الجزء الثاني والعشرون

1.4K 39 11
                                    

يجلس على مكتبه يحتسي قهوته الصباحية بهدوء بعد أن انهى الأعمال التي تراكمت عليه طيلة الشهور المنصرمه امسك كوب القهوة يرتشف منه ثم يعيده إلى الطاولة يده الأخرى يمسك بها الهاتف يقلب بها الصور الأولى صورة جول الصغيرة والثانية أخته الجديدة ابتسم في سره لم يتوقع حتى في أقصى خيالاته أن يصبح لديه أخت في هذا العمر وهو على وشك ان يصبح أباً وليس أختاً واحده بل اثنتين الحياة مليئه بالمفاجآت عندما تقول بأن لا يمكن أن تدهشك أكثر تنقلب الموازين راساً على عقب كان يشكو من الوحدة والآن على وشك الشكوى من الكثافة السكانية في المنزل <<<عاد بذاكرته قبل عدة اشهر عندما عاد هو وريان من المنزل الجبلي بعد أن قضيا يومين اقتنصاهما لنفسيهما بعيداً عن كل شيئ ما ان دخلا الى الفناء حتى فاجأتهما صرخات السيدة زهرة القادمة من الطابق العلوي هرعا الى مصدر الصوت ليجدا السيد هازار في وضع لا يحسد عليه فالسيدة زهرة كانت على وشك الولادة... بعد أن وصلا إلى المشفى كان يرى ريان التي تتقلب في مكانها كمن يجلس على الشوك وهي تسمع صرخات امها القادمة من غرفة الولادة ما زال يذكر جيداً خوفها وتوترها وسؤالها عندما اقترب منها محاولاً طمأنتها لتقول بذعر " ميران هل سيحدث معي نفس الشيء هل سأتألم كثيراً فالولادة وأصرخ بهذه الطريقة؟؟ انا خائفة ميران "اخذها لحضنه دافناً وجهها في صدره ليقول " لا تقلقي سأكون معك و لن يحدث لك شيء ...رفع رأسها ليعود ويمسك يديها قائلاً...سأمسك بيدك هكذا بقوة و عندما تتذكرين أن هذه اللحظات ستذهب وسنأخذ طفلتنا إلى أحضاننا لن تشعري بشيئ سوى الحماس وستمدك مشاعر الأمومة بالقوة اللازمة لمواجهة الألم " اعادها إلى حضنه ليتنهد بقلق هو ايضاً خائف عليها خصوصاً وهو يسمع صرخات أمها التي تتعالى لم يحضر في حياته حالة ولادة من قبل لن يتحمل ان تتألم ريان يدعو الله ان يسهل عليها وعلى والدتها ولادتهما خرج السيد هزار من غرفة الولادة وقد تهللت أساريره وانفرج ثغره عن ابتسامة مشرقة يتذكر الأمر كأنه اليوم عندما أمسك أخته الصغيره ذات الرائحة العطرة بخوف غير معتاد على هذا الأمر كاد يرفض الا أن والده امره بنظرة من عينيه أن يمسكها ليعتاد فهذا أمر لا مفر منه فهو سيكون الأب القادم عندما يحين موعد ولادة ريان احس بالسعادة ترفرف في قلبه طلبت منه السيدة زهرة أن يقوم بتسميتها اصابه الحرج في البداية لكن نظرات ريان المشجعه جعلته ينطق بعد تفكير وهو ينظر اليها ثم يعيد انظاره الى الملاك الصغير القابع بين يديه " حياة ليكن اسمها حياة فهي التي ستجلب لنا الحياة الجديدة وتعوضنا عن ما عشناه في حياتنا السابقه ستكون روحاً جديدة تنفث في عائلة شاد أوغلو لتعيد لنا لحظاتنا السعيدة وأمالنا الضائعة " لاقى الاسم استحسان الجميع اما هو فقد شعر بالفخر و البهجة من المشاعر الجديدة التي يعيشها " >>>فاق من ذكرياته على صوت طرقات الباب تحدث سامحاً للطارق بالدخول لتدلف مديرة مكتبه عاد الى ارتشاف قهوته بعد أن ترك هاتفه جانباً وعقد حاجبيه استفساراً عن ما تريده لتقول بتردد وقلق كانا واضحين على هيأتها منذ أن دخلت من الباب " سيد ميران لديك ضيف " ازداد انعقاد حاجبيه أكثر ليقول " من هو هذا الضيف ولماذا تبدين خائفة ؟؟" همت بالرد إلا أن وصل الى مسمعه صوت أكثر شخص يمقته ويتمنى لو لم يعرفه يوماً مقاطعاً ما كادت تقوله دخلت بكل غرور وعنجهية وكأنها تملك الكون كله في كفها لتقول بغرور بعد أن القت نظرة ازدراء نحو المسكينه التي كانت تنقل نظراتها بين ميران وعزيزة " قصدتِ أن تقولي جاءت صاحبة المكان أم أنك نسيت أيتها الصغيرة لا يهم اخرجي الآن ودعينا على انفراد " ارسلت نظرات متسائله نحو ميران الذي أومأ لها بموافقه لتخرج و تغلق الباب خلفها دخلت عزيزة حتى وصلت الى أحد الكراسي امام المكتب لتأخذ مكانها عليه وتجلس وتصوب نظراتها نحو ميران الذي لم يكلف نفسه عناء ان يقوم من مكانه أو ان يبدي أي ردة فعل تجاه قدومها وهو ما جعل الدم يغلي في عروقها لكنها أبت ان تبدي أي استياء أو أن تعطي ميران ما يريده من خلال استفزازها قطع هو الصمت الخانق ليقول بسخرية " حسناً ما الذي تريده صاحبة المكان بقدومها وبتشريفها لنا في هذه الساعة " ابتسمت بخبث قائلة " على ما أرى أنني تركتك تسرح وتمرح كثيراً ميران شاد أوغلو حتى نسيت من أكون وما الذي يمكنني فعله عندما يفكر شخص في إيذائي " اعاد لها الابتسامة بمرارة قائلاً " وهل يعقل ألا أعرفك عزيزة اصلان بيه الم تكوني الشخص الذي حطم حياتي وسرق طفولتي وشبابي و حولهم الى جحيم مستعر لا تقلقي يا من كنت أقول لها جدتي وأحبها أكثر من نفسي إن أردت أن أنسى فإن أعمالك القذرة تلاحقني وتلاحق عائلتي رافضةً تركنا وشأننا " تبدلت ملامح وجهها بأخرى مخيفة تدب الرعب في أوصال من يراها الا ميران الذي لم تكن تؤثر به همست بفحيح " تقول أني دمرت حياتك ميران ها بل أنا من أنقذتك وأنقذت أمك مما كان سيحل بكما " قهقه بقوة دون فكاهه ليستقيم من مكانه ويدور حول طاولة المكتب حتى وصل لها ليقول بعدما توقف عن الضحك " أنقذتني وأنقذتي والدتي ها هذا واضح أمي التي انقذتها تحت التراب وأنا أنقذتني فجعلتيني فوق التراب ولكن جثة خاليه من الروح والاحاسيس والمشاعر لو لم تكن ريان موجودة لما تمكنت من العيش كإنسان طبيعي حباً بالله توقفي عن قول الترهات يبدو أنك كبرتي في السن وبدأ عقلك يسجل تراجعاً في الأداء أنصحك بزيارة طبيب في أقرب وقت قبل أن تتفاقم حالتك يا أمرأة الشيخوخة مشكلة عويصه إذا لم تسيطري على تبعاتها مبكرأً" أغضبها كلامه و فلتت أعصابها من عقالها الذي كانت تربطها به لتقوم من مكانها بقوة وتقول بزمجرة " أحمق وعقلك صغير ميران شاد اوغلو وستبقى احمقاً طوال حياتك ..اقتربت منه أكثر حتى أصبح وجهها مقابلاً لوجهه يفصل بينها بضع انشات ...هل تعتقد بعقلك الذي بحجم الجوز أن نصوح شاد أوغلو العظيم كان سيقبل بك وبأمك إن كنت نسيت دعني أذكرك أنت طفل غير شرعي هل تعلم ما معنى هذا معناه أن المجتمع لم يكن سيتقبلك لا أنت ولا أمك ولن يقبل نصوح بتلويث اسم عائلته بأخذ فتاة من عائلة فقيرة ككنة له وزوجة لابنه الحبيب هزار ناهيك عن أن هزار لم يكن موجوداً تلك الفترة ليحمي أمك ويمنع ما سيصيبها إن اكتشف أهل المدينة بأمر حملها الغير شرعي أنا أنقذت شرفها وسمعتها و زوجتها ابني و جعلتك تأخذ اسم عائلتي وجعلتك شرعياً تمشي بين الناس بشموخ بعد أن كاد نصوح يصدر فرمان موتك قبل أن تبصر النور وتأتي إلى هذه الحياة "
لم يحتمل ميران كلامها ليصرخ بقوة جرحت حنجرته ويمسك فنجان القهوة الذي على الطاولة ويرميه بأقصى قوته ويقترب منها " اصمتي اخرسي اقطعي صوتك أنت تكذبين لتجملي وتزيني حقيقة وضاعتك ودناءتك لاستغلال طفل بريئ في انتقام زائف لاهدافك الشخصيه " علمت عزيزة أنها أصابت الهدف عندما رأت تعابير وجهه فهو يبدو أمامها كمن يصارع الافكار السيئة في عقله عيونه الحمراء كالجمر عروق رقبته التي برزت بشكل مهيب وقبضة يده التي جمعها بقوة تابعت لتأجج وتزيد النيران التي اضرمتها في قلبه منذ برهه
" أنا محقة في كل كلمة قلتها ميران شاد أوغلو وأنت تعلم ذلك جيداً هل تعتقد أن ريان غافلة عن هذه الأمور هه بالطبع لا إنها تبقى معك بسبب شفقتها عليك قد تكون تحمل بعض المشاعر في قلبها لك ولكن مشاعر الشفقه هي المسيطرة على قلبها والا لم تكن لتعود اليك بعد السوء الذي ارتكبته بحقها أي فتاة في مكانها لم تكن لتتنازل للشخص الذي سرق براءتها و أظلم حياتها يا لك من مسكين " قاطعها باصبعه مهدداً بقسوة " قفي عندك عزيزة أصلان بيه لا أسمح لك بتجاوز حدودك ولا تذكري اسمها على لسانك القذر ريان تحبني و أنا أعرف هذا و مؤمن به ولن تستطيعي بمحاولاتك الواهية تغيير إيماني بالأمر " ابتسمت بخبث لتقول وهي على وشك المغادرة " اه كما تريد ميران شاد اوغلو أنت حر في تصديق ما تريد أنا فقط أخبرتك بالحقائق التي في جعبتي ولك مطلق الحرية في أخذها بعين الاعتبار أم لا ولكن لتعرف هذا جيداً جميع ممتلكات أصلان بيه التي أخذتها عن طريق الاحتيال سأعيدها بالقانون او بقوة السلاح لن اوفر اي طريقة سواء كانت قذرة او نظيفة لذا ابق عينك مفتوحة حتى عندما تنام فلا تعلم ما الذي يمكن حدوثه اذا غفلت واغلقت عينك لثوان " خرجت بعد أن بخت سمها في عروقه وأغلقت الباب ورائها ليهب ميران ويمسك كل ما تصل يده إليه ويلقيه أرضاً منفساً عن غضبه الذي يشتعل في صدره لماذا تستمر الحياة في امتحانه
بهذه الطريقة الم تكفي المعاناة التي عاشها من قبل وما زال يعيشها ما الثمن الذي يجب أن يدفعه ليتمكن من العيش براحة وسكينه ارتمى على الكرسي خلفه يتنفس بتعب بعد أن افرغ غضبه بالجمادات من حوله امسك بقلبه بقوه ليجمع قبضته ويضربه بخفه عدة مرات قائلاً " يكفي يكفي يكفي ".........وصل إلى المنزل و العبوس يطغى على ملامح وجهه جال بعينيه يبحث عن علاجه صعد السلالم ليجذبه صوت ضحكتها التي كانت كأنغام عذبه تعزف على أوتار قلبه مدغدغة حواسه و مرخية لأعصابه المشدودة ليتبدل عبوسه الى بسمة وغضبه الى راحه لحق الصوت حتى وصل الى غرفة والده
والسيده زهرة وجد مصدر سعادته تقف حاملة أختهم حياة تجمع الخصلتين الأماميتين بمشبك على شكل زهرة الى الخلف ليظهر وجهها الذي يعشق كل تقسيمة فيه ،ترتدي فستاناً باللون الأسود خاص بالحوامل مبرزاً بطنها الذي كبر كثيراً ليعطيها هالة من الأنوثة والاغراء يصعب على قلبه المسكين تحملها تقف بجانبها جول وهما ينظران الى الطفلة التي تمسك زجاجة الرضاعة بفمها الصغير ويبدو أن جول كانت تتذمر من شيئ عندما لاحظ عبوسها ووجنتيها اللتان نفختهما بحنق وريان كانت تضحك على ما تقول دلف الى الداخل عندما لاحظ خلو الغرفة من أي أحد سواهما " اوه ما الذي تفعلنه جميلاتي الثلاث " حيته ريان بابتسامه رقيقة ليقترب ويطبع على خدها قبلة عميقه ثم خد جول ليختم بأخذ حياة من يدي ريان عندما لاحظ أنها غفت بعد أن شبعت داعبها قليلاً ثم أخذ رائحتها لتتشبع بها رئتيه ثم وضعها في المهد ليخرجوا ثلاثتهم من الغرفة امسكت ريان بيدها وجنته ثم نزلت الى لحيته تداعبها لتقول بحنان " هل تناولت طعامك أم أحضر لك شيئاً خفيفاً الى أن يحين وقت العشاء " أمسك يدها ليطبع قبلة امتنان على راحتها ليهز رأسه نافياً جوعه الى أي شي سواها لتفهمه من نظراته وتبتسم بخجل ليزحف اللون الاحمر على خديها الطريين قاطعهما صوت جول التي قالت بعد أن رأت والديها قادمين باتجاههما "اصبحت جول الآن غير مهمه أمي و أبي مهتمون بحياة و عزيزي أخي ميران وأختي سيصبح لديهما فتاة صغيرة و تبقى جول مهمشة " ختمت كلامها لتعقد ذراعيها أمام صدرها بحنق ضحك الجميع من كلامها وغيرتها الطفولية ليحملها ميران طابعاً قبلات متفرقه على وجهها ويقول بحب " أيعقل أن تبقى السيده جول مهمشة أنت مصدر السعادة والبهجه لهذا المنزل وبدونك يبقى المنزل كالجسد بلا روح " علت الابتسامة وجهها لتقول بعد تفكير " ليتكم تنجبون صبياً لقد كثرت الفتيات في هذا المنزل لم أعد مميزه بعد الآن " أخذ هزار جول من ميران قائلاً بحكمة " نحن عائلة محظوظة صغيرتي لانجابنا الفتيات فالمنزل الذي توجد به فتاة خصوصاً مثلك انت واختيك منزل مبارك والله يحبنا ليهبنا هذه النعم العظيمة واذا اردت صبياً فعليك أن تطلبي من ريان وميران " ختم كلامه بابتسامه مازحاً التقط ميران مزحة والده ليكمل بعد أن راى وجهه ريان القرمزي من الخجل ليحيط كتفها بذراعه مقرباً اياها اكثر منه قائلاً بخبث ينظر اليها بزاوية عينه " والله أنا مستعد لجعل المنزل يعج بالاطفال فوطننا بحاجة الى زيادة في معدلات المواليد الذكور كي نربيهم على خدمة الوطن وفداءه بروحهم " قرصته ريان بخصره ليلتفت لها قائلاً " ماذا زوجتي أنا أؤدي واجبي الوطني كمواطن صالح قلبه على وطنه " زاد خجلها لينفجر الجميع بالضحك وتهرب نحو الغرفة بينما قالت السيدة زهرة بتأنيب مناقض لابتسامتها التي لازالت أثارها على ثغرها " يا لكما من سيئين احرجتم ابنتي المسكينه هيا يا ميران اذهب وخذ بخاطرها قبل ان تخاصمك وتقاطعك انت تعرف جيداً كيف يكون حنق ريان " هرع نحو الغرفة فالسيده زهرة محقه غضب ريان وحنقها سيئ جداً خصوصاً بعد حملها زاد الأمر بشكل كبير واذا تأخر اكثر لا يستغرب إن نام اليوم في غرفة الضيوف وصل الى الغرفة ليجدها تمسك هاتفها تعبث به دون اهتمام محاولة عدم الحديث معه حاول ان يلفت انتباهها دون جدوى فعبوسها يزداد كلما حاول ليجرب اخر كرت لديه امسك رأسه بقوة وقطب حاجبيه ليقول بألم مصطنع " أخ رأسي " وأخيراً التفتت له بقلق لتقترب بسرعه ممسكة بيده سحبته حتى وصل إلى السرير لتقول بتوجس " ما الامر لم يكن بك شيئ قبل قليل " اراد رفع العيار قليلاً ليقول بتمثيل متقن " لا اعلم يأتي هذا الالم فجاة ويذهب يبدو أنني أسرفت في استخدام الحاسوب اليوم " وقع القلق في قلبها وزاد من وتيرته تمثيله الذي جعلها تصدق بقلبها البريئ اسرعت الى طاولة الزينة تبحث في الادراج عن دواء مسكن لكن توقفت عندما رفعت رأسها قليلاً لترى انعكاسه في المرآه وهو يبتسم بخبث لتدرك سذاجتها عندما صدقته بكل غباء تظاهرت بأنها لم تنتبه لتلتفت ويعيد هو ملامحه المتألمه الى وجهه بلمح البصر لتقول في داخلها يالك من مخادع سأريك كيف تكون نتائج خداع ريان قالت بعد برهه
" يبدو أن المسكن لن يفيد سأعد لك خليط اعشاب سيقوم بإرخاء اعصابك وابعاد الألم" أعجبه اهتمامها ليتابع مسرحيته المستهلكه عادت بعد عدة دقائق تحمل بيدها كوباً قربته من فمه ليبتعد مشمئزاً قائلاً "ما هذا ريان هل تنوين قتلي رائحته مقرفة انا لن اتناول هذا حتى لو قتلتني " تصنعت ريان الحزن لتقول " سامحك الله يا ميران أنا حضرته بيدي هاتين من أجلك وأنت تقول لي هذا الكلام حسناً كما تريد يبدو أن وجعك قد ذهب أساساً أم أنه لم يكن هناك وجع من الأساس " ختمت كلامها رافعة احد حاجبيها بتساؤل حاولت أن يبدو حقيقياً أصبح ميران في ورطه حقيقة إن قبل شربة قد يصاب بالتسمم فمنظر الشراب يوحي بأنه أي شيئ إلا علاج و إن رفض قد تكتشف ريان خدعته
وعندها يتضاعف غضبها ويحترق هو حزم أمره ليقرر شرب هذا الشيئ الذي بين يديها فتحمل طعمه وتسممه أهون من غضب ريان استجمع شجاعته و اخذ رشفة واحده لتجحظ عيناه ويشعر بالغثيان ثم يهرع نحو دورة المياه عاد بعد عدة دقائق وهو منهك بعد أن تقيأ كل ما في بطنه ارتمى بقوة فوق السرير ليضع رأسه على ركبتيها قائلاً بتعب " أي كان من أخبرك عن هذه الوصفة تأكدي أن الهدف منه ليس العلاج بل القضاء على المريض مرة واحده واراحته من هذا الحياة الصعبه " قهقت بقوة لتقول بسخرية " اجل سيد ميران هل تظن أن خداع ريان يمكن أن يمر مرور الكرام عليك أن تتحمل عواقب أفعالك " اغمض عينيه بشده عندما أدرك أنها كشفت خدعته منذ البداية وانقلب السحر على الساحر ليقول وحلقه مبحوح " ماذا وضعتي فيه يا زوجتي الحنونه" عادت لتضحك قائلة " لا شيئ كلها أشياء مفيده وضعت في الخلاط ...بدأت تعدد على أصابعها ...البيض ، البصل ، القليل من السكر ، عصير البرتقال و.." كادت تكمل لكنه قاطعها بملامحه التي على وشك البكاء " يكفي يكفي عادت معدتي لتغثو من جديد شكراً على تعبك سيده ريان ولكن في المرة القادمة عندما تنوين قتلي استخدمي طرق اقل ايلاماً كسكين أو مسدس مثلاً فهي أهون من هذا السم الذي جعلتني اشربه " ادركت ريان أنها بالغت قليلاً
لتقول " اسفه يا زوجي العزيز ربما بالغت قليلاً ولكن ما كان عليك أن تحرجني أمام أمي وأبي ثم تعود لتخدعني بأنك مريض وتخيفني عليك " قال وعينيه مغمضتين "لا يوجد احراج في الموضوع نحن حقاً سننجب الكثير من الأطفال لم أقل شيئاً خاطئاً " غضبت ريان لتقول بانفعال " اذا ان قم بحملهم وانجابهم سيد ميران" نهض قليلاً ليقترب من وجهها ثم يقول بخبث " مع الاسف لا يمكن هذا أنا مختص فقط بزرع البذور أما العناية والاهتمام بنموها فهذا عملك " ختم حديثه بابتسامه مشاغبه ضربته على كتفه قائلة " عديم الحياء كعادتك لا جديد "
صمتت بعد أن رأت كيف سكن بين يديها غرست أصابعها في خصلات شعره الكستنائي نطق بعد برهه بحزن لم يغب عن انتباهها " ريان " همهمت مجيبه بنعم ليكمل " هل تشعرين بالشفقة علي ؟؟" كان سؤاله غريباً بالنسبة اليها ولم تفهم ما الذي زرع هذه الفكره في رأسه لتسأله بتوجس " لم أفهم ما الذي جعلك تعتقد أن حبي لك مجرد شفقه " امسك يدها التي كانت في شعره ليشابك اصابعه في اصابعها ليقول بعد تفكير عميق " سأخبرك كل شيئ علي ارتاح قليلاً" استمعت له باهتمام وهو يسرد عليها قدوم تلك المرأة دون خجل إلى المكتب وحديثها معه بتلك اللهجة وكأن ميران هو المخطئ في حقها وليس العكس صمت قليلاً بعد ان انتهى ليردف قائلاً بتردد " اعلم أن مشاعرك تجاهي هي الحب ولا يوجد شك في قلبي مقدار ذره ولكن أحياناً أخشى أن تخالط مشاعر الشفقه مشاعر الحب في قلبك وعندها لن أحتمل هذا لماذا لا يمكننا أن نعيش بسلام ريان هل برأيك أنا شخص مشؤوم منذ ان كنت مجرد جنين في بطن امي وهي تعاني وجئت إلى الدنيا لتزيد معاناتها وتفقد حياتها وعندما دخلت حياتك دمرتها وحتى أبي الحقيقي لم يسلم من شؤمي وكأنني غمامة سوداء تخيم على من حولي جلُ ما أريده أن أعيش بسلام مع أحبائي أهذا كثير علي "فرت دمعة قهر من عينه بعد أن كانت محبوسه و كأنها تتمرد على إرادته فلم يستطع إخفائها مسحت دمعته بهدوء لتمسك به ترفعه عن حضنها ليواجه وجهه وجهها لتقول بحنان " انظر إلي يا ميران وقل لي ماذا ترى في عيني " نظر مطولاً في عينيها كأنما يحاول اختراق روحها وكشف أسرارها التي تتوارى عن أنظاره أكملت بعد أن لاحظت شروده " إذا نظرت في عيني ستجدهما تلمعان بالسعادة رغم كل المصائب التي عشتها بغض النظر عمن كان السبب في هذا فالشخص الذي أعاد إلي ثقتي وأملي بالحياة كان أنت الشخص الذي حارب الجميع من أجلي وكان مستعداً للتضحية بروحه من أجلي دون تردد كان أنت حتى أنك فعلتها عندما رميت نفسك من الجسر خلفي لقد كنت في هذا المنزل أعيش كالأسيرة محرومة من أبسط الحقوق رغم وجود عائلة تحبني دخولك إلى حياتي غيرها تماماً لم أعد تلك الطفلة التي تخاف عصيان الأوامر حتى ولو كانت على حساب أحلامها وطموحاتها بفضلك استعدت حقوقي ممن ظلمني في الماضي ووالدك عندما دخلت حياته وعلم أنك ابنه اعدت اليه روحه وذكرياته مع المرأة الوحيدة التي وهبها قلبه فكنت كسحابة تضلل علينا لتقينا من لهيب الشمس في يوم صيفي حار لا يمكنك أن تقول عن نفسك بأنك شؤم بل أنت تميمة حظي ومصدر سعادتي في هذه الحياة .....فتحت الدرج الذي بقرب السرير لتخرج منه قطعة شوكولا ثم امرته بفتح فمه لتضع فيه القطعه لتقول ....اعلم أنك تكره الاطعمه الحلوة ولكن ما رأيك بهذه الشوكولا "
لم يفهم ميران ما ترمي إليه ريان بالضبط بما فعلته ولكنه تجاهل الامر ليجيب " والله بعد طعم خليط الاعشاب الكارثي اجد طعم هذه الشوكولا كالجنه في الدنيا " ابتسمت ابتسامة رائعة لتتغلغل في أعماق قلبه وتحرك أحاسيسه المرهفه المشتاقه لها لتقول بحكمه " سأفسر لك ما الذي اردت ايصاله لك بفعلتي هناك مثل أعرفه يقول لولا مرارة القهوة لما استمتعنا بلذة الحلوى وهكذا هي الحياة تصادفنا فيها المصاعب والعثرات كي ندرك جيداً قيمة اللحظات الجميلة التي نعيشها وانت رغم أنك لا تحب الشوكولا كثيراً استمتعت بطعمها بعد أن تذوقت الطعم السيئ للشراب الذي حضرته ضع نصب عينيك أن الحياة بحلوها ومرها هي مجرد ممر نمشي فيه وكل المنعطفات التي تواجهنا ستمر ولن تبقى إلا الذكرى حاول أن تستمتع بكل لحظاتك الجميلة و ابعد عنك أشباح الماضي التي لن تجلب لك سوى التعاسة " نظر لها بعينين دامعتين بامتنان كلامها أثر فيه بشكل رهيب وجلب الراحة والسكينه لفؤاده العليل طبع قبلة شكر على راحت يدها ليسحبها في عناق قوي باثاً حبه وعشقه السرمدي لها قطع العناق وأراد أن يغير جو الأحزان الذي خيم على لحظتهما بابتسامة خبيثه وهو ينظر في عينيها مباشرة ليحرك اصبعاً من خدها مروراً بعنقها حتى وصل إلى حمالة قميصها الداخلي تحت ثيابها يداعبها حتى سقطت عن كتفها تفعل زر الانذار في عقلها لتدرك ما يفعله هذا الشقي لتبعد يده قائله " توبة توبة ميران ما الذي تفعله " وسع عينيه بتمثيل " ما الذي افعله زوجتي الحبيبه آخذ حقوقي الزوجيه هل ارتكبت جرماً أنا أمارس حقي الشرعي اساعد الانسانية في جلب الاطفال كي لا تنقرض البشريه ..اكمل بهمس ماكر قرب شفتيها ...ثم أنا سمعت أنه طبياً العلاقة الزوجيه في الشهور الأخيرة من الحمل تسهل عملية الولادة أنا أفكر في راحتك زوجتي العزيزة " ختم كلامه بابتسامة ارتسمت على زاوية فمه بادلته نظراته بصدمه بعد أن وسعت عينيها " إذاً هكذا سيد ميران اصبح فسادك الأخلاقي وانحرافك واجب قومي ادخلت فيه حب والوطن والانسانيه وحتى دخلت في المجال الطبي والله برافو ارفع لك القبعه " اقترب ليضع يديه على جانبي بطنها ليرفع عينيه قائلاً "ماذا لما تنظرين لي هكذا انا اغلق اذني طفلتي كي لا تسمع والدتها وهي تشتم والدها لا تزال صغيرة لتحتمل المشاكل الاسريه " قهقهت بقوة جنونه يعجبها لا يمكن توقع أفعاله وهذا يزيد من جاذبيته ويجعل حبه يتنامى في قلبها قال بعد ان اعتدل في السرير وسحبها لتنام على صدره كالعاده" ما رأيك أن نذهب غداً في نزهة إلى بياز سو أن وأنت و جول لاحظت أنها متضايقة من قلة اهتمامنا بها في الآونه الأخيره سيكون تغييراً لنا و تكون نزهة عائلية مميزة " أعجبتها الفكرة لتوافق دون تردد لتقول " حسناً سنخبر والدي على العشاء " ..........في اليوم التالي وصلوا الى بياز سو منطقة ذات مناظر خلابه تقع في مدينة ماردين الجميله ذهب ميران مع جول بعد أن أصرت على ان يشتري لها حلوى القطن لكن ريان أرادت الاستمتاع بالمنظر قليلاً فتركوها على أن لا يتأخروا ويعودوا بسرعة وقفت قرب السياج الخشبي تنظر للمنظر الساحر أمامها اغلقت عينيها تسحب أكبر قدر من الهواء النقي المشبع برائحة الطبيعه الاخاذه إلى رئتيها كانت تشعر ببعض الآلام منذ الصباح ولكنها تجاهلتها كي لا تعكر صفو رحلتهم بقلق ميران المبالغ أحست بوقوف شخص بقربها تجاهلت الأمر فالمنطقة عامه لكل الناس ولا يمكنها أن تحدد من يقف قربها او لا لكن قطع انسجامها صوت الشخص الذي بقربها " منظر ساحر اليس كذلك " التفتت له لتجد شاباً وسيماً بشعر بني وعينين زرقاوين يبدو من هيأته أنه بعمر ميران اومأت موافقه كلامه لتعيد نظرها من جديد نحو الخضرة والمياه لكن انقلبت ملامح وجهها عندما عاد المغص المفاجئ من جديد لتمسك بطنها بألم اقترب الشاب الغريب منها حاولت منعه ولكنه قال بعد أن لاحظ تقلص ملامحها من الألم " لا تقلقي يا سيدة أنا طبيب مختص يمكنني مساعدتك يبدو لي أنك في الشهور الأخيرة من الحمل قد تكون هذه بوادر ولادة دعيني اساعدك اقترب ليضع يده على بطنها يتحسسها ..خلفهم ببضع مترات كان يقف ميران ومعه جول التي تجول بنظارتها بين ريان والشاب وميران لكن الاخير لم يكن يرى أمامه سوى شاب غريب يضع يده القذرة على بطن زوجته تفجرت عروقه بالغضب واشتعلت نيران الغيرة لياخذ نفساً عميقاً مغلقاً عينيه ثم بدا بالعد محاولاً تهدئة نفسه سألته جول لماذا يعد ليجيبها بنظرة خطيرة وشر " لا تقلقي صغيرتي أعد اللكمات التي سأوجهها لبعض الأشخاص الذين لا يعرفون حدودهم انطلق كالثور نحوهما ليمسك بتلابيب قميص ذلك الشاب يصرخ به " كيف تجرؤ على الاقتراب من زوجات الآخرين هل ترغب بأن أدفنك حياً " كان كتنين ينفث النار حاول الشاب المسكين أن يحرر نفسه ليقول بدفاع عن نفسه " هل أنت مجنون أم ماذا أنا طبيب وكنت أساعدها " ابتسم ميران بسخرية و جنون قائلاً " اجل وأنا رائد فضاء وسأقوم بأرسالك على متن أقرب صاروخ لمجرة أخرى رحلة ذهاب بلا عودة الآن " ظلا يتقاتلان حتى قطع قتالهما صوت صرخات ريان التي أمسكت ببطنها بقوة دق ناقوس الخطر في عقل ميران هل يعقل أنها حالة ولادة أحس ببرود في أطرافه والخوف شل تفكيره ما الذي سيحدث الآن ...انتهى💙

علمني كيف احب (ريان وميران)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن