الفصل الأول

1.2K 22 10
                                    

كانت الأمطار تتساقط بغزارة وصوت الرعد المدوي في الأرجاء ينبه جميع من يسمعه للعودة للمنازل وغلق الستارة فهم مقبلين على ليلة ممطرة ورياح شديدة للغاية..في تلك الاثناء كانت هناك فتاة تبلغ من العمر اربعة عشر ربيعا كانت تلوح بيديها لأخيها الذي على بعد شارعيين رئيسسين منها كان ينتظر الأشارة ليتحرك صوبها..بينما استعد لعبور الشارع اتت سيارة مسرعة واصطدمت به ليترك دمائه أرضًا ويفر هاربا بذات السرعة..ذلك المشهد الذي لم يأخذ غير ثواني ليحدث امام سلمى ليتوقف وقتها وتصبح الثواني سنوات ...

استيقظت بفزع وهي ترى هذا المشهد يزورها كل يوم منذ وفاة اخيها وهي تحلم بذلك اليوم بكل تفصيلة به لتبقى سلمى اسيرة تلك الحادثة ويتوقف الزمن عندها في تلك اللحظة التي سمعت فيها الأنفاس الأخيرة لأخيها..اجهشت ببكاء مرير كما هو في كل مرة تستيقظ على هذا الحلم..الأيام التي لا يراودها طيف الماضي عندما تأخذ حبوب منومة تجعلها تغط في نوم عميق جدا بدون احلام ولا اطياف الماضي..اصبحت هذه الفتاة ابنة الخمس وعشرين عاما..عملت محررة في احدى الصحف..لم يكن هذا ماارادته فلطالما احبت العزف على البيانو وتمنت لو ان تصبح معلمة للبيانو الا ان بعد الحادث الذي اصاب اخيها توقفت عن العزف..لم تتمكن من العزف مهما حاولت فمن كان يسندها ويشجعها دائما ومعلمها ايضا قد رحل..فلم تعد قادرة على العودة لمكان كان لهما وحدهما..فقبلت بأي وظيفة تساعدها على الهرب من ذكرياتها..تلك الذكريات السعيدة التي فجأة اصبحت اسوء ذكرياتها..ما نفع تلك الذكرى وهو لم يعد موجوداً..تلك الذكريات ما كانت الا تزيدها سوءًا..لم يكن هو شقيقها الوحيد لديها ثلاث اخرون  لكنه كان الأكبر..من دللها وعلمها واسندها عندما كانت صغيرة اضطرى والديه السفر وتركها معه لذلك كان هو مميز بالنسبة لها..يختلف عن اشقائها الأخرون..لقد عانو جميعا عند موته لكن النصيب الأكبر كان لها ولمخطوبته سامية..تلك التي ذبلت بسرعة كالورود ذهب ساقيها فذبلت لكنها مازالت صامدة بوجه هذا الفراق اللامتناهي..التقت سلمى وسامية في مقهى اعتاداتا الالتقاء فيه كلما راودها ذلك الحلم تتصل بها وتهرع اليها...

سلمى: انا لا استطيع ان افهم..لماذا استمر في رؤية ذلك الحادث..لا اريده يا سامية لا اريد..

كانت تبكي تلك الدموع التي لم تفارق عيناها لحظة واحدة ولا تعلم هي متى تنتهي وتجف دموعها..امسكت سامية بيديها وقالت بلطف

سامية: هل تعلمين كم احسدك.. انت تستمرين في رؤيته حتى وان كان في يوم مماته حتى وان كانت لحظة وفاته..على الأقل ترينه تتذكرين صوته ووجه..تستطيعين ان تشعري به..لكن ماذا اقول انا اريد ان ارى ولو طيفه..اشعر انني انساه ..صوته..وجهه..دفئه..عزفه..بدأت انسى كل هذا انا اشعر بالرعب..

عم الهدوء دقائق لتنطق سامية كلماتها الاخيرة قبل مغادرتها..

-لذلك عزيزتي اعتزي بهذا الحلم حتى وان ألمك فأنقطاعه مؤلم اكثر...

طيف الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن