لم أتخيل أن تكون المواجهة بهذا الشكل الصعب أبدا٬ فأي رد مني غير مناسب سيدمر كل علاجها في الشهور الماضية .
_ رحيل، هل من الممكن أن تجلسي لنتفاهم .
جحظت عينيها من طريقة حديثه الهادئ الذي أثار غضبها أكثر .
_ ما هذا البرود، أنت تتحدث ببساطة هكذا، ولا كأنك فعلت شيء!؟
تنهد أرسلان وذهب يجلس على مكتبه.
_ سنتحدث بهدوء يا رحيل، أه أنا فعلت هكذا ولكن ليس من أجل عملي كما تعتقدين؛ لا كل هذا لأجلك.
تطلعت عليه بابتسامة ساخرة .
_لماذا أحببتني مثلا !؟
ضحك أرسلان بهدوء.
_ لا يا رحيل أنا لم أحبك، ولو كنت أحببتك لم كنتِ وصلتِ للتطور هذا في الشهور البسيطة هذه، أنا لو كنت فعلت هذا لأجل عملي، ما كنت وافقت أن تدخل حالتك إلي هذه المصحة من الأساس.
كانت تغلي الدماء بعروقها أثر حديثة لماذا يقول عنها هكذا .
_ لماذا وهل كنت تستحق أن المصحة المزرية هذه تُعالج فيها النجمة رحيل صهيب !؟
لقد وصل إلى مراده الآن، عادت رحيل إلى الغرور مرة أخرى هذا جيد جدا، لكن الغرور يقتل صاحبه في بعض الأوقات!؟
أخرج هو أحد الملفات وسحب منها ورقة محددة، وقام بتقديمها إلى رحيل.
سحبت منه الورقة بتوتر وهي لا تعرف ما بها.
تنظر إلى حروف هذه الورقة وهي تشعر بأن العالم يهدم أمامها للمرة التي لا تعرف عددها تقريبا هي العاشرة !؟
_ عندما جئت حالتك الى هنا كان التشخيص الطبي شيزوفرينا تعني انفصام شخصية، والورقة التي في يديك هذه تصريح دفن باسم رحيل صهيب، أنا لو كنت أفعل كل هذا لأجل عملي سأجلب حاله تضر بسُمعتي وسُمعت المصحة لماذا!؟
كان عقلها يتزاحم بالأفكار٬ معنى ذلك أنها فعلا لم يصبح لها وجود على وجهه الأرض.
_ وبما أنني مُت، لماذا عالجتني !؟
كنت أظل مثلما كنت أفضل من أن اعود وأكون في حكم الميت هكذا .
لم تعد تحملها قدمها لِتسقط على الأرض بقوة، وهي تجهش في وصلة بكاء طويلة.
ساعدها أرسلان على الوقوف ثم ذهب بها إلى أحد المقاعد.
_ أنا ساعدتك لأنني أعلم إنك قادرة على أخذ حقك، ستمر هذه الفترة وستبقي أقوى من السابق، ساعدتك لأنني نظرت فيكِ روح شقيقتي، ولو كنت لست موجود في حياتها كانت ستصل لنفس مرحلتك ويمكن أكثر، وأنا لا أحب أن أنظر إلي شخص يحتاج مساعدة وأقف متكتف .
_ رحيل عادت مرة آخري ، ولكن عادت لأجل أن تعلم كل البشر أنها علي قيد الحياة وليس العكس.
لحق أخر جملته بغمزه، فضحكت رحيل أخيرًا من بين دموعها بعد معاناة، وهي تستعد بجدية هذه المرة لكي تستكمل علاجها.
★★★★
لم يكون الأمر سهلاً، الأمر استغرق شهورًا لكي تعود كالسابق، انبهار أرسلان من سرعة تجاوبها مع العلاج وكأنها تحارب لكي تغادر المصحة، واليوم هو معاد رحيلها.
طرقات خفيفة على مكتب أرسلان لِيسمح للطارق بالدخول .
دلفت هي بخطوات هادئة وابتسامة رقيقة أصبحت تحاول رسمها مؤخرا.
_ أحببت أن أشكرك قبل أن أذهب.
_ يارحيل ستذهبين، أخيرًا سأرتاح من وجودك لا أريد أن أري وجهك مرة آخري.
_ تحب حالاتك للغاية أنت قدوة أجيال حقًا.
ابتسم أرسلان بهدوء.
_ أهم شيء يا رحيل أياكِ أن تفعلي شيء يجعلك تعودي للصفر مرة آخري، ولكن أهم شيء ماذا سوف تفعلي مع تميم !؟
ظلت على حالتها الهادئة وهي تجيب .
_ سأذهب إليه وكل شيء سيعود مثلما كان، ولكن قبل أن أذهب هناك زيارة يجب أن أفعلها أولًا.
استغراب هو ما هذه الزيارة الأهم بالنسبة لها.
_زيارة مَن !؟
★★★★
دخول هذا المكان بعد كل هذه الفترة المنصرمة، كان أصعب قرار في حياتها، تمشي وهي تجر قدميها إلى ذلك المنزل والحراس من حولها في حالة من الذهول، أخرجت نسخة مِن المفاتيح الخاصة بها وهي تديرها في مكان بالباب.
دلفت وهي تشعر بانقباضه قاسية في قلبها، لم تنزاح أبدًا واستمرت في السير إلى وجهتها إلى ذلك المكتب الملحق بالقصر .
أدارت المقبض لتجد ذلك الذي يُدعى والدها يجلس على مقعده بكل أريحية٬ لكنه انصدم من هذه التي تقف أمامه بكل شموخ.
_ رحيل أنتِ؟!
كانت عينيه جاحظة من مكانها وهو يتطلع عليها بصدمة، وكأنه أصيب بالشلل التام .
_ ماذا حل بك، هل رأيت عفريت حقيقي!؟
ماذا هل كذبت الكذبة وأمنت بها !؟
_رحيل !؟ كيف عودتي! ومن سمح لكِ أن تعودي هنا!؟
ابتسمت على حديثة بسخرية
_ لا أحد يستطيع أن يوقفني، أنا طوفان عندما أتي أزيل كل شيء موجود، وأنتَ أول شخص سوف أزيلك ولن يكون لك أي قيمة في حياة رحيل.
أخرجت هي أحد الأسلحة من سترتها التي ترتديها وتوجهه في اتجاه رأسه.
قابل هو حركتها بفزع كبير وهو لا يعرف ماذا يفعل، فهي بالتأكيد فقدت عقلها بالكامل، ليتحدث بذعر شديد
_ رحيل ماذا تفعلين أنا والدك، هل يوجد فتاة تقتل والدها!
استمع إلى قهقهتها بصوت عالي يميل إلى الخلاعة قليلًا.
_ الآن تذكرت أنك أبي.
اقتربت منه بثبات غريب وهي تمد السلاح أمامها.
_ لماذا لم تتذكر أنك أبي وأنت تري ابنتك محروقة، ولا يوجد جزء في جسدها سليم، لماذا لم تذكر أنك أبي وأنت تقول لهم إنك تريد شهادة وفاة بالرغم من أنني علي قيد الحياة!؟
استرسلت حديثها وعينيها أصبحت كالزجاج بسبب أنها تحاول منع دموعها من الهبوط .
_ كنت تخجل مني أليس كذلك!!
أنت لم تفكر في يوم أن تأتي لتراني في مستشفى المجانين التي ألقيتني بها.
تحدث بتلعثم وهو يحاول مجراتها في الحديث .
_ رحيل أنتِ تعلمين مكانتي الاجتماعية.
لِتهمهم هي ببعض الكلمات لتمنع سماع هذه الأسطوانة المعروفة.
_ وقتك قد أنتهى معي يا سيد صهيب، انطق الشهادة الآن.
لِتهبط أحد الدموع من عينيها.
_ صحيح غدًا سوف تتحدث عنك جميع صفحات التواصل الاجتماعي تحت عنوان يليق بيك.
" مقتل أحد رجال الأعمال على يد ابنته العائدة من الموت"
_ جيد هذا العنوان صحيح!؟
بدأ هو يتوسل إليها أن تبعد هذا السلاح عن جمجمة رأسه لكنها لم تبالي، ضغطه واحدة على الزناد تحت صراخه، ثم يحل الهدوء..
فتح عينيه بذهول يستشعر إن كانت جمجمته لا تزال بخير.
_ لماذا لم تضربيني يا رحيل!؟
قالها بصوت متقطع.
_ كنت أريد ولكني لستُ مثلك.
تنهدت بضيق وهي تتحدث بصيغة أمر.
_ الآن مطلوب منك فقط ، مثل ما أعلنت للعالم أني مُت، تعرفهم أنى علي قيد الحياة هذا شيء سهل بالنسبة لك.
سحبت السلاح بهدوء من على رأسه و ذهبت في اتجاه باب المكتب؛ ثم استدارت إليه وهي تلقي السلاح إلى جانبه.
_ أحببت أن أخبرك أن المسدس الذي سبب لك الرعب هذا لعبة.
ألقت جملتها الأخيرة ببساطة وهي تفتح الباب و تخرج وعلى وجهها ابتسامة نصر بعد ما رأت
الذعر في عينيه من تلك اللعبة البسيطة
#يُتبع