(٣)

101K 2.6K 40
                                    


الحلقة الثالثة
 
آفاق منصور من شروده على صوت السائق  يخبره أنهم على وشك الوصول، نظر لزوجته التي استيقظت من غفوتها للتو ليجدها غير واعية لما حولها ، ظلت خديجة سارحة في كل تلك الذكريات التي مضت هنا، لم يقطع حبل ذكرياتها ذلك إلا يد  منصور التي وُضعت على رأسها تُمَلِس عليها بحنان، نظرت له خديجة دون أن تتحدث لتعمل عند هذه اللحظة لغة العيون والتي روت كل ما في طيات قلبها

احتضنها منصور بحب مُقَبلا رأسها قائلاً بحنان: متخافيش يا ديجا طالما أبويا عمل كده يبقي أكيد رضي عنا وأكيد الأمور هتبقى احسن

نظرت خديجة بكل حب لمنصور قائلة: إن شاء الله يا حبيبي كل حاجة هتبقى كويسة ..

وصلوا إلى القصر أخيرا لينظر كل منهم من خلف زجاج نافذة السيارة بتوتر، لقد تغير معاد قدومهم قليلاً ليصبح يوم ألحنه بدلاً من قبل العُرس بأسبوع وذلك لكي ينهوا بعض الأشغال في العمل والتي طرأت فجأة ووافق الجد على ذلك.

مع أول دقيقة دلفت بها السيارة إلى داخل القصر انطلقت الأعيرة النارية لتفزع خديجة بشدة من ذلك الصوت

نظر لها منصور ضاحكاً ضحكة عذبة قائلاً: متخافيش يا حبيبتي دا سلو بلدنا كده دا مجرد ترحيب بس

نزل كل منهم من السيارة مُستَقِبل إياهم محمد أمام الباب ، منذ اللحظة الأولي للقاء كسر حاجز الفراق والاشتياق ذلك الحضن الدافئ بين الأخوين والذي كان افضل من أي حديث يمكن ان يقال ،
بعد ان تم الترحيب بهم من قبل سعاد وابنتها والتي لم تنظر ل احد سوى فهد ،والذي تجاهلها بدوره  ولم يعطي لها بالاً من الأساس ،فهي مثل غيرها.

نظر فهد  بإعجاب إلى القصر فهو قصر كبير يمتزج به التصميم العريق بالفن العصري الحديث" أنه بالتأكيد لوحة فنية " هذا ما قاله فهد بداخلة

أخذهم محمد سريعاً إلى غرفة الجد والذي رحب ب ابنه وزوجته وحفيده ترحيباً حاراً بث به مدي اشتياقه لهم، وسامح ابنه وتقبل زوجته بكل رحابة صدر، وبعد مدة قليلة من هذا التجمع الجميل، خرج الجميع كل إلى عمله بأمر من الجد ليتبقي الجد وفهد فقط

طالعة الجد قائلاً بجدية: بص يا ولدي أنا عايزك تعرف حاجة واحدة بس، أنا عمري ما هعمل حاجة تضرك يا ولد الغالي، أنا عارف زين ان أبوك حكالك كتير عني ويمكن تفتكر أنى معرفش حاجه عنكم، بس لا يا فهد تبقي غلطان، أنا عارف كل كبيرة وصغيرة بتحصل حوليكم وكنت بشوف إنجازاتك كل شوية يا حبيبي وفخور بيك قوي أنت وأبوك.. اسمعني يا فهد اللي عملوا أبوك زمان كان غلط، واحنا دلوقتي هنصلح الغلط دا ونلم العيلة من تاني زي الأول ، نور دي يا ولدي مش مجرد بت عادية دي نوارة الدار، نوارة قلبي وقلب أبوها، أوعاك تزعلها في يوم ولا تكسر بخاطرها علشان ساعتها والله يا فهد ما هقولك ايه اللي هعمله فيك.

قال الجد ذلك ب نبره جادة محذرة، ثم نهض واحتضن فهد بكل حنان قائلاً له: أنا عارف انك مشتت وعارف ان ابوك غصب عليك، بس صدقني يا ولدي مش هتلاقي زي نور وبكرة تقول جدي قال، وحشني يا ابن منصور.

احتضن الجد حفيده بشوق مقبلاً كتفه قائلاً بحنان: واحشني يا غالي يا ابن الغالي

ظلت ملامح فهد تتغير ما بين الدهشة والاستغراب والاستنكار والسعادة، ابتسم فهد إلى جده وفي راسه الخطة التي يجب ان ينفذها والتي قضى وقت كافي يخطط لها

الجد بسعادة: يلا يا عريس روح على اوضتك لحد ما الجناح بتاعكم يخلص الجناح دا هيبقي بتاعك انت ونور لما تتجوزوا، انت عارف ان كتب اكتابكم وفرحكم بكرا مع مالك وساجده ف هسيبك تستريح دلوقتي وتتعرف على باقي العيلة

أومأ له فهد بالموافقة ثم قال باحترام: ماشي يا جدو بعد اذنك

خرج فهد وهو يلعن في عقله نور وكل تلك الأحداث السارية  ، قرر أن يصعد لغرفته ليستريح قليلاً لكي يكون في كامل استعداده لما هو اتى ، وأيضا ليتعرف على من يسمون عائلته ويبدأ في تنفيذ خطته

فهد بهدوء ما قبل العاصفة: ماشي يا نور ،هنشوف مين فينا اللي هيكسب في الاخر ، أوعدك اني هتخلص منك في اول فرصه تجيني، مش فهد منصور الشافعي اللي حد يرغمه على حاجة

لم يكن يعلم عزيزي فهد ان الله عندما يربط قدر شخصين ببعضهم البعض لا يستطيع أحد أي كان ان يفرقهما مهما بلغ ذكائه أو قوته


-عند منصور وخديجة-

كان يجلس كل من منصور وخديجه في الجناح المخصص لهم يستريحون من عناء اليوم ليسترجع  منصور لقائه مع والده

_عودة للسابق_

احتضن منصور أخيه بحب وشوق كبير قائلاً: وحشني يا ولد ابوي وحشني قوي

تكونت بعض الدموع في عيني محمد قائلاً بصوت مبحوح: وأنت اكتر يا خوي والله، حمد الله على سلامتك يا حبيبي

منصور بحب أخوي صادق: الله يسلمك يا حبيبي
صمت منصور قليلاً ليتفهم محمد سريعاً الوضع واضعاً يده على كتف أخيه مشجعاً اياه قائلاً

محمد بتشجيع: ابوك في اوضته روح له يا خوي واستسمحه وخده في حضنك أنت عارف كويس ان ابوك بيحبك قوي ،أنت اول فرحته يا خوي، ابوك كان بيقسي عليك علشان يعاقبك؛ لكنه في الحقيقة هو اكتر واحد أتوجع من البعاد

ابتسم منصور على كلام أخيه المشجع له ليذهب سريعاً إلى غرفه والده وقلبه يخفق بقوه،طرق طرقات خفيفة على باب الحجرة ليستجيب من بالداخل قائلاً بصوت خافت: ادخل

دخل منصور لحجرة والده ليجده يقف معطياً ظهره للباب ينظر من النافذة إلى حديقة القصر

منصور بشوق: ابوي

التفت الحاج الشافعي لمصدر الصوت بلهفه لم يستطع إخفائها قائلاً: منصور

منصور بحب: أزيك يا بوي اتوحشتك قوي

لم يستطع الحاج الشافعي ان يتحمل أكثر من ذلك ليجذب ولده إلى حضنه قائلاً : أنا اللي اتوحشتك يا ولدي، اتوحشتك قوي يا منصور ٣٠ سنة يا منصور، ٣٠ سنة بعيد عن عيني .....!؟

منصور بحزن : أنا اسف يا بوي اني خالفت كلامك ،بس أنا مكنتش هقدر أتجوز غير خديجة ،كنت هموت يابوي خديجة دي روحي اللي مقدرش افارقها.

ابتسم الحاج الشافعي بهدوء قائلاً: يمكن كنت زعلان الأول منك علشان خالفت كلامي وتجوزت بت البندر، بس دلوقتي عرفت أنك اخترت صح يا ولدي ،أنا مسامحك يا ولدي مسامحك وراضي عنك وعايزك انت كمان تسامحني على قسوتي معاك

قَبَّلَ منصور يد والده سريعاً قائلاً: أنا مقدرش ابداً ازعل منك يا بوي أنا متمناش في الدنيا دي غير رضاك

احتضن كل من الاب وولده بعضهم بحب وشوق غامر ، لتُغلق بينهم صفحة الخصام والقطيعة وتبدأ صفحة جديدة تماماً سيحدد الله مصيرها

-العودة-

ابتسم منصور على ما حدث
لتلاحظ خديجة ذلك، وتحتضنه بحب قائلة: مش قولتلك كل حاجه هتبقى كويسة

منصور بابتسامه خافتة: وكلامك صدق

.........

ماذا سيحدث يا ترا في الأحداث القادمة برايك بين فهد ونور؟
وكيف سيكون اول لقاء بينهم؟
يتبع....

#ارسولا

 حكاية نور "نور الصعيد سابقًا "   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن