┌ . . .
قبل عشر اعوام
. . . ┘
كانت الغابة أبعد من الزمن، أهدأ من الموت، وأقرب ما تكون للحقيقة حين تُولد أول مرة.
في مساءٍ رمادي اللون، من سنةٍ لم تملك أسماء، كانت الطفلة الصغيرة تُطارد ظلًا لا يُشبه البشر.
لم تكن تعرف ما الذي تبحث عنه تمامًا، لكن قلبها، ذاك الكائن الطفولي الهشّ، قادها بخفةٍ مذهلة نحو الحافة.
كانت في الخامسة من عمرها، ترتدي وشاحًا أعرض من كتفيها، وحذاءً يُصدر أصواتًا لا تليق بالسكون.
سامانثا سنيب، ابنة هوغورتس الصامتة، التي كانت تنام على صوت الممرات وتستيقظ على صرير السلالم، رأت المخلوق أول مرة في حلمٍ مكسور.
واليوم، كان ينتظرها بين الأشجار.
المخلوق لم يكن ضخمًا فحسب... كان عتيقًا.
رأسه كجناح نسر، عيونه تلمع بلون البرق، وصدره ينبض كما لو أن الريح تسكنه.
كانت عيناه تحدّقان فيها بثباتٍ مفزع، لا عدوان فيه، ولا أمان.
ارتعشت.
تقدّمت خطوة.
توقف الزمن.
فجأةً... صَدَر منها صوت لم تكن تعرفه. لم تتعلمه. لم تُلقّنه إياه الكتب ولا المعلمات ولا حتى سنيب الغاضب:
«ها-را كيلين فاس... إي-مارا كاي...»
"أنا لا أؤذيك... أرجوك، لا تؤذِني."
اهتز الهواء من حولها. صمتت أوراق الشجر.
المخلوق ركع أمامها.
لم تفهم ما حدث. لكنها فهمته.
لأن الصوت لم يخرج من فمها فحسب... بل من ذاك الجزء المدفون عميقًا في صدرها، ذاك الذي لم يلمسه أحد.
«سامارا... كارا إي نالا.»
قالها بصوت كالرعد، كالحلم، كأغنية منسية.
وكانت تعرف، دون أن تُترجم:
"أنتِ منّا."
كان هاجريد قد خرج من خلف الأشجار حينها، مبهوتًا، خائفًا، ثم انفجر ضاحكًا وهو يلتقطها بذراعين مليئتين بالندوب:
"يا سلالات الغول! ما هذا بحق الجحيم؟ الطفلة تتحدث لغات ماجناتيكور!"
ثم خفض صوته وأردف، "دماء نادرة... وموهبة أخطر مما تتخيلين."
لكنها لم تتخيل.
لم تتخيل أبدًا أن القدرة على فهم الوحوش قد تجعلها هي الوحش في أعين الآخرين.
┌ . . .
في الوقت الحاضر
. . . ┘
لم يكن الهواء في غرفة الأبطال ساكنًا كما يُفترض له أن يكون. كان ينبض بتوترٍ خانق، كأن الجدران نفسها انحنت لتصغي إلى ما سيقال.
دخلت سامانثا وخلفها دريكو، خطواتهما ليست كأي عبورٍ عادي، بل كأن ظلالهما تسحب معها عبئًا لا يُرى. خلفهما اندفع سيفيروس سناب كإعصارٍ مقيّد، صوته انفجر في أرجاء الحجرة قبل أن يغلق الباب خلفه.
"دمبلدور، يجب أن تفعل شيئًا. لا يمكنني أن أسمح بخوض ابنتي هذا الجنون. إنها ليست ورقة في مهب الكأس، إنها—"
توقّف، صوته تخنقه الرعشة، ليست رعشة خوف، بل رعشة رجلٍ يقاتل ضد ما لا يستطيع السيطرة عليه.
"سيفيروس..." كان صوت دمبلدور هادئًا، كهدير بحرٍ يعرف تمامًا كيف يبتلع الغضب. "الكأس اختارت، ولا سلطة لنا على اختيارها."
"أنا لا أُحادثكَ لأسمع الشعر. أنا أُحادثكَ لأنني أرى شظايا الخطر تتناثر على قدميها."
انكمشت سامانثا في مكانها، وكأنها تشعر بذبذبات صوته تخترق جدارها الداخلي. كانت متيبسة، يدها ما زالت في يد دريكو، تشبثه بها لم يكن إنقاذًا، بل إعلان ولاء صامت.
"إذن، صديقتكَ المثالية أقحمت نفسها في ورطة جديدة."
قالها هاري بنبرة لاذعة وهو يطالع سامانثا بنظرة لا تخلو من الظلال. لم يكد يُتم الجملة حتى اندفع دريكو، نبرة صوته كسكين تنزلق على زجاج:
"اخرس، بوتر. على الأقل نحن نعرف كيف نكون أوفياء."
رفع دمبلدور يده، صوته حاسم كطرفة برق:
"كفى. لن يتحوّل هذا إلى حلبة صراع."
ثم أدار نظره نحو سامانثا وهاري. "هل وضعتما إسميكما في الكأس؟"
"لا، سيدي." جاءت الإجابة موحدة، صادقة، لكنها لم تُطفئ شيئًا.
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
في الأيام التالية، بدا الزمن وكأنه يختبر صبر سامانثا. تسربت الساعات كالماء البارد في عروقها، وهاجس المهمة الأولى كان يتعاظم، يتلوى في ظلال عقلها.
استدعاها سنيب في أحد الأيام. عيناه، ولأول مرة، حملتا شيئًا من التردد.
"استعملي قدراتكِ يا سام. لا تُنكرينها. لقد أُعطيتِ شيئًا لا يُمنح لأي أحد."
لكنها لم ترد. كيف تشرح له أن تلك القدرات لعنة؟ أنها، ومنذ أن عرفت أنها تسمع الهمس الذي لا يُقال، أصبحت سجينة مصير لا يشبهها؟
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
في خيمة الأبطال، كان الهواء كثيفًا، مشبعًا برائحة الأعشاب المحروقة والتوتر. سامانثا جلست في زاوية، تنظر إلى تنينها المصغّر الذي يعبث في راحة يدها. الآخرون كانوا يستعدّون، يتهامسون، يرمقونها بنظراتٍ مُبهمة.
دخل دريكو دون أن يُستأذن.
"أهلاً، أيتها الشاحبة. تبدين وكأنكِ على وشك ابتلاع نيزك."
لم تضحك. نظرت إليه بعينين مرتعشتين.
"الجميع كان يعلم أن التحدي الأول سيكون تنينًا. أنا الوحيدة التي لم تعرف."
تجمّدت ملامحه. ثم ببطء، انحنى نحوها، يلتقط خصلات شعرها المتمردة.
"سام، لا تنسي من أنتِ. أنتِ لستِ مجرد فتاة. أنتِ… سرٌ مُقفل. وللسر قوة، حتى وإن لم يفهمه أحد."
قالها وهمس في أذنها:
"ما زلتُ لم أخبركِ بشيءٍ مهم… فلا تموتي الآن."
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
عندما نادت لجنة التحكيم اسمها، نهضت سامانثا كمن يُقاد إلى مصيره. خرجت من الخيمة بخطى بطيئة. والآن، التنين.
كان عظيمًا، جلده يلمع كالحديد المصقول، وعيناه تتوهجان بجمرٍ قديم.
زئيره شقّ السماء، ولكن صوت سامانثا شقّ روحه.
همست إليه أولًا. لا أحد فهم ما قالت. ثم تحدثت، لا بصوتها، بل بتردد الضوء في عينيها.
والتنين… انحنى.
هي لم تُهاجم.
هي تحدّثت.
وأخذت البيضة دون أن تُمس، وكأنها عبرت نار الجحيم بقدمين عاريتين ولم تشتكِ.
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
المدرجات اشتعلت تصفيقًا. فريد وجورج كانا أول من ركض إليها، احتضناها بشراسة طفولية لا زالت حيّة فيهما.
"سامي! لقد فعلتها! بحق سمك المانتيكور، لقد فعلتها!"
دريكو اقترب ببطء، يلتقط أنفاسه، قبل أن يسحبها إليه في عناقٍ هادئ، لا يستجدي انتباه أحد.
ثم جاء سنيب… وللمرة الأولى منذ أن عرفته، بكى.
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
درجات التحكيم جاءت كآثار معركة: 10 من دمبلدور، 10 من ماكسيم، 9 من كروتش، و7 من كاركروف.
"أيها اللعين!" صاح فريد.
"أظنه كان يريد أن يعطيها صفرًا، لولا أنه خائف من التنين اللي انحنى لها!" قال جورج ضاحكًا.
لكن سامانثا لم تكن هناك.
كانت في البرج الفلكي، حيث لا توجد نار ولا تصفيق.
هناك، حيث دريكو ينتظر.
هناك فقط، عرفت أن نجاتها لم تكن المعجزة.
✩*⢄⢁✧ --------- ✧⡈⡠*✩
المعجزة كانت أن أحدهم… انتظرها حتى تعود من الجحيم.
كان الليل قد نضج، متخماً برائحة الرماد والنار الباقية في الهواء، حين تسلّلت سامانثا نحو البرج الفلكي—خطواتها هادئة، لكنها لم تكن متزنة. كأن جسدها قد خرج من المعركة، لكن عقلها ظل عالقاً في تلك اللحظة… اللحظة التي انحنى فيها التنين لها كما لو كانت شيئاً مقدساً.
دريكو كان هناك، كعادته. جالساً قرب الحافة، والنجوم تتدلّى فوقه كأنها خيوط فضيّة تنتظر من ينسجها.
لم يقل شيئاً حين دخلت.
ولم تفعل هي.
جلست إلى جواره بصمت. بينهما مسافة صغيرة بالكاد تذكر، لكنها بدت أكبر من أن تُجسر. أغمضت عينيها، كأنها تحاول أن تحبس في جفنها الأخير بقايا ما جرى. صوت التنين، هدير التصفيق، نظرات الجميع، وحضن سنيب المشبع بشيء لا تعرف له اسماً.
"لقد خفتُ." قالت أخيراً، بصوت بالكاد يسمع. "ولوهلة… ظننتُ أنني لن أراك مجدداً."
استدار نحوها ببطء، رمش مرة واحدة، ثم قال بشيء من الغضب الهادئ:
"سام، لا تعيدي هذا ثانية. لا تذهبي إلى الموت وتعودي منه بهذه البساطة."
ابتسمت من دون أن تفتح عينيها. "لم أذهب. التنين قرر ألا يقتلني."
"لأنه رأى فيكِ شيئاً… شيئاً لا تريه أنتِ حتى."
"كفاك فلسفة يا مالفوي." قالتها وهي تحاول أن تضحك، لكنها شعرت أن دمعة ساخنة أفلتت منها دون إذن.
هو لم يمسحها.
ولم يقل شيئاً.
لكنه قرب يده من يدها—قريب بما يكفي لتشعر بحرارة جلده، بعيد بما يكفي لتظل المسافة بينهما قائمة، كما لو كانت اتفاقاً غير منطوق.
بقيت النجوم فوقهما تلمع، كأنها تعرف سرّاً لا يقوى أحدهما على قوله بعد.
‧͙⁺˚*・༓☾ وحده دريكو رآها تلك اللحظة كما هي — فتاة تُخفي خلف جراحها لُغةً لا يفهمها سوى الخطر القادم ☽༓・*˚⁺‧͙