اكتفيتُ منكَ عشقًا

By FatmaMohmed890

3.7M 194K 32.1K

رومانسي_أجتماعي_دراما_غموض_تشويق_كوميدي_عائلي الجزء الاول والثاني والثالث معًا (مكتملة) More

مقدمة♥
اقتباس
اقتباس (2)
مواعيد الرواية♥
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
اعتذار
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
اعتذار
نهاية الجزء الأول
ميعاد نزول أولى فصول الجزء التاني❤️
الفصل الأول "الجزء التاني"
الفصل الثاني"الجزء الثاني"
الفصل الثالث"الجزء الثاني"
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
اعتذار❤️
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
هام
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
توضيح❤️
الفصل السادس عشر
اقتباس من الفصل القادم..
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
فضفضة..
الفصل التاسع عشر
نهاية الجزء الثاني
مواعيد الجزء الثالث
اقتباس
"الفصل الأول"
"الفصل الثاني"
"الفصل الثالث"
"الفصل الرابع"
اعتذار
"الفصل الخامس"
عيد سعيد❤️
"الفصل السادس"
"الفصل السابع"
"الفصل الثامن"
"الفصل التاسع"
تنويه🖤
"الفصل العاشر"
"الفصل الحادي عشر"
"الفصل الثاني عشر"
"الفصل الثالث عشر"
اقتباس
"الفصل الرابع عشر"
هام
"الفصل الخامس عشر"
اقتباس
"الفصل السادس عشر"
اعتذار
"الفصل السابع عشر"
"الفصل الثامن عشر"
"الفصل التاسع عشر"
"الفصل العشرون"
"الفصل الواحد والعشرون"
"الفصل الثاني والعشرون"
"الفصل الرابع والعشرون"
عيد سعيد💫💜
"الفصل الخامس والعشرون"
اعتذار
الفصل الجديد
الفصل الأخير
مناقشة
الخاتمة"جزء أول"
تأجيل💜
الخاتمة "جزء ثاني"
هاااام
مساء الخير❤️

"الفصل الثالث والعشرون"

35.2K 2.3K 428
By FatmaMohmed890

اكتفيتُ منكَ عشقًا.
(الجزء الثالث).
بقلمي فاطمة محمد.
الفصل الثالث والعشرون:

'تقولين لي أنك تخافين الحب، لماذا تخافينه يا صغيرتي ؟ أتخافين مجيء الربيع ؟! '
- جبران خليل جبران.

___________

إتبعها بسام راكضًا للخارج عقب انتهائه من كلماته التي صدمته أولًا قبل أن تصدم آدم..مدركًا حينها سبب غيرته وعدم تحمله لرؤيتها تُحدث أو تتحدث مع رجلًا آخر...آخر قد يهيم بها وتهيم به….نفض كل تلك الأفكار من رأسه بالوقت الحالي و وضع جام تركيزه بالبحث عنها...من المؤكد أنها لم تبتعد كثيرًا…
وبأنفاس لاهثة توقف كي يلتقط أنفاسه المتسارعة...فعيناه لم تلتقطها حتى الآن…
جالت عيناه بتركيز محاولًا إيجادها بذلك الزحام المتواجد بالطُرقات…
ثم قام بدس يده بجيب بنطاله وقام بأخراج منديلًا ورقيًا ماسحًا به ذلك العرق الذي تصبب من جبينه أثر ركضه….

وبتلك اللحظة تحديدًا رآها تخرج من إحدى المطاعم التي تُحضر الوجبات السريعة والخالية من الزبائن بعض الشيء...وتقضم من شطيرة قابعة بين يداها...ويليح على قسماتها الذي بات عاشقًا لها الجوى والأسى…

لم ينتظر أكثر خاصة عندما وجدها بدأت بالتحرك والغياب عن مرأى بصره…
ركض من جديد...حتى أصبح خلفها فقام بمناداتها بخفقات مضطربة وأنفاس عالية:
-مريم…

التفتت له متعرفة على صوته المميز بسهولة...رامقة إياه بأعين قد غاب عنها الحزن...وحل مكانها الغضب..وربما الغيظ الكبير..من إهانته لها وطردها…

عاقدة ما بين حاجبيها قائلة وهى تمضغ الطعام بين اسنانها بغل:
-مريم في عينك...اسمي ميجيش تاني على لسانك اللي لسة طردني ده..وبعدين جاي ورايا ليه ها..جاي تكمل ته

قاطعها وهو يتقدم خطوة وبسمة محبة تعتري ثغره متمتم:
-جاي عشان تيجي معايا...أنتِ مش هتمشي قبل ما تسمعي اللي عندي وسبب اللي عملته من شوية…

لم تبالي بمن حولهم ونطقت بطريقة هزلية وهى تلوح بيديها بالهواء:
-سبب اللي عملته...انا بصراحة مش شايفة سبب للي عملته غير انك مفتري..عشان محصلش حاجة يعني لما اتاخرت شوية غصب عني...و

قاطعها للمرة الثانية مغمغم بنبرة هادئة كي لا يلتفت إليهم الناس أكثر:
-طيب ممكن تبطلي رغي وتيجي معايا عشان افهمك…

طالعته لثوانِ ثم قامت بتقريب الشطيرة التي جاءت بها إلى فمها وقامت بقضم قطعة كبيرة كي تصب بها حنقها وغيظها منه...ثم سارت معه منصاعة له كي تنصت لمبرراته التي لن تغفر له ما فعله معها…

وبعد مضي بضعة دقائق معدودة كانت تقبع على المقعد المجاور له في سيارته...بعدما حثها على استقلالها كي تسنح لهم فرصة الحديث بهدوء تام….

بدأ بسام بالحديث والغضب الجامح يعود له ملقيًا سؤاله عليها:
-أنا هسألك سؤال واحد بس وعايز إجابة صريحة...لو عندك بنت تقبلي أنها لما تدخل جامعة تخرج مع شباب….هتقبلي انها تخرج مع حد مش عارفة نيته ناحيتها ولا غرضه...اصله لو نيته وحشة ناحيتها اكيد مش هيبين ده..وهيبقى في الأول الملاك اللي بجناحين…

ضيقت عيناها وقالت بأنفعال:
-انت عايز توصل لـ إيه ؟!!!!

رد بشيء من العصبية واللاوعي:
-عايز اوصل أن خروجك مع آدم غلط..ومش بس آدم خروجك مع أي شاب غلط...ومينفعش..

ارتفع حاجبها الأيسر وقالت بأعين تجوب بالسيارة ثم عليه تحديدًا:
-بجد والله...ومدام غلط انا بعمل ايه هنا معاك...ها..

استنكر ما تقوله وقال بأعين تشع شرار:
-أنا مش قاعد معاكي بتفسح...انا بتكلم معاكي..بعرفك غلطك.. إبراهيم اخوكي لو عرف يا ترى هيبقى رد فعله إيه ها..

-أنت بتهددني يعني ولا إيه..وبعدين مين اداك الحق انك تكلم...انا اديتك الحق ده !؟؟
انا مش عيلة صغيرة وعارفة كويس اووي انا بعمل ايه…

هنا ولم يتحمل وانفجر بها كالقنبلة الموقوتة:
-تصدقي صدقتك استني لما اسقفلك اصلك اقنعتيني…هايل يا فنانة.

صمت ثانية واحدة مبتلعًا بها ريقه ثم أضاف بذات النبرة والأعين المخيفة:
-ده بأمارة الشيشة مش كدة..وبعدين بتقولي مين اداك الحق اني اكلم...تحبي اقولك بكلم ليه وبأي صفة…

اماءت له بتحدي وهى تعقد ساعديها امام صدرها:
-اه احب اعرف يمكن تطلع أخويا وانا معرفش….

ازدادت عيناه قسوة وحدة واعترف لسانه بما يجيش بصدره من عشق وصبابة:
-لا وأنتِ الصادقة بحبك….بحب واحدة مبتحسش لسانها سابقها..او مفيهاش غير لسان...انا مش عارف ايه اللي وقعني الوقعة المهببة دي منك لله يا أيهم...

برقت عيناها وظهرت البلاهة تدريجيًا على وجهها...وأعرض لسانها عن الحديث …
فعاد يحملق بها فوجد إمارات الصدمة وعدم التصديق تأخذ مسارها على وجهها…

مرر يده على ذقنه وهتف كأنه لا يبالي بصدمتها:
-أنا لازم اكلم جدي..وافاتحه...أنتِ السكوت عليكي مش صح…

هنا وقالت مزدردة ريقها:
-انت بتقول إيه..بتحب مين وتجوز مين..بتحبني انا وتجوزني أنا…

-اومال خيالك…

رددها بسخرية عقبت عليها بنفي و رفض:
-لا لا لا مستحيل...انا مش موافقة..مش عايزاك اصلا…

مال بوجهه عليها وقال بتصميم وإصرار عاشق اتخذ قراره بتمضية ما تبقى بحياته رفقة سالبة عقله و وجدانه:
-وانا مخدتش رأيك...انا عرفتك اللي هيحصل…..

******

اقتحمت ليلى غرفة ميرنا فوجدتها تغط في نوم عميق فلم تراها عند عودتها من المدرسة فقد ذهبت لغرفتها ودخلت في ذلك السبات بعد يوم طويل ويكاد يكون مملًا بالنسبة لها…

عقدت ساعديها وهى تتلفظ اسمها بأسلوب حاد :
-ميرنا...ميرنا..قومي عشان نتكلم..

تململت في نومها مجيبة إياها بصوت ناعس:
-سبيني يا ماما الله يخليكي عايزة أنام...

-بقولك قومي وقوليلي ايه اللي ركبك مع آدم...ده يطيق العما ولا يطيقك..

ردت الصغيرة بعفوية:
-أنا معرفتش اقوله لا..و

قاطعتها ليلى بحدة وحسم:
-اللي حصل ده مش هيكرر تاني....لو حصل ايه متركبيش معاه مفهوم ؟

وافقتها الصغيرة متمتمة:
-حاضر..

******

وصل إياس إلى المنزل بعدما نجحت مهرة بالوصول إليه و أخباره بتواجدها بمنزل والده تقى ورغبتها بمجيئه…
فأستجاب لها ولم يستطع الرفض..والآن يقف أمام باب المنزل...أخذ نفسًا طويلًا قبل أن يرفع يديه ويطرق على الباب..محاولًا أخفاء ضعفه..وكسرته بغيابها...أو هجرانها له...مثلما يظن!

انفرج الباب وظهرت مهرة أمامه..مشيرة له برأسها تحثه على الدخول..
-تعال يا إياس..

كبح عاطفته ومشاعره وخطى للداخل…
سار عدة خطوات...ثم توقف فجأة كالصنم...يراها تقبع على الأريكة التي تتوسط الصالون... تطالعه بأعين منتفخة.. حمراء…
لم يستوعب عقله أو قلبه ما يراه...ظن أنه يتخيلها امامه أو يتوهم وجودها من شدة اشتياقه لها…

لكن ما جعله يتقن بأنها حقيقة وتجلس أمامه حقًا هى كلمات مهرة التي قالتها قبل أن تغادر وتتركهم بمفردهم بعدما أوصت نادية والدة تقى بالمكوث في غرفتها كي تتركهم يتحدثون ويتعاتبون مثلما يشاءون..

-إياس انا همشي وتقى هتحكيلك على كل حاجة...

انتهت مفارقة المنزل...فلم يحاول منعها..
كانت عيناه ترتكز على قسماتها التي اشتاقها حد الجحيم...لاعنًا ذاته..وقلبه الذي يزال يحن إليها…
اخفض بصره فوقع على جوفها المنتفخ...تسارعت دقاته بطريقة مريبة..وعاد ينظر لوجهها من جديد والصدمة تعتريه كليًا…

هنا ونهضت من مكانها...وتقدمت منه..أراد ضمها...وانهاء ذلك الشوق..لكن مهلًا عليه أن يفقه ما الذي يدور ويحدث من حوله..
كيف تحمل ابنهم ؟؟؟
ولماذا هربت وتركته !!
وما تلك الرسالة النصية التي قامت بإرسالها إليه؟؟؟
حقًا سيحدث له شيء من شدة التفكير…
خرج صوته متسائلًا يحمل من العتاب ما يكفي:
-أنتِ إزاي...إزاي..

قاطعته بصوت مكتوم مرتجف كي تجيبه على كافة اسئلته الذي لم يطرحها بعد:
-أنا عارفة انت هتقول إيه...وهتسأل على إيه...بس قبل اي حاجة عايزاك تعرف أن اللي حصل مكنش بإرادتي...كان غصب عني...كل اللي حصل بسبب أميرة...اللي أنت حذرتني منها وانا مصدقتكش...انا خرجت معاها من وراك اليوم اللي اختفيت فيه...وقتها قولتها أنا شكة اني حامل يا أميرة...فأقترحت عليا..اننا نروح عندها البيت ونجيب اختبار حمل ونشوف اذا كان في حمل ولا لا...روحت معاها وطلع فيه حمل..اتجننت... وهاجت..وكانت عايزة تموتني...وتموت ابني…

صمتت ثوانِ تتابع تعابيره التي تبدلت لاخرى مصدومة...متألمة...فقد ظلمها..وظن بها الكثير والكثير..

تابعت تقى بعدما استجمعت شتاتها لكنها لم تستطع منع دموعها من السيل على وجنتيها:
-اترجيتها عشان متعملهاش وتسبني لحد ما اولد..وهى وافقت..وكانت هتقتلني بعدها وهترمي ابننا في ملجأ..

هنا وهدمت كافة قواها وانفجرت به وهى تسدد له لكمات متتالية في صدره..صارخة بتلك الكلمات:
-اللي أنت حبيتها من بعدي...كانت حبساني في اوضة بين أربع حيطان...اللي أنت حبيتها هى اللي خدت مني تليفوني وبعتتلك الرسالة...وكل اللي حصل ده بسببها...أنت كنت مبسوط ومقضيها مع غيري...وانا محبوسة ومقهورة…

مسحت عبراتها بأطراف ملابسها ثم تابعت بقلة حيلة:
-مقهورة على مصير ابني اللي مش عرفاه… انا يمكن فعلا كنت حبة المستوى اللي انت عايش فيه..وطمحت اني اتجوزك عشان اغير حياتي وحياة أمي...بس اكتشفت في الفترة دي أن مفيش اي حاجة تفرق معايا غيرك...بس انا طلعت مفرقش معاك يا إياس…

كان يبكي...عبراته تتسابق على وجهه... وصوته لا يخرج...يتخيل كل ما حدث معها بسبب تلك الفتاة الذي كان يقضي معها اوقاتًا عله ينساها بها...وتهون عليه ألم الفراق…

هنا وجاء دوره عقب انتهائها ومطالعتها إياه بنظرات جعلته يتمنى الموت ولا يراها بعيناها….

تحدث بصوت باكي...موضحًا لها ومدافعًا عن عشقه تجاهها:
-مكنتش أعرف..وميجيش في بالي اصلا انها توصل معاها لكدة..انا دورت عليكي كتير يا تقى..ومكنتش بلاقيكي..كنت هتجنن..كنت بموت كل يوم وانا بقرأ في رسالتك..وبفتكر انك مع واحد غيري... انا محبتش ولا هحب غيرك...انا كنت بحاول انساكي...بس حتى نسيانك مقدرتش عليه…انا مكنتش عايزك تكلميها عشان سبق وصارحتني وكانت بتحاول تقرب مني...بس انا كنت بصدها..عشان بحبك أنتِ...بحبك ومحبتش غيرك...كنت بحاول انساكي بيها...

انتهى مندفعًا تجاهها...ضاممًا إياها لاحضانه..
ذراعيه تحاوطها..يشدد على جسدها كي يقنع نفسه انها باتت معه وبخير...هى لم تخونه يومًا …
دفن وجهه بعنقها واغمض عيناه..والغريب انها لم ترفض اقترابه..رغم رغبتها بذلك مستشعرة خيانته...لكنها لم تستطع ابعاده..بل بادلته ذلك العناق...والأشتياق..واللوع الذي كاد أن يقتله….

متمتم بذات النبرة الباكية:
-أنا آسف يا تقى آسف يا عيوني….

كانت هى الأخرى تبكي...فلم يخرجها وظل يربت على ظهرها ويزيد من ضمها إليه...فبتلك الطريقة قد عادت له نفسه وحياته.

وبعد لحظات اخرجها من أحضانه وجثى أمامها يناظر جوفها الكبير... وعيناه تلمع بالدموع والحب والحنان الدفين..رفع كف يده وقام بتمريرها بحنو عليها...لا يصدق حتى الآن أنه سيرزق بجنين منها…


******

في المساء..

اقترب مروان من أذن علياء وقال بهمس تحت انظار والدته وسامية وكوثر الجالسون على الأريكة المقابلة لهم بحجرة الصالون:
-بقولك ايه هو أحنا يعني مش المفروض عرسان...

ابتسمت له بسمة صفراء ثم ردت:
-بيقولوا...

-طب ومدام بيقولوا خلينا نطلع اوضتنا بقى..ده حتى شكلي بقى وحش قدامهم..لا وحش ده إيه ده بقى زي الزفت...قال وانا اللي كنت مقطع السمكة وديلها...ده حتى الديل معاكي مش عارف امسكه..

تأففت ثم علقت بخفوت:
-لا مش هطلع الاوضة غير على النوم ريح نفسك...

على الجانب الآخر..

ضيقت كوثر عيناها عندما لاحظت ملامح هناء التي تبدلت وكأنها على وشك التقيؤ..

-مالك يا هناء..

كبحت هناء تلك الرغبة في إفراغ ما بجوفها واجابتها وهى تنهض كي تصعد لغرفتها محاولة ابتلاع ريقها عدة مرات:
-مش عارفة معدتي قلبت مرة واحدة...

هنا وهتفت سامية مازحة:
-اوعي تكوني حامل..

ضرب مروان على وجهه وصاح بصوت عالي فاضحًا ذاته مما أثار ضحكات روفان وسليم ورحمة وأيهم عليه:
-يا مصيبتي السودة ياني ياما ابويا شكله عملها قبلي...

انتهى ناهضًا مقتربًا من والدته التي قالت بعدم فهم:
-هى ايه دي اللي ابوك عملها قبلك...

تجاهل سؤالها وقال مشيرًا تجاه بطنها:
-بقولك إيه..لو في عيل في الطريق بلاش..انا مش ناقص فضايح..عايزين تجيبوا عيال وانتوا في السن ده ما تحترموا نفسكم بقى...انا مش موافق عليه..العيل ده لازم ينزل...

هنا ورفعت هناء يديها ضاربة إياه على وجهه بأسلوب مرح مرددة بتعب طفيف:
-ابعد عني يا واد أنت..وعيل مين اللي ينزل امشي من وشي...انا هطلع اريح شوية..

انتهت صاعدة غرفتها فرمق سليم أيهم وصاح مقترحًا:
-بقولكم ايه ما تيجوا نخرج ناكل في أي مطعم...

استحسنت روفان الفكرة وصاحت موافقة:
-فكرة تجنن ايه رايكم..

كادت رحمة أن توافق لولا تحدث أيهم اولا مردد:
-لا أنا مش عايز..وبعدين انتوا ناسين رجل رحمة..المفروض متضغطش عليها...

جزت رحمة على أسنانها ولم ترغب بالرد عليه أمامهم مؤكدة كلماته:
-ايوة أصلها بتشد عليا.

أما مروان وعلياء فوافقوا ونهضوا كي يتجهزوا لذلك العشاء....


******

فى ذات الوقت بغرفة المكتب…

يجلس صابر خلف المكتب بينما تجلس بالمقعد المقابل له ابنته خديجة..يرمقان كلا من بسام وآدم الواقفان قبالتهم بعدما قص عليهم بسام ما حدث اليوم وخروجه مع مريم…

حافظ صابر على ملامحه رغم رغبته في الضحك عاليًا...مردد بخبث وهو يثبت بصره على بسام:
-طب وفين المشكلة لما يخرج شوية..هى الجامعة هطير ولا هطير..وبعدين عايز تفهمني انك خايف على مستقبله ودراسته اكتر منه..طب ده آدم طول عمره اشطر واحد فيكم..هو وأيهم..

لم يتوقع بسام ما قاله..باغته حقًا وجعله يطالعه بعدم تصديق لما يردف به..مبررًا خروج آدم.

اندفع بسام بالحديث وهتف بأنفعال واضح:
-هو ايه اللي فين المشكلة بأي حق يخرج مع البنت...و

هنا وقاطعته خديجة متمتمة:
-إذا كانت البنت موافقة يا بسام انت معصب نفسك ليه؟؟ انا مش فاهمة اصلا فين المشكلة...

اشتعل بسام وتبادل النظرات مع آدم الذي ابتسم بأنتصار...ثم قال بهدوء:
-عن أذنك يا جدي هطلع اذاكر...ومعلش استحملوه اصله ساب سليم ومسك فيا...

تجعد وجه بسام مقلدًا كلماته بخفوت مدركًا ما يلمح إليه…

غادر آدم فلم يبقى سوى بسام وصابر وخديجة..فقال بسام دون أي مقدمات:
-بقولكم ايه انا عايز اتجوز.. اشمعنا سليم وايهم ومروان..ومن قبليهم إياس انا كمان عايز اتجوز...

اختطفت خديجة النظرات لوالدها مدركة للتو سبب غضبه...مخمنة عشقه لشقيقه رحمة....
رد صابر عليه ببساطة:
-طب ما تجوز هو أنا حايشك...

-ما انا هتجوز...و واحدة تعرفوها كويس اوي...

تظاهر صابر بالصدمة وقال:
-نعرفها؟!! ويا ترى مين دي ؟

-مريم..

نطقها بسام بترقب فارتفع حاجبي صابر ونظر لـ ابنته وتلفظ كاذبًا:
-مريم مين...اخت رحمة.. ده انا كنت عايزها لـ آدم...بقولك ايه سيبك من مريم وهشو

قاطعه بسام باندفاع:
-هو ايه اللي سيبك من مريم..مش هسبني منها..انا بحبها..وعايز اتجوزها..

هنا وضحكت خديجة معلقة بمزح:
-لا بقى ده انتوا ناويين تجلطوا كوثر وسامية وهناء...

-ويجلطوا ليه إن شاء الله ما أيهم اتجوز اختها جت عليا ولا انا لما اجي اعملها أبقى بجلطهم..بقولكم ايه هى يا مريم يا مش هتجوز خالص قولتوا إيه...

تصنع صابر قلة الحيلة ورد:
-مدام أنت مصمم عليها يبقى توكلنا على الله..بس مجبش سيرة لحد لغاية بكرة عشان مش قادر اناهد واكيد هيحصل فرح..خلينا بكرة أحسن...

تهللت اسارير بسام وصاح مهللًا:
-وماله انهاردة من بكرة مش فارقة..

ثم دنا من خديجة مقبلًا وجنتيها ثم نال صابر نصيبه مستمعًا لكلمات بسام المرحة:
-يعيش جدي يعيش...


******


داخل إحدى المطاعم تحديدًا على تلك الطاولة العائدة لـ سليم ومروان و زوجاتهم…

كانت ضحكات سليم تصدح عاليًا بينما كانت روفان وعلياء يبتسمان بأتساع..
فـ مروان لا يكف أو يتوقف عن رسم البسمة على وجوههم..أثناء انتظار الطعام الذين قاموا بطلبه…

فصاح مروان الذي يشاركهم الضحكات عاليًا موجهًا حديثه للثلاث:
-اضحكوا اضحكوا...عشان تعرفوا قيمة مروان ده..وتعرفوا اني فرفوش البيت وان لولايا كان زمانكم قاطعين شراينكم يا شوية نكديين…

اختفت بسمة سليم ومال عليه مردد بأسلوب جاد زائف:
-مين دول اللي نكديين ياض…

تصنع مروان ذعره واجابه مشيرًا تجاه علياء التي تجلس جواره:
-نكديين مين بس..انت هتتبلى عليا..انا بقول على اللي جمبي انها بومة ونكدية..مجبتش سيرتك يا حبيب قلبي…

رمقته علياء بنظرة خاطفة ورغم إدراكها لمزاحه وتزييفه للخوف إلا أنها أرادت مشاكسته..اتخذ العبث طريقه على قسماتها..وعادت تحدق به..ثم مالت عليه قليلًا وهمست له:
-والله وطلعت جبان يا مروان..اومال بتفرض عضلاتك قدامي ليه ها..

انصت لها مروان جيدًا وما أن انتهت حتى علق عليها بذات النبرة الهامسة لكن يتخللها بعض المكر:
-طب وأنتِ مالك بعضلاتي..بتبصي عليها ليه..للدرجة دي عجباكي…

ارتفع حاجبيها مما يتفوه به.. مندهشة من تمكنه وقدرته على إبدال الحديث وأخذه بأتجاه آخر...وقح...للغاية…

هزت رأسها وعقبت ببعض الكلمات الوجيزة متمتمة:
-انت احسن حل معاك أني مردش عليك..اصلا المفروض اني مستغربش من ردودك ولا كلامك بعد كدة..واتوقع منك اي حاجة…

إلتوى ثغره ببسمة جانبية ثم علق موافقًا على احرف كلماتها بعدما استرق نظرة تجاه سليم وروفان اللذان يتهامسان ويظهر عليهم العشق:
-برافو عليكي وانا شايف كدة برضو..ولما نروح ونطلع اوضتنا نشوف الموضوع ده ونحله سوا..وحطي تحت سوا دي ميت...لا ميت ايه ده مليون خط تحطيه تحتيها…

انتهى هامسًا لذاته عائدًا النظرة لكلا من سليم و روفان:
-مكدبتش لما قولت والعة معاك...شوف بيبصوا لبعض ازاي…

تناهى همسه لها فلم تصدق ما يفعله فقالت له من بين اسنانها:
-انت إيه يا بني..ما تعتقهم عينك هتجيبهم الأرض…

-هو في حاجة محوقة فيهم…

قالها بأندفاع وتلقائية جذبت سليم و روفان اليه…

غمز سليم له بعيناه اليمنى مردفًا بتساؤل:
-في ايه…

-مفيش خليك في حالك يسطا…وبطل حشرية ومتفكرنيش ناسي الخازوق اللي ادتهوني...

هتف بها تزامنًا مع مجئ الجرسون و وضعه للطعام أمامهم….وما أن انتهى واضعًا أمامهم ما طلبوه من طعامًا حتى ذهب..وشرعوا هما بتناول الطعام..وكلا من علياء وروفان يجتذبان أطراف الحديث...لا يدركون بأن هناك من تتابعهم ونهشت النيران قلبها متذكرة ما فعله معها...والآن يعيش بسلام وسعيدًا وكأنه لم يفعل لها شيء ولم يحطم فؤادها….كما تعرفت على علياء مما صدمها للغاية…

بعد مضي نصف ساعة تقريبًا دنا سليم من أذن روفان هامسًا:
-هو انا قولتلك اني بحبك؟؟

زحف الخجل إلى قسماتها...وطالعته مؤكدة اعترافة بعشقه لها من قبل..فأبتسم لها بسمة سلبتها عقلها وقلبها متمتم بذات الهمس:
-طب زودي عليها اني بحبك فوق الحب حب... وأني هموت ونمشي من هنا..عشان انام في حضنك واشم ريحتك…

عضت على شفتيها من الداخل حياءًا...ونظرت أمامها...فوجدت مروان يردد:
-طب إيه هنبات هنا ولا إيه...خلونا نمشي…ع

ابتلع كلماته...عند رؤيته لها تقف في مواجهة طاولتهم وعيناها ترتكز عليه هو فقط…
مستشعرًا الخوف..والقلق مما تريده...ومجيئها لطاولتهم متسائلًا عن تلك الصدفة التي جعلتها تتواجد بذات المطعم الذي يتواجد به مع حبيبته الأولى والأخيرة…

بينما تعرف عليها كلا من سليم و روفان و علياء…

فهى لم تكن سوى (ريم) تلك الفتاة الذي خانها مروان مع صديقتها...وخذلها...محطمًا وجدانها لعده اشلاءًا...ساخرًا من عشقها له…ملقيًا على اذنيها كلمات مهينة...جارحة..قاسية..لا تعرف الرحمة أو الشفقة...لارتكابها خطأ لا يغتفر أو ينسى فيما مضى….

لم يتحدث أحد فقط توجهت الأبصار تجاه مروان..

أوشك على التحدث وحسهم على المغادرة خوفًا من أن يحدث شيء.

لكن سبقته ريم عاقدة ذراعيها أمام صدرها وقالت بحسرة:
-كنت فكراك مش هتجوز..بس لما سمعت وعرفت انك هتجوز اتصدمت...وقولت ازاي..
ازاي اللي بيجرح وبيقسى وبيستهتر بالقلوب..يعرف يحب..كنت فكراك هتدفع تمن اللي عملته معايا..بس شيفاك مبسوط..وبتضحك..ولا كأنك عامل حاجة...دوست عليا وموتني وانت عايش والأكيد أنك نسيت اصلا ان كان في واحدة في حياتك اسمها ريم….

انتهت مطالعة علياء مرددة بسخرية:
-وأنتِ اتجوزتيه وأنتِ بنفسك اللي كشفتيه قدامي... للدرجة دي معندكيش دم...عشان

هب مروان واقفًا مانعًا إياها من المتابعة فكم يؤلمه توجيهها تلك الكلمات لمن ملكت قلبه:
-ريم لمي لسانك...ومتغلطيش…

-هو أنت فكرني كدة غلطت..ده الغلط لسة جاي..انت ايه..ها..ازاي مكمل عادي...وانت عامل فيا كدة….

هنا ونهض سليم الذي كان يتابع هو الآخر ما يحدث لاعنًا حماقة ابن عمه..ونزواته السابقة التي وضعته بذلك الموقف المحرج أمام زوجته..بل و وصل الأمر لتسببه في استمعها لكلمات مهينة لشخصها...

-مفيش داعي للي بتقوليه ده..مروان عرف غلطه..واتغير بدليل أنه اتجوز….

-والله والمفروض اني اعمل إيه دلوقتي اباركله…

قالتها بترقب ثم التفتت برأسها تجاه مروان معقبه بهزل:
-أنا آسفة يا مروان عشان مبركتلكش انت والعروسة...اللي أكيد شبهك..

عض مروان على شفتيه وضم قبضته بقوة محاولًا كل هذا كبح مقطه وغضبه الذي على وشك الانفلات وفعل ما لا يحلو لأحد…

لكن منعه نهوض علياء واندفاعها للخارج لا تطيق الاستماع لكلمات ريم...شاعرة بأن زواجها منه كان خطأ ولم يكن عليها الموافقة….فكيف تنسى له أنه تسبب في جرح فتاة مثلها…

هوى قلب مروان بين قدميه وهو يراها تغادر ومن خلفها روفان التي تهتف بأسمها...فخرج راكضًا خلفها….

بالخارج…

كانت تقف قبالة روفان التي جذبتها من ذراعيها محاولة تهدأتها:
-متزعليش يا علياء البنت مجروحة وقالت كلمتين عشان ترتاح…

لمعت عين علياء...وقالت بعدم تصديق مشيرة على ذاتها:
-أنا ازاي عملت كدة.. إزاي...ازاي وافقت عليه وهو جارح غيري..ودي بذات انا اللي كشفته قدامها...انا

-أنا آسف…. أنا آسف يا علياء حقك عليا..

كانت تلك كلماته الذي قالها بأنفاس عالية ونظرة مترجية محاولًا تهدأتها…

مسحت على وجهها مغمضة جفونها لوهلة بضيق:
-اسف دي مش ليا أنا...انا اللي آسفة عشان نسيت انت إيه...وعملت إيه…

استنكرت روفان كلمات علياء بينما جاءت ريم التي لم يستطع سليم منعها من ملاحقتهم…
مرددة بصوت عالي:
-ايه طلع عندك دم وبتزعلي...طب والله ح

قاطعتها روفان بحدة :
-أنتِ بتكلميها كدة ليه...كأنها قتلالك قتيل…احترمي نفسك..

هنا ومرر مروان يده على وجهه مفكرًا محاولًا الوصول لحل يرضي الجميع ولا يسبب معضلة بينه وبينها…

فترك علياء والتفت لـ ريم قائلًا بنبرة جدية كليًا...صادقة...وأعين لامعة متأثرة:
-طيب أنا بعترف اني غلطت في حقك..ومش أنتِ بس لا...في حق كتير..بس انا دلوقتي اتغيرت...مبقتش مروان القديم...انا بقيت واحد جديد على أيدها…

نطق الاخيرة وهو يشير تجاه علياء التي كانت تنصت لحديثه مع الفتاة وتتابعة بتأثر...وقلب يئن ألمًا..

-عرفت الحب معاها...وحاسس بيكي دلوقتي..حاسس باللي أنتِ حسة بيه..وعذرك...صدقيني لو يرجع بيا الزمن مكنتش هعمل كدة..كنت هبقى حاجة تانية...أنا آسف يا ريم... سامحيني...

برقت عين ريم..بل الجميع وأدرك سليم بتلك اللحظة ما قد يفعله العاشق كي يظفر بمسامحه وعشق من يعشقه..ويخفق له قلبه…

ازدردت ريم ريقها لا تصدق بأنه يعتذر لها ويطلب مسامحتها…
هل حقًا الحب قادر على صنع المعجزات؟!
هنا واجابت ذاتها...فالحب قادر على كل شيء...لا شيء يُصعب معه…ومروان خير دليل على ذلك..

وعندما لم يأتيه إجابة منها كرر أسفه من جديد:
-اسف يا ريم..والله العظيم آسف..

أغمضت علياء جفونها مستمعة لاعتذاره الذي من المؤكد أنه لم يكن سهلًا عليه...واتقنت بتلك اللحظة بأن عشقه لها يفوق ما توقعت...وانه على أتم استعداد كي يفعل اي شيء من أجلها...


******


تقبع رحمة على الفراش تشاهد إحدى الأفلام المصرية القديمة وهو بجوارها يتصنع انشغاله بالهاتف...لكنه بالحقيقة يختطف النظرات إليها من حين لآخر شاعرًا بالضيق من صمتها...واندماجها كليًا مع ذلك الفيلم…

حمحم أيهم بخفوت قبل أن يتفوه راغبًا في استفزازها:
-سبحان الله الجو بيبقى هادي لما بتبقي ساكته..يارب دايما تبقي ساكته…

حدقته بطرف عيناها ثم اطلقت تنهيدة طويلة...معلقة:
-استغفر الله العظيم يعني لا سكوت عاجب ولا كلام عاجب...أنت عندك شيزوفرينيا…

أشار على نفسه متمتم بأستنكار:
-أنا !!!!! وشيزوفرينيا..لا دي شكلها طقه معاكي خالص...انا بقولك مبسوط انك ساكتة…

اجابته ساخرة بعدما أغلقت التلفاز:
-لا يا شيخ تصدق صدقتك..بقولك ايه اللي قدامك دي مش عيلة صغيرة..دي بتلمحها كدة وهى طايرة وبتمسكها كمان..والشويتين دول انا عرفاهم..

ترك الهاتف هو الآخر وقال مستفسرًا وبسمة طفيفة تزين محياه:
-شويتين ايه ؟!

-انك تستفزني عشان تخليني اكلم..وتجر كلام معايا….

اندهش من إدراكها لما أراد فعله فقال مغيرًا الحديث:
-لا يا شيخة من حبي في صوتك وكلامك اوي مش كدة... وبعدين أنا قاعد جمبك وشايفك عينك منزلتش من عليا...وحركة الفيلم اللي مشغلاه ده تمويه عشان معرفش انك معجبة بيا وبتحبيني…

ارتفع حاجبيها وصاحت ببسمة مستهزئة:
-أنا ومعجبة بيك أنت...ليه مبتبصش في المرايا ولا إيه…ده انا وش رجلي احلى منك..

هنا والتهم المسافة بينهم محاصرًا إياها في جلستها ويداه تستند من خلفها على ظهر الفراش متمتم بمكر ودون أن يشعر:
-بالله عليكي ما معجبة بيا ولا عينك مني…

توترت وسارت رجفة بجسدها ثم أجابته وهى تحاول دفعه بعيدًا:
-ما قولت لا…

لم يبالي بدفعها له وقال حادقًا بشفتيها راغبًا في التهامهم:
-اومال وافقتي تجوزيني ليه ها…

تفاقمت الحرارة بجسدها وعلقت بسذاجة متعمدة:
-عادي زيك زي عمر ما أنا كنت موافقة عليه قبلك….

تبخرت رغبته في تقبيلها..وابتعد عنها بضيق ومقط كبير يعتريه بسبب ما تفوهت به من حماقة….

أطلقت أنفاسها الحبيسة وراقبت ذهابه..بل هروبه للشرفة كي يستنشق هواءًا باردًا قادرًا على تهدئة نيرانه الملتهبة...


******


يتمدد إياس جوارها على الفراش في غرفتها..فكانت تقبع داخل احضانه متشبثة به كطفل صغير...دافنة وجهها بصدره وذاهبة في سبات عميق..أما هو فكان يضمها إليه ولا يخرجها..يطمئن ذاته بأنها قد باتت في أحضانه ولن يفرقه شيء عنها من بعد الآن....

توحشت عيناه حتى أصبحت كغابة مظلمة متوعدًا لتلك التي تدعو أميرة..

قطع افكاره السوداء اهتزاز هاتفه بجيب بنطاله... فأراد التحرك سريعًا كي لا يقظها ويزعج نومها...لكنها آبت مفارقته لها...وتمسكت به أكثر وأكثر...
هامسة بضعف:
-متسبنيش يا إياس..خليك.

رفع يده ومرر اناملة وسار بها على قسماتها بحنو ولوع..مطمئنًا إياها..
-مش هسيبك يا قلب إياس..انا جمبك...

قالها ويداه تهبط لمستوى جيب بنطاله مخرجًا هاتفه فألتقطت عيناه اسم أميرة...
جز على أسنانه...وتفاقم حنقة الجحيمي..وقام بغلق المكالمة...بل أغلق الهاتف بأكمله كي لا يزعجهم شيء..ويقلق راحتها وآمانها التي استردته اليوم فقط..



******


صدرت صرخة مدوية من فوه أميرة وهى تقوم بدفع واطاحة ما أمامها بعنفوان وقوة...بعدما اغلق هاتفه...كادت أن تچن...بل جنت بالفعل..

انتشلت هاتفها مرة أخرى وجاءت برقم والدته....والتي ردت عليها بعد لحظات...
فخرج صوتها متلهفًا مستفسرة عن مكانه:
-الو ازيك يا انطي...هو إياس في البيت بكلمه مش بيرد...

نفت سامية متمتمة:
-لا مش في البيت...مختفي من بدري..وبرضو حاولت اكلمه موصلتلوش..

-طيب طيب...باي دلوقتي...

قالتها بنبرة سريعة وبطريقة غريبة اثارت ريب سامية...خاصة بعد غلقها في وجهها دون انتظارها سماع جوابها..
فحتى الآن لا تدرك ما حدث وتحرر تقى من قبضتها…


******


دخلت علياء رفقته إلى غرفتهم..بعدما بقى طوال الطريق يلزم الصمت...وقسمات وجهه تشع ندمًا على ما ارتكبه من قبل في حق الفتيات…

فهذا ما جعل من دق لها قلبه تتعرض للأهانة على يد إحدهم…

اطبق مروان الباب بهدوء...بينما التفتت علياء له تناظره فلم تراه بتلك الحالة مسبقًا..

وبجرأة زائدة لم يعتادها منها تقدمت منه تمنعه من التحرك ومضي خطوة أخرى…

تقابلت عيناهم...فأبتلع لعابه...من قُربها ولا يدري ماذا تريد؟!!

متسائلًا مع ذاته..هل ستتلاعب به..وبمشاعره أم ماذا تنوي؟؟؟

انتشلته من تلك الأفكار حين تحدثت ولفحت أنفاسها الدافئة وجهه ملقية عليه هذا السؤال:
-مكنتش أعرف أنك بتحبني للدرجة دي..الدرجة اللي تخليك تعترف بغلطك.. وتعتذر للبنت..م

رفع انامله و وضعها على ثغرها يمنعها من المتابعة مردد بصوت رجولي عذب:
-أنتِ متعرفيش حاجة خالص..ولا بتحسي بيا..انا لحد دلوقتي مفرضتش نفسي عليكي..وسايبك براحتك..تفتكري ده ليه..الا لو كنت بحبك...انا كنت هموت قبل كدة علشانك..عشان الاقيكي..كنت مرعوب عليكي..وخايف عاصم يأذيكي.. نمت في المستشفى بسببك واول ما صحيت مفكرتش غير فيكي...ومكنتش عايز اشوف غيرك...غير وشك وملامحك اللي أنا بعشقها..وشايفها مميزة…

ازدرد ريقه وهو يحرك اصبعه عن ثغرها ويمرره على وجهها..مما أجبرها على غلق جفونها والاستمتاع بلمساته التي جعلتها على وشك الأنهيار والأستسلام..

تابع مروان حديثه بعشق وحب فريد من نوعه:
-اول مرة شوفتك فيها عجبتيني..وده كان العادي بتاعي..اي واحدة حلوة بتعجبني..بس برضو كان فيكي حاجة غريبة...كنت بحب اتكلم معاكي..واضايقك..بحب اشوفك متعصبة..كنت بضايق لما اشوفك واقفة مع عاصم...كنت مستخسرك فيه...انا كان ضايع مني جزء...ملقتوش غير معاكي..أنتِ الجزء اللي كمل حياتي...وخلاني اتغير..

حاوط عنقها بكف يداه فقامت برفع يداها و وضعها على يده محتضنة إياه...وهى تطالعه من جديد بأعين تفضح آمرها…

لكنه لم يرد التقرب منها..او فعل أي شيء قبل أن ينهي ما بدأه فـ عليها أن تعرف ما يشعر به حقًا…

مال لمستوى رأسها وأسند جبينه بجبينها هامسًا بصدق:
-أنا اعتذرت لـ ريم عشان فعلا غلطت في حقها...واللي شجعني اعتذرلها اكتر واكتر هو اني خوفت اني اخسرك...انا استحملت دبش ومعاملة منك مفيش راجل يستحملها….بس انا عاشق…انا كنت زي الغريق اللي في بحر وكنتِ أنتِ منقذي...كنتِ الموج اللي حدفني..وكنتِ الشط اللي رصيت عليه…انا ع

قاطعته هى تلك المرة محتضنة وجهه بكلتا يديها معترفة له بنبرة متسارعة اثر خفقاتها...
-أنا بحبك يا مروان...ولو مبحبكش مكنتش هوافق اني اتجوزك..انا محدش يعرف يغصبني على حاجة…

انتهت من اعترافها الذي لم يتوقعه وجعل ضربات قلبه تضرب كطبول الحرب…
فما كان منه سوى تقبيلها...وإظهار كافة مشاعره الجامحة المفرطة..
مخبرًا إياها بتلك القبلة أنه لم يعشق سواها...ولم تعد أي امرأة على وجه الأرض قادرة على تحريكه سواها…
بادلته تلك العاصفة الهوجاء من المشاعر...مستسلمه له ولقلبها الذي يعايش ما يعايشه للمرة الأولى…
أما هو فكان لا يصدق بعد أنها بين يداه يفعل بها ما يشاء دون أن تردعه أو تمنعه..مثلما كانت تفعل من قبل ..كانت أخرى بين يداه...أخرى لم يعرفها من قبل... أخرى لم تظهر سوى على يده... وآخر لم يبدله سوى العشق…


******


-أنا مش مصدق نفسي بقى ده مروان...حقيقي صدمني فيه مكنتش اتوقع يعمل كدة ولا أنه يعتذر للبنت عشان خاطر علياء...

تلفظ سليم كلماته وهو يجلس على طرف الفراش ويديه تعبث بأزرار قميصه...يراقب وقوفها أمام المرآة وأزالتها للزينة..

ردت روفان دون أن تلتفت له مسترسلة ما تفعله متحدثة بصدمة لم تقل شيئًا عنه:
-وانا كمان اتصدمت..شوف كان ايه وبقى إيه...

هنا واماء لها سليم مؤكدًا ما تتفوه به:
-مروان حبه صادق وكبير عشان كدة اتغير بجد..اصلا طول عمره بيحاول يظهر عكس اللي بيحسه..و ظهور علياء في حياته خلاه يظهر اللي جواه..ويبقى انسان تلقائي يعني لا بيلف ولا بيدور اللي في قلبه على لسانه..

التفتت له روفان ثم تحركت متقدمة من الخزانة مخرجة ثوبًا خاص بالنوم....وهى تردد:
-ده حقيقي..وكفاية كلام عن مروان بقى.. وقوم يلا غير هدومك...يلا..

احتل المكر ثغره ونهض مقتربًا منها ضاممًا إياها من الخلف هامسًا جوار أذنيها بعبث ولهو:
-ايه قلة الأدب بتاعتك دي..من امتى وأنتِ قليلة الادب...

أجابته بمكر مماثل وهى تدفعه بعيدًا عنها:
-من ساعة ما اتجوزتك...ويلا اتحرك وغير عايزة انام فرهدت...

-تنامي ده ايه..مفيش نوم...استنيني..هاخد شور سريع وراجع...

قال الأخيرة والجًا المرحاض وقبل أن يغلق الباب أخرج رأسه من خلف الباب يؤكد عليها:
-خمس دقايق واكون قدامك...

انتهى مغلقًا سريعًا فأبتسمت عليه...ثم بدأت بتبديل ملابسها...وتقدمت من الفراش وجلست عليه تنتظر خروجه....

بعد دقائق معدودة.

خرج من دورة المياه وهو يدندن إحدى الأغاني...ويهتف أسمها والمنشفة بين يديه يجفف خصلاته المبتلة:
-روفان ما تيجي نروح بيتنا ونقضي كام يوم ل

ابتلع باقي حديثه وهو يراها قد ذهبت في سبات عميق..والأرق يظهر على قسماتها...وانفاسها منتظمة لأقصى حد..

ترك المنشفة من يده واقترب منها خطوتين يتأكد من نومها:
-حبيبتي أنتِ نمتي...

لم تتحرك وظلت على حالها فأدرك نومها على الفور...فتنهد بحرارة...واقترب طابعًا قبلة على ثغرها...هامسًا أمام وجهها:
-تصبحي على خير يا احلى حاجة في حياتي...

ثم تحرك وتمدد جوارها...جاذبًا إياها ببطء وحذر شديد داخل أحضانه....لتختلط انفاسهم...ويذهب هو الآخر سريعًا في النوم...



******


في منتصف الليل.

تتقلب مريم على فراشها...فالنوم قد فارقها..وحديثه ما زال يرافقها...اعترافه بحبه لها يتردد على مسامعها دون توقف....

هبت جالسة على الفراش تمسح على وجهها راغبة في النوم وعدم التفكير به:
-وبعدين بقى يا مريم أنتِ هتاخدي على كلامه ولا ايه اكيد بيهزر...أيوة هو اكيد بيهزر. 

نهرها عقلها قائلًا:
-أنتِ هبلة هى المواضيع دي فيها هزار..هو اكيد بيحبك..نسيتي يوم الموبايل ما ضاع ودخلتي تعيطي كان ملهوف عليكي ازاي..ولا لما عرف انك اتعرفتي على شباب غار عليكي إزاي...وانهاردة برضو اكيد اتعصب عليكي من غيرته عليكي...

هزت رأسها نافضة كل تلك الأحاديث ممددة على الفراش مرة ثانية قائلة بعنفوان:
-لا هو اكيد بيهزر..وكل دي تخيلات وتهياؤات...بطلي هبل....ونامي….


*******

تجوب ميرنا بحجرتها ذهابًا وإيابًا هاتفها يقبع بين يديها تتردد بمحادثته في ذلك الوقت…

لكن بالنهاية قررت رمي حديث والدتها عرض الحائط والمبادرة بالحديث معه واضعة احتمال استيقاظه حتى الآن..

جاءت بصفحته على موقع (الفيس بوك) ثم قامت بالدخول للرسائل الخاصة...وقامت بأرسال بعض الكلمات الوجيزة…

-لسة صاحي !

انتهت من إرسال الرسالة عاضضة على شفتيها لا تدري إن كانت تلك الخطوة صحيحة أم لا..لكنها ترغب بالحديث معه…

رد عليها آدم بعد لحظات مستفسرًا عن صاحبة الرسالة…
-مين ؟

أعلن هاتفها عن أجابته عليها...فأبتسمت وقامت بقراءة الرسالة وسرعان ما أجابته:
-ميرنا...

لعن غبائه بتلك اللحظة فكيف لم يلاحظ اسمها...ابتسم بشر وبدأ بالحديث معها لبعض الوقت..والسعادة كانت لا تسعها…

وبعد مرور بعض الوقت قام بالأتصال عليها (مسنجر) فأجابته بنعومه…
-الو..

رد عليها مقترحًا:
-بقولك ايه مش عيب علينا نكون في نفس البيت ومقضينها رسايل ومكالمات مسنجر..

حكت رقبتها متمتمة بعدم فهم:
-طيب نعمل إيه..

-البيت كله نايم..انزلي قابليني في الجنينة خلينا نقعد مع بعض..

كان من المفترض أن تعترض فلا يجوز ما يقترحه لكنها وجدت ذاتها تجيب بموافقة على ما يتفوه به..
-ماشي..يلا بينا..

بعد نصف ساعة…

كانا يجلسان أمام حمام السباحة...البسمة على وجهها لا تفارقها..بينما كان يستغل هو صغر سنها وعدم خبرتها...للتلاعب بعقلها…

نفث ادم دخان السيجارة من فمه...ثم طالعها بطرف عيناه..وهو يمد يده لها مردد:
-تجربي…

قالت بسذاجة والبسمة لا تزال على وجهها:
-اجرب ايه…

رد بسخرية طفيفة:
-هيكون ايه يعني...خدي جربي تدخني يلا…

تلجلجت وردت بنفي:
-لا..لا مينفعش..

-هو ايه اللي مينفعش..هى السجاير بتعض وانا معرفش..يلا عشان مزعلش منك…يلا يا ميرنا…

ألح عليها وأصر عليها حتى تأخذها مدركًا جيدًا انها ستخضع له ولطلبه..ويبدأ انتقامه من والدتها...ليلى…

مدت أناملها وكادت تلتقطها لولا صوت بسام الذي كاد يضع الهاتف على أذنيه ويحدث مريم لكنه اخفضه ما أن رأى ما فعله آدم مستمعًا لكلماته معها….

-نهاركم مش فايت انتم الاتنين...أنتِ بتعملي إيه...هو فيه حد في سنك يشرب سجاير..أنتِ اتجننتي..طب ما تحششوا أسهل..

ذعرت ميرنا واسقطت السيجارة من يديها عمدًا...بينما تكاظم غيظ آدم لمجئ بسام بذلك الوقت...وتلك الثانية تحديدًا….

ردت ميرنا بخوف وتلعثم مطرقة رأسها:
-أنا... أنا…

أشار لها بسام يحثها على العودة للداخل:
-أنتِ تحمدي ربنا اني جيت في الوقت المناسب..اتفضلي خشي جوة…

ما أن انتهى حتى فرت هربًا من أمامه..أما بسام فأنتشل آدم من ملابسه عنوة...وجذبه معه للداخل...لا يبالي بمحاولته للتحرر..او كلماته اللاذعه الذي يلقيها عليه...وعلى تدخله فيما لا يعنيه….

ولج بسام غرفة المكتب دافعًا آدم بقوة محررًا إياه..ثم اشعل الأضاءة واغلق الباب عليهم...مزمجرًا به بخشونة وعصبية:
-انت شكلك اتجننت ومبقتش عارف انت بتهبب ايه..عايز العيلة الصغيرة دي تشرب سجاير..طب إزاي….إزاي اتغيرت كدة...البنت ساذجة وفي سن مراهقة.. إزاي تلعب بيها كدة...عايز اللي تعمله فيها يطلع في عيالك..او حتى أختك..ما هو كما تدين تدان..واللي هتعمله فيها لمجرد انك بتكرهها وبتكره امها هيتعمل فيك يا آدم….اتقي الله يا آدم...اتقي الله..

أشاح آدم نظراته بعيدًا عنه واجابه بضيق طفيف من حاله..فكلمات بسام كان لها تأثيرًا عليه..وايقظ له ضميره الذي حاول اخماده...وتغيير ذاته…

-أنا مكنتش اقصد حاجة...انا عرضت وهى وافقت..

-وافقت عشان عيلة مراهقة..حرام عليك يا آدم...فين آدم اللي العيلة كانت بتحلف وتتحالف بيه ها...ده احنا ما صدقنا مروان ربنا هداه...عايز تبقى نسخة تانية منه..وياريتك عارف تبقى نسخة من مروان..

التزم الصمت مطالعًا آدم...الذي بدأ يفكر في كل ما كان يفعله الفترة الماضية وكيف خطط لإيذاء طفلة…

التقط بسام الندم الذي يليح على قسماته فتركه وحيدًا يصارع تلك المشاعر داخله….عله يفيق ويعود لما كان عليه..

__يتبع__

بقلمي فاطمة محمد.

طبعا بعتذر على التأخير جداااا جدااااا❤️


Continue Reading

You'll Also Like

355K 8.1K 34
لو إلتقينا في عالم آخر لوقعت.. لغرقت وتهت في حبك ولكن ولدنا هنا في عالم انتِ القاتلة وانا السجان واه من حرقة الإنتقام ولهيبها تهنا معًا في هذا الظلام...
5.3K 236 15
تقدم نحوها وتوقف على بعد خطوة واحدة ثم غمس ساق الوردة بين خصلاتها الحمراء قائلاً : _ كدة هيبقى شكلها أحلى. رفعت "أثير" كفها على شعرها تتأكد من وجودها...
اللغم By zeinab ahmed

Mystery / Thriller

4.1K 363 47
«قلُبْ آلُمنْتٌقم گآلُلُغم فَآحٍڏر أنْ يَنْفَجٍر بْگ» ابتداء ༻٢٢/٩/٢٠٢٣༻ انتهاء ༺٢٦/١٢/٢٠٢٣༻ تمت بحمد الله ♥ "بقلم/زينب أحمد "
305K 18.3K 43
تدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاق...