شبح ريحانة

19 3 0
                                    

تفتكر الحب ممكن يوديك لحد فين.... ممكن يجننك مثلًا أو ممكن حتى يخليك تروح تتقدم لواحدة متجوزة...!

انا محمد
شاب مصري عايش مع امي و اخواتي بعد وفاة والدي الله يرحمه؛ ربنا قدرني و جوزت اخواتي البنات الحمد لله و ماتبقاش غيري أنا اللي ماتجوزتش، لسه عايش مع أمي لأني كنت الولد الوحيد و كمان الكبير؛ بس اللي اكتشفته إن انا للأسف قطار الجواز فاتني لأن بقى عندي ٣٠ سنة و لسه ماتجوزتش... هو قطار الجواز مافاتنيش اوي يعني بس برضه فرصتي في أن انا الاقي بنت الحلال بقت صعبة شويتين خصوصًا بقى أن انا مش عاوز اتجوز جواز صالونات و عاوز اتجوز عن حب و كمان لأن اللي انا هتجوزها هتيجي تعيش معايا انا و امي فالموضوع بقى صعب شوية لحد ما قابلتها....

في يوم رجعت من الشغل بالليل و بعد ما أكلت انا و أمي دخلت أوضتي... قعدت اقلب في الفيس بوك شوية لحد ما سمعت صوت من البلكونة اللي قصادنا.. وقتها عرفت أن الشقة اللي قصاد شقتنا اتسكنت بناس و ده مش غريب ولا جديد لأن العمارة دي صاحبها بيأجر الشقق اللي فيها كنوع من أنواع الاستثمار يعني و بيكسب منها كويس؛ ف كل فترة كده ناس بتيجي و ناس بتمشي؛ بس كل ده ماكنش مهم.. المهم بالنسبة لي كان الصوت الجميل اللي سمعته جاي من ورا بلكونتي المقفولة؛ كان صوت بنت بتتكلم باللكنة السورية أو تحديدًا هي ماكانتش بتتكلم لأ... دي كانت بتغني تقريبًا أو انا كنت فاكرها بتغني لحد ما ركزت معاها و لقيتها بتقول كلام أشبه بالشعر....
"هذي دمشق.. وهذي الكأس والراحُ
إني أحب... وبعض الحب ذباحُ
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيدٌ وتفاحُ
و لو فتحتم شراييني بمديتكم سمعتم في دمي أصوات من راحُوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا وما لقلبي إذا أحببت جراحُ"

بصراحة انا ركزت مع الكلام لأن صوتها كان حلو اوي و ده اللي خلاني قومت من على السرير و روحت ناحية بلكونة أوضتي اللي أول ما فتحتها و بصيت ناحية البلكونة اللي قصادي مالقتش حد واقف و كأن البنت اللي كانت واقفة دخلت أول ما لقتني بفتح البلكونة، بصراحة عزرتها و قولت من حقها إنها تدخل لما تلاقي حد بيفتح البلكونة اللي قصاد بلكونتها لكن بصراحة صوتها خلاني وقفت استنى انها تخرج تاني عشان اشوفها لكن للأسف فضلت واقف لحد الفجر و هي برضه ماخرجتش، زهقت من كتر الوقفة ف قفلت البلكونة و دخلت نمت و تاني يوم مشي اليوم عادي لحد ما دخلت أوضتي بالليل و أول ما دخلت سمعت نفس الصوت تاني بيقول نفس الكلام بنفس الطريقة؛ وقتها دخلت على النت و عملت بحث عن الكلام اللي هي بتقوله ف اكتشفت إنها قصيدة لنزار قباني إسمها القصيدة الدمشقية، بصراحة فضلت اقراها طول الليل لحد ما حفظتها و ده لأنها عجبتني و بصراحة المرة دي ماخرجتش للبلكونة لأني خوفت احرجها زي ما حصل في الليلة اللي قبل كده ف فضلت هي واقفة تقول القصيدة بصوتها الممتع و ف نفس الوقت انا كنت بحفظها و انا بقراها من الموبايل لحد ما الفجر قرب و مع قرب أذان الفجر البنت دخلت من البلكونة و انا كمان نمت و انا بقرأ في القصيدة و تاني يوم صحيت و روحت الشغل و لما رجعت بالليل و دخلت أوضتي سمعت نفس صوت البنت و هي بتقول نفس القصيدة؛ وقتها الفضول خلاني وقفت ورا باب البلكونة المقفول و بصيت من فتحات الشيش و شوفتها و هي بتتكلم؛ كانت جميلة اوي و صوتها كان عامل زي النغم اللي بيدخل لوداني عشان تستمتع بحلاوته، بصراحة و انا واقف غصب عني لقيتني بردد القصيدة معاها و الظاهر أن هي سمعتني لأنها ضحكت و بصت ناحية البلكونة بتاعتي؛ وقتها اتشجعت و فتحت البلكونة و أول ما فتحتها لقيتها اتكسفت و كانت رايحة تفتح الشيش بتاع بلكونتها عشان تدخل، لكن قبل ما تعمل كده قولتلها...
- رايحة فين... انا مش هرخم عليكي والله... انا بس حابب اشوفك و انتي بتقولي القصيدة لأني حبيتها بصوتك.
وقتها هي اطمنت و رجعت وقفت في البلكونة و بصت لي و قالت بلكنة مصرية ممزوجة بشوية من اللكنة السورية...
- و انا كمان بحبها... بتذكرني بحياتي بريف دمشق.
وقتها رديت عليها و قولتلها...
- انتي من سوريا؟!
ردت عليا و قالت...
- أيوة.. انا سورية و بعد الحرب جيت انا و اهلي على مصر و اتنقلنا من بيت لبيت بعد ما اتدمر بيتنا بسوريا لحد ما أخدنا الشقة دي لأن سعر إيجارها كويس لحد ما.
رديت عليها و قولتلها...
- انا عارف ان الحرب صعبة و ربنا يخلصها على خير بس بصراحة مصر منورة بيكوا و اهو من الحاجات الحلوة اللي عملتها الحرب اللي مابيجيش من وراها غير كل الشر هي إنها خليتك تيجي تسكني قصادي انتي و أهلك عشان اشوفك.
وقتها هي ضحكت لي؛ و من يومها و بقى في ما بيننا كلام و عرفت أن أسمها ريحانة و بقيت كل ليلة اسهر اتكلم معاها بصوت واطي عشان ماحدش من الجيران يسمعنا لحد ما ف يوم و انا بتكلم معاها لقيت نفسي في وسط الكلام قولتلها (انا بحبك)
أول ما قولتلها كده اتكسفت و دخلت شقتها و بصراحة انا كنت واقف مش عارف انا قولتلها كده ازاي بس ده كان غصب عني لأني بصراحة حبيتها و ده اللي خلاني تاني يوم قولت لامي أن انا عاوز اتجوز و قولتلها أن انا هاخدها و هنروح نطلب بنت جيراننا السوريين؛ بصراحة امي ماكانتش تعرفهم لأنها مالهاش اختلاط بحد من الجيران بس هي اقترحت عليا أن انا اروح الأول لوحدي و اشوف هم موافقين مبدئيًا ولا لأ و لو موافقين نبقى نروح انا و هي؛ بصراحة سمعت كلام امي و بالليل لبست لبس كويس و خدت طبق حلويات و طلعت خبطت على باب شقتهم، فتح لي رجل تقريبًا من سني و واضح إنه يبقى أخو ريحانة البنت اللي انا رايح اتقدم لها... كان وشه بشوش؛ بص لي بابتسامة و بعد كده بص لطبق الحلويات اللي ف أيدي و قال لي...
- خير يا إستاذ؟!
رديت عليه و قولتله...
- بصراحة انا جارك.. ساكن في الشقة اللي قصادك و كنت جاي ارحب بيك و بأسرتك.
وقتها دخلني و رحب بيا و أخد مني الحلويات و دخلها المطبخ تقريبًا و بعد كده جه قعد قصادي و قال لي بطيبة و سعادة...
- تكرم عينك يا اخوي والله... المصريين جدعان و ما شفنا منهم إلا كل خير من يوم ما أجينا على القاهرة أنا و الأسرة.
بصراحة وقتها اتشجعت و لقيت نفسي بقول له...
- طب بمناسبة الأسرة بقى ف انا كنت عاوز حضرتك في موضوع بخصوص أسرتك.
رد عليا بترقب...
- خير..؟!
قولتله و انا باخد نفسي بالعافية لأني كنت محرج جدًا...
- أنا كنت عايز اطلب أيد أخت حضرتك و يشرفني يعني لو توافق و ده طبعًا بعد موافقتها و لو حصل بأذن الله و وافقتوا هجيب والدتي و...
قاطعني...
- أختي !..... بس انا ما عندي أخوات و مافي حدا بالبيت إلا مراتي و أولادي!!!
قال كده و شاور على صورة صغيرة كانت محطوطة جوة برواز على ترابيزة جنبه، انا ماخدتش بالي منها لما دخلت بس لما بصيت عالصورة كويس شوفت اللي خلاني اتجنن و اقول له بعصبية...
- هي دي مش أختك!!.... ريحانة تبقى مراتك؟!
وقتها بص لي باستغراب و وشه اتاخد و هو بيقول...
- ريحانة!!!!... كيف عرفت بهالأسم؟!
أول ما قال كده خرجت ريحانة من ناحية المطبخ و هي ف أيديها أطباق فيها حلويات من اللي انا جايبها... كانت بتبتسم نفس الابتسامة، بصت لي و رحبت بيا و انا مبرق لها، وقتها قولتلها بعصبية...
- ريحانة هو انتي ليه ماقولتليش أنك متجوزة و أنك...
قاطعتني لما قالت...
- ريحانة!!!... أنا مش أسمي ريحانة، و بعدين انت من وين جالك هالأسم.
وقتها بصيت لهم هم الاتنين و قولتلهم بعصبية...
- هو انا كل ما اقول لحد فيكوا ريحانة تقولوا لي جيبت من وين هالأسم... هو أسم عفريتة يعني؟!
ردت عليا هي و قالت...
- أيه عفريتة، أو بمعني أدق الأسم يخص بنت ميتة.
وقتها برقت لهم أكتر و قولتلهم بذهول...
- مين دي اللي ميتة و ازاي ميتة و انا متأكد من أن انتي اللي...
لما قولت كده قعدت قصادي و بدأت تتكلم و تقول...
- أنا فلة مراتو لكرم... جينا عالقاهرة بعد القصف بريف دمشق... القصف اللي راحوا فيه أمي و أبويا و أختي التؤام ريحانة.
وقتها انا رديت عليها باستغراب...
- يعني أيه يعني مش فاهم... اللي انا شوفتها بتقول قصيدة لنزار القباني في البلكونة دي تبقى ميتة؟!
وقتها رد عليا جوزها كرم و قال...
- صحيح... ريحانة ماتت من سنوات و بصراحة هي و فلة كانوا مرتبطين بشكل مش طبيعي لأنهم تؤام.
وقتها ردت عليا فلة و قالت...
- هي الله يرحمها فعلًا كانت بتحب نزار قباني و خصوصًا القصيدة الدمشقية... كان بتحبها كتير.
وقتها غصب عني عنيا دمعت و قولتلهم...
- يعني كلامي صح... و بعدين انتوا برضه صح لأنها شبهك اه لكنها مش انتي... هي كانت أقصر منك و جسمها نحيف و... لا لا مش معقول.

بصراحة الناس عزروني و بعد ما فهمت منهم أن اللي انا كنت بشوفها دي هي عفريتة أخت صاحبة الشقة اللي شوفتها في الصورة بفستان فرح مع كرم سيبتهم و مشيت و من يومها لحد النهاردة و انا مابسمعش صوتها في البلكونة لأن الموضوع خد منعطف تاني... انا بقيت بسمع صوتها في أركان أوضتي بالليل لما بطفي النور و بقيت كمان بشوفها في أحلامي و حكت لي عن اللي حصل لها و ورتني ازاي ماتت و هي قاعدة في بيتها مع أمها و أبوها في بيتهم اللي تم قصفه في ريف دمشق، بصراحة انا عرفت أه انها عفريتة بس انا مش خايف منها و اتعلقت بيها و بقيت حابب وجودها حتى لو بس بالليل في أوضتي و ف أحلامي...

عدت فترة و كرم و مراته عزلوا من الشقة بسبب أن صاحب العمارة غلى الإيجار عليهم بس انا لحد النهاردة لسه بزورهم و لسه بحب اقعد معاهم عشان يحكوا لي أكتر عنها و عشان لما اشوفها بالليل و تسلم عليهم أوصل معايا سلامها ليهم... سموني مجنون سموني ملبوس المهم أن انا مبسوط باللي انا فيه و كمان كرم و مراته و ولاده حابين وجودي في حياتهم، يمكن عشان بفكرهم بريحانة و يمكن لأنهم صدقوني و يمكن لأنهم واثقين و عارفين إنها بقت متعلقة بيا و انا بقيت متعلق بيها... أه انا بقيت متعلق بواحدة ميتة و هفضل متعلق بيها لحد ما اموت و خلاص مابقتش بفكر في الجواز لأني مابقتش محتاج لحد و هي ف حياتي، حتى لو كان ده في حلم بشوف فيه ريحانة بس مش الأصلية... ده شبح ريحانة؛ شبح ريحانة اللي لسه لحد النهاردة كل ليلة بسمع صوته و هو بيقولي نفس القصيدة اللي سمعتها منها أول مرة...
"هذي دمشق.. وهذي الكأس والراحُ
إني أحب... وبعض الحب ذباحُ
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيدٌ وتفاحُ
و لو فتحتم شراييني بمديتكم سمعتم في دمي أصوات من راحُوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا وما لقلبي إذا أحببت جراحُ"

تمت

#محمد_شعبان_المخوفاتي
#العارف

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 11, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شبح ريحانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن