أشِقّاء

By lood999

76.5K 7.3K 2.6K

في حُجرةٍ ضيقة... إضاءتها خافِتة... فتحَت الكتاب وبدأت بقراءة القصة لطفلها... كانت تقرؤها له دومًا... فتعل... More

١) يُحكى أنه كـان وحيدًا.
٢) الليلــةُ الماطِـرة.
٣) سِجــن.
٤) غَــرق.
٥) بصيـص أمـل.
٦) تِلـك الفتـاة.
٧) الرحيــل.
٨) ذكريات حلمٍ قديم.
٩) حــديقةٌ وفتـاة.
١٠) مَحَلُّ الأقمشـة.
١١) ماهــر.
١٢) تجاوز المُهلـة.
١٣) دمـوعٌ ومطر.
١٤) الأخُ الكبير.
١٥) صـديق.
١٦) أشبـاح.
١٧) الصـراحة.
١٨) آباء.
١٩) غضـب.
٢٠) وداع.
٢١) اِختفـاء.
٢٢) مُمتن.
٢٣) بقايـا.
٢٤) نَبـش.
٢٥) عِـش.
٢٦) المُفكـرة.
٢٧) الحياةُ المسلوبـة.
٢٨) أروى.
٢٩) أطـلال.
٣٠) لِقـاء.
٣١) مُفاوضات.
٣٢) إنقــاذ.
٣٣) إحيــاء|الخاتمـة.
فصل إضافي|فَجْــر: كل الطرقِ تؤدي إليك.
فصل إضافي ٢|ندى: لن أنساك أبدًا.
فصل إضافي ٣|سأعـود.

فصل إضافي ٤|لأنك ولِـدت.

1.3K 115 63
By lood999

..
..

١٤ نيسان/ أبريل ٢٠٢١

داس بقدميه على العشب الأخضر النضر وأخذ نفسًا عميقًا ليُدخل لجوفه ما استطاع من عبق أنسام ذلك الصباح الربيعي، انتبه لها وهي جالسة على مقعدٍ منفردٍ طاويةً ركبتيها وتتصفح كتابًا، ابتسم واقترب منها على أطراف أصابعه وقد بدا له أنها مُغيَّبةً الذهن، وقف خلفها تمامًا وقبل أن يُفاجئها اتسعت عيناه حين رأى ما كانت تقرأ فلم يتمالك ضحكةً مدويةً صدحت منه وأفزعتها.

التفتت إليه مشدوهةً وهي تراه غارقًا في ضحكه، ولم تتمالك ابتسامةً تسللت إلى شفتيها؛ فقلّما تراه يضحك هكذا.

"تبدو في مزاجٍ جيد".

تنحنح وقال وهو يسحب الكتاب الذي كانت تقرأ منه:

"يبدو أن قراءة الكتب بالمقلوب عادة متوارثة في العائلة".

انتبهت لتوّها أنها كانت شاردة الذهن لدرجة أنها لم تلحظ أن الكتاب كان مقلوبًا! فقالت محاولةً التملص من سخريتِه:

"أتعرف ما هو اليوم يا أبي؟".

قرّب كرسيًا ليجلس بقربها وأجاب:

"هل هو اليوم العالمي لقراءة الكتب مقلوبة؟".

تقلص وجهها حرجًا، يبدو أنها لن تسلم من تعليقاته لبضعة أشهرٍ أخرى، تمالكت أعصابها وقالت وهي تلاعب إحدى خصلاتها البنية:

"اليومَ سأبلغ الخامسة عشرة".

لم يتفاجأ، كان مدركًا لهذا، بل كان ينتظر هذا اليوم دون غيرِه لسببٍ غامضٍ لم يكلف نفسه عناء محاولة فهمه، أليس بلوغ الخامسة عشرة يدعو للابتهاج والاحتفال؟ أليس أكثر الأيام تميزًا وروعة؟ أليس ذلك معجزةً في حد ذاته؟

••••••••••

١٦ أيار/ مايو ١٩٩٧


تردد صدى لوقع قدميه خَلّفه الهدوء الذي يلف المكان، مرر أصابعه على أغلفة الكتب وهو يسير حذاء الأرفف الممتدة أفقيًا لعِدة أمتار، شاردَ الذهن.

تسللت إلى شفتيه ابتسامةٌ ناعمة وهو يتذكر ليلة أمس، حين أعد له أخوه مأدبةً لبلوغه عامه الرابع عشر، أفلتت ضحكةٌ من بين شفتيه حين تذكر مذاق كعكة الشوكولا التي أعدّها، واسوداد وجه شقيقه بعدما تذوقها.

لم يتمالك نفسه من الضحك حينها، متناسيًا أن يخبره بأنها ألذ كعكةٍ تناولها، كيف لا؟ وقد اجتهد أخوه لإعدادها له بكل حب.

تلاشت ابتسامته وأظلم وجهه تدريجيًا وهو يعود بوعيه إلى الحاضر المُغَلل بالهدوء والوحدة، متسائلًا وهو يسحب كتابًا عشوائيًا إن كان سيتذوق تلك الكعكة ثانيةً يا ترى!

فتح الكتاب وتصفحه دون أن يخدمه عقله المزدحم في قراءةِ شيء، مرر عينيه على الصفحات كما لو يمررها على شريط حياته، هنا بدأ بالسير وهناك لفظ أول كلمة وهنا تضور جوعًا وبكى وتشرّد وتاهَ وغرِق، وفي جميعها، كان أخوه من علمه النجاة.

شد قبضتيه على دفتَي الكتاب، ولو كان أقوى وأجلَد قليلًا لمزّق الكتاب من منتصفه لتراكم مشاعره تلك في كفّيه، كان غاضبًا، غاضبًا من نفسه لأنه ولِد، وكان سببًا في تعاسةِ أخيه منذ لحظتِها.

كلما اعتقد أنه سيكون كفؤًا لتعويضه وردّ دينه يجد نفسَه عند خط البداية، صفر اليدين.

"أنتَ بلا فائدة".

قالها متمتمًا، صارًّا على أسنانه، ولكنه أخطأ في ظنه أن أخوه ينتظر منه شيئًا.

"هل تستمتع بقراءة الكتب مقلوبة؟".

انتفض وكاد الكتاب يفلت من بين يديه حين وصله ذلك الصوت، أدار بصره لليسار ليراه متكئًا بيده على الرف ناظرًا إليه بسخرية، انتبه أن الوقت قد تأخر وقد يكون عاد من عمله ولم يجده في البيت فجاء بحثًا عنه.

ابتلع ابتسامةً كادت تخونه وعاد بأنظاره للكتاب متظاهرًا بالبرود واتسعت عيناه حين انتبه أن الكتاب مقلوب ليفهم لتوه ما قاله الواقف بجانبه.

قال وهو يسحب الكتاب منه ويعيده للرف مكملًا بنبرته الساخرة:

"سأخبر أمين المكتب بأن عليه أن يكف عن استضافة أحمقٍ يقرأ الكتب بالمقلوب".

"لماذا جئت!".

صُدِم حين أجابه بذلك الرد الجاف واندفع قبله ماضيًا للخارج دون إضافة كلمة، ولم ينتبه الأكبر لتلك الدموع التي طفرت من عينيّ أخيه قبل أن يمسحها بقسوة وهو يلعنها لجُبنها وانزلاقها دون أن يسمح لها بذلك.

هرع خلفه وعلامات الاستفهام تتبعه، ما الذي أغضبَه؟ ليس ساذجًا ليعتقد أنه قد يغضب على دعابة سخيفة، ولم يكن ما قرأه يدعو للحنق لأنه لم يقرأه أصلًا، ولا يمكن أن تلك الضربة التافهة آلمَته!

اقترب منه وحوط كتفيه بذراعه ليسير معه على ذات الوتيرة.

"لا حاجة لأتكلم كي تعرف ما أفكر فيه، صحيح؟".

قالها وألقى نظرةً جانبية على من نكّس رأسه دون أن يكلف نفسه عناء الرد، تنهد الأكبر بتعب، وقال مطلقًا بصره للسماء الملبدة بالسواد:

"ظننتُ أنكَ لم تعد سريع الغضب مثل تلك الأيام".

لم يبدُ أن الآخر لديه نيةٌ للتجاوب معه، أو رفع رأسه على الأقل، فقال مسترسلًا في حديثه:

"أتعلم؟ لقد أعد لي والديّ حفلةً صغيرةً حين بلغتُ الرابعة، أعدت أمي كعكة شوكولا وكانت شهيةً على خلاف كومة المرارة التي صنعتها أمسًا".

شعر باهتزاز كتفيّ أخيه، أيضحك؟ تشجع وأكمل كلامه بابتسامة:

"أظن أن تلك كانت أول مرة يعدان لي فيها حفلًا لذكرى مولدي، أو ربما أعدا لي قبل ذلك لكن ذاكرتي لم تحتفظ بها لصغر سني، أو لعلهما انتظرا أن أكبر قليلًا ليُعِدا لي ذلك الحفل حتى يبقى عالقًا في ذاكرتي، وقد كان".

ابتسامةٌ حالمة اعتلت شفتيه وهو يذكر لحظاتٍ غائمةٍ من ذلك اليوم البعيد، والقريب إلى قلبه، ظل سارحًا غير منتبهٍ لأنظار أخيه المبهورة، هو لم يخبره قبلًا بتلك الذكرى، مع أنه كان حريصًا مؤخرًا على معرفة كل ما يتعلق بماضيه، أيكون تذكرها لتوه؟ أم أنها بقيت عالقةً في فؤاده حتى صارت جزءًا منه! لدرجة أنه قلد كل ما فعلاه والديه له، أكمل كلامه بذات الابتسامة الحالمة، مستغرقًا في ذكرياته، غير مدركٍ لما ستُحدثه كلماته من وقعٍ في نفس أخيه:

"أذكر شيئًا واحدًا بوضوح، فقبل أن أطفئ تلك الشموع الأربعة، قالت لي أمي أنها ممتنةٌ لأنني وُلِدت.. ".

أدار بصره لأخيه كأنما يمرر إليه كلمات أمه، فتفاجأ حين رأى ابتسامةً ترتسم على شفتيه، فاغتبط ظانًّا أنه نجح في امتصاص غضبه، لكن ظلام تلك الليلة منعَه من أن يُدرك كم كانت ابتسامته حزينة، غير واثقٍ إن كان سيقدر على إسعادِه لعامٍ آخر.

••••••••••

"لا تبدُ سعيدًا!".

قالت بخيبة أملٍ واضحة، وأردفت وهي تعقد يديها لصدرها:

"أم أنك لا تجيد سوى التهكم عليّ!"

عاد إليها بأنظاره بعد أن كانت غارقةً في أحواض الأزهار التي يجلسان بقربها، هب الهواء محملًا بعبير الياسمين وملاعبًا خصل شعرها البني، فكّر لوهلة وهو يتأملها، أنها تشبهه ولا تشبهه، ربما تشاركه ببعض الصفات ولكنها تملك هالةً تناقض تلك التي كان ذلك الفتى يملكها.

نفض أفكاره وقال وهو يرنو إليها ويبعثر شعرها القصير:

"سعيدٌ لأنكِ ولدتِ، ولكل عامٍ يمُرّ وأنتِ إلى جانبي".

فاجأها تحوله المباغت، وعانقت كلماته شغاف قلبها، وللحظة.. شعرت بالامتنان لأنها ولِدت، وودّت لو تعيش مئة عام أخرى، لا لشيء، إلا لتُسعده عامًا بعد عام.
.

••••••••••

هذا الفصل بمثابة الوداع للرواية، فشكرًا لكل من قرأ ولكل من أغدق علي بكلماته اللطيفة.

سأنشر أعمال أخرى مستقبلًا بإذن الله، آمل أن تشرفوني بقراءتها فوجودكم هو ما يجعل لكتاباتي معنى 💛.

أراكم على خير ❤️.

Continue Reading

You'll Also Like

1M 66.5K 104
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
464K 14.3K 32
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
441K 20.3K 32
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
122K 8.4K 68
-"انت لست ابني ولا أنا أمك! أنا أتبرأ منك" -" انت لست ابنتي، أتبرأ منك" هذه امثله عن ما دفع بعض الأفراد وخاصة شباب انهم يمشون على الارض بلا هدف، وأكث...