أولئك الذين يضعون التاج...

By mooulight

1.1K 59 83

-"أولئك الذين يضعون التاج يجب أن يتحملوا عبئه"- هونقجونق وسونقهوا يقضون حياتهم بالتسلل والنظرات الخاطفة بينهم... More

الفصل الأول : وزن الرغبة.
الفصل الثاني : وزن الوقت.

الفصل الثالث: وزن السر.

282 16 39
By mooulight


أصبح الأمر بعد ذلك غريبًا...

أعتاد هونقجونق على تحية جونقهو عندما يقدم له طعامه بِجناحه الخاص، وأعتاد على لسان جونقهو الحاد عند التحدث معه، لكن بعد معرفته بأن الخادم كان له يد في تخطيط لقاءهم الصغير....

هونقجونق لم يتحدث عن الأمر مطلقًا بعد لقاءهم، كان قلقًا جدًا بأن جونقهو لن يتأكد بشأن عدم سماع الحراس خارج الباب للمحادثة، لكن جونقهو قدم له ابتسامة دافئة عندما دخل الغرفة.

وعند القيام بجولته اليومية حول القصر، رأى هونقجونق كلًا من مينقي, ويوسانق، جميع الأشخاص الذين ساعدوهم.. في تلك اللحظة شعر هونقجونق بالدفء ينتشر بصدره عند التفكير في وجود أشخاص بالقصر على استعداد للمخاطرة بأنفسهم من أجل سعادة اثنين من الغرباء.

ولم يستطع هونقجونق من فعل أي شيء لشكرهم. كان من الصعب جدًا، لكن قرر هونقجونق أن يبقي هذا الأمتنان الذي يشعر به سرًا، متأملًا بيومٍ من الأيام أن يُعيده لهم.

~~~~~~~~~~~

"في الختام صاحب السمو، من الواضح أنه من أجل الحفاظ على حالة الثروة الحالية لدينا، يجب علينا أن نطلب المزيد من مواطنينا العمل بإجتهاد أكثر، كما هو واجبهم تجاه ملكهم". انحنى المستشار هوانق وعاد إلى مكانه بين الصف.

أومأ هونقجونق رأسه ببطء وهو يسمع بعناية لكل شيء قاله، على الرغم من أنه أختلف مع معظم كلامه. "هل هناك أي أعتراض على ما قاله؟" استجوب الملك جميع من في الغرفة بشكلٍ عام.

كان هناك عدة لحظات من الصمت.

كان هونقجونق مستعدًا لإنهاء الاجتماع، لكنه لاحظ شخصًا يتقدم للأمام. "لدي شيء أود أثباته، جلالة الملك" قال سونقهوا وهو يتقدم بانحناءة بالطبع.

عادةً، أي كلمة من سونقهوا في القاعة الملكية تجعل نبضات قلب هونقجونق تتسارع في حالة من الذعر الغير ضروري والألم الذي لا يمكن تجاهله في قلبه. ماذا لو تم القبض عليهما؟ لكنها كانت فكرة سخيفة لأن سونقهوا يُعتبر من كبار الباحثين والتحدث في اجتماعات المجلس هي جزء من وظيفته. ولكن بحلول الوقت الذي سيقنع فيه نفسه بالتوقف عن الذعر سيكون خطاب سونقهوا على وشك الإنتهاء، وسيتراجع إلى مكانه المحدد بالخلف، وهونقجونق لا يزال يشعر في هذا الألم في قلبه.

ولكن الآن، مع أنه يشعر بنفس شعور القلق المألوف بداخل قلبه، لم يكن الألم الذي يشعر به في قلبه شديدًا عند رؤية وجه سونقهوا الصارم. الوقت الذي قضاه مع سونقهوا قبل بضعة أيام، وذلك بفضل تلميذ سونقهوا واصدقاءه.... لقد غير شيء بداخله، لم يعد يشعر بتلك الحرقة اليائسة لرؤيته، وأن يكون معه طوال الوقت.

بالطبع، كان لا يزال يتمنى أن يكون بجانبه، لكن ذلك الألم بقلبه لم يعد شديدًا ولا يُطاق مثل قبل.

تلك اللحظات.... أن يكون بأحضانه كانت الأفضل.

لكن هونقجونق سرعان ما دفع أفكار اللقاء السري من عقله وركز عندما واجه سونقهوا المستشار هوانق مباشرة.

سيكون عرضًا ممتًعا.

"مع كل احترامي أيها المستشار، فإن زيادة الطلب من المواطنين الذين لا يستطيعون تقديم المزيد لن يؤدي إلا إلى استنفاد ثروة المملكة بمعدل ينذر بالخطر".

عضو المجلس هوانق (ربما كان كبيرًا في السن بما يكفي ليكون جد سونقهوا) سخر بغضب. "ربما تكون قد قرأت الكثير من الكتب وقد أرهقت عقلك أيها الباحث، لكن تلقي المزيد من الموارد من المواطنين سيزيد من ثروتنا".

أراد هونقجونق أن يتخذ إجراءات صارمة لحث الرجل على التوقف عن الكلام. كانت الإهانات والكلمات الحادة شائعة بين اجتماعات المجلس، وسيكون من المريب إذا قام هونقجونق فجأة بالدفاع عن عالم عشوائي. ومع ذلك، هونقجونق لم يفعل شيئًا لإيقافه. لأن سونقهوا لم يكن بحاجة إلى حمايته، خصوصًا من المستشار هوانق.

كان تعبير وجهه وديًا وهو يُميل رأسه. "ربما. ولكن ربما يجب عليك أيها المستشار، ألا تحاول التركيز فقط على الاشياء الصغيرة والملذات الفورية التي من شأنها أن تفيد فقط نسبة مئوية صغيرة بالنسبة لك من المملكة ".

توهج وجه المستشار باللون الأحمر غاضبًا. "كيف تجرؤ-"

"معظم القرى تكافح بالفعل لتوفير ما هو مطلوب منها" ، تابع سونقهوا بصوتٍ حاد مثل شظايا الجليد. "لن يؤدي طلب المزيد منهم إلى زيادة إنتاجيتهم فجأة ، بل سيؤدي إلى استنفاد مواردهم المحدودة بالفعل. سيضطرون إلى التخلي عن القليل من الطعام الذي تركوه لإعالة أنفسهم، وبعد ذلك سينتهي الذي لديهم تمامًا تاركين أنفسهم والمملكة بدون أي شيء. صحيح بأن سيزيد طلبك من المواطنين بالعمل أكثر من ثروة القصر لكن ربما لبضعة أشهر فقط. وبعد ذلك ستموت القرى، وتندلع أعمال الشغب، وسيُعاني القصر أكثر بكثير من النقص المؤقت في الحصاد بسبب قلة الأمطار ".

قام هونقجونق بإخفاء ابتسامته عندما أدار سونقهوا جسده ليواجهه وانحنى له بتعابير وجه محايده تمامًا."صاحب السمو، أقترح أن ننتظر بشأن موضوع إنخفاض المحاصيل. ربما نبدأ في تقسيم الطعام لكميات محددة، ولكن عدم المطالبة بالمزيد من المواطنين. إذا استمر الجفاف، فقد يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات، لكنني أرجو أن تتحلى بالصبر مع هذا الأمر ". ثم عاد إلى مكانه، ولاحظ هونقجونق أن يوسانق يقف خلفه، وهو يحدق في سيده بعيون متوهجة من الاحترام والفخر.

بدا المستشار هوانق جاهزًا للقفز عبر الممر الفاصل بين الطرفين، وعلى الرغم من أنه لم يكن سوى مصدر إزعاج لهونقجونق،  فقد كان من الممتع للغاية مشاهدة سونقهوا وهو يعارض كل تصريحاته بإستمرار. كان هذا هو نفس المستشار الذي بذل قصارى جهده لجعل هونقجونق يبعد سونقهوا من منصب كبير الباحثين.

"إنه ليس أكثر من فتى صغير، يا مولاي! إن إعطائه مثل هذا المنصب هو استهزاء! ما هي المعرفة التي يمكن أن تكون لديه أفضل من شخص آخر في سن أكبر وأكثر خبرة؟"

لكن سونقهوا لم يُخطئ أبدًا خلال الاجتماعات. وأقسم هونقجونق أنه إذا تم إثبات بأن سونقهوا غير كفء في عمله، فسوف يزيله ويشغل منصبه بشخص آخر.

"سوف آخذه بعين الاعتبار، هل هناك تصريحات أخرى يتم الإدلاء بها؟"قال هونقجونق بينما كانت القاعة صامتة، على الرغم من أن تعبيرات وجه المستشار هوانق لا زالت غاضبة. "حسنًا إذن، سأفكر في كل ما قيل اليوم وأتخذ قرارًا نهائيًا بحلول مساء الغد. هذا المجلس انتهى ". وقف وغادر دون أن ينظر إلى الناس في القاعة.

حقًا، لقد كان اجتماعًا قصيرًا، لكن هونقجونق لم يستطع حتى الاستمتاع بحرية المغادرة. كان لديه موعد آخر، أقل إمتاعًا بكثير.

~~~~~~~~~~~~

سرعان ما سئم هونقجونق من ملاطفة هؤلاء الرجال الذين حاولوا تقديم بناتهم أو بنات أخواتهم بأفضل مالديهم.

أكد له أمير من الشرق بشغف، "يمكنها العزف على خمس آلات" محاولًا بُجهد أن يصف كل الجوانب الرائعة لابنته الكبرى."وقد عرفت ثلاثة منهم منذ أن كانت طفلة فقط!"

أومأ  هونقجونق برأسه له بأدب، ويداه مطويتان بإحكام خلف ظهره أثناء سيرهما في أروقة القصر. في الخارج، رأى بأن الوقت لا يزال بالظهيرة، وتساءل بينه وبين نفسه إلى متى سيضطر إلى الاستماع إلى هذا الهراء.

كانت مشاعره عبارة عن مزيجًا غريبًا من الإنزعاج والهدوء. على مدار الأسابيع الماضية، تم تقديم عشرات النساء والسيدات إليه - جميعهن لديهن توصيات عالية. وقبل ذلك، كان حتى عرض زواج واحد كافياً لإثارة غضب هونقجونق. أراد أن يصفع هؤلاء الرجال المسنين بِقوة وأن يطالبهم بالخروج من القصر، ألم يعلموا أنه مِلك لشخص آخر بالفعل؟.

لكن خلال هذه الإجتماعات الأخيرة أصبحت مشاعره هادئة بشكل غريب. شعر بغضب وتوتر أقل. هو وسونقهوا قد تحدثوا بشأن هذا الموضوع بالفعل. كلاهما فهموا أين يقفان في هذا الموقف الآن. على الرغم بأن سونقهوا كان محقًا، بأن أي نوع من المواقف ممكن أن تحدث والذي ستؤدي إلى تغيير بقرار هونقجونق بخصوص هذا الموضوع،  لكن هونقجونق سيقاتلها جميعها حتى الموت.

بالطبع، معرفة بأنه هو وسونقهوا أصبحوا قريبين أكثر وعلاقتهم أصبحت اكثر اطمئنانًا وهدوءًا، جعلت هذه العملية برمتها من تقديم النساء له أكثر إثارة للضحك، ألم يفهموا بأن ليس لديهم أي فرصة؟.

لن يمنح زواج هونقجونق من أي من هؤلاء النساء أرضًا أو ثروة أو أي قدر من السلطة. لم تكن لتحقيق مكاسب سياسية، بل لتحقيق بيان وتأكيد.  بوجود ملكة، ستبدو مملكتهم أكثر "استقرارًا" بالنسبة للدول الغازية. وربما لن يكون الأمر مثيرًا للضحك تمامًا إذا استطاع هونقجونق الحصول على أي شيء من هذا الزواج.

لماذا يختار هونقجونق فتاة أصغر منه بخمس سنوات والتي كانت السمة المميزة الوحيدة فيها هي أنها تعزف على الآلات؟ ما فائدة ذلك عندما يأتي إلى غرفته، ضائعًا ومرتبكًا يُفكر ماهو أفضل حل ليتخذه حتى ينقذ مملكته؟ ما الحكمة التي يمكن أن تقدمها عندما يكونون على حافة الحرب بينما يحاول هونقجونق تحديد الأرواح التي يجب إنقاذها والتي يجب التضحية بها؟.

لماذا يجب عليه أن يختار شخصًا... في حين أنه يمكن أن يكون سونقهوا بجانبه، ويوجهه بشكل موثوق للطريق الصحيح مثل نجمة الشمال بالسماء؟.

لماذا يجب عليه أن يختار شخصًا... بينما يمكنه اختيار سونقهوا أن يقف بِجانبه.

"أنا ممتن لهذه الفرصة، مولاي." أعلن الأمير وهو يشبك يديه معًا. "واتمنى بأن اسمع منك قريبًا."

أومأ هونقجونق عندما استوعب بأنهم سينهون المحادثة الآن. "سآخذ كل ما قلته لي في الاعتبار بعناية." قال بملل.
ابتعد الرجل وهو مازال ينحني، وهونقجونق أخذ نفسًا عميقًا مرتاحًا بإنتهاء الأمر. "هل هناك أي آخرون لهذا اليوم؟" تساءل بينما ينظر وراءه.

"لا، يا صاحب السمو،" قال المستشار الذي يقف وراءه. "لقد منحنا كل الوقت اليوم للأمير كيم  بسبب أن ابنته تبدو مناسبة للزواج كثيرًا."

قاوم هونقجوق ضحكته، أومأ برأسه. "إذن، أعتقد أنني انتهيت من جميع الواجبات المقررة حتى لقاء زعيم القرية الليلة؟"

"نعم، سيدي."

عادةً، سيعود هونقجونق إلى غرفته بإنتظارًا لسونقهوا أن يجد وقتًا قصيرًا لقائِه. لكن، بعد لقاء المجلس اليوم سيكون مشغولًا بجمع المزيد من المعلومات حتى يطّلع هونقجونق وبقية أعضاء المجلس عليها. لم يكن لدى سونقهوا أي وقت لزيارته الليلة. أصبحت الحديقة مملة بالنسبة له في الأونة الآخيرة (ولا زالت مليئة بذكريات الماضي) لذا أومأ برأسه متخذًا قرارًا آخر.

"حسنًا إذن، بما إنني أشعر بالملل هذه الأيام، سأخذ جولة حول المزرعة".

"مولاي-"

"لا أحتاج إلى مرافق،" قاطعه بِصوت حاد، رفع يده ليوقف الحراس من التقدم نحوه. مينقي لم يكن من ضمنهم هذه المرة. "أريد أن امضي وقتًا لوحدي."

"لكن صاحب السمو هذا-"

"لقد اتخذت قرارًا،" قال بإصرار "هل تحاول رفض قراري، أيها المستشار؟".

"بالطبع لا سيدي، لكن هذا قرارًا شديد الخطورة-"

"سأكون داخل حدود القصر طوال الوقت. أنا لست طفلًا أيها المستشار، أنا أفهم كيف أحمي نفسي ". بدوا قلقين بينما ينظرون إلى بعضهم البعض، لكن بسبب نبرته الحادة لم يتجرأ احد على معارضته. "إذن، سأراكم خلال اجتماع الليلة."

استدار هونقجونق مبتعدًا. كان من الخطر أن يرسل جميع حراسه بعيدًا عنه، وهونقجونق لم يخاطر بمحاولة ذلك حتى عند مقابلة سونقهوا. عندما حاول المخاطرة بشيء مثل هكذا، الحراس دائمًا لديهم عادة سيئة بأن يظهروا من أي مكان فجاءة، مُدعين بأنهم سمعوا شيئًا من القاعة.

لكن اليوم، لم يكن هناك أي سبب حتى يخاف هونقجونق من الحراس أن يتبعوه، لذلك ذهب وحيدًا. لا زال القرار طائشًا، نظرًا لأن أي شخص يمكنه محاولة قتله مرة أخرى، ولكن بعد عدة أيام من فرض المجلس أشياء عليه ضد إرادته، أراد الشعور بأن لديه الحرية بفعل مايريده لمدة قصيرة على الأقل.

عادةً، تكون الإسطبلات فارغة في هذا الوقت المتأخر من الظهيرة، جميع العمال سيذهبون لتأدية أعمال مختلفة في هذا الوقت، سيتركون هذا العمل لفتى -وويونق- رئيسًا للإسطبل حتى عودة بقية العمال. أحب هونقجونق تمضية الوقت مع وويونق كان الحديث معه ممتعًا. كان وويونق بارعًا في تدريب حصان هونقجونق، ولديه طريقة لطيفة لمعاملة الحيوانات الأكبر حجمًا منه.

استنشق هونقجونق رائحة القش والدفء الذي يحيط بالمزرعة بينما يقترب من الإسطبل (متجاهلًا للروائح الغير مرضية الذي اختلطت مع الروائح الأخرى). لم يركب حصانًا لفترة طويلة، ربما حوالي أشهر تقريبًا.

شاهد التربة وهي تتحرك تحت قدميه وهو يمشي، توقف عند باب الإسطبل المغلق. عندما تغرب الشمس، من الممكن أن بعض الحيوانات الأخرى أن تحاول الدخول إلى الإسطبل، لذلك أبواب الإسطبل دائمًا تكون مغلقة بإحكام. لكن هونقجونق كان عليه أن يدفع الباب مرة واحدة ليفتحه، تأرجح الباب عندما فتحه وتقدم لبضع خطوات إلى الداخل لينظر حول الإسطبل.

عبس هونقجونق، عندما لأحظ بأن الأحصنة كانت لوحدها في الإسطبل والقش لازال منتشر حول الإسطبل. لم يرى وويونق بأي مكان. استدار، ونظر حول أعلى قمة القش المتراكم، لكنه لم يرى سوى المزيد من القش. ربما كان قد أخذ حصانًا لتنظيفه في مكان آخر؟ فتح هونقجونق فمه، مستعدًا لينادي وويونق لكنه توقف عندما سمع  صوت خفيف من نهاية الإسطبل.

تصلب جسد هونقجونق، وكانت ردة فعله الأولى هو الخوف على من أو ما قد يكون مختبئًا داخل الإسطبل. ولكن حتى قبل أن تتشكل مشاعر القلق بشكل صحيح في ذهنه، فقد تلاشت لأن هونقجونق أدرك الصوت المألوف لحفيف الملابس ضد بعضها البعض، تليها شهقات رقيقة ولطيفة.

مشى بخطوات سريعة لنهاية الإسطبل، واثقًا بأن الذي سمعه كان خاطئًا، عندما اقترب أكثر للضوضاء، هنالك بعيدًا في زواية الإسطبل، محشور في الزواية المظلمة حيث لا يراه أحد، وجد صبي الإسطبل يحاصر تلميذًا على حائط الإسطبل.

وويونق يقبل تلميذ سونقهوا بقوة وبسرعة، بينما يديه تمسك بمقدمة رداء يوسانق بشدة، وجسده بأكمله يضغط على جسد الآخر. فتح هونقجونق فمه، متقدمًا خطوة للأمام حتى يبعد وويونق عنه، لكن عندها سمع يوسانق يخرج تنهيدة صغيرة من شفتيه، بينما يمرر يديه حول صدر وويونق حتى أستقرت يديه على رقبته. يديه لم تحاول إبعاده عنه بل كانت تحاول الأقتراب منه أكثر.

وتجمد هونقجونق في مكانه للحظة، أراد بأن يضحك ويبكي في نفس الوقت على سخرية الموضوع بأكمله. يوسانق، الذي ساعد  هونقجونق في العثور على لحظات قصيرة ليمضيها مع سونقهوا، كان يمضي لحظاته الخاصة في نهاية الإسطبل مع وويونق.

لم يكن هناك أي شي خاطئ في طريقة تواصل يوسانق مع وويونق. بنفس الطريقة التي استطاع هونقجونق فيها بتبادل كلمات مهذبة بين الخدم الذين يأتون ويذهبون. المشكلة هنا كانت عندما يتم تجاوز ذلك الخط الأحمر. لم تكن هنالك أي عواقب عندما قابل هونقجونق سونقهوا في غرفته الخاصة بينما كانوا يقومون بتلخيص الكتب معًا. لكن في تلك اللحظة.. عندما لامست شفاة هونقجونق خاصة سونقهوا، سمعوا صوت إنطلاق بداية لعبة خطرة جدًا.

وبالمثل، يوسانق بصفته مبتدئًا ليكون كبير الباحثين بالمستقبل، كانت مكانته أكبر من فتى إسطبل. يمكنهم رؤية بعض والتحدث معًا، لكن المشهد الذي أمامه....

"آلهي، يوسانق.." همس وويونق، وهو يميل رأسه للأسفل لتستمر قبلاته لتصل لرقبته. تنهد يوسانق بضعف، مائلاً رأسه لأعلى. "لو كان بإمكانك فقط أن تولي نفس القدر من الاهتمام ب-" يلهث- "الكتب ، بدلاً من-"....

أتسعت أعين يوسانق بصدمة، لتقابل أعين مرتبكة.

سقط قلب هونقجونق عندما يوسانق أمسك وويونق فجاءة ودفعه بعيدًا عن رقبته بقوة. أنفصل وويونق عنه مرتبكًا، لكن يوسانق لم يدفعه بعيدًا، بدلًا من ذلك أمسك وويونق ودفعه خلف ظهره وتقدم للأمام، وكأنه يستطيع إنشاء درع ليفصل بين فتى الإسطبل والملك.

"يوسانق مالذي-" سرعان ما تلاشت حيرة وويونق إلى رعب بينما يحدق في الملك من خلف ظهر يوسانق. "جلالتك-".

دفعه يوسانق خلف ظهره بقوة أكبر، كما لو أن هونقجونق لن يستطيع رؤيته. لم يحدق في هونقجونق، ولم يتحداه، ولم يجرؤ على الإدلاء بتعليق. كان يحدق به في خوف، وعيناه واسعتان وصدره يرتفع قليلاً بينما كان يمسك وويونق الذي لم يرفع عينه إلا ليحدق برأس يوسانق من الخلف.

لعدة لحظاتٍ معدودة، لم يكن هناك شيء يُقال، وتمنى هونقجونق أن يجد الكلمات المناسبة، لكن كل ما أراد فعله هو الضحك. هل عاش يوسانق وسيده بالفعل مثل هذه الحياة المتوازية؟.

لكن تعابير يوسانق بدت أبعد مايكون عن الضحك. "رجاءًا،" قال أخيرًا بصوت مبحوح لكن لا زال يحتفظ بتلك النعومة الرقيقة. اشتدت قبضته على وويونق. "لا-" توقف ليبلل شفتيه. " وويونق لم يرتكب أي خطأ،" قال بسرعة. "كل هذا كان من فعلي."

"يوسانق،" قال وويونق وهو يبدو مرعوبًا أكثر من يوسانق في هذه اللحظة، كلاهما بملابس غير مرتبة وشفاه حمراء.

ضغط يوسانق بِلطف على جانب وويونق لتهدئته بدون أن ينظر بعيدًا عن الملك. "رجاءًا، جلالتك." قال بصوت ضعيف. "لا تفعلوا شيئًا له. أفعالي هي التي تسببت في كل شي."

أدرك هونقجونق أن يوسانق كان ينتظره ليمسك وويونق، لإلقائه من القصر وإخراج يوسانق من تدريبه المهني. لإجبارهما على الانفصال والقيام بما يسميه القانون: عار كلاهما على القيام بشيء خارج نطاقاتهما الاجتماعية.

"يوسانق،" قال هونقجونق بِحذر، وعينيه تتأرجح بينهم. "سيجعلني ذلك اكثر منافق مثير للإشمئزاز لأرفع لساني عليكم."

أصبحت مفاصل يوسانق بيضاء من شدة قبضته على رداء وويونق. "مالذي ستفعله؟" تساءل بِحذر.

أراد هونقجونق أن يريح الفتى. لكن بأي حق يوبخه لانه وقع بحب شخص؟ "حسنًا،" قال بينما يشبك يديه معًا. "أن لم يكن وويونق معارضًا، فقد جئت لأطلب منه أن يجهز حصاني. أردت بأن أخذ جولة سريعة حول المزرعة قبل اجتماعي الليلة." قال بينما ينظر بينهم. "هل تمانع بأن تجهز الحصان لي؟".

تردد وويونق للحظة، بينما ينظر ليوسانق كما لو كان لديه معلومات اضافية. "ب-بالطبع، سيدي." قال بينما يحاول يتقدم من خلف يوسانق. لكن يوسانق لم يفرج عن وويونق بسهولة، لا زال يحدق بأعين هونقجونق.

"هل ستفعل أي شي له؟"طلب- بدا وكأنه يطلب منه أن لا يفعل شيء له.

نظر هونقجونق له بِلطف. "أقسم بأنني لن أقوم بأي عمل تجاهه أو تجاهك." أكمل، "لكن لدي وقت محدود قبل اجتماعي الليلة ، لذا أرجو تعاونكم معي."

أومأ وويونق رأسه بسرعة، ومد يده لأسفل ليبعد أصابع يوسانق من ردائه، بينما أصابعه تلامس يديه بِلطف، عندما ابتعد أعطى يوسانق نظرة ربما كان من المفترض أن تشجعه. أبعد يوسانق نظراته عن هونقجونق أخيرًا ليُشاهد وويونق يمر بجانب الملك وينحني له بسرعة بينما يتقدم نحو إسطبل الحصان.

ترك وويونق الأثنان وهم يحدقون ببعض، وهونقجونق نظر لوويونق من خلف ظهره "أنا أرى الآن،" قال بِحذر، هو يفهم نوع الخوف الذي مر عبر مشاعر يوسانق في هذه اللحظة. "هل يعرف سونقهوا بشأن ذلك؟".

هز يوسانق رأسه ببطء. "إنه يعلم أنني أحضر دروسًا صغيرة مع وويونق، لكن البقية... لا أحد يعلم، ولا حتى أصدقاء وويونق الذين في القصر ".

"وعندما ساعدت سيدك وأنا في رؤية بعضنا البعض ..."

نظر يوسانق بعيدًا، وكأنه غير قادر على النظر في هونقجونق أكثر من ذلك. "لا الأمر ليس مرتبط بذلك،" أكد له. "علمت أن سيدي كان يحب وجودك معه. كنت أرغب في التخفيف عنه من أي ضيق يشعر بِه. ومع ذلك، كلما فهمت أكثر، أدركت أنه يجب أن يكون مؤلمًا للغاية لك ولسيدي ".

"أنت لا تراه كثيرًا؟" تساءل هونقجونق.

أخذ يوسانق نفسًا عميقًا، كما لو كان يحاول ألا يبدو مذعورًا. "أكثر منك ومن سيدي بالتأكيد. وبالتأكيد مع العديد من المخاطر، لن يتم قتلنا لا أنا ولا وويونق. ربما سنكون عارًا، او نتعرض للطرد من القصر، سنُترك بدون ولا شيء... لكن على الأقل احياء".

"وهل أنت واثق بأن لن يتم اكتشافكم مثل الأن؟"
استفسر هونقجونق بِلطف. كان من المثير للاهتمام ومن المرعب أن ترى شخصًا آخر يكافح ضد القيود التي حولهم. لقد كانوا هنا في هذا المكان المكشوف، في وضع النهار، بدون نظام تحذير لتنبيههم. لم يكن هونقجونق صامتًا تمامًا عندما دخل، لكن حتى مع ذلك لم يسمعوه.

"نحن-" هز يوسانق رأسه، وبدا مستاءً من نفسه جدًا، ورفع يده لفرك وجهه. "عادة ما نكون أكثر حرصًا، وأكثر سرية، ولكن هذا كان-" أحمر وجهه قليلاً بينما كان ينظر إلى الملك. "لم يكن من المفترض أن يتم لقائنا بهذه الطريقة".

لم يستطع هونقجونق كتم ضحكته التي دغدغت حلقه، على الرغم من رغبته في توبيخ يوسانق لكونه أحمق. "وكيف كان يجب على لقائكم أن يكون؟".

أدار يوسانق ظهره، متراجعًا إلى حيث كانوا واقفين مسبقًا والتقط كتابًا من الأرض بدا أنه يتعلق بتكتيكات المعركة. "كنا نناقش الجنرالات المختلفين في المعارك."

كان هناك شيء بريء تمامًا بشأن الصبي الذي أمامه، والصبي الذي كان يقف خلفه، والكتاب بينهم وبين الضحكة التي كانت محتجزة في حلق هونقجونق وكلمات التوبيخ التي كانت على وشك الخروج من فمه.

لقد تذكر وقتًا كان فيه أيضًا قادرًا على الاستمتاع بهذه البراءة.

"تختار القرى قائدًا واحدًا-" قال سونقهوا مشيرًا إلى البقعة على الصفحة التي كان يقرأ المعلومات منها، "عادةً، يختارون الشخص الأكثر مسؤولية، أو الأكثر قدرة على إقناع النبلاء بالاستماع إلى متطلباتهم-"

أومأ هونقجونق برأسه بدون تركيز على كلامه، وعيناه تتابع أصبع سونقهوا وهو يشير على طول الصفحة إلى شفتيه التي تتحرك بسرعة والتي تنسكب منها المعلومات مثل كوبًا فائضًا تم سحبه من البئر، إلى عينيه اللتين كانتا ساطعتين وحادتين ولامعتين تتنقل بين صفحات الكتاب وإلى وجه هونقجونق حتى يتحقق من فهمه.

لقد كانوا بالفعل يتناقشون على هذا الموضوع المحدد لتدرج الرتب في لقرى لساعات، وقد ملل هونقجونق منه منذ فترة طويلة، لكنه سمح لكلمات سونقهوا أن تغمره مثل الربيع الدافئ، بدون أن يسمع أي شيء بتركيز.

"سموك!-".

شعر بألم سريع عند مقدمة جبهته بسبب أصبع سونقهوا، واندفع بعيدًا ممسكًا ببقعة الألم بأعين واسعة. "بحق الآلهة سونقهوا!، ما الغرض من ذلك؟" تسائل هونقجونق عندما أخفض سونقهوا يده بأعين حادة.

"هل سمعت أي شيء مما قلته لك حتى الآن؟" وبخه سونقهوا بينما يبعد الكتاب عن الأمير.

"نعم" أكد له هونقجونق بنبرة منزعجة بينما يفرك جبهته بألم.

"كم عدد زعماء القرى الذين تم تعيينهم هذا العام؟" سأل بينما يرفع حاجبه وبتعابير منتظرة لإجابة صحيحة. كان هونقجونق صامتًا وفتح فمه قليلًا بتفكير، تنهد سونقهوا بينما يرفع يده مرة أخرى وابتعد منه هونقجونق مرة أخرى بدفاعٍ عن نفسه. "هذا ممل جدًا،" تذمر هونقجونق ووضع رأسه عالطاولة ليستريح. "ألا يمكننا مناقشة أي شيء آخر؟".

"لا."

قام بإمالة رأسه ليحدق في سونقهوا الذي نظر إليه بإنزعاج، ابتسم هونقجونق فجأة واقترح، "يمكننا أن نفعل شيئًا آخر تمامًا" ورفع رأسه لإراحة وجنتيه على يديه. "شيء أكثر مُتعة..."

أعطاهُ سونقهوا نظرة تحذير، ونظر إلى الباب ووجده لا يزال مغلقًا بإحكام. قال بصوت منخفض قليلاً "أتعلم هونقجونق، سيصبح الأمر واضحًا لوالدك إذا تركتني باستمرار بشفتين متورمتين بدون سبب في كل مرة ."

ابتسم هونقجونق بينما يُعدل جلسته ويستريح على ركبتيه بجانب سونقهوا والذي كان غير مسترخي تمامًا وهو يُحدق بالكتاب، "سونقهوا...."

"لا يمكنك أن تتوقف عن دروسك فقط بسبب أن رغبتك الجنسية الآن تنمو."

"رغبتي الجنسية؟" سخر هونقجونق منه. "بالكاد يمكنك تسميتها على هذا النحو عندما تشبعها قبلة لطيفة فقط."

تنهد والتفت إلى هونقجونق بتعابير غير متأثره وانحنى إلى الأمام وشفتاه ترتاح على جبين هونقجونق للحظة وجيزة. لم يشعر هونقجونق بشفتيه حتى ابتعد عنه ومسك الكتاب مرة أخرى، "الآن ، ستختار القرية-"

"سونقهوا!!" قاطعه هونقجونق بصوت منخفض وطفولي. ضغط بجسده على جانب سونقهوا وهو يقترب منه أكثر ويريح رأسه على كتف سونقهوا بإحباط. "قبلة حقيقية،" طلب منه بِلطف. "رجاءًا؟ فقط قبلة واحدة، وأعدك بأني سأستمع جيدًا لك."

"أتوعدني؟" تنهد سونقهوا بينما يغلق عينيه للحظة حتى ينظر إلى هونقجونق.

"أوعدك." قال هونقجونق بتأكيد وهو يبتسم.

استدار سونقهوا بجسده من الطاولة وواجه هونقجونق، مائلًا بجسده حتى اراح ركبتيه ليُماثل جلسة هونقجونق. "حسنًا،إذن." همس بِخفة، واخذ وجه هونقجونق بيديه بِلطف، وهونقجونق أغمض عينيه تحسبًا، وانحنى للأمام ليقترب من سونقهوا أكثر.

لم يكن يتوقع من سونقهوا أن يضغط بشفتيه ضد خاصته بكل خفة وسرعة.

"سونق-"

شعر بإصبع على شفتيه توقفه من التذمر، قام سونقهوا بإخفاء ابتسامته بينما كانت عيناه تتراقصان بإستمتاع. "كانت قبلة حقيقية، لا يمكنك إنكارها" قال بِحزم. "الآن كما وعدت، سوف تستمع."

استدار هونقجونق واراح رأسه على الطاولة. "أنت فظيع.." تمتم بتذمر.

مسح سونقهوا أصابعه من خلال شعر هونقجونق بشكلٍ لعوب. "وكذلك هو توازن القوى بين القرى التي لها قائد واحد، إذا كنت فضوليًا. وفي الربيع، رئيس القرية-... "

قام يوسانق بنقل الكتاب ليده الاخرى وعيناه تحدقان في الغلاف. "ماذا ستفعل؟" تمتم وهو ينظر لهونقجونق.

هز هونقجونق رأسه ببطء وعيناه لم تكن قادرة تمامًا على مقابلة يوسانق لأكثر من ثانية. كانت عيناه شابتان وتلمعان جدًا وخالية من العبء، لم يواجه بعد ما قد يحدث مع الحياة التي اختارها.

كان هناك شيء مثل الشعور بالذنب في قلبه، لا ليس شعورًا بالذنب بل شعورًا بالقلق. "لقد أقسمت على الاحتفاظ بسري، لذلك سأحافظ على سرك أيضًا حتى موتي."

بدا يوسانق مسترخياً قليلاً، أومأ برأسه مرة واحدة. "شكرًا لك صاحب السمو." كان هناك امتنان واضح في صوته.

"لكنني سأقدم لك نصيحتين..." قال هونقجونق بينما يرفع يده بتحذير، أومأ يوسانق برأسه بسرعة. "أولاً، أنصحك بإخبار سيدك بما حدث هنا." بدا يوسانق غير متأكد، وأمال هونقجونق رأسه بفضول. "ألا تثق به في قبوله والحفاظ على سرك كما فعلت أنت؟".

"بالطبع افعل!" انفجر يوسانق. "لكن.. وويونق... لا أريد المخاطرة-" قطع يوسانق كلامه وهز رأسه. "أفهم الآن ... لماذا رد سيدي بعنف عندما كشفت ما أعرفه عنكما. لا يهم أن كنت تثق بشخصٍ ما... عندما يكون أحدهم- عندما يتدخل شخص تهتم به، تصبح ثقتك  فجأة بالشخص هذا تحديدًا بلا معنى."

حدق به هونقجونق بِدفء، وشعر برغبة مفاجئة في لف الفتى بِعناق لأنه يفهم، الخوف وعدم اليقين والرجاء الدائم داخل قلبك لضمان عدم حدوث أي ضرر للشخص الذي تحبه-

"ثقتك لن تصبح بدون معنى،"أكد له هونقجونق. "لكنها مرعبة، وستكون أكثر التجارب إيلامًا في حياتك ".

حدق يوسانق بِه بألم وتفهم بما يقوله ولكن ليس بما يقصده.

"أخبر سونقهوا،" كرر هونقجونق له مرة اخرى. " أخبره بطريقتك الخاصة، وفي الوقت المناسب لك، ولكن كلما كان ذلك قريبًا كان ذلك أفضل. هذا شيء من المهم بالنسبة له أن يعرفه." أومأ يوسانق برأسه مطيعًا له. "ونصيحتي الثانية لك... من فضلك، يوسانق.." توسل بِهدوء له وربما بيأس ايضًا. "كن حذرًا."

"نحن-"

"أنا اعلم،" قاطعه هونقجونق بسرعة. "أنا أعلم، وأفهم أنك تعتقد أنك تفعل كل ما في وسعك للحفاظ على سلامة وحماية بعضكما البعض، ويمكنني أن أرى بسهولة أنك ستقدم كل شيء وأي شيء لحماية وويونق." عادت نظرات يوسانق للفتى عند الإسطبل. "ولكن إذا علمت عن أمركم، يُمكن للآخرين أن يعلموا بسهولة أيضًا." كان قلبه يُضيق مع كل كلمة. "وأنا أتوسل إليك... من تجربة شخص فشل بالإهتمام بالشخص الذي يحبه ... كن حذرًا."

عادت نظرات يوسانق لهونقجونق، بأعين متسعة وفم مفتوح بِصدمة. "انت-" رمش بسرعة "أنت وسيدي- لقد تم القبض-"

"حصانك، مولاي." قال وويونق بينما يمسك بالحصان البني بِجانبه. لم تقابل عينيه بأعين هونقجونق لكن بدلًا من ذلك تلاقت عينيه بأعين يوسانق بسرعة يتسائل عن مالذي حدث.

لازال يوسانق يحدق بهونقجونق، الصدمة والخوف تنتشر بعقله وجسمه. "هل حدث ذلك فعلًا؟" تسائل يوسانق بصوت ثقيل.

لم يجاوبه على الفور، وأغلق عيناه للحظة وهو يحاول تجميع أفكاره. لم يفكر هونقجونق أبدًا في ذلك الوقت، وحاول دفع تلك الأفكار بعيدًا عن ذهنه، لكنها كانت موجودة بالفعل ومحفورة بعقله منذ وقتٍ طويل، تلطخ كل أفكاره الحالية باللون الأسود.

قف!

"ذات مرة،" قال بِصعوبة بينما يفتح عينيه ببطء، محاولًا التركيز على الفتيان الذين أمامه، بدلاً من الصدى الذي يتردد في ذهنه. الفتيان الذين أمامه يبدون صُغار جدًا، ضائعون جدًا، جاهلين جدًا لما يمكن أن يحدث. "لكنني أعلم أنني لن أسمح بحدوث ذلك مرة أخرى."

لا تلمسه!

تغيرت تعابير يوسانق إلى تعابير شاحبة. "مالذي حدث؟" همس، وحتى وويونق الذي لم يكن له علم بالمحادثة كان وجهه شاحبًا.

لقد سقطت! لم يفعل شيئًا-

حاول هونقجونق تهدئة نفسه. "ليس شيئًا أريد أن اتذكره." قال بِحذر بينما يُدير ظهره لهم، مُحدقًا باللون البني للحصان الخاص بِه. "لكن افهم أنه إذا كنت ترغب حقًا في البقاء مع الشخص الذي تحبه، فلا ترتكب أخطاءنا." هل يمكن أن يكون صوته أكثر إثارة للشفقة من ذلك؟ "يجب عليك أن تدرك الآن العواقب التي يمكن أن تحدثها أفعالك، وأن تتخذ الخطوات التي تراها ضرورية لتجنب تلك العواقب."

أقترب من وويونق واخذ منه حبل الحصان، والذي سرعان ما أقترب من يوسانق وامسك يديه بإحكام خلف ردائهما.

ابتعد عنه!

"أتمنى لكما حظًا سعيدًا." قال هونقجونق بِكل صراحة. "آمل أن تكونوا قادريين بالبقاء معًا لفترة طويلة." غرس رجله في ركاب السرج ورفع نفسه ليجلس على مسند الحصان. "لن أقول شيئًا عما رأيته اليوم لأي شخص،" أقسم ليوسانق. "بما في ذلك سونقهوا. لكن أطلب منك أن تخبره قريبًا."

سونقهوا.

سونقهوا!!

أومأ يوسانق برأسه، ونظراته لا زالت داكنة ومليئة بالخوف. مألوفة جدًا بالنسبة لهونقجونق.

أومأ هونقجونق برأسه تجاه وويونق بإبتسامه صغيرة، قبل أن يحث الحصان على الاتجاه للأمام. حدق وويونق في وجهه بأعين واسعة ومرتبكة بينما يبتعد هونقجونق عنهم.

ابتعد عنه!

شدَّت الريح رداءه وشعره وهو يركض عبر المزرعة بجانب الإسطبل، وحث الحصان ليركض بشكل أسرع وأسرع، كما لو كان بإمكانه تجاوز الأفكار التي تدور في عقله. هز رأسه بشدة، مما أخل بتوازنه للحظة، لكنه لم يسقط. تسابق ذهابًا وإيابًا، صوت الحوافر ودقات قلبه التي تتسارع تنبض بقوة  في عقله بصوت عالٍ جدًا، واصبح عقله مليء بالذكريات التي لم يكن بحاجة إلى التفكير فيها فعليًا منذ سنوات-

رجاءًا! لم يفعل شيئًا-

هز هونقجونق رأسه مرة أخرى، وشد ساقيه حول جسم الحصان للحفاظ على توازنه.

ذكريات كانت لا تزال خامدة ومفتوحة وتنزف بعقله. مثل الأدرينالين الذي يدفع ألمك بعيدًا حتى تنسى أنك مصاب، ولكن بمجرد أن يتلاشى لو للحظة، لا يزال هناك جرح كبير يؤلمك.

وويونق ويوسانق كانوا شابين وصغار جدًا، كانوا مهملين، متمردين-

سوف يدركون أنه لا توجد مخاطرة تستحق العناء.

"سموك!" صرخ أحدهم، وبالكاد قد سمعه هونقجونق فوق اصوات افكاره العالية بعقله، لكن هونقجونق رفع رأسه لينظر إلى السماء ووجد أن الشمس قد غابت، ووجد خادم يقف على جانب الحقل ويداه مرفوعة حول فمه ليصرخ.

لم يلاحظ مرور الوقت. الآن، سيتعين عليه مقابلة زعيم القرية، ومناقشة نقص المحاصيل، وإيجاد حل...

لا زال الأمر حساسًا-

لم يعودوا قادرين على إيذائهم. لم يكن هناك من يمكن أن يؤذيه-

لكن هنا يوجد الكثير من الناس.

أدار حصانه نحو الخادم ليركض ناحيته بسرعة ويتوقف فجاءة. تراجع الخادم للوراء بِصدمة وأعين متسعة، مرر هونقجونق له الحبل ليمسك حصانه.

"أعيدوه للإسطبل." قال هونقجونق وهو يلاحظ بأن تنفسه اصبح أقصر مع الوقت.

انتظر هونقجونق حتى ابتعد الخادم عن الأنظار قبل أن يضغط يديه على عينيه، محاولًا لدفع الأفكار التي تهدد عقله بعيدًا.

لم يفعل شيئاً يا أبي! هذا الحارس ليس لديه سبب-

تنهد هونقجونق عندما تذكر وشعر بأطرافه تتجمد، حاول هز رأسه  لطرد تلك الأفكار بعيدًا ولإرخاء الأصوات التي تتجمع بعقله، لكنهم التصقوا بعقله مثل الحديد الذائب، ملتصقين بجلده ويحاولون حرق برودة أطرافه. تحرك نحو القصر وكان قلبه ينبض بشدة في صدره. ربما كان هنالك صراخ او صمت تام حوله، لكن هونقجونق لم يسمع أي شيء منها سواء الأصوات التي بعقله.

أول شخص قابله بالقصر كانت خادمة تحمل كومة من الملاءات، والتي انحنت أثناء مروره، لكنه توقف بجانبها، ورئتيه ترفض رفضًا تامًا عدم إطلاق أي هواء. "أخبري المجلس-" أمر الخادمة، مستخدماً أي قوة متبقية بجسده ليتوقف عن التأتأة، "بأن الإجتماع تم إلغاءه." أكمل في عجلة من أمره ،"لن أترك غرفتي الليلة". ولم يتأكد حتى ما إذا كانت الفتاة قد سمعته أم لا، وركض مسرعًا نحو غرفته.

ابتعدوا الخدم عن طريقه بسرعة لينحنوا له، الشيء الوحيد الذي فكر بِه هونقجونق الأن هو عزل نفسه بغرفته ليرتاح. دفع باب غرفته بقوة. "لا تسمحوا لأي أحد بالدخول الليلة، بما في ذلك جميع الحراس." أمرهم هونقجونق وبالكاد سمعهم يردون قبل أن يغلق الباب.

وقف عند مدخل غرفته، وأدرك على الفور أن المجيء إلى هنا كان الخيار الخاطئ.

السرير، المكتب على الأرض، السجادة المنسوجة-

كان هناك دم يلطخها، قطرات كبيرة وبقع صغيرة، تتطاير في الهواء مع كل صوت من أصوات ارتطام العصا بالجلد-

سقط هونقجونق على الأرض، وتشابكت أصابعه بين خصلات شعره وشدها بقوة، على أمل أن بعض الألم قد يبقيه على قيد الحياة، شعر وكأن شخصًا ما يطعنه بسكين في قلبه بشكل مستمر.

شهق هونقجونق بصعوبة، محاولًا لإدخال بعض الهواء في رئتيه، لكن كل هذا أصابه بالدوار فقط.

كافح هونقجونق ضد ذراعيّ الحارس التي كانت تمنعه من التحرك، حاول الإبتعاد عنه وهو يصرخ بِكلمات غير واضحة بينما يتم توجيه ضربة أخرى لجسد سونقهوا الذي لازال بالفعل-

لم يستطع التنفس. كان هناك شيء ثقيل يضغط على صدره -لم يستطع التنفس-

شعر هونقجونق بشيء يلمسه، شيئًا دافئًا ، شيئًا ناعمًا-

"رجاءًا.." سمع صوتًا بعيدًا يُحاول الوصول إليه، شعر هونقجونق بِجسده وهو يصبح أثقل وأثقل من قبل. حاول هونقجونق أن يرمش عينيه، لكنه لم يكن يعرف حتى مالذي كان يحاول النظر إليه.

ثم شعر بيد شخصًا ما وهي ترتفع-

وفجأة، شعر بألم حاد لاذع في خده.

لاحظ نفسه وهو يلهث بصعوبة، وكأنه سقط فجأة في بحيرة متجمدة، ورئتاه تكافح للحصول على الأكسجين، وأخيراً شعر برئتيه وهي تسمح للهواء بالدخول لكي يعيش، ويداه تحاول التمسك بشيء لترفع جسده، تحاول العثور على قطعة من الأخشاب الطافية على البحيرة التي سقط بِها، شيء يمسك به، شيء لـ-

"أنا آسف، أنا آسف، أنا آسف-" تكررت الكلمات مثل نبضات القلب الثابتة في أذن هونقجونق، وشعر هونقجونق بالدفء وهو يسمع تلك الهمسات الهادئة مثل التهويدة بأذنه. "أنا آسف، رجاءًا أنظر إلي، رجاءًا-"

رمش عينيه بشدة وأدرك بأنه كان ينظر إلى شيئًا ما. كان هناك شيء يلامس وجهه بِلطف. كان هناك شخص يتحدث أمامه.

رمش عينيه مرة أخرى. وحاول التقاط أنفاسه بصعوبة، بدأ الضباب الذي كان في عقله يتلاشى، وأدرك أنه كان ينظر إلى شخصٍ ما.

كانت وجنتين سونقهوا مبقعة بِدموعه وتلمع بِشدة في ظلام غرفته. يديه تمسك بوجه هونقجونق بِكل عناية، وأبهامه الذي يمسح بِلطف على وجنة هونقجونق. "أنا آسف." قال بِحزن، حرك أبهامه الأخر ليمسح على وجنة هونقجونق اليمنى. "أنا آسف جدًا-"

ابتلع هونقجونق ريقه وأدى ذلك الفعل إلى شعوره بالألم في صدره، رفع يده وهي ترتجف ليمسك بيد سونقهوا بِضعف، بينما أخرج سونقهوا صوتَا مثيرًا للشفقة من حلقه، مغيرًا إحدى وضعية يديه للإمساك بهونقجونق كما لو كان على الوشك بالوقوع في الهاوية.

"-هونقجونق،" توسل إليه سونقهوا. "رجاءًا قل شيئًا ، أنت تخيفني-"

بكى سونقهوا، وشعر بالخوف ينتشر بعروقه.

تصلب جسد هونقجونق فجاءة، حاول الإبتعاد عن أيدي سونقهوا بينما يجعل أصابعه تعمل على فك ربطات رداء سونقهوا.

"هونقجونق، ماذا- توقف-"

لم يستطع هونقجونق التفكير فيما سيقول. فقط شهق في أنفاسه وحاول فك ربطات الرداء، احتاج أن يرى-

"أريد أن أرى" قال وهو يلهث، والكلمات التي بحلقه والهواء تختلط معًا بشكل ضعيف."احتاج-"

انضمت يد سونقهوا إلى هونقجونق لفك رباط ردائه ،غير متأكد ولكنه استسلم لكل ما كان يطلبه هونقجونق. سقطت الربطات ومزق هونقجونق ردائه بقوة، وسقطت عيناه على الجانب الأيمن من بطنه، مما كشف من بشرة سونقهوا الباهتة والناعمة-

حتى أسفل أضلاعه مباشرة حيث رأى ندبة باهتة على بشرته، ليست أكبر من عملة معدنية-

لامس رأس رمح الحارس بطنه، وسمع هونقجونق صرخة مرعبة من الفتى الذي حاول الالتفاف حول البقعه التي كانت تلطخ بالفعل باللون الأحمر على جسده-

لم يكن هناك دم. مدَّ هونقجونق يده بِضعف وهي ترتجف حتى يلمس تلك البقعة، لكن سونقهوا لم يصرخ بألم هذه المرة. كان بإمكان هونقجونق رؤية صدره يرتفع ويهبط وهو يتنفس بِسهولة، وليس حول الدم المتدفق حول فمه-

شعر هونقجونق بأيدي سونقهوا الدافئة وهي تسحب يديه بعيدًا عن الندبة، نظر هونقجونق إلى أعلى ووجد سونقهوا يُحدق بِه. "مالذي حدث؟" سأل بِهمس. "هونقجونق أنت-" توقف فجاءة وهو يهز رأسه. "تعال.." ابتعد سونقهوا ليقف، وشعر هونقجونق بالذعر الذي بداخل جسده يزداد اكثر عندما ابتعد سونقهوا عنه، اخرج شهقة ضعيفة من حلقه وتسارع للإمساك به-

أسكته سونقهوا بِهدوء، وحمله بذراعيه القويتان ورفعه لأعلى. حمل سونقهوا معظم وزنه، موجهًا ساقيه الضعيفتين إلى السرير، ليجلسه على حافته.
لم يُكن هناك أي دم ولا ألم. جلس أمام هونقجونق على ركبتيه، بينما يسمح لهونقجونق الإمساك بردائِه المفتوح. خلع سونقهوا حذاءيه وتركهم على الارض، قام ليسمح لهونقجونق بالاستلقاء على السرير.

عندما ابتعد سونقهوا عن السرير.

"لا تذهب،" امسك هونقجونق بيد سونقهوا بقوة.

حدق بِه سونقهوا بألم بينما يهز رأسه. "لن أتركك،" وعده وجلس على حافة السرير. "انا لا أفهم مالذي حدث لك..." نظر سونقهوا إلى ندبته بِحزن. " اقتحم يوسانق البرج فجاءة وطلب مني أن أراك. بعد ذلك وجدني سان وقال شيئًا عن الملك وهي يجري داخل القصر كالمجنون.. وفجاءة ظهر جونقهو وأخبرني أنني بحاجة لرؤيتك. هو وسان حاليًا يحرسون نافذة الغرفة بالخارج."

كان سونقهوا هنا، في وضع النهار. لم يكن من المفترض أن يكون هنا. إذا وجدوه هنا-

تابع سونقهوا حديثه،" بالكاد استطعت فهمه" وحاول هونقجونق التركيز على صوته فقط. "لكن يوسانق حاول إخباري مما حدث... هونقجونق..." كانت يد سونقهوا دافئة على ذراعه حيث استقرت. "فجاءة أجدك على الأرض، وأنت لا تستجيب للمساتي، ولا لصوتي، حتى إنني لم أراك تتنفس، هونقجونق-" توقف سونقهوا وحاول أن يتنفس لثواني، وشفاه ترفرف بينما كان يحاول الحديث. "كان الأمر كما لو كنت في عالم آخر، ولم أستطع الوصول إليك. لقد أخفتني هونقجونق، لقد أرعبتني. كان الأمر كما لو كنت في ذلك الوقت-"

"أنا آسف" همس هونقجونق وبالكاد صوته كان مسموعًا، وهو يحدق في سونقهوا بتعابير مرهقه للغاية. "لقد حاولت أن أنسى، حاولت تجاهل كل شيء، لكن كل شيء لا يزال واضحًا في ذهني."

"من الواضح أن الرجل تجاهل مطالب ولي العهد. بغض النظر عما كان يشتبه فيه الرجل بخصوص الموضوع الذي شاركوا فيه الاثنين، فقد هاجم الرجل تلميذ الباحث الرئيسي، وكل ذلك بسبب ما يبدو أنه حالة من الحاجة للتنفيس عن الإحباط الشخصي بالنسبة لولي العهد. أقسم ولي العهد أن تلميذ الباحث الرئيسي لم يكن سوى معلم له. ورئيس العلماء أيضًا يدعي بأنه جدير بالثقة. سوف يُطرد الحارس من القصر. لستُ بحاجة إلى أشخاص قد يضايقون ابني ".

"كنت خائفًا جدًا" همس، وعيناه تحرقه وشعر بدموعه تشتعل على خده. "كنت خائفًا عليك جدًا-"

قام سونقهوا بإسكاته، وأصابعه اللطيفة تمسح الدموع بعيدًا. "أنا بأمان" أكد له بصوت خافت، هادئًا جدًا."أنا هنا، أنا بأمان هونقجونق. لقد حميتني-"

شد هونقجونق بقوة على كم رداءه، وانحنى سونقهوا دون سؤال، مما سمح لهونقجونق أن يدفن وجهه في كتفه، وارتعش جسده بينما قام سونقهوا بتهدئته ويسمح ذراعيه لتدفئته من القشعريرة الباردة الذي شعر بها. كان وزن جسده على صدره مريحًا جدًا.

كان سونقهوا بأمان. لم يصب بأذى. كان هنا بِجانبه.

كان هونقجونق أحمق. أحمق وغبي سخيف. كيف يمكنه أن يتصرف هكذا؟ كيف لا يدرك كم كان غبيًا، يتصرف كما لو أن سونقهوا كان يحتضر أمامه. هل كان شديد الانفعال لدرجة أن عقله لم يستطع حتى الفصل بين الماضي والحاضر؟ كل هذا أحدثه ولدان في إسطبل؟

"كنت أحمق،" همس بصوت مبحوح.

"لا" أنَّبه سونقهوا بلطف وهو يضغط على ذراعه. "لست كذلك. من الطبيعي أن يواجه الناس ذكريات قوية لا يمكنهم أن يقاوموها. لقد حدث ذلك من قبل."

"شعرت كما لو أنني فقدت عقلي،" همس هونقجونق والخوف يضغط على قلبه بشكل أكبر، لكنه كان مرهقًا جدًا ليُدرك ذلك."لم أستطع التوقف عن رؤيته،"

شعر بيد سونقهوا الدافئة وهي تمسح بوجهه بهدوء وحنان. ابتلع هونقجونق ريقه بصعوبة بينما كانت يد سونقهوا تتبع أسفل رقبتيه، يدلك كتفيه حتى يبعد التوتر الذي لم يكن يعرف هونقجونق بوجوده. "أخبرني يوسانق عن علاقته مع وويونق. وأخبرني عنك أيضًا."

اغمض هونقجونق عينيه عندما شعر بلمسات سونقهوا وهي ترخي عضلاته. همهم بهدوء.

"هونقجونق... أعلم بأنك ترانا فيهم. لكنهم ليسوا مثلنا. أنت اخذت خوفنا الخاص وربطته بهم، صحيح يجب أن يكونوا حذريين.. لكنهم ليسوا مثلنا."

"كنت أنا الذي تسببت لك بالأذى،" قال هونقجونق، وتوقفت يدي سونقهوا. "تلك الليلة. ظللت تقول إنك بالحاجة للذهاب، لكنني جعلتك تبقى معي."

"كنت بالحاجة إلي." همهم سونقهوا بينما يستمر بالضغط بإبهامه على عضلات رقبة هونقجونق وكتفيه. "لقد اتخذت أيضًا قرارًا بالبقاء معك. الخطأ مشترك بيننا هونقجونق. لقد ناقشنا ذلك من قبل، هل تذكر؟"

يتذكر هونقجونق بالفعل.

"سيحتاج إلى مراقبة صارمة من قبل الطبيب لعدة أسابيع-"

"لكنه شُفي تمامًا الآن، وقد يعود إلى مهامه-"

"من فضلك هونقجونق، لقد مرت شهور، على الأقل تحدث إلي-"

"لا أستطيع حتى أن أنظر إليك، سونقهوا، بدون أن اشعر بالخوف من إيذائك-"

أخذ سونقهوا وقتًا طويلًا حتى يجبر هونقجونق ليتحدث معه، حتى يعترف بالذنب الذي خنقه، وقد مرت ساعات حتى جفت دموع هونقجونق، ورغبته الشديدة واليائسة في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء-

كانوا أصغر سنًا في ذلك الوقت. لم يدركوا العواقب التي كانوا يواجهونها حقًا.

وكان هونقجونق يعلم -كان يعلم، من كل قلبه- أن ذلك لم يكن خطؤه وحده. لكن كان من السهل جدًا أن يراه بهذه الطريقة. سونقهوا الذي حاول الابتعاد، وهونقجونق الذي استدرجه مرة أخرى. ثم الحارس الذي جاء أخيرًا للتحقق-

شعر بنقرة خفيفه على خده " هونقجونق." وركز بوجه سونقهوا الذي أمامه. "لا تعود إلى تلك الذكريات." توسل إليه بِهدوء. "هل تتألم في أي مكان؟"

كل شيء كان يؤلمه، كما لو كان يجري لمسافة طويلة حتى انهار من الإرهاق. لكنه لا يشعر بأي شي يحرقه مثل قبل. هز رأسه ببطئ.

بدا سونقهوا مرتاحًا، وتنهد. "مالذي تحتاجه؟" سأل بينما يبحث بأعين هونقجونق. "مالذي تحتاجه مني؟"

لم يعلم هونقجونق، لم يشعر بهذا الشعور من قبل. سونقهوا انتظره بِصبر، ويبدو بأنه مستعد ليعبر المحيطات جميعها لأجله، لكنه لم يكن بحاجة لأي شي كبير. لقد قام ببساطة بإمساك رداء سونقهوا بأصابعه ليجذبه له لإسفل.

فهمه سونقهوا على الفور، أمسك بوجه هونقجونق وقبّله بِلطف، كما لو كان مصنوعًا من أنحف وأرق الزجاج، كما لو كان قادرًا على الانكسار بلمسة خفيفة. بكى هونقجونق في وسط قبلتهم الدافئة، اختفى الخوف الذي غمر حواسه واستبدل بدفء جسد سونقهوا وهو يضغط على جسده، ويديه تتداعبان جسد هونقجونق كما لو كان أثمن شيء على الأرض.

لم يرتجفوا من الألم هذه المرة.

جعلته الراحة التي شعر بها يرتجف تحت لمسات سونقهوا وشعر بروحه تستعيد سيطرتها على عقله وجسده. بالكاد هونقجونق تحرك، جعل سونقهوا يتحكم بكل شيء. يستلقى على ظهره بكل بساطة، ويتنعم بشعور الأمان والراحة الذي انتشر حولهم.

كان هونقجونق بأمان. هم كانوا بأمان. بعيدين عن الأذى.

ابتعدوا وهم يلهثون بِشدة، ورفع هونقجونق يده بالقوة المتبقية لديه بجسده ليمسح بأصابعه على خصلات شعر سونقهوا بِلطف، وبأعين ضبابية همس، "أنا اسف لإخافتك،"

ضحك سونقهوا بِضعف، بدا شاحبًا ولكنه مرتاح. "طالما أنك لم تصب بأذى، فأنا بخير ..."

"أعتقد أن الأمر قد انتهى" همس بِخفة، وأبقى تفكيره بعيدًا عن تلك الليلة. "لم أقصد ... التصرف على هذا النحو، لا أفهم سبب ذلك. ربما كنت خائفًا على وويونق ويوسانق... لا أعرف. "

همهم سونقهوا ومسح على وجه هونقجونق بعناية، "يجب أن أذهب قريبًا" همس بألم،" يوسانق كان يشتت انتباه إحدى المستشارين بينما جئت إلى هنا."

أراد هونقجونق أن يلعن ويصرخ ويغلق جميع الأبواب والنوافذ. لقد سئم جدًا من-

"يمكنك الذهاب." همس، وهو يمسح خده بأطراف أصابعه "انا بخير."

"أنت لست بخير،" قال سونقهوا بِحزم. "لكن.... حقًا لا يمكنني المخاطرة بالبقاء لفترة أطول، لقد كنت هنا لمدة ساعة ربما."

إلى هذا الحد؟ شعر هونقجونق وكأنها ثواني مرت وليست ساعة. ابعد هونقجونق يديه عن سونقهوا، منهكًا جدًا ليشعر بالألم تجاه مغادرته. "أذهب،" حثه بِهدوء. "لا تدع يوسانق يقع بأي مشكلة."

حدق سونقهوا بِه. "سأعود بأسرع ما يمكن." أقسم له بينما يرفع يد هونقجونق ليطبع قبله لطيفة. "لن أتركك لوحدك الليلة."

"لا تفعل،" أمر هونقجونق بِصرامة، وصدره يتألم عند التحدث. "لن أسمح بذلك. أنا بخير سونقهوا، يمكننا مناقشة ذلك في المرة القادمة التي نلتقي فيها، عندما لا يكون هناك مخاطرة كبيرة-"

"لقد أخفتني هونقجونق،" همس سونقهوا بهدوء، بينما يضغط على يديه. "رجاءًا أفهم بأن هذا مهم لي حتى اطمئن عليك." أبعد عينيه عن هونقجونق بينما استقام ليربط رداءه حول جسده.

شعر هونقجونق بقلبه وهو ينكسر بمعرفة بأنه جرح سونقهوا بكلامه، لكن.... "لا يمكننا أن نكون أنانيين جدًا يا سونقهوا." قال بهدوء. من أجل سلامة عقله، يجب عليه إبعاد سونقهوا عنه. ومن أجل سلامة قلبه، أراد فقط أن يقربه إليه اكثر. "لا يمكننا أن نفقد رؤوسنا لمجرد أن أحدنا مصاب. يجب علينا أن نكون حذريين."

بدا سونقهوا قلقًا، لكنه لم يجادله وتنهد بقوة. انحنى إلى الأمام، وقبّل هونقجونق بعمق وبطء حتى شعر بالدفء ينتشر إلى جسده. "سنرى بعضنا البعض قريبًا."

سمعوا صوت طرق خفيف على النافذة، وسونقهوا تنهد مرة اخرى وابتعد عن جسد هونقجونق. لم يحاول إيقافه هذه المرة. "شكرًا لك،" همس بينما ابتعد عنه سونقهوا. "لمجيئك...."

نظر إليه سونقهوا بِلطف. "سأكون هنا دائمًا عندما تحتاجني. بغض النظر عن المخاطر."

سمعوا طرقة اخرى، بصوت أعلى قليلًا. وتحرك سونقهوا نحو النافذة.

"وداعًا." همس هونقجونق، ولم يستطع سونقهوا أن يقدم له سوى ابتسامة لطيفة ومرّة بنفس الوقت عندما فتح النافذة، وخرج منها، واختفى من أنظار هونقجونق.

مرة اخرى، تُرك هونقجونق لوحده، بينما يُحدق بالسقف. وتوقع أن يرجع له الخوف والذعر من الذكريات، لكن كل ماوجده هو الفراغ الذي يملئ صدره. شعر كما لو دفء الغرفه بأكمله قد ذهب مع سونقهوا عندما خرج من النافذة، مما جعله يرتجف بسريره الفارغ والواسع.

التف حول نفسه، وكأنه يحمي نفسه من غرفته الفارغه والباردة، وجعل دموعه تغرق وسادته بِصمت بينما يحدق بالحائط. تمنى لو كان بإمكانه التخلص من الخوف الذي يلاحقهم دائمًا، ويعذب كل لحظة لهم معًا.

وحتى خسارة سونقهوا لم تكن كافية لجعلهم حذريين. لم يُكن كافيًا لهونقجونق أن ينظر حوله ويفكر للحظة فقط. بالطبع، لفترة كانوا خائفين للغاية حتى من التفكير في التسلل لمرة أخرى.

لكن كونه ملكًا جعل هونقجونق وحيدًا وخائفًا ويائسًا. لقد كان يائسًا من أجل سونقهوا، من أجل الراحة، من أجل لقائه، كان هونقجونق يسقط ببطء في ثقب أسود يهدد سلامته العقلية.

مقابلته على الجسر، التمشي معًا في منتصف الليل- لقد استمر هونقجونق بالمخاطرة بِهم، كان أنانيًا ويطلب أنتباه سونقهوا دائمًا بينما كان يكافح تحت ثقل العرش. لكن الوقت والمخاطرة كانوا أثقل بكثير.

كان سونقهوا هو الذي اضطر اخيرًا برسم الخط الأحمر. وكان هونقجونق يكره نفسه لاستمراره في اجتماعاتهم المليئة بالمخاطر. لقد رأى بأم عينه: كان سونقهوا هو الذي يخاطر بحياته كل يوم. وهونقجونق كانت لديه الجرأة على الاستمرار في محاولة التسلل لرؤية بعضهم البعض، والجرأة على الشعور بالخوف، بينما لم يكن هو الذي يتعرض للخطر-

اغمض هونقجونق عينيه.

ماهي الحياة التي كان يمنحها لسونقهوا، حيث يجبره على قضاء ست سنوات من التسلل لسرقة لحظات قصيره مع بعضهم البعض؟ ماهي الحياة التي كان يبنيها لهم عندما بدت ثلاثون دقيقة وكأنها أبدية بالنسبة لهم؟

هونقجونق كان متعبًا.

كان متعبًا جدًا.

لقد أراد الحرية فقط. أراد السعادة. أراد....

سونقهوا. فقط سونقهوا. لم يكن بحاجة إلى أي شيء آخر.

كيف سيكون أن يعيش في عالم يستطيع فيه هو وسونقهوا السير معًا؟ في عالم يستطيع يوسانق و وويونق الالتقاء بدون التسلل في زوايا الاسطبل؟ في عالم لم يكن يوسانق بالحاجة إلى حماية من يحب حتى لا يتأذى؟ في عالم يكون هونقجونق سعيدًا مع سونقهوا...

ألم يكن هو الملك؟ هل كان هناك حقًا أي شيء يمنعه من صنع هذا العالم؟ كانت هناك اشياء كثيرة في طريقه، لكن الألم والفراغ الذي يتردد بصدره كان كبيرًا.

لم يكن هناك شيء سوى رغبة لا تنتهي، تطلب منه أخيرًا ان يقف ويفعل شيئًا.

لقد احتاج إما إلى خلق عالم يمكن أن يعيشوا فيه معًا، أو التوقف عن التذمر حول مدى عدم عدل حياتهم. لكن لم يكن الأمر يتعلق بهم فقط الآن. يوسانق و وويونق... ومن يعرف كم عدد الأشخاص الآخرين، المختبئين داخل جدران القلعة، يتوقون إلى أن يكونوا مع بعضهم البعض ويفصل بينهم قانون لا معنى له؟

نام هونقجونق تلك الليلة وأحلامه كانت مليئة بالآلام والصراخ، لكن لم يزعجه ذلك. كان الحلم المرعب هذا أفضل من الكابوس الذي يعيشه ويتنفسه.

Continue Reading

You'll Also Like

25.7K 1K 29
عندما كنت أبحث عن مكان لتدريبي الجامعي لم أكن أظن أنني سألتقي بمن ينتشلني من آلامي . جونغكوك "جيمين مارس معي الجنس " جيمين "الهذا السبب قبلتني بالعم...
11.5K 942 11
" إنه هوس قاتل دامي ينهش داخلي يغرق فؤادي و يرسلني نحو الهاوية لكنني أدمنته كما أدمنت أنفاسك الساخنة فوق جسدي" [ADULT CONTENT]
27.3K 3.4K 11
"مِن مَن تهرب القطة الصغيرة؟" توقفت لوڤينا عن السير لتنظر خلفها بحدة عندما تقابلت عينيها مع أعين إبن جيون و الذي يكون من العائلة المعادية لعائلتها عا...
42.7K 3.1K 60
أنا الزهرة اللتي تُحيي ما مات في داخلك. Vk 12 @thvtt19