الخطيئة

De Mefree2020

233K 5.6K 20.5K

"أنا لا أستطيع التصديق" قال بنبرة صوته العميقة بينما ترتفع يده ليمسك بذقن الصبي المتصنم في مكانه كي يدير وجهه... Mai multe

مقدمة
الفصل الأول: أنا و أنا
الفصل الثاني: نور وظلام
الفصل الثالث: ظلمات
الفصل الرابع: بداية جديدة
الفصل الخامس: الوجه الآخر
الفصل السادس: رغبة دفينة
الفصل السابع: الفتيل
الفصل الثامن: اليوم الموعود
الفصل التاسع: ليلة لن تنقضي
الفصل الحادي عشر:لحظات صدق
الفصل الثاني عشر: سقط القناع
الفصل الثالث عشر: قاع الظلمات
الفصل الرابع عشر: ستوكهولم
الفصل الخامس عشر: في قاع النهر
الفصل السادس عشر والأخير: الخطيئة
خاتمة

الفصل العاشر: هي

6.9K 247 1.3K
De Mefree2020

"لقد قمت بتحويل عمولتك إلى حسابك". قال مين جون وهو يقف عند باب الفيلا حيث أحضر السائق هاتفه من السيارة حين حان موعد مغادرتهم.. كان جيمين يقف بصمت بينما يشرف على رحيل الضيوف بعد أن قضى الساعات المتبقية من الليلة السوداء الطويلة وحيداً في تلك الغرفة حتى جاء أحد الخدم لإخباره بأن الحفل قد قارب على الانتهاء.


خرج جيمين حينها دون أن يرفع عينيه للقاعة أو يرى حتى أياً كان الجحيم الذي حدث بها في وقت غيابه.. توجه على الفور نحو باب الفيلا بينما يأمر الخدم بأن يبدأوا في تنظيف الجميع أسياد كانوا أو عواهر.

كان قلبه يتوق لرؤية وجه الصبي الأصغر.. كان متلهفاً لسماع صوته.. كل خلية من جسده كانت تطالبه بأن يهرع إليه لاحتضانه وطمأنته بأن كل شيء قد انتهى لكنه في ذات الوقت لم يستطع حمل نفسه على مواجهته.. كان الذنب الناهش في أعماق روحه أكبر من أن يستطيع ملاقاة عينيه.

لم يرد المحامي على مين جون.. كان فقط يقبض على يديه بشدة ويحاول أخذ نفس عميق كي يهدئ من نبضات قلبه الغاضب بينما يركز عينيه على السيارات الفارهة المصطفة وهم ينتظرون خروج الأسياد مع عواهرهم.. كان مين جون قد ظهر وحده من دون الصبي الأصغر وهذا جعل الانقباض القلق يستقر بأحشائه.

"لا تقلق فأنا لم أقتل حبيبي". أخبره مين جون ليحوّل جيمين نظراته الثاقبة الكارهة إليه أخيراً بينما يُخرج ضحكة لا روح دعابة بها.

"حبيبك؟". كرر من بين أسنانه بنبرة ساخرة حادة لم يأبه بإخفاء غضبه المشتعل من ورائها. "أمثالك لن يعرفوا الحب أبداً.. أنت وغد مشوه مريض ولن تكون قادراً على الإحساس بمثل هذه المشاعر السامية مهما حييت".

"وأنت قادر عليها؟". سأله مين جون بنبرة مستمتعة وهو يرفع حاجبه. "لقد رأيت نظراتك القذرة إليه.. لقد رأيت كم كان قضيبك اللعين يشتهيه.. لقد رأيت كم كنت شبقاً ومثاراً بجنون وهو يضاجع نفسه فوق انتصابك التافه، لكن أخبرني جيميناه، هل تعتقد بعقلك الغبي أنك قادر على أن تقدم له ما أقدمه أنا؟ هل تعتقد أن بإمكانك أن تغرقه بالأموال والهدايا وأن تنتشله وعائلته من حياتهم الوضيعة كما أفعل أنا؟ هل تعتقد أن قضيبك الصغير قادر على أن يشبعه كما أشبعه أنا؟". تدفقت الأسئلة منه بينما يأخذ خطوة متحدية ليقف أمام جيمين مباشرة.
"أخبرني بالحقيقة أيها الجميل.. أليس السبب الوحيد الذي جعلك منجذب إليه وترغب في دفع قضيبك بمؤخرته هو لأنه يشبهني؟".

"بالطبع مجنون نرجسي مثلك سوف يفكر بهذه الطريقة". أجابه جيمين وهو بالكاد قادر على أن يتمالك نفسه وألاّ يسدد لكمة لهذا الوغد المختل أمامه.

"توقف عن ارتداء قناعك المثالي وأظهر معدنك الحقيقي فقد انتهت الحفلة يا صديقي". قال مين جون بنبرة ساخرة. "من المؤسف بأنك تشتهي النسخة وقد رفضت الأصل، لكن ربما لهذا السبب تحديداً أنت تريده صحيح؟ لأنه مجرد طفل صغير أحمق وجاهل وسوف تكون قادراً على التحكم به كما تشاء، بينما معي فأنت لن تكون أكثر من مجرد عاهر خاضع لقضيبي".

"أنت العاهر الوحيد هنا مين جوناه، وأنا لست بصديقك أيها الفاسق المنحل! ربما تكون قد استطعت إخراس مي سون لكنني لن أسمح لك بإخراسي، وأقسم بكل الآلهة إن عرفت يوماً بأنك قد فعلت شيئاً بذلك الصبي فلن أدعك تنجو بفعلتك هذه المرة! لذا اغرب واللعنة عن وجهي وعش حياتك المختلة بعيداً عني وإياك أن تحاول الاتصال بي مجدداً!".

"هل أنت واثق من ذلك يا عزيزي؟". سأل مين جون متهكماً بينما يمد يده لإبعاد خصلات الشاب الرمادية الناعمة عن جبينه لكن جيمين سارع بإزاحة يده عنه. "أنا أعرفك جيداً جيميناه.. عاهر فقير وضيع مثلك لن يرفض أي فرصة للحصول على المال الذي ألقيه تحت قدمي، ومع ذلك فلا تقلق بشأن اتصالي بك فنحن لم نعد بحاجتك بعد اليوم لأن لدينا العديد من العواهر الذين يتمنون الحصول على فرصة لخدمتنا.. والآن تبقى لديّ تحذير أخير لك". قال وهو يميل هامساً في أذنه. "إن قمت بالتفكير حتى ناهيك عن محاولة الاقتراب من عاهري فأقسم بأنني سوف أقطع لك قضيبك وأقدمه لك على طبق من ذهب قبل أن أحشوه بحلقك، هل فهمت؟".

"لقد وصل يا سيد مارك". ظهر صوت حارس الأمن ليبعد مين جون عينيه الثاقبتين المهددتين عن جيمين ويعيدهما نحو باب الفيلا حيث ظهر خادمان وقد أصبحا يرتديان زيهما الرسمي مرة أخرى وهما يسحبان معهما إطار الصبي الأصغر الذي لم يكن قادراً حتى على جر قدميه.. كان جسده يرتجف بشدة ورأسه متدلي لأسفل وكأن رقبته لم تعد قادرة على حمله.

"جو..جونغكوك". نادى جيمين بصوت صغير متلعثم وقد توسعت عينيه وتقطعت أنفاسه من كل تلك الكدمات التي تظهر من تحت قميصه الأسود الشفاف.. حاول الصبي الأصغر أن يرفع رأسه الثقيل ليهرب نفس متكسر من المحامي حين رأى عينه المغمضة والتي يظهر تورمها من تحت قناعه وخديه المتفجرين بالاحمرار ولاتزال طبعات الأصابع على رقبته من محاولات خنقه وقد ترك طوقه الحديدي أثراً خالداً مزرقاً على جلده.

تجمعت الدموع في عينيّ جيمين عندما رأى النظرة الميتة في عين جونغكوك الوحيدة المحمرة والتي بالكاد كانت مفتوحة قبل أن يوجه الصبي المرتجف نظرته لسيده دون أن يجرؤ على إخراج صوته.

"ادخله في السيارة". أمر مين جون السائق الذي سارع بالإمساك بالصبي المحطم وإدخاله في مقعد الراكب الخلفي لينكمش إطاره الضعيف المرتعش على نفسه ويتقوقع بلا حياة بينما ينتظر دخول مالكه.

"ما..ما الذي فعلته به أيها المجنون؟!". سأل جيمين بنبرة مذهولة من الصدمة والغضب والعجز الذين شلوا كيانه دون أن يكون قادراً على إزالة عينيه عن الصبي المدمر.

"فقط أدبته كما يحق لأي سيد تربية عبده عندما يتمرد عليه، وقد عرف الآن مكانته جيداً ولن يجرؤ على فعل أي شيء لا يرضيني". أخبره مين جون بنبرة هادئة وهو يأخذ خطوة صغيرة نحو السيارة كي يركبها لكنه توقف لينظر من فوق كتفه للمحامي. "أتمنى بأن تسير عملية والدتك على أفضل وجه.. في الواقع أنا سوف أصاب بخيبة أمل كبيرة إن حدث لها شيء خاصة بعد كل ذلك الضرب الذي تلقاه عاهري لأنه أراد أن يحميك".

مشى الشاب الأكبر نحو السيارة ليدخل بها كي تنطلق على الفور تاركة ورائها جيمين يقف متجمداً في مكانه.. كان عليه أن يعرف بأن وغداً مثل مين جون بالطبع لن يكون بشخصٍ أحمق.. كان عليه أن يدرك بأنه قد عرف حقيقة رفض جونغكوك للراحة وبأن موافقته على الاستمرار باستخدامه لم تكن إلاً بهدف حمايته.

اللعنة، أين كان عقله ليغفل عن أمر بديهي واضح كهذا؟ مين جون كان يعرف كل شيء ولهذا استغل تصرف جونغكوك كحجة على إخراج أمراضه وعقده وجنونه عليه تحت مسمى السيد الذي يريد تأديب عبده.. وجيمين من سمح له بذلك!

كان عليه أن يبقى مع جونغكوك كما وعده.. كان عليه أن يوقف هذا المجنون المختل من التمادي بأفعاله، لكنه بدلاً عن ذلك قام بالاختباء كجبان لعين في تلك الغرفة وترك الصبي الأصغر يواجه ذلك الوحش، لا بل كل أولئك الحيوانات الضارية بمفرده.. لقد ترك ذلك الصبي المسكين يصارع الحياة وهو يتلقى كل تلك الجلدات والضربات والمضاجعات والاهانات وحيداً.

تتبعت عينيّ جيمين الدامعتين السيارة المغادرة وهي تأخذ جونغكوك لمصير أصبح معروفاً الآن بعد أن أظهر له مين جون وجهه الحقيقي دون تزييف أو أقنعة.. أما هو فعليه أن يعيش مع فعلته البشعة التي أصبح ذنبها ينهش في روحه وندمها يعادل الأسى الذي استوطن بكيانه مما حدث مع مي سون.. هو من فعل هذا بالصبي الأصغر ولن يستطيع الخروج بأي مبرر ليكذب به على نفسه مجدداً حتى لا يواجه قذارة هذه الخطيئة التي ارتكبها بحقه.

في السيارة كان جونغكوك لا يزال منكمشاً على نفسه ككرة محطمة هشة على المقعد بينما يجلس مين جون على المقعد بجواره.. كان الصمت الثقيل يخيم عليهما.. لم يكن هناك مجال للحديث الآن.. كلاهما منهكان تماماً لكن بطريقة مختلفة جذرياً عن بعضهما، فأحدهما يشعر بالرضى والشبع بعد أن قضى ساعات طويلة انغمس بها في اشباع ملذاته المظلمة المنحرفة والآخر....

الآخر كان فقط يحاول البقاء على قيد الحياة.. كان الصبي يخرج أنيناً ضعيفاً متألماً دون أن يكون قادراً على منعه ولا على تخفيف ارتجافات جسده العنيفة.. لم يكن قادراً على الكلام من كل ذلك الانتهاك الذي دمر جدران حلقه.. لم يكن قادراً على الرؤية جيداً بعينه الوحيدة الضبابية.. لم يكن قادراً على المشي أو الجلوس أو التحرك لدرجة أن حتى الاستلقاء كان جحيماً خالصاً له.

كل خلية في جسده المدمر كانت تنبض بالألم الحي الخام.. كان يشعر بالغثيان من بعد أن تلاشى أثر المخدر ليترك له احساسه بالوجع الناخر حتى عمق عظامه.. مع ذلك، فكل ما كان يعاني منه جسدياً لا يعادل الطعن النازف في قلبه المنكسر ولا بروحه المحطمة.. كان منهكاً جداً وغير قادر على التفكير بأي شيء بعد الآن، لا، بل وحتى عندما يتعافى فهو لا يريد أن يتذكر هذه الليلة على الإطلاق.

هو لم يكن هنا أبداً.. هذه الحفلة لم تحدث في المقام الأول.. هو لا يزال محتضناً بين ذراعيّ أمه في منزلهما الدافئ السعيد.. نزلت دمعة من عينه الوحيدة عندما خطرت تلك الفكرة بذهنه.. أمه التي تحبه أكثر من أي شخص أخر في هذا العالم.. ما ستكون ردة فعلها إن رأته هكذا؟ إن رأت طفلها الجميل اللطيف وقد تم استخدامه وتعذيبه واغتصابه مرة تلو الأخرى؟ إن رأت بأنه قد تم ضربه وجلده وصفعه طوال ليلة لعينة كاملة؟

أمه التي تحدث إليها بشكل وقح وتجرأ على الصراخ في وجهها.. أمه التي أسمعها تأوهاته لأنه مجرد عاهر قذر عبد لقضيب مالكه.. أجل أنا كذلك.. كرر في نفسه.. لقد حفظ درسه كطالب مجتهد.. لقد عرف مكانته في هذه العلاقة المنحرفة الملتوية.. لقد حرص مين جون على تعليمه جيداً والآن عليه فقط أن يخرس إلى الأبد وأن يقوم بواجبه نحو سيده.

توقفت السيارة في طابق مواقف المبنى ليسرع جي سوك بالنزول وفتح الباب لهما.. نزل مين جون من السيارة أولاً ليحمل الصبي الأصغر بين ذراعيه. "هل طلبت الطبيب كما أمرتك؟"

"أجل يا سيدي، وهو بانتظارك مع الممرضة بقاعة الإستقبال في بهو المبنى". أجابه السائق.

"دعهما ينتظران لأربعون دقيقة أخرى حتى أقوم باستدعائهما". أمره مين جون بينما يتجاوزه لدخول المصعد.. ضغط على زر الطابق الأخير ونظر لجونغكوك الصامت والمرتجف في ذراعيه. "صغيري". نادى بنبرة ناعمة ليفتح الصبي الأصغر عينه السليمة دون أن يتجرأ على النظر إليه. "سوف أقوم بإعطائك استحماماً مناسباً فأولئك العواهر لم يقوموا بعمل جيد في تنظيفك ولا تزال رائحتك عفنة.. وبعد ذلك سيقوم الطبيب بفحصك وعلاجك"

لم يرد جونغكوك، في هذه الحالة النفسية والجسدية التي هو عليها فمجرد سماع صوت مين جون كان ينشر الهلع في كيانه ناهيك عن محاولة استحضار إجابة قد لا ترضيه وربما حتى تغضبه ويقرر حينها معاقبته مجدداً.

فُتح باب المصعد ليدخلا إلى الشقة الصامتة المظلمة حتى مع أشعة الشمس التي تملأ أرجائها.. شعر الصبي الأصغر بالغربة والخوف والوحشة وكأن قدمه لم تطأ هذا المكان منذ سنوات طويلة وليس منذ البارحة فقط.
ذلك الإحساس الفزع بأنه قد دخل إلى شقة مهجورة قذرة وباردة قد استوطن في أحشائه.. لا، بل كان الشعور أعمق وأسوأ من ذلك.. شعور عدم الانتماء الذي حاول محاربته منذ أول يوم دخل به إلى هذه الشقة اللعينة، شعوره بأنه في جلد غير جلده والذي ابتلعه وكبحه ودفنه في أغوار نفسه قد تكشفت تربته أخيراً وظهر مجدداً ليبتلعه بالكامل.

توجه الشاب الأكبر على الفور نحو دورة المياه حيث وضع الصبي برفق على رخام المغسلة البارد قبل أن يخلع سترة بدلته ويشمر عن أكمامه بينما يفتح الماء في المغطس ليعود بعدها ويقف أمام جونغكوك كي يبدأ العمل على مساعدته في خلع ملابسه.

كيف من الممكن أن يكون أمراً عادياً و روتيناً تافهاً وبسيطاً مثل نزع الملابس قد تحول ليصبح عملية شاقة وصعبة ومجهدة تجلب كل هذا الألم له؟ كان جونغكوك يحاول كبح أنينه الضعيف وهو يشعر بسلخ جلده حين قام مين جون بإزالة قميصه وبنطاله مع سرواله.. كان يلهث بشدة من كل ذلك الوجع الناخر في خلاياه وقد أغمض عينه التي أصبحت دامعة حين حمله مين جون مرة أخرى ليضعه في المغطس.

خرج تأوه منتحب منه حين لامس الماء البارد بشرته المحترقة، لكن هذا الألم النابض لم يكن يضاهي حروق قلبه والتي لم يكن واثقاً من أنها ستلتئم يوماً.. كل حركة يقوم بها الشاب الأكبر في تنظيفه كانت تفجر معها طعنات الوجع على كل انش من جلده.. فتح عينه وأخفض رأسه ببطء محاولاً النظر إلى نفسه بأقصى ما يستطيع لكنه لم يكن قادراً على رؤية لون بشرته الأصلية.

كانت الرضوض والكدمات والجلدات تغطي صدره، ومعدته، وفخذيه، وساقيه.. كل مكان ينظر إليه لم يكن يرى به إلاّ اللون الأزرق والاحمر والبنفسجي.. كان مثل لوحة فنية مشوهة لرسام مجنون.
ربما في وقت ما من زمن آخر بعيد وعالم موازي غريب عنه كانت حالته الآن ستجعله يشعر بالسعادة والرضى وحتى بالفخر، لكنه الآن لم يكن يشعر سوى بالخزي والعار والألم الذي لا يطاق.

"جونغكوكاه". خرج صوت مين جون بنبرة ناعمة ليجفل الصبي الأصغر وتسري ارتعاشة أخرى في جسده الذي لم يتوقف عن الارتجاف. "أعلم بأنك متعب ومنهك وتشعر بالارتباك والاضطراب الآن وسوف يتوجب علينا الحديث بشكل مفصل عن كل ما حدث في الليلة السابقة، لكن أريدك أن تعرف امراً واحداً فقط، أنا أحبك صغيري.. عليك أن تؤمن وتصدق بأن مشاعري لم ولن تتغير نحوك.. أنت الشيء الوحيد الثابت في حياتي، لذا أرجو بالاّ تتسرع في حكمك على ما جرى بالحفل قبل أن تسمعني وتعطيني فرصة لأشرح لك بنفسي. هل فهمت حبيبي؟".

"أ..أجل يا سيـ..سيدي..". حاول الصبي الأصغر الرد لكن نبرته خرجت خائفة هامسة ودمعات عينه تتوسل مع صلوات قلبه بألاّ يعاقبه مين جون.

توقف الشاب الأكبر عن تنظيفه لينظر إليه لوهلة أطول جعلت الهلع ينتشر بكيان جونغكوك. "أنا هيونغ جونغكوكاه". قال وهو يميل لطبع قبلة ناعمة على صدغه. "لقد انتهت الحفلة وعاد إليك هيونغ الذي تحبه مرة أخرى.. أنت لا زلت تحبني أليس كذلك صغيري؟".

"أ..أجل يا سيدي". قال الصبي الأصغر بنبرة مذعورة من نظرات سيده المثبتة عليه.. كان الخوف يتملكه بالكامل من أنه ربما قد قام دون وعي منه بإيماءة ما جعلت مالكه يظن بأنه يتمرد عليه بشكل أو بآخر. "أنا..أنا أحبك.. أر..أرجوك لا تغضب مني.. أنا عاهرك وأعبد قضيبك..". أخبره وهو يجاهد لتحريك جسده المحطم لإعطائه ظهره بينما يحاول ثني نفسه للإمام. "استخدمـ.. استخدمني كما تريد، لكن.. لكن أتوسل إليك لا.. لا تضربني.. لا تعاقبني.. جسدي ملكك يا سيدي.. أنا عاهرك المطيع ولن أتمرد أو.. أو أشتكي ما حييت..".

لعن مين جون تحت أنفاسه وهو يرى مؤخرة الصبي الأصغر المدمرة وهي معروضة له.. ماذا لو دفع بقضيبه وضاجعه الآن؟ ماذا لو قام بإغراقه مرة أخرى؟ ماذا لو حبسه في القفص وجعله يتعفن بقاذوراته؟

لا.. عليه أن يسيطر على نفسه واللعنة إن أراد استعادة جونغكوك مرة أخرى.. عليه أن يحاول اصلاح الضرر الذي حدث بالأمس وأن يجعل الصبي الأصغر يثق به مجدداً.. عليه أن يمشي بخطوات بطيئة ومحسوبة بعد أن فقد نفسه بالحفل وتمادى بما فعله معه.. عليه أن يعيد غرس نفسه بداخل الصبي وأن يزيل كل الهراء الذي أخبره به ذلك المحامي اللعين.. عليه أن يستعيد سيطرته إن أراد الوصول إلى هدفه النهائي.

مد يديه للإمساك بالصبي الباكي المرتجف كي يجعله يجلس مجدداً بلطف قبل أن ينهض على قدميه ليدخل معه في الحوض.. كان لا يزال مرتدياً ملابسه الفاخرة لكنه لم يأبه بذلك لأن كل ما عليه فعله الآن هو احتضان الصبي كي يعطيه الإحساس بالأمان والسكينة والهدوء.

"حبيبي". قال وذراعيه تطوقان الإطار المرتعش. "أنا أسف جونغكوكاه.. أعلم بأن ما حدث قد شكل صدمة بالنسبة لك وأعدك بأنني سأقوم بتعويضك عن كل شيء.. فقط اهدأ صغيري ولا تخف مني، فأنا لن أؤذيك أبداً.. أعلم بأن كلماتي يصعب عليك تصديقها الآن لكنني أعدك بأن كل شيء سيكون على ما يرام، فقط دعني انتهي من تنظيفك لأن الطبيب على وشك الحضور ومن ثم سأقوم بإعداد حساء ساخن لك وبإمكانك النوم قدر ما تشاء وحين تستيقظ سوف تكون قد ارتحت بما يكفي كي نجلس للتحدث بهدوء. حسناً؟".

أومأ الصبي الأصغر برأسه ببطء لأن هذا كان كل ما يستطيع فعله الآن.. ترك الشاب الأكبر يغسل شعره القذر بكل ذلك العرق والمني العالق بخصلاته قبل أن يقوم بتدليك صدره لتنزل دمعة من جونغكوك حين لامس حلمته المستهلكة واستعاد تلك اللحظة الأليمة.

لاحظ مين جون دموعه لكنه لم يعلق على الأمر أو يسترسل بالحديث أكثر.. كان يعلم بأن عرضه لحليبه قد كسر قلبه وبأنه سوف يتوجب عليه إخباره بالحقيقة هذه المرة.. حسناً، ربما ليست الحقيقة بالكامل لكن سيتوجب عليه أن يكشف عن ذلك الجزء اللعين من حياته وينفتح له فقط بالقدر الكافي لاستعطاف مشاعره وإبقاءه معه.

أنهى الشاب الأكبر تنظيف جونغكوك قبل أن يحمله ليضعه على رخام المغسلة كي يقوم بتجفيفه وإلباسه روب استحمام نظيف قبل أن يتركه ليقوم بعمل سريع في خلع ملابسه الغارقة ويدخل تحت المياه المتساقطة كالأمطار كي يستحم بشكل موجز حيث بالكاد غسل شعره وقام بتنظيف جسده حتى انتهى بأقل من خمس دقائق.

لف منشفة حول خصره وجفف خصلاته الرطبة قبل أن يعيد حمل الصبي الأصغر الصامت بين ذراعيه ويتجه نحو السرير ليضعه برفق فوق الفراش الناعم.. توجه بعدها إلى خزانته وارتدى سروالاً وبنطالاً رياضياً فضفاضاً وسترة بغطاء رأس قبل أن يعود بسروال نظيف ليعمل على تلبيسه لجونغكوك.

بالكاد كان قد انتهى حين سمع صوت هاتف الاستقبال ليغادر الغرفة ويرد عليه سامحاً للطبيب بالصعود حيث استقبله مين جون وأرشده الى غرفة النوم لتسرع الممرضة المرافقة له بتجهيز حقنة المغذي الوريدي بينما يبدأ الطبيب بفحص ضغطه ونبضات قلبه قبل أن يتفقد عينه المتورمة ويمر على كل جرح وخدش وجلدة وكدمة لتفقدها.

كان الصبي المحطم مستلقياً فقط وهو يشعر بيديّ الطبيب تداويانه وتحركانه وتتفقدان طعنات ظهره كي يقوم بتعقيم وتطهير كل شيء تقع عيناه عليه.. كان يشعر ببرودة الكريمات الطبية المدهونة على جلده وباللصقات المطهرة تغطي جسده وبالحقنة تدخل في ذراعه.

شعر بيديَ الطبيب تسحبان سرواله وأخرج أنيناً متألماً مكتوماً حين قام بفحص مؤخرته المتورمة.. كان صامتاً، ساكناً، ميتاً ولم يعرف كم من الوقت قد مر عليه حتى انتهى الطبيب والممرضة من عملهما أخيراً.

"سوف أكتب له بضع مضادات حيوية عليه تناولها بانتظام.. كما يتوجب عليه أن يأكل وأن ينام جيداً فجسده سوف يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعافى تماماً، لذا فأنا لا أنصح بالممارسة الجنسية على الأقل لمدة أسبوعين".

"فهمت". قال مين جون وهو يتجه للمنضدة الجانبية ويفتح الدرج ليخرج ظرفاً ثقيلاً ومن الواضح بأنه مليئاً بالنقود بحسب رؤية جونغكوك المشوشة. "لا داعي بأن أذكرك بعقد السرية بيننا، أليس كذلك؟".

"بالطبع لا سيد مارك". أجاب الطبيب على الفور بينما يقدم له انحناءة صغيرة. "سوف أجعل الممرضة توصل الدواء لموظف الاستقبال كي يبدأ بأخذه على الفور، كما أن بإمكانك إزالة المغذي حين ينتهي".

همهم مين جون راضياً بينما ينحني الطبيب والممرضة له مرة أخرى قبل أن يغادرا البنتهاوس.. جلس الشاب الأكبر على طرف السرير ناظراً للصبي الدامع بصمت قبل أن يمد يده لتغليف وجهه بنعومة.

"سوف أقوم بإعداد الحساء لك صغيري". أخبره بنبرة رقيقة قبل أن يزيل يده كي ينهض.

"هل..". ظهر صوت جونغكوك الضعيف المتردد الخائف ليتوقف مين جون في مكانه ويعيد عينيه إليه. "هل تسمح لي يا .. يا سيدي بأن.. بأن أنام قليلاً؟". سأل وهو يبتلع بصعوبة وقد سرت ارتعاشة في جسده المرتجف من تجرؤه الوقح بطرح مثل هذا الطلب على سيده لكنه لم يكن قادراً على البقاء مستيقظاً بعد الآن.

أخرج مين جون تنهيدة صغيرة حين سمع الذعر العالق بنبرة الصبي الهلع. "بالطبع جونغكوكاه.. بإمكانك النوم أولاً".

"شكـ.. شكراً لك يا.. يا سيدي". قال الصبي الأصغر وقد ارتسمت أخيراً ملامح الارتياح على وجهه قبل أن يغلق عينه الثقيلة لينجرف على الفور نحو نوم ميت.. نظر إليه مين جون لوهلة أطول وقد اشتد فكه.

"اللعنة سوف يكون هذا أصعب مما ظننت". تمتم تحت أنفاسه وغادر الغرفة تاركاً الصبي ينام بسلام أخيراً.

**

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية أو ربما الثالثة صباحاً عندما فتح جونغكوك عينه على الظلام الدامس أمامه.. كان ذهنه مرتبكاً ولم يستطع أن يعرف محيطه لوهلة.. هل لا يزال في تلك القاعة الآثمة؟ هل لا يزال مخدراً بينما يتم استخدامه؟ حاول التحرك قليلاً لتنفجر شظايا الألم في جسده.. أخرج أنيناً موجعاً لم يستطع كبحه ليسمع صوت باب يُفتح قبل أن تضاء أنوار الغرفة لتسطع أمام عينه التي سارع لإغلاقها بينما ينكمش على نفسه وقد استقر الهلع في أحشائه.

"هل استيقظت صغيري؟ هل أنت بخير؟". تساءل مين جون لتسري ارتجافة في عروق الصبي الأصغر.

"جونغكوكاه، هذا أنا حبيبي لا تخف مني". أخبره مين جون وهو يمد يده ببطء نحو كتفه ليربت عليه بنعومة بينما يدير جسده نحوه.. "لقد نمت ما يقرب من سبعة عشر ساعة.. هل تشعر بالتحسن قليلاً أم تحتاج إلى مسكن ألم؟".

رمش جونغكوك بعينه وابتلع بصعوبة. "مسـ..مسكن.. أرجوك.. يا سيدي". قال بنبرة ضعيفة خشنة وهو يبعد عينه عن الشاب الأكبر.

"إذاً عليك أن تأكل أولاً كي أعطيك الأدوية التي وصفها الطبيب". أخبره مين جون. "هل يمكنك المشي نحو المائدة؟ أود أن أحضر لك الطعام هنا لكنك تعلم بأنني لا أحب أن تبقى الرائحة عالقة في غرفة نومي".

"سأ.. سأمشي". رد جونغكوك وهو يحاول رفع جسده المدمر عن السرير ببطء شديد لم يفعل شيئاً في منع نغزات الوجع التي تطعن به.. وضع قدميه الرخوتين على الأرض كي يقف لكنه كاد أن يقع لولا ذراع الشاب الأكبر التي امتدت لتحاوط خصره.. لم يجرؤ جونغكوك على النظر إليه لكنه كان يستطيع الشعور بعينيّ مين جون تخترقانه وهذا جعل الخوف يدب في قلبه من أن يكون قد أغضب سيده.

أخفض رأسه على الفور خاضعاً له أكثر ليلاحظ حينها بأنه لا يزال يرتدي سرواله.. تذكر أوامر مالكه لتسارع يديه المرتعشتين بخلعه.

"ما الذي تفعله صغيري؟". سأل مين جون ليرفع الصبي الأصغر عينه الهلعة إليه.

"أنا..أنا أسف يا سيدي.. لم.. لم أقصد مخالفة أوامرك.. أنا..أنا..". خرجت شهقة من جونغكوك وأغلق عينه مترقباً ضربة أو صفعة أو ركلة من مين جون عندما ابتعد عنه قليلاً لكنه شعر بيديه ترفعان السروال مجدداً لإلباسه.

فتح عينه ونظر إلى الشاب الجاثم على ركبتيه والذي طبع قبلة ناعمة على زر معدته قبل أن ينهض ليقف أمامه. "تعال صغيري سوف أحملك". مد ذراعيه وحمل الصبي الأصغر ليخرج من غرفة النوم متجهاً إلى طاولة الطعام.. أجلس جونغكوك على المقعد وطبع قبلة على شعره قبل أن يدخل للمطبخ المفتوح. "سوف أعيد تسخين الحساء لأنه قد برد، لذا انتظر قليلاً حبيبي".

جلس الصبي الصامت وهو يصارع أحداث الليلة الماضية المتدفقة على ذهنه.. لم يكن يريد استرجاع أياً منها.. كان يريد مسحها من عقله وقلبه وروحه لكن بدا الأمر بأنه كلما قاوم ذكرياته عنها أكثر كلما رآها حية ومتجسدة أمامه وكأنه قد عاد ليعيش عذابها وجحيمها مجدداً.

عاد الارتجاف إلى جسده وانتشر العرق البارد على ظهره.. شعر بتقطع أنفاسه بينما لسعات السوط وركلات الأقدام وصفعات الوجه تقدم إليه من جديد.. تسارعت نبضات قلبه وشعر بالألم يغزو فكه من كل تلك القضبان القذرة التي انتهكت حلقه.. سالت الدموع من عينه من كل تلك القيود التي شلت حركته.. من كل تلك السلاسل الحديدية التي انغرزت بجلده لا، بل وحتى غزت مؤخرته قبل أن يتم تدميرها من المضاجعات اللانهائية التي مورست عليه.

لم يشعر بمين جون حين وضع الطبق أمامه واستقر على المقعد المجاور له.. كانت عينه الدامعة بعيدة وغائبة وتائهة في عذاب ذلك الجحيم الذي دمر روحه وكل ذرة من وجوده.. جفل الصبي الأصغر حين شعر بلمسة مين جون على يده ليبعدها فوراً ويسمع هسهسة الشاب الأكبر حين وقعت ملعقة الحساء الساخن والتي كان يحملها لإطعامه لتحرق يده.

انتشر الهلع في صدر جونغكوك وهبط دون وعي على الأرض أمامه بينما تمتد يديه المرتجفتين نحو بنطال مين جون ليحاول اخراج قضيبه.

"ماذا تفعل؟". سأل الشاب الأكبر ويده تقبض على معصم الصبي لتوقفه.

"أنا أسف.. أرجوك.. أرجوك سامحني يا سيدي.. سوف أفعل كل ما تريده مني.. سوف.. سوف أدفئ لك قضيبك وأمتصك إن أردت لكن لا تؤدبني مرة أخرى.. أتوسـ.. أتوسل إليك". قال من بين دموعه الساخنة وهو يخفض رأسه.

لم يستطع مين جون كبح ابتسامة ساخرة تقوست بها شفته.. اللعنة لم كانت رؤية جونغكوك وقد تحطم بالكامل تثلج صدره.. لم كانت رؤيته وهو يبكي ويرتجف ويتوسل إليه تملأه بالقناعة والرضى.. رفع يده ليربت على شعر الصبي المذعور. "لا داعي لذلك صغيري، اجلس كي أطعمك". أخبره وهو يعينه على النهوض والاستقرار على المقعد مجدداً قبل أن يمسك بالملعقة ويبدأ بإطعامه.

كان الصمت يخيم عليهما وكل واحد منهما منغمس في أفكاره حتى شارف الحساء على الانتهاء. "جونغكوكاه أعتقد بأن علينا التحدث عن ليلة البارحة". قال مين جون ليتجمد الصبي الأصغر ويشعر بأن هناك سداً أصبح يقف شامخاً في حلقه ويمنعه عن ابتلاع آخر ملعقة من الحساء.

"في البدء خذ حبيبي وتناول أدويتك". قال مين جون وهو يقدم المسكنات والمضادات الحيوية للصبي الذي أطاعه حينها متلهفاً على أخذ أي دواء لعين سوف يخدر به وجعه النابض. "هل عينك تؤلمك جداً؟". سأل الشاب الأكبر بنبرة بدت مذنبة لجونغكوك الذي نظر إليه لوهلة بعينه الوحيدة قبل أن يخفضها.

"لـ..لا يا سيدي". أجاب لأن هذه هي الإجابة المثلى، لا بل هذه هي الإجابة الحقيقة لأن الذي يشعر به الآن لم يكن ألماً وحسب! لقد كان ينازع الموت!

"ذلك الوغد اللعين الذي لكم عينك قد أخذ جزاءه لأنني أعدت لكمته له بعشرة أضعافها، لذا فأنت تعلم جيداً بأنني قد دافعت عنك، أليس كذلك؟".

"أجل يا سيدي".

"هل خاب ظنك بي؟". سأل مين جون مباشرة ليرمش الصبي الأصغر في وجهه قبل أن يخفض نظره مجدداً.

"لا يا سيدي". كانت إجابته صادقة أيضاً.. هو لم يخب أمله وظنه به لأن صورة حبيبه المثالية قد تحطمت بالكامل ولم يعد قادراً على التفكير بأي شيء سيعيد بنائها مرة أخرى.

"أنت لم تكن بأي خطر على الإطلاق ولا حتى لدقيقة واحدة لأنني لم أكن لأسمح بذلك.. عليك أن تعرف بأنني كنت قد عينت عاهراً خاصاً طوال الحفل للتدخل وحمايتك من أي أذى في حال انشغالي عنك، ومع ذلك فقد كانت عيناي عليك طوال الوقت". أخبره مين جون بنبرة مؤكدة. "وحتى عندما كنتَ فاقداً لوعيك فأنا كنت أطمئن عليك بين وهلة وأخرى، ألم يخبرك ذلك الوغد بأنني قد حضرت؟".

"لـ..لا يا سيدي". أجاب جونغكوك وهو يقطب حاجبيه قليلاً.. كان هناك شيء خاطئ.. هل حضر سيده لتفقده والاطمئنان عليه حقاً؟ هذا لم يكن منطقياً لأن ما السبب الذي سيدفع جيمين للكذب عليه؟

"كان عليّ أن أعرف بأن لعيناً مثله لن يخبرك بأمر كهذا.. في الواقع أنا لن أستغرب حتى وإن قام بتفوه الأكاذيب والهراء وحاول الوسوسة بعقلك البريء بأشياء مشينة عني".

"ما..ماذا تقصد يا سيدي؟". سأل جونغكوك وهو يشعر بالارتباك يتفاقم في نفسه أكثر من كلام مين جون.

"حسناً بإمكانك القول بأن علاقتنا ليست مثالية وربما قد لاحظت ذلك بالفعل.. ذلك الطفيلي الوصولي الماديّ كان يحاول منذ سنوات أن يصبح عاهري". قال مين جون لينظر إليه جونغكوك وقد ارتسمت الصدمة على تعابير وجهه المكدوم.

"ما..ماذا؟"

"لقد التقيته بالصدفة ذات ليلة في بار لأحد أصدقائي.. كان يعمل نادلاً هناك وقام بتقديم كأس ويسكي لي قائلاً بأنه وصفته الخاصة، في الواقع عليّ أن أعترف بأنه كان شهياً ومميزاً لذا فكنت كلما أردت الشرب بالخارج أذهب للبار وحينها بدأ بالتقرب مني". شرح مين جون له بتعابير مستاءة.

"شيء ما بخصوص ذلك الفتى جعلني أشعر بعدم الارتياح تماماً له, لذا فقد اكتفيت بأن نكون أصدقاء وهو قد أبدى تفهمه بل وحتى امتنانه على وقتي الثمين الذي أقضيه معه حيث بدأ شيئاً فشيئاً بالانفتاح لي واخبرني عن ماضيه بنوادي التعري والجنس لأجل أن يعيل عائلته وكيف بأنه لا يزال لديه علاقات كثيرة بكل أولئك العواهر, وحتى أنه قد عرفني على فتاة كانت تعمل معه وأخبرني سراً بأنها ستكون عاهرة مثالية لي، كما أخبرني بأنها لن تمانع العلاقة الثلاثية وحينها عرفت بأن كل هراء تفهمه كان مؤقتاً وبأنه لايزال يريد أن يحصل على اهتمامي، وأنا لن أكذب عليك فلقد رفهت عن تلك الفكرة لوهلة وجادلت نفسي على الموافقة فالعرض كان مغرياً، لكنني مع ذلك رفضت بصرامة لأن الفتاة كانت تبدو نقية جداً ولا صلة لها بهذه النوعية من المضاجعات القذرة.. في الواقع لقد كانت جميلة حقاً ورقيقة لذا ذهبت ذات يوم إلى البار حين لم يكن ذلك العاهر متواجداً هناك وطلبت مواعدتها رسمياً"

كان جونغكوك يستمع وهو يحاول استيعاب وتحليل كل ما يخبره به الشاب الأكبر.. لماذا بدأ فجأة بالحديث عن تلك الفتاة؟ هل هي نفسها التي أخبره جيمين عنها؟ هناك أمر لم يستقر معه بشكل صحيح! أليس من المفترض أن يبرر نفسه وتصرفاته وأن يخبره لم فعل كل تلك الأمور الشائنة به؟ لماذا قرر البدء بحديثه عن تلك الفتاة أولاً؟ هل هي أهم بالنسبة له من أن يشرح له السبب في عرضه كبقرة لعينة أمام كل أولئك الأوغاد؟

"في ذلك الوقت كانت علاقتنا رائعة.. لقد كانت فتاة لطيفة وناعمة ومع ذلك فقد كان الجنس هو العائق الأكبر بيننا.. هي كانت أرق من أن تتحمل استمتاعي بالسادية لذا رأيت بأن الحل الأمثل لي ولها هو انفصالنا، لكنها تشبثت بي وأخبرتني بأنها سوف تحاول لأجلي.
اللعنة كان عليّ أن أرفض لكنني كنت مستمتعاً برفقتها وربما كنت جشعاً وأنانياً وأردت دون وعي مني بأن تبقى معي، لذا بدأت بتعليمها كل شيء.. كنت أستخدم عليها الأجهزة والألعاب والقيود بحرص وعناية حتى أصبحت هي بنفسها ترفض ممارسة الحب العادي وتطالبني بأن أكون قوياً وعنيفاً معها، وحينها طننت بأنني قد وجدت عاهرتي المثالية لذا أخذتها ذات مرة لحفلة من حفلاتنا"

خرجت تنهيدة مريرة من الشاب الأكبر وقد أخفض رأسه بإيماءة منهزمة واضطربت تعابير وجهه قبل أن يعيد عينيه للصبي الأصغر المترقب بصمت.

"لقد كانت الأمور تجري بشكل رائع.. كلانا كنا مستمتعان جداً حيث ضاجعتها كما تحب وترغب دون أن أتمادى بفعل أي شيء قد يؤذيها لكنها رأت إحدى العاهرات تًدخل زجاجة نبيذ في فرجها وأخبرتني بأنها تود تجربة ذلك.. لقد حذرتها بشدة من أنها لا تملك الخبرة الكافية بعد وبأن الأمور قد تسوء لكنها أصرت بعناد ورفضت الاستماع إليّ.
أقسم لك صغيري بأنني قد حاولت منعها لكنها أخبرتني بأنها سوف تكون حذرة لذا استسلمت ووافقت أنا ايضاً". شرح مين جون وهو يزفر نفساً ويغمض عينيه بينما يحاول تمالك نفسه قبل أن يفتحهما مجدداً ليتابع حديثه بنبرة متألمة.

"مع الأسف فقد انتهى الأمر بشكل لعين حين تعثرت قدمها وسقطت لينكسر الزجاج بداخلها وكادت أن تفقد حياتها لكن الشكر للآلهة بأن سو هيون كان متواجداً بوقتها وقام بعمل الإجراءات اللازمة.. لقد كنت مذعوراً جداً من أن يحدث شيء لها لكنها تعافت من هذا الحادث سريعاً، ومع ذلك فقد انفصلت عني وأنا لم أستطيع لومها فهذه كانت غلطتي بالمقام الأول لأنني لم أستمع لحدسي وأبعدها عن هذا العالم المظلم منذ البداية". أخبره مين جون ليتوقف قليلاً تاركاً كلماته تستقر بداخل الصبي الأصغر.

كل ما أخبره به كان يناقض ما قاله له أولئك المتحابان في دورة المياه.. ما هي مصلحتهما بالكذب عليه؟ ما مصلحة جيمين بالكذب عليه؟ حتى وإن لم يقوموا بإعطائه تفاصيل ما حدث لها لكنه كان قادراً على أن يستنبط من حديثهم بأن مين جون له يد بطريقة أو بأخرى.. هل فهموا الأمر بطريقة خاطئة؟ هل ظنوا بأنه المتسبب بذلك الحادث بينما الحقيقة هي أن الفتاة قد عارضت سيدها وتسببت بذلك لنفسها؟

"سو.. سو هيون.." كان كل ما قاله جونغكوك بنبرة ضعيفة مترددة ليزفر مين جون نفساً.

"لقد كان أحد العواهر الذين واعدتهم في السابق". اعترف الشاب الأكبر بصوت صغير. "أنا آسف حبيبي لأنني لم أخبرك بذلك مسبقاً.. حين قمت بحجز موعد لك في العيادة لم أكن أعلم بأن سو هيون سيكون هناك، لقد كان يعمل في مستشفى آخر وعلى ما يبدو فقد انتقل منذ بضعة شهور.
في الواقع لقد دهشت عندما رأيته ولم أستطع منع نفسي عن التشكيك بأنه قد لا يكون مهنياً بما يكفي بالنظر إلى علاقتنا القديمة وبأنه ربما قد يصف لك علاجاً يضرك لذا طلبت منك انتظاري بالخارج كي أخبره بأنك شخص مهم وثمين وبأنني لن أعرضك لأي دواء قد تكون له أثاراً جانبية عليك.. في الحقيقة لقد تجادلنا قليلاً لأنه شعر بالإهانة من اتهاماتي وأخبرني بأنه طبيب محترف بعمله وبأن علاقتنا السابقة لن تؤثر على مهنية قراراته كمعالج لك وهذا الأمر لم أستطع انكاره لأنه بالفعل من أمهر الأطباء في تخصصه".

"لكن.. لكنك كنت منتصباً وحين .. حين خرجت من مكتبه لم تعد كذلك".

قدم مين جون ابتسامة رقيقة وهو يمد يده للإمساك بيد الصبي الأصغر ويرفعها كي يطبع قبلة رقيقة على مفاصله. "لأن سبب اثارتي لم يعد متواجداً معي في تلك الغرفة صغيري".

ابتلع جونغكوك بصعوبة بينما يحلل كلمات مين جون.. لا.. هذا ليس تبريراً مقنعاً بما يكفي. "لكنه كان في الحفلة.. لقد جلبته للغرفة كي تضاجعه أمام عينيّ.. لقد.. لقد سمعتكما وأنتما تتحدثان عن تحويل جيمين لمرضعاً مثلي بكل استهزاء وسخرية.. لقد تركته يضاجعني أيضاً.. لقد تركتهم جميعاً يضاجعونني بعد أن أخبرتني بأن مؤخرتي لك وحدك.. لقد أعطيتني منشطاً أبقاني منتصباً لساعات دون حتى أن تخبرني بذلك.. لقد .. لقد ضربتني بشدة وجعلتهم يتناوبون على ضربي أيضاً". اندفعت الكلمات من فم جونغكوك دون أن يكون قادراً على اسكاتها قبل أن تشق انتحابة متألمة نفسها من صدره.. كان يبكي بحرقة وجعه من كل ذلك الجحيم الحي الذي لايزال ينهش في روحه ليسارع الشاب الأكبر لاحتضانه بقوة.

"ما قلته أنا وسو هيون كان فقط لعبة لعينة لإغاظتك لكنني أقسم لك صغيري بأنني لم أعني أي حرف منه وكذلك هو.. عليك أن تعرف أيضاً بأننا لا نحب بعضنا.. أجل لقد تواعدنا لفترة لكنه لم يعد جزء من حياتي منذ زمن طويل وكل ما حدث بالأمس هو مجرد عبث غريزي في ثورة تلك الحفلة الجنسية فقط.
كما أن ذلك المنشط الذي أعطيته لك كان لهدف أن يجعلك مستمتعاً ومنتصباً كي تقذف وقتما تشاء وكيفما تشاء، فبعد كل شيء لقد كانت تلك الحفلة لك صغيري.. أما عن كل تلك الأمور الأخرى التي فعلتها بك فقد كانت بطلبك أنت جونغكوكاه". قال مين جون ليُبعد الصبي الأصغر نفسه عن حضنه وينظر إليه بعينه المتوسعة المذهولة وقد ارتسمت الصدمة على تعابير وجهه.

"ما.. ماذا قلت؟"

"هذه هي الحقيقة حبيبي.. لقد وعدتك بأنني سوف أقيم لك حفلة كبيرة تجعلك تغوص في أعمق ظلماتك وأحقق لك كل أمنياتك وهذا ما فعلته". أخبره مين جون بنبرة مستغربة وهو يقطب حاجبيه.
"هل نسيت بأنك أنت من كان يكرر عليّ بأنك تريد أن تمارس الجنس أمام الناس وأن تجعل الجميع يروننا؟ وحين قمنا بعرضنا الافتتاحي أمامهم أنت كنت مثاراً جداً وتتأوه بفحش لتزيد من اثارتهم كي يستمنوا عليك، ألم تفعل ذلك صغيري؟ ألم تطلب مني بأن أجعل أصدقائي يستخدموك مرة بعد أخرى؟ بأن أدعهم يستنزفوا جسدك؟ ألم تكرر على مدى جلسات مضاجعاتنا ومنذ أن بدأنا علاقتنا بأنك تريد أن تكون مجرد لعبة جنسية لهم كي يفعلوا بك ما يشاؤون؟ ألم ينتفض انتصابك وتُجن من اثارتك حين علمت بأنك ستأخذ قضيبان في مؤخرتك؟". سأل مين جون ليصمت الصبي وعقله المصعوق يحاول مواكبة كل تلك الأسئلة التي اندفعت من فم الشاب الأكبر له.

"هل تعلم كم كنت أشعر بالغيرة وأنا أرى ذلك الوغد سو هيون يضاجعك لكنني صمت لأنني كنت أسمع أصوات استمتاعك بمشهدنا! وحتى بعد أن انتهينا وأخبرتك بأنني سأدعك تستريح بينما أؤدب ذلك اللعين جيمين كنت أنت من التصقت بساقي شبقاً بها وطلبت مني أن نخرج كي نحظى بالمرح في الخارج!
لقد عرضت عليك أن تأكل وتنام لكنك رفضت وقلت بأنك سوف تستمر بخدمتي طوال الليل، وأنا قد رأيت عينيك المتوسلتين صغيري ولم أستطع رفض طلبك.. أنت بنفسك من كنت تبكي وتتوسل إليّ بأن أؤدبك وأن أجعلهم يستخدموك ويضاجعوك وأنا أردت فقط أن أوفي بوعدي لك حتى وإن كنت سأتراجع عن كلامي بأن مؤخرتك لي وحدي..
تلك كانت حفلتك وكل ما فعلته كان لإرضاء رغباتك وشهواتك وظلامك! اللعنة صغيري كيف يمكنك أن تربكني إلى هذا الحد؟ لقد كنت أحاول تمالك أعصابي طيلة الوقت وأنا أراهم يدفعون بقضبانهم القذرة بداخلك.. أنا لم أكن لأجرؤ حتى على جعلك تخوض كل ذلك الألم لولا علمي بأن هذا ما تريده وتستمتع به وأنا قد حققته لك كما وعدتك فقط!".

"ما..ماذا؟". سأل جونغكوك بعدم تصديق إن كان سمع حقاً ما قاله الشاب الأكبر للتو. "هذا ما أريده؟".

"أجل جونغكوكاه" رد مين جون بنبرة مؤكدة. "لقد أردت أن أضرب كل وغد لعين منهم لكن نظرة الانتشاء المرتسمة على وجهك وأنينك الفاحش جعلاني أخرس فقط ولا أتدخل.. أنت من جعلتني أقوم بكل ذلك فلماذا تأتي الآن وتلقي باللوم عليّ؟".

"أنت محق.. أنا من طلب كل ذلك". قال جونغكوك بنبرة خرجت ساخرة قليلاً وقد بدأت نفسه بالعودة إليه مرة أخرى. "لكن هل طلبت منك أن تعرض حليبي وكأنني بقرة مرضعة لا أعني لك شيئاً؟ أخبرني هيونغ.. هل تلك اللحظة الحميمية الخاصة التي تشاركناها لم تكن تعني لك شيئاً؟ هل أنا فقط من ظننت ذلك لأنني قروي جاهل غبي؟". سأل الصبي الأصغر ولم يعد قادراً على تمالك بركان غضبه الذي تفجر به فجأة ليمحو أثر أياً كانت حالة الذعر والهلع والخضوع التي عانى منها سابقاً.

"هل لهذا أحضرت تلك العاهرة المرضعة وجعلتني أضاجعها بينما تحاول غرس صورة أمي بذهني أيها المختل اللعين!!!". صرخ الصبي وهو ينهض على قدميه المرتخيتين ليتكئ على الطاولة حين كان على وشك الوقوع. "ألهذا كذبت عليّ وأخبرتني بأنك لم تقم بعمل حفلة من قبل لعواهرك وجعلتني أصدق كل كلمة حب قلتها في خطابك لي؟! ألهذا كنت منهمكاً بمضاجعة عواهرك بينما تترك ضيوفك الأوغاد يعرضونني لكل ذلك التعذيب؟!
ماذا؟ أنا كنت منتشياً وتأوهاتي مستمتعة وفاحشة؟ أنا طلبت منك أن تجعلهم يغتصبونني وأنت السيد القوي المهيمن رضخت لطلب عاهر قذر لعين مثلي؟! لا هيونغ!! لقد فعلت كل ذلك لأنك شخص مريض مهووس مجنون وأنت من سيكون الأحمق الجاهل هنا إن ظننت بأنني سأبقى معك لدقيقة واحدة بعد اليوم!". أعلن جونغكوك وهو يأخذ خطوة مرتجفة ليبتعد لكن ذراعيّ مين جون التفتا حول خصره بينما يجثم على ركبتيه دافناً وجهه في معدته.

"ما الذي تفعله أيها الوغد؟ دعني أذهب!!". طالب الصبي الأصغر بنبرة غاضبة ليشعر حينها باهتزاز جسد مين جون ويشعر بالرطوبة تلطخ جلد معدته.. لقد كان يبكي.. لقد كان ينتحب دون أن يأبه بأن أصوات بكائه العالي أصبحت ترتد عبر جدران الشقة الواسعة الباردة.

"لا تتركني وحدي أتوسل إليك". خرج صوت مين جون الضعيف لتتسع عين جونغكوك. "أنا لا أستطيع العيش من دونك جونغكوكاه.. أنا.. أنا احتاجك".

"تحتاجني لماذا؟ لأكون عاهرك الغبي؟ لتتلاعب بي وتجعلني أغير من نفسي لأجل نزواتك المريضة؟ لا هيونغ.. أنا لا أصدق حرفاً مما قلته! حديثك مع ذلك الطبيب العاهر لم يكن لإغاظتي! لقد كنت موجوداً في نفس الغرفة اللعينة وسمعت النبرة التي كنتما تتحدثان بها وأنتما تضاجعاني وتتناقشا عن جسدي وكأنني بالفعل مجرد صبي عاهر جاهل لا رأي له بينما تحولني لفتاة لعينة لأنني على ما يبدو لست كافياً لك كما أنا الآن!
إن كنت تريد فتاة هيونغ فابحث لنفسك عن واحدة ترضيك لأنني لن أخذ ذلك العلاج اللعين بعد اليوم! سوف أعود إلى قريتي وأعمل في حقلنا الصغير وأعيش حياتي وحيداً مع والداي اللذان يحباني بصدق وهذا سيكون أفضل لي بألف مرة من أن أعيش في كل هذه الرفاهية مع شخص مزيف كاذب يريد استخدامي ورميي للكلاب المنحرفون أمثال أصدقائك أم عليّ أن أقول شركاء عملك!". قال جونغكوك ليرفع مين جون رأسه وينظر إليه بعينين فزعتين متوسلتين يائستين.

"لا جونغكوكاه.. أرجوك فقط دعني أشرح لك.. أنا وغد لعين ارتكبت العديد من الأخطاء لكنني أقسم لك بأن حبي لم يكن كاذباً أو مزيفاً.. ليس لك حبيبي.. لقد كنت صادقاً بكل حرف أخبرتك به.. أرجوك ألا أستحق فرصة واحدة لتسمعني بها؟ بعد كل ذلك الوقت الذي قضيناه في أحضان بعضنا وبعد كل ذلك الحب الذي تشاركناه هل سوف تتركني في الوقت الذي أحتاجك به أكثر من أي زمن مضى؟". سأله مين حون وهو يحكم يديه حول خصر الصبي ويعيد دفن وجهه. "فقط اسمعني لمرة واحدة وإن لم تصدقني فحينها سأطيع رغبتك وأفعل كل ما تريده".

زفر جونغكوك نفساً مرتعشاً وهو يشعر بالإعياء من كل هذا الانهاك النفسي والجسدي.. كل ما مر به الليلة الماضية وكل ما فعله مين جون به لا يزال حياً جداً بداخله ولا طاقة له على مواجهته بعد الآن.. كانت مشاعره فوضوية ومبعثرة وحادة وتجعل الألم ينبض في رأسه وقلبه وروحه.

كل تلك الأقوال المتضاربة بين ما قاله مين جون وبين ما قاله له جيمين والحبيبان.. كل ذلك التناقض اللعين بين ما كان يظن بأنه يعرفه عن حبيبه وبين الحقيقة المربكة التي يواجهها الآن.

لم يكن مين جون وحده المخطئ هنا.. في الواقع لقد كان كلامه منطقياً للغاية.. هو من طلب منه كل ذلك ولم يفعل الشاب الأكبر أي شيء سوى تحقيق نزواته المظلمة، ومع ذلك لم يكن قادراً على مواجهة أياً كان التبرير الذي سيقوله مين جون بشأن عرض حليبه وجلب العاهرة له.. كل هذا كان كثيراً عليه ولم يكن لديه طاقة على مواجهة سواد هذه اللحظة.. كل ما كان يرغب به الآن هو أن يرتمي مجدداً على سريره اللعين وأن يعود للنوم علّه لا يستيقظ أبداً.

"أنا متعب". قال جونغكوك وهو يبعد يديّ مين جون من حوله ويأخذ خطوة نحو غرفته الخاصة.

"جونغكوكاه..". نادى مين جون لكن الصبي الأصغر تجاوزه.

"ليس الآن!". أخبره دون أن يلتفت إليه بينما يجر قدميه الثقيلتين نحو غرفته الخاصة ويغلق الباب خلفه تاركاً الشاب الأكبر يمسح دموعه المزيفة قبل أن يجلس على المقعد ويشعل سيجارة.

"اللعنة..". تمتم تحت أنفاسه قبل أن ينهض ليحضر طبق حساء له ويمسك بملعقته كي يبدأ بتناول طعامه.

**

مرت ثلاثة أيام دون أن يحدث أي نقاش آخر بينهما حتى مع محاولات الشاب الأكبر استعطاف جونغكوك كي يسمعه.. كان الصبي يرفض دائماً ويُنهي أي محاولة من جذورها.. في الواقع كان يبقى حبيس غرفته معظم الوقت ولا يخرج إلاّ عندما يكون مين جون قد غادر للعمل.

كان يجد في كل يوم الطعام معداً وكوب العصير الطازج جاهزاً له مع رسالة اعتذار وتوسل لإعطائه فرصة للشرح، لكن غضب الصبي الأصغر كان أكبر من أن يستمع إليه بالوقت الحالي.. كان لايزال بحاجة إلى مساحة كي يفكر بها بهدوء وحده.. ما حدث في تلك الحفلة اللعينة أعقد وأصدم من أن يستطيع تجاوزه بسهولة.

كان جسده يتعافى ببطء شديد.. معظم رضوضه قد بدأت تتحول للون الأصفر الباهت.. طعنات ظهره قد بدأت تلتئم وينغلق الجلد على نفسه مرة أخرى.. كدمة عينه قد خف تورمها وأصبح قادراً على فتحها.. مؤخرته المنتهكة قد تناقص وجعها، لكن ندوب قلبه لم يعرف طريقة لمداواتها.

لم يكن قد تحدث إلى أمه منذ تلك الليلة التي انفجر بوجهها كعاهر لعين وهذا كان يزيد من الحزن والذنب اللذان استقرا بروحه.. كان بحاجة إليها الآن أكثر من أي وقت آخر.. كان يريد الارتماء في حضنها الدافئ كي تداعب خصلات شعره بنعومة وتغني له بصوتها الرقيق الحاني.

انهمرت دموع الصبي الصامتة من عينيه السارحتين بالنافذة التي تسللت من خلفها أشعة الصيف الساخنة.. في مثل هذا الوقت تأتي أمه إلى الحقل الصغير كي تجلب له ولوالده وجبة الغداء الشهية.. في مثل هذا الوقت يجتمع ثلاثتهم تحت المعرشة الصغيرة للاحتماء من شمس الظهيرة بينما يتناولون طعامهم وتتعالى أصوات ضحكاتهم بين خضار الطبيعة الغناء لحقلهم الصغير.. في مثل هذا الوقت لن يكون مستلقياً على سريره في شقة كبيرة موحشة وبهذه المدينة التي لا يعرف بها أحداً ليعاني من كل هذا الألم الطاعن وحده.

جيمين.

ظهر المحامي في ذهنه فجأة.. لم يكن بإمكانه تحديد أفكاره أو مشاعره نحو لقائهما أو كل ما حدث بينهما.. ذلك التفاعل العميق والغريب الذي جعله يشعر برابطة من نوع مختلف معه.. كانت هناك العديد من الأمور التي تثير التساؤلات بداخله عن المحامي وقد تراكم الفضول في عقله حول من يكون حقاً.

هل ما أخبره به مين جون حقيقي أم مجرد كذبة أخرى؟ هل ذلك المحامي الرصين الواثق كان عاهراً في الماضي؟ هل ذلك الشاب الجميل قد تقرب من مين جون وبدأت الضغينة بينهما لأنه اختار أن يواعد الفتاة بدلاً عنه؟ هل كان كما وصفه مين جون مجرد طفيلي وصولي يسعى للمال فقط؟

لكنه لم يشعر بذلك معه.. لقد ساعده جيمين مرة بعد أخرى في تلك الليلة الفاحشة الآثمة.. لقد كان كشعاع نور في ذلك الظلام الدامس.. هو لم يشرب حليبه.. هو وافق على عرض مين جون بأن يستخدم مؤخرته مقابل أن يعفي جونغكوك من مضاجعة تلك المرأة.. هو قام بلكم الشاب الأكبر لأنه تمادى في حديثه الفاحش مع ذلك الطبيب العاهر عنه.
وحتى عندما أخلف مين جون بكلامه وقام بتقييده فهو ساعده على التخلص من ذلك الموقف الملتوي المنحرف وجعله يقذف بداخل تلك العاهرة.. لقد كان حتى على وشك أن يتم الاعتداء عليه جنسياً وتدمير مستقبله المهني بسبب صراخه ومعارضته وتحديه لمين جون.

لا.. هو لم يساعده.. لقد اختار المال حتى مع علمه بالجحيم الذي ينتظر جونغكوك في قاعة الخطيئة تلك.. لقد صمت واختبأ في الغرفة بالوقت الذي كان يتم به استخدامه وضربه وتعذيبه ومضاجعته، لقد تحمل جونغكوك كل ذلك لأجله لكن المحامي تراجع عن وعده بالبقاء معه وحمايته في اللحظة التي هدده بها مين جون بعدم اعطاءه عمولته.

أجل، لقد فعل ذلك لأجل عملية والدته، وأجل إن كان جونغكوك بمثل موقفه فسوف يتخذ نفس القرار أيضاً، لكن إن كان جيمين مهتماً به حقاً أو بأياً كان الهراء الذي شعرا به تجاه بعضهما في تلك اللحظات الحميمية الصادقة فعلى أقل تقدير كان بإمكانه أن يبقى حاضراً معه في القاعة لمواساته حتى وإن كان بعيداً عنه ولم يستطع التدخل.

لقد فعل ذلك حين عرض مين جون حليبه وأعاده إليه.. لقد فعل ذلك حين لم يكن قادراً على مضاجعة تلك العاهرة.. لقد أمده بالقوة والشجاعة والتحمل بعينيه فقط.. بتلك النظرات التي كانت تغرقه بمشاعر أعمق من أن يحاول فهمها، لكن جيمين لم يكن موجوداً في أكثر وقت احتاجه به.

لقد تخلى عنه.

ثم لماذا سيصدق كلام شخص غريب على كلام مين جون.. لقد اعتنى به الشاب الأكبر منذ اللحظة التي التقيا بها.. لقد قدم له الحياة التي كانت تزوره بأحلامه البعيدة فقط.. لقد أغرقه بكل كرمه وحبه وحنانه وشغفه وحتى بجنونه.. أجل هو مجنون به وهذا يجب أن يجعله يشعر بالسعادة لأنه قد وجد شخصاً يقع في غرامه حتى وإن كان إلى هذه الدرجة المتطرفة.

أولئك الحبيبان، لا بل العاهران الخائنان في دورة المياه على الأغلب كانا يقولان له كل ذلك الهراء من غيرتهما وحسدهما لأن جونغكوك لديه شخص مثل مين جون وليس كأسيادهما.. شخص لم يكن وسيماً وثرياً وقوياً فقط، بل وأيضاً مهووس به ويحبه بصدق.

ومع ذلك فلا يزال لديه أسئلة تحتاج إلى إجابات مقنعة.. أسئلة قد تحدد مصير علاقته بالشاب الأكبر، لكن هل هو مستعد لسماع إجاباتها حقاً؟ والأكثر من ذلك هل سيكون قادراً على اتخاذ خطوات فعلية جادة إن لم يشعر بأنها مقنعة لبقائه في هذه العلاقة؟ وإن لم يبق بها وقرر الانفصال عنه فماذا سيفعل؟ هل سيعود إلى قريته المنعزلة الصغيرة وإلى غرفته الضيقة وإلى وحدته الموحشة؟

هل سيعود حقاً إلى الحياة التي كان يحلم طوال عمره بالابتعاد عنها؟ اللعنة بالكاد قد مر شهر أو شهر ونصف فهل سيتخلى عن حلمه بإكمال تعليمه ويعود للعمل في الحقل ويبقى مزارعاً بسيطاً طوال حياته؟

والأهم من ذلك، إن انفصل عن مين جون فما الذي سيحدث بعقد والديهما؟ هل سيُلغي دو يون فكرة العمل معهم وستعود حياة عائلته للشقاء والكدح للقمة العيش؟ كيف سيكون قادراً على مواجهة خيبة الأمل المرتسمة على وجه أمه وأبيه عندما يرياه عائداً دون شهادته الجامعية؟ كيف سيكون قادراً على أن يشرح لهما بأن السبب الذي دفعه للعودة ربما سيتسبب بكسر قلبيهما عندما يعرفا حقيقة ابنهما البريء؟

عليه أن ينزع قناعه وأن يكشف عن حقيقته لنفسه قبل أن يكشفها أمام أي شخص آخر.. عليه أن يكون صادقاً مع ذاته وربما لأول مرة في حياته.. أجل هو غاضب جداً واللعنة من الشاب الأكبر لكن هل سيتركه حقاً؟ لماذا؟ لأنه قام بتنفيذ كل رغباته اللعينة المظلمة المنحرفة؟ هل يستطيع لوم مين جون لأنه قد تمادى بجنون تلك النشوة الجنسية التي عبقت بجدران تلك القاعة الآثمة؟ هل يستطيع الإنكار بأنه كان مستمتعاً بها على الأقل في البداية؟ لا، بل هو كان مستمتعاً أيضاً عندما أخذ ذلك المخدر وانتشى بتلك السيجارة.

حسناً ربما يكون مين جون قد فهم علاقة جونغكوك بأمه بطريقة خاطئة، فبعد كل شيء هو من قد أخبره عن ظلامه المتعلق بحبه لارتداء قمصان النوم النسائية، فلماذا يكون ذلك خطأ الشاب الأكبر حين جلب له تلك الأم ليضاجعها؟

لكن ماذا عن حليبه؟ لماذا تصرف بهذا الشكل معه؟ هل كان غاضباً من نفسه على إظهاره لحظة ضعف أمامه؟ هل كانت تلك محاولة متطرفة منه لاستعادة مكانته كسيد مسيطر لا يهتم بتلك اللحظات الحميمية التي قد تجعله هشاً أمام عاهره؟

عليه أن يسأله مباشرة.. عليه أن يعطيه فرصة لتبرير تصرفه فحبيبه يستحق ذلك.. أمسك جونغكوك بهاتفه وأرسل رسالة واحدة.

"لنتحدث".

**

خرج مين جون من باب المصعد للشقة الواسعة المظلمة.. وضع أكياس طعام العشاء الجاهز الذي اشتراه على الطاولة قبل أن يخلع سترة بدلته ويشمر عن أكمامه بينما يتجه لغرفة الصبي الأصغر.

"صغيري أنت مستيقظ؟". سأل ليُقابل بصوت جونغكوك الآتي من الشرفة.

"أنا هنا". كان كل ما قاله ليتجه مين جون نحو غرفة نومه ويخرج بعدها إلى الشرفة حيث كان الصبي الأصغر يجلس على المقعد وهو مرتدياً ملابسه بالكامل.

"لقد أحضرت العشاء حبيبي". أخبره مين جون بنبرة رقيقة مخفياً بها استيائه من تمرد جونغكوك الواضح على أوامره. "هل ترغب بأن نأكل بالداخل أم تريدني أن أحضره إلى هنا؟".

"أريد أن أعرف كل شيء قبل أن نأكل". قال جونغكوك وهو لايزال معطياً ظهره له بينما عينيه مثبتتين على المدينة المضاءة الكبيرة أمامه.. أخرج الشاب الأكبر تنهيدة صغيرة مستسلمة واستقر على المقعد المقابل له.

"كما تشاء صغيري.. ما الذي تريد سؤالي عنه؟".

أدار جونغكوك رأسه نحو الشاب الأكبر ونظر إليه بعينين باردتين. "ألم تطلب مني بأن أعطيك فرصة لسماعك، ها هي هيونغ، لذا أخبرني بكل شيء".

نظر إليه مين جون لوهلة أطول قبل أن يمسك بعلبة سجائره كي يشعل واحدة منها وينفث دخانها في الفضاء المظلم أمامه. "لقد أفسدت كل شيء". قال بنبرة منهزمة. "لقد.. لقد ظننت بأنني طويت تلك الصفحة من حياتي وبأنني قد استعدت زمام السيطرة على نفسي، لكن من الواضح بأنني لم أقم بعمل جيد ولم أنجح بنسيانها".

"ما الذي تعنيه بكلامك؟". سأل جونغكوك وهو يقطب حاجبيه بحيرة. "عن أي صفحة تتحدث؟ نسيان من؟".

"نسيان..". قال مين جون ليتوقف قليلاً ويبتلع الغصة التي بدأت تتراكم في حلقه.. اللعنة كان يعلم بأن هذه اللحظة سوف تأتي وبأنه في النهاية سيضطر لشرح هذا الجانب اللعين على الأقل من حياته ومع ذلك لم يكن الامر سهلاً عليه. "أمي".

صمت الصبي الأصغر وهو يشعر بتسارع نبضات قلبه.. الفضول الذي كان يغرق في بحاره منذ فترة قد بدأت شواطئه تلوح في الأفق أخيراً.. مين جون سوف ينفتح عليه ويزيل ذلك الغموض المتعلق بوالدته.. هو سوف يجيبه عن كل تلك الأسئلة التي لم تنفك عن التدفق لذهنه حول سلوكه الغريب عندما تذوقه لأول مرة.

"أنا لم أخبرك من قبل عنها لأن هذا الحديث مؤلم جداً بالنسبة لي". قال الشاب الأكبر وهو يفرك رقبته بإيماءة مضطربة لم يرها جونغكوك من قبل. "اللعنة كان يجب أن أشرب كأساً من الكحول كي يهدأ توتري، على الرغم من أنني لست واثقاً بأن ذلك سيحدث حتى وإن شربت خزانة النبيذ بأكملها". أخبره وهو يحاول رسم ابتسامة صغيرة لم تفعل شيئاً في إخفاء ارتباكه.

كانت رؤية مين جون وهو بهذه الحالة الضعيفة غريبة جداً على الصبي الأصغر.. لقد رآه محباً ولطيفاً وحنوناً ومراعياً وقوياً وعنيفاً ومهووساً وحتى مجنوناً لكنه لم يره أبداً.. متألماً.

لم يعرف جونغكوك لماذا كان منظر مين جون وهو يصارع للسيطرة على انفعالاته وكأنه يقف على حافة جرف حادة وهو بنفسه من يقوم بدفعه للسقوط في حفرة الوجع المعذب هذه قد بدأ بجعل الذنب يتسرب عبر مسامه.

لوهلة أراد أن يعتذر.. أن يخبره بأنه لا يتوجب عليه شرح أي شيء له.. أن يحتضنه فقط كي يطمئنه بأنه لا يزال يحبه وسوف يبقى معه على الرغم من كل ما فعله به، لكنه لم يستطع.. كان بحاجة إلى أن يطمئن قلبه وأن يعيد زرع جذور ثقته في علاقتهما الملتوية المضطربة.

"لقد.. لقد تخلت أمي عني عندما كنت في الثانية من عمري". خرجت الكلمات أخيراً من فم مين جون ليشعر جونغكوك بانقطاع أنفاسه وتتسع عينيه المثبتتين على الشاب الأكبر الذي كانت تبدو هيئته أصغر ولأول مرة منذ أن التقى به. "لقد كبرت دون أن أعرف ما يعنيه حنان الأم.. كان والدي مشغولاً ببناء امبراطوريته وأنا أتنقل فقط بين المربيات واحدة تلو الأخرى".

"لمَ.. لمَ فعلت ذلك بك؟". سأله جونغكوك بصوت صغير متردد.

"لا أعرف". رد مين جون وهو يزيح عينيه الرطبتين عن الصبي الأصغر ويأخذ نفساً مرتعشاً من سيجارته. "كنت صغيراً جداً وكلما سألت والدي عنها بين فترة وأخرى يخبرني بأن أصمت أو بكلماته الحرفية أن أخرس واللعنة وأذهب لألعب بهدوء في غرفتي، وهذا ما كنت أفعله.. كان شعور الفقد والحرمان والاشتياق لوجود أمي يؤلمني". أخبره الشاب الأكبر لتنزل دمعة منه لم يكن قادراً على كبحها. "بل لا يزال يؤلمني".

"هيونغ..". قال جونغكوك بنبرة هامسة دون أن يعرف ما الذي يتوجب عليه قوله.

"لا بأس صغيري.. أنا بخير، لكني لم أخبر أحداً بهذا على الإطلاق". قال وهو ينظر إليه بعينين رطبتين. "أقسم لك جونغكوكاه بأنك الوحيد الذي أريد أن أفتح قلبي له وأخبره عن نشأتي المؤلمة وكل ما يتعلق بأمي".

"أنا أصدقك هيونغ". قال جونغكوك بنبرة مطمئنة ومؤكدة لأنه كان كذلك حقاً.. عينيّ مين جون كانتا صادقتين ولم يستطع الصبي حمل نفسه على تكذيبهما.

"عندما أصبحت في الرابعة عشر من عمري أمرت أحد خدمي بأن يتعقبها وأن يجلب لي أي معلومات عنها.. كنت أريد أن أعرف على الأقل إن كانت حية أو ميتة؟ إن كانت تتنفس نفس الهواء الذي أتنفسه أو أنها تعيش في قارة بعيدة عني؟ كنت أريد أن أعرف المزيد عنها ولم يكن ذلك بالأمر الصعب فالمال يشتري كل شيء، لذا حين أخبرني الخادم بأنها لم تعد إلى كوريا وبأنها لا تزال تعيش في أمريكا شعرت بسعادة قصوى ظناً مني بأنها بقيت لأجلي.. لأجل أن تراني حتى ولو من بعيد". أخبره الشاب الأكبر بنبرة مريرة قبل أن يتابع.

"حينها شعرت بالبهجة والدفء يملأن قلبي ووضعت كل تلك الخيالات الوردية عن كيف أنها كانت تأتي إلى مدرستي وتراقبني بعيون دامعة دون أن تستطيع الاقتراب مني والكشف عن نفسها أمامي.. كان ايماني راسخاً بأن والدي هو من يمنعها من العودة إلى حياتي.. كنت أحلم باللحظة التي سأقف بها أمام عينيها الجميلتين واللتين سوف تغرقان بدموعها حين تنهار وتبكي وتهرع لاحتضاني وتقبيلي وبعد ذلك سوف تأخذني لمنزلها وستطبخ لي بيديها وجبة شهية لتعوضني عن حرماني لمذاق طهيها طوال كل تلك السنوات.. كنت أحلم بأنها سوف تستلقي بجانبي على الفراش وسوف تغني لي تهويدة بصوتها الشجي حتى أنام كما كنت أتمنى منذ أن كنت طفلاً".

أخذ مين جون نفساً آخر من سيجارته وأغمض عينيه بينما يحاول تمالك نفسه واستعادة اتزانه. "عندما ذهبت إليها أخيراً وقفت أمام باب بيتها الجميل الكبير بسياجه الأبيض وساحته الخضراء العشبية.. طرقت الباب ليفتح لي صبي كان يبدو بالعاشرة من عمره ليسألني عمّا أريده وأنا فقط تجمدت في مكاني.
لقد كان لديها أبناء آخرون غيري.. لقد كان لديها ولداً مقارب لعمري.. هي لم تعش حياتها حزينة على ابتعادي عنها.. هي لم تبكِ على حرمانها مني.. هي تزوجت سريعاً بعد انفصالها عن أبي وأنجبت هذا الصبي الذي حصل على كل ما لم أحصل عليه.. لقد أكل من طعامها ونام على صوتها.. لقد أغرقته بحبها وقبلاتها وأحضنها.. وأنا.. أنا كنت أقف فقط هناك دون أن أعرف ما أقول حتى سمعت صوتها يقترب وظهرت أمامي أخيراً وهي تحمل طفلة رضيعة بين يديها، لكن هل تعرف ما هو أول شيء قالته لي؟".

"لا هيونغ". رد جونغكوك وهو يحارب الغصة المتورمة في حلقه ويحاول ابتلاع دموعه.

"سألتني من أكون؟". قال الشاب الأكبر لتبدأ دموعه بالانهمار دون أن يستطيع منعها بعد الآن.. نهض جونغكوك من مقعده على الفور واحتضن إطار حبيبه المهتز بينما يدفن الشاب الأكبر وجهه في صدره ويبكي بحرقة متألمة.

كان الصبي الأصغر يربت على كتفه ويخلل أصابعه في خصلاته بينما يردد عليه كلمات حاول أن تكون مهدئة له.. كان تأرجحهما خفيف وناعم حتى خف بكاء الشاب الأكبر ليتحول الى استنشاق مكتوم.

"هي لم تعرفني جونغكوكاه!". قال من بين دموعه الساخنة. "أمي لم تتعرف عليّ! هي لم تتعرف على ابنها الذي ولدته من رحمها وأرضعته من ثديها! هي لم تأبه حتى بأن تعرف كيف أصبح شكلي عندما كبرت! هي لم تأبه بأن تسأل عن أحوالي أو تتفقدني يوماً! هي لم تهتم بأن تعرف حتى إن كنت حياً أو ميتاً! لقد.. لقد كان لديها ابنها الآخر الذي أخذ كل ما هو من حقي.. لقد كانت لديها طفلتها التي استحوذت على كل ما هو ملكي.. لقد كانوا عائلة صغيرة سعيدة في منزلهم الجميل بينما أنا أعيش في قصري وحيداً ومتألماً ومشتاقاً إليها".

"ششش، اهدأ هيونغ". قال جونغكوك وهو يطبع قبلة على شعره. "أرجوك لا داعي لأن تكمل".

"لا جونغكوكاه". قال مين جون من بين دموعه قبل أن يبتعد قليلاً لينظر إلى عينيه. "أريد.. أريد أن أخبرك بكل شيء.. لقد أفسدت ما بيننا وهذه فرصتي كي أشرح لك سبب تصرفي اللعين الذي لن أغفره لنفسي ما حييت.. أقسم لك صغيري بأنني أحبك.. أنت أثمن ما في حياتي جونغكوكاه لذا إن تركتني يوماً فلا أعرف كيف سأكملها بدونك.. أنا.. أنا لن أنجو وحدي".

"هيونغ.." همس جونغكوك وقد سالت دموعه أخيراً.. لم يستطع انكار أو تجاهل كل هذا الألم الذي يراه مرتسماً في عينيّ مين جون ويقطر من نبرة صوته.. أجلس نفسه في حضن الشاب الأكبر الذي سارعت ذراعيه للإحاطة بخصره بقوة وكأنه يخشى تركه بينما يدفن وجهه بانحناءة عنقه.

"لقد تحطم عالمي في تلك اللحظة". قال مين جون بصوت مكتوم من عناقهما لكنه أصبح أكثر هدوء وكأن حضن جونغكوك الدافئ قد أمده بالقوة والطاقة مجدداً. "عندما رأيت بنفسي حياتها السعيدة مع أبنائها تدمرت حياتي.. لم أكن آبه بالدراسة وتراجعت علاماتي كثيراً.. لم أعد أهتم بنفسي أو بأي أحد حولي.. لقد كنت أصارع ألمي وحدي دون أن أجد من يحتضني ويواسيني ويريحني". أخبره بينما يد الصبي الأصغر مستمرة بالربت على كتفه بينما يده الأخرى تتخلل خصلاته السوداء.

"حين أصبحت في الخامسة عشر من عمري وأصبح لدي صديقة بدأت في الانغماس بعالم الجنس الذي وجدت به ملجأي للتنفيس عن نفسي ومشاعري وغضبي وألمي والهروب من واقعي.. كل تلك الارتفاعات والانخفاضات والتقلبات والتشوهات كانت تشكل شخصيتي دون وعي مني.
أنا مليء بالعيوب صغيري.. أصبحت وغداً نرجسياً سادياً عنيفاً يضاجع بغرائزه دون مشاعره.. ومع ذلك أقسم لك بأنني لم أكذب عليك بشأن الحفلات لأنني لم أقمها لأي شخص سواك لأنك مختلف عنهم جميعاً حبيبي وهذا أفزعني قليلاً، لكن حين اعترفت لي بحبك قبل أن ندخل إلى القاعة كانت تلك القشة التي حطمتني.. تلك الكلمة التي أغرقتني بها جعلتني أشعر بسعادة لم أختبرها يوماً في حياتي وهذا جعل الهلع ينتشر بكياني فجأة.. لم أكن قادراً على مواكبة كل ما شعرت به في تلك اللحظة الصادقة العاطفية وهذا جعلني أفقد نفسي في تلك الليلة اللعينة بالكامل".

"لماذا هيونغ؟". سأل جونغكوك بنبرة مستغربة. "هل هذا بسبب ظلامك الجديد الذي أخبرتني عنه؟ هل هذا بسبب تطابقنا؟ ما الذي أخافك من حبي لك بالضبط؟".

"نورك". قال مين جون بنبرة ضعيفة وهو يشد ذراعيه حول إطاره. "لقد جلبت معك شيئاً مميزاً ومختلفاً إلى حياتي المظلمة التي كنت قد تعايشت معها لسنوات وحدي.. أنت مثالي جداً جونغكوكاه.. أنت كل ما كنت أحلم به وأكثر، وهذا أخافني لأنني شعرت بأنني لا أستحقك.
أنا لا أستحق طاعتك وتفهمك وحبك.. أنا لا أستحق حنانك واهتمامك وحرصك على اعطائي كل تلك المشاعر الرقيقة الحقيقية.. لقد.. لقد عادت إليّ كل أحاسيس التخلي التي عشتها بالماضي ولم أكن واثقاً من أنك ستبقى معي، فبعد كل شيء أمي التي قد ولدتني تخلت عني لذا ليس من حقي أن أطالب ببقائك معي، وهذا جعلني أتصرف بطريقة دفاعية وأبعدك عني بسلوكي اللعين.
أعتقد بأنها كانت محاولة لاواعية مني بأن أحمي نفسي من ذلك الإحساس مرة أخرى.. كان الأمر بالنسبة لي وكأنني أريد أن أكون المتحكم هذه المرة بالابتعاد عن الشخص الذي أحبه وأتوق إليه أكثر من أي أحد آخر.. كنت أشعر بأنه يجب عليّ أن أخرجك من حياتي قبل أن تتخلى أنت عني".

"مين جون هيونغ". همس جونغكوك بنبرة هشة.

"لا زلت لا أستطيع فهم السبب من طلبي لك بأن تأخذ العلاج الهرموني.. ربما كان الأمر جنسياً فقط وربما كان لسبب أعمق لا أزال أجهله، لكن في تلك اللحظة التي تذوقتك بها لأول مرة كان شعوري ساحقاً.. كان أكبر وأثقل مما أستطيع تحمله.. كان أعقد وألعن من أن أستطيع مواجهته..

قطرات الحليب التي شربتها كانت تشعرني بدفء وهدوء وسكينة أغرقوني بالكامل.. لقد شعرت بالضعف والعجز لكن وبشكل غريب بسعادة وابتهاج لم أشعر بهما من قبل.. لقد أحسست وكأن كل ذكرياتي السيئة قد مُسحت من ذاكرتي تماماً ليحل مكانها تلك الخيالات الوردية مجدداً.

لكن في اليوم التالي شعرت بالغضب من نفسي.. لم أرغب بالتصديق بأنني وبعد كل تلك السنوات التي عشتها بعيداً عنها لا زلت أحتاج إليها.. هي لم تعرفني وأنا لا أزال أشتاق إليها، ولهذا أردت أن أثبت لنفسي بأنني قد تجاوزتها.. بأن ذلك الألم الذي طعنته بقلبي قد التئم ولم يعد له وجود يذكر.. بأن ثدييك هما مجرد عرض جنسي وبأن حليبك مجرد سائل يخرج من ذكر عاهر لا قيمة له، لكن العاهر الحقيقي كان أنا صغيري". قال مين جون وهو يبعد نفسه للنظر إلى عينيّ الصبي الدامعتين.

"لم تكن وحدك من شعر بحميمية تلك اللحظة حبيبي لأنني قد شعرت بها أيضاً.. لقد رسخت نفسها في روحي ووجودي.. أجل هناك أشياء كثيرة قد طلبتها مني وأردت تحقيقها لك، لكن هناك أمور لعينة تماديت بها لأنني حينها لم أكن ذلك السيد القوي الذي تعرفه.. لم أكن حتى مين جون هيونغ الذي تحبه.. لقد كنت مجرد طفل يفتقد أمه ويتعثر بخطواته.
كل هذا كان خطئي وحدي جونغكوكاه.. أنت لم تستحق بأن أصب غضبي عليك لأنه كان يتوجب عليّ أن أقوم بمواجهة نفسي وحل مشاكلي وعقدي اللعينة بعيداً عنك.. ومع ذلك أنا احتاجك لتكون بقربي.. أنا أحبك جداً صغيري.. أرجوك صدق ذلك.. أتوسل إليك بألاّ تتخلى عني كما فعلت أمي".

نظر جونغكوك للشاب الباكي أمامه ولم يشعر بنفسه وهو يميل لطبع قبلة ناعمة على شفتيه.. كانت حاجته لمواساة مين جون أكبر وأعمق من أن يكون قادراً على تجاهلها. "أنا أصدقك هيونغ". همس الصبي الأصغر. "وأعدك بأنني سأبقى معك إلى الأبد".

"حبيبي..". قال مين جون وهو يعيد تقبيله بنعومة وبطء واشتياق كبير لشفتيّ عاهره الذي كشف له عن هذا الجزء المؤلم اللعين من حياته.. بالطبع كان مين جون يتمنى بألاّ يضطر للكشف عن نفسه وإظهار نقطة ضعفه -مجدداً- بهذه الطريقة وخاصة أمام صبي قروي غبي، ومع ذلك فقد كانت هذه خطوة حاسمة لإعادة ترميم علاقتهما، وبالنظر إلى ردة فعل جونغكوك الآن فهذا مؤشر حاسم بأنه قد نجح بمهمته.

"هل يمكنني أن أسألك عن أمر ما؟". قال الصبي الأصغر عندما ابتعد عن قبلاتهما أولاً لينظر إليه وإبهامه يمسح بلطف دموع حبيبه.

"بالطبع جونغكوكاه". أجابه مين جون على الفور وهو يمسك بيده لطبع قبلة رقيقة على مفاصل أصابعه.

"علاجي، ألا تزال راغباً بأن أستمر به؟".

"هذا جسدك أنت صغيري، وأنا لم يحق لي التدخل به في المقام الأول، لذا إن شئت استمر وإن شئت فتوقف عنه لأنني أحبك كما أنت وأقسم لك بأنك ترضيني بكل أحوالك". رد مين جون بنبرة ناعمة. "فكر بما تريده حقاً وحين تتخذ قرارك أخبرني وأنا سأدعمك مهما كان".

"و.. وسو هيون؟".

"كما أخبرتك حبيبي، هو لا يعني لي شيئاً.. لقد التقينا صدفة بالحفل وضاجعته كأي عاهر آخر استخدمته وانتهى الأمر.. هو لا يعني لي أي شيء وأنا لن أفكر حتى بالاتصال به مرة أخرى، لذا لا تقلق بشأنه لأن كل ما أريده هو أن تبقى وحدك فقط في حياتي".

شعر الصبي الأصغر بالطمأنينة تغمر قلبه أخيراً.. أجل لقد ارتكب مين جون خطيئة كبيرة معه لكن من حقه عليه أن يتفهم الأسباب التي دفعته لذلك.. والآن وبعد أن كشف حبيبه عن صدمته العميقة الطاعنة بقلبه ووجعه الدفين في أعماق وجدانه فقد بدأ الدفء والسلام يعودان إلى كيان الصبي البارد الموحش حيث شعر أن بإمكانه القول مرة أخرى وبثقة كبيرة بأن لديه حبيب.

لم يستطع جونغكوك منع نفسه من الميل مجدداً والغوص في قبلات حبيبه المتألم الذي كان يغرق معه في حميمية هذه اللحظة الخاصة كاشفاً له عن روحه العاشقة ومشاعره الهائمة قبل أن يبتعد الصبي قليلاً ليهمس بنعومة على شفتيه.

"أنا أحبك هيونغ"

**

انتهى الشابتر العاشر.

Continuă lectura

O să-ți placă și

866 257 41
"هل أنت متأكد من هذا؟" "فقط اصمت وافعل ذلك بالفعل." "أنت تعرف الثمن الذي يجب عليك، صحيح؟" "نعم." أدرك بومقيو أنه يحتاج إلى نروڤي فقط عندما سمح لها با...
كأس ^° De Galaxy

Proză scurtă

1.4K 392 16
~ لقد انتشلتني من جحيم وحدتي، لقد أعدت إلىّ حياتي التي سرقها الحزن مني، لقد أضفت الحب والسعادة إلى كأسي، وما أنا إلا بضعيفة، ارتشفته أملًا بأن يعيد إ...
517K 33.8K 22
{ Sexuel contact} جنيرالٌ مخدرمٌ أنتَ أوقعتنِي بينَ سلاسلِ عشقكَ الأبدية و أنا مجردُ أنثى عذراء سقيتُ بعسلِ علاقتناَ الآثمة و بللت إطار علاقتنا بدمو...