اكتفيتُ منكَ عشقًا

By FatmaMohmed890

3.7M 194K 32.1K

رومانسي_أجتماعي_دراما_غموض_تشويق_كوميدي_عائلي الجزء الاول والثاني والثالث معًا (مكتملة) More

مقدمة♥
اقتباس
اقتباس (2)
مواعيد الرواية♥
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
اعتذار
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
اعتذار
نهاية الجزء الأول
ميعاد نزول أولى فصول الجزء التاني❤️
الفصل الأول "الجزء التاني"
الفصل الثاني"الجزء الثاني"
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
اعتذار❤️
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
هام
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
توضيح❤️
الفصل السادس عشر
اقتباس من الفصل القادم..
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
فضفضة..
الفصل التاسع عشر
نهاية الجزء الثاني
مواعيد الجزء الثالث
اقتباس
"الفصل الأول"
"الفصل الثاني"
"الفصل الثالث"
"الفصل الرابع"
اعتذار
"الفصل الخامس"
عيد سعيد❤️
"الفصل السادس"
"الفصل السابع"
"الفصل الثامن"
"الفصل التاسع"
تنويه🖤
"الفصل العاشر"
"الفصل الحادي عشر"
"الفصل الثاني عشر"
"الفصل الثالث عشر"
اقتباس
"الفصل الرابع عشر"
هام
"الفصل الخامس عشر"
اقتباس
"الفصل السادس عشر"
اعتذار
"الفصل السابع عشر"
"الفصل الثامن عشر"
"الفصل التاسع عشر"
"الفصل العشرون"
"الفصل الواحد والعشرون"
"الفصل الثاني والعشرون"
"الفصل الثالث والعشرون"
"الفصل الرابع والعشرون"
عيد سعيد💫💜
"الفصل الخامس والعشرون"
اعتذار
الفصل الجديد
الفصل الأخير
مناقشة
الخاتمة"جزء أول"
تأجيل💜
الخاتمة "جزء ثاني"
هاااام
مساء الخير❤️

الفصل الثالث"الجزء الثاني"

37.9K 2.6K 504
By FatmaMohmed890

قبل أي حاجة عايزة اعرفكم أن الأحداث لحد دلوقتي تسخين ليس إلا، والفصول الجاية كلها دمار وحقائق بتنكشف والفصول هتبقى طويلة عن كدة، بس انا مش حبة اجري بالاحداث حبه كل حاجة تاخد حقها، كمان حبة اتكلم عن التفاعل، اتمنى التفاعل يعلى عن كدة، أنا وقفت الرواية فيس بسبب التفاعل، فأتمنى بجد تفاعلكم هنا يشجعني اكتب، انا شغفي للكتابة ضايع وانتوا اللي بأيديكم ترجعوه تاني، متنسوش الفوت والكومنت وتوقعاتكم في اللي جاي بعد ما تقروا الفصل طبعا❤️❤️
_____________

اكتفيتُ منكَ عشقًا
(الجزء الثاني)
الفصل الثالث:
(بــــــــــدايــــة جـــــــديــــدة)
"داخل إحدى بنايات الحواري الشعبية "

صدح صوتها بأركان المنزل، مرددة أسم شقيقتها بصوتها الجهوري:

-رحـــــــــــــمـــــــــــــة.

يا رحمة..

ولجت شقيقتها من الشرفة الصغيرة وبين يديها طبقًا بلاستيكيًا كبيرًا فارغًا كان يحوي منذ دقائق على ملابسهم المبللة.

أجابتها رحمة بحنق وصوت جهوري مماثل لها، واضعة الطبق على خصرها  وهى تميل قليلا وكانت ترتدي عباءة بيضاء واسعة تتسع خمس أشخاص من حجمها وترفع إحدى طرفى العباءة وتضعة في بنطالها والطرف الاخر يتدلى للارض وكأنه ممسحة للارضية وكانت تضع حجابها بطريقه شعبية اعتادت عليها رابطة إياه أعلى رأسها بينما تضع إحدى المشابك في فمها:

-في إيه يا زفتة، بتنادي كدة لية، مش عارفة أني بتنيل أنشر الغسيل، عايزة إيه؟

اتسعت بسمة مريم ودنت منها، قائلة بملامح ماكرة:

-ما تكلمي هيما، قوليله يجبلنا أكل معاه أنا بطني بتصوصو وبصراحة بقى نفسي في أكله كفتة وفراخ مشوية من عند عم محمد اللي على اول الحارة، يلا بقى كلميه، قبل ما نلاقيه طابب وأحلامي في أكل الكفتة تتبخر.

-والأكل اللي أنا جيت من الشغل و وقفت عملته، ده اعمل فيه إيه، نرميه.

قالتها رحمة بسخرية، رافعة حاجبها الأيمن، ردت مريم عليها بتأفف هاتفة:

-ونرميه لية متبقيش مفترية، أحنا نشيله لبكرة ونكلم هيما نقوله انك تعبانة ومطبختيش ويجبلنا اكل معاه، بس كدة..

حركت رحمة رأسها بنفاذ صبر وصاحت :

-طب روحي يختي كلميه، يكشي يتعصب عليكي ويجي يديكي علقة سقع.

-اخرجي انتي منها بس هيما ده قلبي قلبي شوفي يديني كل علقة وعلقه وأيده مزربة بس برضو روحي روحي لو هتشل من تحت إيده محبش إلا هو.

قالت مريم الأخيرة ملتقطة هاتفها الصغير، ثم جاءت برقمه، ثوانِ وكان يجيبها:

-خيرر، مش برتاح لما بتتصلي..

أجابته بأحترام مصطنع:

-السلام عليكم يا أخ إبراهيم..

قطب إبراهيم حاجبيه، ثم قال بأستنكار:

-السلام عليكم، واخ ابراهيم في جملة واحدة، لا أنتِ مستحيل تكوني مريم انتي مين يا أبت..

قهقهت مريم عاليا وعقبت بمرح:

-مريم وحياتك، أنت فين يا هيما..

-في الطريق اهو عشر دقائق وتلاقوني قدامكم، سخنوا الاكل بقى لحسن بمووت من الجوع..

ابتلعت ريقها وقالت بتلعثم:

-اه، ما أنا متصلة عشان كدة، رحمة رجعت انهاردة تعبانة شوية من الشغل ومطبختش حاجة، وانا أكيد مش هسيب مذاكرتي واطبخ، فـ إيه بقى..

أجابها بترقب:

-أيوة إيه بقى، هاتي من الآخر.

-إيه يا هيما هجبلنا كفتة وفراخ من عند عم محمد وأنت جاي، وخليه يزود السوا عليهم..

تلفظت الأخيرة فجائها صوته المستفسر وكأنه لم يستمع لشيء من حديثها:

-أيوة إيه بقى، مقولتيش برضو..

-يووه ما أنا لسة قايلة يا هيما..

قالتها بدهشة، فقال قبل أن يغلق:

-ألو مريم مريم مش سامعك من الدي جي وطي الصوت، ألو..

أغلق الهاتف في وجهها، فنظرت للهاتف وقالت بخفوت:

-طب على الله تطلع من غير الكفتة والفراخ والله هأكلك أنت واختك ها..

خرجت رحمة من المطبخ فوجدتها تحدث نفسها بخفوت، فأقتربت منها وقالت:

-إيه خلاص أتجننتي وبتكلمي نفسك!

عضت مريم على شفتيها وهتفت يتذمر:

-جن أما يلهفك و

قاطعت حديثها عند استمتعها لذلك الصوت الصاخب القادم من الخارج، تبادلت النظرات مع شقيقتها وثوان، وكانوا يتجهون صوب الباب..

فتحت رحمة الباب واقتربت من السلم ترى ما حدث فوجدت إحدهم قد ألقى بعض النفايات، تهجمت ملامحها وصاحت بصوت جهوري:

-جرااا إيه يا عالم يا معفنة، بترموا الزبالة على السلم لية، فاكرنا نايمين ومش هنحس بيكم، عملتوها مرة وسكتنا، بس ورحمة أمي ما هسكت المرة دي في إيه..

قالت الأخيرة، ومريم تتابعها، وما أن انتهت حتى استرسلت مريم ما توقفت عنده رحمة صائحة:

-أنتِ يا ولية يا أم محمود، أنتِ يا ست..

خرجت تلك الجارة على أصواتهم من الدور القابع فوقهم وقالت:

-في إيه يا رحمة أنتِ ومريم إيه الدوشة اللي عملينها أخر الليل دي، عايزين ننام..

خرجت شهقة عالية من فوه مريم وقالت:

-نامت عليكي حيطة، ولا أقولك أنام أنا عليكي ابططك عشان نرتاح منك، بترمي الزبالة لية من بير السلم، هنتعمي من الريحة..

ارتفع حاجبي المرأة وقالت مشيرة تجاه نفسها:

-نعم يختي أنتِ وهى، أنتم ملقتوش غيري ولا ايه، ولا مش عارفين تتشطروا غير عليا، اكمني ولية غلبانة..

اتسعت بسمة رحمة بتهكم فصاحت :

-أنتِ غلبانة أنتِ ده أنتِ ثعبانة كدة، طب يا ولية، معفنة وقولنا ماشي لكن كمان غبية وبترمي الزبالة بالبامبرز بتاع ابنك، اللي محدش في العمارة اصلا عنده عيل غيرك..

تأففت المرأة بضجر وصاحت:

-طب يلا يا شاطرة أنتِ وهى بيتك بيتك عشان بس مش عايزة أمد ايدي عليكم..

خرج زوج المرأة على صوتها، وقال رامقًا كل من رحمة ومريم بنظرات سريعة من الأعلى:

-في إيه يا انتصار..

أجابته زوجته بصوت عالي غير مبالية بباقي الجيران المشاهدين لذلك الشجار القائم بينهم، هابطة درجات السلم، و زوجها خلفها يلحق بها:

-في قلة أدب يا ابو العيال..

اماءت رحمة برأسها وهى تقترب منها :

-لا وأنتِ الصادقة، ده مفيش أدب خالص، يا ولية يا معفنة.

قالت الأخيرة وهى تلتقط خصلاتها بين يديها مسددة لها بعض اللكمات، حاول زوجها التفريق بينهم واستغلال ما يحدث و مد يده على رحمة يتلمسها بجراءه و وقاحة..

اما مريم فكانت تشجع اختها على تسديد اللكمات وما وقعت عيناها على جارها الذي يتلمس شقيقتها حتى انحنت خالعة نعلها المنزلي مقتربة منه، ضاربة إياه هو الأخر، فتجمع بعض الجيران محاولين تهدئتهم والتفريق بينهم…

_____________

كانت تجلس نصف جلسة على الفراش بذلك الظلام الدامس، رامقة إياس الممدد بجوارها يوليها ظهره، منزعجة من ذاتها، تشعر بأختناق شديد كان سببه سذاجتها التي جعلتها تخرب ما كان يخطط له من أجلها..

وتقلب اليوم الذي انتظره منذ أن رأها رأسًا على عقب.

تفاقم إحساسها بالغيظ من ذاتها، عاضضة على شفتيها، لا تعلم اتيقظه، أم تتركه الآن وتصالحة في الصباح..

رمشت أهدابها مرتين، ورفعت يديها تحك رقبتها بتوتر، مقتربة بجسدها منه ترغب بمعرفة ما إذا كان مستيقظًا بعد، أما أنه ذاهبًا بسبات عميق، انحنت لمستوى أذنيه وهمست له بنعومة:

-إياس، أنت نمت؟

لم يجيبها، فرفعت يديها وابتلعت غصتها، وهى تهزه برفق، بملامح منكمشة وكأنها على وشك البكاء مثل الأطفال:

-إياس متقولش أنك نمت وسبتني!!

لم يأتيها رد، فكزت على أسنانها حتى أصدرت صوت أثر احتكاكهم، ساببه ذاتها في سرها 

-غبية، غبية، خلتيه نايم زعلان منك.

قالت الأخيرة وهى تتحرك في الفراش مندسة أسفل الغطاء، نائمة على ظهرها، تطالع سقف الغرفة بملل وتفكير…

ظلت هكذا عدة ثوان، ثم نهضت مرة أخرى واقتربت منه مكررة فعلتها وسؤالها وأناملها تسير على ذراعيه ببطء :

-يا إياس، أنت نمت بجد؟

تلك المرة أجابها بصوت كان باردًا كالجليد منفضًا يديها رافضًا لمساتها له، فيكاد يقسم لو كان في ظرف آخر لكان ذاب بسبب تلك اللمسات الناعمة:

-يخربيت إياس يا شيخة، أيوة يا تقى نمت ايكشي تسكتي وتنامي أنتِ كمان بقى.

اتسعت عيناها وسعدت لأجابته إياها، فكادت تتحدث لولا حديثه الذي أوقفها متمتم:

-والله لو اتكلمتي تاني وسألتيني أنت نمت ولا لا، هقوم واسيبلك الأوضة وخلي الكل يعرف أني طفشت منك من أول ليلة بينا…

لوت ثغرها وقالت بوجوم في سرها:

-آه وحماتي تعرف وتشمت فيا مش كدة، بعينها، أنتِ سبيه دلوقتي وصالحيه الصبح حتى يكون هدي ناحيتك.

تنهدت مجيبة إياه بهدوء وحزن مفتعل:

-لا وعلى إيه الطيب أحسن، تصبح على خير.

____________

وصل إبراهيم البناية متعجبًا من ذلك الشجار القائم في بنايتهم في ذلك الوقت، فلولا مرض شقيقته لكان ظن بأنها افتعلت شجارًا، لكن لا فمن المؤكد أنها .

كاد ينفي ما يدور برأسه من شكوك لكن وصل إليه اصوات شقيقاته، فقال وهو يهرول قاطعًا درجات السلم بسرعة فائقة:

-لا ده هما فعلا، أنت مش ظالم يا هيما..

وصل الدور القاطنين به، فترك الكيس البلاستيكي المتواجد داخلة الطعام بجوار الباب.

وقعت عين مريم عليه فأنزلت نعملها وهندمت ملابسها، مستغلة اقترابه منهم منظفعة داخل المنزل تاركة شقيقتها بمفردها.

 صاحت رحمة بنبرة جهورية غير منتبه لقدوم شقيقها ورحيل مريم تاركة إياها:

-هتبطلوا عفانة امتى ها، هتبطلوا امتى قولولي بس.

جذبها من خصرها، وفتح باب المنزل ودفعها داخل المنزل ملتقطًا كيس الطعام واضعًا إياه بالمنزل، فقال جاره بصوت منهك:

-والله ما ينفع كدة يا إبراهيم، والله لولا الجيره كان زماني ليا تصرف تاني..

صر إبراهيم على أسنانه وقال:

-ما خلاص يا عم متزطش في الزيطة، وخد مراتك، وانتم يلا خلصت الخناقة، وخلصت الفرجة..

تلفظ الأخيرة، والجًا هو الآخر صافعًا الباب من خلفه…

دخل المنزل فوقعت عيناه عليهم واقفين حول مائدة الطعام يتبادلون الحديث بكل براءة يفتحون الطعام الذي جاء به:

-شوفتي الولية المعفنة، والله المفروض كنا خلناها نزلت نظفت دخلة العمارة ولمت زبالتها..

ردت مريم وهى تنتشل الكفتة واضعة إياها بفمها بطريقة كوميدية:

-ومين قالك أننا هنسيبها، ده أحنا مش هنخليها تنظفها بس، ده إحنا نخليها تلحسها بلسانها كدة…

تجعد وجه رحمة اشمئزازًا وقالت:

-يععع الله يقرفك..

-اللي يقرفها هى، معرفش الواحد يبقى قاعد في حالة ويلاقي المصايب نازلة زي المطر على راسه، بس يلا بقى خلينا ناكل مبحبش اكل عن حد..

وقف أبراهيم بينهم يتابع حديثهم الدائر بينهم، وعند انتهاء شقيقته من قول الأخيرة قال مقلدًا إياها يشاركهم الحديث:

-لا بس أنتِ نينجا أوي في نفسك يا بت يا مريم، لا وشبشبك بيترقع ،و لا رحمة، أول مرة اشوف واحدة تعبانة بتضرب، اللي اعرفه انها تضرب لكن تضرب دي جديدة…

ابتلعت مريم ما بحلقها، وتبادلت النظرات مع رحمة التي صاحت مشيرة تجاه غرفتها:

-طيب انا داخله انام بقى عشان ورايا شغل و

كادت تكمل وهى تتحرك فرًا لغرفتها، فلحقتها يد إبراهيم التي تلقتها وقال:

-شغل إيه بس، هو في واحدة تعبانة تنزل شغل!!

ابتسمت مريم بتوتر وقالت:

-تعبانة إيه بس سلامة الشوف يا هيما يا حبيبي، أنت نظرك ضعف ولا إيه، ما البت كويسة أهى..

-اخفض إبراهيم يداه عنها، خالعًا حزامه المتواجد على خصره، وكل من مريم ورحمة تراقبان ما يفعله، فصاحت مريم قبل أن ينهي ما يفعله:

-بت يا رحمة، مش بيقولوا الجري نص الجدعنة، يلااااااااا اجرررري يا مجدي.

قالت الأخيرة تاركة له نصيبه من الطعام محتضنه ما تبقى راكضة به تجاهه غرفتهم المشتركة، صافعة الباب من خلفهم…

فوصل إليهم صوت إبراهيم قائلًا:

-يعني مش عارف اعمل معاكم إيه، اقتلكم ويقولوا قتل اخواته، طب اتبرى منكم..

جائه صوت مريم المقهقه من خلف الباب:

-والله لو مش عجبك طلقني عادتشي ولا تزعل نفسك….

_____________

«في صباح اليوم التالي»

توسط الأريكة بجسده وقسماتة التي كانت توحي بمدى غضبه واستنكاره لما حدث، فعديد من التساؤلات لم تفارق ذهنه منذ أن علم هروبه بمساعدة رجال مُلثمين مجهولون الهوية بالنسبة له..

نقر بأصبعه على السطح الخشبي أمامه، وعيناه كانت كالبركان المُضرم..

مطرحًا تساؤلاته تلك بصوت عالي تناهى لمسامع فوزي الواقف قبالة النافذة الزجاجية فقط يطالع الحديقة بسكون مريب..

-مين اللي هربه؟

وازاي عرفوا مكانه، أنا هتجنن خلاص، معقول حلمنا ينتهي ويدمر بسهولة كدة، يبقى في أيدينا وفجأة يختفي، طب ازاي، ده محدش غيرنا يعرف..

علق فوزي على جملته الأخيرة، مرددًا بأستنكار جلي وعيناه لا تزال معلقة بالحديقة:

-لافيه يا عاصم، ولا نسيت روفان وعلياء!؟

رفع عاصم عيناه يرمقه بصدمة حقيقية، ثم نفى برأسه وقال ناهضًا من مجلسه:

-مش علياء، علياء بتحبني ومستحيل تخوني، بس كمان لو مش هى وطلعت روفان فدي مصيبة، كدة تبقى كشفتنا..

أستدار فوزي معتدلًا بوقفته، أمعن النظر به ثم استطرد بهدوء ما يسبق العاصفة:

-وده من سابع المستحيلات أنه يحصل، لو شكت في الدنيا كلها مستحيل تشك فينا، أنا متأكد أنها علياء، البنت دي بقت خطر علينا، ومش بعيد تكون

كاد يكمل ويوجه اصبع الأتهام تجاهها لولا صياح عاصم الذي منعة من استرسال ما ينوي التفوه به:

-لا، مش علياء بقولك، شيلها من دماغك يا بابا، متحاولش تشككني فيها، لانه ده مش هيحصل، وبدل ما أنت عمال تحاول تشككني فيها كدة، فكر معايا خلينا نفهم إيه اللي بيحصل، في حاجة غريبة في الموضوع ولازم نفهمها، لازم نلاقي سعد، أمي مش هترتاح في تربتها غير لما اقتله واشرب من دمه.

حل صمت مريب، وارتفع جانب وجه فوزي في غلاظة قائلًا بنبرة مترقبة وهو يرفع يديه يربت على كتفيه: 

-طب مدام أنت واثق فيها اووي كدة، كلمها خليها تيجي حالًا يا عاصم.

انكمش وجهه انزعاجًا فأسترسل فوزي:

-يلا عشان مش هقبل أي اعتراض ومدام واثق فيها خايف لية، يلا …

اماء عاصم برأسه عدة مرات واثقًا من براءة معشوقته، فلو أرادت خيانته وفضح آمره لفعلتها منذ أن علمت، فمن المؤكد أن هناك شيء، أو أن إحدهم يتلاعب بهم…

-هكلمها، بس لو زعلتها مش هسكت، مفهوم..

ارتفع حاجب فوزي وهو يراقب اندفاعه ذهابًا وإيابًا بالحجرة مخرجًا هاتفه يحدثها…

أما هى فكانت تجلس على الفراش بوضعية الجنين، محتضنة جسدها، فقط تحدق بالفراغ…

ارتفع رنين هاتفها، فألتقطته دون ترى المتصل و وضعته على أذنيها مجيبه الطرف الآخر، بصوت جعل القلق ينهش قلب معشوقها ويدرك مدى شناعة فعلته..

-ألو.

قطب جبينه و خفقاته في تزايد ، متمتم:

-أنتِ كويسة يا علياء؟

ردت بوجوم ما أن استطاعت تمييز صوته:

-كويسة، بتتصل ليه..

أزدرد لعابه وهو يجيبها:

-ينفع تيجي البيت بابا حابب يشوفك.

هنا وتحركت مقلتيها، ورفعت رأسها للأعلى ساحبة نفسًا عميقًا:

-مسافة السكة وأكون عندكم، سلام.

أغلقت معه، و وضعت الهاتف بجوارها على الفراش، ثم أزاحت الغطاء، و ولجت دورة المياة المرافقة لغرفتها…

وبعد مرور بعض الوقت خرجت من المرحاض وارتدت ملابسها متعجلة..

وأخيرًا انتهت، رافعة يديها عاصقة خصلاتها بطريقة عشوائية، ثم انتشلت حقيبتها وخرجت من الغرفة وعيناها تجوب بالمنزل بحثًا عن ملك…

توقفت عن المسير، عندما رأت الوضع بالخارج، ارتفع حاجبيها دهشة، وهى ترى الصالون منقلبًا رأسًا على عقب، والتسالي التي كانت تأكل منها ملك بالأمس مبعثرة على الأرضية، والأريكة…

كما تركت التلفاز مفتوحًا، وتتسطح على الأريكة بكل أريحية ذاهبة بسبات عميق، كأنها لم تفعل شيء..

زفرت علياء زفرة عنيفة، قبل أن تحرك رأسها بنفاذ صبر فلا يغيب عنها تغيير ملك في الفترة الأخيرة وكأنها باتت شخصًا آخر لا يفكر سوى في ذاته…

تركت كل شيء في محله واقتربت من الباب مغادرة المنزل، صافعة إياه بهدوء شديد حتى لا تقظها…

_____________

«في منزل عائلة صابر»

كانت تجلس بالحديقة، أمام حمام السباحة بشرود، تفكر بحماقتها وسذاجتها، مراهقتها المتأخرة التي جعلتها تعجب بشاب لم يتحدث معها ولو لمرة بشيء ينم عن أخلاقه…

انجرفت وراء شيطانها، وخاضت تجربة، ستترك أثرًا معها…

أغمضت جفونها بقوة، تحمد ربها على إرساله من ساعدها في الوقت المناسب، فلو لم يحميها الله عز وجل لكانت الآن حطام وبقايا أنثى وثقت في رجل لا يمت الرجولة بشيء بل هو أشباه رجال…

ترقرقت الدموع بعيناها، وأرادت تحريرهم بذلك الوقت، وكانت ستفعلها وتحررهم من مخبأهم داخل عيناها لولا صوت أخيها الحنون الذي جائها:

-الحلو إيه اللي مصحيه بدري كدة!؟

فتحت عيناها ورسمت بسمة مزيفة على وجهها، حتى لا تثير شكوكه، مجيبة على استفساره الذي غلفه بعض المرح:

-شكلي اتعودت على الصحيان بدري، ولا نسيت اني انتفخت الشهر اللي فات صحيان بدري عشان الأمتحانات..

تبسم وجه سليم ورد :

-لا منستش، اهى سنة وخلصت الحمدلله، عقبال كدة ما نعرف النتيجة وتنجحي بتقدير كمان..

-يارب.

ردت بوجوم وتنهيدة عميقة، فجاء صوت إياس من خلفهم واضعًا يديه على قلبه متمتم:

-لا قلبي خيانة، ومن مين مهرة وسليم، لا مش مصدق عونيا يا جدعان.

رمقه سليم بنظرة خاطفة وقال:

-بيقولك مرة عريس سايب عروسته يوم الصباحية، ونازل يرازي في خلق الله قبل ما يسافر..

اتسعت بسمة إياس وجلس جوارهم على الأرضية قائلًا:

-لا ما هو مفيش سفر بقى، في حد منكم عينه راشقه معايا في السفرية دي، اكيد مروان مفيش غيره..

اكفهر وجه سليم وقال:

-لا وحياه امك متجبش سيرته لحسن بيجي على السيرة…

وبالفعل صدح صوت مروان من خلفهم مردد:

-مش بقولك بيموت فيا، آه يبين أنه يطيق العمل وميطقنيش بس برضو حبيبي حبيبي..

ابتسمت مهرة على حديث مروان، فنهض سليم من مجلسه ونفض ملابسه، قائلًا:

-طيب عن إذنكم أنا بقى..

غادر من أمامهم والجًا المنزل فردد مروان بسخرية:

-امشي يا مغرور يا متكبر، أنت فاكرنا هنمسك فيك يا قمرور لا ده احنا هنعمل لوووولي فرح..

ارتفعت ضحكات إياس ومهرة، فغمغم إياس:

-وربنا أنت جبان..

هندم مروان ملابسه بفخر مصطنع وقال بمرح وطريقة كوميدية بحتة أجبرتهم على الضحك:

-كلنا عارفين أني جبان بس لا يمكن نقول…

أما بالأعلى فكانت أعين تقى تراقب ما يحدث من ضحكات عالية في هذا الصباح الباكر، إلتوى فمها وقالت يتهكم وغيظ مكتوم:

-أنا يصدرلي الوش الخشب ومعاهم ضحكتة بتسمع اخر الدنيا، ماشي يا إياس، فرحهم فيا كمان وكمان خليهم يقولوا أنه أمك معاها حق واني مطفشاك..

_______________

قابلها أمام الدرج وكاد يرتطم بها لولا الحاقه ذاته وابتعاده في الوقت المناسب  ..

قلب عيناه يمينًا ويسارًا، قبل أن يتلفظ بهدوء وبسمة محبة تزين قسماته الوسيمة:

-صباح الخير.

ازدردت ريقها من طريقتة المحبة الهادئة، وشعرت بأحساس غريب مريب انتابها وسيطر عليها..

ردت بهدوء مماثل له، قائلة ببسمة صغيرة اختفت سريعًا:

-صباح النور.

جالت عيناه على ملامحها بصدمة، وبصيص أمل، ترى أخُيل له ابتسامتها، أم أنها ابتسمت حقًا..

رفع سبابته، وأشار تجاه وجنتيها متوخي الحذر على ألا تلمسها يداه:

-إيه اللي أنا شوفته ده، أنتِ ضحكتي بجد ولا أنا بحلم..

تجمدت ملامحها كالتمثال، مركزة نظراتها على اصبعه الذي سريعًا ما اخفضه، وقالت بحدة طفيفة خافية توترها، فلا تعلم كيف ابتسمت له دون أن تشعر:

-أكيد بتحلم، مفيش حاجة تستدعي أني اضحك يعني، ألا لو أنت ارجوز بقى.

-أرجوز!!!

ردد الأخيرة بتعجب، ثم أكمل:

-الله يسامحك يا ستي، قوليلي فطرتي، ولا لسة!؟

-لسة.

أجابته وهى على وشك المغادرة فمنعها من التحرك واقفًا عائقًا أمامها:

-طب تعالي، نفطر وبعدين ننزل على المحل سوا، مفيش داعي تروحي بعربيتك، خلينا نروح ونرجع سوا، كدة كدة طريقنا واحد ولا إيه…

عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت على مضض:

-وأنا لما احب اروح مشوار في نص اليوم، اروح ازاي، هتسبني اخد عربيتك..

أجابها دون تفكير أو تردد:

-اكيد.

احتلت بسمة جانبية ثغرها، فلا تنكر بأن أسلوبه فريد من نوعه، خاصة معها….

ثم تحدثت محافظة على بسمتها تلك:

-طب يلا خلينا نفطر، وفي الطريق احكيلك اللي حصل امبارح، خلينا نشوف هتساعدني ازاي يا سليم باشا.

_______________

-يعني إيه الكلام ده، أنتم شاكين فيا، بعد اللي بعمله عشانكم شاكين فيا!!!

صاحت علياء بتلك الكلمات، وهى تشير على نفسها منتفضة من جلستها كمن لسعها أفعى.

دنا منها عاصم وحاول إسقاط تلك التُهمات مخبرًا إياها بأنه يثق بها، لولا صوت فوزي الذي صدح بجمود:

-ما هو بالعقل كدة، مفيش حد غيرنا أحنا التلاته، ومعانا روفان يعرف بموضوع سعد، واكيد مش أحنا و لا روفان، يبقى مين يا خطيبة ابني، ها، مين اللي ساعد سعد وهربه من تحت أيدنا، مفيش غيرك، ومتنكريش.

طالعتهم بصدمة عدة ثوان، ثم انتشلت حقيبتها بعنفوان قبل أن تغادر الغرفة مرددة:

-لا هنكر، لأني معرفش أي حاجة عن اللي خطفوه، ومن انهاردة طرقنا افترقت، ومدخلونيش في أي حاجة تاني، مدام علياء طلعت خاينة، و وحشة أووي كدة…

قالت الأخيرة، وهى تغادر المكتب، لحق بها عاصم، مانعًا رحيلها:

-علياء استني، بابا ميقصدش صدقيني..

صرخت عليه بأنفعال :

-لا يقصد يا عاصم، وعلطول شاكك فيا، رغم كل اللي بعمله معاكم وعشانكم، رغم اني بحاول اثبتله دايما أني معاكم مش عليكم، واقربها امبارح، برضو كل ده انا وحشة، واستاهل تشكوا فيا صح..

كاد يتحدث فصرخت عليه:

-متكملش واعتبروني برة الليلة دي من النهاردة، كل اللي ليكم عندي انفذ اخر حاجة اتفقنا عليها وبعد كدة اتصرفوا مع نفسكم ..

_____________

انتهت من تناول الطعام، فرفعت رأسها وكادت تخبره بانتهائها، حتى وجدته يطالعها مغمغم بهدوء مما ادهش الجميع من تبدل علاقتهم :

-يلا.

اماءت له بهدوء قائلة:

-يلا.

ارتفع حاجبي بسام وتبادل النظرات مع أبناء اعمامه، فصاح صوت مروان المرح:

-طب إيه يلا أحنا كمان.

رمقة سليم بنظرة سريعة، فوجد ابتسامته تتسع وبسام يحاول كبح بسمته، أما كوثر فكانت تطالعه بأعين مشتعله وقلبها يخبرها أن ابنها بات عاشقًا لتلك الفتاة الوقحة.

نهضت أفنان عن الطاولة، وتحركت رفقة سليم، فظلت أعين صابر تتابعها حتى اختفت عن أنظاره فصاح موجهه حديثه لمروان وبسام :خير يا بيه أنت وهو مفيش شغل وراكم ولا إيه؟!

امتعضت ملامح مروان وقال:

-لا ازاي هو الشغل بيخلص برضو، هنخلص فطار وهنطير إن شاء الله..

_____________

«بالخارج»

فتح لها باب السيارة حتى تجلس بجواره، ابتلعت ريقها بتوتر واستجابت له صاعدة بجواره، أغلق خلفها الباب بهدوء، ثم تحرك تجاه مقعده وجلس به هو الآخر، واضعًا حزام الآمان، ثم رمقها وصاح:

-اربطي حزام الآمان.

فعلتها، وما أن انتهت حتى غادر بالسيارة..

فتحت حقيبتها وأخرجت الورق الي وضع لها منذ أن وطأت قدميها القصر وقالت:

-ده الورق اللي قولتلك عليه امبارح، أما دي بقى فأتحطت امبارح وخرج إياس من دايرة الشك، بعد ما خرجك أنت كمان..

التقط الورق من يدها مطالعًا إياه تارة والطريق تارة أخرى، ثم قرر الوقوف جانبًا حتى يرى ذلك الخط…

لم يستطع التعرف على صاحبه، بالخط مجهول ليس بخط أحد من عائلته…

فقال بصدق:

-ده مش خط حد مننا..

طالعته بجمود، ثم خرج صوته :

-أفنان، أنتِ مفكرتيش في مرة أزاي واحد ولا تعرفيه ولا عمرك شوفتيه يفكر يعمل فيكي كدة، ازاي جاتله الجرأة أنه يدخل بيتك ويعمل كدة عندك في البيت، أكيد عارف بإخوكي مفكرش ازاي أنه ممكن حد يجي وهو فوق، والبواب ازاي ممنعوش!؟

ازاي أخوكي وافقك تخشي عيلة فيها شباب غريبة عنك، في حين أن لو الموضوع ده حصل مع مهرة أختي أنا مستحيل اسيبها تعمل كدة، مستحيل اغامر بيها وادخلها بيت فيه خمس شباب واحد منهم اغتصبها..

___يتبع___

Continue Reading

You'll Also Like

381K 31.3K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
5.4K 243 15
تقدم نحوها وتوقف على بعد خطوة واحدة ثم غمس ساق الوردة بين خصلاتها الحمراء قائلاً : _ كدة هيبقى شكلها أحلى. رفعت "أثير" كفها على شعرها تتأكد من وجودها...
3.3K 268 31
" الشيطان يمتلك الكثير من الأيادي كــالأخطبوط، إذا قُمت بقطع واحدة تجد أخرى تلتف من حولک، احذر تلك اليد الخبيثة التي تمسک بک، قد تكون نجاتک أو هلاکک...
اللغم By zeinab ahmed

Mystery / Thriller

4.1K 363 47
«قلُبْ آلُمنْتٌقم گآلُلُغم فَآحٍڏر أنْ يَنْفَجٍر بْگ» ابتداء ༻٢٢/٩/٢٠٢٣༻ انتهاء ༺٢٦/١٢/٢٠٢٣༻ تمت بحمد الله ♥ "بقلم/زينب أحمد "