فهيد يده منه وهو يناظره بحدة : لا تتدخل بيني وبين أختي
ضحك بسخرية وهو يمشي خطوة لورى ونسيم وراه : وأنا تصير جدتي لي والا وش سالفتك
تحولت نظراته لجدية : محد يمد يده على الحريم الا رخمة يا فهيد ،و ‏حتى لو انك رخمة مثّل انك قوي
عصّب فهيد وناظره بتهجم وهو يقرب منه : لمتى بتقلل إحترامي ، لمتى بتنقص من قدري في كل خصمة "هوشة" بيننا ، أنت متى بتعرف إني الكبير ، وأدعس عليك وعلى أشكالك !!
عبد العزيز رفع حاجبه من كلامه وقال : أخوي الكبير على عيني ورأسي ، وضلع من ضلوعي وعظامي ، ولا كلامي تقليل لشأنك ولكن تحذير لأجل لا تكون رديّ ، أما تدعس علي ؟ لا والله إنك تهبى ، ف عن الغلط
هنا فهيد ولع وكان بيهجم عليه بس سعود مسكه وسحبه وهو يهديه : فهيد ، لا تتهور تراه عز !
فلت فهيد من سعود بقوة وهو يرفع يده ويأشر بسبابته وهو يتوعد فيه : والله ان اخليك تلعن نفسك ع هالكلام
مشى عنه وهو يتحلطم ويسب : ياليتك مت صدق ، ياليت إني أمشي على قبرك ، بكل مرة هو المنتصر وهو اللي يهيّلم "يهايط"مليت من ضعفي في وجهه
سعود ناظر لأمه و بشرى ولما لمح كوثر ،ما يدري ليه جاءه شعور اللي ما يبي تجتمع مع عبد العزيز بنفس المكان ، خصوصاً إنه ضايع ، ضاايع بكل ما تعنيه الكلمة من معاني ، لدرجة التشتت
مشى لها بسرعة وهو يسحبها من يدها وطلعو من المكان اللي به حديقة الورد ، عصبت وسحبت يدها بقوة : يقولون فهيد الرخمة ، والله مافي رخمة غيرك ، للآن تجلس معه بنفس المكان ؟ أنت منت برجال !
عصب وقرب وهو يضغط ع معصمها بقوة وبان الوجع بوجهها : لا تحديني ع الردى وماني بحوله ، روحي مو وقت حضورك
سحبت يدها بوجع وناظرته بحدة ثم مشت لغرفتها وهو تنهد وألتفت لأمه اللي تناظرهم تضايق انها شهدت ع الموقف لذلك قبل تحقق معه سحب نفسه من المكان وطلع بسرعة أما عبدالعزيز ألتفت لنسيم وهو يتنهد ، ثم بعد خصلات شعرها البني اللي طلعت عن شالها البنفسجي ، وناظر لوجهها اللي صار منصبغ باللون الاحمر بسبب إنفعالها وعصبيتها الحادة ، وبسبب ضيقها من كلام فهيد ،


مسح على خدها وهو يبتسم بخفوت : والله غيبتي خلتني أكتشف أشياء جديدة ، والا من متى نسيم تتضايق وتعصب من كلام فهيد ، حِلك ما تعودتي عليه ؟
بلَلت رِيقها وميّلت شفايفها بضِيق ثم رفعت عينها لوجه عبدالعزيز وقبل ما تتكلم مسك يدها وسحبها وهي ما أعترضت مشت وراه الين جلس بالجلسة اللي حوالين حديقة الورد قال وهو يناظرها : بعينك الحكى كثير يا نسِيم
تنهدت ثم أبتسمت ولأول مرة تحكي مع عبد العزيز بهالطريقة ، لأول مره تفتح جزء من قلبها لأحد ، لأول مرة تبوح بمخاوفها لأحد ، ولكنها تجرأت لما لمحت بعيونه الخوف عليها ولمحت الحنيّة الغير معتادة : بعيوني خوف ، أنا ما شرهت على فهيد لأنه بظنه يبي لي الخير ، ولكني ياعز مافي شيء يخوفني أكثر من الإرتباط برجل تقليدي بحت ، ذوقه رديء في الملابس والكلمات ونظرته للحب لا تتجاوز السرير والأكل ، رجل بليد ماعنده مشكلة لما يفوت ولادة طفلنا الأول ، أو ذكرى زواجنا ، عشان يجلس مع أخويّاه أو يلعب بالكورة ، ما يقرأ ، ما يكتب ، ما يتأمل النعم اللي حوله ، ماعنده شيء ما يسويه في وقت فراغه الا التمدد وهمه الشاغل يحشي معدته بالدهون ، يستحي مني ويناديني بكلمات خاوية مثل " أم العيال أو الأهل ..
يخوفني الإرتباط بشخص ممل ، تصرفاته متوقعه ، ما يعرف كيف يدهشني حتى في أبسط الأشياء ، ما يشوفني أكثر من امرأة تطبخ له في النهار تدلل في المساء ، و بين الاثنين أكون ولا شيء ، رجل مثل كذا ياليت يكون قد انقرض .
عبد العزيز كان ملاحظ ملامح وجهها الهادية وهي تتـكلم ، كلامها ، طريقة تفكيرها ، جرائتها بالتكلم عن هالموضوع بالـذات دون حياء منه ، لا يخفي إنه أنبهر بها ، ولا يخفي إنه تطمن إنها تقدر تفضفض له دون ما يكون بينهم حواجـز مثل ما بينه وبين فهـيد مشاكل لا تعد ولا تحصى
لما سكتت ، لفت وناظرته بتنهيدة : كل اللي تقدمو لي وأنبهر بهم فهيّد ، من هالطينة يا عز ، من اللي أخاف منهم ، صحيح إن أحلامي ما تتضمن الإرتباط والزواج ولكن لو حصل ، فودي أرتبط بالشخص المناسب لي ، الشخص اللي يليق بنسيم
أبتسم ثم قال : على طاري الأحلام ، أحلامك اللي الإرتباط ماهوب من ضمنها وش هي؟
رمشت وهي تسحب الشال من على رأسها وتربطها بمعصم يدها بعشوائية وقالت بعد سكوت ما دام كثير : انا مندفعة بشكل جنوني يا عز ، كأني بنجن من فرط اندفاعي ، بنجن من ضيق الأرض رغم كل هالسعة ، أبي أعيش أحلامي حلم ورى حلم ولكن هالمدينة ما تراعي
قرصّه قلبه لسبب ، لأنه سمع هالكلام من فترة ماهي بطويلة ، لأنه تذكر اللي ماغابت عن باله اللي فروتها بكتفه طوال وقته ، وخاتـمها يحتضن أصابعه، لأن كلامها شابه كلام نسِيم بالحرف الواحد ، معقولة لهالدرجة هالمكان اللي ببال عز مافي أفضل منه ، يضغط بهالقوة على حبيبته وأختـه ؟ زاد إصراراه بتهيئة المكان ، لأجل ما توجد بنت على أرض من أراضيّ الخسوف تتمنى الطيران منها ، أو تشكيّ من ديرة هو يعشق أراضيها
قالت وهي تلتفت له ووقفت بسرعة بعد ما حست إنها فاضت حتى الإنسكاب ، وهالفيضان كله بقلب عبدالعزيز : أعذرني عز ، مغثتك " ضيقت خاطرك " بكلام ماله داعي
عبد العزيز وقف بسرعة معها وأول ماسمع كلامها تضايق وقال : أفا ، عيب هالحكى يا نسيم ، لو ما سمعت أنا هالكلام من بيسمعه ؟ أنا والله منبهر ومنذهل ويدي على رأسي من هول الكلمات اللي سمعتها ، أنا متضايق من شيء واحد ، ليه ماقد سمعت لك من قبل ؟ ليه ما جيتك وسألت وش تبين وش حلمك ووش يضايقك ؟ أنا شاره على عز لأنه ماكان قدّ أخوتك
أبتسمت وهي تقترب منه وتنفض التراب عن فروته : أنت قدها وقدود ، ولا هوب بس كذا ! أنت قد الدنيا كلها يا عز
كان بيتكلم بس ألتفت على سحبة بشرى لأطراف الفروة : وهذا من عناد بن عايض !!
عز استغرب وناظر لإسم أبوها مطرز على طرف الفروة ثم أبتسم وقال : هذا واحد ما أقول غير جعل منزله جنات النعيم على اللي جاءت بطريقي بسببه ، ولكن وش هالسحبة ؟ ما تستحين ؟
بشرى : ليه تنفخ علي ؟ " ترفع صوتك علي " ليه نسيم تضحك لها وأنا بس تخاصمني "تهاوشني ؟"
ضحك وقال وهو يلعب بشعرها : لأن نسيم عاقلة وكبيرة وتفهم من أول كلمة ، وأنتي خبش "خبلة" ما تعلمتي الركادة للحين
كشرت بوجهه وقالت وهي تطلع الوردة من ورى ظهرها : كنت بعطيك الوردة لكن ما تستاهلها
شهقت نسيم : قطفتيها من حديقتي ؟
استوعبت بشرى إنها بتهاوشها لذلك قبل ما ترد هربت من المكان بسرعه ونسيم صرخت : ياويلك لو تطيح عيني عليك تقطفين من وردي والله لا اكوفنك "اضربك"

Continue Reading

You'll Also Like

181K 5K 56
أتمنى أن تنال أعجابكم🩵🩵
333K 3K 5
عندما يحين الصباح تتجلى جميع افكار الليل الحزينه ، نعيد ترتيب انفسنا لنبدأ من جديد ، نلملم اشتاتنا لنتعامل مع اشخاص مجهولين وغير مجهولين ، لكي لايشعر...
430K 8.8K 40
ماله مفر ماله جواب سؤال ضاع في طيات العُمر ما نلتقي هذا مُحال دربي ودربك كله خطر لو نادَى فوق الجبل جمع قبائل العرب وقال : فصل خامس بين الفصول الأ...
1.8K 133 14
فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها فقدت كل شيء قبل عشر سنوات،أمها،قدرتها على المشي و حتى صديقاتها،باتَت فتاةً محطمة. و شاب في السادسة و العشرين جعله...