المشهد الثالث

47.3K 2K 464
                                    


رفع رأسه عن الماء قبل أن يخفضه مجددًا، وهو يسبح جيئة وذهابًا، على طول المسبح الذي يقبع بداخل الفيلا. كان مصممًا بشكل يتيح للمتواجد به رؤية ما يحدث بالخارج، من خلال الزجاج المعاكس، ودون أن يسمح بحدوث العكس. استند "أوس" على حافة المسبح، منتظرًا بترقبٍ وشوق، حضور زوجته لتشاركه السباحة؛ لكنها استغرقت وقتًا زائدًا عن المعتاد، كاد أن ييأس من مجيئها، لولا أن سمع تلك الخطوات القادمة من على بعد، التفت برأسه نحو الجانب الآخر، ليجدها ترتدي روب الاستحمام القطني، تحكم غلقه على جسدها، فلا يرى سوى القليل من ساقيها، ابتسم في استهجانٍ، وعاتبها بهدوءٍ:

-فينك كل ده؟ أنا قولت هاقضيها لوحدي هنا.

أجابت وهي تقضم شفتها السفلى في ربكة عظيمة:

-عقبال ما كنت بأجهز.

نظر لها بغرابةٍ، فالسباحة لا تحتاج لثياب كثيرة، ومع ذلك لم يمنع نفسه من التعليق، عندما رأها تجلس على المقاعد الجلدية المريحة، والموضوعة أمام المسبح:

-وإيه ده اللي إنت لبساه؟

تلون وجهها بحمرة ساخنة، لا تعرف من أين جاءت لتظهر المزيد من خجلها، وقالت ببحة خفيفة:

-أصلي سقعانة و.. كده يعني.

كانت تخجل من الظهور بثياب السباحة شبه العارية أمام نظراته المتقدة، ما زالت متحفظة، وتنتابها تلك المشاعر المرتبكة، حين يتعلق الأمر برؤيتها مجردة مما يمنحها الحشمة. سَبِح "أوس" في اتجاهها، وقال مشجعًا إياها، لتتخلى عن روبها الأبيض السميك:

-ده الجو حلو جدًا، اقلعيه.

ترددت في الاستجابة له؛ لكنه أنذرها بلهجة لم تبدُ مازحة:

-ولو عايزة مساعدة، فأنا جاهز.

احتجت بخجلٍ أكبر:

-لأ خلاص، أنا هاعرف.

أولته ظهرها، محاولة التحكم في الارتباك الخجل الذي يغزوها الآن، تنفست بعمقٍ، واستلت الحزام الذي يحكم جانبي الروب عنها، أطبقت على جفنيها بقوةٍ، وتخلصت بصعوبة مما يحجب جسدها البض عن عينيه. لفظت "تقى" الهواء المحبوس من صدرها، وببطءٍ استدارت لتنظر إلى وجهه الذي امتلأ بتعابير جائعة، ترغب في ممارسة الحب فورًا معها، هي تعرف تلك النظرات جيدًا، خاصة مع تحديقه البطيء على كل تفصيلة أنثوية تمتلكها؛ وكأنها تحت الفحص، بالرغم من ثوب السباحة الأزرق الذي ارتدته؛ كان عبارة عن قطعة واحدة، مطابقًا للون عينيها، ذي حمالات رفيعة، وفتحة صدرٍ تظهر أكثر مما تخفي، تماثلها أخرى أكثر عمقًا تحتل ظهرها، مما ضاعف من فتنتها المهلكة.

تلوت ساقها على الأخرى في ربكة، وتقدمت بخطوات حذرة نحو المسبح، لتجده يرفع ذراعيه للأعلى لاستقبالها، تجمدت في مكانها، وسألها بعبثٍ:

غسق الأوس ©️ - ليلة دافئة - كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن