Sebastian's POV
شعرت بألم في جانبي رأسي .. الأصوات الخافتة حولي بدأت تتعالى .. والرائحة اللاذعة للمعقمات اخترقت انفي .. حاولت فتح جفناي اللذان اشعر انهما كانا مغلقين لسنوات .. لسع الضوء الساطع عيناي فأغلقتها مجددا كرد فعل لا ارادي ..
"لقد استيقظ!"
صوت مألوف هتف بجانبي .. حاولت فتح عيناي مجددا لألمح عينان فوقي مباشرة : سيباستيان ؟؟ هل انت بخير ؟؟ دكتور لقد استيقظ .
اغلقت عيناي مجددا .. شعرت بوعيي يغيب .. الحادث !! لا !
فتحت عيناي قسرا .. كان كل شيء امامي .. عدادات السرعة التي أخذت تزداد لتدفع الادرينالين بقوة الى جسدي .. ضغطة قوية على المكابح عندما بدأت السيارة تنزلق بسبب المطر .. ثم لحظة التحليق القصيرة التي سبقت هبوطي المؤلم على الطريق الاسمنتي .. سيارة ليون تقترب مني بسرعه .. اصطدام قوي .. ثم لا شيء !! تحول وعيي الى ومضات قصيره .
كان وجهها أمامي .. تترجاني ان ابقى حيا .. لن اموت !! فقط ابقي معي سيسيل ..
جسدها كان مليئاً بجروح ملتهبة بشكل مؤلم ، وتلك الخطوات القوية تقترب ، بالكاد استطعت تمييز عيناها الرماديتان في هذه الغرفة المظلمة
اقتربت الخطوات اكثر .. فُتِح الباب ليدخل ضوء حولنا لمكفوفين تقريباً ، لم نرَّ الضوء منذ وقتٍ طويل .. واقترب الرجل ذو الخطوات ثم قال ممسكاً بسلاحه "تحركا ."
وجه الرجل ضخم الجثة سلاحه نحو سيسيل ، أختي ، وخرجنا حتى مثلنا امام رجل بعينان زرقاوان باردتين ، والذي امر ببساطة بالتخلص منا .
وضع الرجل سلاحه قريبا من رأسيهما .. فقال الآخر : ليس هنا .. خذهما الى الغابة .. لا اريد أي آثار .
جرنا الرجل بقوة .. خرجنا من الصالة الزرقاء الضخمة إلى حديقة شاسعة لتدفعنا يدٌ ضخمة إلى سيارة سوداء قبل ان نحظى بفرصة لاشتمام الهواء النقي ، ويغلق عينانا بعصابات خشنة !!
توقفت السيارة على طريق ترابي ، وبرغم كوني في العاشرة إلا انني اعرف ما ينتظرني ، ومقدار الثقة في سير سيسيل كانت مبهره ، حتى سمعتها تتأوه بعد صوت طلقة مرتفع .
"سيسيل !"
همست باكياً ، وابعد الرجل العصابة عن عينينا ، كانت تمسك يدها الممتلئة بالدماء ، والقسوة كانت تشع من ذلك الرجل .. لقد توسلته طويلاً ، لكن لا شيء نجح ، ولقد فجر رأس سيسيل أمامي .
كانت قد وعدتني بالهروب ، ولقد اوفت بوعدها ، لقد استمرت بمراوغة الرجل قبل ان يقتلها حتى افقدها اثنين من اصابعها ، كانت فقط في السادسة عشر حينا ، وكنت انا في العاشرة .
حينها ثُقب رأس الرجل برصاصة ، لأركض بدون النظر ورائي .
لقد اُنقِذت ، لكن بعد فوات الأوان .
فتحت عيناي مجددا .. رفضت الاستسلام للشعور الثقيل حولي .. رأيت ايماءات وابتسامات .. ماذا يحدث !
"سيباستيان .. كيف تشعر ؟"
قال ليون ، لاومئ له اني بخير فيبتسم وهو يطلب مني ان اكون قوياً .. حاولت رفع ذراعي الايسر لألمسه .. لكنه كان غير موجود !
نظرت نحو ذراعي بفزع ، ولقد كان هناك .. لكنني لا اشعر به ، حاولت لمس ذراعي ولم أشعر ، لهذا نظرت نحو ليون بضعف .
حاولت قرص ذراعي مجدداً ومجدداً ، حتى امسك ليون بيدي وهو يقول "توقف ، ستؤذي نفسك ."
نادى أخيه الاكبر ، ليدخل دومينيك وهو يرتدي معطفه الابيض .. لم يتحدث معي ، بل اقترب من ليون وهو يسأله ما ان كان بخير ، ربت عليه بخفة وطلب منه الجلوس لكي لا يرهق نفسه .
كان ينظر له بتلك النظرة ، وكأنه يستطيع حمايته من العالم بأكمله .. تماماً كما كانت سيسيل تنظر نحوي .
"سيد فان داين ، أتريد مني شرح حالتك الآن ؟ ام نؤجل هذا لوقت آخر ؟"
سألني دومينيك ، وطلبت منه ان يشرحها الآن .. اخبرني انني وليون تضرر ذراعينا بشكل عظيم ، لكن الضرر كان اسوأ بكثير بالنسبة لي ، لهذا يبقونه مخدراً .. لكي لا يقتلني الألم .
"يمكنك ضغط هذا الزر لطلب شخص لمساعدتك مع اي شيء ، اعطِ نفسك الوقت وستتعافى ، إذا شعرت ان هناك اي شيء يضايقك او لا تفهمه بإمكانك سؤالي ."
انهى جملته لتدخل خلفه فتاة صهباء ، نظرت نحوي .. كانت ترتدي زياً ازرق بالكامل ، وسألتني "كيف حالك سيباستيان ؟
نظر دومينيك نحوها باستغراب : هل تعرفينه غابرييلا ؟
"ليس فعلاً ، انه فقط معي في المدرسة ."
غابرييلا غابرييلا غابرييلا .. اوه صحيح !! غابرييلا راين .. فتاة المسبح !
طلب من غابرييلا ان تحضر لي بعض الماء ، على الارجح انها متطوعة هنا ، وابتسمت لها عندما ناولتني الماء ونظرت نحوي بحزن .
فجأة انفجر ليون في نوبة ضحك هستيرية ، اللعنة ، لقد لاحظ انني احاول مغازلتها ! انه يعرفني اكثر من نفسي .
***
Dominic's POV
دخلت إلى المنزل اخيراً وليون يسبقني ، يومٌ مرهق ، وكان علي البقاء مع ليون لأنه اراد البقاء مع فان داين قليلاً، ثم تشاجر مع نايثان لسبب لا اعرفه .
صفر هاتفي لارفعه واجد رسالة .
المرسل : جينا ريدرفيرن
الرسالة : دومينيك .. سآخذ ماثيو إلى استراليا لبضعة اسابيع .. هل يمكنك المجيء الى منزلي والاعتناء بكايد ؟
كررت قراءة الرسالة بضعة مرات وتأكدت من اسم المرسل ، في الواقع اجل ، هذا كان طلباً احبذ الموافقة عليه .. لكن اليس غريباً ان تطلب جارتي التي بالكاد تعرفني ان اجالس اخيها ذو العشرين عاماً ؟
" لا امانع أبدا .. في الواقع سأحب هذا"
اجبتها ثم ناديت ليون الذي يتجه لأعلى : ليو .. سنفك الجبيرة بعد اسبوعين .. لا تنس ان تتناول دوائك في الخامسة عصرا كل يوم .. وسنذهب الى منزل جيراننا لأن كايدن سيبقى وحده في النزل ويحتاج الى من يعتني به .. حسنا ؟
"حسنا .."
نظر الى الاريكة بحاجبين معقودين .. اوه .. لقد لاحظ ان المكان قذر الآن .
اقترب وامسك بالسيجارة البيضاء : ما هذا ؟
" ماريجوانا ."
الكذب عليه لن يكون مفيدا .. فبقدر ما هو ابله .. الا انه يمتلك كاشفا للكذب بداخله .
"من الواضح انها ماريجوانا .. وماذا تفعل الماريجوانا في المنزل ؟"
"تلعب الغميضه !! ماذا تظن !! لقد كنت ادخنها ."
"وأنا من لا يستطيع المحافظة على نفسه بأمان ؟ اترك لاسبوع فتدخن الماريجوانا وتغرق المنزل بقيئك ؟"
"هذا لا يزال افضل من ان اقود بسرعة مئتي كيلو متر في الساعة على طريق قديم محطم ."
نظر نحوي بحنق وعقد ذراعيه لأرفع يداي باستسلام "حسناً ، انا آسف ، فقط اذهب واحصل على بعض الراحة ."
اومأ لي وصعد للأعلى .. ليون الذي اعرفه لم يكن سيتركني قبل ان اقسم له مئة مره ويضعني تحت المراقبة لشهر او اثنين !!
"مهلاً ، عد إلى هنا ."
قلت له لينزل السلم مجدداً وهو يزفر ، نظر نحوي ، ولم يستمر لخمسة دقائق قبل ان تمتلئ عيناه بالدموع .
"مهلاً هناك ، اهدأ ، ما المشكلة ؟"
قلت له وانا اسحبه بين ذراعاي واربت على شعره الاشقر ، ليدفن رأسه في كتفي بهدوء وهو يستنشق من انفه بقوة .
استمر بالبكاء وشعرت بالبلل على ملابسي ، وتركته حتى هدأ تماماً ثم رفعت وجهه المحمر عني "ما المشكلة ليو ؟"
لم يجبني ورفع كتفيه بعدم اهتمام ، لأمرر يدي على خده واقول "مهما كان الأمر ، يمكنك اخباري وسأساعدك ، كل شيء يمكن حله .. ما المشكلة ؟"
لقد كنت فزعاً بعض الشيء ، لأن ليون ليس بالشخص كثير البكاء ، ان بكى فهذا يعني ان هناك مشكلة كبيرة فعلاً !
اجلسته على الكرسي وجلست على طاولة القهوة مقابلاً له ، اعطيته وقته قبل ان يأخذ نفساً عميقاً ويقول "نايثان خانني ، ثم صفعني ."
قال وهو يشير لخده ، وانتبهت لأنه متورد بعض الشيء اكثر من الخد الآخر .. سأقتله .
سأقتل ابن العاهرة واعلق احشاءه على باب شقته الوضيعة .
"كيف عرفت ؟"
"لقد اخبرني ، لقد كانت ليلة مع شخص لا يعرفه من حانة ما ، كان مضغوطاً وثملاً ."
"هل تريد مني ان احطم عظامه هو وذاك الشخص الآخر ؟"
"كيف ستجد الشخص الآخر ؟"
سأل بابتسامة خفيفة لأقول له "لا تراهن ، سأجده .. هل تريد مني ان افعل هذا ؟"
"لا ، بالطبع لا ! هذا لن يحل اي شيء ."
"هل تريد حل الامور معه ؟ ان كنت تريد هذا ، فأنا واثق انها كانت مجرد غلطة ، إنه فعلاً يحبك .. وان اردت تركه ، فأنت افضل من اللازم له على اي حال ."
ابتسم عندما قلت هذا ثم تمتم "انا طفل احمق يفسد كل شيء ويضع على الجميع ضغطاً فوق طاقته ، ألا تتمنى فقط لو اختفي ؟"
"أنا اعيش لأجلك ، أيها الطفل الاحمق .. لذا لا ، أنا لا اتمنى ان تختفي ."
قلت له ليبتسم ببطء ثم ابعثر شعره واقول "لا تقلق ، كل شيء سيكون بخير ، وانا هنا دائماً لك .. والآن اذهب للنوم ."
***
Kaiden's POV
" كايد ، انا ومات سنسافر لرؤية تشارلز، دومينيك سيأتي الى هنا ليعتني بك ."
"كم ستبقون هناك ؟؟"
"حوالي شهر ،ربما اكثر او اقل، لا اعلم"
"احضري لي زجاجتي فودكا وزجاجة شمبانيا وبعض الويسكي، وايضا لقد انتهت القهوة هنا .. احضري لي بعضها ،واريد غلاية جديدة ، غلايتي لا تعمل جيداً، شكرا جيني "
"كايد، الا تظن ان كمية الكحول كثيرة قليلاً ؟"
" لا تنسي تجديد اشتراك الانترنت، سوف ينتهي الاشتراك غداً ."
"كما تريد ، وداعاً "
أغلقت الهاتف ونظرت الى كوب القهوة الاخير، ارتشفت القليل منه .. في المساء قهوة، وفي الصباح كحول، وستصبح الحياة نعيما !
نظرت الى النافذة المقابلة لغرفتي، هو لم يعد منذ ان خرج كالمختل في ذلك اليوم .
فاجأتني رؤيته يدخل مجددا ومعه الفتى ذو الشعر الذهبي الغامق -اخيه على ما أظن- لماذا عادا الآن ؟! ظننتهما انتقلا او شيء كهذا .. ولماذا هناك جبيرة على ذراع اخيه ؟! ولماذا انظر اصلاً!
أغلقت النافذة وعدت للجلوس على السرير والاستماع للموسيقى مع القهوة، والشوكولاته الداكنة .. أشعر انني في الجنه !
***
Sebastian's POV
نظرت الى الندب الفظيع في أعلى ذراعي الأيسر .. هذا سيحتاج الى مجموعة من عمليات التجميل ليعود كما كان .
"ايها الأحمق .. كيف حال ذراعك"
ارسل ليون لأجيبه "بخير .. فقط ندب مريع"
ورسالة اخرى من رقم لا اعرفه !
"سيباستيان ، هذا نايثان ، حاول جعل ليون يتحدث معي رجاءً ."
"مرحبا نايثان، كيف حصلت على رقمي ؟"
" من هاتف ليون ، اطلب من ليون ان يتصل بي ، او يقابلني في اي مكان لنتحدث ."
"حسنا ، سأفعل ."
غريب ، نايثان يطلب مني ان اتدخل بينه وبين ليون ، ظننتهما مثاليان معاً !.
صورت محادثتي معه وارسلت الصورة الى ليون ، انتظرت رسالة منه ، لكن بدلاً منها انطلقت رنة مرتفعة من هاتفي .
"إذا ؟؟"
"اخبره انك طلبت مني ان احدثه وانني رفضت ."
"اوه ، هذا سيء.. ماذا حدث لكما ؟؟ لقد رأيتكما صباح اليوم وكنتما بخير ."
"لقد تشاجرنا ، كيف يبدو الندب ؟"
"فظيع .. لماذا تشاجرتما ؟"
"لأنني إن تحدثت معه في هذه الفترة تحديداً سأنفصل عنه ، ماذا ستفعل بشأن الندب ؟"
"لا اعلم ، عمليات تجميلية او وشم تجميلي ، لماذا قررت هذا فجأه !! لا يمكنك ان تكرهه بهذه السرعة ، عيناك كانتا تخرجان قلوباً صباح اليوم ."
"ليس اكرهه اكرهه ، فقط احتاج بعض الوقت ، ارسل صورة لذراعك ."
"سترى ذراعي الواقع ، حاول تخطي هذه الفترة سريعاً ، انت ممل عندما تكون بعيداً عنه ."
"كن صديقاً جيداً وتوقف عن التحدث عنه ."
"انا فقط اخبرك بالواقع ، لقد حصلت على اجازة لمدة شهر من المدرسة ، كيف سنقضي هذا الشهر؟."
"لن آخذ اجازة ، لدي تدريبات كرة قدم ."
"كيف ستتدرب وذراعك شبه محطم.!"
سألته مستغرباً ، ليزفر بانزعاج وكأنه يأس مني ثم يقول "لهذا تسمى (كرة القدم)، لأنها لا تحتاج الى ذراع !"
"اوه ، هذا مقنع ."
"كوابيس سعيدة ."
"ولك ايضاً ."
_____________________________________________________________________
Xoxo