فَرَّق جِفنيه بخُمولٍ شَديد.
شَعَر بالشَلَل بأطرافِه و عَدَم القُدرة عَلي مُبارَحة مَضجَعِه.
صُداعٌ إجتاح رأسَه ليُمسِك رأسَه عاقِداً حاجبيه لهذا الألَم.
قَلبُه خَفَق ضِد صِدرِه بشِدَّة موسِعاً عينيه حين تَذَّكَر ذاك المَشهَد ما قَبل إغلاق عَينيه.
بلَحظةٍ كان هو المُنتَصِر بتبادُل طَلَقات الرُصاص.
و باللَحظة الأُخري سَقَط أرضاً مِن رُصاصتين إختَرَقَتا رأسَه .
أكان هَذا حُلماً؟
تَحَرَّك مِن مَكانِه بصُعوبة ليري ذاتَه بمَكانٍ غَير مألوف، فَزَع خارِجاً مِن تِلك الغُرفة بأسرَع ما لَديه، ماذا ان كان يأسِره العَدو؟
لَكِن...
ما قابَله حين خُرُوجِه هو صالةٌ عَريضة بينَما يتجَمَّع ما بدو لَه كعائلةٍ واحِدة للإفطار .
{ تايهيونغ، ما بِك؟ }
عَقَد حاجِبيه عِندَما وجَد شَخصاً لا يعرِفه يوجِه الحَديث إليه.
{ تايهيونع مَن؟
و مَن أنتَ اصلاً يا هذا؟ }
هو إحتاج لتَفسيرٍ لَكِنَّه لَم يهتَم كَثيراً ، فقَد بَدأ يتَجِّه صوب الباب الرئيسي للخُروج مِن هذا المَكان بأسرَع وقت مُتجاهِلاً صَدمة جَميع مَن عَلي المائدة.
{ تايهيونغ إنتَظِر! }
شابٌ بُنِّي الشَعر طَويل البِنية مِن مَن كانوا يتَّخِذون المائدة مَجلِساً قَد إستَقام يُلاحِق خُطوات الآخَر.
{ تايهيونغ، ماذا دَهاك؟
أنتَ تَتصَرَّف بغَرابة! }
عقَد الآخَر حاجبيه و بَدأ يغضَب بالفِعل.
{ توقَف عَن مُناداتي بهَذا الإسم
أنا لَستُ تايهيونغ
أُدعي جونغكوك و يجِب عَليّ الذَهاب لعائلَتي! }
زَمجَر بوجه الآخَر بينَما عاوَد الذَهاب لطَريقِه، لَكِن
إستوقَفه الآخر مَرَّة أُخري بشَدِّه عَلي كَتِفيه.
{ هـل فَقَدت عَقلَك أخيراً؟!
نَحنُ عائلَـتُك! }
دَفَع أيدي الآخَر عَن كَتفيه بغَضَب ليرحَل مِن الصالة باحِثاً عَن الباب بهَذا المَنزّل الواسِع.
وصَل لَه أخيراً ليبتَسِم خارِجاً مِن هذا المَكان المَجنون بالنِسبة إليه .
جَعَّد ما بين حاجبيه و نَظَر حولَه بغَرابة حين رأي عَشرات المَنازِل مُصطَفة بجانِب بَعضَها.
شوارِع مُزدَحِمة بالعربات و السيارات.
و مَتاجِرٌ هُنا و هُناك.
طِفلٌ صَغير يقِف وسَط الشارِع يبيع الجَرائد.
هو ليس بالريف حيث يقبُع مَنزِله.
هو لا يعلَم أين هو و ما الذي يجري حولُه.
إقتَرَب مِن الطِفل الصَغير ليسألَه عَن ضالَته.
{ يا فَتي، أتَعلَم ما تاريخ اليوم؟ }
أومأ لَه الصَغير .
{ انه الحادي عَشَر مِن نوڤَمبِر ١٩١٨ }
وسَّع عيناه بذُهول.
فيوم إصابَتِه كان الأول مِن نوڤَمبِر!
{ هَل لَديك صَحيفة الأول مِن نوڤَمبِر؟ }
أومأ لَه الطِفل بالنَفي.
{ يُمكِنُك إيجادها بمَكتَب البَريد، هُم يحتَفِظون بها هُناك لفَترة قـبل أن يتخَلَّصو مِنها نِهاية الشَهر }
خاب أمَلُه ليفَكِّر قَليلاً ثُم ينظُر مَرَّة أُخري للطِفل.
{ هَل تَعلَم ماذا يحدُث مَع الجُنود هُناك؟ هَل نَحنُ نـنتَصِر؟ ماذا عَن الوفيات؟ }
عَقَد الطِف حاجبيه.
{ سيدي ألَم تَقرأ صَحيفة اليوم؟
اليوم عُقِدَت هُدنة مَع ألمانيا لإنهاء الحَرب }
هُدنة؟
بَعد كُل هذا الهُراء؟
بالطَبع الهُدنة حَلٌ أفضَل مِن إراقة المَزيد مِن الدِماء، لَكِن
لِما الحَرب مُنذ البِداية؟
هو إطمأن، عَلي الأقَل لـن يضطَر أن يخسَر المَزيد مِن أعِزائه.
{ أتعلَم ما الوفيات في الأحَد عَشـر يوماً الماضيين؟ }
رَفَع الصَغير كَتفيه دَلالةً عَلي عَدَم عِلمِه.
شَكر الطِفل علي إعطائه بَعضاً مِن وقتِه ليشرُد مَرَّة أُخري في حالِه.
كيف إنتَهي بِه الأمر غائباً عَن الوعي حَتي إنتِهاء الحَرب؟
إلي جانِب إستيقاظِه في مَكانٍ لا يعرَفِه!
جَزم علي مَعرِفة إجابة، لَكِن
ماذا يفعَل ليعرِفها؟
قَرر أن يذهَب أولاً لمَكتَب البَريد لرؤية جَرائد هؤلاء الأحد عَشَر يوماً ليطمئن علي أصدِقائه.
سأل بَعض المارين عَن مَكانِه ليُجيبوه بإبتِسامة ودودة، إستَغرَب ذلك فعادةً سُكان المُدُن لَيسو ودودن مَعه.
و بَدي بطَريقةٍ ما مِن طَريقة حَديثِهم أنَّهُم يعرِفونَه، لَكِنَّه لَم يُقابِلهُم يوماً!
شَق طَريقَه لمَكتَب البَريد عَبر الأرصِفة الصَخرية إلي أن وصَل لَه أخيراً!
دَلَف عَلي عَجَل ثُم طَلَب الإطلاع عَلي جَريدة الواحِد مِن نوڤَمبِر ليُعطيها لَه المُوظَّف بصَدرٍ رَحِب.
و حينَها تَعَجَّب للمَرَّة الثانية مِن السُلوك الودِّي الغَريب.
دَفَع تِلك الأفكار لمؤخرة رأسِه ثُم جَلَس بمِقعَدٍ جِلدي قَريب ليطَّلِع عَلي وفيات ذاك اليوم.
اطمأن حين لَم يجِد أحدٌ يعرِفه حَتي وصَل للإسم الأخير علي القائمة.
' جونغكوك جيون '
جحَظَت عَينيه كأنَّهُما ستَخرُجان مِن مِحجريهِما.
و تُروس عَقلِه كانَت توقَفَت عَن العَمَل تَماماُ.
الدَهشة؟
هَذه الكَلِمة بِلا شـك ضَعيفةٌ لوصف ما يشعُر بِه.
مَصدومٌ هو ناسياً أن يرمِش أو حـتي أن يتَنَفَّس.
الحياة توقَفَت هُنا.
كأن الزَمَن قَد توقَف و الأصوات حَولَه قَد هَدأت.
نَظَر حولَه يُحاول إيجاد أي تَفسيرٍ مَنطِقي لِما يحدُث.
رَفَع أنامِله لرَأسه يتحسسها لَكِنها كانَت سَليمة، و كُل إنشٍ بجَسَدِه سَليم .
مَلايين الأسئلة و ما مِن مُجيب!
و أهَمَّهُم ما الذي يحدُث حولَه بحَق الجَحيم؟!
و تَجَسَدَت إجابَته في هيئة إنعِكاس جَسَدِه علي زُجاج المَتجَر القَريب.
إقتَرَب مِن الزُجاج بفؤادٍ يقفِز و عَقلٍ يعجَز.
و كذلك قَرُب الإنعِكاس.
رَفَع يدَه مُتلَمِساً الزُجاج.
نَعَم إنَّه إنعِكاسً لجَسـدِه.
لَكِن هذا الجَسَد ليس لَه!
هو رأي شَخصاً غَريباً، هذا ليس هو!
شَعرٌ كَستَنائي عَكس خاصَته الغُرابي، جَسَدٌ أطول و أضعَف مِن خاصَتِه، أعيُن بُندقية عَكس خاصَتِه السَوداء.
بَشرةٌ قَمحية عَكس خاصَتِه الشاحِبة!
{ تايهيونغ!}
ذات الشَخص مِن قَبل يُنادي عَليه.
لَكِن الآخَر سَمعه كان مَكتوماً بالفِعل، فقَد كان كُلياً بعالَمٍ آخَر.
عَقلُه لا يستوعِب ما حولَه.
{ تايهيونغ! لا تَخرُج هَكذا مُجدداً مِن المَنزِل؟! }
وبَّخه ذاك الرَجُل الذي الي الآن لَم يعرِف هويته.
كيف هو مَحبوس بِداخِل جَسَدٍ آخَر؟!
هَذا لَيس مَنطِقياً !
لَقَد شَك للَحظة أنَّه يهلوس.
أين زوجَتُه؟ وطنه الذي يحتَضِنُه؟
أين أطفالُه؟
أين أصدِقاؤه؟
و أين هو أصلاً؟
و ما حال عائلَتِه بَعد خَبَر وفاتِه الذي نُشِر في الصُحُف؟
هو كاد يفقِد عَقلُه!
{ ما الذي يحدُث لي؟ }
سأل و عَقلُه يوشِك علي الإنهيار الرَجُل، فهو الوحيد الموجود ليسأله.
{ تايهيونغ، انت حاولتَ الإنتِحار قَبل أحَد عَشر يوماً
و لَم تَستيقِظ مُنذ حينِها }
◆◇◆◇◆◇◆◇
أنا أُعاني لأصِف ما يحدُث
فقَلَّما ما أكتُب عَن أحداثٍ خيالية ಥ_ಥ
إن وجَدت شيئاً ناقِصاً في السَرد أخبِرني لأُحَسِّنَه ♡
ڤوت + تَعليق لتَحديثٍ أسرَع